اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد وعجّل فرجهم والعن أعدائهم

 

نسبه الشّريف عليه السّلام
هو الإمام عليّ الهادي بن مُحمّد الجواد بن عليّ الرّضا بن موسى الكاظم بن جعفرالصّادق بن مُحمّد الباقر بن عليّ السّجاد بن الحُسين سيّد الشّهداء بن عليّ بن أبي طالب عليهم السّلام.


أُمّه عليه السّلام
أُمّه أُم ولد يُقال لها: سمانة.
ويُقال لها أيضاً: سمانة المغربية.
وعن ابن الخشّاب: يُقال أنّ اسمها متفرّشة المغربية.
وعن الطّبري, يُقال لها: السّيّدة.


تأريخ ولادته عليه السّلام
ولد في صرّيا بإحدى نواحي المدينة المنوّرة للنصف من ذي الحجّة سنة 212 هـ.

وقيل: سنة 214 ه‍ في مُلك المأمون.

وقيل: في الثّاني من رجب.

وقيل: في الثّالثّ منه.

وقيل: في الخامس منه.

وقيل: في يوم 27 من ذي الحجّة.


ألقابه وكُناه عليه السّلام
كنيته "عليه السّلام": أبو الحسن، ويُقال له: أبو الحسن الثّالث.
ألقابه "عليه السّلام" كثيرة، منها: الهادي، والمُرتضى، والعسكري، والخالص، والنّاصح، والفتّاح، والنّقي، والعالم، والدّليل، والموضّح، والرّشيد، والشّهيد، والوفي، والنّجيب، والمُتّقي، والمُتوكّل، والطّيب, والفقيه، والأمين، والمؤتمن.
وأشهرألقابه: الهادي، والنّقي.


عِلم الإمام الهادي عليه السّلام
إنّ علم الأئمّة "عليهم السّلام" بالغيب ليس علماً ذاتيّاً بل بما أعطاهم اللـه سبحانه وتعالى وبالقدر الذي شاءت حكمته، وبطرق شتّى, أبرزها توارث العلم عن النّبيّ "صلّى الله عليه وآله" وعبر آباءهم الطّاهرين.
روى الشّيخ الكُليني "رحمه الله" بإسناده عن عليّ بن مُحمّد النّوفلي، عن أبي الحسن صاحب العسكر "عليه السّلام"، قال: سمعته يقول: اسم الله الأعظم ثلاثة وسبعون حرفاً، كان عند آصف حرف فتكلّم به، فانخرقت له الأرض في ما بينه وبين سبأ، فتناول عرش بلقيس حتى صيّره إلى سُليمان، ثمّ انبسطت الأرض في أقلّ من طرفة عين، وعندنا منه اثنان وسبعون حرفاً، وحرف عند الله مستأثر به في علم الغيب.
وروي عن الإمام الهادي "عليه السّلام" قوله: إنّ الله لم يُظهر على غيبه أحداً إلاّ مَن ارتضى من رسول، فكلّ ما كان عند الرّسول كان عند العالم، وكلّ ما اطلع عليه الرّسول فقد اطلع أوصياؤه عليه، كيلا تخلو أرضه من حجّة يكون معه علم يدلّ على صدق مقالته، وجواز عدالته.
وأليك كنماذك ممّا وصل إلينا من علوم الإمام الهادي "عليه السّلام" ليس إلاّ, وإلاّ لا يسع المقام لدرج كُلّما ورد عن علومه "عليه السّلام"
1 - عن الحُسين بن يحيى، قال: اعتلّ المُتوكّل في أوّل خلافته، فقال: لئن برئت لأتصدقنّ بدنانير كثيرة. فلمّا برئ جمع الفُقهاء، فسألهم عن ذلك فاختلفوا، فبعث إلى عليّ بن مُحمّد بن عليّ بن موسى بن جعفر "عليهم السّلام" فسأله، فقال: يتصدّق بثلاث وثمانين ديناراً، فعجب قوم من ذلك، وتعصّب قوم عليه, قالوا: تسأله يا أمير المؤمنين من أين له هذا ؟ فرّد الرّسول إليه، فقال له: قُل لأمير المؤمنين في هذا الوفاء بالنّذر؛ لأنّ الله تعالى قال: لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ. فروى أهلنا جميعاً أنّ المواطن في الوقائع والسّرايا والغزوات كانت ثلاثة وثمانين موطناً، وأنّ يوم حنين كان الرّابع والثّمانين، وكُلّما زاد أمير المؤمنين في فعل الخير كان أنفع له، وأجر عليه في الدّنيا والآخرة.
2 - روى الطّبرسي عن الإمام الحسن العسكري "عليه السّلام" أنّه قال: اتصل بأبي الحسن عليّ بن مُحمّد العسكري "عليه السّلام" أنّ رجلاً من فُقهاء شيعته كلّم بعض النّصّاب، فأفهمه بحجّته حتى أبان عن فضيحته، فدخل إلى عليّ بن مُحمّد "عليه السّلام" وفي صدر مجلسه دست عظيم منصوب، وهو قاعد خارج الدّست، وبحضرته خلق من العلويين وبني هاشم، فما زال يرفعه حتى أجلسه في ذلك الدّست، وأقبل عليه، فاشتدّ ذلك على أولئك الأشراف، فأمّا العلويون فأجلوه عن العتاب، وأمّا الهاشميون فقال له شيخهم: يا بن رسول الله، هكذا تؤثر عامّياً على سادات بني هاشم من الطّالبيين والعبّاسيين ؟! فقال "عليه السّلام": إيّاكُم أن تكونوا من الذين قال الله تعالى فيهم: أَلَمْ تَرَى إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنْ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ. أترضون بكتاب الله حكماً ؟ قالوا: بلى. قال: أليس الله يقول: يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ ... إلى قوله: يَرْفَعْ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ. فلم يرض للعالم المؤمن إلاّ أن يرفع على المؤمن غير العالم، كما لم يرض للمؤمن إلاّ أن يرفع على من ليس بمؤمن. أخبروني عنه قال: يَرْفَعْ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ. أو قال: يرفع الذين أوتوا شرف النّسب درجات ؟ أو ليس قال الله: هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ. فكيف تنكرون رفعي لهذا لمّا رفعه الله ؟! إنّ كسر هذا لفلان النّاصب بحجج الله التي علّمه إيّاها، لأفضل له من كلّ شرف في النّسب. فقال العبّاسي: يا بن رسول الله، قد أشرفت علينا، هو ذا تقصير بنا عمّن ليس له نسب كنسبنا، وما زال منذ أوّل الإسلام يقدّم الأفضل في الشّرف على من دونه فيه. فقال "عليه السّلام": سُبحان الله ! أليس العبّاس بايع أبا بكر وهو تيمي، والعبّاس هاشمي ؟ أو ليس عبد الله بن عبّاس كان يخدم عمر بن الخطاب، وهو هاشمي أبو الخُلفاء وعمر عدوي ؟! وما بال عُمر أدخل البُعداء من قُريش في الشّورى ولم يدخل العبّاس ؟ فإن كان رفعنا لِمن ليس بهاشمي على هاشمي مُنكراً فأنكروا على العبّاس بيعته لأبي بكر، وعلى عبد الله بن عبّاس خدمته لعمر بعد بيعته، فإن كان ذلك جائزاً فهذا جائز، فكأنّما القُم الهاشمي حجراً.
3 - وعن جعفر بن رزق الله، قال: قدم إلى المُتوكّل رجل نصراني فجر بامرأة مُسلمة، فأراد أن يُقيم عليه الحد فأسلم، فقال يحيى بن أكثم: قد هدم إيمانه شركه وفعله. وقال بعضهم: يُضرب ثلاثة حدود. وقال بعضهم: يُفعل به كذا وكذا، فأمر المُتوكّل بالكتاب إلى أبي الحسن العسكري "عليه السّلام" وسؤاله عن ذلك, فلمّا قرأ الكتاب كتب "عليه السّلام": يُضرب حتى يموت. فأنكر يحيى وأنكر فُقهاء العسكر ذلك، فقالوا: يا أمير المؤمنين، سله عن ذلك، فإنّه شيء لم ينطق به كتاب، ولم تجئ به سنّة. فكتب إليه: إنّ الفُقهاء قد أنكروا هذا، وقالوا: لم تجئ به سنّة، ولم ينطق به كتاب، فبيّن لنا لِم أوجبت عليه الضّرب حتى يموت ؟ فكتب: بسم الله الرّحمن الرّحيم: فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ * فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا ... الآية، فأمر به المُتوكّل فضُرب حتى مات.
4 - وفي البحار عن كتاب الاستدراك بإسناده: أنّ المُتوكّل قيل له: إنّ أبا الحسن - يعني عليّ بن مُحمّد بن عليّ الرّضا "عليه السّلام" - يفسّر قول الله عزّ وجلّ: وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ ... الآيتين، في الأوّل والثّاني. قال: فكيف الوجه في أمره ؟ قالوا: تجمع له النّاس وتسأله بحضرتهم، فإن فسّرها بهذا، كفاك الحاضرون أمره، وإن فسّرها بخلاف ذلك افتضح عند أصحابه. قال: فوجّه إلى القُضاة وبني هاشم والأولياء وسُئل "عليه السّلام" فقال: هذا رجُلان كنى عنهما، ومُنّ بالستر عليهُما، أفيحبّ أمير المؤمنين أن يكشف ما ستره الله ؟ فقال: لا أحبّ.
5 - وعن كتاب الاستدراك أيضاً، قال: نادى المُتوكّل يوماً كاتباً نصرانياً: أبا نوح، فأنكروا كُنى الكتابين، فاستفتى فاختلف عليه، فبعث إلى أبي الحسن "عليه السّلام"، فوقّع "عليه السّلام": بسم الله الرّحمن الرّحيم: تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ. فعلم المُتوكّل أنّه يحلّ ذلك؛ لأنّ الله قد كنّى الكافر.
6 - عن مُحمّد بن يحيى المعاذي، قال: قال يحيى بن أكثم في مجلس الواثق والفُقهاء بحضرته: مَن حَلَق رأس آدم حين حجّ ؟ فتعايى القوم عن الجواب، فقال الواثق: أنا أحضركم من ينبئكم بالخبر. فبعث إلى عليّ بن مُحمّد بن عليّ بن موسى بن جعفر بن مُحمّد بن عليّ بن الحُسين بن عليّ بن أبي طالب "عليهم السّلام" فأُحضر، فقال: يا أبا الحسن، مَن حَلَق رأس آدم ؟ فقال "عليه السّلام": سألتك بالله يا أمير المؤمنين إلاّ أعفيتني. قال: أقسمت عليك لتقولنّ. قال "عليه السّلام": أما إذا أبيت، فإنّ أبي حدّثني عن جدّي، عن أبيه، عن جدّه، قال: قال رسول الله "صلّى الله عليه وآله": أمر جبرئيل أن ينزل بياقوتة من الجنّة، فهبط بها، فمسح بها رأس آدم فتناثر الشّعر منه، فحيث بلغ نورها صار حرماً.
7 - عن أبي مُحمّد الفحّام، قال: سأل المُتوكّل ابن الجهم: من أشعر النّاس ؟ فذكر شُعراء الجاهلية والإسلام، ثمّ إنّه سأل أبا الحسن "عليه السّلام"، فقال "عليه السّلام": الحماني حيث يقول:
لقد فاخرتنا من قُريش عصابة * بمدّ خدود وامتداد أصابع
فلمّا تنازعنا المقال قضى لنا * عليهم بما نهوى نداء الصّوامع
ترانا سكوتاً والشّهيد بفضلنا * عليهم جهير الصّوت في كلّ جامع
فـإنّ رسـول الله أحمـد جدّنا * ونحن بنـوه كالنّـجوم الطّوالع
قال: وما نداء الصّوامع يا أبا الحسن ؟ قال: أشهد أن لا إله إلاّ الله، وأشهد أنّ مُحمّداً رسول الله، جدّي أم جدّك ؟ فضحك المُتوكّل، ثمّ قال: هو جدّك لا ندفعك عنه.


كرامات الإمام الهادي عليه السّلام
1 - روى أنّه كان بأصبهان رجل يُدعى عبد الرّحمن، وكان له لسان وجرأة، وكان شيعيّاً، فقيل له: ما سبب تشيّعك وقولك بإمامة الهادي ؟
قال: أخرجني أهل أصفهان بسنة من السّنين، وذهبوا بي إلى باب المُتوكّل شاكين متظلمين، وفي ذات يوم ونحن وقوف بباب المُتوكّل ننتظر الإذن بالدّخول، إذ خرج الأمر بإحضار عليّ الهادي ، فقُلت لبعض من حضر: مَن هذا الرّجل الذي أمر الخليفة بإحضاره ؟
قال: رجل علوي، تقول الرّافضة بإمامته، ويُريد المُتوكّل قتله.
فقُلت في نفسي: لن أبرح حتى أنظر إليه، ولم يمض أمد من الوقت، حتى أقبل راكباً على فرس، وقد قام النّاس يمنة الطّريق ويسرتها صفّين ينظرون إليه، فلمّا رأيته وقع حبّه في قلبي، ودعوت له في نفسي أن يدفع الله عنه شرّ المُتوكّل.
وأقبل الإمام الهادي يسير بين النّاس، لا ينظر يمنة ولا يسرة، وأنا أكرر في نفسي الدّعاء، فلمّا صار بإزائي، أقبل بوجهه علي، وقال لي: قد استجاب الله دعاءك، وطوّل عمرك، وكثر مالك وولدك.
قال عبد الرّحمن: فارتعدت من هيبته، ووقعت بين أصحابي، فسألوني: ما شأنك ؟ فقُلت: خيراً. ولم أخبر بذلك مخلوقاً، فانصرفنا بعد ذلك إلى أصفهان، ففتح الله عليّ بدعائه، حتى أنا اليوم أغلق بابي على ألف ألف درهم، سوى أموالي التي خارج الدّار، ورُزقت عشرة من الأولاد، وقد بلغت الآن نيفاً وسبعين سنة.
2 - عن شيلمة الكاتب، وكان قد عمل أخبار سر من رأى، قال: كان المُتوكّل ركب إلى الجامع، ومعه عدد ممّن يصلح للخطابة، وكان فيهم رجل من ولد العبّاس بن مُحمّد يُلقّب بهريسة، وكان المُتوكّل يحقّره، فتقدّم إليه أن يخطب يوماً فخطب وأحسن، فتقدّم المُتوكّل يُصلّي، فسابقه من قبل أن ينزل من المنبر، فجاء فجذب منطقته من ورائه، وقال: يا أمير المؤمنين، مَن خطب يُصلّي. فقال المُتوكّل: أردنا أن نخجله فأخجلنا. وكان أحد الأشرار، فقال يوماً للمُتوكّل: ما يعمل أحد بك أكثر ممّا تعمله بنفسك في عليّ بن مُحمّد، فلا يبقى في الدّار إلاّ من يخدمه، ولا يتبعونه بشيل ستر ولا فتح باب ولا شئ، وهذا إذا علمه النّاس قالوا: لو لم يعلم استحقاقه للامر ما فعل به هذا، دعه إذا دخل يشيل السّتر لنفسه ويمشي كما يمشي غيره، فتمسّه بعض الجفوة. فتقدّم ألاّ يُخدم ولا يُشال بين يديه ستر، وكان المُتوكّل ما رئي أحد ممّن يهتمّ بالخبر مثله. قال: فكتب صاحب الخبر إليه أنّ عليّ بن مُحمّد دخل الدّار، فلم يُخدم ولم يشل أحد بين يديه ستر، فهبّ هواء رفع السّتر له فدخل، فقال: اعرفوا خبر خروجه. فذكر صاحب الخبر أنّ هواء خالف ذلك الهواء شال السّتر له حتى خرج، فقال: ليس نُريد هواء يشيل السّتر، شيلوا السّتر بين يديه.

3 - أبو مُحمّد الفحام، قال: حدّثني المنصوري، عن عم أبيه، وحدّثني عمّي، عن كافور الخادم بهذا الحديث، قال: كان في الموضع مجاور الإمام من أهل الصّنائع صنوف من النّاس، وكان الموضع كالقرية، وكان يونس النّقاش يغشى سيّدنا الإمام ويخدمه، فجاءه يوماً يرعد، فقال له: يا سيّدي، أوصيك بأهلي خيراً. قال: وما الخبر ؟ قال: عزمت على الرّحيل. قال: ولِمَ يا يونس ؟ ـ وهو يتبسّم "عليه السّلام"ـ قال: قال يونس: ابن بغا وجّه إليّ بفصّ ليس له قيمة، أقبلت أنقشه فكسرته باثنين, وموعده غداً وهو موسى بن بغا، إمّا ألف سوط أو القتل. قال: امض إلى منزلك، إلى غد فرج، فما يكون إلاّ خيراً ؟ فلمّا كان من الغد وافى بكرة يرعد، فقال: قد جاء الرّسول يلتمس الفص. قال: امض إليه فما ترى إلاّ خيراً. قال: وما أقول له، يا سيّدي ؟ قال: فتبسّم وقال: امض إليه واسمع ما يخبرك به، فلن يكون إلاّ خيراً. قال: فمضى وعاد يضحك. قال: قال لي، يا سيّدي: الجواري اختصموا، فيمكنك أن تجعله فصّين حتى نُغنيك. فقال سيّدنا الإمام: اللّهمّ لك الحمد إذ جعلتنا ممّن يحمدك حقّاً، فأيّ شيء قُلت له ؟ قال: قُلت: أمهلني حتى أتأمّل أمره كيف أعمله. فقال: أصبت.
4 - عن مُحمّد بن الحسن الأشتر العلوي الحُسيني، قال: كنت مع أبي على باب المُتوكّل، وأنا صبي في جمع من النّاس في ما بين طالبي إلى عبّاسي إلى جعفري إلى غير ذلك، إذ جاء أبو الحسن عليّ بن مُحمّد "عليه السّلام" فترجّل النّاس كلّهم حتى دخل, فقال بعضهم لبعض: لِمَ نترجل لهذا الغلام ؟ فما هو بأشرفنا ولا بأكبرنا سنّاً ولا بأعلمنا !؟ فقالوا: والله لا ترجلنا له. فقال أبو هاشم الجعفري: والله لتترجلن له [ على ] صغره إذا رأيتموه. فما هو إلاّ أن طلع وبصروا به حتى ترجّل له النّاس كلّهم، فقال لهم أبو هاشم: ألستم زعمتم أنّكم لا تترجلون له ؟ فقالوا: ما ملكنا أنفسنا حتى ترجلنا.


معاجز الإمام الهادي عليه السّلام
1 - عن يحيى بن هرثمة، قال: أنا صحبت أبا الحسن "عليه السّلام" من المدينة إلى سر من رأى في خلافة المُتوكّل، فلمّا صرنا ببعض الطّريق عطشنا عطشاً " شديداً "، فتكلّمنا وتكلّم النّاس في ذلك، فقال أبو الحسن "عليه السّلام": الآن نصير إلى ماء عذب فنشربه. فما سرنا إلاّ قليلاً حتى صرنا إلى تحت شجرة ينبع منها ماء عذب بارد، فنزلنا عليه وارتوينا وحملنا معنا وارتحلنا، وكنت علقت سيفي على الشّجرة فنسيته. فلمّا صرت غير بعيد في بعض الطّريق ذكرته، فقُلت لغلامي: ارجع حتى تأتيني بالسّيف. فمرّ الغلام ركضاً، فوجد السّيف وحمله ورجع متحيّراً "، فسألته عن ذلك, فقال لي: إنّي رجعت إلى الشّجرة، فوجدت السّيف معلّقاً عليها، ولا عين ولا ماء ولا شجر، فعرفت الخبر، فصرت إلى أبي الحسن "عليه السّلام" فأخبرته بذلك، فقال: احلف أن لا تذكر ذلك لاحد. فقُلت: نعم.
2 - عن أبي هاشم الجعفري، قال: خرجت مع أبي الحسن "عليه السّلام" إلى سر من رأى نتلقى بعض القادمين فأبطأوا، فطرح لأبي الحسن "عليه السّلام" غاشية السّرج فجلس عليها، فنزلت عن دابتي وجلست بين يديه وهو يحدّثني، فشكوت إليه قصور يدي، فأهوى بيده إلى رمل كان عليه جالسا وناولني منه كفّاً وقال: اتسع بهذا يا أبا هاشم، واكتم ما رأيت. فجئت به معي ورجعنا, فأبصرته فإذا هو يتقد كالنيران ذهباً أحمر, فدعوت صائغاً إلى منزلي، وقُلت له: اسبك لي هذا. فسبكه وقال لي: ما رأيت ذهباً أجود منه، وهو كهيئة الرّمل، فمن أين لك هذا ؟ فما رأيت أعجب منه ! قُلت: هذا شئ كان عندنا قديماً تدخره لنا عجائزنا على طول الأيّام.
3 - عن أبي هاشم الجعفري, قال: حججت سنة حجّ فيها بغا، فلمّا صرت إلى المدينة إلى باب أبي الحسن "عليه السّلام", وجدته راكباً في استقبال بغا، فسلّمت عليه, فقال: إمض بنا إذا شئت. فمضيت معه حتى خرجنا من المدينة، فلمّا أصحرنا, التفت إلى غلامه وقال: اذهب فانظر في أوائل العسكر. ثمّ قال: انزل بنا يا أبا هاشم. قال: فنزلت وفي نفسي أن أسأله شيئاً وأنا أستحيي منه وأقدّم وأؤخّر, قال: فعمل بسوطه في الأرض خاتم سُليمان، فنظرت فإذا في آخر الأحرف مكتوب: خُذ. وفي الآخر: اكتم. وفي الآخر: اعذر. ثمّ اقتلعه بسوطه وناولنيه, فنظرت فإذا بنقرة صافية فيها أربعمئة مثقال، فقُلت: بأبي أنت وأُمّي ! لقد كنت شديد الحاجة إليها، وأردت كلامك وأقدّم وأؤخّر، والله أعلم حيث يجعل رسالته. ثمّ ركبنا.
4 - عن أبي هاشم الجعفري, قال: دخلت على أبي الحسن "عليه السّلام" فكلّمني بالهنديّة، فلم أحسن أن أرد عليه، وكان بين يديه ركوة ملاى حصا، فتناول حصاة واحدة فوضعها في فيه مليّاً، ثمّ رمى بها إليّ فوضعتها في فمي، فوالله ما رجعت من عنده حتى تكلّمت بثلاث وسبعين لساناً، أوّلها الهنديّة.
5 - عن المنتصر بن المُتوكّل, قال: زرع والدي الاس في بستان وأكثر منه، فلمّا استوى الاس كلّه وحسن، أمر الفراشين أن يفرشوا له على دكان في وسط البستان وأنا قائم على رأسه، فرفع رأسه إليّ وقال: يا رافضي، سل ربّك الأسود عن هذا الأصل الأصفر ماله من بين ما بقي من هذا البستان قد اصفرّ، فإنّك تزعم أنّه يعلم الغيب. فقلت: يا أمير المؤمنين، إنّه ليس يعلم الغيب. فأصبحت [ وغدوت ] إلى أبي الحسن "عليه السّلام" من الغد وأخبرته بالأمر، فقال: يا بُني، امض أنت واحفر الأصل الأصفر, فإنّ تحته جمجمة نخرة، واصفراره لبخارها ونتنها. قال: ففعلت ذلك فوجدته كما قال "عليه السّلام"، ثمّ قال لي: يا بُني, لا تخبرن أحداً بهذا الأمر إلاّ لِمَن يحدّثك بمثله.
6 - عن أبي هاشم الجعفري، قال: كُنت بالمدينة حين مرّ بها بغا أيّام الواثق في طلب الأعراب، فقال أبو الحسن "عليه السّلام": أخرجوا بنا حتى ننظر إلى لُغة هذا التّركي. فمرّ بنا تركي وكلّمه أبو الحسن "عليه السّلام" بالتركيّة، فنزل عن فرسه وقبّل حافر دابته. قال: فحلف التركي وقُلت له: ما قال الرّجل لك ؟ قال: هذا نبيّ ؟ فقُلت: هذا ليس نبيّاً. قال: دعاني باسم سُميت به في صغري في بلاد التّرك، وما علمه أحد إلى السّاعة.
7 - عن الحسن بن مُحمّد بن جمهور العمي، قال: سمعت من سعيد الصّغير الحاجب قال: دخلت على سعيد بن صالح الحاجب فقلت: يا أبا عثمان قد صرت من أصحابك، وكان سعيد يتشيع. فقال: هيهات. قُلت: بلى والله. فقال: وكيف ذلك ؟ قُلت: بعثني المُتوكّل وأمرني أن أكبس على عليّ بن مُحمّد بن الرّضا "عليهم السّلام" فأنظر ما فعل، ففعلت ذلك فوجدته يُصلّي، فبقيت قائما " حتى فرغ، فلمّا انفتل من صلاته, أقبل عليّ وقال: يا سعيد, لا يكّف عني جعفر - أي المُتوكّل الملعون - حتى يُقطّع إرباً إرباً, اذهب واعزب. وأشار بيده الشّريفة، فخرجت مرعوباً، ودخلني من هيبته ما لا أحسن أن أصفه، فلمّا رجعت إلى المُتوكّل, سمعت الصّيحة والواعية، فسألت عنه, فقيل: قُتل المُتوكّل. فرجعنا وقُلت بها.
8 - عن عبد الله بن طاهر، قال: خرجت إلى سر من رأى لأمر من الأمور أحضرني المُتوكّل، فأقمت مدّة ثمّ ودّعت وعزمت على الانحدار إلى بغداد، فكتبت إلى أبي الحسن "عليه السّلام" أستأذنه في ذلك وأودّعه، فكتب لي: فإنّك بعد ثلاث يحتاج إليك ويحدث أمران. فانحدرت واستحسنته، فخرجت إلى الصّيد ونسيت ما أشار إليّ أبو الحسن "عليه السّلام"، فعدلت إلى المطيرة وقد صرت إلى مصري وأنا جالس مع خاصتي إذ ثمانية فوارس يقولون: أجب أمير المؤمنين المنتصر. فقُلت: ما الخبر ؟ فقالوا: قُتل المُتوكّل، وجلس المنتصر، واستوزر أحمد بن مُحمّد بن الخصيب. فقمت من فوري راجعاً.
9 - عن الطّيب بن مُحمّد بن الحسن بن شمون, قال: ركب المُتوكّل ذات يوم وخلفه النّاس وركب آل أبي طالب إلى أبي الحسن "عليه السّلام" ليركبوا بركوبه, فخرج في يوم صائف شديد الحر والسّماء صافية ما فيها غيم، وهو "عليه السّلام" معقود ذنب الدّابة بسرج جلود طويل وعليه ممطر وبرنس، فقال زيد بن موسى بن جعفر لجماعة آل أبي طالب: انظروا إلى هذا الرّجل يخرج مثل هذا اليوم كأنّه وسط الشّتاء. قال: فساروا جميعاً, فما جاوزوا الجسر ولا خرجوا عنه حتى تغيّمت السّماء وأرخت عزاليها كأفواه القرب، وابتلّت ثياب النّاس، فدنا منه زيد بن موسى بن جعفر وقال: يا سيّدي، أنت قد علمت أنّ السّماء قد تمطر, فهلا أعلمتنا فقد هلكنا وعطبنا.
10 - عن موسى بن جعفر البغدادي, قال: كانت لي حاجة أحببت أن اكتب إلى العسكري "عليه السّلام"، فسألت مُحمّد بن عليّ بن مهزيار أن يكتب في كتابه إليه بحاجتي؛ فإنّي كتبت إليه كتاباً ولم أذكر فيه حاجتي، بل بيّضت موضعها، فورد الكتاب في حاجتي مفسّراً في كتاب لمُحمّد بن إبراهيم الحمصي.
11 - عن صالح بن سعيد, قال: دخلت على أبي الحسن "عليه السّلام" في يوم وروده سر من رأى وهو في خان الصّعاليك، فقُلت له: جُعلت فداك ! في كلّ الأمور أرادوا إطفاء نورك والنّقص بك حتى أنزلوك في هذا الخان الأشنع خان الصّعاليك. فقال: ها هُنا أنت يابن سعيد. ثمّ أومأ بيده الشّريفة, فإذا أنا بروضات أنيقات، وأنهار جاريات، وجنّات فيها خيرات عطرات، وولدان كأنّهن اللؤلؤ المكنون، فحار بصري، وكثر عجبي, فقال لي: حيث كنّا فهذا لنا عتيد يابن سعيد، لسنا في خان الصّعاليك.
13- عن إبراهيم بن بلطون، عن أبيه قال: كُنت أحجب المُتوكّل، فأُهدي له خمسون غلاماً من الخزر, فأمرني أن أتسلمهم وأحسن إليهم، فلمّا تمّت سنة كاملة كنت واقفاً بين يديه, إذ دخل عليه أبو الحسن عليّ بن مُحمّد النّقي "عليهما السّلام"، فلمّا أخذ مجلسه, أمرني أن أخرج الغلمان من بيوتهم، فأخرجتهم، فلمّا بصروا بأبي الحسن "عليه السّلام" سجدوا له بأجمعهم، فلم يتمالك المُتوكّل أن قام يجرّ رجليه حتى توارى خلف السّتر، ثمّ نهض أبو الحسن "عليه السّلام", فلمّا عَلِم المُتوكّل بذلك, خرج إليّ وقال: ويلك يا بلطون، ما هذا الذي فعل هؤلاء الغلمان ؟ فقُلت: لا والله ما أدري. قال: سلهم. فسألتهم عمّا فعلوا, فقالوا: هذا رجل يأتينا كلّ سنة فيعرض علينا الدّين، ويُقيم عندنا عشرة أيّام وهو وصي نبيّ المُسلمين. فأمرني بذبحهم، فذبحتهم عن آخرهم, فلمّا كان وقت العتمة, صرت إلى أبي الحسن "عليه السّلام"، فإذا خادم على الباب فنظر إليّ، فلمّا بصر بي قال: ادخل. فدخلت فإذا هو "عليه السّلام" جالس, فقال: يا بلطون ما صنع القوم ؟ فقُلت: يا بن رسول الله, ذُبحوا والله عن آخرهم. فقال لي: كلّهم ؟ فقُلت: إي والله. فقال "عليه السّلام": أتحبّ أن تراهم ؟ قُلت: نعم يا بن رسول الله. فأومأ بيده أن ادخل السّتر، فدخلت, فإذا أنا بالقوم قعود وبين أيديهم فاكهة يأكلون.


حِكم الإمام الهادي عليه السّلام
1 - أبقوا النّعم بحسن مجاورتها، والتمسوا الزّيادة فيها بالشّكر عليها.
2 - إذا كُنتم في زمان العدل فيه أغلب من الجور، فحرام أن يظنّ أحد بأحد سوءاً حتى يعلم ذلك منه، وإذا كُنتم في زمان الجور فيه أغلب من العدل، فليس لأحد أن يظنّ بأحد خيراً ما لم يعلم ذلك منه.
3 - اذكر حسرات التّفريط بأخذ تقديم الحزم.
4 - اذكر مصرعك بين يدي أهلك، فلا طبيب يمنعك، ولا حبيب ينفعك.
5 - اعلموا أنّ النّفس أقبل شيء لمّا أُعطيت، وأمنع شيء لمّا مُنعت.
6 - إنّ الله جعل الدّنيا دار بلوى، والآخرة دار عُقبى، وجعل بلوى الدّنيا لثواب الآخرة سبباً، وثواب الآخرة من بلوى الدّنيا عوضاً.
7 - إنّ الرّجل ليكون قد بقي من أجله ثلاثون سنة، فيكون وصولاً لقرابته وصولاً لرحمه، فيجعلها الله ثلاثة وثلاثين سنة، وإنّه ليكون قد بقي من أجله ثلاث وثلاثون سنة, فيكون عاقّاً لقرابته قاطعاً لرحمه، فيجعلها الله ثلاث سنين.
8 - إنّ الظّالم الحالم يكاد أن يعفى على ظلمه بحلمه، وإنّ المُحق السّفيه يكاد أن يطفئ نور حقّه بسفهه.
9 - إنّ لله بقاعاً يحبّ أن يُدعى فيها فيستجيب لِمن دعاه، والحائر منها.
10 - إنّ من الغرّة بالله أن يصرّ العبد على المعصية، ويتمنّى على الله المغفرة.
11 - إيّاكم والحسد، فإنّه يبين فيكم ولا يعمل في عدوكم.
12 - أورع النّاس من وقف عند الشّبهة، وأعبد النّاس من أقام الفرائض، وأزهد النّاس من ترك الحرام.
13 - بئس العبد عبد يكون ذا وجهين وذا لسانين، يطري أخاه شاهداً، ويأكله غائباً.
14 - البخل أذمّ الأخلاق، والطّمع سجية سيئة.
15 - الجاهل أسير لسانه.
16 - الجهل والبخل أذمّ الأخلاق.
17 - الحسد ماحق الحسنات، والزّهو جالب المقت، والعجب صارف عن طلب العلم داع إلى الغمط.
18 - حسن الصّورة جمال ظاهر، وحسن العقل جمال باطن.
19 - الحكمة لا تنجع في الطّباع الفاسدة.
20 - الحلم أن تملك نفسك، وتكظم غيظك مع القدرة عليه.
21 - خير من الخير فاعله، وأجمل من الجميل قائله، وأرجح من العلم حامله، وشرّ من الشّرّ جالبه، وأهول من الهول راكبه.
22 - الدّنيا سوق، ربح فيها قوم وخسر آخرون.
23 - راكب الحرون أسير نفسه، والجاهل أسير لسانه.
24 - السّهر ألذّ للمنام، والجوع يزيد في طيب الطّعام.
25 - الشّاكر أسعد بالشّكر منه بالنّعمة التي أوجبت الشّكر؛ لأنّ النّعم متاع، والشّكر نعم وعقبى.
26 - شرّ الرّزية سوء الخُلق.
27 - صلاح من جهل الكرامة هوانه.
28 - العتاب مفتاح التّقالي، والعتاب خير من الحقد.
29 - العجب صارف عن طلب العلم وتهذيب النّفس، ويجعله يرتطم في الجهل.
30 - العقوق يعقب القلّة، ويؤدي إلى الذّلة.
31 - الغضب على مَن تملّك لؤم.
32 - الغنى قلّة تمنيك، والرّضا بما يكفيك.
33 - الفقر شره النّفس وشدّة القنوط.
34 - الكفر للنعم أمارة البطر، وسبب للتغيير.
35 - لا نجع في الطّبائع الفاسدة.
36 - اللجاجة مسلبة للسلامة، ومؤدية للندامة.
37 - ما استراح ذو الحرص والحكمة.
38 - مخالطة الأشرار تدل على شرّ من يخالطهم.
39 - المراء يفسد الصّداقة القديمة، ويحلل العقدة الوثيقة، وأقلّ ما فيه أن تكون فيه المغالبة، والمغالبة أُسّ أسباب القطيعة.
40 - المصيبة للصابر واحدة، وللجازع اثنتان.
41 - المقادير تريك ما لم يخطر ببالك.
42 - مَن اتقى الله يُتقى، ومَن أطاع الله يُطاع، ومَن أطاع الخالق لم يُبال بسخط المخلوقين، ومَن أسخط الخالق فلييقن أن يحلّ به سخط المخلوقين.
43 - مَن أمن مكر الله أخذه تكبّر حتى يحلّ به قضاؤه ونافذ أمره.
44 - مَن جمع لك ودّه ورأيه، فاجمع له طاعتك.
45 - مَن رضي عن نفسه كثر السّاخطون عليه.
46 - مَن سأل فوق قدر حقّه، فهو أولى بالحرمان.
47 - مَن كان على بيّنة من ربّه هانت عليه مصائب الدّنيا ولو قُرض ونشر.
48 - مَن لم يحسن أن يمنع، لم يحسن أن يعطي.
49 - مَن هانت عليه نفسه، فلا تأمن شرّه.
50 - النّاس في الدّنيا بالأموال، وفي الآخرة بالأعمال.
51 - الهزل فكاهة السّفهاء، وصناعة الجهّال.
52 - عن سهل بن زياد، قال: كتب إليه "عليه السّلام" بعض أصحابنا يسأله أن يعلمه دعوة جامعة للدُنيا والآخرة، فكتب إليه: أكثر من الاستغفار والحمد، فإنّك تدرك بذلك الخير كلّه.
53 - قال يحيى بن عبد الحميد: سمعت أبا الحسن الهادي "عليه السّلام" يقول لرجل ذمّ إليه ولداً له, فقال: العقوق ثكل من لم يثكل.
54 - وعن الدّرّة الباهرة، قال أبو الحسن الثّالث "عليه السّلام" لرجل وقد أكثر من إفراط الثّناء عليه: أقبل على شأنك، فإنّ كثرة الملق يهجم عليّ الظّنّة، وإذا حللت من أخيك في محل الثّقة، فاعدل عن الملق إلى حسن النّيّة.
55 - وقال "عليه السّلام" للمُتوكّل في حوار جرى بينهما: لا تطلب الصّفاء ممّن كدرت عليه عيشه، ولا الوفاء ممّن غدرت به، ولا النّصح ممّن صرفت سوء ظنّك إليه، فإنّما قلب غيرك لك كقلبك له.
56 - وقال "عليه السّلام" لبعض مواليه: عاتب فلاناً، وقُل له: إنّ الله إذا أراد بعبد خيراً، إذا عوتب قَبِل.
57 - وعن أبي هاشم الجعفري، قال: أصابتني ضيقة شديدة، فصرت إلى أبي الحسن عليّ بن مُحمّد "عليه السّلام" فأذن لي، فلمّا جلست, قال: يا أبا هاشم، أيّ نعم الله عزّ وجلّ عليك تريد أن تؤدّي شكرها ؟ قال أبو هاشم: فوجمت فلم أدر ما أقول له، فابتدأ "عليه السّلام" فقال: رزقك الإيمان فحرّم به بدنك على النّار، ورزقك العافية فأعانتك على الطّاعة، ورزقك القنوع فصانك عن التّبذّل, يا أبا هاشم، إنّما ابتدأتك بهذا؛ لأنّي ظننت أنّك تُريد أن تشكو إليّ مَن فعل بك هذا، وقد أمرت لك بمئة دينار فخذها.
58 - وسُئل "عليه السّلام" عن الحزم، فقال "عليه السّلام": هو أن تنظر فرصتك وتعاجل ما أمكنك.
59 - وقال "عليه السّلام": إنّ الله يحبّ الجمال والتّجمّل، ويكره البؤس والتّباؤس، فإنّ الله عزّ وجلّ إذا أنعم على عبده نعمة أحبّ أن يرى عليه أثرها. فقيل له: وكيف ذلك، يا بن رسول الله ؟ قال "عليه السّلام": ينظّف ثوبه، ويطيّب ريحه، ويحسن داره، ويكنس أفنيته، حتى إنّ السّراج قبل مغيب الشّمس ينفي الفقر، ويزيد في الرّزق.
60 - وعن أحمد بن هلال، قال: سألت أبا الحسن الأخير "عليه السّلام" عن التّوبة النّصوح ما هي ؟ فكتب "عليه السّلام": أن يكون الباطن كالظّاهر، وأفضل من ذلك.
61 - عن مُحمّد بن الفرج، عن أبي دعامة، أنّه قال: أتيت عليّ بن مُحمّد بن عليّ بن موسى "عليه السّلام" عائداً في علّته التي كانت وفاته منها، فلمّا هممت بالانصراف, قال لي: يا أبا دعامة، قد وجب حقّك عليّ، أفلا أحدّثك بحديث تسرّ به ؟ فقُلت: ما أحوجني إلى ذلك يا بن رسول الله ! قال: حدّثني أبي مُحمّد بن عليّ، عن أبيه عليّ، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن مُحمّد، عن أبيه مُحمّد بن عليّ، عن أبيه عليّ بن الحُسين، عن أبيه الحُسين بن عليّ، عن عليّ "عليه السّلام"، أنّ النّبيّ "صلّى الله عليه وآله" قال له: اكتب يا علي. قال: قُلت: وما أكتب ؟ قال لي: اكتب بسم الله الرّحمن الرّحيم، الإيمان ما وقّرته القلوب، وصدّقته الأعمال، والإسلام ما جرى به اللسان، وحلّت به المناكحة. فقُلت: يا بن رسول الله، ما أدري والله أيّهما أحسن: الحديث، أم الإسناد ؟ فقال: إنّها لصحيفة بخط عليّ بن أبي طالب، وإملاء رسول الله "صلّى الله عليه وآله"، نتوارثها صاغراً عن كابر.
62 - عن الشّيخ عبد الله بن مُحمّد بن عُبيد الله، قال: سمعت العبد الصّالح عليّ بن مُحمّد بن عليّ الرّضا "عليه السّلام" بسر من رأى يذكر عن آبائه "عليهم السّلام"، قال: قال أمير المؤمنين "صلوات الله عليه": العلم وراثة كريمة، والآداب حلل حسان، والفكرة مرآة صافية، والاعتبار منذر ناصح، وكفى بك أدباً لنفسك تركك ما كرهته من غيرك.


عبادة الإمام الهادي عليه السّلام
1 - عندما أمر المُتوكّل بتفتيش دار الإمام الهادي"عليه السّلام" في سامراء، اقتحم سعيد الحاجب دار الإمام، قال سعيد: فنزلت فوجدت عليه جبّة صوف وقلنسوة منها، وسجادته على حصير بين يديه وهو مقبل على القبلة.
2 - في مرّة أُخرى هوجمت دار الإمام "عليه السّلام" من قبل جند المُتوكّل الأتراك، فوصف أصحاب السّير حال الإمام "عليه السّلام" حين هوجم ليلاً وفتّشت داره, حيث قالوا: وجدوه في بيت مغلق عليه، وعليه مدرعة من صوف، وهو جالس على الرّمل والحصى، وهو متوجه إلى الله تعالى يتلو آيا من القرآن الكريم.
3 - عن يحيى بن عبد الرّحمن بن خاقان، قال: رأيت أبا الحسن الثّالث "عليه السّلام" سجد سجدة الشّكر، فافترش ذراعيه، فألصق جؤجؤه وبطنه بالأرض، فسألته عن ذلك، فقال: كذا نحبّ.
4 - عن حفص الجوهري، قال: صلّى بنا أبو الحسن عليّ بن مُحمّد "عليه السّلام" صلاة المغرب، فسجد سجدة الشّكر بعد السّابعة، فقُلت له "عليه السّلام": كان آباؤك يسجدون بعد الثّلاثة ؟ فقال "عليه السّلام": ما كان أحد من آبائي يسجد إلاّ بعد السّابعة.
5 - وكان "عليه السّلام" يقرأ في الرّكعة الثّالثة من نافلة المغرب سورة الحمد وأوّل سورة الحديد إلى قوله تعالى: إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ. ويقرأ في الرّكعة الرّابعة سورة الحمد وآخر سورة الحشر.
6 - ونُسبت إليه صلاة نافلة كان "عليه السّلام" يُصلّي فيها ركعتين، يقرأ في الأولى الفاتحة وياسين، وفي الثّانية سورة الفاتحة وسورة الرّحمن.


أدعية الإمام الهادي عليه السّلام
1 - من أدعية الإمام الهادي "عليه السّلام": الحمد لله الذي لا من شيء كان، ومن لا شيء كوّن ما قد كان، مستشهداً بحدوث الأشياء على أزليته، وبما وسمها به من العجز على قدرته، وبما اضطرّها إليه من الفناء على دوامه.
2 - عن دعوات الرّاوندي بالإسناد، قال: تسبيح عليّ بن مُحمّد "عليه السّلام": سُبحان من هو دائم لا يسهو، سُبحان من هو قائم لا يلهو، سُبحان من هو غني لا يفتقر، سُبحان الله وبحمده.
3 - وروى الشّيخ الطّوسي في الأمالي بالإسناد عن المنصوري، عن عم أبيه - في حديث طويل - قال: قُلت للإمام الهادي "عليه السّلام": يا سيّدي، فتعلمني دعاء أختصّ به من الأدعية. فقال "عليه السّلام": هذا الدّعاء كثيراً ما أدعو الله به، وقد سألت الله أن لا يخيب من دعا به في مشهدي بعدي، وهو: يا عدّتي عند العدد، ويا رجائي والمعتمد، ويا كهفي والسّند، ويا واحد يا أحد، يا قُل هو الله أحد، أسألك اللّهمّ بحقّ من خلقته من خلقك، ولم تجعل في خلقك مثلهم أحداً، أن تُصلي عليهم، وتفعل بي كيت وكيت.
4 - كان "عليه السّلام" يقنت في صلاته بالدّعاء التّالي: مناهل كراماتك بجزيل عطياتك مترعة، وأبواب مناجاتك لِمن أمك مشرعة، وعطوف لحظاتك لِمن ضرع إليك غير منقطعة، وقد ألجم الحذار، واشتدّ الاضطرار، وعجز عن الاصطبار أهل الانتظار، وأنت اللّهمّ بالمرصد من المكار، اللّهمّ وغير مهمل مع الإمهال, واللائذ بك آمن، والرّاغب إليك غانم، والقاصد اللّهمّ لبابك سالم، اللّهمّ فعاجل من قد استنّ في طغيانه، واستمرّ على جهالته لعقباه في كفرانه، وأطمعه حلمك عنه في نيل إرادته، فهو يتسرع إلى أوليائك بمكارهه، ويواصلهم بقبائح مراصده، ويقصدهم في مظانهم بأذيته. اللّهمّ اكشف العذاب عن المؤمنين، وابعثه جهرة على الظّالمين، اللّهمّ اكفف العذاب عن المستجيرين، واصببه على المغترّين، اللّهمّ بادر عصبة الحقّ بالعون، وبادر أعوان الظّلم بالقصم، اللّهمّ أسعدنا بالشّكر، وامنحنا النّصر، وأعذنا من سوء البداء والعاقبة والختر.
5 - وروي عنه قنوت آخر كان يدعو به "عليه السّلام" في صلاته: يا مَن تفرّد بالرّبوبية، وتوحّد بالوحدانية، يا من أضاء باسمه النّهار، وأشرقت به الأنوار، وأظلم بأمره حندس الليل، وهطل بغيثه وابل السّيل. يا من دعاه المضطرون فأجابهم، ولجأ إليه الخائفون فأمنهم، وعبده الطّائعون فشكرهم، وحمده الشّاكرون فأثابهم، ما أجلّ شأنك، وأعلى سُلطانك، وأنفذ أحكامك. أنت الخالق بغير تكلّف، والقاضي بغير تحيّف, حجّتك البالغة، وكلمتك الدّامغة، بك اعتصمت وتعوذت من نفثات العندة، ورصدات المُلحدة، الذين ألحدوا في أسمائك، ورصدوا بالمكاره لأوليائك، وأعانوا على قتل أنبيائك وأصفيائك، وقصدوا لإطفاء نورك بإذاعة سرّك، وكذّبوا رسلك، وصدّوا عن آياتك، واتخذوا من دونك ودون رسولك ودون المؤمنين وليجة؛ رغبة عنك، وعبدوا طواغيتهم وجوابيتهم بدلاً منك، فمننت على أوليائك بعظيم نعمائك، وجدت عليهم بكريم آلائك، وأتممت لهم ما أوليتهم بحُسن جزائك، حفظاً لهم من معاندة الرّسل، وضلال السّبل، وصدقت لهم بالعهود ألسنة الإجابة، وخشعت لك بالعقود قلوب الإنابة.
أسألك اللّهمّ باسمك الذي خشعت له السّماوات والأرض، وأحييت به موات الأشياء، وأمتّ به جميع الأحياء، وجمعت به كلّ متفرّق، وفرّقت به كلّ مجتمع، وأتممت به الكلمات، وأريت به كُبرى الآيات، وتبت به على التوّابين، وأخسرت به عمل المفسدين، فجعلت عملهم هباء منثوراً وتبّرتهم تتبيراً, أن تصلّي على مُحمّد وآل مُحمّد، وأن تجعل شيعتي من الذين حملوا فصدقوا، واستنطقوا فنطقوا، آمنين مأمونين.
اللّهمّ إنّي أسألك لهم توفيق أهل الهُدى، وأعمال أهل اليقين، ومناصحة أهل التّوبة، وعزم أهل الصّبر، وتقية أهل الورع، وكتمان الصّديقين حتى يخافوك.
اللّهمّ مخافة تعجزهم عن معاصيك، وحتى يعملوا بطاعتك لينالوا كرامتك، وحتى يناصحوا لك وفيك خوفاً منك، وحتى يخلصوا لك النّصيحة في التّوبة حبّاً لهم، فتوجب لهم محبّتك التي أوجبتها للتوّابين، وحتى يتوكّلوا عليك في أُمورهم كلّها حسن ظنّ بك، وحتى يفوضوا إليك أمورهم ثقة بك. اللّهمّ لا تنال طاعتك إلاّ بتوفيقك، ولا تنال درجة من درجات الخير إلاّ بك.
اللّهمّ يا مالك يوم الدّين، العالم بخفايا صدور العالمين، طهّر الأرض من نجس أهل الشّرك، وأخرس الخرّاصين عن تقوّلهم على رسولك الإفك.
اللّهمّ اقصم الجبّارين، وأبر المفترين والأفّاكين الذين إذا تُتلى عليهم آيات الرّحمان قالوا أساطير الأوّلين، وأنجز لي وعدك إنّك لا تخلف الميعاد، وعجّل فرج كلّ طالب مرتاد، إنّك لبالمرصاد للعباد.
وأعوذ بك من كلّ لبس ملبوس، ومن كلّ قلب عن معرفتك محبوس، ومن نفس تكفر إذا أصابها بؤس، ومن واصف عدل عمله عن العدل معكوس، ومن طالب للحقّ وهو عن صفات الحقّ منكوس، ومن مكتسب إثم بإثمه مركوس، ومن وجه عند تتابع النّعم عليه عبوس، أعوذ بك من ذلك كلّه، ومن نظيره وأشكاله وأمثاله إنّك عليم حكيم.


مناظرات الإمام الهادي عليه السّلام
1 - قال موسى بن مُحمّد بن الرّضا: لقيت يحيى بن أكثم في دار العامّة، فسألني عن مسائل، فجئت إلى أخي عليّ بن مُحمّد "عليه السّلام" فدار بيني وبينه من المواعظ ما حملني وبصرني طاعته، فقُلت له: جُعلت فداك، إنّ ابن أكثم كتب يسألني عن مسائل لأفتيه فيها.
فضحك "عليه السّلام" ثمّ قال: فهل أفتيته ؟ قُلت: لا، لم أعرفها.
قال "عليه السّلام": وما هي ؟
قُلت: كتب يسألني عن قول الله: قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنْ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ. نبيّ الله كان محتاجاً إلى علم آصف ؟
وعن قوله: وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا. سجد يعقوب وولده ليوسف وهم أنبياء ؟
وعن قوله: فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ. مَن المُخاطب بالآية ؟ فإن كان المُخاطب النّبيّ "صلّى الله عليه وآله" فقد شكّ، وإن كان المُخاطب غيره فعلى مَن إذاً أنزل الكتاب ؟
وعن قوله: وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلاَمٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ. ما هذه الأبحر، وأين هي ؟
وعن قوله: وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الأَنفُسُ وَتَلَذُّ الأَعْيُنُ. فاشتهت نفس آدم "عليه السّلام" أكل البر فأكل وأطعم، وفيها ما تشتهي الأنفس، فكيف عوقب ؟
وعن قوله: أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا. يزوج الله عباده الذّكران، وقد عاقب قوماً فعلوا ذلك ؟
وعن شهادة المرأة جازت وحدها، وقد قال الله: وَأَشْهِدُوا ذَوَى عَدْلٍ مِنْكُمْ ؟
وعن الخُنثى وقول عليّ "عليه السّلام": يورث من المال. فمَن ينظر إذا بال إليه ؟ مع أنّه عسى أن يكون امرأة وقد نظر إليه الرّجال، أو عسى أن يكون رجُلاً وقد نظرت إليه النّساء، وهذا ما لا يحلّ، وشهادة الجار إلى نفسه لا تُقبل.
وعن رجل أتى إلى قطيع غنم، فرأى الرّاعي ينزو على شاة منها، فلمّا أبصر بصاحبها خلّى سبيلها، فدخلت بين الغنم، كيف تُذبح، وهل يجوز أكلها أم لا ؟
وعن صلاة الفجر لِمَ يجهر فيها بالقراءة وهي من صلاة النّهار، وإنّما يجهر في صلاة الليل ؟
وعن قول عليّ "عليه السّلام" لابن جرموز: بشّر قاتل ابن صفية بالنّار. فلم يقتله وهو إمام ؟
وأخبرني عن عليّ "عليه السّلام" لِمَ قتل أهل صفّين، وأمر بذلك مقبلين ومدبرين، وأجاز على الجرحى, وكان حكمه يوم الجمل أنّه لم يقتل مولّياً، ولم يجز على جريح، ولم يأمر بذلك، وقال: مَن دخل داره فهو آمن، ومَن ألقى سلاحه فهو آمن ، لِمَ فعل ذلك ؟ فإن كان الحُكم الأوّل صواباً، فالثّاني خطأ.
وأخبرني عن رجل أقرّ باللواط على نفسه أيُحدّ، أم يُدرأ عنه الحدّ ؟
جواب الإمام الهادي "عليه السّلام" قال "عليه السّلام": اكتب إليه.
قُلت: وما أكتب ؟
قال "عليه السّلام": اكتب: بسم الله الرّحمن الرّحيم, وأنت - فألهمك الله الرّشد - أتاني كتابك، فامتحنتنا به من تعنّتك؛ لتجد إلى الطّعن سبيلاً إن قصرنا فيها، والله يكافيك على نيّتك، وقد شرحنا مسائلك، فأصغ إليها سمعك، وذلّل لها فهمك، واشغل بها قلبك، فقد لزمتك الحجّة والسّلام.
سألت عن قول الله جلّ وعزّ: قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنْ الْكِتَابِ. فهو آصف بن برخيا، ولم يعجز سُليمان "عليه السّلام" عن معرفة ما عرف آصف، لكنّه صلوات الله عليه أحبّ أن يعرّف أُمّته من الجنّ والإنس أنّه الحجّة من بعده، وذلك من علم سُليمان "عليه السّلام" أودعه عند آصف بأمر الله، ففهمه ذلك؛ لئلاّ يختلف عليه في إمامته ودلالته، كما فهم سُليمان "عليه السّلام" في حياة داود "عليه السّلام"؛ لتُعرف نبوته وإمامته من بعده لتؤكّد الحجّة على الخلق.
وأمّا سجود يعقوب "عليه السّلام" وولده، فكان طاعة لله ومحبّة ليوسف "عليه السّلام"، كما أنّ السّجود من الملائكة لآدم "عليه السّلام" لم يكُن لآدم "عليه السّلام" وإنّما كان ذلك طاعة لله ومحبّة منهم لآدم "عليه السّلام"، فسجود يعقوب "عليه السّلام" وولده ويوسف "عليه السّلام" معهم كان شكراً لله باجتماع شملهم، ألم تر يقول في شكره ذلك الوقت: رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنْ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ ... إلى آخر الآية.
وأمّا قوله: فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ. فإنّ المُخاطب به رسول الله "صلّى الله عليه وآله" ولم يكُن في شكّ ممّا أُنزل إليه، ولكن قالت الجهلة: كيف لم يبعث الله نبيّاً من الملائكة، إذ لم يفرّق بين نبيّه وبيننا في الاستغناء عن المآكل والمشارب والمشي في الأسواق، فأوحى الله إلى نبيّه: فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ. بمحضر الجهلة، هل بعث الله رسولاً قبلك إلاّ وهو يأكل الطّعام ويمشي في الأسواق ولك بهم أسوة، وإنّما قال: فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ. ولم يكُن شكّ، ولكن للنصفة، كما قال: تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ. ولو قال: عليكم, لم يجيبوا إلى المباهلة، وقد علم الله أنّ نبيّه يؤدّي عنه رسالاته، وما هو من الكاذبين، فكذلك عرف النّبيّ أنّه صادق في ما يقول، ولكن أحبّ أن ينصف من نفسه.
وأمّا قوله: وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلاَمٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ. فهو كذلك، لو أنّ أشجار الدّنيا أقلام والبحر يمدّه سبعة أبحر وانفجرت الأرض عيوناً، لنفدت قبل أن تنفد كلمات الله، وهي عين الكبريت، وعين التّمر، وعين برهوت، وعين طبرية، وحمة ماسبذان، وحمة إفريقية يُدعى لسنان، وعين بحرون، ونحن كلمات الله التي لا تنفد ولا تُدرك فضائلنا.
وأمّا الجنّة, فإنّ فيها من المآكل والمشارب والملاهي ما تشتهي الأنفس، وتلذّ الأعيُن، وأباح الله ذلك كُلّه لآدم "عليه السّلام"، والشّجرة التي نهى الله عنها آدم "عليه السّلام" وزوجته أن يأكلا منها شجرة الحسد، عهد إليهما أن لا ينظرا إلى من فضّل الله على خلائقه بعين الحسد، فنسي ونظر بعين الحسد، ولم يجد له عزماً.
وأمّا قوله: أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا. أي يولد له ذكوراً، ويولد له إناثاً، يُقال لكلّ اثنين مقرنين زوجان، كلّ واحد منهما زوج، ومعاذ الله أن يكون عنى الجليل ما لبست به على نفسك تطلب الرّخص لارتكاب المآثم : وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا. إن لم يتب.
وأمّا شهادة المرأة وحدها التي جازت، فهي القابلة، جازت شهادتها مع الرّضا، فإن لم يكن رضى فلا أقلّ من امرأتين, تقوم المرأتان بدل الرّجل للضرورة؛ لأنّ الرّجل لا يمكنه أن يقوم مقامها، فإن كانت وحدها قُبل قولها مع يمينها.
وأمّا قول عليّ "عليه السّلام" في الخُنثى فهي كما قال: ينظر قوم عدول يأخذ كلّ واحد منهم مرآة، وتقوم الخُنثى خلفهم عريانة، وينظرون في المرايا، فيرون الشّبح فيحكمون عليه.
وأمّا الرّجل النّاظر إلى الرّاعي وقد نزا على شاة، فإن عرفها ذبحها وأحرقها، وإن لم يعرفها قسّم الغنم نصفين، وساهم بينهما، فإذا وقع على أحد النّصفين فقد نجا النّصف الآخر، ثمّ يفرّق النّصف الآخر، فلا يزال كذلك حتى تبقى شاتان، فيُقرع بينهما، فأيّتها وقع السّهم بها ذُبحت وأُحرقت، ونجا سائر الغنم.
وأمّا صلاة الفجر، فالجهر فيها بالقراءة؛ لأنّ النّبيّ "صلّى الله عليه وآله" كان يغلس بها فقراءتها من الليل.
وأمّا قول عليّ "عليه السّلام": بشّر قاتل ابن صفية بالنّار. فهو لقول رسول الله "صلّى الله عليه وآله"، وكان ممّن خرج يوم النّهروان، فلم يقتله أمير المؤمنين "عليه السّلام" بالبصرة؛ لأنّه علم أنّه يُقتل في فتنة النّهروان.
وأمّا قولك: إنّ عليّاً "عليه السّلام" قتل أهل صفّين مُقبلين ومُدبرين، وأجاز على جريحهم، وإنّه يوم الجمل لم يتبع مولّياً، ولم يجز على جريح، ومَن ألقى سلاحه آمنه، ومن دخل داره آمنه، فإنّ أهل الجمل قُتل إمامهم، ولم تكُن لهم فئة يرجعون إليها، وإنّما رجع القوم إلى منازلهم غير محاربين ولا مخالفين ولا منابذين ، رضوا بالكفّ عنهم، فكان الحُكم فيهم رفع السّيف عنهم، والكفّ عن أذاهم، إذ لم يطلبوا عليه أعواناً، وأهل صفّين كانوا يرجعون إلى فئة مستعدّة, وإمام يجمع لهم السّلاح والدّروع والرّماح والسّيوف، ويسني لهم العطاء، يهيئ لهم الأنزال، ويعود مريضهم، ويجبر كسيرهم، ويداوي جريحهم، ويحمل راجلهم، ويكسو حاسرهم، ويردّهم فيرجعون إلى محاربتهم وقتالهم، فلم يساو بين الفريقين في الحُكم، لِما عُرف من الحُكم في قتال أهل التّوحيد، لكنّه شرح ذلك لهُم، فمن رغب عُرض على السّيف، أو يتوب من ذلك.
وأمّا الرّجل الذي اعترف باللواط، فإنّه لم تقم عليه بيّنة، وإنّما تطوّع بالإقرار من نفسه، وإذا كان للإمام الذي من الله أن يُعاقب عن الله، كان له أن يمنّ عن الله، أما سمعت قول الله: هَذَا عَطَاؤُنَا. الآية.
قد أنبأناك بجميع ما سألتنا عنه، فاعلم ذلك، والحمد لله ربّ العالمين.
2 - وروى ابن شهرآشوب نحو ما تقدّم مع اختلاف في أوّل الحديث، ونحن نورد أوّل الحديث عن المناقب؛ لأنّ آخره مُشابه لما أوردناه في الحديث الأوّل.
قال ابن شهرآشوب: قال المُتوكّل لابن السّكّيت: اسأل ابن الرّضا مسألة عوصاء بحضرتي. فسأله فقال: لِمَ بعث الله موسى "عليه السّلام" بالعصا، وبعث عيسى "عليه السّلام" بإبراء الأكمه والأبرص وإحياء الموتى، وبعث مُحمّداً "صلّى الله عليه وآله" بالقُرآن والسّيف ؟
فقال أبو الحسن "عليه السّلام": بعث الله موسى "عليه السّلام" بالعصا واليد البيضاء في زمان الغالب على أهله السّحر، فأتاهم من ذلك ما قهر سحرهم وبهرهم وأثبت الحجّة عليهم، وبعث عيسى "عليه السّلام" بإبراء الأكمه والأبرص وإحياء الموتى بإذن الله في زمان الغالب على أهله الطّب، فأتاهم من إبراء الأكمه والأبرص وإحياء الموتى بإذن الله فقهرهم وبهرهم، وبعث مُحمّداً "صلّى الله عليه وآله" بالقُرآن والسّيف في زمان الغالب على أهله السّيف والشّعر، فأتاهم من القُرآن الزّاهر والسّيف القاهر ما بهر به شعرهم، وقهر سيفهم، وأثبت الحجّة عليهم.
فقال ابن السّكّيت: فما الحجّة الآن ؟ قال: العقل، يُعرف به الكاذب على الله فيكذّب.
فقال يحيى بن أكثم: ما لابن السّكّيت ومناظراته، وإنّما هو صاحب نحو وشعر ولغة، ورفع قرطاساً فيه مسائل، فأملى عليّ بن مُحمّد "عليه السّلام" على ابن السّكّيت جوابها ... الحديث، وأورد بعدها المسائل وجوابها بنحو ما تقدّم في الحديث الأوّل.


النّصّ على إمامة الإمام الهادي عليه السّلام
فيما يلي بعض الرّوايات النّاصّة عليه "عليه السّلام" بالإمامة:
1 - عن إسماعيل بن مهران، قال: لمّا أُخرج أبو جعفر "عليه السّلام" من المدينة إلى بغداد في الدّفعة الأولى من خرجته، قُلت له عند خروجه: جُعلت فداك، إنّي أخاف عليك من هذا الوجه، فإلى مَن الأمر بعدك ؟ قال: فكرّ بوجهه إليّ ضاحكاً، وقال: ليس حيث ظننت في هذه السّنة. فلمّا اُستدعي به إلى المعتصم في المرّة الثّانية صرت إليه، فقُلت له: جُعلت فداك، أنت خارج، فإلى مَن هذا الأمر من بعدك ؟ فبكى حتى اُخضلت لحيته، ثمّ التفت إليّ فقال: عند هذه يُخاف عليّ، الأمر من بعدي إلى ابني عليّ.
2 - وعن الخيراني، عن أبيه، أنّه قال: كُنت ألزم باب أبي جعفر "عليه السّلام" للخدمة التي وكّلت بها، وكان أحمد بن مُحمّد بن عيسى الأشعري يجئ في السَّحر من آخر كلّ ليلة؛ ليتعرف خبر علّة أبي جعفر "عليه السّلام"، وكان الرّسول الذي يختلف بين أبي جعفر وبين الخيراني إذا حضر قام أحمد الأشعري وخلا به, قال الخيراني: فخرج ذات ليلة، وقام أحمد بن مُحمّد بن عيسى الأشعري عن المجلس وخلا بي الرّسول، واستدار أحمد فوقف حيث يسمع الكلام، فقال الرّسول: إنّ مولاك يقرأ عليك السّلام ويقول لك: إنّي ماض، والأمر صائر إلى ابني عليّ، وله عليكم بعدي ما كان لي عليكم بعد أبي. ثمّ مضى الرّسول ورجع أحمد إلى موضعه، فقال لي: ما الذي قال لك ؟ قُلت: خيراً، قال: قد سمعت ما قال. وأعاد عليّ ما سمع، فقُلت له: قد حرّم الله عليك ما فعلت؛ لأنّ الله تعالى يقول: وَلاَ تَجَسَّسُوا. فإذا سمعت فاحفظ الشّهادة لعلّنا نحتاج إليها يوماً ما، وإيّاك أن تظهرها إلى وقتها. قال: وأصبحت وكتبت نسخة الرّسالة في عشر رقاع، وختمتها ودفعتها إلى عشرة من وجوه أصحابنا، وقُلت: إن حدث بي حدث الموت قبل أن أطالبكم بها فافتحوها واعملوا بما فيها. فلمّا مضى أبو جعفر "عليه السّلام" لم أخرج من منزلي حتى عرفت أنّ رؤساء العصابة قد اجتمعوا عند مُحمّد بن الفرج يتفاوضون في الأمر، وكتب إليّ مُحمّد بن الفرج يعلمني باجتماعهم عنده, ويقول: لولا مخافة الشّهرة لصرت معهم إليك، فأحبّ أن تركب إليّ. فركبت وصرت إليه، فوجدت القوم مجتمعين عنده، فتجارينا في الباب، فوجدت أكثرهم قد شكوا، فقُلت لِِمن عنده الرّقاع ـ وهم حضور ـ أخرجوا تلك الرّقاع. فأخرجوها، فقُلت لهم: هذا ما أُمرت به. فقال بعضهم: قد كُنّا نحبّ أن يكون معك في هذا الأمر آخر ليتأكّد القول. فقُلت لهم: قد أتاكم الله بما تحبّون، هذا أبو جعفر الأشعري يشهد لي بسماع هذه الرّسالة فاسألوه. فسأله القوم، فتوقّف عن الشّهادة، فدعوته إلى المُباهلة، فخاف منها وقال: قد سمعت ذلك، وهي مكرمة كنت أحبّ أن تكون لرجل من العرب، فأمّا مع المُباهلة فلا طريق إلى كتمان الشّهادة. فلم يبرح القوم حتى اعترفوا بإمامة أبي الحسن وزال عنهم الرّيب في ذلك.
3 - وعن الصّقر بن دلف، قال: سمعت أبا جعفر مُحمّد بن عليّ الرّضا "عليه السّلام" يقول: إنّ الإمام بعدي ابني عليّ، أمره أمري، وقوله قولي، وطاعته طاعتي، والإمامة بعده في ابنه الحسن.
4 - عن أحمد بن مُحمّد بن عيسى، عن أبيه: أنّ أبا جعفر "عليه السّلام" لمّا أراد الخروج من المدينة إلى العراق ومعاودتها، أجلس أبا الحسن "عليه السّلام" في حجره بعد النّص عليه، وقال له: ما الذي تحبّ أن أهدي إليك من طرائف العراق ؟ فقال "عليه السّلام": سيفاً كأنّه شعلة نار. ثمّ التفت إلى موسى ابنه وقال له: ما تحبّ أنت ؟ فقال: فرساً. فقال "عليه السّلام": أشبهني أبو الحسن، وأشبه هذا أُمّه.
5 - وعن أُميّة بن عليّ القيسي، قال: قُلت لأبي جعفر الثّاني "عليه السّلام": مَن الخلف من بعدك ؟ قال: ابني عليّ.
6 - وعنه، قال: أخبرني مُحمّد بن إسماعيل بن بزيع أنّه حضر أُميّة بن عليّ وهو يسأل أبا جعفر الثّاني "عليه السّلام" عن ذلك, فأجاب بمثل ذلك الجواب.


النّصّ على الإمام من بعد الإمام الهادي عليهم السّلام
كان الإمام بعد أبي الحسن عليّ بن مُحمّد الهادي "عليه السّلام" ابنه أبا مُحمّد الحسن بن عليّ العسكري "عليه السّلام"؛ لنصّ أبيه "عليه السّلام" عليه، وإشارته بالخلافة إليه، وفيما يلي طرف من تلك الأخبار:
1 - عن يحيى بن يسار القنبري، قال: أوصى أبو الحسن عليّ بن مُحمّد [الهادي] إلى ابنه الحسن "عليه السّلام" قبل مضيه بأربعة أشهر، وأشار إليه بالأمر من بعده، وأشهدني على ذلك وجماعة من الموالي.
2 - عن عليّ بن عمرو النّوفلي، قال: كُنت مع أبي الحسن "عليه السّلام" في صحن داره، فمرّ بنا مُحمّد ابنه الخلف، فقُلت: جُعلت فداك، هذا صاحبنا بعدك ؟ فقال: لا، صاحبكم بعدي الحسن.
3 - عن عبد الله بن مُحمّد الأصبهاني، قال: قال أبو الحسن "عليه السّلام": صاحبكم بعدي الذي يصلّي عليّ. قال: ولم نكن نعرف أبا مُحمّد قبل ذلك، قال: فخرج أبو مُحمّد بعد وفاته "عليه السّلام" فصلّى عليه.
4 - عن عليّ بن جعفر، قال: كُنت حاضراً أبا الحسن "عليه السّلام" لمّا توفي ابنه مُحمّد فقال للحسن: يا بُني، أحدث لله شكراً، فقد أحدث فيك أمراً.
5 - وعن أحمد بن مُحمّد بن عبد الله بن مروان الأنباري، قال: كُنت حاضراً عند مضي أبي جعفر مُحمّد بن عليّ "عليه السّلام"، فجاء أبو الحسن "عليه السّلام" فوضع له كرسي فجلس عليه، وحوله أهل بيته، وأبو مُحمّد ابنه قائم في ناحية، فلمّا فرغ من أمر أبي جعفر, التفت إلى أبي مُحمّد "عليه السّلام"، فقال: يا بُني، أحدث لله شكراً، فقد أحدث فيك أمراً.
6 - وعن عليّ بن مهزيار، قال: قُلت لأبي الحسن "عليه السّلام": إن كان كون - وأعوذ بالله - فإلى مَن ؟ قال: عهدي إلى الأكبر من ولدي، يعني الحسن "عليه السّلام".
7 - عن عليّ بن عمرو العطار، قال: دخلت على أبي الحسن "عليه السّلام" وابنه أبو جعفر يحيا، وأنا أظنّ أنّه هو الخَلَف من بعده، فقُلت له: جُعلت فداك، من أخص من ولدك ؟ فقال: لا تخصّوا أحداً حتى يخرج إليكم أمري. قال: فكتبت إليه بعد: في مَن يكون هذا الأمر ؟ قال: فكتب إليّ: في الأكبر من ولدي. قال: وكان أبو مُحمّد "عليه السّلام" أكبر من جعفر.
8 - وعن سعد بن عبد الله، عن جماعة من بني هاشم منهم الحسن بن الحُسين الأفطس، أنّهم حضروا يوم توفّي مُحمّد بن عليّ بن مُحمّد "عليه السّلام" دار أبي الحسن "عليه السّلام" وقد بسط له في صحن داره، والنّاس جلوس حوله، فقالوا: قدّرنا أن يكون حوله من آل أبي طالب وبني العبّاس وقُريش مئة وخمسون رجلاً سوى مواليه وسائر النّاس، إذ نظر إلى الحسن بن عليّ "عليه السّلام" وقد جاء مشقوق الجيب حتى قام عن يمينه ونحن لا نعرفه، فنظر إليه أبو الحسن "عليه السّلام" بعد ساعة من قيامه، ثمّ قال له: يا بُني، أحدث لله شكراً فقد أحدث فيك أمراً. فبكى الحسن "عليه السّلام" واسترجع، فقال: الحمدُ لله ربّ العالمين، وإيّاه أسأل تمام نعمه علينا، إنّا لله وإنّا إليه راجعون. فسألناه عنه، فقيل لنا: هذا الحسن ابنه، فقدرنا له في ذلك الوقت عشرين سنة ونحوها، فيومئذ عرفناه وعلمنا أنّه قد أشار إليه بالإمامة، وأقامه مقامه.
9 - وعن مُحمّد بن يحيى، قال: دخلت على أبي الحسن "عليه السّلام" بعد مضي أبي جعفر ابنه، فعزيته عنه، وأبو مُحمّد جالس، فبكى أبو مُحمّد، فأقبل عليه أبو الحسن "عليه السّلام"، فقال: إنّ الله تعالى قد جعل فيك خلفاً منه، فأحمد الله عزّ وجلّ.
10 - وعن شاهويه بن عبد الله، قال: كتب إليّ أبو الحسن "عليه السّلام" في كتاب: أردت أن تسأل عن الخلف بعد أبي جعفر وقلقت لذلك، فلا تقلق فإنّ الله لا يضلّ قوماً بعد إذ هداهم حتى يُبين لهم ما يتّقون، صاحبك أبو مُحمّد ابني، وعنده ما تحتاجون إليه، يقدّم الله ما يشاء ويؤخّر ما يشاء: مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا.
11 - وعن داود بن القاسم الجعفري، قال: سمِعت أبا الحسن "عليه السّلام" يقول: الخلف من بعدي الحسن، فكيف لكُم بالخلف من بعد الخلف ؟ فقُلت: ولِم جعلني الله فداك ؟ فقال: إنّكم لا ترون شخصه، ولا يحلّ لكم ذكره باسمه. فقُلت: فكيف نذكره ؟ فقال: قولوا: الحجّة من آل مُحمّد (عليه السّلام وعليهم).
12 - وعن السّيّد عبد العظيم الحسني, قال: دخلت على سيّدي عليّ بن مُحمّد "عليه السّلام"، فلمّا بصرني قال لي: مرحباً بك يا أبا القاسم أنت ولينا حقّاً. قال: فقُلت له: يا بن رسول الله (صلّى الله عليه وآله), إنّي أريد أن أعرض عليك ديني، فإن كان مرضياً ثبّت عليه حتى ألقى الله عزّ وجلّ. فقال: هات يا أبا القاسم. فقُلت: إنّي أقول: إنّ الله تبارك وتعالى واحد ليس كمثله شيء، خارج من الحدّين ـ حدّ الإبطال، وحدّ التّشبيه ـ وأنّه ليس بجسم ولا صورة ولا عرض ولا جوهر، بل هو مجسّم الأجسام، ومصوّر الصّور، وخالق الأعراض والجواهر، وربّ كلّ شيء ومالكه وجاعله ومحدثه، وأنّ مُحمّداً عبده ورسوله، خاتم النّبيين لا نبي بعده إلى يوم القيامة، وأنّ شريعته خاتمة الشّرائع، ولا شريعة بعدها إلى يوم القيامة. وأقول: إنّ الإمام والخليفة وولي الأمر بعده أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب، ثمّ الحسن، ثمّ الحُسين، ثمّ عليّ بن الحُسين، ثمّ مُحمّد بن عليّ، ثمّ جعفر بن مُحمّد، ثمّ موسى بن جعفر، ثمّ عليّ بن موسى، ثمّ مُحمّد بن عليّ، ثمّ أنت يا مولاي. فقال "عليه السّلام": ومن بعدي الحسن ابني، فكيف للناس بالخلف من بعده ؟ قال: فقُلت: وكيف ذلك يا مولاي ؟ قال: لأنّه لا يُرى شخصه، ولا يحلّ ذكره باسمه حتى يخرج، فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً، كما مُلئت جوراً وظلماً. قال: فقُلت: أقررت ... الحديث.
13 - وعن عبد الله بن سُليمان الخلال، قال: كُنت رويت عن أبي الحسن الرّضا "عليه السّلام" في أبي جعفر "عليه السّلام" روايات تدلّ عليه، فلمّا مضى أبو جعفر "عليه السّلام" قُلقت لذلك وبقيت متحيّراً لا أتقدم ولا أتأخّر، وخفت أن أكتب إليه في ذلك ولا أدري ما يكون, وكتبت إليه أسأله الدّعاء أن يفرّج الله عنّا في أسباب من قبل السّلطان، كنّا نغتمّ بها من غلماننا، فرجع الجواب بالدّعاء وردّ علينا الغلمان، وكتب في آخر الكتاب: أردت أن تسأل عن الخلف بعد مضي أبي جعفر "عليه السّلام"، فقلقت لذلك: وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ. صاحبك بعدي أبو مُحمّد ابني عنده ما تحتاجون إليه، يقدّم الله ما يشاء ويؤخّر: مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا. قد كتبت بما فيه بيان وإقناع لذي عقل يقظان.
14 - وعن أبي بكر الفهفكي، قال: كتب إليّ أبو الحسن "عليه السّلام": أبو مُحمّد ابني أصحّ آل مُحمّد غريزة، وأوثقهم حجّة، وهو الأكبر من ولدي، وهو الخلف، وإليه تنتهي عُرى الإمامة وأحكامها، وما كنت سائلي عنه فسله عنه، فعنده ما تحتاج إليه، ومعه آلة الإمامة.
15 - وعن الصّقر بن دلف، قال: سمعت عليّ بن مُحمّد بن عليّ الرّضا "عليه السّلام" يقول: الإمام بعدي الحسن، وبعد الحسن ابنه القائم، الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلئت جوراً وظُلماً.
16 - وعن أحمد بن عيسى العلوي ـ من ولد عليّ بن جعفر ـ قال: دخّلت على أبي الحسن "عليه السّلام" بصرياً، فسلّمنا عليه، فإذا نحن بأبي جعفر وأبي مُحمّد قد دخلا، فقمنا إلى أبي جعفر لنسلّم عليه، فقال أبو الحسن "عليه السّلام": ليس هذا صاحبكم، عليكم بصاحبكم. وأشار إلى أبي مُحمّد "عليه السّلام".
17 - وعن يحيى بن يسار القنبري، قال: أوصى أبو الحسن "عليه السّلام" إلى ابنه الحسن "عليه السّلام" قبل مضيه بأربعة أشهر، وأشار إليه بالأمر من بعده، وأشهدني على ذلك وجماعة من الموالي.


أصحاب وروات الإمام الهادي عليه السّلام
1 - أحمد بن حمزة بن اليسع.
2 - صالح بن مُحمّد الهمداني.
3 - مُحمّد بن جزك الجمّال.
4 - يعقوب بن يزيد الكاتب.
5 - أبو الحُسين بن هلال.
6 - إبراهيم بن إسحاق.
7 - خيران الخادم.
8 - النّضر بن مُحمّد الهمداني.
9 - إبراهيم, يُكنّى أبا مُحمّد.
10 - إبراهيم بن أبي بكر الرّازي, أبو مُحمّد.
11 - إبراهيم بن إسحاق.
12 - إبراهيم بن إدريس القُمّي.
13 - إبراهيم بن إسحاق بن أزور.
14 - إبراهيم بن داود بن عليّ بن يعقوب اليعقوبي.
15 - إبراهيم بن شيبة الأصفهاني.
16 - إبراهيم بن عبدة النّيسابوري.
17 - إبراهيم بن عقبة.
18 - إبراهيم بن مُحمّد السّابوري.
19 - إبراهيم بن مُحمّد بن فارس النّيسابوري.
20 - إبراهيم بن مُحمّد الهمداني.
21 - إبراهيم بن مهزيار الأهوازي, أبو إسحاق.
22 - أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل بن داود بن حمدون.
23 - أحمد بن أبي عبد الله البرقي.
24 - أحمد بن إسحاق الرّازي.
25 - أحمد بن إسحاق بن عبد الله بن سعد بن مالك بن الأحوص الأشعري، أبو عليّ القُمّي.
26 - أحمد بن إسماعيل بن يقطين.
27 - أحمد بن الحسن بن إسحاق بن سعد.
28 - أحمد بن الحسن بن عليّ بن فضّال.
29 - أحمد بن حمزة بن اليسع بن عبد الله القُمّي.
30 - أحمد بن زكريا بن بابا القُمّي.
31 - أحمد بن عامر بن سُليمان بن صالح بن وهب بن عامر.
32 - أحمد بن مُحمّد السّياري.
33 - أحمد بن مُحمّد بن عُبيد الله الأشعري القُمّي.
34 - أحمد بن مُحمّد بن عيسى الأشعري القُمّي.
35 - أحمد بن مطهر.
36 - إسحاق بن إسماعيل بن نوبخت.
37 - أيّوب بن نوح بن دراج النّخعي.
38 - بشر بن بشّار النّيشابوري.
39 - بشر بن سُليمان النّخاس.
40 - بوطير الخادم, كان من خدّام الإمام أبي الحسن عليّ بن مُحمّد الهادي "عليه السّلام"، وهو الذي سمّاه بهذا الإسم.
41 - جعفر بن إبراهيم.
42 - جعفر بن أحمد.
43 - جعفر بن رزق الله.
44 - جعفر بن سُليمان.
45 - جعفر بن سهيل الصّيقل.
46 - جعفر بن عبد الله بن الحُسين بن جامع.
47 - جعفر بن عيسى بن يقطين.
48 - جعفر بن مُحمّد بن إسماعيل بن الخطّاب.
49 - جعفر بن مُحمّد بن يونس الأحول, الصّيرفي.
50 - جعفر بن هشام.
51 - جميل بن نوح بن دراج النّخعي.
52 - حاتم بن نوح.
53 - الحسن بن جعفر, المعروف بأبي طالب الفافاني، بغدادي.
54 - الحسن بن الحسن العلوي.
55 - الحسن بن الحُسين العلوي.
56 - الحسن بن خرزاد القُمّي.
57 - الحسن بن راشد.
58 - الحسن بن سفيان الكوفي.
59 - الحسن الصّيقل.
60 - الحسن بن ظريف.
61 - الحسن بن عبد الرّحمن.
62 - الحسن بن عليّ بن الحسن بن عليّ بن عمر بن عليّ بن الحُسين بن عليّ بن أبي طالب، النّاصر للحقّ.
63 - الحسن بن عليّ الوشاء.
64 - الحسن بن مالك.
65 - الحسن بن مُحمّد بن أخي مُحمّد بن رجاء الخيّاط.
66 - الحسن بن مُحمّد بن حي.
67 - الحسن بن مسعود.
68 - الحسن بن مصعب.
69 - الحُسين بن أسد البصري.
70 - الحُسين بن أسد النّهدي.
71 - الحُسين بن إسماعيل.
72 - الحُسين بن إشكيب القُمّي.
73 - الحُسين بن سعيد بن حمّاد الأهوازي.
74 - الحُسين بن عليّ الصّنعاني.
75 - الحُسين بن مالك القُمّي.
76 - الحُسين بن مُحمّد بن جمهور.
77 - الحُسين بن مُحمّد المدائني.
78 - الحُسين بن يحيى.
79 - حفص الجوهري.
80 - حفص المروزي.
81 - حمدان بن إسحاق الخراساني.
82 - حمدان بن إسحاق الزّنجاني القزويني.
83 - حمدان بن سُليمان.
84 - حمزة بن مُحمّد.
85 - الخضر بن مُحمّد البزاز.
86 - خليل بن هشام الفارسي.
87 - خيران بن إسحاق الزّاكاني.
88 - خيران الخادم القراطيسي.
89 - داود بن أبي زيد.
90 - داود الصّرمي.
91 - داود الصّيرفي.
92 - داود بن فرقد الفارسي.
93 - داود بن القاسم الجعفري، داود بن القاسم بن إسحاق بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب, أبو هاشم.
94 - رجاء بن يحيى العبرتائي.
95 - الرّيّان بن الصّلت البغدادي.
96 - زنكان أبو سليم.
97 - زيد بن عليّ بن الحُسين.
98 - السّري بن سلامة الأصفهاني.
99 - سعد بن الأحوص الأشعري.
100 - سعيد بن سهل البصري.
101 - سعيد بن عيسى.
102 - سعيد الملاح.
103 - سُليمان بن جعفر المروزي.
104 - سُليمان بن حفصويه.
105 - سُليمان بن داود المروزي.
106 - السّندي بن مُحمّد.
107 - سهل بن زياد الآدمي.
108 - سهل بن مُحمّد.
109 - سهل بن يعقوب.
110 - شاهويه بن عبد الله.
111 - صالح بن الحكم.
112 - صالح بن سعيد.
113 - صالح بن عيسى بن عمر بن بزيع.
114 - صالح بن مُحمّد الهمداني.
115 - صالح بن مُسلمة الرّازي.
116 - الصّقر الجبلي.
117 - الصّقر بن أبي دلف.
118 - الطّيب بن مُحمّد.
119 - العبّاس بن موسى الورّاق.
120 - العبّاسي.
121 - عبد الرّحمن الأصبهاني.
122 - عبد الرّحمن بن مُحمّد بن طيفور المتطبب.
123 - عبد الرّحمن بن مُحمّد بن معروف القُمّي.
124 - عبد الصّمد بن مُحمّد القُمّي.
125 - عبد العظيم بن عبد الله الحسني.
126 - عبد الله بن جبلة الكناني.
127 - عبد الله بن جعفر.
128 - عبد الله بن مُحمّد بن عُبيد الله.
129 - عتّاب بن أبي عتّاب.
130 - عثمان بن سعيد العُمري.
131 - عروة بن يحيى.
132 - عليّ بن إبراهيم.
133 - عليّ بن إبراهيم الهمداني.
134 - عليّ بن بلال, بغدادي، يُكنّى أبا الحسن.
135 - عليّ بن جعفر الهماني.
136 - عليّ بن جعفر الهمداني.
137 - عليّ بن الحسن.
138 - عليّ بن الحسن بن الحُسين القنوي.
139 - عليّ بن الحسن بن فضّال.
1140 - عليّ بن الحُسين.
141 - عليّ بن الحُسين بن عبد ربّه.
142 - عليّ بن الحُسين الهمداني.
143 - عليّ بن رميس البغدادي.
144 - عليّ بن الرّيان بن الصّلت الأشعري القُمّي.
145 - عليّ بن زياد الصّيمري.
146 - عليّ بن سُليمان بن رشيد البغدادي.
147 - عليّ بن شيرة.
148 - عليّ بن عبد الغفّار.
149 - عليّ بن عبد الله.
150 - عليّ بن عبد الله الزّبيري.
151 - عليّ بن عبد الله بن جعفر الحميري.
152 - عليّ بن عبد الله بن مروان.
153 - عليّ بن عُبيد الله.
154 - عليّ بن عمرو العطّار القزويني.
155 - عليّ بن قرّة, يُكنّى أبا الحسن.
156 - عليّ بن مُحمّد الحذّاء.
157 - عليّ بن مُحمّد بن زياد الصّيمري.
158 - عليّ بن مُحمّد القاساني الأصفهاني.
159 - عليّ بن مُحمّد المنقري.
160 - عليّ بن مُحمّد النّوفلي.
161 - عليّ بن معبد.
162 - عليّ بن مهزيار الأهوازي.
163 - عمران بن إسماعيل القُمّي.
164 - عيسى بن أحمد بن عيسى بن المنصور.
165 - الفتح بن خاقان, وزير المُتوكّل.
166 - فتح بن يزيد الجرجاني.
167 - الفضل بن شاذان النّيسابوري, أبو مُحمّد.
168 - الفضل بن كثير, بغدادي.
169 - الفضل بن المبارك.
170 - القاسم الصّيقل.
171 - القاسم بن مُحمّد الزّيّات.
172 - كافور الخادم.
173 - كلثم الكرخية.
174 - مُحمّد بن إبراهيم.
175 - مُحمّد بن أبي الصّهبان, وهو مُحمّد بن عبد الجبّار.
176 - مُحمّد بن أبي طيفور المتطبب.
177 - مُحمّد بن أحمد بن إبراهيم.
178 - مُحمّد بن أحمد بن حمّاد المُحمّدي.
179 - مُحمّد بن أحمد بن عُبيد الله بن المنصور, أبو الحسن.
180 - مُحمّد بن أحمد بن عليّ بن إبراهيم.
181 - مُحمّد بن أحمد بن مطهر.
182 - مُحمّد بن أحمد المنصوري.
183 - مُحمّد بن أحمد بن مهران.
184 - مُحمّد بن إسماعيل البلخي.
185 - مُحمّد بن إسماعيل الصّيمري.
186 - مُحمّد بن أورمة.
187 - مُحمّد بن بحر.
188 - مُحمّد بن جزك الجمّال.
189 - مُحمّد بن جعفر الهمداني.
190 - مُحمّد بن حسّان الرّازي الزّينبي.
191 - مُحمّد بن الحسن الأشتر العلوي.
192 - مُحمّد بن الحسن الحضيني.
193 - مُحمّد بن الحُسين بن أبي الخطّاب, أبو جعفر الزّيّات.
194 - مُحمّد بن الحُصين الأهوازي.
195 - مُحمّد بن حمزة القُمّي.
196 - مُحمّد بن خالد الرّازي, يُكنّى أبا العبّاس.
197 - مُحمّد بن داود القُمّي.
198 - مُحمّد بن رجاء الحنّاط.
199 - مُحمّد بن الرّيّان بن الصّلت الأشعري القُمّي.
200 - مُحمّد بن سرد "سرو".
201 - مُحمّد بن سعيد بن كلثوم, المروزي.
202 - مُحمّد بن سُليمان الجلاب.
203 - مُحمّد بن صيفي.
204 - مُحمّد بن عبد الجبّار القُمّي.
205 - مُحمّد بن عبد الرّحمن الهمداني النّوفلي.
206 - مُحمّد بن عبد الله الطّاهري.
207 - مُحمّد بن عُبيد الله.
208 - مُحمّد بن عثمان العمري.
209 - مُحمّد بن عليّ بن حمزة بن الحُسين بن عُبيد الله بن العبّاس بن عليّ بن أبي طالب "عليه السّلام"، أبو عبد الله.
210 - مُحمّد بن عليّ بن شجاع النّيسابوري.
211 - مُحمّد بن عليّ بن عيسى, الأشعري، القُمّي.
212 - مُحمّد بن عليّ بن مهزيار.
213 - مُحمّد بن عمر الحضيني.
214 - مُحمّد بن عيسى بن عُبيد اليقطيني.
215 - مُحمّد بن الفرج.
216 - مُحمّد بن الفضل.
217 - مُحمّد بن القاسم بن حمزة بن موسى العلوي.
218 - مُحمّد بن مروان الجلاب.
219 - مُحمّد بن مروان الخطّاب.
220 - مُحمّد بن موسى الرّبعي.
221 - مُحمّد بن موسى بن فرات.
222 - مُحمّد بن نوح.
223 - مُحمّد بن يحيى, يُكنّى أبا يحيى البصري.
224 - مُحمّد بن يحيى بن درياب.
225 - مسافر, مولاه "عليه السّلام".
226 - مصقلة بن إسحاق الأشعري القُمّي.
227 - معاوية بن حكيم بن معاوية بن عمّار الكوفي.
228 - معلّى بن مُحمّد.
229 - منصور بن العبّاس.
230 - موسى بن داود اليعقوبي.
231 - موسى بن عبد الله النّخعي.
232 - موسى بن عمر بن بزيع.
233 - موسى بن مُحمّد الجواد "عليه السّلام", وهو أخو الإمام الهادي "عليه السّلام"، ويُعرف بموسى المبرقع، وهو جدّ السّادة الرّضوية، ومرقده في قُم.
234 - موسى بن مُحمّد الحضيني.
235 - موسى بن مرشد الوزان النّيسابوري.
236 - نضر بن حازم القُمّي.
237 - النّضر بن مُحمّد الهمداني.
238 - هارون بن الفضل.
239 - هارون بن مُسلم بن سعدان.
240 - هاشم بن هانئ الهمداني المرادي.
241 - هبة الله بن أبي منصور.
242 - يحيى بن أبي بكر الرّازي الضّرير.
243 - يحيى بن عبد الرّحمن.
244 - يحيى بن مُحمّد.
245 - يعقوب بن إسحاق بن السّكّيت.
246 - يعقوب البجلي.
247 - يعقوب بن منقوش.
248 - يعقوب بن يزيد الكاتب.
249 - ابن أبي طيفور.
250 - أبو بكر الرّازي.
251 - أبو بكر الفهفكي.
252 - أبو الحسن بن رجاء العبرتائي.
253 - أبو الحُسين بن الحُصين.
254 - أبو الحُسين بن هلال.
255 - أبو الحُصين بن الحُصين الحُصيني.
256 - أبو دعامة.
257 - أبو طاهر بن حمزة.
258 - أبو طاهر بن مُحمّد, وأبو الحسن، وأبو المتطبب، بنو عليّ بن بلال بن راشته المتطبب.
259 - أبو طاهر البرقي.
260 - أبو الطّيب المديني.
261 - أبو عبد الله بن أبي الحُسين.
262 - أبو عبد الله المعاذي.
263 - أبو عبد الله المكاري.
264 - أبو عليّ بن راشد.
265 - أبو عمرو الحذّاء.
266 - أبو الغوث المنبجي.
267 - أبو مُحمّد بن إبراهيم.
268 - أبو مُقاتل الدّيلمي.
269 - أبو يحيى الجرجاني, وهو أحمد بن داود بن سعيد الفزاري.
270 - أبو يعقوب البجلي.
271 - أبو يعقوب البغدادي.


شهادة الإمام الهادي عليه السّلام
يظهر من حياة الإمام الهادي "عليه السّلام" أنّ السّنين السّبعة التي قضاها في عهد المُنتصر والمستعين والمعتز لم يشهد فيها ما شهده في عهد المُتوكّل من التّحدّيات والوشايات بين الحين والآخر، وقد اكتفى الحكّام الثّلاثة بفرض الإقامة الجبرية عليه في مدينة الجيش سامرّاء، وانتهت بمقتله مسموماً "عليه السّلام" في عهد المعتز.
ولعلّ السّبب في ذلك أنّ سلطة الحكّام العبّاسيين في تلك الفترة من تأريخ خلافة بني العبّاس قد تلاشت تقريباً، ولم يعد للخليفة منها غير الاسم، وأصبح الحكم للقادة الأتراك وغيرهم، فهم يتولون الأمر والنّهي، وهم يعزلون الخليفة أو يقتلونه ويولّون غيره.
وانتهت قصّة الصّراع المرير بين إمامنا الهادي "عليه السّلام" ورموز السّلطة العبّاسية بدس السّم إليه من قبل المعتز، وصلّى عليه ابنه الإمام بعده أبو مُحمّد الحسن العسكري "عليه السّلام"، وذلك في يوم الاثنين المُصادف الثّالث من رجب سنة 254 ه‍. وقيل وفاته في يوم الاثنين الخامس والعشرون من جمادى الآخرة سنة 254 ه‍
واكتظّ النّاس في موكب توديع وتشييع الإمام "عليه السّلام"، وخرج الإمام أبو مُحمّد الحسن العسكري في جنازته مشقوق القميص، وكان أبو أحمد بن هارون الرّشيد، المبعوث من قبل المعتز العبّاسي للصلاة على جثمان الإمام "عليه السّلام" لمّا رأى اجتماع النّاس وضجّتهم أمر بردّ النّعش إلى دار الإمام "عليه السّلام" فدُفن هُناك، وكان المعتز قد أرسل مبعوثه للتغطية على جريمته النّكراء، كما هو ديدن أسلافه العبّاسيين مع الأئمّة الهُداة من عترة المُصطفى "عليهم السّلام".
قال الشّاعر:
ثم نال المعتز ما شاء منه * إذ سقاه السم النقيع جهارا
فاستشاطت له البلاد وصارت * صيحة طبقت بها الأقطارا


فضل زيارة الإمام الهادي عليه السّلام
1 - قيل للإمام الصّادق "عليه السلام": ما لِمَن زار أحداً منكم ؟ قال "عليه السّلام": كمن زار رسول الله "صلّى الله عليه وآله".
2 - عن أبي هاشم الجعفري, قال: قال لي أبو مُحمّد الحسن بن عليّ "عليه السّلام": قبري بسر من رأى, أمان لأهل الجانبين.
3 - وقال العلامة المجلسي "رحمه الله" في زيارة الإمامين العسكريين "عليهما السّلام": اعلم أنّ زيارتهما "صلوات الله عليهما" في الأوقات والأيّام الشّريفة والأزمان المختصّة بهما أفضل وأنسب، كيوم ولادة الإمام الهادي "عليه السّلام" وهو في النّصف من ذي الحجّة، وبرواية ابن عياش ثاني رجب، أو خامسه، وبرواية إبراهيم بن هاشم ثالث عشر رجب، والأوّل أشهر، ولكن كونه في رجب قد ورد به الخبر، ويوم وفاته وهو ثالث رجب برواية إبراهيم بن هاشم وغيره، أو ثانيه وخامسه على بعض الأقوال، أو لأربع بقين من جمادى الآخرة برواية الشّيخ الكليني، ويوم إمامته وهو آخر ذي القعدة أو الحادي عشر منه.
ويوم ولادة الإمام العسكري "عليه السّلام" وهو عاشر ربيع الثّاني على قول المُفيد والشّيخ، أو ثامنه على قول الطّبرسي، أو رابعه على قول الشّهيد، ويوم وفاته وهو ثامن ربيع الأوّل على قول الشّيخ الكُليني والشّيخ الطّوسي في التّهذيب والطّبرسي والشّهيد "رحمهم الله"، أو أوّله على قول الشّيخ الطّوسي في المصباح، ويوم انتقال الخلافة إليه، وهو يوم وفاة والده صلوات الله عليهما.


زيارة الإمام الهادي عليه السّلام
قال الصّدوق "رحمه الله": إذا أردت زيارة قبر الإمامين العسكريين "عليهما السّلام" فاغتسل وتنظّف، والبس ثوبيك الطّاهرين، فإن وصلت إلى قبريهما، وإلاّ أومأت من عند الباب الذي على الشّارع وتقول:
السّلام عليكما يا وليي الله، السّلام عليكما يا حجتي الله، السّلام عليكما يا نوري الله في ظُلمات الأرض، أتيتكما عارفاً بحقّكما، معادياً لأعدائكما، موالياً لأوليائكما، مؤمناً بما آمنتما به، كافراً بما كفرتما به، محقّقاً لما حققتما، مبطلاً لما أبطلتما, أسأل الله ربّي وربّكما أن يجعل حظّي من زيارتي إيّاكما الصّلاة على مُحمّد وآله، وأن يرزقني مرافقتكما في الجنان مع آبائكما الصّالحين، وأسأله أن يعتق رقبتي من النّار، وأن يرزقني شفاعتكما ومصاحبتكما، ويعرّف بيني وبينكما، ولا يسلبني حبّكما وحبّ آبائكما الصّالحين، وأن لا يجعله آخر العهد من زيارتكما، وأن يجعل محشري معكما في الجنّة برحمته.
اللّهمّ ارزقني حبّهما، وتوفني على ملّتهما.
اللّهمّ العن ظالمي آل مُحمّد حقّهم، وانتقم منهم, اللّهمّ العن الأوّلين منهم والآخرين، وضاعف عليهم العذاب الأليم، وبلّغ بهم وبأشياعهم ومحبّيهم وشيعتهم أسفل درك من الجحيم، إنّك على كلّ شيء قدير.
اللّهمّ عجّل فرج وليك وابن وليك، واجعل فرجنا مع فرجه يا أرحم الرّاحمين.
قال: وتجتهد في الدّعاء لنفسك ولوالديك، وصل عندهما لكلّ زيارة ركعتين ركعتين، وإن لم تصل إليهما دخلت بعض المساجد وصليت لكلّ إمام لزيارته ركعتين ركعتين، وادع الله بما أحببت، إنّ الله قريب مُجيب.

   

أضف تعليق


كود امني
تحديث