اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد وعجّل فرجهم والعن أعدائهم

 

نسبها الطاهر
قال تعإلى: (إن الله اصطفى آدم ونوحاً وآل ابراهيم وآل عمران على العالمين* ذرية بعضها من بعض والله سميع ‏عليم‎). ‎
زينب بنت عليّ بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرّة بن كعب بن لؤي بن ‏غالب بن فهر بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن الياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان ... ابن اسماعيل ‏بن ابراهيم خليل الرحمن (عليهم السّلام‎) .‎
ورثة المجد والعلو والكمال والرفعة كابر عن كابر. فالقلم يقف عاجزاً والبيان قاصراُ عن الدرك والإحاطة بنسب هذه ‏الصديقة الطاهرة والذي تتقاصر دونه الأنساب مهما علت وشمخت. كيف لا وهي من مختارات الله سبحانه وتعإلى؟ ‏قال تعإلى: (وربّك يخلق ما يشاء ويختار وماكان لهم الخيرة) وقال الله تعإلى في آية آخرى: (وما كان لمؤمن ولا ‏مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً ان يكون لهم الخيرة في أمرهم‎).‎

وبلا أدني شك ولا ريب أنّ محمّداً وآل محمّد صلوات الله عليهم ممن أختارهم وأختصّهم وأصطفاهم الله تعإلى لنفسه ‏من جميع الخلائق. قال تعإلى: (إنّ الله اصطفى آدم ونوحاً وآل ابراهيم وآل عمران على العالمين‎).‎
أورد العلامة الطبرسي في تفسير هذه الآية قال: الاصطفاء والاختيار والاجتباء نظائر، وهو افتعل من الصفوة وهذا ‏من أحسن البيان الذي يمثل به المعلوم المرئي، وذلك أنّ الصافي هوالنقيّ من شائب الكدر فيما شاهد. فمثّل الله تعإلى ‏خلوص هؤلاء القوم من الفساد كخلوص الصافي من شائب الأدناس . ثم قال ـ بعد أن ذكر بعض الاقوال في الآية: ‏وفي قراءة أهل البيت: وآل محمّد (عليهم السلام) على العالمين. وقالوا أيضاً: إنّ آل ابراهيم هم آل محمّد (عليهم ‏السلام) الذين هم أهله، ويجب أن يكون الذين اصطفاهم الله تعإلى مطهرين معصومين، منزهين عن القبائح؛ لأنّه ‏تعإلى لا يختار ولا يصطفي إلا من كان كذلك، ويكون ظاهره مثل باطنه في الطهارة والعصمة‏‎.‎
فعلى هذا يختصّ الإصطفاء بمن كان معصوماً من آل ابراهيم وآل عمران، سواء كان نبياً أو إماماً. ويقال الاصطفاء ‏على وجهين: أحدهما: إنه اصطفاه لنفسه أي: جعله خالصاً له، يختص به. والثاني: إنه اصطفاه على غيره أي: أختصّه ‏بالتفضيل على غيره، وعلى هذا الوجه معنى الآية. فإن قيل: كيف اختصهم الله بالتفضيل قبل العمل؟ فالجواب: إنه إذا ‏كان المعلوم ان صلاح المكلفين لا يتم الا بهم، فلابد من تقديم البشارة بهم، والإخبار بما يكون من حسن شمائلهم ‏وأفعالهم، والتشويق إليهم، كما يكون من جلالة أقدارهم، وزكاء خلالهم، ليكون ذلك داعياً للناس إلى القبول منهم، ‏والأنقياد لهم‎.‎

محمّد وآل محمّد صلوات الله عليهم هم ممن أختارهم وأصطفاهم الله سبحانه على الخلق
ورد في الحديث الشريف عن الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله) أنه قال لفاطمة: يا فاطمة، أما تعلمين أن الله ‏تعإلى إطّلع إطلاعه من سمائه إلى أرضه فإختار منها أباك فاتخذه صفياً، وابتعثه برسالته، وأئتمنه على وحيه؟ ‏يافاطمة! أما تعلمين أن الله إطلع إطلاعه من سمائه إلى أرضه فإختار منها بعلك، وأمرني أن أزوجكه وأن أتّخذه ‏وصي‎.‎
وعن عائشة، قالت: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : قال جبرئيل (عليه السلام): لما قلّبت الأرض مشارقها ‏ومغاربها فلم أجد أفضل من محمّد (صلّى الله عليه وآله) وقلّبت الأرض مشارقها ومغاربها فلم أجد بني اب أفضل من ‏بني هاشم‎.‎
وعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : نحن بنو عبد المطلب سادات أهل الجنّة أنا وحمزة ‏وعلي وجعفر بن أبي طالب والحسن والحسين والمهدي‎.‎
وعن ابن عمر قال: إنّا لقعود بفناء رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، إذا مرت به امرأة، فقال بعض القوم: هذه بنت ‏رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فقال أبو سفيان: مثل محمّد في بني هاشم مثل الريحانة في وسط النتن. فانطلقت ‏المرأة فأخبرت النبي (صلّى الله عليه وآله) ، فجاء (صلّى الله عليه وآله) يعرف في وجهه الغضب فقال: ما بال اقوام ‏تبلغني عن أقوام، إن الله عزّ وجلّ خلق السموات سبعاً، فإختار العُلى منها، فأسكنها من شاء من خلقه، ثم خلق الخلق، ‏فإختار من الخلق بني آدم، وأختار من بني آدم العرب وأختار من العرب مضر، واختار من مضر قريشاً، واختار من ‏قريش بني هاشم واختارني من بني هاشم‎.‎
وعن أبي هريرة، عن الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله) أنه قال: بعثت من خير قرون بني آدم قرناً فقرناً، حتى ‏بعثت من القرن الذي كنت فيه‎.‎
وأخرج البيهقي في الدلائل قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : إنّ الله عزّ وجلّ يوم خلق الخلق جعلني في ‏خيرهم، ثم حين فرّقهم جعلني في خير الفريقين، ثمّ حين جعل القبائل جعلني في خير قبيلة، ثم حين جعل البيوت ‏جعلني في خير بيت، فأنا خيرهم نفساً وخيرهم بيت‎.‎
وأجاد من قال‎:‎
تنقل أحمد نوراً عظيماً ** تقلب فيهم قرناً فقرناً
تلألأ في جباه الساجدينا ** إلى أن جاء خير المرسلين

ولد فاطمة (عليها السّلام) هم ولد رسول الله (صلّى الله عليه وآله‎)
إذن، فجميع الخصائص والسجايا الكريمة التي يحملها رسول الله، سيد الكائنات، واشرف المخلوقات، محمّد بن عبد ‏الله (صلّى الله عليه وآله) انتقلت بلا واسطة إلى زينب صلوات الله عليها . ولاعجب في هذه المسألة ولا غلّو فإنها ‏عليها السلام ابنته حقيقة‎.‎
قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : كل بني ام ينتمون إلى عصبتهم إلا ولد فاطمة فأني أنا أبوهم وأنا عصبتهم‎. ‎
قال الشيخ محمّد بن عليّ الصبان في اسعاف الراغبين: هذه خصوصية لأولاد فاطمة (عليها السّلام) فقط دون أولاد ‏بقية بناته (صلّى الله عليه وآله) أنه أب لهم، وأنهم بنوه كما يطلق ذلك على أولاد فاطمة (عليها السّلام) فلا يُطلق ‏عليهم أنهم من ذريته ونسله وعقبه‎.‎
وأورد أبن الصباغ المالكي في الفصول المهمة، قال: ولبني فاطمة على إخوتهم من بني عليّ شرف، إذا عدت مراتب ‏أهل الشرف، ومكانه حصلوا منها في الرأس، وأخوتهم في الطرف، وجلالة أدرعوا برودها، ودرة كرم إرتضعوا ‏زودها، ومجد بلغ السماء ذات الروج، ومحل علاًٌَُ توطدوه فلم يطمع غيرهم في الارتقاء إليه ولا العروج، إذ هم ‏شاركوا بني أبيهم في شرف الآباء وإنفردوا بشرف الامهات، وقد أوضح الله تعإلى ذلك بقوله: (ورفع بعضكم فوق ‏بعض درجات) فجمعوا بين مجدين: تالد وطريف، وضمّوا إلى علامة تعريفهم علامة تشريف، وعدّوا النبي (صلّى ‏الله عليه وآله) أباً وجداً، وارتدوا من نسب أبيهم بُرداً، ومن قبل أمهم بُرداً، فاصبح كل منهم معلم الطرفين، ظاهر ‏الشرفين، برد أبويهم الشريفين كانا لذويهما ظريفين. وقال (صلّى الله عليه وآله) : أن الله عزّ وجلّ جعل ذرية كل نبي ‏في صلبه وأن الله تعإلى جعل ذريتي في صلب علي‎. ‎

لا يقاس بمحمّد وآل محمّد (صلّى الله عليه وآله) أحد
إذن أبناء عليّ (عليه السلام) من فاطمة (عليها السّلام) هم أبناء النبي (صلّى الله عليه وآله) حقيقة لا مجازاً. فهل ‏يحق بعد هذا لأحد يؤمن بالله ورسوله واليوم الآخر ان يقايس بنسب محمّد وآل محمّد صلوات الله عليهم مهما علا ‏وسما؟! عن أنس قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : نحن أهل بيت لا يقاس بنا أحدً. فإذا وجدت من يقايس بهم ‏فشك في دينه وعقله، بل أجزم بكفره. قال الدميري: محمّد خير جميع الخلق دعوة إبراهيم الخليل الطيب الأصول ‏والفروع أباؤه قد طهرت أنساباً من أبى أو شك في هذا كفر جاء من الحق لنا بالحق بشارة المسيح في التنزيل الطاهر ‏المجتهد الينبوع وشرف من الورى أحسابا وذنبه فيما جناه ما اغتفرً هذه مقتطفات قصيرة اقتطفناها من الأريج الفواح ‏لسيرة سيد الكائنات محمّد بن عبد الله (صلّى الله عليه وآله) وهو جد الصديقة الكبرى زينب (عليها السّلام) وهذا ‏النسب السامي لايوفقه، بل لا يجاريه ولا يقاس به نسب ولا مزيد عليه‎. ‎

مؤمن قريش جدها لأبيها (عليهم السلام‎)
أما جدها لأبيها فهو مؤمن قريش، وشيخ البطحاء، وحامي رسالة سيد الأنام ، أبو طالب (عليه السلام): وإسمه عبد ‏مناف. ويكفيه فخراً أنه(عليه السلام) المدافع والمحامي للإسلام في بداية دعوة سيد الأنام (صلّى الله عليه وآله) حتى ‏عُدّ هذا من المسلّمات عند الفريقين ـ شيعة وسنة ـ ونظرة سريعة إلى سيرته تكشف لك ذلك بجلاء، حتى البعض من ‏الذين طبع الله على قلوبهم وأعماهم لا ينكرون هذه الحقيقة، بل يؤولون ذلك بتأويلات واهية نتيجة حقدهم وابتعادهم ‏عن الحق ولكن الحق مهما أثار البعض الغبار عليه يبقى في النتيجة هو الأعلى والاسمى. قال تعإلى: (يريدون ان ‏يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله الا ان يتم نوره ولو كره الكافرون‎).‎

فاطمة بنت أسد (عليها السّلام) جدتها لأبيها
أما جدّتها لأبيها فيه فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف الهاشمية وهي أول هاشمية ولدت هاشمياً من أبوين ‏هاشميين وهي امرأة صالحة هاجرت من مكة إلى المدينة ماشية حافية، وهي أوّل إمرأة بايعت الرسول بمكة بعد ‏خديجة‎.‎

خديجة الكبرى (عليها السّلام) جدتها لأمها
أما جدتها لأمها فهي خديجة الكبرى بنت خويلد بن أسد بن عبد العُزى بن قصي بن كلاب، زوجة رسول الله (صلّى ‏الله عليه وآله) الأولى، وأحب نسائه إليه، أم ولده جميعاً إلا ابراهيم(عليه السلام) فإنه من مارية القبطية، وهي أول ‏من آمنت برسول الله (صلّى الله عليه وآله) من النساء، وصدقت دعوته، وبذلت مالها وثروتها الطائلة في سبيل الله ‏تعإلى ونشر دعوة الرسول (صلّى الله عليه وآله‎).‎

والدها أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام‎)
نفس رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وابن عمه، وربيبه، أول المسلمين أسلاماً وأثبتهم جناناً، أمير المؤمنين وسيد ‏الوصيين وقائد الغر المحجلين، الليث الهمام والفارس الذي لا يضام، فتى بني غالب عليّ بن أبي طالب(عليه السلام)، ‏التي فاقة فضائله جميع فضائل الأولين والآ خرين خلا ابن عمه الرسول الأمين (صلّى الله عليه وآله‎).‎

أُمها فاطمة الزهراء (عليها السّلام)
أمّا أمها فهي فاطمة الزهراء (عليها السّلام) ، الحورية الإنسية، الراضية المرضية، بهجة قلب المصطفى، وزوجة ‏المرتضى، وأم السبطين الحسن والحسين، الصديقة الطاهرة، المظلومة المقهورة، المباركة الزكية، المحدثة ‏المعصومة، سيدة نساء العالمين، فاطمة بنت محمّد (صلّى الله عليه وآله‏‎).‎

إخوتها لأُمها وأبيها عليهما السّلام
أما إخوتها لأُمها وأبيها فهم: الإمام الحسن والإمام الحسين سيدي شباب أهل الجنَّة، والمحسن وأم كلثوم (عليهم ‏السّلام‎).‎

ولادتها عليها السّلام
سل زينبا عما عليهم جرى * عما عليهم جرى سل زينبا
هي العقيلة التي عنها روى * الحبر ابن عباس وعنها كتبا
عامين من بعد شقيقها الحسين * ولدت أهلا بها ومرحبا
وبشر النبي لما ولدت * وهو على المنبر يلقي الخطبا
بشره سلمان فيها بعد ما * وافاه جبريل بذاك مطنبا
وقال سماها الاله في السما * بزينب لما تقاسي نوبا
فأم ار ابنته فاطمة * مهنيا لها بها مرحبا
ولدت بالمدينة المنوّرة في الخامس من جمادى الأوّل عام 5 هـ . ولمّا ولدت ( عليها السلام ) جاءت بها أمّها الزهراء ‏‏( عليها السلام ) إلى أبيها أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، وقالت : ( سمّ هذه المولودة ) . فقال : ( ما كنت لأسبق ‏رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ) ، وكان في سفر له ، ولمّا جاء وسأله علي ( عليه السلام ) عن اسمها . فقال : ( ما ‏كنت لأسبق ربّي تعإلى ) ، فهبط جبرائيل ( عليه السلام ) يقرأ السلام من الله الجليل ، وقال له : ( سمّ هذه المولودة : ‏زينب ، فقد اختار الله لها هذا الاسم ) . ثمّ أخبره بما يجري عليها من المصائب ، فبكى ( صلى الله عليه وآله ) ، وقال ‏‏: ( من بكى على مصائب هذه البنت ، كان كمن بكى على أخويها : الحسن والحسين‎ ) .‎

فضائلها عليها السّلام
كانت ( عليها السلام ) عالمة غير معَلّمة ، وفهِمة غير مفهمة ، عاقلة لبيبة ، جزلة ، وكانت في فصاحتها وزهدها ‏وعبادتها كأبيها أمير المؤمنين وأمّها الزهراء ( عليهما السلام ) . اتّصفت ( عليها السلام ) بمحاسن كثيرة ، وأوصاف ‏جليلة ، وخصال حميدة ، وشيم سعيدة ، ومفاخر بارزة ، وفضائل طاهرة . حدّثت عن أمّها الزهراء ( عليها السلام ) ، ‏وكذلك عن أسماء بنت عميس ، كما روى عنها محمّد بن عمرو ، وعطاء بن السائب ، وفاطمة بنت الإمام الحسين ( ‏عليه السلام ) ، وجابر بن عبد الله الأنصاري ، وعَبَّاد العامري . عُرفت زينب ( عليها السلام ) بكثرة التهجّد ، شأنها ‏في ذلك شأن جدّها الرسول ( صلى الله عليه وآله ) ، وأهل البيت ( عليهم السلام ) . وروي عن الإمام زين العابدين ( ‏عليه السلام ) قوله : ( ما رأيت عمّتي تصلّي الليل عن جلوس إلاّ ليلة الحادي عشر ) ، أي أنّها ما تركت تهجّدها ‏وعبادتها المستحبّة حتّى تلك الليلة الحزينة ، بحيث أنّ الإمام الحسين ( عليه السلام ) عندما ودّع عياله وداعه الأخير ‏يوم عاشوراء قال لها : ( يا أختاه لا تنسيني في نافلة الليل ) . وذكر بعض أهل السِيَر : أنّ زينب ( عليها السلام ) كان ‏لها مجلس خاص لتفسير القرآن الكريم تحضره النساء ، وأنّ دعاءها كان مستجاباً‎.‎

أم المصائب عليها السّلام
إذا نابك الدهر لا تعجب * فليس على الدهر من متعب
ولا تغترر بابتساماته * فبالناب يغدر والمخلب
وكن جلدا عند دهم الخطوب * فمن يرتدي الصبر لم يغلب
وإن دهمتك صروف الزمان * تذكر عقيلة آل النبي
تذكر مصائبها سلوة * وحمر الدموع عليها اسكب
فكل النوائب تسلى لدى * نوائب خير النسا زينب
وناهيك أرزاؤها في الطفوف * فمهما تحدثت لم تكذب
رزايا يحار لديها الصبور * احتمالا ومنها يشيب الصبي
وقد قابلتها بكظم الوصي * وصبر البتول وحلم الوصي
إلى أن قضت وهي حلف الاسى * بصبر لدى الدهر لم ينضب
فيا قلب ذب بعدها حسرة * ويا عين فيضي لها واسكبي
سُمّيت أم المصائب ، وحق لها أن تسمّى بذلك ، فقد شاهدت مصيبة وفاة جدّها النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، وشهادة ‏أمّها الزهراء ( عليها السلام ) ، وشهادة أبيها أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، وشهادة أخيها الحسن ( عليه السلام ) ، ‏وأخيراً المصيبة العظمى ، وهي شهادة أخيها الحسين ( عليه السلام ) ، في واقعة الطف مع باقي الشهداء‎.‎

رثاؤها عليها السّلام
في (عيون الاخبار) لشيخنا الصدوق رحمه الله بالاسناد عن عبد الله بن الفضل الهاشمي قال : قال أبو عبد الله الصادق ‏‏( ع ) من قال فينا بيت شعر بنى الله له بيتا في الجنة ، وفيه عن علي بن سالم عن أبيه عن الصادق ( ع ) أنه قال ما ‏قال فينا قائل بيت شعر حتى يؤيد بروح القدس ، إلى غير ذلك من الاخبار الكثيرة‎ .‎
رثاها الشيخ محمد حسين الاصفهاني المتوفي عام 1361 هـ‍ . قال أعلى الله مقامه‎:‎
وليت وجهي شطر قبلة الورى * ومن بها تشرفت أم القرى‎ ‎
قطب محيط عالم الوجود * في قوسي النزول والصعود
ففي النزول كعبة الرزايا * وفي الصعود قبلة البرايا
بل هي باب حطة الخطايا * وموئل الهبات والعطايا
ام الكتاب في جوامع العلا * أم المصاب في مجامع البلا
رضيعة الوحي شقيقة الهدى * ربيبة الفضل خليفة الندى
ربة خدر القدس والطهارة * في الصون والعفاف والخفارة
فإنها تمثل الكنز الخفي * بالسر والحياء والتعفف
تمثل الغيب المصون ذاتها * تعرب عن صفاته صفاتها
مليكة الدنيا عقيلة النسا * عديلة الخامس من أهل الكسا
شريكة الشهيد في مصائبه * كفيلة السجاد في نوائبه
بل هي ناموس رواق العظمة * سيدة العقائل المعظمة
ما ورثته من الرحمة * جوامع العلم أصول الحكمة
سرابها في علو الهمة * والصبر في الشدائد الملمة
ثباتها ينبئ عن ثباته * كان فيها كل مكرماته
لها من الصبر على المصائب * ما جل أن يعد في العجائب
بل كاد أن يلحق بالمعاجز * لانه حرفة كل عاجز
فإنها سلالة الولاية * ولاية ليس لها نهاية
بيانها يفصح عن بيانه * كأنها تفرغ عن لسانه
ناهيك فيه الخطب المأثورة * فإنها كالدرر المنثورة
بل هي لولا الحط من مقامها * كاللؤلؤ المنضود في نظامها
فإنها وليدة الفصاحة * والدها فارس تلك الساحة‏
وما أصاب أمها من البلا * فهو تراثها بطف كربلا
لكنها عظيمة بلواها * من الحرب شاهدت دهاها
رأت هجوم الخيل بالنار على * خبائها أو محور السبع العلى
وأسلبوا يا ويلهم قرارها * مذ سلبوا إزارها خمارها‎ ‎
وسبيهم ودائع المختار * عار على الاسلام أي عار
يكاد أن يذهب بالعقول * سبي بنات الوحي والتنزيل
وما رأت بالطف من أهوالها * جل عن الوصف بيان حالها
ومن يطيق وصف سوء حالها * مذ رأت السبط على رمالها
معفر الخد مضرجا بدم * لهفي على جمال سلطان القدم
وحولها فتيانه على الثرى * كالشهب الزهر تحف القمرا
واها على كواكب السعود * عقد نظام الغيب والشهود
كيف هوت وانتثرت أشلاؤها * بأي ذنب سفكت دماؤها
وشاهدت ريحانة الرسول * تدوسها حوافر الخيول
فأصبحت خزانة اللاهوت * حلبة خيل الجبت والطاغوت
صدر تربى فوق صدر المصطفى * ترضه الخيل على الدنيا العفا
ترى العوالي مركز المعالي * مدرجة لذروة الكمال
وهي عرش وعليه التاج * أو أنها البراق والمعراج
نال من العروج ما تمنى * كقاب قوسين دنا أو أدنى
حتى تجلى قائلا إني أنا * من شجر القناة في طور القنا
لسان حاله لسلطان القدم * سعيا على الرأس إليك لا القدم
وسوقها إلى يزيد الطاغية * أشجى فجيعة وأدهى داهية
وما رأته في دمشق الشام * يذهب بالعقول والاحلام
أمامها رأس الامام الزاكي * وخلفها النوائح البواكي
أو الكتاب الناطق المبين * حف به الحنين والانين
وأفظع الكل دخول الطاهرة * حاسرة على ابن هند العاهرة
وما لها ومجلس الشراب * وهي ابنة السنة والكتاب
أتوقف الحرة من آل العبا * بين يدي طليقها واعجبا
يشتمها طاغية الالحاد * وهي سلالة النبي الهادي
بل سمعت من ذلك اللعين * سب أبيها وهو أصل الدين
أتنسب الطاهرة الصديقة * للكذب وهي أصدق الخليقة
واحر قلباه لقلب الحرة * فما رأته لا أطيق ذكره
شلت يد مدت بقرع العود * إلى ثنايا العدل والتوحيد
تلك الثنايا مرشف الرسول * وملثم الطاهرة البتول
وما حناه باللسان أعظم * وكفره المكنون منه يعلم
وقد أبانت كفر ذاك الطاغي * بأحسن البيان والبلاغ
حنت بقلب موجع محترق * على أخيها فأجابها الشقي
يا صيحة تحمد من صوائح * ما أهون النوح على النوائح
‎ ‎‎ ‎ورثاها أيضاً الخطيب الشيخ حسن بن الشيخ كاظم سبتي‎:‎
سل زينبا عما عليهم جرى * عما عليهم جرى سل زينبا
هي العقيلة التي عنها روى * الحبر ابن عباس وعنها كتبا
عامين من بعد شقيقها الحسين * ولدت أهلا بها ومرحبا
أول شعبان أتى ميلادها * أضاء نورها فأخفى الكوكبا
وبشر النبي لما ولدت * وهو على المنبر يلقي الخطبا
بشره سلمان فيها بعد ما * وافاه جبريل بذاك مطنبا
وقال سماها الاله في السما * بزينب لما تقاسي نوبا
فأم دار ابنته فاطمة * مهنيا لها بها مرحبا

جلالة قدرها عليها السّلام
إن قصدت تزور قبر جدها * شوقا إليه إذ هم بيثربا
اخرجها ليلا أمير المومنين * والحسين والزكي المجتبى
يسبقهم أبوهم فيطفئ * الضوء الذي في القبر قد ترتبا
قيل له لم ذا فقال إنني * أخشى بأن تنظر عين زينبا

مكارم أخلاقها عليها السّلام
روحي لها الفداء من مصونة * زكية كريمة ذات إبا
ذات عفاف ووقار وحجى * من شرفت أما وجدا وأبا
‎ ‎أحمد جدي وعلي والدي * وفاطم أم فأكرم نسبا
تكفلت أثقل ما في الدار * بعد أمها من أيام الصبا
وجرعت ما جرعته أمها * من الاذى ما منه تنسف الربى

علمها عليها السّلام
عيبة علم غير أن علمها * غريزة ولم يكن مكتسبا
عالمة عاملة لربها * طول المدى سوى التقى لن تصبحا
تقية من أهل بيت عصمة * شقيقة السبط الحسين المجتبى
‎ ‎صديقة كبرى لجم علمها * طاشت بها الالباب والفكر كبا
فيا لها داعية إلى الهدى * في حل كل مشكل قد صعبا
ذات فصاحة إذا ما نطقت * حينا تخال المرتضى قد خطبا
سل مجلس الشام وما حل به * مذ خطبت ماج بهم واضطربا

صبرها عليها السّلام
لله من صابرة على الاذى * تجرعت مع الحسين الكربا
ألفته فردا أو عداه أقبلت * وخيلهم ملؤ الفيافي والربى
واحتوشته بالرماح فارتوت * من دمه سمر الرماح والضبا
وأبصرته مذ هوى إلى الثرى * مصافحا ذاك المحيا التربا
‎ ‎رأته في مصرعه مخذم * الجسم لقى معفرا قد سلبا
ملقى على وجه الصعيد عاريا * والشمر فوق صدره قد ركبا
وخيلهم تعدو على جثمان من * نشا على صدر النبي قربا
ورأسه شيل على مثقف * مرتفع أمامها قد نصبا
مرتلا آيات أهل الكهف * لكن بالدماء شيبه قد خضبا
وشاهدت ما في الحما مقسما * إلى العدى مغتنما حتى الخبا
فكابدت بالطف ما لو بعضه * صبت على الهضاب هد الهضبا

خطبة السيدة زينب عليها السّلام في الكوفة
قال الرّاوي‎:‎
لما أومأت زينب ابنة علي (عليه السلام) إلى الناس فسكنت الأنفاس والأجراس، فعندها اندفعت بخطابها مع طمأنينة ‏نفس، وثبات جاش، وشجاعة حيدرية، فقالت (صلوات الله عليها‎):‎
‎(‎الحمد لله والصلاة على أبي محمد وآله الطيبين الاخيار، اما بعد يا أهل الكوفة، يا أهل الختل والغدر، أتبكون فلا ‏رقأت الدمعة، ولا هدات الرنة، انما مثلكم كمثل التي نقضت غزلها من بعد قوة انكاثاً، تتخذون أيمانكم دخلا بينكم، الا ‏وهل فيكم الا الصلف والنطف، والعجب والكذب والشنف، وملق الاماء، وغمز الأعداء، او كمرعى على دمنة، او ‏كقصة على ملحودة، ألا بئس ما قدمت لكم انفسكم ان سخط الله عليكم، وفي العذاب انتم خالدون. أتبكون وتنتحبون، اي ‏والله فابكوا كثيراً، واضحكوا قليلاً، فلقد ذهبتم بعارها وشنارها، ولن ترحضوها بغسل بعدها ابداً، وأنى ترحضون، ‏قتل سليل خاتم النبوة، ومعدن الرسالة ومدرة حجتكم، ومنار محجتكم، وملاذ خيرتكم، ومفزع نازلتكم. وسيد شباب ‏أهل الجنة الا ساء ما تزرون. فتعساً ونكساً وبعداً لكم وسحقاً، فلقد خاب السعي، وتبت الايدي، وخسرت الصفقة، ‏وبؤتم بغضب من الله ورسوله، وضربت عليكم الذلة والمسكنة. ويلكم يا أهل الكوفة، أتدرون أي كبد لرسول الله ‏فريتم؟ وأي كريمة له أبرزتم؟ وأي دم له سفكتم؟ وأي حرمة له انتهكتم؟ لقد جئتم شيئاً اداً، تكاد السماوات يتفطرن ‏منه، وتنشق الأرض، وتخر الجبال هدّاً! ولقد أتيتم بها خرقاء، شوهاء كطلاع الأرض، وملء السماء، افعجبتم ان ‏مطرت السماء دماً، ولعذاب الآخرة اخزى وهم لا ينصرون، فلا يستخفنكم المهل، فانه لا يحفزه البدار، ولا يخاف ‏فوت الثار، وان ربكم لبالمرصاد‎).‎
فقال لها الإمام السجاد (عليه السلام): (اسكتي يا عمة، فأنت بحمد الله عالمة غير معلمة، فهمة غير مفهمة‎).‎
فقطعت (العقيلة) الكلام، فأدهشت ذلك الجمع المغمور بالتمويهات والمطامع، واحدث كلامها أيقاظا في الأفئدة ولفتة ‏في البصائر وأخذت خطبتها من القلوب مأخذاً عظيماً وعرفوا عظيم الجناية فلا يدرون ما يصنعون‎!!‎
فقد أحدثت فيهم زينب (سلام الله عليها) انعطافاً كبيراً رغم تحجّر قلوبهم ورذالة نفوسهم‎.‎
وكما أشرنا ان السيدة زينب (عليها السلام) في الكوفة وفي وسط جماهيرها أومأت إلى الناس ان اسكتوا، فارتدت ‏الأنفاس، وسكنت الأجراس فما هو وجه سكوتهم مع كثرة ازدحام الناس، وشدة ضوضاء الجيش الفاتح ـ بتصورهم ـ ‏وكثرة صخبهم، وما كانوا عليه من التطبيل والتزمير، والهتاف والشعار؟ قد يوجه ذلك بما يلي‎:‎
‏1‏‎- ‎انها (عليها السلام) تصرفت فيهم تصرفاً تكوينياً، يعني: اعملت فيهم ما منحها الله تعإلى من ولاية تكوينية، وقدرة ‏ربانية، كما تصرف اخوها الإمام الحسين (عليه السلام) يوم عاشوراء بذلك في معسكر أهل الكوفة، حين استنصتهم ‏ليعظهم ويتم عليهم الحجة فأبوا ان ينصتوا، واخذوا يثيرون الضوضاء والشغب، فأوما (عليه السلام) إليهم ان اسكتوا ‏واسكنوا، فسكتوا وسكنوا حتى خيولهم ودوابهم، وذلك بتصرف تكويني منه (عليه السلام) فيهم‎.‎
‏2‏‎- ‎انها (عليها السلام) ـ كما في التاريخ ـ كانت تفرغ عن لسان أبيها أمير المؤمنين (عليه السلام) حتى ان السامع كان ‏يظن ان المتكلم هو أمير المؤمنين (عليه السلام)، وحيث ان أهل الكوفة كانوا قد سمعوا كلام أمير المؤمنين(عليه ‏السلام) وتأثروا بخطبه البليغة أيام كان(عليه السلام) بين ظهرانيهم في الكوفة ثم حرموا منها، ولذلك لما فوجئوا ‏بصوت أمير المؤمنين (عليه السلام) يقرع مسامعهم اقبلوا على استماعه بكل وجودهم، فارتدت في صدروهم ‏أنفاسهم، وسكنت عن الحركة أجسامهم، ويؤيد ذلك: التأثير الشديد الذي انطبع به أهل الكوفة من استماع خطبتها ‏‏(عليها السلام) حتى ان الرواي يقول: واذا بشيخ كبير يبكي ويقول مكرراً: بابي انتم وامي، كهولكم خير الكهول، ‏ونساؤكم خير النساء‎.‎
‏3‏‎- ‎انها (عليها السلام) لعظيم بلاغتها، وكبير فصاحتها، وجميل بيانها، وعذب لسانها، استطاعت ان تسخر قلوب أهل ‏الكوفة، وان تشل أبدانهم من الحركة، وأنفاسهم من التردد والخلجان. وهذا حذلم بن كثير من فصحاء العرب، اخذه ‏العجب من فصاحة زينب (عليها السلام) وبلاغتها، وأخذته الدهشة من براعتها وشجاعتها الأدبية، حتى انه لم يتمكن ‏ان يشبهها الا بأبيها سيد البلغاء والفصحاء، فقال: كانها تفرغ عن لسان أمير المؤمنين(عليه السلام). وهذه الخطبة ‏رواها كل من كتب في وقعة الطف او في أحوال الحسين(عليه السلام). ورواها الجاحظ في كتابه البيان والتبيين عن ‏حزيمة الاسدي قال: ورأيت نساء الكوفة يومئذ قياماً يندبن متهتكات الجيوب. ورواها ايضاً ابو الفضل احمد بن ابي ‏طاهر طيفور في بلاغات النساء، وابو المؤيد الموفق بن احمد الخوارزمي في الجزء الثاني من كتابه مقتل الحسين ‏‏(عليه السلام) وشيخ الطائفة في أماليه وغيرهم من أكابر العلماء. ومن بلاغتها وشجاعتها الادبية: ما ظهر منها (عليها ‏السلام) في مجلس ابن زياد. قال السيد ابن طاووس وغيره: ان ابن زياد جلس في القصر واذن اذناً عاماً، وجيء ‏برأس الحسين(عليه السلام) فوضع بين يديه، وأدخلت عليه نساء الحسين وصبيانه، وجاءت زينب ابنة علي (عليه ‏السلام) وجلست متنكرة فسأل ابن زياد من هذه المتنكرة؟ فقيل له: هذه زينب ابنة علي، فأقبل عليها فقال: الحمد لله ‏الذي فضحكم وأكذب احدوثتكم. فقالت (عليها السلام): انما يفتضح الفاجر ويكذب الفاسق، هو غيرنا. فقال: كيف ‏رأيت صنع الله بأخيك وأهل بيتك؟ فقالت: ما رأيت الا خيراً، هؤلاء قوم كتب الله عليهم القتل فبرزوا إلى مضاجعهم, ‏وسيجمع الله بينك وبينهم، فتحاج وتخاصم فانظر لمن الفلج يومئذ ثكلتك امك يا بن مرجانة. فغضب اللعين وهم ان ‏يضربها، فقال له عمرو بن حريث: انها امرأة والمرأة لا تؤاخذ بشيء من منطقها. فقال لها ابن زياد (لعنه الله): لقد ‏شفي الله قلبي من طاغيتك الحسين والعصاة المردة من أهل بيتك. فقالت: لعمري لقد قتلت كهلي، وقطعت فرعي، ‏واجتثثت اصلي، فان كان هذا شفاؤك فلقد اشتفيت. فقال لعنه الله: هذه سجاعة، ولعمري لقد كان أبوها سجاعاً شاعراً. ‏فقالت: يا بن زياد ما للمرأة والسجاعة، وان لي عن السجاعة لشغلاً‎.‎

خطبة السيدة زينب عليها السّلام في الشام
‎ ‎ومن ذلك: خطبتها في مجلس يزيد بن معاوية في الشام رواها جماعة من العلماء في مصنفاتهم، وهي من ابلغ ‏الخطب وأفصحها، عليها أنوار الخطب العلوية وأسرار الخطبة الفاطمية (عليهم السلام‎).‎
قال: روى الصدوق من مشايخ بني هاشم وغيره: انه لما دخل علي بن الحسين (عليه السلام) وحرمه على يزيد جيء ‏برأس الحسين(عليه السلام) ووضع بين يديه في طشت، وجعل يضرب ثناياه بمخصرة كانت في يده وهو يقول‎:‎
‎ ‎ليت أشياخي ببدر شهدوا *** جزع الخزرج من وقع الاسل
‎ ‎لأهلوا واستهلوا فرحاً *** ثم قالوا يا يزيد لا تشل
‎ قد قتلنا القرم من ساداتهم *** وعدلناه ببدر فاعتدل
‎ ‎لعبت هاشم بالملك فلا *** خبر جاء ولا وحي نزل
‎ لست من خندف ان لم انتقم *** من بني احمد ما كان فعـل
‎ ‎فقامت زينب بنت علي بن أبي طالب، وأمها فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقالت‎:‎
‎(‎الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على رسوله وآله أجمعين، صدق الله سبحانه حيث يقول: (ثم كان عاقبة الذين ‏أساؤا السوء ان كذبوا بآيات الله وكانوا بها يستهزؤن). أظننت يا يزيد ـ حيث أخذت علينا أقطار الارض وآفاق ‏السماء، فاصبحنا نساق كما تساق الأسراء ـ ان بنا هواناً على الله وبك عليه كرامة، وان ذلك لعظم خطرك عنده، ‏فشمخت بأنفك، ونظرت في عطفك، تضرب أصدريك فرحاً، وتنفض مذوريك مرحاً، جذلان مسروراً، حين رأيت ‏الدنيا لك مستوسقة، والأمور متسقة، وحين صفا لك ملكنا وسلطاننا، وفمهلاً مهلاً، أنسيت قول الله تعإلى: (ولا تسحبن ‏الذين كفروا انما نملي لهم خير لأنفسهم، انما نملي لهم ليزدادوا اثماً ولهم عذاب مهين). أمن العدل يا ابن الطلقاء، ‏تخديرك حرائرك واماءك، وسوقك بنات رسول الله سبايا، قد هتكت ستورهن، وأبديت وجوههن، تحدو بهن الأعداء ‏من بلد إلى بلد، ويستشرفهن أهل المناهل والمعاقل، ويتصفح وجوههن القريب والبعيد، والدني والشريف، ليس معهن ‏من حماتهن حمي ولا من رجالهن ولي، وكيف يرتجى مراقبة من لفظ فوه اكباد الازكياء، ونبت لحمه من دماء ‏الشهداء، وكيف يستبطأ في بغضنا أهل البيت من نظر الينا بالشنف والشنأن، والاحن والأضغان ثم تقول غير متأثم ‏ولا مستعظم‎:‎
لأهلوا واستهلوا فرحاً *** ثم قالوا يا يزيد لا تشل
‎ ‎منحنياً على ثنايا أبي عبد الله سيد شباب أهل الجنة تنكتها بمخصرتك وكيف لا تقول ذلك، وقد نكأت القرحة، ‏واستأصلت الشأقة، بإراقتك دماء ذرية محمد (صلى الله عليه وآله) ونجوم الأرض من آل عبد المطلب وتهتف ‏بأشياخك زعمت انك تناديهم فلتردن وشيكاً موردهم ولتودن انك شللت وبكمت ولم تكن قلت ما قلت وفعلت ما فعلت. ‏اللهم خذ لنا بحقنا، وانتقم ممن ظلمنا، واحلل غضبك بمن سفك دماءنا، وقتل حماتنا. فوالله ما فريت الا جلدك، ولا ‏حززت الا لحمك، ولتردن على رسول الله (صلى الله عليه وآله) بما تحملت من سفك دماء ذريته وانتهكت من ‏حرمته في عترته ولحمته، حيث يجمع الله شملهم، ويلم شعثهم، يأخذ بحقهم (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله امواتاً ‏بل أحياء عند ربهم يرزقون). وحسبك بالله حاكماً، وبمحمد صلى الله عليه وآله خصيماً، وبجبرئيل ظهيراً، وسيعلم من ‏سول لك ومكنك من رقاب المسلمين بئس للظالمين بدلاً وأيكم شر مكاناً، واضعف جنداً. ولئن جرت علي الدواهي ‏مخاطبتك، اني لاستصغر قدرك واستعظم تقريعك، واستكثر توبيخك، لكن العيون عبرى، والصدور حرى. الا ‏فالعجب كل العجب، لقتل حزب الله النجباء، بحزب الشيطان الطلقاء، فهذه الأيدي تنطف من دمائنا، والأفواه تتحلب ‏من لحومنا وتلك الجثث الطواهر الزواكي تنتابها العواسل، وتعفرها أمهات الفراعل ولئن اتخذتنا مغنما، لنجدنا وشيكاً ‏مغرماً، حين لا تجد الا ما قدمت يداك وما ربك بظلام للعبيد، وإلى الله المشتكى وعليه المعول. فكد كيدك، واسع ‏سعيك، وناصب جهدك، فوالله لا تمحو ذكرنا، ولا تميت وحينا، ولا يرحض عنك عارها، وهل رأيك الا فند وايامك ‏الا عدد، وجمعك الا بدد، يوم ينادي المنادي الا لعنة الله على الظالمين. والحمد لله رب العالمين، الذي ختم لأولنا ‏بالسعادة والمغفرة ولآخرنا بالشهادة والرحمة، ونسأل الله ان يكمل لهم الثواب، ويوجب لهم المزيد ويحسن علينا ‏الخلافة، انه رحيم ودود، وحسبنا الله ونعم الوكيل). واعلم: ان بلاغة زينب(عليها السلام) وشجاعتها الادبية ليس من ‏الأمور الخفية، وقد اعترف بها كل من كتب في وقعة كربلاء ونوه بجلالتها اكثر أرباب التاريخ. ولعمري ان من كان ‏ابوها علي بن ابي طالب ( الذي ملأت خطبه العالم وتصدى لجمعها وتدوينها اكابر العلماء، ومن امها فاطمة الزهراء ‏صاحبة خطبة فدك الكبرى، وصاحبة الخطبة الصغرى التي القتها على مسامع نساء قريش ونقلها النساء لرجالهن. نعم ‏ان من كانت كذلك فحرية بان تكون بهذه الفصاحة والبلاغة، وان تكون لها هذه الشجاعة الادبية والجسارة العلوية. ‏ويزيد الطاغية يوم ذاك هو السلطان الاعظم، والخليفة الظاهري على عامة بلاد الإسلام تؤدي له الجزية الفرق ‏المختلفة والامم المتباينة، في مجلسه الذي اظهر فيه ابهة الملك، وملاه بهيبة السلطان، وقد جردت على رأسه ‏السيوف، واصطفت حوله الجلاوزة وهو واتباعه على كراسي الذهب والفضة وتحت ارجلهم الفرش من الديباج ‏والحرير. وهي (صلوات الله عليها) في ذلة الاسر، دامية القلب باكية الطرف، حرى الفؤاد من تلك الذكريات المؤلمة ‏والكوارث القاتلة، قد أحاط بها أعداؤها من كل جهة، ودار عليها حسادها من كل صوب. ومع ذلك كله ترمز للحق ‏بالحق، وللفضيلة بالفضيلة فتقول ليزيد ـ غير مكترثة بهيبة ملك، ولا معتنية بأبهة سلطانه ـ: أمن العدل يا بن الطلقاء، ‏وتقول له أيضاً: ولئن جرت علي الدواهي مخاطبتك اني لاستصغر قدرك، واستعظم تقريعك، واستكثر توبيخك‎).‎

السيدة زينب عليها السّلام والشعائر الحسينية
‎ ‎قد اهتمت السيدة زينب (عيها السلام) بالشعائر الحسينية أكبر اهتمام، فعلاً وقولاً وتقريراً: فبكت، وأبكت، ولطمت ‏وجهها، وضربت رأسها بمقدم المحمل حتى جرى الدم، وخطبت خطباً، وأنشأت أشعاراً، وعقدت مجالس العزاء ‏والبكاء على الإمام أبي عبد الله الحسين عليه السلام‎ . ‎
ففي صبيحة عاشوراء حينما كانت عند ابن أخيها الإمام السجاد عليه السلام تمرضه، سمعت أخاها الإمام الحسين عليه ‏السلام يقول: يا دهر أفٍّ لك من خليـل كم لك بالإشراق و الأصيل إلى أخر الأبيات.. يعيدها المرتين أو الثلاثة، فلم ‏تمتلك نفسها أن وثبت وخرجت حتى انتهت إليه (عليه السلام) منادية: واثكلاه! ليت الموت أعدمني الحياة، اليوم ماتت ‏أمي فاطمة وأبي علي وأخي الحسن، يا خليفة الماضين وثمال الباقين.. فنظر إليها الإمام الحسين عليه السلام ‏وترقرقت عيناه بالدموع قائلاً لها: يا أُخيّة.. لو ترك القطا يوماً لنام، فقالت:يا وليتاه … ذلك أقرح لقلبي وأشد على ‏نفسي، ثم لطمت وجهها وهوت إلى جيبها فشقَّته وخرَّت مغشياً عليها ـ كما في رواية الإمام السجاد عليه السلام ـ . ‏ولما كان اليوم الحادي عشر وأراد ابن سعد حمل النسوة والأسرى من آل بيت الرسول (صلى الله عليه وآله) إلى ‏الكوفة، طلبن النسوة أن يمروا بهن على مصرع أبي عبد الله عليه السلام والشهداء، فمروا بهن، فلما نظرن إلى القتلى ‏صحن ولطمن الوجوه، وأخذت زينب (عليها السلام) تندب أخاها الحسين (عليه السلام) وتنادي بصوت حزين وقلب ‏كئيب: يا محمداه، صلّى عليك مليك السماء، هذا حسينك مرمَّل بالدماء، مقطَّع الأعضاء، وبناتك سبايا، و إلى الله ‏المشتكى… ثم بسطت يديها تحت بدنه المقدس ورفعته نحو السماء وقالت: إلهي تقبَّل منَّا هذا القربان، وفي الحديث: ‏انها أبكت والله كل عدوٍّ وصديق. وعندما أُدخل السبايا من آل البيت (عليهم السلام) الكوفة وأخذت أم كلثوم تخاطب ‏الناس، إذا بضجة قد ارتفعت، فإذا هم أتوا بالرؤوس يقدمهم رأس الحسين عليه السلام وهو رأس زهري قمري أشبه ‏الخلق برسول الله (صلى الله عليه وآله)، ولحيته كسواد السبج قد انتصل منها الخضاب، ووجهه دارة قمر طالع، ‏والريح تلعب بها يميناً وشمالاً، فالتفتت زينب (عليها السلام) فرأت رأس أخيها فنطحت رأسها بمقدَّم المحمل حتى ‏رأينا الدم يخرج من تحت قناعها، وأومأت إليه بخرقة وجعلت تقول‎:‎
يا هلالاً لمّا استتمَّ كمالا ** غاله خسفه فأبدا غروبا
‎ ‎ما توهَّمتُ يا شقيق فؤادي ** كان هذا مقدَّراً مكتوبا
إلى آخر الأبيات‎...‎
وقد خطبت السيدة زينب (عليها السلام) عندما جيء بهنَّ أسارى إلى الكوفة، فأومأت إلى الناس بالسكوت والإنصات، ‏فارتّدت الأنفاس وسكنت الأجراس، ثم قالت في خطبتها بعد حمد الله تعإلى والصلاة على رسوله: أما بعد يا أهل ‏الكوفة، يا أهل الختر والغدر والحدل… أتبكون على أخي ؟! أجل والله فابكوا، فإنكم والله أحق بالبكاء، فابكوا كثيراً ‏واضحكوا قليلاً… أتدرون ـ ويلكم ـ أي كبد لمحمد (صلى الله عليه وآله) فريتم؟ وأي عهد نكثتم؟ وأي كريمة له ‏أبرزتم؟ وأي حرمة له هتكتم؟ وأي دم سفكتم؟!… ثم أنشأت تقول‎:‎
ماذا تقولون إذ قال النبي لكم ** ماذا صنعتم وأنتم آخر الأمم
‎ ‎بأهل بيتي وأولادي ومكرمتي ** منهم أسارى ومنهم ضرَّجوا بدم
إلى آخر الخطبة التي هزت ضمائر الناس وعروش الطواغيت‎.‎
حتى قال الراوي: فلم أرَ والله خَفِرة أنطق منها، كأنّما تنطق وتفرغ عن لسان أمير المؤمنين عليه السلام .. وقال ‏مشيراً إلى مدى تأثر الناس يومئذ بخطبتها: فوالله لقد رأيت الناس يومئذٍ حيارى يبكون وقد وضعوا أيديهم في أفواههم، ‏ورأيت شيخاً واقفاً إلى جنبي يبكي حتى اخضلَّت لحيته وهو يقول: بأبي أنتم وأمي كهولكم خير الكهول وشبابكم خير ‏الشباب ونساؤكم خير النساء ونسلكم خير نسل لا يخزي ولا يبزي‏‎.‎
وهنا قال الإمام زين العابدين (عليه السلام): (يا عمة.. ـ أنت بحمد الله ـ عالمة غير معلَّمة، فهمة غير مفهَّمة). كما وقد ‏أمرتنا السيدة زينب (عليها السلام) بإقامة مآتم البكاء على سيد الشهداء قائلة: (يا قوم اِبكوا على الغريب التريب…). ‏وهي (عليها السلام) التي استفادت من كل فرصة تتاح لها في ذلك، حتى أنها (عليها السلام) لما عادت إلى كربلاء مع ‏حرم الرسول (صلى الله عليه وآله) العائدات من الأسر وتراءت لهن القبور، ألقت بنفسها على قبر أخيها ثم ‏أخذت تعدَّد مصائبها لأخيها وهي تبكي كالثكلى وترثيه بأبيات، فأنَّت وبكت بكاءً شديداً حتى أبكت أهل الأرض ‏والسماء، كما ورد في الحديث وقد تنبَّأت سيدتنا العالمة مستقبل القضية الحسينية، فقالت لابن أخيها الإمام زين ‏العابدين (عليه السلام): ( لقد أخذ الله ميثاق أناس من هذه الأمَّة، لا تعرفهم فراعنة هذه الأمة، وهم معروفون في أهل ‏السماوات، إنهم يجمعون هذه الأعضاء المتفرقة فيوارونها، وهذه الجسوم المضرَّجة، وينصبون بهذا الطف عَلَمَاً لقبر ‏أبيك سيد الشهداء لا يدرس أثره، ولا يعفو رسمه على كرور الليالي والأيام، وليجهدنَّ أئمة الكفر وأشياع الضلالة في ‏محوه وتطميسه فلا يزداد إلا ظهوراً وأمره إلا علواً) و قالت ليزيد: (… فإلى الله المشتكى و عليه المعوَّل، فَكِدْ كَيْدك، ‏واسعَ سَعْيَك، وناصِب جُهدك، فوالله لا تمحو ذِكْرنا، ولا تميت وَحْينا، ولا تُدرك أمدنا، ولا ترحض عنك عارها‎).

زيارة زينب سلام الله عليها
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليك يا بنت سلطان الانبياء ، السلام عليك يا بنت صاحب الحوض واللواء ، السلام عليك يا بنت فاطمة ‏الزهراء ، السلام عليك يا بنت خديجة الكبرى ، السلام عليك يا بنت سيد الاوصياء وركن الاولياء أمير المؤمنين ، ‏السلام عليك يا بنت ولي الله ، السلام عليك يا ام المصائب يا زينب بنت علي ورحمة الله وبركاته ، السلام عليك أيتها ‏الفاضلة الرشيدة ، السلام عليك أيتها العاملة الكاملة ، السلام عليك أيتها الجليلة الجميلة ، السلام عليك أيتها التقية النقية ‏، السلام عليك أيتها المظلومة المقهورة ، السلام عليك أيتها الرضية المرضية ، السلام عليك يا تالية المعصوم ، ‏السلام عليك يا ممتحنة في تحمل المصائب بالحسين المظلوم ، السلام عليك أيتها البعيدة عن الآفاق ، السلام عليك ‏أيتها الاسيرة في البلدان ، السلام على من شهد بفضلها الثقلان ، السلام عليك أيتها المتحيرة في وقوفك في القتلى ‏وناديت جدك رسول الله ( ص ) بهذا النداء : صلى عليك مليك السماء هذا حسين بالعراء مسلوب العمامة والرداء ‏مقطع الاعضاء وبناتك سبايا ، السلام على روحك الطيبة وجسدك الطاهر ، السلام عليك يا مولاتي وابنة مولاي ‏وسيدتي وابنة سيدتي ورحمة الله وبركاته ، أشهد أنك قد أقمت الصلاة وآتيت الزكاة وأمرت بالمعروف ونهيت عن ‏المنكر وأطعت الله ورسوله وصبرت على الاذي في جنب الله حتى أتاك اليقين ، فلعن الله من جحدك ولعن الله من ‏ظلمك ولعن الله من لم يعرف حقك ولعن الله أعداء آل محمد من الجن والانس من الاولين والآخرين وضاعف عليهم ‏العذاب الاليم . أتيتك يا مولاتي وابنة مولاي قاصدا وافدا عارفا بحقك فكوني شفيعا إلى الله في غفران ذنوبي ، وقضاء ‏حوائجي ، واعطاء سؤلي وكشف ضري ، وأن لك ولابيك وأجدادك الطاهرين جاها عظيما وشفاعة مقبولة ، السلام ‏عليك وعلى آبائك الطاهرين المطهرين وعلى الملائكة المقيمين في هذا الحرم الشريف المبارك ورحمة الله وبركاته . ‏ثم صل ركعتين لله تعإلى قاصدا إهداء ثوابهما إليها ، ثم ادع الله عزوجل بما أحببت فإن قبرها أحد الاماكن المجاب ‏فيها الدعاء . وقبل انصرافك اتجه إلى قبرها وودعه بهذا : السلام عليك يا سلالة سيد المرسلين ، السلام عليك يا بنت ‏أمير المؤمنين ، السلام عليك يا بنت فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين ، أستودعك الله واسترعيك وأقرأ عليك السلام ‏، أللهم لا تجعله آخر العهد مني لزيارة أم المصائب زينب بنت علي ، فإني أسألك العود ثم العود أبدا ما أبقيتني وإذا ‏توفيتنيفاحشرني في زمرتها وادخلني في شفاعتها وشفاعة جدها وأبيها وأمها وأخيها برحمتك يا أرحم الراحمين . ‏أللهم بحقها عندك ومنزلتها لديك اغفر لي ولوالدي ولجميع المؤمنين والمؤمنات وآتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة ‏حسنة وقنا برحمتك عذاب النار وصلى الله على سيدنا محمدا وآله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين‎. ‎
السلام عليكِ يا بنت علي بن أبي طالب
السلام عليكِ يا أخت الحسن والحسين
السلام عليك يا عالمةٌ غير معلّمة
السّلام عليكِ يا زينب الكُبرى

   

أضف تعليق


كود امني
تحديث