اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد وعجّل فرجهم والعن أعدائهم

 

نسبه الشّريف عليه السلام
الإمام مُحمّد بن عليّ بن الحُسين بن عليّ بن أبي طالب بن عبد المُطلب بن هشام بن عبد مناف بن قُصي بن كلاب بن ‏مُرة بن كعب بن مرة بن لوي بن غالب بن فهر بن مالك بن النّضر بن كنانة بن خُزيمة مدرك بن مُضر بن نزار بن ‏معد بن عدنان عليهم السّلام‎.‎

ولادته عليه السلام
ولد عليه السّلام بالمدينة يوم الثلاثاء، وقيل: يوم الجمعة، لثلاث ليال خلون من صفر سنة سبع وخمسين من الهجرة، ‏وقيل: يوم الاثنين ثالث صفر، سنة تسع وخمسين، وقيل: في الأول من شهر رجب المبارك، في سنة 57 هـ0‏
وابتهج الإمام السّجاد عليه السّلام بهذا الوليد المبارك، الذي بَشَّر به جدّه الأعظم صلّى الله عليه وآله، وأعلن غير مَرَّة ‏أنه وارث علوم آل مُحمّد عليهم السّلام‎.‎

اسمه وألقابه وكناه عليه السلام
يبدوا أنّ الإمام الباقر عليه السّلام قد استأثر جدُّه رسول الله صلّى الله عليه وآله بأمر تحديد اسمه وكناه بالباقر قبل أن ‏يخلق، كما في رواية الصحابي الجليل جابر بن عبد الله الأنصاري رضوان الله عليه، حيث يقول: قال لي رسول الله ‏صلّى الله عليه وآله: يوشك أن تبقى حتى تلقى وَلداً لي من الحُسين يقال له مُحمّد، يبقر علم الدين بَقْراً، فاذا لقيتَه، ‏فأقرِئْه مِنِّي السّلام‎.‎


كنيته عليه السلام
وكنيته أبو جعفر، كنى بولده الإمام جعفر الصّادق عليه السّلام‎.‎
ألقابه عليه السّلام
أما ألقابه عليه السّلام فهي كثيرة، منها:باقر العلم، والشاكر لله، والهادي، والأمين، والشّبيه؛ لأنّه عليه السّلام كان ‏يشبه رسول الله صلّى الله عليه وآله‎.‎
وقال الأربلي: وأشهرها الباقر وسمي بذلك لتبقره في العلم وهو توسعه فيه‎. ‎
العلة التي من أجلها سمي بالباقر عليه السّلام
عن عمرو بن شمر، قال: سألت جابر بن يزيد الجعفي، فقلت له: لم سمي الباقر باقراً؟ قال: لأنّه بقر العلم بقراً أي شقه ‏شقاً وأظهره إظهاراً ولقد حدثني جابر بن عبد الله الأنصاري أنه سمع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول: يا ‏جابر إنك ستبقى حتّى تلقى ولدي مُحمّد بن عليّ بن الحُسين بن عليّ بن أبي طالب المعروف في التوراة بباقر فإذا ‏لقيته فأقرأه مني السّلام، فلقيه جابر بن عبد الله الأنصاري في بعض سكك المدينة فقال له: يا غلام من أنت؟ قال: أنا ‏مُحمّد بن عليّ بن الحُسين بن عليّ بن أبي طالب، قال له جابر يابني إقبل فأقبل، ثم قال له: ادبر فأدبر: شمائل رسول ‏الله وربّ الكعبة، ثم قال: يابني رسول الله يقرؤك السّلام فقال: على رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم السّلام ما ‏دامت السّماوات والأرض وعليك ياجابر بما بلغت السّلام. فقال له جابر: يا باقر يا باقر أنت الباقر حقاً أنت الذي تبقر ‏العلم بقراً، ثم كان جابر يأتيه فيجلس بين يديه فيعلمه وربما غلط جابر فيما يحدث به عن رسول الله صلّى الله عليه ‏وآله وسلّم فيرد عليه ويذكره فيقبل ذلك منه ويرجع إلى قوله وكان يقول يا باقر يا باقر يا باقر أشهد بالله أنك قد أوتيت ‏الحكم صبياً‎.‎

صفاته عليه السلام
كان يشبه رسول الله صلّى الله عليه وآله لذا لقب بالشبيه، كان ربع القامة، رقيق البشرة، جعد الشعر، أسمر، له خال ‏على جسده، ضامر الكشح، حسن الصوت، مطرق الرأس‎. ‎

زوجاته عليه السلام
تزوج الإمام الباقر عليه السّلام بعدة زوجات نذكر منهنّ‎:‎
‏1ـ فاطمة بنت القاسم بن مُحمّد بن أبي بكر " أم فروة " أم الإمام الصّادق عليه السّلام‎. ‎
قال المسعودي في إثبات الوصية: وكان أبوها القاسم من ثقات أصحاب عليّ بن الحُسين عليه السّلام، وكانت من أتقى ‏نساء زمانها، وروت عن عليّ بن الحُسين عليه السّلام أحاديث منها‎:‎
قوله لها: يا أم فروة إنّي لأدعو لمذنبي شيعتنا في اليوم والليلة مئة مرة، يعني الاستغفار، لإنّا نصبر على ما نعلم، ‏وهم يصبرون على ما لا يعلمون‎.‎
ونقل المحدث الكبير الشيخ المازندراني في كتابه نور الأبصار:" عن أم الإمام الصّادق عليه السّلام، النجيبة الجليلة ‏المكرمة، فاطمة المعروفة بأم فروة، بنت القاسم بن مُحمّد بن أبي بكر، وأمها أسماء بنت عبد الرحمن ابن أبي بكر‎".‎
وفي أعيان الشيعة: أم فروة وقيل أم القاسم واسمها قريبة أو فاطمة بنت القاسم بن مُحمّد بن أبي بكر وأمها أسماء بنت ‏عبد الرحمن بن أبي بكر، وهذا معنى قول الصّادق عليه السّلام:" أن أبا بكر ولدني مرتين‎"‎
وفي ذلك يقول الشّريف الرضي‎:‎
وفـرناً عتــيقاً كان غاية فخركم *** بمـولد بنت القاسم بـن مُحمّد
وروى الكليني في الكافي بسنده عن عبد الأعلى: "رأيت أم فروة تطوف بالكعبة عليها كساء متنكرة، فاستلمت الحجر ‏بيدها اليسرى، فقال لها رجل ممن يطوف: يا أمة الله أخطأت السّنة، فقالت: إنا لأغنياء عن علمك‎".‎
‏2ـ أم حكيم بنت أسيد بن المغيرة بن الأخنس الثقفي‎.‎

أبناؤه عليه السلام
أما أبناء الإمام الباقر عليه السّلام، فكانوا من حسنات الأسرة النبوية، ومن مفاخر أبناء المُسلمين في هديهم وصلاحهم ‏وابتعادهم عن مآثم هذه الحياة، قد رباهم الإمام بمكارم أخلاقه، وغرس في نفوسهم نزعاته الكريمة، ومثله العليا فكانوا ‏امتداداً مشرقاً لذاته العظيمة التي طبق شذاها العالم..أمّا ذريته الطاهرة من الذكور فهم‎: ‎
‏1‏‎- ‎الإمام جعفر عليه السّلام
هو سيد ولد أبيه، ووصيّه، والإمام القائم من بعده وكان من مفاخر هذه الدنيا، وفي طليعة عباقرة العالم، ولا يعرف ‏التاريخ الإنساني من هو أعظم منه علماً وفضلاً عدا آبائه عليهم السّلام أما الحديث عن نواحي شخصيته مفصلاً فإنه ‏يستدعي موسوعة كبيرة‎.‎
‏2‏‎- ‎إبراهيم
أمّه أم حكيم بنت أسيد بن المغيرة بن الأخنس الثقفي‎.‎
‏3‏‎- ‎عبد الله
أمّه أم فروة بنت القاسم بن مُحمّد بن أبي بكر‎ ‎
‏4‏‎-‎عليّ
عاش في كنف أبيه، وتربى على هديه، وسلوكه فنشأ مثالاً للفضل والكمال، لقلب بالطاهر لطهارة نفسه وعظيم شأنه ‏توفي بالقرب من بغداد في قرية من أعمال الخالص‎.‎
ونقل عن صاحب رياض العلماء أن قبره في كاشان وعليه قبة رفيعة عظيمة وله كرامات ظاهرة‎.‎
‏5‏‎- ‎عبد الله
وأمّه أم حكيم بنت أسيد بن المغيرة الثقفية توفي في حياة أبيه ولم نعثر له على ترجمة وافية‎.‎
السيدات من بناته
أمّا السيدات من بناته فهن‎:‎
‏1ـ السيدة زينب، وأمّها أم ولد‎.‎
‏2ـ السيدة أم سلمة وأمّها أم ولد، وهي أم إسماعيل بن الأرقط وقد مرض ولدها إسماعيل فهرعت إلى الإمام الصّادق ‏فزعة، فأمرها أن تصعد فوق البيت، وتصلّي ركعتين، وتدعو الله بهذا الدّعاء‎:‎
اللهم إنك وهبته لي، ولم يك شيئاً، اللهم إني استوهبكه فاعرنيه‎...‎
ففعلت ذلك فعافاه الله‎.‎

أخوته عليه السلام
لقد توفرت في أخوة الإمام عليه السّلام جميع النزعات الكريمة من الورع والتقوى، والصلاح، قد غذاهم أبوهم الإمام ‏زين العابدين عليه السّلام بهديه، وأفاض عليهم أشعة من روحه فأنارت قلوبهم بجوهر الإسلام وواقع الإيمان، ونقدم ‏عرضاً موجزاً لهم0‏
زيد الشّهيد
أمّا زيد الشّهيد فهو ملئ فم الدنيا في فضله وعلمه وشممه وإبائه، وهو أحد أعلام الأسرة النبوية الذين رفعوا كلمة الله ‏عالية في الأرض، وقدموا أرواحهم قرابين خالصة لوجه الله ليحققوا العدالة الإسلامية، ويعيدوا بين الناس حكم ‏القرآن، ويقضوا على معالم الظلم الاجتماعي التي أوجدها الحكم الأموي بين الناس0‏
لقد تنبأ الإمام عليه السّلام بشهادة ولده وأحاط أصحابه علماً بها، فلم يخامرهم شك في ذلك‎.‎
وقال عليه السّلام فيه: إنّ زيداً أعطي من العلم بسطة وقد تحدث زيد عن سعة علومه ومعارفه حينما أعد نفسه لقيادة ‏الأمة، والثورة على الحكم الأموي، يقول‎:‎
والله ما خرجت، ولا قمت مقامي، هذا، حتى قرأت القُرآن، وأتقنت الفرائض وأحكمت السّنة والآداب، وعرفت التأويل ‏كما عرفت التّنزيل، وفهمت النّاسخ والمنسوخ والمُحكم والمُتشابه، والخاصّ والعام، وما تحتاج إليه الأمّة في دينها ممّا ‏لابد لها منه، ولا غنى عنه وإنّي لعلى بينة من ربّي‎...‎
لقد كان زيد من أعلام الفُقهاء ومن كبار رواة الحديث، وقد أخذ علومه من أبيه الإمام زين العابدين عليه السّلام ومن ‏أخيه الإمام الباقر عليه السّلام الذي بقر العلم حسبما أخبره عنه جده الرّسول صلّى الله عليه وآله وقد غذياه بأنواع ‏العلوم وأخذ عنهما أصول الاعتقاد والفروع والتفسير، فكان من الطراز الأول في فضله وعلمه‎.. ‎
الحُسين الأصغر
الحُسين الأصغر ابن الإمام زين العابدين، أمه أم ولد وكان من مفاخر الأسرة النبوية في فضله وتقواه، وسائر ‏مواهبه0‏
عبد الله الباهر
ابن الإمام زين العابدين عليه السّلام وهو أخو الإمام الباقر لأمّه وأبيه، وهو من مفاخر أبناء الأئمة الطّاهرين في علمه ‏وورعه وتقواه‎.‎
عمر الأشرف
ابن الإمام زين العابدين عليه السّلام وأمّه أمة اشتراها المُختار بمئة ألف درهم، وبعث بها إلى الإمام زين العابدين ‏فأولدت له عمراً وزيداً وعليّاً0‏
عليّ
ابن الإمام زين العابدين، توفي بينبع ودفن بها، وعمره ثلاثون سنة 0‏
مزاياه
والذي من مزاياه أنه ملتقى ورابط بين أسرة الإمام الحُسين عليه السّلام وأسرة الإمام الحسن عليه السّلام‎.‎
فهو أول هاشمي علوي، يولد من جهة الحسن والحسين عليهما السّلام، لأن أباه عليّ بن الحُسين عليه السّلام، وأمُّه ‏فاطمة بنت الحسن0‏

نقش خاتمه عليه السلام
عن أبي عبدالله عليه السّلام قال: كان نقش خاتم أبي: العزة لله‎.‎
و عن أبي عبدالله عليه السّلام قال: كان نقش خاتم أبي: العزة لله جميعاً‎.‎
وعن الرّضا، عن أبيه، عن جعفر بن مُحمّد عليهم السّلام قال: كان على خاتم مُحمّد بن عليّ عليهما السّلام‎:‎
ظني بالله حسن * وبالنّبي المؤتمن وبالوصي ذي المنن * وبالحُسين والحسن0‏

النصّ على إمامته عليه السلام
احتاط النبي صلّى الله عليه وآله كأشد ما يكون الاحتياط في شأن أمّته، وأهاب بها من أن تكون في ذيل قافلة الأمم ‏والشّعوب، فقد أراد لها العزة والكرامة، وأراد أن تكون خير أمّة أخرجت للناس، فأولى الخلافة والإمامة المزيد من ‏اهتمامه، ونادى بها أكثر مما نادى بأي فرض من الفروض الدينية لأنّها القاعدة الصلبة لتطور أمته في مجالاتها ‏الفكرية والاجتماعية والسياسية، وقد خصها بالأئمة الطاهرين من أهل بيته الذين لم يخضعوا بأي حال من الأحوال ‏لأية نزعة مادية، وإنما آثروا طاعة الله ومصلحة الأمة على كل شيء‎.‎
وقد تحدث الإمام الباقر عليه السّلام عن الإمامة بصورة موضوعية وشاملة بشكل مستفيض، أما إمامته فقد دلت عليها ‏النصوص العامة والخاصة، والتي كان منها‎:‎
‏1ـ النصوص المروية من النبي صلّى الله عليه وآله في جملة الإثني عشر وهي كثيرة،مثل ما روي أن الله تعالى ‏أنزل إلى النبي صلّى الله عليه وآله وسلم كتاباً مختوماً بإثني عشر خاتماً وأمره أن يدفعه إلى أمير المؤمنين عليه ‏السّلام ويأمره أن يفض الخاتم الأول فيه فيعمل بما تحته، ثم يدفعه عند وفاته إلى الحسن عليه السّلام ويأمره بفض ‏الخاتم الثاني، ويعمل بما تحته، ثم يدفعه عند حضور وفاته إلى الحُسين فيفض الخاتم الثالث ويعمل بما تحته، ثم يدفعه ‏عند وفاته إلى ابنه عليّ بن الحُسين ويأمره بمثل ذلك ثم يدفعه إلى ابنه مُحمّد بن عليّ ويأمره بمثل ذلك ثم يدفعه إلى ‏ولده حتى ينتهي إلى آخر الأئمة عليهم السّلام
‏2‏‎ ‎الأحاديث الواردة في إمامته خاصة بعد أبيه عليّ بن الحُسين عليهما السّلام‎:‎
روي عن أبي خالد قال: قلت لعلي بن الحُسين: من الإمام بعدك ؟ قال: مُحمّد ابني يبقر العلم بقرا 0‏
‎ ‎وعن عثمان بن عثمان بن خالد، عن أبيه قال: مرض عليّ بن الحُسين بن عليّ بن أبيطالب عليه السّلام في مرضه ‏الذي توفي فيه، فجمع أولاده محمدا والحسن وعبدالله وعمر وزيدا والحسين، وأوصى إلى ابنه مُحمّد بن عليّ،وكناه ‏الباقر، وجعل أمرهم إليه، وكان فيما وعظه في وصيته أن قال: يا بني إن العقل رائد الروح والعلم رائد العقل، ‏والعقل00الحديث0‏
و عن مالك ابن أعين الجهني قال: أوصى عليّ بن الحُسين عليه السّلام ابنه مُحمّد بن عليّ عليه السّلام فقال: بني إني ‏جعلتك خليفتي من بعدي لايعدي فيما بيني وبينك أحد إلا قلده الله يوم القيامة طوقا من نار، فاحمدالله على ذلك ‏واشكره00الحديث0‏
و عن الزهري قال: دخلت على عليّ بن الحُسين عليه السّلام في المرض الذي توفي فيه، إذ 000 دخل عليه مُحمّد ‏ابنه فحدثه طويلا بالسر فسمعته يقول فيما يقول: عليك بحسن الخلق قلت: يا ابن رسول الله إن كان من أمر الله ما ‏لابدلنا منه ووقع في نفسي أنه قد نعى نفسه فإلى من يتخلف بعدك ؟ قال: يا باعبدالله إلى ابني هذا وأشار إلى مُحمّد ابنه ‏إنه وصيي ووارثي وعيبة علمي، معدن العلم، وباقر العلم، قلت:00 يا ابن رسول الله هلا أوصيت إلى أكبر أولادك ؟ ‏قال: يا أبا عبدالله ليست الامامة بالصغر والكبر، هكذا عهد إلينا رسول الله صلّى الله عليه وآله وهكذا وجدناه مكتوبا ‏في اللوح والصحيفة، قلت: يا ابن رسول الله فكم عهد إليكم نبيكم أن يكون الاوصياء من بعده ؟ قال: وجدنا في ‏الصحيفة واللوح اثنا عشر أسامي مكتوبة بإمامتهم وأسامي آبائهم وامهاتهم ثم قال: يخرج من صلب مُحمّد ابني سبعة ‏من الاوصياء فيهم المهدي صلوات الله عليهم‎.‎
وروى عن أبي خالد الكابلي، قال: دخلت على عليّ بن الحُسين عليهما السّلام وهو جالس في محرابه، فجلست حتى ‏انثنى وأقبل عليّ بوجهه يمسح يده على لحيته، فقلت: يا مولاي أخبرني كم يكون الأئمة بعدك؟ قال: ثمانية قلت: وكيف ‏ذلك؟ قال: لأن الأئمة بعد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم اثنا عشر عدد الأسباط، ثلاثة من الماضين، وأنا الرابع، ‏وثمان من ولدي أئمة أبرار، من أحبنا وعمل بأمرنا كان معنا في السنام الأعلى، ومن أبغضنا وردنا أو رد واحداً منا ‏فهو كافر بالله وبآياته0‏
وعن أبي عبيدة الحذاء، قال: سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول وهو ساجد: أسألك بحق حبيبك مُحمّد إلا بدلت سيئاتي ‏حسنات وحاسبتني حساباً يسيراً، ثم قال في الثانية: أسألك بحق حبيبك مُحمّد إلا كفيتني مؤونة الدنيا وكل هو دون ‏الجنة، وقال في الثالثة: أسألك بحق حبيبك مُحمّد لما غفرت لي الكثير من الذنوب والقليل، وقبلت مني عملي اليسير، ‏ثم قال في الرابعة: أسألك بحق حبيبك مُحمّد لما أدخلتني الجنة وجعلتني من سكانها ولما نجيتني من صفعات النار ‏برحمتك وصلّى الله على مُحمّد وآله‎. ‎

عبادته عليه السلام
أما مظاهر عبادته عليه السّلام فكثيرة نذكرمنها‎:‎
أولاً: ذكره عليه السّلام لله عزَّ وجلّ
كان إمامنا الباقر عليه السّلام دائم الذكر لله، يلهج بذكر الله في أكثر أوقاته، يمشي ويذكر الله، ويتحدث مع الناس ‏ويذكر الله، ولا يشغله عن ذكره تعالى أي شاغل‎.‎
وكان أبو جعفر عليه السّلام يناجي الله تعالى في غَلَس الليل البهيم، وكان مما قاله في مناجاته: أمرتَني فلم أئْتَمِر، ‏وزَجَرْتَني فلم أنزجر، ها أنذا عبدك بين يديك‎. ‎
ثانياً: صلاته عليه السّلام
كان عليه السّلام كثير الصلاة، كثير الدعاء، كان يصلي في اليوم والليلة مِائة وخمسين ركعة‎. ‎
قال أبو نعيم: قال عبد الله بن يحيى: رأيت على أبي جعفر مُحمّد بن عليّ إزاراً أصفر، وكان يصلي كل يوم وليلة ‏خمسين ركعة بالمكتوبة
ولم تشغله مَرجعيَّته العامَّة للأمّة، وشؤونه العلمية، عن كثرة الصلاة، فكانت الصلاة بالنسبة إليه أعَزُّ شيء عنده، ‏وقُرَّة عينه، لأنها الصلَة بينه وبين الله تعالى‎.‎
وعن إسحاق بن عمار قال: قال لي أبو عبد الله عليه السّلام: إني كنت أمهد لأبي فراشه فأنتظره حتى يأتي فإذا أوى ‏إلى فراشه ونام قمت إلى فراشي، وإنه أبطأ عليّ ذات ليلة فأتيت في طلبه بعد ما هدأ الناس فإذا هو في المسجد ساجد ‏وليس في المسجد غيره فسمعت حنينه وهو يقول: سبحانك اللهم أنت ربي حقاً حقاً، سجدت لك يارب تعبداً ورقاً، اللهم ‏إن عملي ضعيف فضاعفه لي، اللهم قني عذابك يوم تبعث عبادك وتب عليّ إنك أنت التواب الرحيم‎.‎
ثالثاً: حَجُّه عليه السّلام
روى عن مولاه أفلح: حججْت مع أبي جعفر مُحمّد الباقر عليه السّلام، فلما دخل إلى المسجد رفع صوته بالبكاء.فقلت ‏له: بأبي أنت وأمي، إن الناس ينظرونك، فلو خَفضتَ صوتك قليلاً‎.‎
فلم يعن به الإمام عليه السّلام وقال له: ويْحَك يا أفلح، إنِّي أرفع صوتي بالبكاء لَعلَّ الله ينظر إليَّ برحمة، فأفوز بها ‏غداً‎.‎
ثم طاف عليه السّلام بالبيت، وركع خلف المقام، ولما فرغ وإذا بموضع سجوده قد ابتلَّ من دموع عينيه‎.‎
وحج عليه السّلام مَرَّة أخرى، فازدحم الحُجَّاج عليه، وأخذوا يستفتونه عن مناسكهم ويسألونه عن أمور دينهم، والإمام ‏عليه السّلام يجيبهم‎. ‎
رابعاً: زهده عليه السّلام
نظر عليه السّلام نظرة عميقة في جميع شؤون الحياة، فزهد في ملاذِّها، واتجه نحو الله تعالى بقلب منيب‎.‎
يقول جابر بن يزيد الجعفي: قال لي مُحمّد بن عليّ عليه السّلام: يا جابر، إنِّي لَمَحزون، وإني لمشتغل القلب‎.‎
فانبرى إليه جابر قائلاً: ما حزنك، وما شغل قلبك ؟
فأجابه عليه السّلام بما أحزنه وزهده في هذه الحياة قائلاً: جابر، إنَّه من دخل قلبه صافي ويذكر الله عزَّ وجلَّ شغله ‏عما سواه‎.‎
يا جابر، ما الدنيا ؟، وما عسى أن تكون، هل هي إلا مركب ركبته، أو ثوب لبسته، أو امرأة أصبتها ؟‎. ‎
خامساً: أدعيته عليه السّلام
ومن أدعيته عليه السّلام كان يتجه بقلبه وعقله نحو الله رب العالمين، ليناجيه بانقطاع تام، وإخلاص شفاف. ومضافاً ‏لما تحمله هذه الأدعية من الحمد لله تعالى، والتقديس له جل شأنه، والشكر على نعمائه، وتنزيهه عن أوصاف ‏المشبهين، وأوهام المجسمين، فهي تفيض بالتعاليم الأخلاقية، والمعارف السامية، والآداب العالية‎.‎
نذكر في هذه الصفحات بعض ما ورد من أدعيته عليه السّلام‎:‎
‏1ـ من دعاء له عليه السّلام كان يدعو به عند خروجه من الدار
أعوذ بما عاذت به ملائكة الله من شر هذا اليوم الجديد، الذي إن غابت شمسه لم تعد، من شر نفسي، ومن شر غيري، ‏ومن شر الشيطان، ومن شر من نصب لأولياء الله، ومن شر الجن والإنس، ومن شر السباع والهوام، ومن شر ركوب ‏المحارم كلها، أجير نفسي بالله من كل سوء‎. ‎، قال في"عدة الداعي: 210": من قالها غفر الله له، وتاب عليه، وكفاه المهم، وحجزه عن السوء، وعصمه من الشر‎.‎
‏2ـ من دعاء له عليه السّلام علّمه مُحمّد بن مسلم
قال له: حافظاً عليه كما تحافظ على عينيك‎:‎
سبحان الله، ولا إله إلا الله، والحمد لله الذي لم يتخذ ولداً، ولم يكن له شريك في الملك، ولم يكن له ولي من الذل، ‏وكبره تكبيراً‎. ‎
‏3ـ من دعاء له عليه السّلام بعد صلاة العشاء
اللّهم بحق مُحمّد وآل مُحمّد، صلِّ على مُحمّد وآل مُحمّد، ولا تؤمنا مكرك، ولا تنسنا ذكرك، ولا تكشف عنا سترك، ‏ولا تحرمنا فضلك، ولا تحل علينا غضبك، ولا تباعدنا من جوارك، ولا تنقصنا من رحمتك، ولا تنزع عنا بركاتك، ‏ولا تمنعنا عافيتك، وأصلح لنا ما أعطيتنا، وزدنا من فضلك المبارك الطيب الحسن الجميل، ولا تُغيّر ما بنا من ‏نعمتك، ولا تؤيسنا من روحك، ولا تهنا بكرامتك، ولا تضلنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب، ‏اللّهم اجعل قلوبنا سالمة وأرواحنا طيبة، وألسنتنا صادقة، وإيماننا دائماً ويقيننا صادقاً، وتجارتنا لا تبور، ربنا آتنا في ‏الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا برحمتك عذاب النار‎.‎
‏4ـ من دعاء له عليه السّلام عند النوم
‎"‎بسم الله، اللّهم إني أسلمت نفسي إليك، ووجهت وجهي إليك، وفوضت أمري إليك، وألجأت ظهري إليك، توكلت ‏عليك رهبة منك ورغبة إليك، لا منجى ولا ملجأ منك إلا إليك، آمنت بكتابك الذي أنزلت، وبرسولك الذي أرسلت" ثم ‏يسبح تسبيح الزهراء عليها السّلام‎.‎
‏5ـ من دعاء له عليه السّلام كان يدعو به بعد صلاة الليل
لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت، ويميت يحيي وهو حي لا يموت بيده الخير وهو ‏على كل شيء قدير، اللّهم لك الحمد يا رب، أنت نور السماوات والأرض فلك الحمد وأنت قوام السماوات والأرض ‏فلك الحمد، وأنت جمال السماوات والأرض فلك الحمد، وأنت صريخ المستصرخين فلك الحمد، وأنت غياث ‏المستغيثين فلك الحمد، وأنت تجيب دعوة المضطرين فلك الحمد، وأنت أرحم الراحمين فلك الحمد، اللّهم بك تنزل كل ‏حاجة فلك الحمد، وبك يا إلهي أنزلت حوائجي الليلة فاقضها لي يا قاضي الحوائج، اللّهم أنت الحق، وقولك الحق، ‏ووعدك الحق، وأنت ملك الحق، أشهد أن لقاءك الحق، وأنّ الساعة آتية لا ريب فيها، وأنّك تبعث من في القبور، اللّهم ‏لك أسلمت، وبك آمنت، وعليك توكلت، وبك خاصمت، وإليك حاكمت، فاغفر لي ما قدمت وأخرت وأسررت ‏وأعلنت، إنك الحي الذي لا إله إلا أنت‎.‎

علمه عليه السلام
قال الشيخ المفيد رضوان الله عليه: لم يظهر عن أحد من ولد الحسن والحُسين عليهما السّلام في عِلم الدين، والآثار، ‏والسُّنَّة، وعلم القرآن، والسيرة، وفنون الآداب، ما ظهر من أبي جعفر الباقر عليه السّلام‎.‎
قال ابن حجر: صفا قلبه، وزكا علمه وعمله، وطهُرت نفسه، وشرُف خُلُقه، وعمُرت أوقاته بطاعة الله، وله من ‏السجايا في مقامات العارفين ما تكلُّ عنه ألسنة الواصفين، وله كلمات كثيرة في السلوك والمعارف، لا تحتملها هذه ‏العجالة‎.‎
قال عبد الله بن عطاء: ما رأيت العلماء عند أحد أصغر علماً منهم عند أبي جعفر، لقد رأيت الحكم عنده كأنه متعلم‎. ‎
قال ابن أبي الحديد: كان مُحمّد بن عليّ بن الحُسين سيد فقهاء الحجاز، ومنه ومن ابنه جعفر تعلم الناس الفقه، وهو ‏الملقب بالباقر باقر العلم لقبه به رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم‎.‎
جعل الله علم الإمام عليه السّلام بحر لا ينفذ، وجبل لا يرقى إليه الطير، طأطأ كل عالم لعلمه، وخضع له كل شريف. ‏يتفجر بين جوانبه بغزارة، فلا يتوقف حَدُّه، ولا يَقلُّ مَدَاه‎. ‎
وللإمام الباقر عليه السّلام مواقف كثيرة تَدلُّ على سعة علمه، وغزارة معرفته‎.‎
منها حينما اجتمع القسيسون والرهبان، وكان لهم عالم يقعد لهم كل سنة مرة يوماً واحداً يستفتونه فَيُفتيهم‎.‎
عند ذلك لَفَّ الإمام الباقر عليه السّلام نفسه بفاضل ردائه، ثم أقبل نحو العالِم وقعد 000‏
، وأحاط به أصحابه والإمام عليه السّلام بينهم، وكان مع الإمام ولده الإمام جعفر الصّادق عليه السّلام‎. ‎
فأدار العالِم نظره وقال للإمام عليه السّلام: أمِنَّا أم من هذه الأمة المرحومة ؟ فقال عليه السّلام: من هذه الأمة ‏المرحومة‎.‎
فقال العالِم: من أين أنت، أَمِنْ علماءها أم من جهالها ؟ فقال الإمام عليه السّلام: لَستُ من جُهَّالها‎.‎
فاضطرب اضطراباً شديداً، ثم قال للإمام عليه السّلام: أسألك ؟ فقال عليه السّلام: اِسأل‎.‎
فقال: من أين ادَّعَيتم أن أهل الجنة يأكلون ويشربون، ولا يُحدِثون ولا يبولون ؟ وما الدليل على ذلك من شاهدٍِ لا يجهل ‏؟
فقال الإمام عليه السّلام: الجَنِين في بطن أمه يأكل ولا يحدث. فاضطرب النصراني اضطراباً شديداً، ثم قال: هلا ‏زَعمتَ أنَّك لست من علمائها ؟
فقال عليه السّلام: وَلستُ من جُهَّالها. وأصحاب هشام يسمعون ذلك. ثم قال: أسألك مسألة أخرى‎.‎
فقال عليه السّلام: اِسأل. فقال النصراني: من أين ادَّعيتم أن فاكهة الجنة غضَّة، طريَّة، موجودة غير معدومة عند أهل ‏الجنة ؟ وما الدليل عليه من شاهد لا يجهل؟
فقال عليه السّلام: دَليلُ ما نَدَّعيه أن السِّراج أبداً يكون غضاً، طرياً، موجوداً غير معدوم عند أهل الدنيا، لا ينقطع أبداً‎.‎
فاضطرب اضطراباً شديداً، ثم قال: هَلاَّ زعمتَ أنَّك لستَ من علماءها ؟ فقال عليه السّلام: ولستُ من جُهَّالها. فقال ‏النصراني: أسألك مسألة أخرى. فقال عليه السّلام: اِسأل. فقال: أخبرني عن سَاعَة لا من ساعات اللَّيل ولا من ساعات ‏النهار؟
فقال الإمام عليه السّلام: هي الساعة التي من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، يَهدَأ فيها المُبتَلى، ويرقد فيها السَّاهر، ‏ويَفيقُ المغمى عليه، جعلها الله في الدنيا دليلاً للراغبين، وفي الآخرة دليلاً للعالمين، لها دلائل واضحة، وحجة بالغة ‏على الجاحدين المتكبرين الناكرين لها‎.‎
فصاح النصراني صيحة عظيمة، ثم قال: بقيت مسألة واحدة، والله لأسألنَّكَ مسألة لا تهتدي إلى رَدِّها أبداً. قال الإمام ‏عليه السّلام: سَل ما شِئت، فإنَّك حانِثٌ في يمينك‎.‎
فقال: أخبرني عن مولودين، وُلِدا في يوم واحد، وماتا في يوم واحد، عُمْر أحدهما خمسين سنة، والآخر عُمرُه مِائة ‏وخمسين سنة‎.‎
فقال الإمام عليه السّلام: ذلك عُزير وعُزيرة، وُلِدا في يوم واحد، فلمَّا بلغا مبلغ الرجال خمسة وعشرين سنة مَرَّ عُزير ‏على حماره وهو راكبه على بلد اسمُهَا انطاكية، وهي خاوية على عروشها‎.‎
فقال: أنَّى يحيي هذه الله بعد موتها، فأماته الله مِائة عام، ثم بعثه على حماره بعينه، وطعامه وشرابه لم يتغير، وعاد ‏إلى داره، وأخوه عُزيرة وَوِلْدَه قد شاخوا، وعُزير شاب في سِن خمسة وعشرين سنة، فلم يزل يذكر أخاه وولده وهم ‏يذكرون ما يذكره، ويقولون: ما أعلمك بأمر قد مضت عليه السنين والشهور. وعُزيرة يقول له وهو شيخ كبير ابن ‏مِائَة وخمسة وعشرين سنة: ما رأيت شاباً، أعلم بما كان بيني وبين أخي عُزير أيام شبابي منك، فمن أهل السماء أنت ‏أم من أهل الأرض ؟ فقال يا عُزيرة: أنا عُزير أخوك، قد سخط الله عليّ بقول قلتُهُ بعد أن اصْطفاني الله وهداني، ‏فأماتني مِائة سنة ثم بعثني بعد ذلك لتزدادوا بذلك يقيناً، أن الله تعالى على كل شيء قدير، وهذا حماري، وطعامي، ‏وشرابي، الذي خرجت به من عندكم، أعاده الله تعالى كما كان، فعند ذلك أيقنوا، فأعاشه الله بينهم خمسة وعشرين ‏سنة، ثم قبضه الله تعالى وأخاه في يوم واحد‎.‎

تفسيره للقرآن الكريم
وروى عنه المفسرون الشيء الكثير من تفسير آيات القرآن الكريم، وهذه بعضها‎:‎
‏1‏‎- ‎قوله تعالى: "أولئك يجزون الغرفة بما صبروا"، قال عليه السّلام: الغرفة هي الجنة وهي جزاء لهم بما صبروا ‏على الفقر في الدنيا‎.‎
‏2‏‎- ‎قوله تعالى: "ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى "، سئل أبو جعفر عليه السّلام عن غضب الله؟ فقال عليه السّلام: ‏طرده وعقابه‎.‎
‏3‏‎- ‎قوله تعالى: "وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى"، فسر عليه السّلام الهداية بالولاية لأئمة أهل ‏البيت وقال: فوالله لو أن رجلاً عبد الله عمره ما بين الركن والمقام، ولم يجيء بولايتنا إلا أكبه الله في النار على ‏وجهه‎.‎
‏4‏‎- ‎قوله تعالى: "يا أيها الرّسول بلغ ما أنزل إليك من ربك"، قال عليه السّلام: يعني بذلك تبليغ ما أنزل إلى الرّسول ‏صلّى الله عليه وآله في فضل عليّ وقد روى عليه السّلام أن الله أوحى إلى نبيه أن يستخلف علياً فكان يخاف أن يشق ‏ذلك على جماعة من أصحابه فأنزل الله تعالى هذه الآية تشجيعاً له على القيام بما أمره الله بأدائه‎.‎
‏5‏‎- ‎قوله تعالى:" ذرني ومن خلقت وحيداً"، نزلت هذه الآية في الوليد بن المغيرة المخزومي الذي اتهم النبي صلّى الله ‏عليه وآله بالسحر، وكان الوليد يسمى في قومه الوحيد، والآية سيقت على وجه التهديد له، وقد روى مُحمّد بن مسلم ‏عن أبي جعفر أنه قال: الوحيد ولد الزنا، وقال زرارة ذكر لأبي جعفر أن أحد بني هشام قال في خطبته أنا ابن الوحيد، ‏فقال: ويله لو علم ما الوحيد ما فخر بها! فقلنا له: وما هو؟ قال: من لا يعرف له أب‎.‎

ما قيل فيه عليه السلام
ما قاله الأعلام في فضائل مُحمّد بن عليّ الباقر عليهما السّلام
قال الذهبي: مُحمّد بن عليّ بن الحُسين، الإمام الثبت الهاشمي العلوي المدني أحد الأعلام‎.‎
وقال مُحمّد بن طلحة الشافعي: هو باقر العلم وجامعه، وشاهر علمه ورافعه، ومنفق دره وراضعه، ومنمق دره ‏وواضعه، صفا قلبه وزكا عمله، وطهرت نفسه، وشرفت أخلاقه، وعمرت بالطاعة أوقاته، ورسخت في مقام التقوى ‏قدمه وظهرت عليه سمات الازدلاف وطهارة الاجتباء، فالمناقب تسبق إليه والصفات تشرق به...وأما اسمه فمحمد ‏وكنيته أبو جعفر وه ألقاب ثلاثة باقر العلم، والشاكر والهادي وأشهرها الباقر سمي بذلك لتبقره العلم وهو توسعه فيه، ‏وأما مناقبه الحميدة و وصفاته الجميلة فكثيرة‎.‎
قال ابن منظور: التبقر: التوسع في العلم والمال، وكان يقال لمحمد بن عليّ بن الحُسين بن عليّ الباقر رضوان الله ‏عليهم، لأنه بقر العلم وعرف أصله، واستنبط فرعه وتبقر في العلم‎.‎
قال الفيروز آبادي: والباقر مُحمّد بن عليّ بن الحُسين لتبحره في العلم‎.‎
قال ابن حجر: وارث عليّ بن الحُسين من ولده، عبادة وعلماً وزهادة: أبو جعفر مُحمّد الباقر، سمي بذلك من بقر ‏الأرض أي شقها وآثار مخبآتها ومكامنها، فلذلك هو أظهر من مخبآت كنوز المعارف وحقائق الأحكام والحكم ‏واللطائف ما لا يخفى إلا على منطمس البصيرة أو فاسد الطوية والسريرة، ومن ثم قيل فيه هو باقر العلم وجامعه، ‏وشاهر علمه ورافعه، صفا قلبه، وزكا علمه وعمله، وطهرت نفسه، وشرف خلقه، وعمرت أوقاته بطاعة الله، وله ‏من الرسوم في مقامات العارفين ما تكل عنه ألسنة الواصفين، وله كلمات كثيرة في السلوك والمعارف لا تحتملها هذه ‏العجالة وكفاه شرفاً أن ابن المديني روى عن جابر أنه قال له ـ وهو صغير ـ: رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ‏يسلم عليك فقيل له: وكيف ذاك؟ قال: كنت جالساً عنده والحسين في حجره، وهو يداعبه فقال: يا جابر يولد له مولود ‏اسمه عليّ إذا كان يوم القيامة نادى منادٍ: ليقم سيد العابدين، فيقوم ولده ثم يولد له مولود اسمه مُحمّد فإن أدركته يا ‏جابر فأقرأه مني السّلام‎. ‎

شعراؤه عليه السلام
‏1ـ كثير عزة
‏2ـ الكميت
‏3ـ الورد الأسدي
‏4ـ أخو الكميت‎ ‎
‏5ـ السيد الحميري

بوابه عليه السلام
جابر الجعفي‎.‎

شعره عليه السلام
نذكر بعض ما ينسب إليه من الشعر‎: ‎
‏1‏‎- ‎ قال عليه السّلام في أهل البيت‎:‎
نـــــذود ويــسـعـد وراده *** فـنـحن عـلـى الـحوض‎ ‎ذواده
فـمـا فــاز مـن فـاز إلا‎ ‎بـنا *** ومــا خــاب مـن حـبنا‎ ‎زاده
فـمن سـرنا نـال مـنا الـسرور *** ومــن سـاءنـا سـاء‎ ‎مـيلاده
ومــن كــان غـاصبنا‎ ‎حـقنا *** فــيـوم الـقـيامة مـيـعاده‏‎ ‎
‏2‏‎- ‎ولـه عـليه السّلام في *** العجب
عـجبت مـن مـعجب‎ ‎بـصورته *** وكـان مـن قـبل نـطفة‎ ‎مـذرة
وفـي غـد بـعد خـسف‎ ‎صورته *** يـصير فـي الـقبر جـيفة‎ ‎قذرة
وهــو عـلى عـجبه‎ ‎ونـخوته *** مـا بـين جـنبيه يـحمل‎ ‎العذرة
‏3‏‎- ‎وله عليه السّلام مخاطباً *** العصاة
تـعصي الالـه وأنـت تظهر‎ ‎حبه *** هـذا لـعمرك فـي الفعال بديع‎ ‎
لـو كـان حـبك صـادقاً‎ ‎لاطعته *** إن الـمحب لـمن أحـب‎ ‎مـطيع
‏4‏‎- ‎ونـقـش عـلـى‎ ‎خـاتـمه
ظـــنــي بالله‎ ‎حـــســن *** وبــالـنـبـي الــمـؤتـمـن
وبــالـوصـي ذي‎ ‎الــمـنـن *** وبـالـحـسـين‎ ‎والــحـسـن‎ ‎

كراماته عليه السلام
يتميّز الأئمّة عليهم السّلام بارتباطٍ خاصٍّ بالله تعالى وعالَم الغيب، بسبَبِ مقامِ العصمة والإمامة، ولَهُم - مثل الأنبياء - ‏معاجزٌ وكرامَاتٌ تؤيِّد ارتباطهم بالله تعالى، وكونَهم أئمّة‎.‎
وللإمام الباقر عليه السّلام معاجزٌ وكراماتٌ كثيرةٌ، سجَّلَتْها كتبُ التاريخ، و هي أكثر من أن تذكر في هذا المختصر، ‏و نكتفي بما يلي‎: ‎
الكرامة الأولى
عن عباد بن كثير البصري قال: قلت للباقر عليه السّلام: ما حق المؤمن على الله؟ فصرف وجهه، فسألته عنه ثلاثاً، ‏فقال: من حق المؤمن على الله أن لو قال لتلك النخلة أقبلي لأقبلت‎.‎
قال عباد: فنظرت والله إلى النخلة التي كانت هناك قد تحرّكت مقبلة، فأشار إليها: قري فلم أعنك‎. ‎
الكرامة الثانية‏
عن أبي الصباح الكناني قال: صرت يوماً إلى باب أبي جعفر الباقر عليه السّلام، فقرعت الباب، فخرجت إليّ وصيفة ‏ناهد، فضربت بيدي إلى رأس ثديها، وقلت لها: قولي لمولاك إنّي بالباب، فصاح من آخر الدار: أدخل لا أم لك، ‏فدخلت وقلت: والله ما قصدت ريبة ولا أردت إلاّ زيادة في يقيني، فقال: صدقت لئن ظننتم أنّ هذه الجدران تحجب ‏أبصارنا كما تحجب أبصاركم، إذن لا فرق بيننا وبينكم، فإيّاك أن تعاود لمثلها‎. ‎
الكرامة الثالثة
أنّ حبابة الوالبية دخلت على الإمام الباقر عليه السّلام، فقال لها: ما الذي أبطأ بك عنّي، قالت بياض عرض في مفرق ‏رأسي شغل قلبي، قال: أرينيه، فوضع عليه السّلام يده عليه، ثمّ رفع يده فإذا هو أسود، ثمّ قال: هاتوا لها المرآة، ‏فنظرت وقد أسودّ ذلك الشعر‎. ‎
الكرامة الرابعة
عن أبي بصير قال: كنت مع الإمام الباقر عليه السّلام في مسجد رسول الله صلّى الله عليه وآله قاعداً، حدّثنا ما مات ‏عليّ بن الحُسين عليهما السّلام إذ دخل الدوانيقي، وداود بن سليمان قبل أن أفضي الملك إلى ولد العباس، وما قعد إلى ‏الباقر عليه السّلام إلاّ داود، فقال عليه السّلام: ما منع الدوانيقي أن يأتي ؟ قال: فيه جفاء‎.‎
قال الإمام الباقر عليه السّلام: لا تذهب الأيام حتّى يلي أمر هذا الخلق، فيطأ أعناق الرجال، ويملك شرقها وغربها، ‏ويطول عمره فيها، حتّى يجمع من كنوز الأموال ما لم يجمع لأحد قبله، فقام داود وأخبر الدوانيقي بذلك، فأقبل إليه ‏الدوانيقي وقال: ما منعني من الجلوس إليك إلاّ إجلالاً لك، فما الذي أخبرني به داود ؟ فقال: هو كائن‎.‎
فقال: وملكنا قبل ملككم ؟ قال: نعم، قال: ويملك بعدي أحد من ولدي، قال:نعم، قال: فمدّة بني أميّة أكثر أم مدّتنا ؟ قال: ‏مدّتكم أطول، وليتلقفن هذا الملك صبيانكم، ويلعبون به كما يلعبون بالكرة، هذا ما عهده إليّ أبي، فلمّا ملك الدوانيقي ‏تعجّب من قول الباقر عليه السّلام‎. ‎
الكرامة الخامسة‎ ‎
عن أبي بصير قال: قلت يوماً للباقر عليه السّلام: أنتم ذرّية رسول الله ؟ قال: نعم، قلت: ورسول الله وارث الأنبياء ‏كلّهم ؟ قال: نعم، ورث جميع علومهم، قلت: وأنتم ورثتم جميع علم رسول الله ؟ قال: نعم، قلت: وأنتم تقدرون أن ‏تحيوا الموتى، وتبرءوا الأكمة والأبرص، وتخبروا الناس بما يأكلون وما يدّخرون في بيوتهم ؟ قال: نعم، بإذن الله‎.‎
ثمّ قال: أدن منّي يا أبا بصير، فدنوت منه، فمسح يده على وجهي، فأبصرت السهل والجبل والسماء والأرض، ثمّ مسح ‏يده على وجهي، فعدت كما كنت لا أبصر شيئاً، قال: ثمّ قال لي الباقر عليه السّلام: إن أحببت أن تكون هكذا كما ‏أبصرت، وحسابك على الله، وإن أحببت أن تكون كما كنت وثوابك الجنّة، فقلت: أكون كما كنت والجنّة أحب إليّ‎. ‎
الكرامة السادسة
عن جابر الجعفي قال: كنا عند الإمام الباقر عليه السّلام نحواً من خمسين رجلاً، إذ دخل عليه كثير النواء، وكان من ‏المغيرية فسلّم وجلس، ثمّ قال: إنّ المغيرة بن عمران عندنا بالكوفة، يزعم أنّ معك ملكاً يعرّفك الكافر من المؤمن، ‏وشيعتك من أعدائك، قال: ما حرفتك ؟ قال: أبيع الحنطة، قال: كذبت‎.‎
قال: وربما أبيع الشعير، قال: ليس كما قلت، بل تبيع النوى، قال: من أخبرك بهذا ؟ قال: الملك الذي يعرّفني شيعتي ‏من عدوّي، لست تموت إلاّ تائها‎.‎
قال جابر الجعفي: فلمّا انصرفنا إلى الكوفة، ذهبت في جماعة نسأل عن كثير، فدللنا على عجوز، فقالت: مات تائها ‏منذ ثلاثة أيّام‎. ‎
الكرامة السابعة
عن أبي بصير قال: كنت مع الإمام الباقر عليه السّلام في المسجد، إذ دخل عليه عمر بن عبد العزيز، عليه ثوبان ‏ممصران متكئاً على مولى له، فقال عليه السّلام: ليلين هذا الغلام، فيظهر العدل، ويعيش أربع سنين، ثمّ يموت، فيبكي ‏عليه أهل الأرض، ويلعنه أهل السماء، فقلنا: يا ابن رسول الله، أليس ذكرت عدله وإنصافه ؟ قال: يجلس في مجلسنا، ‏ولا حق له فيه، ثمّ ملك وأظهر العدل جهده‎. ‎
الكرامة الثامنة‎ ‎
عن عاصم بن أبي حمزة قال: ركب الإمام الباقر عليه السّلام يوماً إلى حائط له، وكنت أنا وسليمان بن خالد معه، فما ‏سرنا إلاّ قليلاً، فاستقبلنا رجلان، فقال عليه السّلام: هما سارقان خذوهما، فأخذناهما، وقال لغلمانه: استوثقوا منهما، ‏وقال لسليمان: انطلق إلى ذلك الجبل مع هذا الغلام إلى رأسه، فإنّك تجد في أعلاه كهفاً فادخله، وصر إلى وسطه ‏فاستخرج ما فيه، وادفعه إلى هذا الغلام يحمله بين يديك، فإنّ فيه لرجل سرقة، ولآخر سرقة‎.‎
فخرج واستخرج عيبتين، وحملهما على ظهر الغلام، فأتى بهما الباقر عليه السّلام، فقال: هما لرجل حاضر، وهناك ‏عيبة أخرى لرجل غائب سيحضر بعد، فذهب واستخرج العيبة الأخرى من موضع آخر من الكهف، فلمّا دخل الباقر ‏عليه السّلام المدينة، فإذا صاحب العيبتين ادعى على قوم، وأراد الوالي أن يعاقبهم، فقال الباقر عليه السّلام: لا ‏تعاقبهم، ورد العيبتين إلى الرجل‎.‎
ثمّ قطع السارقين، فقال أحدهما: لقد قطعتنا بحق، والحمد لله الذي أجرى قطعي وتوبتي على يدي ابن رسول الله، فقال ‏الباقر عليه السّلام: لقد سبقتك يدك التي قطعت إلى الجنّة بعشرين سنة، فعاش الرجل عشرين سنة، ثمّ مات‎.‎
قال: فما لبثنا إلاّ ثلاثة أيّام حتّى حضر صاحب العيبة الأخرى، فجاء إلى الباقر عليه السّلام، فقال له: أخبرك بما في ‏عيبتك وهي بختمك ؟ فيها ألف دينار لك، وألف أخرى لغيرك، وفيها من الثياب كذا وكذا‎.‎
قال: فإن أخبرتني بصاحب الألف دينار من هو ؟ وما اسمه ؟ وأين هو ؟ علمت أنّك الإمام المنصوص عليه المفترض ‏الطاعة، قال: هو مُحمّد بن عبد الرحمن، وهو صالح كثير الصدقة، كثير الصلاة، وهو الآن على الباب ينتظرك، فقال ‏الرجل ـ وهو بربري نصراني ـ: آمنت بالله الذي لا إله إلاّ هو، وأنّ محمّداً عبده ورسوله، وأنّك الإمام المفترض ‏الطاعة، وأسلم‎. ‎
الكرامة التاسعة
عن مُحمّد بن أبي حازم قال: كنت عند أبي جعفر عليه السّلام، فمر بنا زيد بن عليّ، فقال أبو جعفر: أمّا والله ليخرجن ‏بالكوفة، وليقتلن وليطافن برأسه، ثمّ يؤتى به، فينصب على قصبة في هذا الموضع، وأشار إلى الموضع الذي قتل فيه، ‏قال: سمع أذناي منه، ثمّ رأت عيني بعد ذلك، فبلغنا خروجه وقتله، ثمّ مكثنا ما شاء الله، فرأينا يطاف برأسه، فنصب ‏في ذلك الموضع على قصبة فتعجّبنا‎. ‎
الكرامة العاشرة
إنّ الإمام الباقر عليه السّلام جعل يحدّث أصحابه بأحاديث شداد، وقد دخل عليه رجل يقال له النضر بن قرواش، ‏فاغتم أصحابه لمكان الرجل ممّا يستمع حتّى نهض، فقالوا: قد سمع ما سمع وهو خبيث، قال: لو سألتموه عمّا تكلّمت ‏به اليوم ما حفظ منه شيئاً‎.‎
قال بعضهم: فلقيته بعد ذلك، فقلت: الأحاديث التي سمعتها من أبي جعفر أحب أن أعرفها، فقال: والله ما فهمت منها ‏قليلاً ولا كثيراً‎. ‎
الكرامة الحادي عشر
عن مُحمّد ابن سليمان، عن أبيه قال: كان رجل من أهل الشام يختلف إلى أبي جعفر عليه السّلام وكان مركزه بالمدينة، ‏يختلف إلى مجلس أبي جعفر يقول له: يا مُحمّد ألا تري أني إنما أغشى مجلسك حياء مني منك ولا أقول إن أحدا في ‏الارض أبغض إلي منكم أهل البيت، وأعلم أن طاعة الله وطاعة رسوله وطاعة أميرالمؤمنين في بغضكم ولكن أراك ‏رجلا فصيحا لك أدب وحسن لفظ، فانما اختلافي إليك لحسن أدبك وكان أبوجعفر يقول له خيرا ويقول: لن تخفى على ‏الله خافية، فلم يلبث الشامي إلا قليلا حتى مرض واشتد وجعه فلما ثقل دعا وليه وقال له: إذا أنت مددت عليّ الثوب ‏فائت مُحمّد بن عليّ عليه السّلام وسله أن يصلي عليّ، وأعلمه أني أنا الذي أمرتك بذلك، قال: فلما أن كان في نصف ‏الليل ظنوا أنه قد برد وسجوه، فلما أن أصبح الناس خرج وليه إلى المسجد، فلما أن صلّى مُحمّد بن عليّ عليه السّلام ‏وتورك وكان إذا صلّى عقب في مجلسه، قال له: يا أبا جعفر إن فلان الشامي قد هلك وهو يسألك أن تصلي عليه، فقال ‏أبوجعفر: كلا إن بلاد الشام بلاد صرد والحجاز‎ ‎
بلاد حر ولهبها شديد، فانطلق فلا تعجلن على صاحبك حتى آتيكم، ثم قام عليه السّلام من مجلسه فأخذ عليه السّلام ‏وضوءا ثم عاد فصلّى ركعتين، ثم مديده تلقاء وجهه ما شاء الله، ثم خر ساجدا حتى طلعت الشمس، ثم نهض عليه ‏السّلام فانتهى إلى منزل الشامي فدخل عليه فدعاه فأجابه، ثم أجلسه وأسنده ودعا له بسويق فسقاه وقال لاهله: املؤا ‏جوفه وبردوا صدره بالطعام البارد، ثم انصرف عليه السّلام فلم يلبث إلا قليلا حتى عوفي الشامي فأتى أبا جعفر عليه ‏السّلام، فقال: أخلني فأخلاه فقال: أشهد أنك حجة الله على خلقه‎.‎
الكرامة الثاني عشر
عن ليث المرادي أنه حدثه، عن سدير بحديث فأتيته فقلت: إن ليثا المرادي حدثني عنك بحديث فقال: وما هو ؟ قلت: ‏جعلت فداك حديث اليماني قال: كنت عند أبي جعفر عليه السّلام فمر بنا رجل من أهل اليمن فسأله أبوجعفر عن ‏اليمن، فأقبل يحدث فقال له أبوجعفر عليه السّلام: هل تعرف دار كذا وكذا ؟ قال: نعم ورأيتها قال: فقال له أبوجعفر ‏عليه السّلام: هل تعرف صخرة عندها في موضع كذا وكذا ؟ قال: نعم ورأيتها فقال الرجل: ما رأيت رجلا أعرف ‏بالبلاد منك، فلما قام الرجل قال لي أبوجعفر عليه السّلام: يا أبا الفضل تلك الصخرة التي غضب موسى فألقى الالواح ‏فما ذهب من التوراة التقمته الصخرة فلما بعث الله رسوله أدته إليه وهي عندنا‎.‎

ملوك عصره عليه السلام
الوليد بن عبد الملك، سليمان بن عبد الملك، عمر بن عبد العزيز، يزيد بن عبد الملك، هشام بن عبد الملك‎.‎

مُدّة عمره وإمامته عليه السلام
عمّر عليه السّلام 57 عاماً منها 19 عاماً مُدّة إمامته‏‎.‎

مُناظراته عليه السلام
سأل نافع بن الأزرق أبا جعفر قال: أخبرني عن الله عز وجل متى كان؟ قالعليه السّلام: متى لم يكن حتى أخبرك متى ‏كان؟ سبحان من لم يزل ولا يزال فرداً صمداً لم يتخذ صاحبة ولا ولداً0‏
روى عبد الله بن سنان عن أبيه قال: حضرت أبا جعفر عليه السّلام وقد دخل عليه رجل من الخوارج فقال له: يا أبا ‏جعفر أي شيء تعبد؟ قال: الله، قال: رأيته؟ قال: بلى، لم تره العيون بمشاهدة الأبصار، ولكن رأته القلوب بحقائق ‏الإيمان لا يعرف بالقياس، ولا يدرك بالحواس، موصوف بالآيات، معروف بالدلالات لا يجور في حكمه، ذلك الله لا ‏إله إلا هو، قال: فخرج الرجل وهو يقول: الله أعلم حيث يجعل رسالته‎.‎
عن عيسى بن عبدالله العلوي قال: وحدثني الاسيدي ومحمد بن مبشر أن عبدالله بن نافع الازرق كان يقول: لو أني ‏علمت أن بين قطريها أحدا تبلغني إليه المطايا يخصمني أن عليا عليه السّلام قتل أهل النهروان وهو لهم غير ظالم ‏لرحلت إليه، فقيل له ولا ولده ؟ فقال: أفي ولده عالم ؟ فقيل له: هذا أول جهلك، وهم يخلون من عالم ؟ قال: فمن ‏عالمهم اليوم ؟ قيل: مُحمّد بن عليّ بن الحُسين بن على عليهم السّلام قال: فرحل إليه في صناديد أصحابه حتى أتى ‏المدينة فاستأذن على أبي جعفر عليه السّلام فقيل له: هذا عبدالله بن نافع فقال: وما يصنع بي ؟ وهو يبرأ مني ومن أبي ‏طرفي النهار‎.‎
فقال له أبوبصير الكوفي: جعلت فداك إن هذا يزعم أنه لو علم أن بين قطريها أحدا تبلغه المطايا إليه يخصمه أن عليا ‏عليه السّلام قتل أهل النهروان وهو لهم غير ظالم لرحل إليه، فقال له أبوجعفر عليه السّلام: أتراه جاءني مناظرا ؟ ‏قال: نعم قال: يا غلام اخرج فحط رحله وقل له: إذا كان الغد فأتنا قال: فلما أصبح عبدالله بن نافع غدا في صناديد ‏أصحابه، وبعث أبوجعفر عليه السّلام إلى جميع أبناء المهاجرين والانصار فجمعهم ثم خرج إلى الناس في ثوبين ‏ممغرين وأقبل على الناس كأنه فلقة قمر فقال: الحمدلله محيث الحيث، ومكيف الكيف، ومؤين الاين الحمدلله الذي ‏لاتأخذه سنة ولا نوم، له ما في السموات وما في الارض إلى آخر‎ ‎
الآية وأشهد ان لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا صلّى الله عليه وآله عبده ورسوله، اجتباه وهداه إلى صراط مستقيم، ‏الحمدلله الذي أكرمنا بنبوته، واختصنا بولايته، يا معشر أبناء المهاجرين والانصار ! من كانت عنده منقبة لعلي بن ‏أبي طالب ؟ فليقم وليتحدث‎.‎
قال: فقام الناس فسردوا تلك المناقب فقال عبدالله: أنا أروى لهذه المناقب من هؤلاء، وإنما أحدث عليّ الكفر بعد ‏تحكيمه الحكمين، حتى انتهوا في المناقب إلى حديث خيبر: لاعطين الراية غدا رجلايحب الله ورسوله، ويحبه الله ‏ورسوله، كرارا غير فرار، حتى لا يرجع يفتح الله على يديه فقال أبوجعفر عليه السّلام: ما تقول في هذا الحديث ؟ ‏فقال: هو حق لاشك فيه، ولكن أحدث الكفر بعد فقال له أبوجعفر عليه السّلام: ثكلتك امك أخبرني عن الله عزوجل ‏أحب عليّ بن أبي طالب يوم أحبه، وهو يعلم أنه يقتل أهل النهروان، أم لم يعلم ؟ قال: فإن قلت: لاكفرت قال: فقال: قد ‏علم، قال: فأحبه الله على أن يعمل بطاعته أو على أن يعمل بمعصيته ؟ فقال: على أن يعمل بطاعته، فقال له أبوجعفر ‏عليه السّلام: فقم مخصوما، فقام وهو يقول: حتى يتبين لكم الخيط الابيض من الخيط الاسود من الفجر، الله أعلم حيث ‏يجعل رسالته

حِكَمِه عليه السلام
لقد جاءت روائع الحكم القصار الحافلة بالقيم الكريمة والحكم الصائبة والتجارب النافعة، وهذه بعضها‎:‎
‏1‏‎- ‎قال عليه السّلام: إن استطعت أن لا تعامل أحداً إلا ولك الفضل عليه فافعل‎...‎
‏2‏‎- ‎قال عليه السّلام: صانع المنافق بلسانك، واخلص مودتك للمؤمن، وإن جالسك يهودي فأحسن مجالسته.00‏
‏3‏‎- ‎قال عليه السّلام: ما شيب شيء بشيء أحسن من حلم بعلم‎...‎
‏4‏‎- ‎قال عليه السّلام: قم بالحق، واعتزل ما لا يعنيك، وتجنب عدوك، وأحذر صديقك من الأقوام، إلا الأمين من خشي ‏الله، ولا تصحب الفاجر، ولا تطلعه على سرك، واستشر في أمرك الذين يخشون الله‎...‎
‏5‏‎- ‎قال عليه السّلام: صحبة عشرين سنة قرابة‎...‎
‏6‏‎- ‎قال عليه السّلام: في كل قضاء الله خير للمؤمن‎..‎
‏7ـ قال عليه السّلام: اِعرف الموَدَّة في قلب أخيك بما له في قلبك‎.‎
‏8ـ قال عليه السّلام: مَا دَخل قلبَ امرئٍ شيءٌ من الكِبَر إلا نقص من عقله مثل ذلك‎.‎
‏9ـ قال عليه السّلام: لَمَوت عَالِمٍ أحبُّ إلى إبليس من موت سبعين عابداً‎.‎
‏10ـ قال عليه السّلام: لا يُقبل عَمَل إلا بمعرفة، ولا معرفة إلا بِعَمل، ومن عَرَف دَلَّتْهُ معرفته على العمل، ومن لم ‏يعرف فلا عَمَل له‎.‎
‏11ـ قال عليه السّلام: ليس شيء مُميِّل الإخوان إليك مثل الإحسان إليهم‎.‎
‏12‏‎- ‎قال عليه السّلام: أربع من كنوز البر: كتمان الحاجة، وكتمان الصدقة، وكتمان الوجع، وكتمان المصيبة‎...‎
‏13‏‎- ‎قال عليه السّلام: من صدق لسانه زكى عمله، ومن حسنت نيته زيد في رزقه، ومن حسن بره في أهله زيد في ‏عمره‎...‎

مواعظه عليه السلام
ووجه الإمام أبو جعفر عليه السّلام إلى شيعته المواعظ التي وعظ بها الأوصياء أممهم فحذرهم من غرور الدنيا ‏وفتنها، ودعاهم إلى التفكر والتبصر فيما يصيرون إليه من العمل الصالح، وهذه بعض مواعظه‎:‎
‏1ـ عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر عليه السّلام قال: إذا أردت أن تعلم أن فيك خيرا فانظر إلى قلبك، فإن كان يحب ‏أهل طاعة الله ويبغض أهل معصيته ففيك خير والله يحبك وإن كان يغض أهل طاعة الله ويحب أهل معصيته فليس ‏فيك خير والله يبغضك، والمرء مع من أحب‎. ‎
‏2ـ عن أبي عبيدة الحذاء قال: قلت لأبي جعفر عليه السّلام: حدثني بما أنتفع به فقال: يا أبا عبيدة أكثر ذكر الموت، ‏فإنه لم يكثر إنسان ذكر الموت إلا زهد في الدنيا‎. ‎
‏3ـ عن عمر وبن هلال قال: قال أبو جعفر عليه السّلام: إياك أن تطمح بصرك إلى من هو فوقك، فكفى بما قال الله عز ‏وجل لنبيه صلّى الله عليه وآله: {فَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُمْ }.وقال: {وَلاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا ‏مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنيَا‎ }.‎
فإن دخلك من ذلك شئ فاذكر عيش رسول الله صلّى الله عليه وآله، فإنما كان قوته الشعير وحلواه التمر ووقوده ‏السعف إذا وجده‎.‎
‏4ـ عن أبي جعفر عليه السّلام قال: ينبغي للمؤمنين إذا توارى أحدهما عن صاحبه بشجرة ثم التقيا أن يتصافحا‎. ‎
‏5ـ عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: إذا التقيتم فتلاقوا بالتسليم والتصافح وإذا تفرقتم ‏فتفرقوا بالاستغفار‎. ‎
‏6ـ عن جابر، عن أبي جعفر عليه السّلام قال: تبسم الرجل في وجه أخيه حسنة، وصرف القذى عنه حسنة، وما عبد ‏الله بشيء أحب إلى الله من إدخال السرور على المؤمن‎. ‎
‏7ـ عن أبي عبيدة الحذاء، عن أبي جعفر عليه السّلام قال: يجب للمؤمن على المؤمن النصيحة‎. ‎
‏8ـ عن أبي جعفر عليه السّلام: قال: سلامة الدين وصحة البدن خير من المال و المال زينة من زينة الدنيا حسنة‎. ‎
‏9ـ عن سليمان بن خالد، عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال أبو جعفر عليه السّلام: يا سليمان أتدري من المسلم ؟ ‏قلت: جعلت فداك أنت أعلم، قال: المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، ثم قال: وتدري من المؤمن ؟ قال: قلت: ‏أنت أعلم ; قال: إن المؤمن من ائتمنه المسلمون على أموالهم وأنفسهم، والمسلم حرام على المسلم أن يظلمه أو يخذله‎.‎
‏10ـ عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السّلام قال: الذنوب كلها شديدة و أشدها ما نبت عليه اللحم والدم، لأنه إما ‏مرحوم وإما معذب والجنة لا يدخلها إلا طيب‏‎. ‎
‏11ـ عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السّلام قال: سألته عن الرجل يعمل الشئ من الخير فيراه إنسان فيسره ذلك ؟ ‏فقال: لا بأس، ما من أحد إلا وهو يحب أن يظهر له في الناس الخير، إذا لم يكن صنع ذلك لذلك‎. ‎
‏12ـ عن ميسر قال: ذكر الغضب عند أبي جعفر عليه السّلام فقال: إن الرجل ليغضب فما يرضى أبدا حتى يدخل ‏النار، فأيما رجل غضب على قوم وهو قائم فليجلس من فوره ذلك، فإنه سيذهب عنه رجز الشيطان، وإيما رجل ‏غضب على ذي رحم فليدن منه فليمسه، فإن الرحم إذا مست سكنت‎.‎

خطبه عليه السلام
تأسف ابن عباس أشد الأسف لأن الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام لم يتم خطبته الشقشقية، في حين أنه سمع منه عليه ‏السّلام مئات الخطب والوصايا، والحكم؛ وليت الزمن امتد بابن عباس ليشاهد حياة الأئمة عليهم السّلام وما رافقها من ‏ضيق واضطهاد، فهم لا يستطيعون أن يتكلموا فضلاً من أن يخطبوا، وقد يُسمعهم ولاة الجور سب آبائهم من فوق ‏منبر جدهم فلا يستطيعون الرد عليهم، والإنكار في وجوههم‎.‎
إن ما حفظ للأئمة عليهم السّلام من أحاديث وتعاليم وسير وفضائل، كان بطريق المعجز، وبعناية من الله سبحانه، وإذا ‏كان أمير المؤمنين عليه السّلام وقد أسر أولياؤه مناقبه خوفاً، وكتمها أعداؤه حقداً ـ كما يقول الشافعي ـ فما هو الحال ‏في أولاده عليهم السّلام‎.‎
ومع هذا كله نسجل بعض ما وجدناه من خطب الإمام أبي جعفر عليه السّلام‎:‎
‏1ـ من خطبة له عليه السّلام في الشام
قال الإمام الصّادق عليه السّلام: لما أشخص أبي مُحمّد بن عليّ إلى دمشق سمع الناس يقولون: هذا ابن أبي تراب!! ‏قال: فأسند ظهره إلى جدار القبلة ثم حمد الله وأثنى عليه، وصلّى على النبي صلّى الله عليه وآله ثم قال: اجتنبوا أهل ‏الشقاق، وذرية النفاق، وحشو النار، وحصب جهنم عن البدر الزاهر، والبحر الزاخر والشهب الثاقب، وشهاب ‏المؤمنين، والصراط المستقيم، من قبل أن نطمس وجوهاً فنردها على أدبارها أو يلعنوا كما لعن أصحاب السبت وكان ‏أمر الله مفعولاً، ثم قال بعد كلام: أبصنو رسول الله تستهزئون، أم بيعسوب الدين تلمزون؛ وأي سبل بعده تسلكون، ‏وأي حزن بعده تدفعون؟! هيهات هيهات، برز والله بالسبق، وفاز بالخصل، واستوى على الغاية، وأحرز على ‏الخطاب فانحسرت عنه الأبصار، وخضعت دونه الرقاب، وقرع الذروة العليا، فكذب من رام من نفسه السعي، وأعياه ‏الطلب، فأنى لهم التناوش من مكان بعيد‎.‎ وقال‎: ‎
مـن الـلوم أوسـدوا الذي‎ ii‎سدوا وإن عاهدوا وفوا وإن عقدوا شدوا
اقـلـوا عـليهم لا أبـاً‎ ii‎لأبـيكم أولـئك قوم إن بنوا أحسنوا‎ ii‎البنا‎ ‎
فأنى يسد ثلمة أخي رسول الله صلّى الله عليه وآله إذ شفعوا، وشقيقه إذ نسبوا، ونديده إذ فشلوا، وذي قربى كنزها إذ ‏فتحوا، ومصلي القبلتين إذ تحرفوا، والمشهود له بالإيمان إذ كفروا، والمدعي لنبذ عهد المشركين إذ نكلوا، والخليفة ‏على المهاد ليلة الحصار إذ جزعوا، والمستودع لأسرار ساعة الوداع. إلى آخر كلامه‎. ‎
‏2ـ خطبة له عليه السّلام في مجلس هشام بن عبد الملك
لما حمل أبو جعفر إلى الشام إلى هشام بن عبد الملك وصار ببابه، قال هشام لأصحابه: إذا سكتُّ من توبيخ مُحمّد بن ‏عليّ فلتوبخوه، ثم أمر أن يؤذن له فلما دخل عليه أبو جعفر قال بيده: السّلام عليكم، فعمهم بالسلام جميعاً ثم جلس، ‏فازداد هشام عليه حنقاً بتركه السّلام بالخلافة وجلوسه بغير إذن، فقال: يا مُحمّد بن عليّ لا يزال الرجل منكم قد شق ‏عصا المسلمين، ودعا إلى نفسه، وزعم أنه الإمام سفهاً وقلة علم. وجعل يوبخه، فلما سكت أقبل القوم عليه رجل بعد ‏رجل يوبخه. فلما سكت القوم نهض قائماً ثم قال‎:‎
أيها الناس أين تذهبون وأين يراد بكم، بنا هدى الله أولكم، وبنا ختم آخركم، فإن يكن لكم ملك معجل فإن لنا ملكاً ‏مؤجلاً، وليس بعد ملكنا ملك لأنا أهل العاقبة، يقول الله عز وجل: وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ‎.‎
فأمر به إلى الحبس، فلم يبق في الحبس رجل إلا ترشفه كناية عن القيام بخدمته وحسن عليه، فجاء صاحب الحبس إلى ‏هشام وأخبره بخبره، فأمر به فحمل على البريد هو وأصحابه يردوا إلى المدينة‎. ‎
‏3ـ خطبة له عليه السّلام في جمع من أهل الغفلة
حضر عند الإمام الباقر عليه السّلام جمع من الشيعة، وقد لاحظ أنّهم من أهل الغفلة، فخطبهم قائلاً‎:‎
إنّ كلامي لو وقع طرف منه في قلب أحدكم لصار ميّتاً، ألاَ يا أشباحاً بلا أرواح، وذباباً بلا مصباح، كأنّكم خشب ‏مسندة، وأصنام مريدة، ألاَ تأخذون الذهب من الحجر، ألاَ تقتبسون الضياء من النور الأزهر، ألا تأخذون اللؤلؤ من ‏البحر ؟ خذوا الكلمة الطيّبة ممّن قالها، وإن لم يعمل بها، فإنّ الله تعالى يقول: الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ‎.‎
ويحك يا مغرور: ألاَ تحمد من تعطيه فانياً ؟ ويعطيك باقياً، درهم يفنى بعشرة تبقى إلى سبعمائة ضعف مضاعفة من ‏جواد كريم‎.‎
آتاك الله عند مكافأة هو مطعمك وساقيك، وكاسيك، ومعافيك، وكافيك، وساترك ممّن يراعيك، من حفظك في ليلك ‏ونهارك، وأجابك عند اضطرارك، وعزم لك على الرشد في اختبارك، كأنّك قد نسيت ليالي أوجاعك وخوفك، دعوته ‏فاستجاب لك، فاستوجب بجميل صنيعه الشكر، فنسيته فيمن ذكر، وخالفته فيما أمر‎.‎
ويلك إنّما أنت لص من لصوص الذنوب، كلّما عرضت شهوة أو ارتكاب ذَنْب سارعت إليه، وأقدمت بجهلك عليه، ‏فارتكبته كأنّك لست بعين الله، أو كأنّ الله ليس لك بالمرصاد‎.‎
يا طالب الجنة: ما أطول نومك، وأكلّ مطيّتك، وأوهى همّتك، فلله أنت من طالب ومطلوب، ويا هارباً من النار، ما ‏أحثّ مطيّتك إليها، وما أكسبك لما يوقعك فيها‎ !‎
انظروا إلى هذه القبور، سطوراً بأفناء الدور، تدانوا في خططهم، وقربوا في فرارهم، وبُعدوا في لقائهم، عمَّروا ‏فخرّبوا، وأنسوا فأوحشوا، وسكنوا فأزعجوا، وقنطوا فرحلوا، فمن سمع بدانٍ بعيد، وشاحط قريب، وعامر مخرّب، ‏وآنس موحش، وساكن مزعج، وقاطن مرحل غير أهل القبور‎.‎
يا ابن الأيام الثلاثة: يومك الذي ولدت فيه، ويومك الذي تنزل فيه قبرك، ويومك الذي تخرج فيه إلى ربّك، فيا له من ‏يوم عظيم‎.‎
يا ذي الهيئة المعجبة، والهيم المعطنة: ما لي أراكم أجسامكم عامرة، وقلوبكم دامرة، أمّا والله لو عاينتم ما أنتم ملاقوه، ‏وأنتم إليه صائرون، لقلتم: يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلاَ نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ‎.‎

مدرسته عليه السلام
مدرسة أهل البيت عليهم السّلام هي أول مدرسة فكرية أُنشِأت في الإسلام، وقد عَملت بِكُلِّ طاقاتها على تقدّم حياة ‏المسلمين وتطويرها‎.‎
ولم تقتصر علومها على التشريع الإسلامي، وإنما تناولت جميع العلوم والمعارف من الإدارة، إلى الاقتصاد، إلى ‏الطبِّ والكيمياء، إلى الحكمة والفلسفة، إلى علم الكلام، وإلى العلوم السياسية، وقد تخرَّج من هذه المدرسة مجموعة ‏كبيرة من الرواة، والمحدِّثين، والعلماء الثقات، فتَلقّوا علوماً كثيرة في شتى المجالات، نذكر نموذجاً منهم: زرارة بن ‏اعين، مُحمّد بن مسلم، ابان ابن تغلب، عطاء بن أبي رباح، عمرو بن دينار، الزهري، ربيعة الرأي، ابن جريج، ‏الاوزاعي، بسام الصيرفي، أبو حنيفة، جابر بن حيان الكوفي‎.‎
مُميِّزات مدرسة أهل البيت عليهم السّلام
تميزت مدرسة أهل البيت عليهم السّلام بما يأتي‎:‎
أولاً: الاتصال بالنبي صلّى الله عليه وآله
قال عليه السّلام: لو إِنَّنا حَدَّثنا برأينا ضَلَلْنا، كما ضَلَّ من قبلنا، ولكِنَّا حَدَّثنا بِبَيِّنَة من رَبِّنا بَيَّنها لنبِيِّه صلّى الله عليه ‏وآله، فَبَيَّنَها لَنا‎.‎
ثانياً: المُرُونة‎ ‎
إنَّ فِقه أهل البيت يساير الحياة، ويواكب التطوُّر، ولا يَشُذُّ عن الفطرة، ويتمشَّى مع جميع مُتطلَّبات الحياة، فَلَيس فيه ‏حرج ولا ضيق، ولا ضرر ولا إضرار، وإنما فيه الصالح العام0‏
ثالثاً: فتح باب الاجتهاد
إنَّ من أهم ما تَميَّز به فقه أهل البيت عليهم السّلام هو فتح باب الاجتهاد، فقد دلَّ ذلك على حَيَويَّة فقه أهل البيت عليهم ‏السّلام، وتفاعله مع الحياة، واستمراره في العطاء لجميع شؤون الإنسان‎.‎
رابعاً: الرجوع إلى حكم العقل
اِنفرد فقهاء الإمامية عن بقيَّة المذاهب الإسلامية فَجَعلوا العقل واحداً من المصادر الأربعة لاستنباط الاحكام الشرعية، ‏وقد أضفوا عليه أسمى ألوان التقديس فاعتبروه رسول الله الباطني0‏
خامساً: تنوع علوم المدرسة‎ ‎
وأخيراً: نقول: إزدهرت هذه المدرسة في عهد الإمام الباقر عليه السّلام، لأنه قام برعايتها خير قيام، حتى باتَتْ ‏معروفة على صعيد العالم الإسلامي، مما جعل العلماء يلتفُّون حوله، من كل حدب وصوب، وينهلون من نَمِير علومه، ‏ومعارفه، وحكمه، وتفسيراته‎.‎

ذكاؤه عليه السلام
يقول المؤرخون: إن الإمام مُحمّد الباقر عليه السّلام سُئل عن أدَقِّ المسائل فأجاب عنها، وكان له من العمر تسع سنين‎.‎
كما روى المؤرخون: أن رجلاً سأل عبد الله بن عمر عن مسألة، فلم يقف على جوانبها، فقال للرجل: اِذهب إلى ذلك ‏الغلام - مشيراً إلى الإمام الباقر عليه السّلام - فاسأله، وأعلمني بما يجيبك‎.‎
فبادر الرجل نحو الإمام وسأله، فأجابه عليه السّلام عن مسألته، ثم خَفَّ إلى ابن عمر وأخبره بجواب الإمام عليه ‏السّلام‎.‎
عندها أبدى إعجابه بذكاء الإمام عليه السّلام المبكر، وقال: إنَّهم أهلُ بَيتٍ مفهمون‎.‎

أصحابه ورواة حديثه عليه السّلام
قد جهد الإمام الباقر عليه السّلام على تربية جماعة فغذاهم بفقهه وعلومه، فكانوا من مراجع الفتيا في العالم الإسلامي، ‏ومن مفاخر هذه الأمة، وقد عهد إلى ولده الإمام الصّادق عليه السّلام القيام بنفقاتهم ليتفرغوا إلى تدوين الحديث الذي ‏سمعوه منه، وتعد الكوكبة من العلماء التي تخرجت على يده من خيار أصحاب الأئمة عليهم السّلام من عيون الفُقهاء ‏والعلماء
ونلمح فيما يلي إلى ذكرهم‎.‎
‎(أ)‎
‏1ـ أبان بن تغلب: أبان بن تغلب الربعي الكوفي من ألمع علماء الإسلام، ومن أبرز فقهاء المسلمين0‏
‏2ـ أبان بن أبي عياش فيروز‎.‎
‏3ـ إبراهيم بن الأزرق‎.‎
‏4ـ إبراهيم بن أبي البلاد‎.‎
‏5ـ إبراهيم بن جميل‎.‎
‏6ـ إبراهيم بن حنان‎.‎
‏7ـ إبراهيم بن صالح الأنماطي‎.‎
‏8ـ إبراهيم بن عبد الله‎.‎
‏9ـ إبراهيم بن عبيد‎.‎
‏10ـ إبراهيم بن عمر‎.‎
‏11ـ إبراهيم بن مُحمّد‎.‎
‏12ـ إبراهيم بن مرثد‎.‎
‏13ـ إبراهيم بن معاذ‎.‎
‏14ـ إبراهيم بن معرض‎.‎
‏15ـ إبراهيم بن نعيم‎.‎
‏16ـ أبيض بن أبان‎.‎
‏17ـ أحمد بن عائذ بن حبيب‎.‎
‏18ـ أحمد بن عمران‎.‎
‏19ـ إسحاق بن عبد الله‎.‎
‏20ـ إسحاق بن بشير‎.‎
‏21ـ إسحاق بن جعفر‎.‎
‏22ـ إسحاق بن نوح‎.‎
‏23ـ إسحاق بن الفضل‎.‎
‏24ـ إسحاق بن يسار‎.‎
‏25ـ إسحاق بن يزيد‎.‎
‏26ـ إسحاق بن واصل‎.‎
‏27ـ إسحاق الفمي‎.‎
‏28ـ إسرائيل بن غياث‎.‎
‏29ـ إسماعيل بن زياد‎.‎
‏30ـ إسماعيل بن جابر,د
‏31ـ إسماعيل بن عبد الله‎.‎
‏32ـ إسماعيل بن عبد الرحمن‎.‎
‏33ـ إسماعيل بن سلمان‎.‎
‏34ـ إسماعيل الكاتب‎.‎
‏35ـ أسلم بن أيمن‎.‎
‏36ـ أسلم القواص‎.‎
‏37ـ أسيد بن القاسم‎.‎
‏38ـ إسماعيل بن عبد الخالق‎.‎
‏39ـ إسماعيل بن عبد العزيز‎.‎
‏40ـ إسماعيل بن عبد الرحمن‎.‎
‏41ـ إسماعيل بن الفضل‎.‎
‏42ـ إسماعيل أعين الرازي‎.‎
‏43ـ أنس بن تغلب‎.‎
‏44ـ أنس بن عمرو‎.‎
‏45ـ أيوب بن بكر‎.‎
‏46ـ أيوب بن أبي تميمة‎.‎
‏47ـ أيوب بن شهاب‎.‎
‏48ـ أيوب وشيكة‎.‎
‎(‎ب‎)‎
‏49ـ بدر بن الخليل‎.‎
‏50ـ برد الأسكاف‎.‎
‏51ـ برد الخياط‎.‎
‏52ـ بريد الخياط‎.‎
‏53ـ بريد الكناسي‎.‎
‏54ـ بريد بن معاوية‎:‎
‏55ـ بسام بن عبد الله‎.‎
‏56ـ بشار الأسلمي‎.‎
‏57ـ بشر بن جعفر‎.‎
‏58ـ بشر بن خثعم‎.‎
‏59ـ بشر بن أبي عقبة‎.‎
‏60ـ بشر بن عبد الله‎.‎
‏61ـ بشر بن ميمون‎.‎
‏62ـ بشر بن يسار‎.‎
‏63ـ بشر بياع الزطي
‏64ـ بشر الرحال‎.‎
65ـ بشير الجعفي‎.‎
‏66ـ بشير أبو عبد الصمد‎.‎
‏67ـ بشير بن سليمان‎.‎
‏68ـ بكر بن حبيب‎.‎
‏69ـ بكر بن خالد‎.‎
‏70ـ بكر بن صالح‎.‎
71ـ بكرب بن كرب‎.‎
‏72ـ بكرويه الكندي‎.‎
‏73ـ بكير بن أعين‎.‎
‏74ـ بكير بن جندب‎.‎
‏75ـ بكير بن حبيب‎.‎
‎(‎ت‎)‎
‏76ـ تميم بن زياد‎.‎
‎(‎ث‎)‎
‏77ـ ثابت بن أبي ثابت‎.‎
‏78ـ ثابت بن دينار‎.‎
‏79ـ ثابت بن زائدة‎.‎
‏80ـ ثابت بن هرمز‎.‎
‏81ـ ثوير بن أبي فاخت
‎(‎ج‎)‎
‏82ـ جابر بن عبد الله‎:‎
‏83ـ جابر بن يزيد‎.‎
‏84ـ الجار ود بن السري‎.‎
‏85ـ الجار ود بن المنذر‎.‎
‏86ـ الجراح المدائني‎.‎
‏87ـ جعفر الأحمسي‎.‎
‏88ـ جعفر بن إبراهيم‎.‎
‏89ـ جعفر بن إبراهيم‎.‎
‏90ـ جعفر بن الحكيم‎.‎
‏91ـ جعفر بن عمرو‎.‎
‏92ـ جعده‎.‎
‎(‎ح‎)
‏93ـ الحسن بن أبي سارة‎.‎
‏94ـ الحسن بن حبيش‎.‎
‏95ـ الحسن بن الحسن‎.‎
‏96ـ الحسن بن زياد‎.‎
‏97ـ الحسن بن السري‎.‎
‏98ـ الحسن بن شهاب‎.‎
‏99ـ الحسن بن صالح‎.‎
‏100ـ الحسن بن عليّ‎.‎
‏101ـ الحسن بن عمار‎.‎
‏102ـ الحسن بن عمارة‎.‎
‏103ـ الحسن بن كثير‎.‎
‏104ـ الحسن بن المنذر‎.‎
‏105ـ الحسن بن يوسف‎.‎
‏106ـ الحسن الجعفي‎.‎
‏107ـ الحسن الزيات‎.‎
‏108ـ الحُسين بن أبتر‎.‎
‏109ـ الحُسين بن أبي العلاء‎.‎
‏110ـ الحُسين بن ثوير‎.‎
‏111ـ الحُسين بن حماد‎.‎
‏112ـ الحُسين بن عبد الله‎.‎
‏113ـ الحُسين ابن عبد الله‎.‎
‏114ـ الحُسين بن مصعب‎.‎
‏115ـ الحُسين بن المنذر‎.‎
‏116ـ حفص بن غياث‎.‎
‏117ـ الحكم بن الصلت‎.‎
‏118ـ الحكم بن أبي نعيم‎.‎
‏119ـ الحكم بن عبد الرحمن‎.‎
‏120ـ الحكم بن عتيبة‎.‎
‏121ـ الحكم بن علباء‎.‎
‏122ـ الحكم بن القتات‎.‎
123ـ الحكم بن المختار‎.‎
‏124ـ حكيم بن حكم‎.‎
‏125ـ حكيم بن مهيب‎.‎
‏126ـ حكيم بن معاوية‎.‎
‏127ـ حماد بن أبي سليمان‎.‎
‏128ـ حماد بن أبي المطارد‎.‎
‏129ـ حماد بن بشير‎.‎
‏130ـ حماد بن راشد‎.‎
‏131ـ حماد بن المغيرة‎.‎
‏132ـ حمران بن أعين‎:‎
‏133ـ حمزة بن عطاء‎.‎
‏134ـ حمزة بن عمارة‎.‎
‏135ـ حمزة الطيار‎.‎
‎(‎خ‎)‎
‏136ـ خازم الأشل‎.‎
‏137ـ خالد بن أبي كريمة‎.‎
‏138ـ خالد بن أوفى‎.‎
‏139ـ خالد بن بكار‎.‎
‏140ـ خالد بن طهمان‎.‎
‏141ـ خيثمة بن عبد الرحمن‎.‎
‏142ـ خيثمة بن أبي خيثمة‎.‎
‎(‎د)‎
‏143ـ داود الأبزاري‎.‎
‏144ـ داود بن أبي هند‎.‎
‏145ـ داود بن حبيب‎.‎
‏146ـ داود بن حرة‎.‎
‏147ـ داود بن زيد‎.‎
‏148ـ داود بن الدجاجي‎.‎
‏149ـ دلهم بن صالح‎.‎
‎(‎ر‎)‎
‏150ـ رائع بن مسلمة‎.‎
‏151ـ الربيع العبسي‎.‎
‏152ـ ربيع بن سعد‎.‎
‏153ـ ربيعه بن أبي عبد الرحمن‎.‎
‏154ـ ربيعة بن ناجذ‎.‎
‏155ـ رزي الأبزاري‎.‎
‏156ـ رزين الأنماطي‎.‎
‏157ـ رشد بن سعد‎.‎
‏158ـ رفيد مولى بني هبيرة‎.‎
‏159ـ رقبة بن مصقلة‎.‎
‎(‎ز)‎
‏160ـ زائدة بن قدامة‎.‎
‏161ـ زحر بن عبد الله‎.‎
‏162ـ زرارة بن أعين‎:‎
‏163ـ زكريا بن عبد الله‎.‎
‏164ـ زهير المدايني‎.‎
‏165ـ زياد الأحلام‎.‎
‏166ـ زياد الأسود‎.‎
‏167ـ زياد بن أبي هلال‎.‎
‏168ـ زياد بن أبي رجاء‎.‎
‏169ـ زياد بن أبي زياد‎.‎
‏170ـ زياد بن الأسود‎.‎
‏171ـ زياد بن سوقة‎.‎
‏172ـ زياد بن صالح‎.‎
‏173ـ زياد بن عيسى‎.‎
‏174ـ زياد بن عيسى‎.‎
‏175ـ زياد بن المنذر‎.‎
‏176ـ زياد مولى أبي جعفر‎.‎
‏177ـ زياد الهاشمي‎.‎
‏178ـ زيد الأجري‎.‎
‏179ـ زيد بن سليط‎.‎
‏180ـ زيد الشحام‎.‎
‏181ـ زيد بن قدامة‎.‎
‎(‎س‎)
‏182ـ سالم بن أبي حفصة‎.‎
‏183ـ سالم الأشل‎.‎
‏184ـ سالم الجعفر‎.‎
‏185ـ سدير بن حكيم‎.‎
‏186ـ سد يف المكي‎:‎
‏187ـ سعد بن أبي عمرو‎.‎
‏188ـ سعد الحداد‎.‎
‏189ـ سعد بن الحسن‎.‎
‏190ـ سعد بن طريف‎.‎
‏191ـ سعد بن عبد الملك‎.‎
‏192ـ سكين الجعدي‎.‎
‏193ـ سكين المعدني‎.‎
‏194ـ سلام بن أبي عمرة‎.‎
‏195ـ سلام بن سعد‎.‎
‏196ـ سلام بن المستنير‎.‎
‏197ـ سلام الجعفي‎.‎
‏198ـ سلام المكي‎.‎
‏199ـ سلم بن بشر‎.‎
‏200ـ سلمان بن خالد‎.‎
‏201ـ سلمان الكناني‎.‎
‏202ـ سلمة بن الأهتم‎.‎
‏203ـ سليمان بن خالد‎.‎
‏204ـ سلمة بن محرز‎.‎
‏205ـ سليمان مولى طر بال‎.‎
‏206ـ سليمان بن هارون‎.‎
‏207ـ سنان بن سنان‎.‎
‏208ـ سورة بن كليب‎.‎
‎(‎ش)‎
‏209ـ شجرة بن ميمون‎.‎
‏210ـ شريس الوابشي‎.‎
‏211ـ شعيب بن بكر‎.‎
‏212ـ شعيب الحداد‎.‎
‏213ـ شهاب بن عبد ربه‎.‎
‏214ـ شهر بن حوشب‎.‎
‎(‎ص‎) ‎
‏215ـ صالح بن سهل‎.‎
‏216ـ صالح بن عقبة‎.‎
‏217ـ صالح بن ميثم‎.‎
‏218ـ صامت بياع الهروي‎.‎
‏219ـ صباح بن يحيى‎.‎
‏120ـ صفي الأعور‎.‎
‏221ـ الصلت بن الحجاج‎.‎
‎(‎ض‎)‎
‏222ـ ضريس بن عبد الملك‎.‎
‏223ـ ضريس بياع الغزل‎.‎
‏224ـ ضريس الكناني‎.‎
‎(‎ط‎)
‏225ـ طاهر مولى أبي جعفر‎.‎
‏226ـ طربال بن رجاء‎.‎
‎(‎ظ‎)‎
‏227ـ ظريف بن ناصح‎.‎
‎(‎ع‎) ‎
‏228ـ عاصم بن عمر‎.‎
‏229ـ عامر بن أبي الأحوص‎.‎
‏230ـ عباد البصري‎.‎
‏231ـ عباد بن جريح‎.‎
‏232ـ عباد بن صهيب‎.‎
‏233ـ عبد الجبار بن أعين‎.‎
‏234ـ عبد الحميد بن أبي جعفر‎.‎
‏235ـ عبد الحميد بن أبي الديلم‎.‎
‏236ـ عبد الحميد بن عواض‎.‎
‏237ـ عبد الحميد الو اسطي‎.‎
‏238ـ عبد الخالق بن عبد ربه‎.‎
‏239ـ عبد الخالق بن عواض‎.‎
‏240ـ عبد الرحمن‎.‎
‏241ـ عبد الرحمن بن أعين‎.‎
‏242ـ عبد الرحمن بن زرعة‎.‎
‏243ـ عبد الرحمن بن سالم‎.‎
‏244ـ عبد الرحمن بن سليمان‎.‎
‏245ـ عبد الرحمن بن عجلان‎.‎
‏246ـ عبد الرحيم‎.‎
‏247ـ عبد الرحيم بن روح‎.‎
‏248ـ عبد الرحيم بن سليم‎.‎
‏249ـ عبد السّلام بن كثير‎.‎
‏250ـ عبد العزيز‎.‎
‏251ـ عبد الغفار بن القاسم‎.‎
‏252ـ عبد الكريم بن أبي يعفور‎.‎
‏253ـ عبد الكريم بن مهران‎.‎
‏254ـ عبد الله بن بكير‎.‎
‏255ـ عبد الله بن الجار ود‎.‎
‏256ـ عبد الله بن جريح‎.‎
‏257ـ عبد الله بن الحسن‎.‎
‏258ـ عبد الله بن ذبيان‎.‎
‏259ـ عبد الله بن زرعة‎.‎
‏260ـ عبد الله بن سليمان‎.‎
‏261ـ عبد الله بن سليمان‎.‎
‏262ـ عبد الله بن شريك‎.‎
‏263ـ عبد بن صالح‎.‎
‏264ـ عبد الله بن عبد الرحمن‎.‎
‏265ـ عبد الله بن عجلان‎.‎
‏266ـ عبد الله بن عطاء‎.‎
‏267ـ عبد الله بن عطاء‎.‎
‏268ـ عبد الله بن عطاء‎.‎
‏269ـ عبد الله بن عمرو‎.‎
‏270ـ عبد الله بن غالب‎.‎
‏271ـ عبد الله بن كيان‎.‎
‏272ـ عبد الله بن محرز‎.‎
‏273ـ عبد الله بن مُحمّد‎.‎
‏274ـ عبد الله بن مُحمّد‎.‎
‏275ـ عبد الله بن مُحمّد‎.‎
‏276ـ عبد الله بن مُحمّد‎.‎
‏277ـ عبد الله بن المختار‎.‎
‏278ـ عبد الله بن الوليد‎.‎
‏279ـ عبد الله الهاشمي‎.‎
‏280ـ عبد المؤمن الأنصاري‎.‎
‏281ـ عبد الرحمن بن القاسم‎.‎
‏282ـ عبد المؤمن بن الهيثم‎.‎
‏283ـ عبد الملك بن أعين‎.‎
‏284ـ عبد الملك بن عتبة‎.‎
‏285ـ عبد الملك بن عطاء‎.‎
‏286ـ عبد الملك بن عمرو‎.‎
‏287ـ عبد الواحد بن المختار‎.‎
‏288ـ عبيد بن كثير‎.‎
‏289ـ عبيد الله بن مُحمّد‎.‎
‏290ـ عبيد الله بن الوليد‎.‎
‏291ـ عبيد الله الوصافي‎.‎
‏292ـ عبيدة‎.‎
‏293ـ عبيدة الخثعمي‎.‎
‏294ـ عبيدة السكسكي‎.‎
‏295ـ عثمان بن جبلة‎.‎
‏296ـ عثمان بن زياد‎.‎
‏297ـ عثمان بن زياد‎.‎
‏298ـ عذ افر‎.‎
‏299ـ عذ افر بن عبد الله‎.‎
‏300ـ عروة بن عبد الله‎.‎
‏301ـ العطاء‎.‎
‏302ـ عطاء بن يسار‎.‎
‏303ـ عطية‎.‎
‏304ـ عطية‎.‎
‏305ـ عطية بن ذكران‎.‎
‏306ـ عطية بن مزار‎.‎
‏307ـ عطية العوفي‎.‎
‏308ـ عقبة‎.‎
‏309ـ عقبة بن شيبة‎.‎
‏310ـ عقبة بن قيس‎.‎
‏311ـ عكرمة‎.‎
‏312ـ العلاء بن الحسن‎.‎
‏313ـ العلاء بن الحُسين‎.‎
‏314ـ العلاء بن عبد الكريم‎.‎
‏315ـ علباء بن دراع‎.‎
‏316ـ علقمة بن مُحمّد‎.‎
‏317ـ عليّ بن الأحمسى‎.‎
‏318ـ عليّ بن أبي حمزة‎.‎
‏319ـ عليّ بن أبي المغيرة‎.‎
‏320ـ عليّ بن حنظلة‎.‎
‏321ـ عليّ بن سعيد‎.‎
‏322ـ عليّ بن عبد العزيز‎.‎
‏323ـ عليّ بن عبد الله‎.‎
‏324ـ عليّ بن عطية‎.‎
‏325ـ عليّ بن عقبة‎.‎
‏326ـ عليّ بن ميمون‎.‎
‏327ـ عمار بن أبي الأحوص‎.‎
‏328ـ عمار بن مروان‎.‎
‏329ـ عمر بن أبان‎.‎
‏330ـ عمرن بن أبان‎.‎
‏331ـ عمر ابن أبي شيبة‎.‎
‏332ـ عمر بن ثابت‎.‎
‏333ـ عمر بن حنظلة‎.‎
‏334ـ عمر بن قيس‎.‎
‏335ـ عمر بن قيس‎.‎
‏336ـ عمر بن معمر‎.‎
‏337ـ عمر بن هلال‎.‎
‏338ـ عمر بن يحيى‎.‎
‏339ـ عمرو بن أبي‎.‎
‏340ـ عمرو بن أبي المقدام‎.‎
‏341ـ عمرو بن جميع‎.‎
‏342ـ عمرو بن خالد‎.‎
‏343ـ عمرو بن خالد‎.‎
‏344ـ عمرو بن دينار‎.‎
‏345ـ عمرو بن رشيد‎.‎
‏346ـ عمرو بن سعيد‎.‎
‏347ـ عمرو بن شمر‎.‎
‏348ـ عمرو بن عبد الله‎.‎
‏349ـ عمرو بن عثمان‎.‎
‏350ـ عمرو بن معمر‎.‎
‏351ـ عمران‎.‎
‏352ـ عمران بن أبي خالد‎.‎
‏353ـ عمران بن أعين‎.‎
‏354ـ عنبة بن مصعب‎.‎
‏355ـ عنبة العابد‎.‎
‏356ـ عيسى بن أبي منصور‎.‎
‏357ـ عيسى بن أعين‎.‎
‏358ـ عيسى بن بكر‎.‎
‏359ـ عيسى بن الضحاك‎.‎
‏360ـ عيسى بن الطحان‎.‎
‎(‎غ‎)‎
‏361ـ غلب أبو الهذيل‎.‎
‎(‎ف)‎
‏362ـ فائد الجمال‎.‎
‏363ـ فرات بن الأحنف‎.‎
‏364ـ فروة‎.‎
‏365ـ الفضل بن الزبير‎.‎
‏366ـ الفضل بن عثمان‎.‎
‏367ـ الفضل النوفلي‎.‎
‏368ـ الفضيل‎.‎
‏369ـ الضيل بن خيثم‎.‎
‏370ـ الفضيل بن الزبير‎.‎
‏371ـ الفضيل بن سعدان‎.‎
‏372ـ الفضيل بن شريح‎.‎
‏373ـ الفضيل بن عثمان‎.‎
‏374ـ الفضيل بن غياث‎.‎
‏375ـ الفضيل بن يسار‎.‎
‏376ـ فطر بن خليفة‎.‎
‏377ـ فليح بن أبي بكر‎.‎
‏378ـ الفيض بن المختار‎.‎
‎(‎ق)‎
‏379ـ القاسم بن عبد الرحمن‎.‎
‏380ـ قاسم بن عبد الملك‎.‎
‏381ـ قدامة بن زائدة‎.‎
‏382ـ قيس بن أبي مسلم‎.‎
‏383ـ قيس بن الربيع‎.‎
‎(‎ك‎)‎
‏384ـ كامل بن العلاء‎.‎
‏385ـ كامل إلصاقي‎.‎
‏386ـ كامل صاحب السابري‎.‎
‏387ـ كامل النجار‎.‎
‏388ـ كثير بن كلثم‎.‎
‏389ـ كثير النوا‎.‎
‏390ـ كليب بن معاوية‎.‎
‏391ـ الكميت بن زيد‎.‎
‏392ـ كنكر‎.‎
‎(‎ل)‎
‏393ـ ليث بن أبي سليم‎.‎
‏394ـ ليث بن البختري‎.‎
‎(‎م‎)‎
‏395ـ مالك بن أعين‎.‎
‏396ـ مالك بن عطية‎.‎
‏397ـ مُحمّد بن إبراهيم‎.‎
‏398ـ مُحمّد بن أبي سارة‎.‎
‏399ـمحمد بن أبي منصور‎.‎
‏400ـ مُحمّد بن إسحاق‎.‎
‏401ـ مُحمّد بن‎.‎
‏402ـ مُحمّد بن الحسن‎.‎
‏403ـ مُحمّد بن حميد‎.‎
‏404ـ مُحمّد بن رستم‎.‎
‏405ـ مُحمّد بن يزيد‎.‎
‏406ـ مُحمّد بن سالم‎.‎
‏407ـ مُحمّد بن سليمان‎.‎
‏408ـ مُحمّد بن سوقة‎.‎
‏409ـ مُحمّد بن صاحب‎.‎
‏410ـمحمد بن عبد الله‎.‎
‏411ـ مُحمّد بن عجلان‎.‎
‏412ـ مُحمّد بن عجلان‎.‎
‏413ـ مُحمّد بن عطية‎.‎
‏414ـ مُحمّد بن عليّ‎.‎
‏415ـ مُحمّد بن عون‎.‎
‏416ـ مُحمّد بن الفرات‎.‎
‏417ـ مُحمّد بن الفضل‎.‎
‏418ـ مُحمّد بن الفيض‎.‎
‏419ـ مُحمّد بن قيس‎.‎
‏420ـ مُحمّد بن قيس‎.‎
‏421ـ مُحمّد بن مروان‎.‎
‏422ـ مُحمّد بن مروان‎.‎
‏423ـمحمد بن مروان‎.‎
‏424ـ مُحمّد بن مسلم‎:‎
‏425ـ مُحمّد بن مسلم‎.‎
‏426ـ مُحمّد بن المنكدر‎.‎
‏427ـ المسهّل بن عطاء‎.‎
‏428ـ مسعدة بن زياد‎.‎
‏429ـ مسعدة بن صدقة‎.‎
‏430ـ مسكين‎.‎
‏431ـ مسكين بن عبد‎.‎
‏432ـ مسمع بن عبد الملك‎.‎
‏433ـ معروف بن خربوه‎.‎
‏434ـ معمر بن رشيد‎.‎
‏435ـ معمر بن عطاء‎.‎
‏436ـ معمر بن يحيى‎.‎
‏437ـ معمر بن يحيى‎.‎
‏438ـ معمر بن يحيى‎.‎
‏439ـ المغيرة بن سعيد‎.‎
‏440ـ المفضل بن زيد‎.‎
‏441ـ المفضل بن قيس‎.‎
‏442ـ مقاتل بن سليمان‎.‎
‏443ـ مقرن السراج‎.‎
‏444ـ منذر بن أبي طريفة‎.‎
‏445ـ منصور بن المعتمر‎.‎
‏446ـ منصور بن الوليد‎.‎
‏447ـ موسى الأشعري‎.‎
‏448ـ موسى بن أشيم‎.‎
‏449ـ موسى الخياط‎.‎
‏450ـ موسى بن زياد‎.‎
‏451ـ موسى بن عبد الله‎.‎
‏452ـ مهزم بن أبي بردة‎.‎
‏453ـ ميسر بن عبد العزيز‎.‎
‏454ـ ميمون البان‎.‎
‏455ـ ميمون القداح‎.‎
‎(‎ن‎)‎
‏456ـ نجم بن الحطيم‎.‎
‏457ـ نحم الطائي‎.‎
‏458ـ نجح بن مسلم‎.‎
‏459ـ النضر بن قر واش‎.‎
‏460ـ نعمان الأحمسي‎.‎
‎(‎و)‎
‏461ـ الورد بن زيد‎.‎
‏462ـ الوليد بن بشير‎.‎
‏463ـ الوليد بن عروة‎.‎
‏464ـ الوليد بن القاسم‎.‎
‎(‎هـ)‎
‏465ـ هارون الجبلي‎.‎
‏466ـ هارون بن حمزة‎.‎
‏467ـ هاشم بن أبي هاشم‎.‎
‏468ـ هاشم الرهاني‎.‎
‎(‎ي‎)‎
‏469ـ يحيى بن أبي العلاء‎.‎
‏470ـيحيى بن أبي القاسم‎.‎
‏471ـ يحيى بن السابق‎.‎
‏472ـ يزيد أبو خالد‎.‎
‏473ـ يزيد بن عبد الملك‎.‎
‏474ـ يزيد بن عبد الملك‎.‎
‏475ـ يزيد بن مُحمّد‎.‎
‏476ـ يزيد مولى الحكم‎.‎
‏477ـ يعقوب بن شعيب‎.‎
‏478ـ يعقوب بن شعيب‎.‎
‏479ـ يونس بن أبي يعفور‎.‎
‏480ـ يونس بن خباب‎.‎
‏481ـ يونس بن المغيرة‎.‎

وصاياه عليه السلام
من أنفس ما تركه الأئمة عليهم السّلام للمسلمين هو وصاياهم الكثيرة، الحافلة بالتوجيه والأخلاق والحكم والمعارف ‏والآداب، فلم يعرف التاريخ الإسلامي مثل هذه الوصايا لمن سبقهم أو تأخر عنهم من العلماء والحكماء والفلاسفة ‏والمفكرين، وما ذلك إلا لحرصهم على توجيه المجتمع، وإصلاح الأمة، وبث الأخلاق بين الناس، وليس هذا بكثير ‏عليهم، فهم يعتبرون أنفسهم ـ كما يقول الأستاذ عبد القادر أحمد اليوسف ـ هم المكلفون بعد الرّسول صلّى الله عليه ‏وآله بنشر الإسلام، والمحافظة على السنن، والشرائع المحمدية‎.‎
وهنا نسجل بعض ما ورد من وصاياه عليه السّلام‎:‎
‏1ـ من وصية له عليه السّلام لعمر بن عبد العزيز
دخل أبو جعفر مُحمّد بن عليّ بن الحُسين على عمر بن العزيز فقال: يا أبا جعفر أوصني‎.‎
قال أوصيك أن تتخذ صغير المسلمين ولداً، وأوسطهم أخاً، وكبيرهم أباً، فارحم ولدك، وصل أخاك، وبر أباك، وإذا ‏صنعت معروفاً فربِّه. ( أي أدمه حتى يستمر)‎. ‎
‏2ـ من وصيته عليه السّلام أوصى بها جابر بن يزيد الجعفي‏
عن جابر الجعفي قال: قال لي مُحمّد بن عليّ: يا جابر إنه من دخل قلبه صافي دين الله أشغله عما سواه، يا جابر ما ‏الدنيا وما عسى أن تكون، هل هي إلا ثوب لبسته، أو لقمة أكلتها، أو مركب ركبته، أو امرأة أصبتها‎.‎
يا جابر: إن المؤمنين لم يطمئنوا إلى الدنيا لبقاءٍ فيها، ولم يأمنوا قدوم الآخرة عليهم، ولم يصمهم عن ذكر الله ما ‏سمعوا بآذانهم من الفتنة، ولم يعمهم من نور الله ما رأوا بأعينهم من الزينة، ففازوا بثواب الأبرار، إنّ أهل التقوى ‏أيسر أهل الدنيا مؤونة، وأكثرهم لك معونة، إن نسيت ذكروك، وإن ذكرت أعانوك، قوالين بحق الله، قوامين بأمر الله‎. ‎
‏3ـ من وصية له عليه السّلام لعمر بن عبد العزيز
لما دخل المدينة عمر بن عبد العزيز قال مناديه: من كانت له مظلمة أو ظلامة فليحضر، فأتاه أبو جعفر عليه السّلام ‏فلما رآه استقبله واقعده مقعده، فقال عليه السّلام: إنّما الدنيا سوق من الأسواق يبتاع فيها الناس ما ينفعهم وما يضرهم، ‏وكم قوم ابتاعوا ما ضرهم فلم يصبحوا حتى أتاهم الموت، فخرجوا من الدنيا ملومين لما لم يأخذوا ما ينفعهم في ‏الآخرة، فقُسّم ما جمعوا لمن لم يحمدهم، وصاروا إلى من لا يعذرهم، فنحن والله حقيقون أن ننظر إلى تلك الأعمال ‏التي نتخوف عليهم منها، فكف عنها واتق الله، واجعل في نفسك اثنتين: انظر إلى ما تحب أن يكون معك إذا قدمت ‏على ربك فقدمه بين يديك، وانظر إلى ما تكره أن يكون معك إذا قدمت على ربك فارمه ورائك، ولا ترغبنّ في سلعة ‏بارت على من كان قبلك فترجو أن يجوز عنك، وافتح الأبواب، وسهل الحجاب، وأنصف المظلوم، ورد الظالم‏‎.‎
‏4ـ من وصية له عليه السّلام لجابر بن يزيد الجعفي
يا جابر: أنزل الدنيا كمنزل نزلت به وارتحلت منه، أو كمال أصبته في منامك فاستيقظت وليس معك منه شيء؛ إنما ‏هي مع أهل اللب والعالمين بالله تعالى كفيء الظلال فاحفظ ما استرعاك الله تعالى من دينه وحكمته‏‎.‎
‏5ـ من وصية له عليه السّلام
عليكم بالورع والاجتهاد وصدق الحديث وأداء الأمانة إلى من ائتمنكم عليها براً كان أو فاجراً، فلو أنّ قاتل عليّ بن ‏أبي طالب ائتمنني على أمانة لأديتها إليه‎. ‎
‏6ـ من وصية له عليه السّلام لبعض أصحابه
قم بالحق، واعزل ما لا يعنيك، وتجنب عدوك، وأحذر صديقك من الأقوام إلا الأمين من خشي الله، ولا تصحب ‏الفاجر، ولا تطلعه على سرك، واستشر في أمرك الذين يخشون الله‎. ‎
‏7ـ من وصية له عليه السّلام لبعض أصحابه
قال جابر: دخلنا على أبي جعفر عليه السّلام ونحن جماعة بعد ما قضينا نسكنا فودعناه وقلنا له: أوصنا يا بن رسول ‏الله‎.‎
فقال: ليُعِنْ قويُكم ضعيفَكم، وليعطف غنيكم على فقيركم، ولينصح الرجل أخاه كنصحه لنفسه، واكتموا أسرارنا، ولا ‏تحملوا الناس على أعناقنا، وانظروا أمرنا وما جاءكم عنا، فإن وجدتموه للقرآن موافقاً فخذوا به، وإن لم تجدوه موافقاً ‏فردوه، وإن اشتبه الأمر عليكم فقفوا عنده وردوه إلينا حتى نشرح لكم من ذلك ما شرح لنا، فإذا كنتم كما أوصيناكم لم ‏تعدوا إلى غيره، فمات منكم ميت قبل أن يخرج قائمنا كان شهيداً، وإن أدرك قائمنا فقتل معه، كان له أجر شهيدين، ‏ومن قتل بين يديه عدواً لنا كان له أجر عشرين شهيداً‎.‎
‏8ـ من وصية له عليه السّلام أوصى بها بني هاشم
واجتمع عنده ناس من بني هاشم فقال عليه السّلام: اتقوا الله شيعة آل مُحمّد، وكونوا النمرقة الوسطى يرجع إليكم ‏الغالي ويلحق بكم التالي‎.‎
قالوا له: وما الغالي؟
قال: الذي يقول فينا ما لا نقوله في أنفسنا‎.‎
قالوا: فما التالي؟
قال: الذي يطلب الخير فيزيد به خيراً، والله ما بيننا وبين الله قرابة، ولا لنا على الله من حجة، ولا نتقرب إليه إلا ‏بالطاعة، فمن كان منكم طيعاً لله، يعمل بطاعته، نفعته ولايتنا أهل البيت، ومن كان منكم عاصياً لله، يعمل معاصيه لم ‏تنفعه ولايتنا، ويحكم لا تغتروا - ثلاثاً‎ -. ‎
‏9ـ من وصية له عليه السّلام أوصى بها بعض أولاده
يا بني إذا أنعم الله عليك بنعمة فقل: الحمد لله، وإذا أحزنك أمر فقل: لا حول ولا قوة إلا بالله، وإذا أبطأ عنك رزق فقل: ‏استغفر الله‎. ‎
‏10ـ من وصية له عليه السّلام أوصى بها شيعته في الحث على طلب العلم
تعلموا العلم، فإن تعلمه حسنة، وطلبه عبادة، والمذاكرة له تسبيح، والبحث عنه جهاد، وتعليمه صدقة، وبذله لأهله ‏قربة، والعلم ثمار الجنة، وأنس في الوحشة، وصاحب في الغربة، ورفيق في الخلوة، ودليل على السراء، وعون على ‏الضراء، ودين عند الأخلاء، وسلاح عند الأعداء، يرفع الله به قوماً فيجعلهم في الخير سادة، وللناس أئمة يقتدي ‏بفعالهم، ويقتص آثارهم، ويصلي عليهم كل رطب ويابس، وحيتان البحر وهوامه، وسباع البر وأنعامه‎. ‎
‏11ـ وصيته لبعض أصحابه
وأراد بعض أصحاب الإمام عليه السّلام السفر فزوده عليه السّلام بهذه الوصية القيمة، قال له‎:‎
لا تسيرن سيراً وأنت حافي، ولا تنزلن عن دابتك ليلاً لقضاء حاجة إلا ورجلك في خف، ولا تبولن في نفق، ولا ‏تذوقن بقلة ولا تشمها حتى تعلم ما هي، ولا تشرب من سقاء حتى تعرف ما فيه، واحذر من تعرف ولا تصحب من لا ‏تعرف‎..‎
‏12ـ وصيته لجابر الجعفي
أوصيك بخمس: إن ظُلمت فلا تظلم، وإن خانوك فلا تخن، وإن كُذبت فلا تغضب، وإن مدحت فلا تفرح، وإن ذُممت ‏فلا تجزع، وفكر فيما قيل فيك، فإن عرفت من نفسك ما قيل فيك فسقوطك من عين الله عز وجل عند غضبك من الحق ‏أعظم عليك مصيبة مما خفت من سقوطك من أعين الناس، وإن كنت على خلاف ما قيل فيك: فثواب اكتسبته من غير ‏أن يتعب بدنك‎.‎
واعلم بأنك لن تكون لنا ولياً حتى لو اجتمع عليك أهل مصرك، وقالوا: إنك رجل سوء لم يحزنك ذلك، ولو قالوا: إنك ‏رجل صالح لم يسرك ذلك، ولكن أعرض نفسك على كتاب الله فإن كنت سالكاً سبيله، زاهداً في تزهيده راغباً في ‏ترغيبه، خائفاً من تخويفه فأثبت وابشر، فإنه لا يضرك ما قيل فيك، وإن كنت مبائناً للقرآن، فماذا الذي يغرك من ‏نفسك، إن المؤمن معني بمجاهدة نفسه ليغلبها على هواها، فمرة يقيم أودها ويخالف هواها في محبة الله ومرة تصرعه ‏نفسه فيتبع هواها فينعشه الله، فينتعش، ويقيل الله عثرته فيتذكر، ويفزع إلى التوبة والمخافة فيزداد بصيرة ومعرفة لما ‏زيد فيه من الخوف وذلك بأن الله يقول: إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون 000الخ
‏13ـ وصيته لبعض أبنائه
قال له: يا بني إذا أنعم الله عليك نعمة فقل: الحمد لله، وإذا أحزنك أمر فقل: لا حول ولا قوة إلا بالله، وإذا أبطأ عنك ‏رزقك فقل: استغفر الله‎...‎
‏14ـ وصيته لرجل
وفد عليه رجل من المسلمين وطلب منه أن يمنحه بوصية يسير على ضوئها فقال عليه السّلام له‎:‎
هيئ جهازك، وقدم زادك، وكن وصي نفسك‎.‎
‏15ـ وصاياه لولده الصّادق عليهما السّلام
أوصى الإمام مُحمّد الباقر عليه السّلام إلى ولده الإمام جعفر الصّادق عليه السّلام بعدة وصايا كان من بينها ما يلي‎:‎
‏1‏‎- ‎قال عليه السّلام: يا بني إن الله خبأ ثلاثة أشياء في ثلاثة أشياء: خبأ رضاه في طاعته، فلا تحقرن من الطاعة شيئاً ‏فلعل رضاءه فيه، وخبأ سخطه في معصيته فلا تحقرن من المعصية شيئاً فلعل سخطه فيه، وخبأ أولياءه في خلقه فلا ‏تحقرن أحداً فلعله ذلك الولي..0‏
‏2‏‎- ‎حكى الإمام الصّادق عليه السّلام إحدى وصايا أبيه إلى سفيان الثوري فقد قال له: يا سفيان أمرني أبي بثلاث، ‏ونهاني عن ثلاث، فكان فيما قال لي: يا بني من يصحب صاحب السوء لا يسلم، ومن يدخل مداخل السوء يتهم، ومن ‏لا يملك لسانه يندم، ثم أنشدني‎:‎
عـود لسانك قول الخير تحظ‎ ii‎به *** إن الـلسان لـما عـودت‎ ii‎يعتاد
مـوكل بـتقاضي مـا سننت‎ ii‎له *** في الخير والشر فانظر كيف تعتاد‎ ‎
‏3ـ أنه عليه السّلام قال له: يا جعفر أوصيك بأصحابي خيراً‎.‎
فقال له الإمام الصّادق عليه السّلام: جُعلتُ فداك، والله لأدَعَنَّهم، والرجل منهم يكون في المصر فلا يسأل أحداً‎.‎
‏4ـ أوصى ولده الصّادق عليه السّلام أن يكفِّنَه في قميصه الذي كان يصلي فيه، ليكون شاهد صِدقٍ عند الله على عظيم ‏عبادته، وطاعته له‎.‎
إنه أوقف بعض أمواله على نوادب تندبه عشر سنين في منى، ولعلَّ السبب في ذلك يعود إلى أن مِنى أعظم مركز ‏للتجمع الإسلامي‎.‎
ووجود النوادب فيه مما يبعث المسلمين إلى السؤال عن سَبَبه، فيخبرون بما جرى على الإمام أبي جعفر عليه السّلام ‏من صنوف التنكيل من قبل الأمويين واغتيالهم له، حتى لا يضيع ما جرى عليه منهم، ولا تخفيه أجهزة الإعلام ‏الأموي‎.‎

شهادته عليه السلام
بعد أن فشلت السياسة الأموية في الحَدِّ من تحرك الإمام عليه السّلام فقد رأت السياسة المنحرفة أنه ليس عن اغتياله ‏عليه السّلام بديل‎.‎
وهكذا دُسَّ إليه السُّمَّ في زمن الخليفة هشام، فرحل عليه السّلام إلى رَبِّه الأعلى في السابع من ذي الحجة، عام 114 ‏هـ صابراً، محتسباً، شهيداً، فَسَلامٌ عليه يوم وُلِدَ، ويوم رَحَلَ إلى ربه، ويوم يُبعَثُ حَيّاً‎.‎

دفنه عليه السلام
وقام ولده الإمام الصّادق عليه السّلام بتجهيز الجثمان المقدس، فغسَّله وكفَّنه، وهو يذرف أحَرَّ الدموع على فقد أبيه ‏عليه السّلام، الذي ما أظَلَّت على مثلِهِ سماء الدنيا في عصره عِلماً وفَضلاً وحَرِيجة في الدين‎.‎
ونقل الجثمان العظيم- محفوفاً بإجلال وتكريم بالغين من قبل الجماهير- إلى بقيع الغرقد المدينة المنورة‎.‎
فحفر له قبراً بجوار الإمام الأعظم أبيه زين العابدين عليه السّلام، وبجوار عم أبيه الإمام الحسن سيد شاب أهل الجنة ‏عليه السّلام‎.‎
وأنزل الإمام الصّادق أباه عليهما السّلام في مقرّه الأخير فواراه فيه، وقد وارى معه العلم والحلم، والمعروف والبر ‏بالناس‎.‎
وقد انطوت بِرَحيله عليه السّلام أروع صفحة من صفحات الرسالة الإسلامية، التي أمدَّت المجتمع الإسلامي بعناصر ‏الوعي والازدهار‎.‎
هدم قبره
في الثامن من شوال 1344هـ هدم الوهابيون قبره، وقبور بقية الأئمة عليهم السّلام‎.‎

أشعار متفرقة في رثائه عليه السلام
قال السيد صالح النجفي الشهير بالقزويني رحمه الله‎: ‎
يـا زعيماً لكل قاص ودان *** وعـليماً بكل خاف‎ ‎وبادي
طـالما قد أريتهم‎ ‎معجزات *** مـرغمات معاطس‎ ‎الحساد
يـا إمـاماً آيـاته‎ ‎كرزاياه *** جـسام لا تـنتهي‎ ‎بـعداد
وفقيداً أجرى العيون وأورى *** أبـداً في القلوب قدح‎ ‎زناد
ومـقيماً لـلعلم سوق‎ ‎رواج *** بـان عنه فسوقه في‎ ‎كساد
عـجباً للردى عليك‎ ‎تعدى *** بـعد مـا كان ملقي‎ ‎الأنقياد
عـجباً لـلبلاد بعدك‎ ‎قرت *** وبـها انـهد شامخ‎ ‎الأطواد
عـجباً لـلبحار فاضت‎ ‎بمدِّ *** بـعدما غـاض دائم‎ ‎الأمداد
عجباً للورى وقد غبت‎ ‎عنها *** للهدى تهتدي وأنت‎ ‎الهادي
عـجباً للصباح أسفر لم‎ ‎لا *** شـق وجـداً عموده‎ ‎بسواد
عـجباً لـلوجود بعدك‎ ‎باق *** ولـه كـنت عـلة الإيجاد‎ ‎
وقال عليّ بن عيسى بن أبي الفتح الأربلي صاحب كشف الغمة‎:‎
يـا راكـباً يقطع جوز‎ ‎الفلا *** عـلى أمـون جسرة‎ ‎ضامر
عرج على طيبة وأنزل‎ ‎بها *** وقف مقام الضارع‎ ‎الصاغر
وقـبّل الأرض وسف‎ ‎تربها *** واسـجد عـلى ذلك‎ ‎الطاهر
وعِج على أرض البقيع الذي *** تـرابه يـجلو قذى‎ ‎الناظر
وبـلـغن عـنـي‎ ‎سـكانه *** تـحـية كـالمَثل‎ ‎الـسائر
قـوم هـم الغية في فضلهم *** فـالأول الـسابق كـالآخر
وأشرقت في المجد‎ ‎أحسابهم *** إشـراق نـور القمر‎ ‎الباهر
وبـخلوا الغيث ويوم‎ ‎الوغى *** راعـوا جنان الأسد‎ ‎الخادر
بـدا بهم نور الهدى‎ ‎مشرقاً *** ومـيز الـبر مـن‎ ‎الفاجر‎ ‎
وقال عليّ بن عيسى الأربلي أيضاً‎:‎
إمـام حـق فاق في‎ ‎فضله *** الـعالم من باد ومن حاضر
مـا ضر قوماً غصبوا حقه *** والـظلم من شنشنة‏‎ ‎الجائر
لـو حـكموه فقضى‎ ‎بينهم *** أبـلج مـثل الـقمر الزاهر
جـرى عـلى سـنة‎ ‎آبائه *** جري الجواد السابق الضامر
وجـاء مـن بعد بنوه على *** آثـاره الـوارد كـالصادر‎ ‎
وقال السيد محسن الأمين رحمه الله‎:‎
واذر دمـوع الـعين فيها‎ ‎دماً *** عـلى ضـريح السيد‎ ‎الباقر
عـلى إمـام مـا جرى ذكره *** في خاطري إلا جرى‎ ‎ناظري
عـليّ إمـام لـم يدع‎ ‎رزؤه *** صبراً لجلد في الورى صابر
عـلى إمـام هدَّ ركن‎ ‎الهدى *** مـصـابه بـالقاصم‎ ‎الـفاقر
وبـدر تـم في الثرى‎ ‎غائب *** ونـحر علم في الثرى‎ ‎غائر
يـا أقبراً منها البقيع‎ ‎اغتدى *** يـسمو سـنام الـفلك الدائر
سـقاك يـا أقـبر رب‎ ‎السما *** مـن الـحيا بالصيب‎ ‎الماطر
لا ينقضى وجدي ولا حسرتي *** لـساكني مـربعك‎ ‎الـعاطر‎ ‎
وقال الشيخ إبراهيم بن يحيى العاملي الطيبي رحمه الله من قصيدة
سـرعان مـا زال الـشباب‎ ‎وظله *** عـني وكـيف يـدوم ظل الطائر
وا شـقوتاه لـقد مـلأت‎ ‎صحيفتي *** بـجـرائر وصـغـائر‎ ‎وكـبائر
لـكن رجـائي بـالمهيمن‎ ‎محوها *** ووسـيلتي حـب الإمـام‎ ‎الـباقر
الطاهر ابن الطاهر ابن الطاهر اب‍ن *** الـطاهر ابـن الطاهر ابن‎ ‎الطاهر
خـير الـمحاتد مـحتد يـفتر‎ ‎عن *** سـلف تـتابع كـابرا عـن‎ ‎كابر
هــو حـجة الله الإمـام‎ ‎مُـحمّد *** وأبـر بـاد فـي الأنـام‎ ‎وحاضر
هـو ذلك المولى الذي أهدى له *** ال‍هـادي شـريف سـلامه مع‎ ‎جابر
هـو ذلـك الـنور الإلـهي‎ ‎الذي *** يـغنيك عـن نور الصباح‎ ‎السافر
فـضل كـمنبلج الـصباح وهـمة *** أوفـت عـلى فـلك النجوم‎ ‎الدائر
ويـد إذا انـتجع الـمؤمل‎ ‎رفدها *** حـشدت عـليه بـكل نوء‎ ‎ماطر
جـل الـذي أولاه مـستن‎ ‎الـعلى *** فـالنجم يـرمقه بـطرف‏‎ ‎حـاسر
مـولى أعـاد العدل وهو‎ ‎مصوع *** غـضا عـلى رغم الزمان‎ ‎الجائر‎ ‎
السيد مُحمّد جمال الهاشمي
لـذكراك يـضطرب‎ ‎المنبرُ *** ويـبكي لـتاريخك‎ ‎الـمزبرُ
أبـا جـعفر يا سليل‎ ‎النجوم *** بـها الـحق مـنكشف نـير
ويـا أمـل الدين سارت‎ ‎إليه *** مـواكـبه وهـي‎ ‎تـستبشر
ذكرتُكَ والعصر‎ ‎معصوصبٌ *** وتـاريـخ أمـتـنا‎ ‎مـقفر
ونـاجيت سرك، ‏والحادثات *** بـأوسـاطنا نـارها‎ ‎تـسعر
فـأبصرت وجهك، ‏والنائبات *** بـها إلـتاث مشرقة‎ ‎المقمر
وأبصرت خصمك في‎ ‎حكمه *** مــدلاً لـدنـياك‏‎ ‎يـستعمر
فقاضت لك النفس في شجوها *** وجـن بـه قـلبي‎ ‎الـموغر
وهـل أنـت إلا الإمام‎ ‎الذي *** بـألـطافه حـقـلنا مـزهر
بـغـير ولائـك لا تـعتلي *** صـلاةٌ، ولا عـمل‎ ‎يـؤجر
فـمن فـاز فـي حبه‎ ‎مؤمن *** ومـن شـذَّ عـن حبه‎ ‎يكفر
لأنـك جـسدت ديـن‎ ‎النبي *** بـسير بـه الـفكر يستبصر
وأنـك عـبدت نـهجاً‎ ‎عليه *** يـسـير مـوكـبه‎ ‎جـعفر
فـمـذهبها بــك‎ ‎أعـلامه *** أقـيمت لتهدى بها‎ ‎الأعصر
فـأنـت حـقـيقة‎ ‎إيـماننا *** وفـيك انطوى سنا‎ ‎المضمر
وأنـت شـفيع الورى يوم لا *** شـفـيع، ولا عـمل‎ ‎يـثمر
فديتك من صامد في‎ ‎الخطوب *** يـقاسي من الصبر ما‎ ‎يوقر
يرى الشمس يكسف‎ ‎أنوارها *** ضـبابٌ عـلى أفـقها‎ ‎ينشر
ويـبصر أحـكام دين‎ ‎النبي *** يـغـيرها الـجشع‎ ‎الـمنكر
وعـدلُ الكتاب، وثقل‎ ‎النبي *** بـعيد عـن الوضع‎ ‎مستنفر‎ ‎
الشيخ عبد المنعم الفرطوسي
أُدمي الحشا ألماً وكحِّلَ‎ ‎ناظري *** بالحزن يوم عرى مصابُ الباقر
هـو بـاقرٌ لـلعلم تـعظيماً‎ ‎له *** يـهدي سـلامُ مُحمّد من‎ ‎جابر
زاكي الأرومة طاهرٌ كرماً‎ ‎وهل *** تـلد الـزكية غير زاكٍ‎ ‎طاهر
وإمـامُ حـق مـبتلى كأبيه‎ ‎في *** مـحن بـهن يبين أجرُ‎ ‎الصابر
لاقـي الـذي أبـوه من‎ ‎الأذى *** بـمصائب لـيست تعدُّ‎ ‎لحاصر
من قتل أنصار وحرق‎ ‎مضارب *** وضـجيج أيـتام وسبي‎ ‎حرائر
ورأى بيوم الطف مصرع‎ ‎جده *** مـتضرجاً بـدم الوريد‎ ‎الزاخر
وشـجاه مـن شهداء آل مُحمّد *** خيرُ الضحايا فوق شر‎ ‎مجازرِ
والـهفتاه عـلى إمـامٍ‎ ‎عـادل *** لاقـى المصائب من إمام جائر
أخـنى عـليه هشام في طغيانه *** والـبغي شـيمة كل باغٍ‎ ‎ماكر
وسـقاه سـماً قـاتلاً من‎ ‎غدره *** أودى بـه من كف طاغ‎ ‎غادر
حتى قضى والحمد ملءُ‎ ‎ركابه تـطويه طـيباً منه خيرُ‎ ‎مآزر‎ ‎

تاريخ شهادته عليه السلام
وقبض عليه السّلام سنة أربع عشرة ومائة في ذي الحجة وقيل: في شهر ربيع الاول، وقد تم عمره سبعا وخمسين ‏سنة‎.‎
فعاش مع جده الحُسين عليه السّلام أربع سنين، ومع أبيه تسعا وثلاثين سنة وكانت مدة إمامته ثماني عشرة سنة‎.‎
وكان في أيام إمامته بقية ملك الوليد بن عبدالملك، وملك سليمان بن عبدالملك، وعمر بن عبدالعزيز، ويزيد بن ‏عبدالملك، وهشام بن عبدالملك، وتوفى في ملكه‎.‎

زيارته عليه السلام
ضمن زيارة أئمة البقيع عليهم السّلام
أئمة البقيع عليهم السّلام هم: الإمام الحسن المجتبى والإمام زين العابدين والإمام مُحمّد الباقر والإمام جعفر الصّادق ‏عليهم السّلام إذا أردت زيارتهم فاعمل بما سبق من آداب الزيارة من الغسل والكون على الطهارة ولبس الثياب ‏الطاهرة‎ ‎
النظيفة والتطيب والاستئذان للدخول ونحو ذلك وقل أيضاً‎:‎
يا مواليّ يا أبناء رسول الله عبدكم وابن أمتكم الذليل بين أيديكم والمضعف في علو قدركم والمعترف بحقكم جاءكم ‏مستجيراً بكم قاصداً إلى حرمكم متقرباً إلى مقامكم متوسلاً إلى الله تعالى بكم. أأدخل يا موالي أأدخل يا أولياء الله ‏أأدخل يا ملائكة الله المحدقين بهذا الحرم المقيمين بهذا المشهد‎.‎
وادخل بعد الخشوع والخضوع ورقة القلب وقدّم رجلك اليمنى وقل‎:‎
الله أكبر كبيراً والحمد لله كثيراً وسبحان الله بكرةً وأصيلاً والحمد لله الفرد الصمد الماجد الأحد المتفضل المنان ‏المتطوّل الحنان الذي منّ بطوله وسهل زيارة ساداتي بإحسانه ولم يجعلني عن زيارتهم ممنوعاً بل تطوّل ومنح‎.‎
ثم اقترب من قبورهم المقدسة واستقبلها واستدبر القبلة وقل‎:‎
السّلام عليكم أئمة الهدى السّلام عليكم أهل التقوى السّلام عليكم أيها الحجج على أهل الدنيا السّلام عليكم أيها القوّام في ‏البرية بالقسط السّلام عليكم أهل الصفوة السّلام عليكم آل رسول الله السّلام عليكم أهل النجوى أشهد أنكم قد بلغتم ‏ونصحتم وصبرتم في ذات الله وكُذِّبتم وأُسيء إليكم فغفرتم وأشهد أنكم الأئمة الراشدون المهتدون وأن طاعتكم ‏مفروضةٌ وأن قولكم الصدق وأنكم دعوتم فلم تُجابوا وأمرتم فلم تُطاعوا وأنكم دعائم الدين وأركان الأرض لم تزالوا ‏بعين الله ينسخكم من أصلاب كل مطهرٍ وينقلكم من أرحام المطهرات لم تدنسكم الجاهلية الجهلاء ولم تشرك فيكم فتن ‏الأهواء طبتم وطاب منبتكم مَنّ بكم علينا ديان الدين فجعلكم في بيوتٍ أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه وجعل صلاتنا ‏عليكم رحمةً لنا وكفارةً لذنوبنا إذ اختاركم الله لنا وطيب خلقنا بما مَنّ علينا من ولايتكم وكنا عنده مسمّين بعلمكم ‏معترفين بتصديقنا إياكم وهذا مقام من أسرف وأخطأ واستكان وأقرّ بما جنى ورجا بمقامه الخلاص وأن يستنقذه بكم ‏مستنقذ الهلكى من الردى فكونوا لي شفعاء فقد وفدت إليكم إذ رغب عنكم أهل الدنيا واتخذوا آيات الله هزواً واستكبروا ‏عنها يا من هو قائمٌ لا يسهو ودائمٌ لا يلهو ومحيطٌ بكل شيء لك المن بما وفقتني وعرّفتني بما أقمتني عليه إذ صد عنه ‏عبادك وجهلوا معرفته واستخفوا بحقه ومالوا إلى سواه فكانت المِنّة منك عليّ مع أقوامٍ خصصتهم بما خصصتني به ‏فلك الحمد إذ كنت عندك في مقامي هذا مذكوراً مكتوباً فلا تحرمني ما رجوت ولا تخيبني فيما دعوت بحرمة مُحمّد ‏وآله الطاهرين وصلّى الله على مُحمّد وآل مُحمّد‎.‎
ثم ادع لنفسك بما تريد‎.‎
وقال الشيخ الطوسي رضي الله عنه في التهذيب: ثم صلِّ صلاة الزيارة ثمان ركعات، أي صلِّ لكل إمام ركعتين‎.‎
والحمد لله رب العالمين‎.‎

   

أضف تعليق


كود امني
تحديث