اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد وعجّل فرجهم والعن أعدائهم

 

نسبه عليه السلام
علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن مرة بن لوي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة مدرك بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.

والده عليهما السّلام
مؤمن قريش، وشيخ البطحاء، وحامي رسالة سيد الأنام، أبو طالب، وإسمه عبد مناف. ويكفيه فخراً أنه المدافع والمحامي للإسلام في بداية دعوة سيد الأنام صلّى الله عليه وآله حتى عُدّ هذا من المسلّمات عند الفريقين ـ شيعة وسنة ـ ونظرة سريعة الى سيرته تكشف لك ذلك بجلاء، حتى البعض من الذين طبع الله على قلوبهم وأعماهم لا ينكرون هذه الحقيقة، بل يؤولون ذلك بتأويلات واهية نتيجة حقدهم وابتعادهم عن الحق ولكن الحق مهما أثار البعض الغبار عليه يبقى في النتيجة هو الأعلى والاسمى. قال تعالى: ويريدون ان يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله الا ان يتم نوره ولو كره الكافرون.

أنظر ايدك الله ورعاك وأنار للحق بصرك وبصيرتك الى نقول أبي طالب عليه السلام الدالة على أصالة ايمانه بالله ورسوله. منها قوله الذي يطفح بالتوحيد الصادق والعبودية الخالصة:


مليك الناس ليس له شريك***** هو الوهاب والمبدي المعيد
ومن تـحت السماء له حقّ***** ومن فوق السماء له عـبيد
اسألكم بالله، أبعد هذا الأقرار شبهة، وهذا اليقين شك؟!
وتصفح كذلك قوله بالاقرار بنبوّة محمّد صلّى الله عليه وآله حين يقول:

ألم تعلموا أنا وجدنا محمداً***** نبيّاً كموسى خطّ في أوّل الكتبً
وقال أيضاً مخاطباً الرسول الأكرم صلّى الله عليه وآله:

أنـت الـنبي مـحمّد ***** قـرم أغـرّ مـسود
ولقد عهـدتك صادقاً ***** فـي القـول لا تتـزيد
ما زلت تنطق بالصواب ***** وأنـت طـفل أمـرد
وقال يعلن ذبه عن النبي صلّى الله عليه وآله:

لعمري لقد كلّفت وجداً بأحمد ***** وإخوته دأب المحب المواصل
اقيم على نصـر النـبّي محمّد ***** أقـاتل عنه بالقـنا والقنابل
حليم رشيد عـدل غير طائش ***** يوالي إلـهاً ليس عنه بغافل
فايّده رب العـباد بنصره ***** وأظـهر ديـناً حـقّه غير باطلً

أما أقواله وأفعاله التي كان يحض فيها أخاه حمزة وبنيه على نصرة النبيصلّى الله عليه وآله منقولة مشهورة وكذا دفاعه عن النبيصلّى الله عليه وآله ورد كيد الأعداء وما الى ذلك كل هذا الا يدل دلالة صحيحة على عمق إيمانه واخلاصه لله تعالى ولرسوله؟!
وينقل هنا قول الاميني في الغدير بخصوص أبي طالب عليه السّلام نقل الشيخ المفيد قُدّس سرّه ـ مانصه ـ:
فمن الدليل على إيمان أبي طالب عليه السّلام ما اشتهر عنه من الولاية لرسول الله صلّى الله عليه وآله والمحبة والنصرة، وذلك ظاهر معروف لا يدفعه إلا جاهل ولا يجحده الا بهات معاند.
نقل الصدوق في أماليه، عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال: إن مثل أبي طالب مثل أصحاب الكهف حين أسرّوا الإيمان واظهروا الشرك، فآتاهم الله أجرهم مرتين.
وقال ابن أبي الحديد في حقه:
فإني أعلم أنه لولاه ـ أبو طالب ـ لما قامت للإسلام دعامة. وأعلم أن حقه واجب على كل مسلم في الدنيا الى ان تقوم الساعة، وكتب شعراً:

ولولا أبو طـالبٍ وابنهُ ***** لما مُثل الدين شخصاً فقاما
فـذاك بمـكة آوى وحامى ***** وهذا بيثرب جسّ الحِماما
تكـفّل عبـد مـناف بأمرٍ ***** وأودى فكان عليٌ تماما
فقل في ثبيرمضى بـعدما ***** قضى ماقضاه وأبقى شماما
فـللـه ذا فاتـحاً للـهدى ***** ولله ذا للمـعالي خـتامـا
وما ضر مـجد أبي طالب ***** جـهول لغا أو بصيرٌ تعـامى
كما لا يضرّ إياة الصـباح ***** من ظنّ ضوء النـهار الظلاماً

والدته عليهما السلام
فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف الهاشمية وهي أول هاشمية ولدت هاشمياً من أبوين هاشميين وهي امرأة صالحة هاجرت من مكة الى المدينة ماشية حافية، وهي أوّل إمرأة بايعت الرسول صلّى الله عليه وآله بمكة بعد خديجة عليها السلام.

كُنيته عليه السلام
أبو الحسن ، أبو الحسين ، أبو الحسنين , أبو السبطين ، وغيرها .

ألقابه عليه السلام
أمير المؤمنين ، سيد المسلمين ، إمام المتقين ، قائد الغُرِّ المُحَجَّلِين ، سيد الأوصياء ، سيد العرب ، المرتضى ، يَعْسُوب الدين ، حيدر ، أَسدُ الله ، وغيرها.

تاريخ ومحل ولادته عليه السلام
ولد عليه السّلام في 13 رجب ، بعد عام الفيل بثلاثين في مكة المكرمة وفي جوف الكعبة، في بيت الله تعالى ليكون رمزاً ومثالاً للمتقين، وإماما للساجدين والعابدين والزاهدين، وسيداً من أسياد الجنة المبشرين.

زواجه من فاطمة عليهما السلام
روى السيد الأمين في المجالس السَنيَّة ما مُلخَّصُه : جاء الإمام علي عليه السّلام إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وهو في منزل أم سلمة ، فَسَلَّم عليه وجلس بين يديه. فقال له النبي صلّى الله عليه وآله: أتَيْتَ لِحاجَة؟ فقال الإمام عليه السّلام: نَعَمْ ، أتَيتُ خاطباً ابنتك فاطِمَة ، فهلْ أنتَ مُزوِّجُني. قالت أم سلمة : فرأيت وجه النبي صلّى الله عليه وآله يَتَهلَّلُ فرحاً وسروراً ، ثم ابتسم في وجه الإمام علي عليه السّلام، ودخل على فاطمة عليها السّلام ، وقال صلّى الله عليه وآله لها: إنَّ عَليّاً قد ذكر عن أمرك شيئاً ، وإني سألتُ رَبِّي أن يزوِّجكِ خَير خَلقه ، فما تَرَيْن؟. فَسكتَتْ ، فخرَجَ رسول الله صلّى الله عليه وآله، وهو يقول: اللهُ أكبَرُ ، سُكوتُها إِقرارُهَا. فأمر رسول الله صلّى الله عليه وآله أَنَس بن مالك أن يجمع الصحابة ، ليُعلِنَ عليهم نبأ تزويج فاطمة للإمام علي عليهما السّلام. فلما اجتمعوا قال صلّى الله عليه وآله لهم : إنَّ الله تَعالى أمَرَني أن أزوِّجَ فاطمة بنت خديجة من علي بن أبي طالب. ثم أبلغ النبي صلّى الله عليه وآله الإمام عليّاً بأنَّ الله أمَرَه أن يزوِّجه فاطمة على أربعمِئة مِثقال فِضَّة. وكان ذلك في اليوم الأول من شهر ذي الحجَّة ، من السنة الثانية للهجرة. فإن هذا الموقف النبوي المرتبط بالمشيئة الإلهية يستثير أمامنا سؤالاً مُهمّاً ، وهو : لماذا لم يُرخَّص لفاطِمَة بتزويجِ نَفسها؟ ولماذا لم يُرخَّص للرسول صلّى الله عليه وآله - وهو أبوها ونبيها -بِتزويجِها: النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ. إلاَّ بعد أن نزل القضاء بذلك؟ والجواب: لا بُدَّ أنَّ هناك سِر وحِكمة إلهية ترتبط بهذا الزواج ، وتتوقف على هذه العلاقة الإنسانية.ولعل من تلك الحكم إرادة الله تعالى في تمتد ذرية رسول الله صلّى الله عليه وآله عن طريق علي وفاطمة، ويكون منهما الإمامان الحسن والحسين عليهما السّلام، والذرية الطاهرة ، أئمةً وهُدَاة لهذه الأمة. ولهذا الأمر والسر الخطير كان زواج فاطمة أمراً إلهيا لم يسبق رسول الله صلّى الله عليه وآله إليه ، ولم يتصرَّف حتى نزل القضاء ، كما صرَّح هو نفسه صلّى الله عليه وآله بذلك.

زوجاته عليه السّلام
فاطمة الزهراء عليها السلام وهي بضعة المصطفى صلى الله عليه وآله وأم الأئمة المعصومين صلوات الله عليهم.
أمامة بنت أبي العاص.
أم البنين الكلابية.
ليلى بنت مسعود.
أسماء بنت عميس.
الصهباء بنت ربيعة أم حبيب.
خولة بنت جعفر.
أم سعد بنت عروة.
خبأة بنت امرىء القيس.

أولاده عليه السّلام
يتراوح عدد أولاده عليه السّلام ما بين 25 و 33 ولداً على الاختلاف الوارد في الروايات , حيث نذكر البارزين منهم.
الإمام الحَسن عليه السلام، الإمام الحُسين عليه السلام، أمُّ المصائب زَينَب الكبرى عليها السلام، زَينَب الصغرى، العبَّاس أبو الفضل، مُحَمَّد الأوسط، جَعفر، عَبد الله، عثمَان، مُحمَّد بن الحَنَفِيَّة، يَحيَى، أمُّ هَانِي، مَيْمُونَة، جُمانة أم جعفر، نَفِيسَة.

الآيات النازلة في حقّه عليه السّلام
أكد المفسّرون ـ سنة وشيعة ـ في تفاسيرهم المعتبرة على نزول عشرات الآيات الشريفة في حَقِّ الإمام علي عليه السّلام، نذكر منها :
1ـ قوله تعالى: ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ) المائدة : 67 .
2ـ قوله تعالى: ( وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ ) الصافات : 24 .
3ـ قوله تعالى: ( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلوةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَوةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ) المائدة : 55 .
4ـ قوله تعالى: ( سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ * لِّلْكَافِرينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ ) المعارج : 1 - 2 .
5ـ قوله تعالى: ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا ) المائدة : 3 .
6ـ قوله تعالى: ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ) البينة : 7 .
7ـ قوله تعالى: ( أَفَمَن كَانَ مُؤْمِنًا كَمَن كَانَ فَاسِقًا لَّا يَسْتَوُونَ ) السجدة : 18 .
8ـ قوله تعالى: ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا ) مريم : 96 .
9ـ قوله تعالى: ( إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ ) الرعد : 7 .
10ـ قوله تعالى: ( أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ ) هود : 17 .
11ـ قوله تعالى: ( وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى ) طه : 82 .
12ـ قوله تعالى: ( فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ) النحل 44 ، الأنبياء : 7 .
13ـ قوله تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ ) التوبة : 119 .
14ـ قوله تعالى: ( وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ ) الواقعة : 10 - 11 .
15ـ قوله تعالى: ( هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِّن نَّارٍ يُصَبُّ مِن فَوْقِ رُؤُوسِهِمُ الْحَمِيمُ ) الحج: 19.
16ـ قوله تعالى: ( أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ يَسْتَوُونَ ) التوبة: 19.
17ـ قوله تعالى: ( سَلامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ ) الصافات: 130.
18ـ قوله تعالى: ( إِن تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ ) التحريم: 4.
19ـ قوله تعالى: ( وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا ) الشورى: 23.
20ـ قوله تعالى: ( وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ ) الإسراء: 26.
21ـ قوله تعالى: ( هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ ) الإنسان: 1.
22ـ قوله تعالى: ( وَعَلَى الأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيمَاهُمْ ) الأعراف : 46.
23ـ قوله تعالى: ( بَرَاءةٌ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ ) التوبة: 1.
24ـ قوله تعالى: ( قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى ) الشورى : 23 .
25ـ قوله تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ) المجادلة : 12 .
26ـ قوله تعالى: ( وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ ) الحاقة : 12 .
27ـ قوله تعالى: ( وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى ) الضحى : 5 .
28ـ قوله تعالى: ( فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَتَ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ ) آل عمران : 61 .
29ـ قوله تعالى: ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) الأحزاب : 33 .
30ـ قوله تعالى: ( إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ) الكوثر : 1 .
31ـ قوله تعالى: ( مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ * بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَّا يَبْغِيَانِ ) الرحمن : 19 - 20 .
32ـ قوله تعالى: ( وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَآ إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ) البقرة : 127 - 128 .
33ـ قوله تعالى: ( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ) البقرة : 143 .
34ـ قوله تعالى: ( ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا ) فاطر : 32 .
35ـ قوله تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ) المائدة : 54 .
36ـ قوله تعالى: ( فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ ) البقرة : 37 .
37ـ قوله تعالى: ( وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ ) البقرة : 207 .
38ـ قوله تعالى: ( وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ ) محمد : 30 .
39ـ قوله تعالى: ( وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ ) آل عمران : 103 .
40ـ قوله تعالى: ( إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) الأحزاب : 56 .
41ـ قوله تعالى: ( أَأَشْفَقْتُمْ أَن تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ ) المجادلة : 13 .
42ـ قوله تعالى: ( فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُم مُّنتَقِمُونَ ) الزخرف : 41 .
43ـ قوله تعالى: ( وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا ) الإنسان : 8 .
44ـ قوله تعالى: ( وَأَذَانٌ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ ) التوبة : 3 .
45ـ قوله تعالى: ( الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلاَنِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ) البقرة : 274 .
46ـ قوله تعالى: ( وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا ) الأحزاب : 25 .
47ـ قوله تعالى: ( وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ عِندَ رَبِّهِمْ ) الحديد : 19 .
48ـ قوله تعالى: ( مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا ) الأحزاب : 23 .
49ـ قوله تعالى: ( وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ) الزمر : 33 .
50ـ قوله تعالى: ( وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ ) الأنفال : 33 .
51ـ قوله تعالى: ( الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ ) الرعد : 29 .
52ـ قوله تعالى: ( إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ) البقرة : 124 .
53ـ قوله تعالى: ( قُلْ كَفَى بِاللّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ ) الرعد : 43 .
54ـ قوله تعالى: ( ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ ) التكاثر : 8 .
55ـ قوله تعالى: ( اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ ) النور : 35 .
56ـ قوله تعالى: ( وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ ) الزخرف : 57 .
57ـ قوله تعالى: ( أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ ) النساء : 54 .
58ـ قوله تعالى: ( اِهْدِنَا الصِّرَاطَ المُسْتَقِيمَ ) الفاتحة : 5 .
59ـ قوله تعالى: ( هُوَ الَّذِيَ أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ ) الأنفال : 62 .
60ـ قوله تعالى: ( وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رُّسُلِنَا ) الزخرف : 45 .
61ـ قوله تعالى: ( وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى ) الضحى : 5 .
62ـ قوله تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ ) النساء : 59 .
63ـ قوله تعالى: ( وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا ) العاديات : 1 .
64ـ قوله تعالى: ( وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَن تَبَوَّءَا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا ) يونس : 87 .
65ـ قوله تعالى: ( مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ ) الفتح : 29 .
66ـ قوله تعالى: ( النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ ) الأحزاب : 6 .
67ـ قوله تعالى: ( إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُواْ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ * وَإِذَا مَرُّواْ بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ ) المطففين : 29 - 30 .
68ـ قوله تعالى: ( رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي ) طه : 25 - 26 .
69ـ قوله تعالى: ( وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً ) الأنفال : 25 .
70ـ قوله تعالى: ( الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ) الرعد : 28 .
71ـ قوله تعالى: ( وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ ) الأعراف : 181 .
72ـ قوله تعالى: ( وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ) النجم : 1 - 4 .
73ـ قوله تعالى: ( وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا ) الإسراء : 81 .

حكمه عليه السّلام القصار
اشتهرت قصار حكمه عليه السّلام شهرة واسعة بين الأدباء والبلغاء ، حتّى قال الجاحظ وهو الناقد البليغ وصاحب المؤلّفات المعروفة في الأدب والبلاغة : وددت لو أنّي أعطيت جميع مصنّفاتي وقطعت أنسابها عنّي ، وأخذت بدلها ثلاث كلمات منسوبة إلى علي بن أبي طالب عليه السّلام وصارت منسوبة إليَّ .
وإليك بعض حكم الإمام علي عليه السّلام القصار:
1ـ قال عليه السّلام: ( ما أخذ الله تعالى على أهل الجهل أن يتعلّموا ، حتّى أخذ على أهل العلم أن يعلموا ) .
2ـ قال عليه السّلام: ( البخل والجبن والحرص من أصل واحد ، يجمعهن سوء الظن بالله تعالى ) .
3ـ قال عليه السّلام: ( كل شيء يعز حين ينزر ، والعلم يعز حين يغزر ) .
4ـ قال عليه السّلام: ( تجنّبوا الأماني فإنّها تذهب بهجة ما خولتم ، وتصغّر مواهب الله عندكم ، وتعقبكم الحسرات على ما أوهمتم أنفسكم ) .
5ـ قال عليه السّلام: ( أوصيكم بخصال لو ضربتم إليها آباط الإبل كن أهلا لها : لا يرجون أحد إلاّ ربّه ، ولا يخافن إلاّ ذنبه ، ولا يستحيين إذا سئل عمّا لا يعلم أن يقول : لا أعلم ، ولا يستحيين إذا لم يعلم الشيء ، أن يتعلّمه ) .
6ـ قال عليه السّلام: ( من قوي فليقو على طاعة الله ، ومن ضعف فليضعف عن محارم الله ) .
7ـ قال عليه السّلام: ( إنّ أخيب الناس سعياً وأخسرهم صفقة رجل أتعب بدنه في آماله ، وشغل بها عن معاده ، فلم تساعده المقادير على إرادته ، وخرج من الدنيا بحسرته ، وقدم على آخرته بغير زاد ) .
8ـ قال عليه السّلام: ( إذا أقبلت الدنيا على امرئ أعارته محاسن غيره ، وإذا أدبرت عنه سلبته محاسن نفسه ) .
9ـ سمع أمير المؤمنين علي عليه السّلام رجلاً يغتاب رجلاً عند ابنه الحسن عليه السّلام ، فقال : ( يا بني ! نزه نفسك وسمعك عنه ، فإنّه نظر إلى أخبث ما في وعائه فأفرغه في وعائك ) .
10ـ قال عليه السّلام: ( من بالغ في الخصومة ظلم ، ومن قصر فيها ظلم ، ولا يستطيع أن يتقي الله من يخاصم ) .
11ـ قال عليه السّلام: ( يجب على العاقل أن يكون عارفاً بزمانه ، مالكاً للسانه ، مقبلاً على شأنه ) .
12ـ قال عليه السّلام: ( القريب من قرّبته المودّة وإن بعد نسبه ، والبعيد من باعدته العداوة وإن قرب نسبه ) .
13ـ قال عليه السّلام: ( الفقيه كل الفقيه من لم يقنط الناس من رحمة الله ، ولم يرخص لهم في معاصي الله ، ولم يؤمنهم من عذاب الله ، ولم يدع القرآن رغبة عنه إلى غيره ، لأنّه لا خير في عبادة لا علم فيها ، ولا علم لا فهم معه ، ولا قراءة لا تدبّر فيها ) .
14ـ قال عليه السّلام: ( من أراد أن ينصف الناس من نفسه ، فليحب لهم ما يحب لنفسه )

عليّ والرّسول عليهما السّلام
كان علي عليه السّلام خير المؤمنين بعد رسول الله صلّى الله عليه وآله، فقد كان قلبه عامراً بأكمل الإيمان ، ولا ينقصه حتى مقدار ذرة واحدة من نور الإيمان المتكامل ، فقلبه عليه السّلام ربيع الإيمان . بل ليس في قلبه ذرة واحدة من هوى النفس ، فهو الصراط المستقيم ، وهو سبيل الله ، وهو ميزان الأعمال ، وهو مع الحق والحق معه ، وإنما تتجلى الصفات الثبوتية للحق فيه عليه السّلام فهو : العدل الإلهي ، ورحمة الله ، وقدرته ، ورمز الرأفة ، والعطف ، والصبر الإلهي ، ومظهر من مظاهرها . علي نفس رسول الله صلّى الله عليه وآله و عيبة علمه ، وأخوه ، وخليفته ، ووصيه ، وكل من أحبه ووالاه فقد أحب الله ورسوله والمؤمنين ووالاهم ، وكل من أبغضه وعصاه فقد أبغض الله ورسوله والمؤمنين ، فمحبه محب لله ورسوله ، ومبغضه مبغض لله ورسوله . و نلفت أنظار القراء الكرام إلى بعض ما ورد من الأخبار في هذا المقام:
1ـ روى القندوزي الحنفي والجويني ، عن أبي برزة الأسلمي ، قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : ( إن الله تعالى عهد إلي في علي عهداً ، أن عليا راية الهدى ، وإمام أوليائي ، ونور من أطاعني ، وهو الكلمة التي ألزمتها المتقين ، من أحبه أحبني ، ومن أبغضه أبغضني ، فبشره ) ، فجاء علي عليه السّلام فبشرته بذلك ، فقال : ( يا رسول الله ، أنا عبد الله ، فإن يعذبني فبذنبي ، وإن يتم الذي بشرني به فالله أولى بي ) ، فقال صلّى الله عليه وآله : ( قلت : اللهم أجل قلبه ، واجعله ربيع الإيمان ، فقال الله تبارك وتعالى : قد فعلت به ذلك ، ثم قال تعالى : إني مستخصه بالبلاء ، فقلت : يا رب ، إنه أخي ووصي ، فقال تعالى : إنه شي‏ء قد سبق فيه قضائي، إنه مبتلى. ينابيع المودة: ص 134، فرائد السمطين: 1/151، ح 114 .
2ـ روى الجويني ، عن علقمة ، عن عبد الله ، قال : خرج رسول الله صلّى الله عليه وآله من بيت زينب بنت جحش ، وأتى بيت أم سلمة ، وكان يومها من رسول الله صلّى الله عليه وآله، فلم يلبث أن جاء علي عليه السّلام ودق الباب دقا خفيفاً ، فأثبت النبي صلّى الله عليه وآله الدق ، وأنكرته أم سلمة ، فقال لها النبي صلّى الله عليه وآله: ( قومي وأفتحي له الباب)، إلى أن قال: ( قالت: ففتحت الباب ، فأخذ بعضادتي الباب ، حتى إذا لم يسمع حسيسا ولا حركة ، وصرت في خدري ، استأذن فدخل ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله: ( يا أم سلمة ، أتعرفينه ؟ ) قلت: نعم يا رسول الله ، هذا علي بن أبي طالب. قال: ( صدقت ، هو سيد أحبه ، لحمه من لحمي ، ودمه من دمي ، وهو عيبة علمي ، فاسمعي واشهدي ، وهو قاتل الناكثين والقاسطين والمارقين من بعدي ، فاسمعي واشهدي ، وهو قاضي عداتي ، فاسمعي واشهدي ، وهو والله محيي سنتي ، فاسمعي واشهدي ، لو أن عبداً عبد الله ألف عام وألف عام وألف عام ، بين الركن والمقام ، ثم لقي الله عزوجل مبغضاً لعلي بن أبي طالب وعترتي أكبه الله على منخريه يوم القيامة في نار جهنم ) فرائد السمطين : 1/331، ح257.
3ـ روى الجويني أيضاً ، عن عبد الله بن مسعود ، قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : ( من أحبني فليحب علي بن أبي طالب ، ومن أبغض علي بن أبي طالب فقد أبغضني ، ومن أبغضني فقد أبغض الله ، ومن أبغض الله فقد أدخله النار ) المصدر السابق : 1/132، ح 94.
4ـ وعنه أيضا عن أنس ، قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله لعلي : ( يا علي ، من زعم أنه يحبني وهو يبغضك ، فهو كذاب ) المصدر السابق: 1/134 ، ح94 .
5ـ روى ابن المغازلي الشافعي ، عن سلمان ، قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله لعلي : ( يا علي ، محبك محب، ومبغضك مبغض) المناقب لابن المغازل : 196، ح 233.
6ـ عن ابن عبد البر، عن رسول الله صلّى الله عليه وآله: ( من أحب علياً فقد أحبني، ومن أبغض علياً فقد أبغضني، ومن آذى علياً فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله)الاستيعاب بهامش الإصابة: 3/37.
7ـ روى ابن عساكر، عن أم سلمة، قالت: أشهد أني سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله يقول: (من أحب علياً فقد أحبني، ومن أحبني أحب الله، ومن أبغض علياً فقد أبغضني، ومن أبغضني فقد أبغض الله) ترجمة الإمام علي من تاريخ دمشق: 2/190،ح673.
8ـ وعنه أيضاً بإسناده عن جابر، قال: دخل علينا رسول الله صلّى الله عليه وآله، ونحن في المسجد ، وهو آخذ بيد علي عليه السّلام ، فقال النبي صلّى الله عليه وآله: ( ألستم زعمتم أنكم تحبوني؟ ) قالوا: بلى يا رسول الله، قال: ( كذب من زعم أنه يحبني، ويبغض هذا ). يعني علياً عليه السّلام المصدر السابق: 2/185، ح664.
9ـ وعنه أيضاً، عن سلمان الفارسي، قال: رأيت رسول الله صلّى الله عليه وآله ضرب فخذ علي بن أبي طالب وصدره ، وسمعته يقول : ( محبك محبي ، ومحبي محب الله ، ومبغضك مبغضي ، ومبغضي مبغض الله ) المصدر السابق : 2/187 ، ح669 .
10ـ وعنه أيضاً، عن زياد بن أبي زياد الأسدي، عن جده ، قال : سمعت علي بن أبي طالب يقول : ( قال لي رسول الله صلّى الله عليه وآله: إنك تعيش على ملتي ، وتُقتل على سنتي ، من أحبك أحبني ، ومن أبغضك أبغضني ) المصدر السابق: 2/188 ، ح670.
11ـ وعنه أيضاً ، عن عمر بن عبد الله الثقفي ، عن أبيه ، عن جده يعلى بن مرة الثقفي ، قال : سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله يقول : ( من أطاع علياً فقد أطاعني ، ومن عصى علياً فقد عصاني ، ومن عصاني فقد عصى الله ، ومن أحب علياً فقد أحبني ، ومن أحبني فقد أحب الله ، ومن أبغض علياً فقد أبغضني ، ومن أبغضني فقد أبغض الله ، لا يحبك إلا مؤمن ، ولا يبغضك إلا كافر أو منافق ) المصدر السابق : 2/188 ، ح671.
12 - وروى ابن الصباغ المالكي عن محمد بن يوسف الكنجي الشافعي حكاية عن عبد الله بن عباس ، وكان سعيد بن جبير يقوم بعد كف بصره ، فمر على ضفة زمزم ، فإذا بقوم من أهل الشام يسبون علياً عليه السّلام ، فسمعهم عبد الله بن عباس ، فقال لسعيد : ردني إليهم ، فرده ، فوقف عليهم ، وقال : أيكم الساب لله تعالى ؟ ، فقالوا : سبحان الله ، ما فينا أحد سبَّ الله !! ، فقال : أيكم الساب لرسوله صلّى الله عليه وآله ؟ ، فقالوا : سبحان الله ، ما فينا أحد سبَّ رسول الله !! ، قال : فأيكم الساب لعلي بن أبي طالب عليه السّلام ؟ فقالوا : أما هذا فقد كان منه شي‏ء ، فقال : أشهد على رسول الله صلّى الله عليه وآله بما سمعته أذناي ، ووعاه قلبي ، سمعته يقول لعلي بن أبي طالب عليه السّلام : ( يا علي ، من سبَّك فقد سبَّني ، ومن سبَّني فقد سبَّ الله ، ومن سبَّ الله فقد أكبَّه الله على منخريه في النار ) وولى عنهم وقال : يا بني ، ماذا رأيتهم صنعوا ؟ قال : فقلت لهم يا أبتِ:

نظروا إليك بأَعيُنٍ مُحمَرَّةٍ ***** نظرَ التيوس إلى شِفَارِ الجَازِرِ
فقال: زدني فداك أبوك ، فقلت:
خزر العيون نواكس أبصارهم ***** نظر الذليل إلى العزيز القاهر
فقال: زدني فداك أبوك، فقلت: ليس عندي مزيد، فقال: عندي المزيد:
أَحيَاؤُهُم عَارٌ على أمواتهم ***** والميتون مسَبَّةٌ للغابر
الفصول المهمة لابن الصباغ المالكي: 127.


أحقيتة عليه السّلام بالخلافة
إن الباحث المنصف – كائناً من كان – لابد أن ينتابه الذهول ، ويعتريه الاستغراب وهو يتفحص بإمعان وتَأَنٍّ ما حَفلَتْ به كتب السير ومصادر الأحاديث ، التي يُشَار إليها بالبَنَان ، وتُحَاط بهالات من التبجيل والتقديس ، من روايات ، وأحاديث ، وأحداث ، كيف أن أصابع التحريف والتشويه تركت فيها آثاراً لا تُخفى ، وشواهد لا تُوارَى ، أخذت من هذا الدين الحنيف مَأخَذاً كبيراً ، وفَتَحت لِذَوِي المَآرِب المُنحرفة باباً كبيراً. بل ومن العجب العُجاب أن تجد في طَيَّات كل مبحث وكتاب - من تلك الكتب - جملة كبيرة من التناقضات الصريحة التي لا تخفى على القارئ البسيط - ناهيك عن الباحث المتخصص – تعلن بصراحة عن تَزْيِيف وتحريف تناول الكثير من أحاديث الرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله وأقوال الصحابة الناصحين بِجُرْأةٍ كبيرة ، فأخذ يعمل فيها هدماً وتشويهاً. ولعل حادثة الغدير – بما لها من قدسية عظيمة – كانت مرتعاً خصباً لِذَوي النفوس العقيمة خضعت لأكبر عملية تزوير قديماً وحديثا أرادت وبأي شكل كان أن تفرِّغ هذا الأمر السماوي من مصداقيته ومن محتواه الحقيقي ، وتحمله إما بين التكذيب الفاضح أو التأويل المُستَهْجَن.فكانت تلك السنوات العُجَاف بعد وفاة رسول الله صلّى الله عليه وآله وإلى يومنا هذا حَافِلَة بهذه التناقضات ، ومليئة بتلك المفارقات. ولعل أم المصائب أن يأتي بعد أولئك القدماء جيل من الكُتَّاب المعاصرين يأخذ ما وجده – رغم تناقضاته ومخالفته للعقل والمنطق – ويرسله إرسال المُسَلَّمَات دون تَمَعُّنٍ وبحث. وكأن هذا الأمر ما كان أمراً سماوياً أو حَتماً إلهياً ، بل حَالَهُم كحال من حكى الله تعالى عنهم في كتابه العزيز حيث قال: ( قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آَثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ ) الزخرف: 22 .
فالجناية الكبرى التي كانت تستهدف الإمام علي عليه السّلام ما كانت وليدة اليوم ، ولا الأمس القريب ، بقدر ما كان لها من الامتداد العميق الضارب في جذور التأريخ ، والذي كان متزامناً مع انبثاق نور الرسالة السماوية. حيث أنه قد توافقت ضمائر المفسدين – وإن اختلفت مُرتَكَزَاتِها – لِجَرِّ الديانة الإسلامية السمحاء إلى حيث ما آلتْ إليه الأديان السماوية السابقة ، من انحراف خطير ، وتشويه رهيب. لأن من السذاجة بمكان أن تُؤخذ كل جناية من هذه الجنايات على حِدَة ، وتُنَاقَشُ بِمَعزَلٍ عن غيرها ، وعن الصراع الدائم بين الخير والشر ، وبين النور والظلام ، وَمَنْ كان علي عليه السّلام ؟! هل كان إلا كنفس رسول الله صلّى الله عليه وآله، رُزِقَ عِلمُه وفهمُه ، وأخذ منه ما لَمْ يأخذه الآخرون ، بل كان عليه السّلام امتداداً حقيقياً له صلّى الله عليه وآله دون الآخرين. وهل كانت كَفُّه عليه السّلام إلا كَكَفِّ رسول الله صلّى الله عليه وآله في العدل سواء؟ وهل كان عليه السّلام إلا مع الحق والحق معه حيثما دار؟ وهل كان عليه السّلام لو وَلِيَ أمور المسلمين – كما أراد الله تعالى ورسوله صلّى الله عليه وآله – إلا حاملاً المسلمين على الحق ، وسالكاً بهم الطريق القويم وجادة الحق؟ بلى كان يُعدُّ من السذاجة بمكان أن يُمَكَّنَ علياً عليه السّلام من تَسَلُّم ذروة الخلافة ، وامتطاء ناصيتها ، لأن هذا لا يغير من الأمر شيئاً بعد رسول الله صلّى الله عليه وآله. فيظهر الإمام علي عليه السّلام لهم وكأنه النبي محمد صلّى الله عليه وآله، يقيم دعائم التوحيد ، ويقف سَدّاً حائلاً أمام أحلامهم المنحرفة التي لا تنتهي عند حَدٍّ مُعيَّن ، ولا مَدىً معروف. ولعل الاستقراء البسيط لمجريات بعض الأمور يوضح جانباً بَيِّناً من تلك المؤامرة الخطيرة ، التي وإن اخَتَلَفَتْ نوايا أصحابها إلاَّ أنها تلتقي عند هدف واحد ، وهو إفراغ الرسالة السماوية من محتواها الحقيقي ، ودفع المسلمين إلى هاوية التَرَدِّي والانحطاط. وَيُحيِّرُنا من يرتضي للملوك والزعماء أن يعهدوا بالولاية والخلافة وهم أهل الدنيا ، ولا يرتضون ذلك لرسول الله صلّى الله عليه وآله ووليِّه عليه السّلام وهم أهل والآخرة. عدا أنهم نقلوا أن أبا بكر وعُمَر لم يموتا حتى أوصيا بذلك ، بل والأغرب من ذلك أن تَجِدَ تلك التأويلات الممجوجة للنصوص الواضحة ، وذلك الحمل الغريب للظواهر البَيِّنَة. والجميع يدركون – بلا أدنى ريب – أن الرسول صلّى الله عليه وآله لا يتحدث بالأحاجي والألغاز، ولا يقول بذلك منصف مدرك .
إذن فماذا يريد صلّى الله عليه وآله بحديث الثقلين المشهور؟ وما يريد بقوله صلّى الله عليه وآله لعلي عليه السّلام : ( أَمَا تَرضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِن مُوسَى )؟ وما يريد بقوله صلّى الله عليه وآله أيضاً : ( عَلِيُّ وَليُّ كُلَّ مُؤمِنٍ بَعدِي )؟ وإذا كان هناك من يَنفُرُ من كلمة الحق ، وتَعمَى عليه الحقائق ، فما بَالهُ بالشواهد وقد شهد حادثة الغدير عشرات الألوف من المسلمين ، كما تشهد بذلك الروايات الصحيحة في بطون الكتب. بل وأخرى تَنقُلُ تَهْنِئَةَ الصحابةِ لِعَليٍّ عليه السّلام بأسانيدٍ صِحَاح لا تُعارض. وحقاً إن هذا الأمر لا يُخفى ، بالرغم من أنهم جهدوا في طمس تلك الحقائق الناصعة المشرقة.

تنصيبه عليه السّلام في غدير خم
لما انتهى الرسول صلّى الله عليه وآله من آخر حجَّةٍ حَجَّها، قَفلَ راجعاً إلى المدينة المنورة، وحينما انتهى موكبه إلى غدير خَم هبطَ عليه أمين الوحي يحمل رسالة من السماء بالغة الخطورة. وكانت هذه الرسالة تحتم عليه بأن يحطَّ رِحالَهُ ليقوم بأداء هذه المهمة الكبرى ، وهي نصب الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام خليفة ومرجعاً للأمة من بعده صلّى الله عليه وآله. وكان أمر السماء بذلك يحمل طابعاً من الشدَّة ولزوم الإسراع في إذاعة ذلك بين المسلمين. فقد نزل عليه الوحي بهذه الآية : ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَم تَفْعَل فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ) المائدة : 67. فقد أُنذِرَ النبي صلّى الله عليه وآله بأنه إن لم ينفِّذ إرادة الله ذهبت أتعابه ، وضاعت جهوده ، وتبدَّدَ ما لاقَاهُ من العناء في سبيل هذا الدين. فانبرى صلّى الله عليه وآله بعزم ثابت وإرادة صلبة إلى تنفيذ إرادة الله ، فوضع أعباء المسير وحَطَّ رِحاله في رمضاء الهجير ، وأمر القوافل أن تفعل مثل ذلك. وكان الوقت قاسياً في حرارته حتى كان الرجل يضع طرف ردائه تحت قدميه لِيَتَّقِي به من الحَر. ثم أمَرَ صلّى الله عليه وآله باجتماع الناس ، فَصلَّى بهم ، وبعد ما انتهى من الصلاة أمر أن توضع حدائج الإبل لتكون له منبراً ، ففعلوا له ذلك. فاعتلى عليها وكان عدد الحاضرين - فيما يقول المؤرخون - مِائة ألف ، أو يَزيدونَ على ذلك. وأقبلوا بقلوبهم نحو الرسول صلّى الله عليه وآله ليسمعوا خطابه ، فأعلن صلّى الله عليه وآله ما لاقاه من العناء والجهد في سبيل هدايتهم وإنقاذهم من الحياة الجاهلية إلى الحياة الكريمة التي جاء بها الإسلام. كما ذكر صلّى الله عليه وآله لهم كَوكَبَة من الأحكام الدينية ، وألزمهم بتطبيقها على واقع حياتهم ، ثم قال لهم : ( انظُروا كَيفَ تُخَلِّفُوني في الثقلين ). فناداهُ منادٍ من القوم : ما الثقلان يا رسول الله؟ فقال صلّى الله عليه وآله : ( الثقل الأكبر كتابُ الله ، طَرفٌ بِيَدِ اللهِ عَزَّ وَجلَّ ، وَطرفٌ بِأَيديكُم ، فَتَمَسَّكُوا به لا تَضلُّوا ، والآخر الأصغر عِترَتي ، وإنَّ اللَّطيفَ الخَبيرَ نَبَّأَنِي أنَّهُمَا لن يَفتِرقا حَتى يَرِدَا عَلَيَّ الحَوض ، فَسَألتُ ذلك لَهما رَبِّي ، فلا تُقَدِّمُوهُمَا فَتهلَكُوا ، ولا تُقَصِّرُوا عَنهُمَا فَتَهلَكُوا ). ثم أخذ صلّى الله عليه وآله بيد وَصيِّه وباب مدينة علمه الإمام علي ( عليه االسلام ) لِيَفرضَ ولايته على الناس جميعاً حتى بَانَ بَياضُ إِبطَيْهِمَا ، فنظر إليهما القوم. ثم رفع صلّى الله عليه وآله صوتُه قائلاً : ( يَا أَيُّهَا النَّاس ، مَنْ أولَى النَّاس بِالمؤمنين مِن أَنفُسِهم ؟ ). فأجابوه جميعاً : اللهُ ورسولُه أعلم. فقال صلّى الله عليه وآله : ( إنَّ الله مولاي ، وأنا مولى المؤمنين ، وأنا أولَى بهم من أنفسِهِم ، فَمن كنتُ مَولاه فَعَلِيٌّ مَولاهُ ). قال ذلك ثلاث مرات أو أربع ، ثم قال صلّى الله عليه وآله : ( اللَّهُمَّ وَالِ مَن وَالاَهُ وَعَادِ مَن عَادَاهُ ، وَأَحِبَّ مَن أَحبَّهُ وَأبغضْ مَن أبغَضَهُ ، وانصُرْ مَن نَصَرَه واخْذُل مَن خَذَلَهُ ، وَأَدِرِ الحَقَّ مَعَهُ حَيثُ دَار ، أَلا فَلْيُبَلِّغِ الشاهِدُ الغَائِبَ ). وبذلك أنهى صلّى الله عليه وآله خطابه الشريف الذي أَدَّى فِيه رسالة الله ، فَنَصَّبَ أمير المؤمنين عليه السّلام خليفة ، وأقامه عَلَماً للأمة ، وقَلَّدَهُ مَنصب الإمامة. فأقبل المسلمون يهرعون وهُم يُبَايِعُون الإمام علي عليه السّلام بِالخِلافَة ، وَيُهَنِّئُونَهُ بِإِمْرَةِ المُسلمين. وأمر النبي صلّى الله عليه وآله أُمَّهَات المؤمنين أَنْ يَسُرْنَ إِليهِ وَيُهَنِّئْنَه ، فَفَعَلْنَ ذلك. وعندها انبرى حَسَّان بن ثابت فاستأذن النبي صلّى الله عليه وآله بتلاوة ما نظمه من الشعر ، فأذن له النبي صلّى الله عليه وآله، فقال حَسَّان:

يُنَادِيهُمُ يـوم الغَدير نَبِيُّهُم ***** نَجْم وأَسمِعْ بِالرَّسُولِ مُنَادِياً
فَقالَ فَـمنْ مَولاكُمُ وَنَبِيُّكم؟ ***** فَقَالوا وَلَم يُبدُوا هُنَاك التَّعَامِيَا
إِلَـهَكَ مَولانَا وَأنـتَ نَبِيُّنَا ***** وَلَم تَلْقَ مِنَّا فِي الوِلايَةِ عَاصِياً
فَقالَ لَهُ: قُمْ يَاعَلِيُّ فَإِنَّنِي ***** رَضيتُكَ مِن بَعدِي إِمَاماً وَهَاديا
فَمَنْ كنتُ مَولاهُ فَهذا وَلِيُّهً ***** فَكُونُوا لَهُ أَتْبَاعُ صِدقٍ مُوالِياً
هُناكَ دَعا : اللَّهُمَّ وَالِ وَلِيَّهُ ***** وَكُنْ لِلَّذِي عَادَى عَلِيّاً مُعَادِياً

ونزلت في ذلك اليوم الخالد في دنيا الإسلام هذه الآية الكريمة: ( اليَومُ أَكمَلتُ لَكُم دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيكُمْ نِعمَـتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسلامَ دِيناً ) المائدة : 3 .
فقد كمل الدين بولاية أمير المؤمنين عليه السّلام ، وتَمَّتْ نعمة الله على المسلمين بِسُمُوِّ أحكامِ دينِهم ، وَسُمُوِّ قِيادتهم التي تُحَقِّق آمالَهم في بلوغ الحياة الكريمة. وقد خطا النبي صلّى الله عليه وآله بذلك الخطوة الأخيرة في صيانة أُمَّتِه من الفتن والزيغ. فلم يترك صلّى الله عليه وآله أمرها فوضى – كما يزعمون – ، وإنما عَيَّن لها القائد والموجه الذي يهتمُّ بأمورها الاجتماعية والسياسية. وإن هذه البيعة الكبرى التي عقدها الرسول العظيم صلّى الله عليه وآله إلى الإمام علي عليه السّلام من أوثق الأدلَّة على اختصاص الخلافة والإمامة به عليه السّلام. وقد احتجَّ بها الإمام الحسين عليه السّلام في مكة لمعارضة حكومة معاوية وشجب سياسته ، فقد قال عليه السّلام للحاضرين: أُنشِدُكُم اللهَ أَتعْلَمُونَ أنَّ رَسولَ اللهِ نَصَّبَهُ – يعني علياً عليه السّلام – يوم غدير خُم فنادى صلّى الله عليه وآله له عليه السّلام بالولاية ، وقال صلّى الله عليه وآله : لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الغَائِبَ؟. فقال الحاضرون: اللَّهُمَّ نَعم.

برنامجه عليه السلام الإصلاحي
استلم الإمام علي عليه السّلام الخلافة بعد مقتل عثمان بسبعة أيام ، ذلك في ( 25 ) ذي الحجة عام ( 35 هـ ) ، فوجد الأوضاع متردّية بشكل عام ، وعلى أثر ذلك وضع خطّة إصلاحية شاملة ، ركّز فيها على شؤون الإدارة ، والاقتصاد ، والحكم ، وفي السطور القادمة سنتناول شواهد على ذلك البرنامج الإصلاحي بشكل مختصر:

الشّاهد الأول: تطهير جهاز الدولة
أول عمل قام به الإمام عليه السّلام فور توليته لمنصب رئاسة الدولة هو عَزل وُلاة عثمان الذين سَخّروا جهاز الحكم لمصالحهم الخاصة، وأُثروا ثراءً فاحشاً مما اختلسوه من بيوت المال، وعزل عليه السّلام معاوية بن أبي سفيان أيضاً. ونقل المؤرخون، إنه أشار عليه جماعة من المخلصين بإبقائه في منصبه ريثما تستقر الأوضاع السياسية ثم يعزله فأبى الإمام عليه السّلام، وأعلن أن ذلك من المداهنة في دينه، وهو مما لا يُقرّه ضميره الحي، الذي لا يسلك أي طريق يبعده عن الحق ولو أبقاه ساعة لكان ذلك تزكية له، وإقرارا بعدالته، وصلاحيته للحكم.

الشّاهد الثاني: تأميم الأموال المختلسة
أصدر الإمام عليه السّلام قراره الحاسم بتأميم الأموال المختلسة التي نهبها الحكم المُباد. فبادرت السلطة التنفيذية بوضع اليد على القطائع التي أقطعها عثمان لذوي قُرباه، والأموال التي استأثر بها عثمان، وقد صودِرت أمواله حتى سيفه ودرعه، وأضافها الإمام عليه السّلام إلى بيت المال. وقد فزع بنو أمية كأشد ما يكون الفزع ، فهم يرون الإمام عليه السّلام هو الذي قام بالحركة الانقلابية التي أطاحت بحكومة عثمان ، وهم يطالبون الهاشميين برد سيف عثمان ودرعه وسائر ممتلكاته التي صادرتها حكومة الإمام عليه السّلام. وفزعت القبائل القرشية وأصابها الذهول ، فقد أيقنت أن الإمام سيصادر الأموال التي منحها لهم عثمان بغير حق. فقد كتب عمرو بن العاص رسالة إلى معاوية جاء فيها : ما كنتُ صانعاً فاصنع إذا قشّرك ابن أبي طالب من كل مال تملكه كما تقشر عن العصا لحاها. لقد راح الحسد ينهش قلوب القرشيين ، والأحقاد تنخر ضمائرهم ، فاندفعوا إلى إعلان العصيان والتمرد على حكومة الإمام عليه السّلام.

الشّاهد الثالث: الوقوف بوجه الأطماع الجاهليّة
وامتُحِن الإمام عليه السّلام امتحاناً عسيراً من الأُسَر القرشية ، وعانى منها أشدّ ألوان المِحن والخُطوب في جميع أدوار حياته. فيقول عليه السّلام: لقد أخافَتني قُريش صغيراً، وأنصبتني كبيراً، حتى قبض الله رسوله صلّى الله عليه وآله، فكانت الطامّة الكبرى، والله المُستعان على ما تَصِفون. ولم يعرهم الإمام عليه السّلام اهتماماً، وانطلق يؤسس معالم سياسته العادلة، ويحقق للأمة ما تصبوا إليه من العدالة الاجتماعية. وقد أجمع رأيه عليه السّلام على أن يقابل قريش بالمِثل، ويسدد لهم الضربات القاصمة إن خلعوا الطاعة، وأظهروا البغي. فيقول عليه السّلام: مَالي وَلِقُريش، لقد قتلتُهم كافرين، ولأقتلنَّهم مَفتونين، والله لأبقرنَّ الباطل حتى يظهر الحق من خَاصِرَتِه، فَقُلْ لقريش فَلتضجّ ضَجيجَها.

الشّاهد الرابع: سياسة الإمام عليه السّلام العامّة
فيما يلي عرضاً موجزاً للسياسة الإصلاحية التي اتبعها الإمام عليه السّلام لإدارة الدولة الإسلامية وهي كما يلي:
أولاً: السياسة المالية
كانت السياسة المالية التي انتهجها الإمام عليه السّلام امتداد لسياسة الرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله الذي عنى بتطوير الحياة الاقتصادية، وإنعاش الحياة العامة في جميع أنحاء البلاد، بحيث لا يبقى فقير أو بائس أو محتاج. وذلك بتوزيع ثروات الأمة توزيعاً عادلاً على الجميع. ومن مظاهر هذه السياسة هي :
1 - المساواة في التوزيع والعطاء ، فليس لأحد على أحد فضل أو امتياز ، وإنما الجميع على حدٍّ سواء.فلا فضل للمهاجرين على الأنصار ، ولا لأسرة النبي صلّى الله عليه وآله وأزواجه على غيرهم ، ولا للعربي على غيره. وقد أثارت هذه العدالة في التوزيع غضب الرأسماليين من القرشيين وغيرهم ، فأعلنوا سخطهم على الإمام عليه السّلام. وقد خفت إليه جموع من أصحابه تطالبه بالعدول عن سياسته فأجابهم الإمام عليه السّلام : لو كان المال لي لَسوّيتُ بينهم فكيف، وإنما المال مال الله، ألا وإن إعطاء المال في غير حقه تبذير وإسراف، وهو يرفع صاحبه في الدنيا، ويضعه في الآخرة، ويُكرّمه في الناس، ويهينه عند الله. فكان الإمام عليه السّلام يهدف في سياسته المالية إلى إيجاد مجتمع لا تطغى فيه الرأسمالية ، ولا تحدث فيه الأزمات الاقتصادية ، ولا يواجه المجتمع أي حِرمان أو ضيق في حياته المعاشية.وقد أدت هذه السياسة المشرقة المستمدة من واقع الإسلام وهَدْيهِ إلى إجماع القوى الباغية على الإسلام أن تعمل جاهدة على إشاعة الفوضى والاضطراب في البلاد ، مستهدفة بذلك الإطاحة بحكومة الإمام عليه السّلام.
2 - الإنفاق على تطوير الحياة الاقتصادية ، وإنشاء المشاريع الزراعية ، والعمل على زيادة الإنتاج الزراعي الذي كان من أصول الاقتصاد العام في تلك العصور. وقد أكد الإمام عليه السّلام في عهده لمالك الأشتر على رعاية إصلاح الأرض قبل أخذ الخراج منها. فيقول عليه السّلام: وليكُن نظرك في عِمارة الأرض أبلغ من نظرك في استجلاب الخراج، لأن ذلك لا يُدرك إلا بالعمارة، ومن طلب الخراج بغير عمارة أخرب البلاد وأهلك العباد، ولم يستقم أمره إلا قليلاً. لقد كان أهم ما يعني به الإمام عليه السّلام لزوم الإنفاق على تطوير الاقتصاد العام ، حتى لا يبقى أي شبح للفقر والحرمان في البلاد.
3 - عدم الاستئثار بأي شيء من أموال الدولة ، فقد تحرج الإمام عليه السّلام فيها كأشد ما يكون التحرّج. وقد أثبتت المصادر الإسلامية بوادر كثيرة من احتياط البالغ فيها ، فقد وفد عليه أخوه عقيل طالباً منه أن يمنحه الصلة ويُرَفّهُ عليه حياته المعاشية ، فأخبره الإمام عليه السّلام أن ما في بيت المال للمسلمين ، وليس له أن يأخذ منه قليلاً ولا كثيراً ، وإذا منحه شيء فإنه يكون مختلساً. وعلى أي حال فإن السياسة الاقتصادية التي تَبنّاها الإمام عليه السّلام قد ثقلت على القوى المنحرفة عن الإسلام ، فانصرفوا عن الإمام وأهل بيته عليهم السّلام، والتحقوا بالمعسكر الأموي الذي يضمن لهم الاستغلال ، والنهب ، وسلب قوت الشعب ، والتلاعب باقتصاد البلاد.
ثانياً: السياسة الداخلية
عنى الإمام عليه السّلام بإزالة جميع أسباب التخلف والانحطاط ، وتحقيق حياة كريمة يجد فيها الإنسان جميع متطلبات حياته ، من الأمن والرخاء والاستقرار ، ونشير فيما يلي إلى بعض مظاهرها:
1 - المساواة
وتجسّدت فيما يأتي:
أ - المساواة في الحقوق والواجبات .
ب - المساواة في العطاء .
ج - المساواة أمام القانون .
وقد ألزم الإمام عليه السّلام عُمّاله وَوُلاته بتطبيق المساواة بين الناس على اختلاف قوميّاتهم وأديانهم. فيقول عليه السّلام في بعض رسائله إلى عماله : واخفضْ للرعيّة جناحك ، وابسط لهم وجهك ، وأَلِنْ لهم جنابك ، وآسِ بينهم في اللحظة والنظرة ، والإشارة والتحية ، حتى لا يطمع العظماء في حيفك ، ولا ييأس الضعفاء من عدلك.
2 - الحرية
أما الحرية عند الإمام عليه السّلام فهي من الحقوق الذاتية لكل إنسان ، ويجب أن تتوفر للجميع ، شريطة أن لا تستغلّ في الاعتداء والإضرار بالناس ، وكان من أبرز معالمها هي الحُرّية السياسية. ونعني بها أن تُتَاح للناس الحرية التامة في اعتناق أي مذهب سياسي دون أن تفرض عليهم السلطة رأيا معاكساً لما يذهبون إليه. وقد منح الإمام عليه السّلام هذه الحرية بأرحب مفاهيمها للناس ، وقد منحها لأعدائه وخصومه الذين تخلفوا عن بيعته. فلم يجبرهم الإمام عليه السّلام ، ولم يتخذ معهم أي إجراء حاسم كما اتخذه أبو بكر ضده حينما تَخلّف عن بيعته. فكان الإمام عليه السّلام يرى أن الناس أحرار ، ويجب على الدولة أن توفر لهم حريتهم ما دام لم يخلوا بالأمن ، ولم يعلنوا التمرد والخروج على الحكم القائم. وقد منح عليه السّلام الحرية للخوارج ، ولم يحرمهم عطاءهم مع العلم أنهم كانوا يشكلون أقوى حزب معارض لحكومته. فلما سَعوا في الأرض فساداً ، وأذاعوا الذعر والخوف بين الناس انبرى إلى قتالهم حفظاً على النظام العام ، وحفظاً على سلامة الشعب .
ثالثاً : الدعوة إلى وحدة الأمة
وجهد الإمام كأكثر ما يكون الجهد والعناء على العمل على توحيد صفوف الأمة ونشر الأُلفة والمحبة بين أبنائها. واعتبر عليه السّلام الأُلفة الإسلامية من نعم الله الكبرى على هذه الأمة. فيقول عليه السّلام: إنّ الله سبحانه قد امتَنّ على جماعة هذه الأمة فيما عقد بينهم من حبل هذه الأُلفة التي ينتقلون في ظلها ، ويأوون إلى كنفها ، بنعمة لا يعرف أحد من المخلوقين لها قيمة، لأنها أرجح من كل ثمن ، وأجلُّ من كل خطر. فقد عنى الإمام عليه السّلام بوحدة الأمة، وتبنّي جميع الأسباب التي تؤدي إلى تماسكها واجتماع كلمتها ، وقد حافظ على هذه الوحدة في جميع أدوار حياته. فقد ترك عليه السّلام حَقّه وسَالَم الخلفاء صِيانة للأمة من الفرقة والاختلاف.
رابعاً: تربية الأمة
لم يعهد عن أحد من الخلفاء أنه عنى بالناحية التربوية أو بشؤون التعليم كالإمام عليه السّلام ، وإنما عنوا بالشؤون العسكرية ، وعمليات الحروب ، وتوسيع رقعة الدولة الإسلامية ، وبسط نفوذها على أنحاء العالم. وقد أولى أمير المؤمنين عليه السّلام المزيد من اهتمامه بهذه الناحية، فاتخذ جامع الكوفة معهداً يلقي فيه محاظراته الدينية والتوجيهية. وكان عليه السّلام يشغل أكثر أوقاته بالدعوة إلى الله ، وإظهار فلسفة التوحيد ، وبَثّ الآداب والأخلاق الإسلامية مستهدفا من ذلك نشر الوعي الديني ، وخلق جيل يؤمن بالله إيمانا عقائدياً لا تقليدياً. فقد كان الإمام عليه السّلام المؤسس الأعلى للعلوم والمعارف في دنيا الإسلام ، وقد بذل جميع جهوده على إشاعة العلم ونشر الآداب والثقافة بين المسلمين ، وكان دوماً يذيع بين أصحابه قوله: سَلوني قَبلَ أن تفقدوني ، سَلوني عن طُرق السَّماء ، فإني أبصَرُ بها من طُرُق الأرض.

حُرُوبه عليه السلام
اشترك عليه السلام في حروب رسول الله صلى الله عليه وآله جميعاً ـ عدا غَزوَة تَبُوك ، حيث أمره الرسول صلى الله عليه وآله بالبقاء في المدينة المنورة ، وذلك لإدارة شؤونها ـ بالاضافة الى حروبة التي قادها بنفسه عليه السلام في زمن خلافته وهي:
الجمل.
صفين.
النهروان.

نقش خاتمه عليه السلام
المُلْك لله الوَاحِد القَهَّار.

مُدة عُمره عليه السّلام
وكان عمره الشريف 63 عاماً كعمر الرسول صلى الله عليه وآله

مُدة إمامته عليه السلام
كانت مدّة إمامته عليه السلام 30 عاماً من رحيل الرسول صلى الله عليه وآله إلى شهادته عليه السّلام.

تاريخ وسبب شهادته عليه السلام
استشهد الإمام عليه السلام في 21 رمضان سنة 40 للهجرة اثناء سجوده في صلاة الصبح في محراب مسجد الكوفة بضربة سيف مسموم من المجرم ابن مجلم المرادي لعنه الله.
وقال ابن الأثير: أُدخِل ابن ملجم على الإمام علي عليه السّلام وهو مكتوف. فقال الإمام عليه السّلام : أيْ عَدوَّ الله ألَمْ أحسِن إليك. قال: بلى. فقال الإمام عليه السّلام: فَمَا حَملَكَ عَلى هَذَا؟.
قال ابن ملجم : شحذتُه أربعين صباحاً ( يقصد بذلك سيفه) وسألت الله أنْ يقتُلَ به شَرَّ خلقه. فقال الإمام عليه السّلام:لا أرَاكَ إلاَّ مَقتولاً به، ولا أراكَ إلاَّ مِن شَرِّ خَلقِ الله. ثم قال عليه السّلام: النَّفسُ بالنَّفسِ، إن هَلكْتُ فاقتلوه كما قتلني، وإنْ بقيتُ رأيتُ فيه رأيي، يا بني عبد المطلب، لا ألفيَنَّكم تخوضون دماء المسلمين، تقولون قتل أمير المؤمنين، ألا لا يُقتَلَنَّ إلاَّ قاتلي. أُنظُر يا حسن، إذا أنَا مُتُّ من ضربَتي هذه، فاضربه ضربة بضربة، ولا تمثِّلَنَّ بالرجل، فإنِّي سَمعتُ رسول الله صلّى الله عليه وآله يقول: إيَّاكم والمُثْلَة، ولو بالكَلبِ العَقُور. فبقي الإمام علي عليه السّلام يعاني من ضربة المُجرم الأثيم ابن ملجم ثلاثة أيام، عَهد خلالها بالإمامة إلى ابنه الإمام الحسن المجتبى عليه السّلام. وطوال تلك الأيام الثلاثة كان الإمام عليه السّلام يلهَجُ بذكر الله، والرضا بقضائه، والتسليم لأمره. كما كان الإمام عليه السّلام يُصدر الوصيَّة تُلوَ الوصيَّة ، داعياً إلى إقامة حُدودِ الله عزَّ وجلَّ ، محذِّراً من اتِّباع الهوى، والتراجع عن حَمل الرسالة الإسلامية.
وأخيراً ، وفي الحادي والعشرين من شهر رمضان من عام ( 40 هـ ) ، كانت النهاية المؤلمة لهذا الإمام العظيم عليه السّلام ، الذي ظُلِم خلال حياته ظُلامَتَين كبيرتين.
الظلامة الأولى: إقصاؤُه عن الخلافة من قِبَل مُبغِضِيه.
الظلامة الثانية: اغتياله في شهر الله، الذي هو أفضل الشهور، ليَمضي إلى رَبِّه مقتولاً شهيداً. حيث كانت مصيبة فقده عليه السّلام من أشَدِّ المصائب التي تعرَّضت لها الأمة الإسلامية من بعد مصيبة فقدان النبي صلّى الله عليه وآله. وأي فوز أعظم من أن يقضي الإنسان عمره في سبيل الله وفي سبيل الإسلام المحمدي، وفي سبيل إرساء دعائم العدالة والمساواة في المجتمع، والقضاء على الظلم والجور وانصاف المظلومين. لقد كانت شهادته عليه السّلام انتصاراً له، وأي نصر أعظم من أن ينتصر الإنسان على أعداء الرسالة الإسلامية من القاسطين والمارقين والناكثين لأجل خلاص الأمة الإسلامية منهم ليكون الدين كله لله عزّ وجل. فإن الإمام علي عليه السّلام هو المجسد الحقيقي للإسلام الأصيل، والمطبِّق لجميع أحكامه وقوانينه، والمنفِّذ لجميع تشريعاته. حيث كان اغتياله اغتيالاً للإسلام الذي بناه بجهده وجهاده وكيانه ودمه، واغتيالاً للأمة حيث فقدت خليفة وقائداً إسلامياً فذّاً، وقمة شامخة في العلم والفضل والجهاد، وكان جبلاً راسخاً من الثبات والاستقامة والشجاعة والبطولة، وعَلَماً من أعلام الدين وإماماً للمتقين.
اللهم اجعلنا من السائرين على خطى الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام والذابين والمدافعين عن الإسلام ، والمهتمين بأمور المسلمين ، بحق محمد وآله الطيبين الطاهرين .

محل دفنه عليه السلام
النجف الأشرف ، في وادي السلام.

قصة قبره عليه السّلام
جاء في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: لما قُتل الإمام علي عليه السّلام قصد بنوه أن يخفوا قبرَه بوصية منه، خوفاً من بني أميّة والمنافقين والخوارج أن يُحْدِثوا في قبره حدثاً. فأوهموا الناس في موضع قبره تلك الليلة - ليلة دفنه عليه السّلام - إيهامات مختلفة. فشدّوا على جملٍ تابوتاً موثقاً بالحبال، يفوح منه روائح الكافور وأخرجوه من الكوفة في سواد الليل بصحبة ثقاتهم، يوهمون أنهم يحملونه إلى المدينة فيدفنونه عند فاطمة عليها السّلام. وأخرجوا بغْلاً وعليه جنازة مغَطَّاة، يوهمون أنهم يدفنونه بالحيرة، وحفروا حفائر عدَّة، منها في رحبة مسجد الكوفة. ومنها برحبة قصر الإمارة، ومنها في حجرة في دور آل جعدة بن هبيرة المخزومي، ومنها في أصل دار عبد الله بن يزيد القسري، بحذاء باب الورَّاقين، مما يلي قبلة المسجد. ومنها في الكناسة - محلَّة بالكوفة - ومنها في الثويَّة - موضع قريب من الكوفة - فعمي على الناس موضع قبره. ولم يعلم دفنه على الحقيقة إلا بَنُوه والخواص المخلصون من أصحابه، فإنهم خرجوا بالإمام عليه السّلام وقت السَحَر، في الليلة الحادية والعشرين من شهر رمضان، فدفنوا الإمام عليه السّلام في مدينة النجف الأشرف، بالموقع المعروف بالغري. وذلك بوصاية منه عليه السّلام إليهم في ذلك، وعهد كان عهد به إليهم، وعمي موضع قبره على الناس. أما الشيعة فمتَّفقون خَلَفاً عن سَلَف، نقلاً عن أئمتهم أبناء الإمام علي عليه وعليهم السلام، أنه قد دُفِن في الغري، في الموضع المعروف الآن في مدينة النجف الأشرف، ووافَقَهُم المحققون من علماء سائر المسلمين، والأخبار فيه متواترة، أما قول أبي نعيم الإصبهاني: إن الذي على النجف إنما هو قبر المغيرة بن شعبة، فغير صحيح، لأن المغيرة بن شعبة لم يُعرف له قبر، وقيل أنه مات بالشام. وهكذا لم يزل قبره عليه السّلام مخفيّاً، لا يعرفه غير أبنائه والخُلَّص من شعيته عليه السّلام. حتى دلَّ عليه الإمام جعفر الصادق عليه السّلام أيام الدولة العباسية، حينما زاره عند وروده إلى أبي جعفر المنصور وهو في الحيرة، فعرفته الشيعة، واستأنفوا إذ ذاك زيارته. وإن العمارة الموجودة اليوم، والمشهورة بين أهل مدينة النجف الأشرف، هي للشاه عباس الصفوي الأول. فجعل القبَّة خضراء بعد أن كانت بيضاء، ويُحتمل أن تكون هذه العمارة بأمر الشاه صفي الصفوي، سنة ( 1047 هـ ) والد الشاه عباس الصفوي، حيث توفي صفي الصفوي عام ( 1052 هـ ) فأتمَّها ولده الشاه عباس الصفوي سنة ( 1057 هـ ) ثم تنافست الملوك والأُمَراء في عمارته والإهداء إليه، وهو اليوم صرح تأريخي شامخ، تعلوه قُبَّة كبيرة مذهَّبة، ومئذنتان كبيرتان ذهبيَّتان، وله صحن مربع كبير، له خمسة أبواب من جهاته الأربعة، يؤمُّه المسلمون من جميع أنحاء العالم، لتجديد الولاء والزيارة له.
فسلامٌ عليك يا أبا الحسن، وعلى ضجيعيك آدم ونوح، وعلى جاريك هود وصالح، ورحمة الله وبركاته.

فضل زيارته عليه السّلام
وردت عدّة روايات في فضل زيارة الإمام علي عليه السّلام، نذكر منها:
1ـ روي عن الإمام الصادق عليه السّلام عن آبائه عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنّه قال: من زار علياً بعد وفاته فله الجنّة.
2ـ قال الإمام الصادق عليه السّلام: إنّ أبواب السماء لتفتح عند دعاء الزائر لأمير المؤمنين عليه السّلام فلا تكن عن الخير نوّاماً.
3ـ قال الإمام الصادق عليه السّلام: من ترك زيارة أمير المؤمنين عليه السّلام لم ينظر الله تعالى إليه ، ألا تزورون من تزوره الملائكة والنبيون عليهم السّلام، إنّ أمير المؤمنين عليه السّلام أفضل من كل الأئمّة، وله مثل ثواب أعمالهم، وعلى قدر أعمالهم فضلوا.

زيارته عليه السّلام
نقل الشّخ عباس القُمّي رحمه الله هذه الزّيارة، حيث قال:
استقبل القبر وقُل:
اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا رَسُولَ اللهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا صَفْوَةَ اللهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا اَمينَ اللهِ، اَلسَّلامُ عَلى مَنِ اصْطَفاهُ اللهُ وَاخْتَصَّهُ وَاخْتارَهُ مِنْ بَرِيَّتِهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا خَليلَ اللهِ ما دَجَى اللَّيْلُ وَغَسَقَ، وَاَضاءَ النَّهارُ وَاَشْرَقَ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ ما صَمَتَ صامِتٌ، وَنَطَقَ ناطِقٌ، وَذَرَّ شارِقٌ، وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ، اَلسَّلامُ عَلى مَوْلانا اَميرِ الْمُؤْمِنينَ عَلِيِّ بْنِ أبي طالب صاحِبِ السَّوابِقِ وَالْمَناقِبِ وَالنَّجْدَةِ، وَمُبيدِ الْكَتائِبِ، الشَّديدِ الْبَاسِ، الْعَظيمِ الْمِراسِ، الْمَكينِ الاَْساسِ، ساقِي الْمُؤْمِنينَ بِالْكَأسِ مِنْ حَوْضِ الرَّسُولِ الْمَكينِ الاَْمينِ، اَلسَّلامُ عَلى صاحِبِ النَّهْيِ وَالْفَضْلِ وَالطَّوائِلِ وَالْمَكْرُماتِ وَالنَّوائِلِ، اَلسَّلامُ عَلى فارِسِ الْمُؤْمِنينَ، وَلَيْثِ الْمُوَحِّدينَ، وَقاتِلِ الْمُشْرِكينَ، وَوَصِيِّ رَسُولِ رَبِّ الْعالَمينَ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ، اَلسَّلامُ عَلى مَنْ اَيَّدَهُ اللهُ بَجبَْرِئيلَ، وَاَعانَهُ بِميكائيلَ، وَاَزْلَفَهُ فِي الدّارَيْنِ، وَحَباهُ بِكُلِّ ما تَقِرُّ بِهِ الْعَيْنُ، وَصَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلى آلِهِ الطّاهِرينَ، وَعَلى اَوْلادِهِ الْمُنْتَجَبينَ، وَعَلَى الاَْئِمَّةَ الرّاشِدينَ الَّذينَ اَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ، وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ، وَفَرَضُوا عَلَيْنَا الصَّلَواتِ، وَاَمَرُوا بِايتاءِ الزَّكاةِ، وَعَرَّفُونا صِيامَ شَهْرِ رَمَضانَ، وَقِراءَةَ الْقُرْآنِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا اَميرَ الْمُؤْمِنينَ، وَيَعْسُوبَ الدّينَ، وَقائِدَ الْغُرِّ الُْمحَجَّلينَ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا بابَ اللهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا عَيْنَ اللهِ النّاظِرَةَ، وَيَدَهُ الباسِطَةَ وَاُذُنَهُ الْواعِيَةَ، وَحِكْمَتَهُ الْبالِغَةَ، وَنِعْمَتَهُ السّابِغَةَ، وَنِقْمَتَهُ الدّامِغَةَ، اَلسَّلامُ عَلى قَسيمِ الْجَنَّةَ وَالنّارِ، اَلسَّلامُ عَلى نِعْمَةِ اللهِ عَلَى الاَْبْرارِ، وَنِقْمَتِهِ عَلَى الْفُجّارِ، اَلسَّلامُ عَلى سَيِّدِ الْمُتَّقينَ الاَْخْيارِ، اَلسَّلامُ عَلى اَخي رَسُولِ اللهِ وَابْنِ عَمِّهِ وَزَوْجِ ابْنَتِهِ، وَالَْمخْلُوقِ مِنْ طينَتِهِ، اَلسَّلامُ عَلَى الاَْصْلِ الْقَديمِ، وَالْفَرْعِ الْكَريمِ، اَلسَّلامُ عَلَى الَّثمَرِ الْجَنِيِّ، اَلسَّلامُ عَلى اَبِي الْحَسَنِ عَلِيٍّ، اَلسَّلامُ عَلى شَجَرَةِ طوُبى وَسِدْرَةِ الْمُنْتَهى، اَلسَّلامُ عَلى آدَمَ صَفْوَةِ اللهِ، وَنُوح نَبِيِّ اللهِ، وَاِبْراهيمَ خَليلِ اللهِ، وَمُوسى كَليمِ اللهِ، وَعيسى رُوحِ اللهِ، وَمُحَمَّد حَبيبِ اللهِ، وَمَنْ بَيْنَهُمْ مِنَ النَّبِيّينَ وَالصِّدّيقينَ وَالشُّهَداءِ وَالصّالِحينَ وَحَسُنَ اُولئِكَ رَفيقاً، اَلسَّلامُ عَلى نُورِ الاَْنْوارِ، وَسَليلِ الاَْطْهارِ، وَعَناصِرِ الاَْخْيارِ، اَلسَّلامُ عَلى والِدِ الاَْئِمَّةِ الاَْبْرارِ، اَلسَّلامُ عَلى حَبْلِ اللهِ الْمَتينِ، وَجَنْبِهِ الْمَكينِ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ، اَلسَّلامُ عَلى اَمينِ اللهِ في اَرْضِهِ وَخَليفَتِهِ وَالْحاكِمِ بِاَمْرِهِ، وَالْقَيِّمِ بِدينِهِ، وَالنّاطِقِ بِحِكْمَتِهِ، وَالْعامِلِ بِكِتابِهِ، أخي الرَّسُولِ وَزَوْجِ الْبَتُولِ وَسَيْفِ اللهِ الْمَسْلُولِ، اَلسَّلامُ عَلى صاحِبِ الدَّلالاتِ، وَالاْياتِ الْباهِراتِ، وَالْمُعْجِزاتِ الْقاهِراتِ، وَالْمُنْجي مِنَ الْهَلَكاتِ، الَّذي ذَكَرَهُ اللهُ في مُحْكَمِ الاْياتِ، فَقالَ تَعالى: (وَاِنَّهُ في اُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيُّ حَكيمٌ) اَلسَّلامُ عَلَى إسْمِ اللهِ الرَّضي، وَوَجْهِهِ الْمُضييِّ وَجَنْبِهِ الْعَلِيِّ وَرَحْمَةُ اللهِ، وَبَرَكاتُهُ، اَلسَّلامُ عَلى حُجَجِ اللهِ وَاَوْصِيائِهِ وَخاصَّةِ اللهِ وَاَصْفِيائِهِ، وَخالِصَتِهِ وَاُمَنائِهِ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ، قَصَدْتُكَ يا مَوْلايَ يا اَمينَ اللهِ وَحُجَّتَهُ زائِراً عارِفاً بِحَقِّكَ، مُوالِياً لاَِوْلِيائِكَ، مُعادِياً لاَِعْدائِكَ، مُتَقَرِّباً اِلَى اللهِ بِزِيارَتِكَ، فَاشْفَعْ لي عِنْدَ اللهِ رَبّي وَرَبِّكَ في خَلاصِ رَقَبَتي مِنَ النّارِ، وَقَضاءِ حَوائِجي حَوائِجِ الدُّنْيا وَالاْخِرَةِ. ثمّ انكبّ على القبر وَقَبّله وقُل:
سَلامُ اللهِ وَسَلامُ مَلائِكَتِهِ الْمُقَرَّبينَ وَالْمُسَلِّمينَ لَكَ بِقُلُوبِهِمْ يا اَميرَ الْمُؤْمِنينَ، وَالنّاطِقينَ بِفَضْلِكَ، وَالشّاهِدينَ عَلى اَنَّكَ صادِقٌ اَمينٌ صِدّيقٌ، عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ، اَشْهَدُ اَنَّكَ طُهْرٌ طاهِرٌ مُطَهَّرٌ، مِنْ طُهْر طاهِر مُطَهَّر، اَشْهَدُ لَكَ يا وَلِيَّ اللهِ وَوَلِيَّ رَسُولِهِ بِالْبَلاغِ وَالاَْداءِ، وَاَشْهَدُ اَنَّكَ جَنْبُ اللهِ وَبابُهُ، وَاَنَّكَ حَبيبُ اللهِ وَوَجْهُهُ الَّذي يُؤْتى مِنْهُ، وَاَنَّكَ سَبيلُ اللهِ، وَاَنَّكَ عَبْدُ اللهِ وَاَخُو رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، اَتَيْتُكَ مُتَقَرِّباً اِلَى اللهِ عَزَّوَجَلَّ بِزِيارَتِكَ، راغِباً اِلَيْكَ فِي الشِّفاعَةِ، أبْتَغي بِشَفاعَتِكَ خَلاصَ رَقَبَتي مِنَ النّارِ، مُتَعَوِّذاً بِكَ مِنَ النّارِ، هارِباً مِنْ ذُنوُبِيَ الَّتِي احْتَطَبْتُها عَلى ظَهْري فَزِعاً اِلَيْكَ رَجاءَ رَحْمَةِ رَبّي، اَتَيْتُكَ اَسْتَشْفِعُ بِكَ يا مَوْلايَ، وَاَتَقَرَّبُ بِكَ اِلَى اللهِ لَيَقْضِيَ بِكَ حَوائِجي، فَاشْفَعْ لي يا اَميرَ الْمُؤْمِنينَ اِلَى اللهِ فَاِنّي عَبْدُ اللهِ وَمَوْلاكَ وَزائِرُكَ وَلَكَ عِنْدَ اللهِ الْمَقامُ الَْمحْمُودُ وَالْجاهُ الْعَظيمُ، وَالشَّأْنُ الْكَبيرُ، وَالشَّفاعَةُ الْمَقْبُولَةُ، اَللّـهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد، وَصَلِّ عَلى اَميرِ الْمُؤْمِنينَ عَبْدِكَ الْمُرْتَضى، وَاَمينِكَ الاَْوْفى، وَعُرْوَتِكَ الْوُثْقى، وَيَدِكَ الْعُلْيا، وَجَنِْبكَ الاَْعْلى، وَكَلِمَتِكَ الْحُسْنى، وَحُجَّتِكَ عَلَى الْوَرى، وَصِدّيقِكَ الاَْكْبَرِ، وَسَيِّدِ الاَْوْصِياءِ، وَرُكْنِ الاَْوْلِياءِ، وَعِمادِ الاَْصْفِياءِ، اَميرِ الْمُؤْمِنينَ، وَيَعْسُوبِ الدّينِ، وَقُدْوَةِ الصّالِحينَ، وَاِمامِ الُْمخْلِصينَ، الْمَعْصُومِ مِنَ الْخَلَلِ، الْمُهَذَّبِ مِنَ الزَّلَلِ، الْمُطَهَّرِ مِنَ الْعَيْبِ، الْمُنَزَّهِ مِنَ الرَّيْبِ، اَخي نَبِيِّكَ وَوَصِيِّ رَسُولِكَ، الْبائِتِ عَلى فِراشِهِ، وَالْمُواسي لَهُ بِنَفْسِهِ، وَكاشِفِ الْكَرْبِ عَنْ وَجْهِهِ، الَّذي جَعَلْتَهُ سَيْفاً لِنُبُوَّتِهِ، وَآيَةً لِرِسالَتِهِ، وَشاهِداً عَلى اُمَّتِهِ، وَدَلالَةً عَلى حُجَّتِهِ، وَحامِلاً لِرايَتِهِ، وَوِقايَةً لِمُهْجَتِهِ، وَهادِياً لاُِمَّتِهِ، وَيَداً لِبَأسِهِ، وَتاجاً لِرَأسِهِ، وَباباً لِسِرِّهِ، وَمِفْتاحاً لِظَفَرِهِ، حَتّى هَزَمَ جُيُوشَ الشِّرْكِ بِاِذْنِكَ، وَاَبادَ عَساكِرَ الْكُفْرِ بِاَمْرِكَ، وَبَذَلَ نَفْسَهَ في مَرْضاتِ رَسُولِكَ، وَجَعَلَها وَقْفاً عَلى طاعَتِهِ، فَصَلِّ اللّهُمَّ عَلَيْهِ صَلاةً دائِمَةً باقِيَةً، ثم قل: اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا وَلِيَّ اللهِ، وَالشَّهابُ الثّاقِبُ وَالنُّورُ الْعاقِبُ، يا سَليلَ الاَْطائِبِ، يا سِرَّ اللهِ، اِنَّ بَيْني وَبَيْنَ اللهِ تَعالى ذُنُوباً قَدْ اَثْقَلَتْ ظَهْري وَلا يَأتي عَلَيْها اِلاّ رِضاهُ، فَبِحَقِّ مَنِ ائْتَمَنَكَ عَلى سِرِّهِ، وَاسْتَرْعاكَ اَمْرَ خَلْقِهِ، كُنْ لي اِلَى اللهِ شَفيعاً، وَمِنَ النّارِ مُجيراً، وَعَلَى الدَّهْرِ ظَهيراً، فَاِنّي عَبْدُاللهِ وَوَلِيُّكَ وَزائِرُكَ صَلَّى اللهُ عَلَيْكَ. ثمّ صلّ ستّ ركعات صلاة الزّيارة وادعُ بما شئت وقُل:
اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا اَميرَ الْمُؤمِنينَ، عَلَيْكَ مِنّي سَلامُ اللهِ اَبَداً ما بَقيتُ وَبَقِيَ اللَّيْلُ وَالنَّهارُ،
ثمّ توجّه الى جانب قبر الحسين عليه السلام، واَشِر اليه وقُل: اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا اَبا عَبْدِ اللهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا ابْنَ رَسُولِ اللهِ، اَتَيْتُكُما زائِراً وَمُتَوَسِّلاً اِلَى اللهِ تَعالى رَبّي وَرَبِّكُما، وَمُتَوَجِّهاً اِلَى اللهِ بِكُما، وَمُسْتَشْفِعاً بِكُما اِلَى اللهِ في حاجَتي هذِهِ وادعُ الى آخر دعاء صفوان (اِنَّهُ قَريبٌ مُجيبٌ)، ثمّ استقبل القبلة وادعُ من أوّل دعاءه يا اللهُ يا اللهُ يا الله،ُ يا مُجيبَ دَعْوَةِ الْمُضْطَرّينَ، وَيا كاشِفَ كَرْبِ الْمَكْرُوبينَ (الى) وَاصْرِفْني بِقَضاءِ حاجَتي وَكِفايَةِ ما اَهَمَّني هَمُّهُ مِنْ اَمْرِ دُنْيايَ وَآخِرَتي يا اَرْحَمَ الرّاحِمينَ، ثمّ التفت الى جانب قبر امير المؤمنين عليه السلام، وقُل: اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا اَميرَ الْمُؤْمِنينَ، وَاَلسَّلامُ عَلى اَبي عَبْدِ اللهِ الْحُسَيْنِ ما بَقيتُ وَبَقِيَ اللَّيْلُ وَالنَّهارُ، لا جَعَلَهُ اللهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنّي لِزِيارَتِكُما، وَلا فَرَّقَ اللهُ بَيْني وَبَيْنَكُما.
وروى جمعٌ مِن العُلماء منهم الشّيخ محمّد بن المشهدي قال: روى محمّد بن خالد الطّيالسي، عن سَيف بن عميرة قال: خرجت مع صفوان الجمّال وجَماعة مِن أصحابنا الى الغريّ فزرنا أمير المؤمنين عليه السلام، فلمّا فَرغنا من الزّيارة صرف صفوان وجهُه الى ناحية أبي عبد الله عليه السلام، وقال: نزور الحسين بن علي عليهما السلام، من هذا المكان من عِند رأسِ أمير المؤمنين عليه السلام، وقال صفوان: وردت ها هنا مع سيّدي الصّادق عليه السلام، ففعل مثل هذا ودعا بهذا الدّعاء ثمّ قال لي: يا صفوان تعاهد هذه الزّيارة وادعُ بهذا الدّعاء وزُر عليّاً والحُسين عليهما السلام، بهذه الزّيارة، فانّي ضامن على الله لكلّ من زارهما بهذه الزّيارة ودعا بهذا الدّعاء من قُرب أو بُعد انّ زيارته مقبولة، وانّ سعيه مشكور، وسلامه واصل غير محجوب، وحاجته مقضيّة من الله بالغاً ما بلغت.

أضف تعليق


كود امني
تحديث