نسبه الشّريف عليه السّلام
هو الإمام محمد الجواد بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصّادق بن مُحمّد الباقر بن عليّ السّجاد بن الحُسين سيّد الشّهداء بن عليّ بن أبي طالب عليهم السّلام.
أمه عليه السلام
أمّه أم ولد يقال لها سبيكة، نوبية.
وقيل: سكينة المريسية.
وقيل: إن اسمها كان خيزران.
وروي أنها كانت من أهل بيت مارية أم إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وآله.
تاريخ مولده عليه السلام
ولد (عليه السلام) في شهر رمضان من سنة خمس وتسعين ومئة لسبع عشر ليلة مضت من الشهر, وقيل غير ذلك:
الكافي: ولد في شهر رمضان من سنة خمس وتسعين ومائة وقبض سنة عشرين ومائتين في آخر ذي القعدة وهو ابن خمس وعشرين سنة وشهرين وثمانية عشر يوما... .
روضة الواعظين: ولد بالمدينة ليلة الجمعة لتسع عشرة ليلة خلت من شهر رمضان، ويقال للنصف من شهر رمضان سنة خمس وتسعين ومائة ... .
الإرشاد: كان مولده في شهر رمضان سنة خمس وتسعين ومائة ... .
كشف الغمة: قال محمد بن طلحة: وأما ولادته ففي ليلة الجمعة تاسع عشر رمضان سنة مائة وخمس وتسعين للهجرة، وقيل عاشر رجب منها ... .
وقال الحافظ عبد العزيز: ولد سنة خمس وتسعين ومائة ويقال ولد بالمدينة في شهر رمضان من سنة خمس وتسعين ومئة ... .
قال محمد بن سعيد: مولده سنة خمس وتسعين ومائة فيكون عمره خمسا وعشرين سنة.
كناه وألقابه عليه السلام
الإرشاد: وكان منعوتا بالمنتجب والمرتضى.
1 ـ كناه عليه السلام
أبو جعفر، وهي كنية جده الباقر(عليه السلام) وللتمييز بينهما يكنّى بأبي جعفر الثاني، وأضاف في دلائل الإمامة كنية ثانية له هي: أبو علي الخاص، وفسّر المتأخرون هذه العبارة بأنّ له كنية خاصة هي: أبو علي، وليست كنيته هي "أبو علي الخاص" كما يبدو للناظر في عبارة دلائل الإمامة.
2 ـ ألقابه عليه السلام
أمّا ألقابه الكريمة فهي تدل على معالم شخصيته العظيمة وسمو ذاته, وهي:
1 ـ الجواد: لُقب به لكثرة ما أسداه من الخير والبر والاحسان الى الناس.
2 ـ التقي: لقب به لأنه اتّقى الله وأناب اليه، واعتصم به ولم يستجب لأي داع من دواعي الهوى.
3 ـ المرتضى.
4 ـ القانع.
5 ـ الرضي.
6 ـ المختار.
7 ـ باب المراد.
8 - المنتجب.
نقش خاتمه عليه السلام
نقش خاتمه عليه السلام: العزّة لله.
أولاده عليه السلام
الإرشاد: ... وخلف من الولد عليا ابنه الامام من بعده، وموسى، وفاطمة وأمامة ابنتيه، ولم يخلف ذكرا غير من سميناه.
أحاديثه ورواياته عليه السلام
روى الإمام الجواد (عليه السلام) طائفة من الأحاديث بسنده عن جدّه رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعن جدّه الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) وعن آبائه (عليهم السلام) وفيما يلي مختارات من ذلك التراث الذي يكشف بثّه من قِبَل الإمام(عليه السلام) عن اهتمامه بنشر حديث الرسول(صلى الله عليه وآله) وآبائه الميامين :
1ـ روى (عليه السلام) إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال : " المرء مخبوء تحت لسانه ".
2ـ روى (عليه السلام) بسنده ان رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال : " إنّ فاطمة أحصنت فرجها فحرّمها الله وذريّتها على النار ".
3ـ وقال (عليه السلام) : " قام الى أمير المؤمنين رجل بالبصرة ، فقال : أخبرنا عن الإخوان ؟ فقال : الإخوان صنفان : إخوان الثقة ، وإخوان المكاشرة.
فأمّا إخوان الثقة فهم كالكفّ والجناح والأهل والمال ، فإذا كنت من أخيك على ثقة فابذل له مالك ويدك وصاف من صافه وعاد من عاداه واكتم سرّه وأعنه واظهر منه الحسن ، واعلم أيها السائل انهم اعزّ من الكبريت الأحمر.
وأما اخوان المكاشرة فإنك تصيب منهم لذتك ، فلا تقطعن ذلك منهم ،
ولا تطلبن ما وراء ذلك من ضميرهم ، وابذل لهم ما بذلوا لك من طلاقة الوجه
وحلاوة اللسان ".
4 - روى (عليه السلام) عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قوله: " العامل بالظلم والمعين له والراضي به شركاء ".
5 - روى (عليه السلام) عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قوله: " من استحسن قبيحاً كان شريكاً فيه".
6 - روى (عليه السلام) عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قوله :" من أصغى الى ناطق فقد عبده ، فان كان الناطق عن الله فقد عبد الله ، وان كان الناطق ينطق عن لسان ابليس فقد عبد ابليس".
7 - روى الإمام الجواد (عليه السلام) عن أجداده عن الإمام علي(عليهم السلام) : " ما عظمت نعمة الله على عبد إلاّ عظمت عليه مؤونة الناس ، فمن لم يحتمل تلك المؤونة فقد عرّض النعمة للزوال ".
8 - روى الإمام (عليه السلام) عن أمير المؤمنين (عليه السلام) : " ان لله عباداً يخصهم بالنعم ، ويقرّها فيهم ما بذلوها ، فاذا منعوها نزعها عنهم وحوّلها الى غيرهم".
9 - وقال(عليه السلام) : " أهل المعروف الى اصطناعه احوج من اهل الحاجة اليه ، لأن لهم اجره وفخره وذكره ، فمهما اصطنع الرجل من معروف فانما يبدأ فيه بنفسه ، فلا يطلبنّ شكر ما صنع الى نفسه من غيره ".
10 - روى عن جدّه أمير المؤمنين (عليه السلام) : " كفر النعمة داعية المقت ومن جازاك بالشكر فقد أعطاك اكثر مما أخذ منك".
11 - روى عن جدّه أمير المؤمنين (عليه السلام) : " ثلاث خصال تجتلب بهن المحبة : الانصاف في المعاشرة ، والمواساة في الشدّة ، والانطواع والرجوع الى قلب سليم ".
12 - وقال (عليه السلام) : " لا يفسدك الظنّ على صديق وقد أصلحك اليقين له ، ومن وعظ أخاه سرّاً فقد زانه ، ومن وعظ علانية فقد شانه. استصلاح الاخيار باكرامهم ، والاشرار بتأديبهم ، والمودّة قرابة مستفادة ، وكفى بالأجل حرزاً ، ولا يزال العقل والحمق يتغالبان على الرجل الى ثمانية عشر سنة ، فاذا بلغها غلب عليه اكثرهما فيه ، وما أنعم الله عزوجل على عبد نعمة فعلم انها من الله إلاّ كتب الله جلّ اسمه له شكرها قبل ان يحمده عليها ، ولا أذنب ذنباً فعلم ان الله مطّلع عليه إن شاء عذبه وان شاء غفر له ، الاّ غفر الله له قبل ان يستغفره ".
13 - روى(عليه السلام): " فساد الأخلاق بمعاشرة السفهاء ، وصلاح الأخلاق بمنافسة العقلاء ، والخلق اشكال فكل يعمل على شاكلته ، والناس إخوان ، فمن كانت اخوته في غير ذات الله فانها تحوز عداوة ، وذلك قوله تعالى : ( الاخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلاّ المتقين ).
14 - روى الإمام الجواد (عليه السلام) عن علي (عليه السلام) قال : "بعثني النبي (صلى الله عليه وآله) الى اليمن ، فقال لي وهو يوصيني : "ياعلي ، ما حار من استخار ، ولا ندم من استشار"، وقال(عليه السلام): " من استفاد أخاً في الله فقد استفاد بيتاً في الجنة ".
15 - روى الإمام الجواد (عليه السلام) : " يوم العدل على الظالم اشد من يوم الجور على المظلوم ".
16 - روى(عليه السلام) "ان صبر المؤمن على البلاء من اشد الاسلحة ضد الظالمين" وقال(عليه السلام): " الصبر على المصيبة مصيبة على الشامت بها ".
17 - روى (عليه السلام) عن جده أمير المؤمنين (عليه السلام) المنهاج الذي ينبغي ان يلتزم به المؤمنون ليبلغوا غاياتهم السامية .
18 - روى (عليه السلام) عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال : " من وثق بالله أراه السرور ، ومن توكل عليه كفاه الاُمور ، والثقة بالله حصن لا يتحصن فيه الاّ مؤمن أمين ، والتوكل على الله نجاة من كل سوء وحرز من كل عدو ، والدين عزّ ، والعلم كنز ، والصمت نور ، وغاية الزهد الورع ، ولاهدم للدين مثل البدع ، ولا أفسد للرجال من الطمع ، وبالراعي تصلح الرعية ، وبالدعاء تصرف البليّة ، ومن ركب مركب الصبر اهتدى الى مضمار النصر ، ومن عاب عيب ، ومن شتم اجيب ، ومن غرس اشجار التقى اجتنى ثمار المنى ".
روى (عليه السلام) عن جده أمير المؤمنين (عليه السلام): " عليكم بطلب العلم ، فان طلبه فريضة ، والبحث عنه نافلة ، وهو صلة بين الاخوان ، ودليل على المروّة ، وتحفة في المجالس ، وصاحب في السفر ، واُنس في الغربة ".
19 - روى (عليه السلام) عن جده أمير المؤمنين (عليه السلام) : " العلم علمان : مطبوع ومسموع ، ولا ينفع مسموع اذا لم يكن مطبوع ، ومن عرف الحكمة لم يصبر على الازدياد منها ، الجمال في اللسان ، والكمال في العقل ".
20 - روى (عليه السلام) عن علي، قال في كتاب عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) : " ان ابن آدم اشبه شيء بالمعيار ، إما راجح بعلم ـ وقال مرة بعقل ـ أو ناقص بجهل".
21 - روى (عليه السلام) عن جده أمير المؤمنين (عليه السلام) : " اقصد العلماء للمحجّة الممسك عند الشبهة ، والجدل يورث الرياء ، ومن أخطأ وجوه المطالب خذلته الحيل ، والطامع في وثاق الذلّ ، ومن احبّ البقاء فليعدّ للبلاء قلباً صبوراً".
22 - روى عن جده أميرالمؤمنين(عليه السلام):" العلماء غرباء لكثرة الجهّال بينهم".
23 - روى (عليه السلام) عن جده أمير المؤمنين (عليه السلام) : " لو سكت الجاهل ما اختلف الناس".
24 - روى عن أمير المؤمنين(عليه السلام) : " التوبة على أربعة دعائم : ندم القلب ، واستغفار باللسان ، وعمل بالجوارح ، وعزم على ان لا يعود" . "وثلاث يبلغن بالعبد رضوان الله : كثرة الاستغفار وخفض الجانب وكثرة الصدقة ".
25 - روى (عليه السلام) عن الإمام الصادق (عليه السلام) لما سئل عن الزاهد في الدنيا ، قوله : "الذي يترك حلالها مخافة حسابه ، ويترك حرامها مخافة عقابه ".
26 - روى (عليه السلام) عن الإمام الصادق (عليه السلام) عندما قيل له صف لنا الموت ، قوله (عليه السلام) : " للمؤمن كأطيب ريح يشمه فينعس لطيبه ، وينقطع التعب والألم كله عنه ، وللكافر كلسع الأفاعي ولدغ العقارب أو أشد ".
27 - وقال (عليه السلام) : مرض رجل من أصحاب الرضا (عليه السلام) فعاده ، فقال : كيف تجدك ؟ قال : لقيت الموت بعدك . يريد به ما لقيه من شدة مرضه .
فقال (عليه السلام) : كيف لقيته ؟ قال : شديداً أليماً.
قال : ما لقيته إنما لقيت ما يبدؤك به ويعرفك بعض حاله ، انما الناس
رجلان : مستريح بالموت ، ومُستراح منه به ، فجدّد الايمان بالله وبالولاية تكن مستريحاً.
28 - قال الامام الجواد (عليه السلام): " أوحى الله الى بعض الانبياء : أما زهدك في الدنيا فتعجّلك الراحة ، واما انقطاعك اليّ فيعزِّزك بي ، ولكن هل عاديتَ لي عدوّاً وواليت لي ولياً "
علمه عليه السلام
أ - روى المسعودي عن عبد الرحمن بن محمد عن كلثم بن عمران أنه قال : قلت للرضا (عليه السلام) : أنت تحبّ الصبيان فادع الله أن يرزقك ولداً . فقال : "إنّما اُرزق ولداً واحداً وهو يرثني . فلما ولد أبو جعفر كان طول ليلته يناغيه في مهده ، فلمّا طال ذلك على عدّة ليال، قلت: جُعلت فداك قد ولد للناس أولادقبل هذا فكل هذا تعوّذه! فقال: وَيْحَك! ليس هذا عوذة إنّما أغرّه بالعلم غرّاً".
ب - وجاء أيضاً عن الإمام محمّد الجواد أبي جعفر الثاني (عليه السلام)، انه قال: "قال أبو جعفر الباقر (عليه السلام) : إن الأوصياء محدّثون يحدّثهم روح القدس ولا يرونه".
ج - وروي أيضاً انه جيء بأبي جعفر الجواد (عليه السلام) إلى مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعد استشهاد أبيه (عليه السلام) وهو طفل ، وجاء الى المنبر ورقى منه درجة ، ثم نطق فقال : "انا محمد بن علي الرضا ، انا الجواد ، انا العالم بأنساب الناس في الاصلاب ، أنا أعلم بسرائركم وظواهركم ، وما أنتم صائرون اليه ، عِلمٌ منحنا به من قبل خالق الخلق أجمعين ، وبعد فناء السماوات والأرضين ، ولو لا تظاهر أهل الباطل ، ودولة أهل الضلال ، ووثوب أهل الشكّ، لقلت قولاً تعجّب منه الأوّلون والآخرون .
ثم وضع يده الشريفة على فيه ، وقال : يا محمد اصمت كما صمت آباؤك من قبل".
ومن هنا ينبغي أن نعرض بايجاز إلى بعض ما اُثر عنه من العلوم :
1 ـ التوحيد :
1 ـ قال الراوي : "سألت أبا جعفر عن التوحيد فقلتُ : أتوهّم شيئاً . فقال: نعم ، غير معقول ولا محدود ، فما وقع وهمك عليه من شيء فهو خلافه، لا يشبهه شيء ولا تدركه الأوهام ، كيف تدركه الأوهام وهو خلاف ما يُعقل وخلاف ما يُتصور في الأوهام ؟ إنّما يُتوهم شيء غير معقول ولا محدود".
2 ـ وقال الراوي : "سئل أبو جعفر الثاني (عليه السلام) : يجوز أن يقال لله إنه شيء؟ قال : نعم يُخرجه من الحدَّين، حدّ التعطيل وحد التشبيه".
3 ـ قال الراوي : "سألت أبا جعفر محمد بن علي الثاني (عليه السلام) : ما معنى الواحد ؟ فقال : المجتمع عليه بجميع الألسن بالوحدانية ".
2 ـ تفسير القرآن الكريم وتأويله:
وردت عن الإمام الجواد (عليه السلام) نصوص كثيرة في تفسير وتأويل بعض آيات القرآن الكريم .
أ - ما ورد عنه (عليه السلام) في تفسير الآيتين المباركتين : ( ما ننسخ من آية او ننسها نأت بخير منها أو مثلها ـ الى قوله تعالى ـ وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير ).
إذ قال (عليه السلام) : (ما ننسخ من آية) بأن نرفع حكمها .
(أو ننسها) بأن نرفع رسمها ونزيل عن القلوب حفظها ، وعن قلبك يا محمد كما قال الله تعالى : ( سنقرئك فلا تنسى * إلاّ ما شاء الله...) أن ينسيك ، فرفع ذكره عن قلبك .
( نأت بخير منها ) يعني : بخير لكم .
فهذه الثانية أعظم لثوابكم ، وأجلّ لصلاحكم من الآية الاولى المنسوخة ، أو مثلها من الصلاح لكم، أي إنّا لا ننسخ ولا نبدّل إلاّ وغرضنا في ذلك مصالحكم .
ثم قال : يا محمد ( ألم تعلم ان الله على كل شيء قدير ) ، فانه قدير يقدر على النسخ وغيره. ألم تعلم ـ يا محمد ـ ان الله له ملك السماوات والارض وهو العالم بتدبيرها ومصالحها فهو يدبّركم بعلمه ( وما لكم من دون الله من ولي ) يلي صلاحكم اذ كان العالم بالمصالح هو الله عزّوجلّ دون غيره ولا نصير وما لكم من ناصر ينصركم من مكروه ان اراد الله انزاله بكم ، أو عقاب إن أراد إحلاله بكم".
ب - وفي مجال تأويله لقوله تعالى : ( أين ما تكونوا يأت بكم الله جميعاً ان الله على كل شيء قدير).
فقد جاء عن عبد العظيم بن عبدالله الحسني أنّه قال : "قلت لمحمد بن علي بن موسى (عليه السلام) : اني لأرجو ان تكون القائم من أهل بيت محمد (صلى الله عليه وآله) الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً .
فقال (عليه السلام) : يا أبا القاسم : ما منّا إلاّ وهو قائم بأمر الله عزّوجلّ ، وهاد الى دين الله ، ولكن القائم الذي يطهّر الله عزّوجلّ به الأرض من أهل الكفر والجحود ، ويملأها عدلاً وقسطاً هو الذي تخفى على الناس ولادته ، ويغيب عنهم شخصه ، ويحرم عليهم تسميته وهو سميُّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) وكنيّه ، وهو الذي تطوى له الأرض ، ويذلّ له كل صعب ] و [يجتمع إليه من أصحابه عدّة أهل بدر ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً ، من أقاصي الأرض ، وذلك قول الله عزّوجلّ : ( أينما تكونوا يأت بكم الله جميعاً ان الله على كل شيء قدير ). فاذا اجتمعت له هذه العدّة من أهل الإخلاص أظهر الله أمره ، فإذا كمل له العقد وهو عشرة آلاف رجل خرج بإذن الله عزّوجلّ ، فلا يزال يقتل أعداء الله حتى يرضى الله عزّوجلّ. قال عبد العظيم : فقلت له : يا سيدي وكيف يعلمُ أن الله عزّوجلّ قد رضي ؟
قال : يلقي في قلبه الرحمة ، فإذا دخل المدينة أخرج اللات والعزى فأحرقهما".
3 - من تراثه التفسيري
أ ـ عن داود بن قاسم الجعفري قال : "قلت لأبي جعفر الثاني (عليه السلام) : جُعلت فداك ما الصمد ؟ قال : السيد المصمود إليه في القليل والكثير".
ب ـ عن أبي هاشم الجعفري قال : "سألت أبا جعفر الثاني (عليه السلام) ما معنى الواحد ؟ قال : الذي اجتماع الألسن عليه بالتوحيد كما قال الله عزّوجل : ( ولئن سئلتهم من خلق السموات والأرض ليقولنّ الله )".
ج ـ عن جعفر بن محمد الصوفي قال : "سألت أبا جعفر (عليه السلام) محمد بن علي الرضا (عليه السلام) وقلت له : يا ابن رسول الله لم سمّي النبيّ الاُميّ ؟ لأنه لم يكتب ؟ فقال : كذبوا عليهم لعنة الله أنّى يكون ذلك والله تبارك وتعالى يقول في محكم كتابه : ( هو الذي بعث في الاُميين رسولاً منهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلّمهم الكتاب والحكمة ) فكيف كان يعلّمهم ما لا يحسن ؟ ! والله لقد كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقرأ ويكتب باثنين وسبعين أو بثلاثة وسبعين لساناً ، وإنّما سُمّي الاُميّ لأنه كان من أهل مكة، ومكة من اُمّهات القرى ، وذلك قول الله تعالى في كتابه : (لتنذر اُمّ القرى ومن حولها)".
د ـ وعن عمرو بن أبي المقدام قال : "سمعت أبا الحسن وأبا جعفر (عليه السلام) يقول في هذه الآية : ( ولا يعصينك في معروف ) قال : إنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) قال لفاطمة (عليها السلام) : إذا أنا مُتّ فلا تخمشي عليّ وجهاً ولا ترخي عليّ شعراً ، ولا تنادي بالويل ولا تقيمي عليّ نائحة ، ثم قال : هذا المعروف الذي قال الله عزّوجلّ في كتابه : (ولايعصينك في معروف )."
هـ ـ وروي في الكافي عن أبي جعفر الجواد (عليه السلام) قال : "قال الله عزوجل في ليلة القدر : ( فيها يفرق كل أمر حكيم ) يقول : ينزل فيها كل أمر حكيم .
والمحكم ليس بشيئين ، إنّما هو شيء واحد ، فمن حكم بما ليس فيه اختلاف فحكمه من حكم الله عزّوجلّ ، ومن حكم بأمر فيه اختلاف فرأى أنه مصيب فقد حكم بحكم الطاغوت .
إنه لينزل في ليلة القدر إلى وليّ الأمر تفسير الاُمور سنة سنة، يؤمر فيها في أمر نفسه بكذا وكذا ، وفي أمر الناس بكذا وكذا .
وإنّه ليحدث لوليّ الأمر سوى ذلك كلّ يوم علم الله عزّوجل الخاص والمكنون العجيب المخزون ، مثل ماينزل في تلك الليلة من الأمر . ثمّ قرأ : ( ولو أ نّما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمدّه من بعده سبعة أبحر مانفدت كلمات الله إن الله عزيز حكيم )".
روى في الاحتجاج عن الإمام محمد الجواد (عليه السلام) أنه قال : "من تكفّل بأيتام آل محمد المنقطعين عن إمامهم المتحيّرين في جهلهم الاُسارى في أيدي شياطينهم وفي أيدي النواصب من أعدائنا فاستنقذهم منهم وأخرجهم من حيرتهم وقهر الشياطين بردّ وساوسهم وقهر الناصبين بحجج ربّهم ودلائل أئمتهم ليحفظوا عهد الله على العباد بأفضل الموانع بأكثر من فضل السماء على الأرض والعرش والكرسي والحجب على السماء ، وفضلهم على العباد كفضل القمر ليلة البدر على أخفى كواكب السماء ".
روي عن أبي داود بن القاسم الجعفري أنه قال : "قلت لأبي جعفر الثاني (عليه السلام) : ( قل هو الله أحد ) ، ما معنى الأحد ؟ قال (عليه السلام) : المجمع عليه بالوحدانية أما سمعته يقول : ( ولئن سئلتهم من خلق السماوات والأرض وسخر الشمس والقمر ليقولنّ الله ) ثم يقولون بعد ذلك له شريك وصاحبة .
فقلت : قوله ( لا تدركه الأبصار ) ؟ قال (عليه السلام) : "ياأبا هاشم ! أوهام القلوب أدقّ من أبصار العيون ، أنت قد تدرك بوهمك السند والهند ، والبلدان التي لم تدخلها ، ولم تدرك ببصرك ذلك ، فأوهام القلوب لا تدركه ، فكيف تدركه الأبصار ؟".
عن الحسن بن عبّاس بن حريش عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : "قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : إنّ أرواحنا وأرواح النبيين توافي العرش كل ليلة جمعة فتصبح الأوصياء وقد زيد في علمهم مثل جمّ الغفير من العلم ".
روي عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: "أنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) قال لابن عباس : إنّ ليلة القدر في كل سنة ، وانه لينزل في تلك الليلة أمر السنة ولذلك الأمر ولاةٌ بعد رسول الله(صلى الله عليه وآله) " فقال ابن عباس : من هم ؟ قال : أنا وأحد عشر من صلبي أئمة محدّثون ".
سأله أبو هاشم الجعفري : هل يبدو لله في المحتوم ؟ قال : " نعم . قال : فقلنا له : فنخاف أن يبدو لله في القائم (عليه السلام) ؟ فقال :"إنّ القائم من الميعاد والله لا يخلف الميعاد " .
عن بنان بن نافع عن أبي جعفر الثاني (عليه السلام) : " إنّا معاشر الأئمة إذا حملته اُمّه يسمع الصوت من بطن اُمّه أربعين يوماً فإذا أتى له في بطن اُمّه أربعة أشهر رفع الله تعالى له أعلام الأرض فقرب له ما بَعدُ عنه حتى لا يعزب عنه حلول قطرة غيث نافعة ولا ضارة " .
عن عمرو بن الفرج الرُخجي : "قلت لأبي جعفر (عليه السلام) : إن شيعتك تدّعي أنك تعلم كل ماء في دجلة ووزنه ؟ وكنا على شاطئ دجلة ، فقال (عليه السلام) لي : يقدر الله تعالى أن يفوّض علم ذلك الى بعوضة من خلقه أم لا ؟ قلت: نعم يقدر . فقال (عليه السلام) : أنا أكرم على الله تعالى من بعوضة ومن أكثر خلقه " .
4 ـ من تراثه الفقهي
أ ـ روى أبو خداش المهري: "أن شخصاً دخل على الرضا (عليه السلام) فسأله عن اُمور ثلاثة فأجابه (عليه السلام) عنها . ثم حضر أبو خداش مجلس أبي جعفر (عليه السلام) في ذلك الوقت فسأله الأسئلة ذاتها فكان الجواب هو الجواب .
قال: فقلت : جعلت فداك انّ اُمّ ولد لي أرضعت جارية لي بلبن ابني أيحرم عليّ نكاحها ؟ فقال (عليه السلام) : " لا رضاع بعد فطام".
قلت : الصلاة في الحرمين ؟ قال : إن شئت قصرت وإن شئت أتممت . قال : قلت : الخادم يدخل على النساء ؟ فحوّل وجهه، ثم استدناني فقال : وما نقص منه إلاّ الواقعة عليه"
ب ـ عن علي بن مهزيار قال : "كتبت إلى أبي جعفر محمد بن علي بن موسى الرضا (عليه السلام) : جُعلت فداك اُصلي خلف من يقول بالجسم ومن يقول بقول يونس يعني ابن عبد الرحمن ؟ فكتب (عليه السلام) : لا تصلّوا خلفهم ولا تعطوهم من الزكاة وابرؤا منهم برئ الله منهم "
ج ـ سأله سائل عن الملاّح يقصّر في السفينة؟ فقال(عليه السلام): "لا لأن السفينة بمنزلة بيته ليس بخارج منها"
د ـ دخل عليه صالح بن محمد بن سهل ـ وكان يتولّى له الوقف بقم ـ فقال : "ياسيدي اجعلني من عشرة آلاف في حلّ فإنّي أنفقتها . فقال له (عليه السلام) : أنت في حلّ ، فلمّا خرج صالح قال أبو جعفر (عليه السلام) لابراهيم بن هاشم : أحدهم يثب على أموال حق آل محمد وأيتامهم ومساكينهم وفقرائهم وأبناء سبيلهم فيأخذه ثم يجيء فيقول : اجعلني في حلّ : أتراه ظنّ أني أقول لا أفعل ؟ ! والله ليسألنهم الله يوم القيامة عن ذلك سؤالاً حثيثاً"
هـ ـ عن علي بن مهزيار قال: "قلت لأبي جعفر الثاني (عليه السلام) : قوله عزّوجلّ : ( والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلّى ) وقوله عزّوجلّ : ( والنجم إذا هوى ) . وما أشبه هذا ، فقال : إن الله عزوجل يقسم من خلقه بما يشاء وليس لخلقه أن يقسموا إلاّ به عزّوجلّ"
و ـ قال (عليه السلام) : " ما استوى رجلان في حسب ودين قطّ إلاّ كان أفضلهما عند الله عزّوجلّ آدبهما فسأله الراوي عن وجه فضله عند الله عزّوجلّ ؟ فقال (عليه السلام) : بقراءة القرآن كما اُنزل ودعائه الله عزّوجلّ من حيث لا يلحن وذلك أن الدعاء الملحون لا يصعد الى الله عزّوجلّ "
4 ـ من تراثه التاريخي
أ ـ روى المجلسي عن الصدوق بإسناده عن عبد العظيم الحسني قال : كتبت إلى أبي جعفر الثاني (عليه السلام) أسأله عن ذي الكفل ما اسمه ؟ وهل كان من المرسلين ؟
فكتب صلوات الله وسلامه عليه : "بعث الله تعالى جلّ ذكره مائة ألف نبي وأربعة وعشرين ألف نبيّاً ، المرسلون منهم ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً .
وإنّ ذا الكفل منهم صلوات الله عليهم ، وكان بعد سليمان بن داود (عليه السلام) . وكان يقضي بين الناس كما كان يقضي داود ، ولم يغضب إلاّ لله عزّوجلّ وكان اسمه (عويديا) وهو الذي ذكره الله تعالى جلّت عظمته في كتابه حيث قال : ( واذكر إسماعيل واليسع وذا الكفل كلّ من الأخيار ) "
ب ـ المسعودي ، باسناده عن أبي جعفر الثاني محمد بن علي الرضا (عليهما السلام) أنه قال عن آبائه صلوات الله عليهم . قال : "اقبل امير المؤمنين ومعه أبو محمد]أي الحسن المجتبى[ (عليه السلام) وسلمان الفارسي فدخل المسجد وجلس فيه فاجتمع الناس حوله إذ أقبل رجل حسن الهيئة واللباس فسلم على أمير المؤمنين(عليه السلام) وجلس ، ثم قال : ياأمير المؤمنين اني قصدت أن أسألك عن ثلاث مسائل إن أخبرتني بهن علمت أنك وصي رسول الله حقاً وإن لم تخبرني بهن علمت أنك وهم شرع سواء .
فقال له أمير المؤمنين : "سل عما بدا لك" . فقال : أخبرني عن الرجل اذا نام أين تذهب روحه ، وعن الرجل كيف يذكر وينسى ، وعن الرجل كيف يشبه ولده الأعمام والأخوال ؟ فالتفت أمير المؤمنين الى أبي محمد فقال : "ياأبا محمد أجبه ، فقال أبو محمد : "أما الانسان اذا نام فإن روحه متعلقة بالريح والريح متعلقة بالهواء الى وقت يتحرك صاحبها الى اليقظة .
فإذا أذن الله برد الروح جذبت تلك الروح الريح وجذبت الريح الهواء فرجعت الروح الى مسكنها في البدن ، وان لم يأذن الله برد الروح الى صاحبها جذبت الهواء الريح وجذبت الريح الروح فلم ترجع الى صاحبها الى أن يبعثه الله تعالى ، وأما الذكر والنسيان فإن قلب الرجل في مثل حق وعليه طبق .
فإن سمى الله وذكره وصلى عند نسيانه على محمد وآله انكشف ذلك الطبق وهو غشاوة عن ذلك الحق وأضاء القلب وذكر الرجل ما كان نسي وان هو لم يصلّ على محمد وآله بعد ذكر الله تعالى انطبقت تلك الغشاوة على ذلك الحق فأظلم القلب فنسي الرجل ما ذكر .
وأما المولود الذي يشبه الأعمام والأخوال فان الرجل اذا أتى أهله فوطأها بقلب ساكن وعروق هادئة وبدن غير مضطرب استكنت تلك النقطة في جوف الرحم وخرج الرجل يشبه أباه وامه ، وان هو أتاها بقلب غير ساكن وعروق غير هادئة وبدن مضطرب اضطربت النقطة فوقعت في اضطرابها على بعض العروق .
فان وقعت على عرق من عروق الأعمام اشبه الولد أعمامه وان وقعت على عرق من عروق الأخوال أشبه أخواله .
فقال الرجل : أشهد أن لا إله إلا الله ولم ازل أشهد بها وأشهد أن محمداً رسول الله ولم أزل أشهد بها واشهد أنك وصيه وخليفته والقائم بحجته . وأشار الى أمير المؤمنين : وأشهد أنك وصيه والقائم بحجته . واشار الى الحسن: وأشهد أن أخاك الحسين وصي أبيك ووصيك والقائم بحجته بعدك وأشهد أن علي بن الحسين القائم بأمر الحسين وأشهد ان محمد بن علي القائم بأمر علي ابن الحسين واشهد ان جعفر بن محمد القائم بأمر الله بعد أبيه وحجته واشهد ان موسى بن جعفر القائم بأمر الله بعد ابيه جعفر واشهد ان علي بن موسى القائم بأمر الله بعد أبيه . واشهد ان محمد بن علي القائم بأمر الله بعد ابيه واشهد ان علي بن محمد القائم بأمر الله بعد ابيه محمد بن علي واشهد ان الحسن بن علي القائم بأمر ابيه علي ابن محمد واشهد ان رجلاً من ولد الحسين بن علي لا يسمى ولكن يكنى حتى يظهر الله امره يملأها عدلاً وقسطاً كما ملئت جوراً والسلام عليك ياأمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته ، ومضى .
فقال أمير المؤمنين : "اتبعه ياأبا محمد فانظر أين يقصد ، قال : فخرج الحسن بن علي في اثره فلما وضع الرجل رجله خارج المسجد لم يدر كيف اخذ من ارض الله فرجع اليه فأعلمه ، فقال : ياأبا محمد أتعرفه . قال : الله ورسوله وامير المؤمنين اعلم به ، قال : ذاك الخضر " .
ج ـ روى أبو جعفر المشهدي باسناده عن أبي جعفر الثاني (عليه السلام) قال : " بعث رسول الله (صلى الله عليه وآله) سلمان الى فاطمة (عليها السلام) لحاجة ، قال سلمان : فوقفت بالباب وقفة حتى سلمت ، فسمعت فاطمة تقرأ القرآن خفاءً والرحى تدور من برّ ما عندها انيس ، قال : فعدت الى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقلت : يارسول الله سمعت فاطمة تقرأ القرآن من خفاء والرحى تدور من برّ ما عندها انيس .
قال : فتبسم (صلى الله عليه وآله) وقال : ياسلمان ان ابنتي فاطمة ملأ الله قلبها وجوارحها ايماناً ويقيناً الى مبانيها ففرغت لطاعة الله ، فبعث الله ملكاً اسمه روفائيل . وفي موضع آخر " رحمة " ، فادار لها الرحى وكفاها الله مؤونة الدنيا والآخرة" .
د ـ روى الحافظ أبو نعيم ، فقال حدّثنا أحمد بن إسحاق حدثنا إبراهيم بن نائلة حدثنا جعفر بن محمّد بن مزيد قال : كنتُ ببغداد فقال لي محمّد بن مَنْدة بن مهربزذ : هل لك أن اُدخلك على ابن الرِضا ؟ قلتُ : نعم . قال : فأدخلني فسلّمنا عليه وجلسنا ، فقال له حديث النبيّ (صلى الله عليه وآله) : " أنّ فاطمة أحصنت فَرْجَها فحرّم الله ذرّيّتها على النار ، قال : خاصٌّ للحسن والحسين رضي الله عنهما"
هـ ـ روى باسناده عن علي بن ابراهيم بن هاشم ، عن أبيه عن احمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي ، قال : "قلت لابي جعفر محمد بن
علي بن موسى(عليهم السلام)ان قوماً من مخالفيكم يزعمون أباك انما سماه المأمون الرضا لما رضيه لولاية عهده .
فقال : "كذبوا والله وفجروا ، بل الله تبارك وتعالى سماه الرضا لانه كان رضي الله عزوجل في سمائه ورضي لرسوله والائمة من بعده صلوات الله عليهم في أرضه قال: فقلت له : الم يكن كل واحد من آبائك الماضين (عليهم السلام) رضي الله تعالى ولرسوله والائمة (عليهم السلام) ؟ فقال : بلى ، فقلت : فلم سمي أبوك من بينهم الرضا ؟ قال : لأنه رضي به المخالفون من أعدائه كما رضي به الموافقون من اوليائه ولم يكن ذلك لاحد من آبائه(عليهم السلام) ، فلذلك سمي من بينهم الرضا (عليه السلام).
معجزاته وكراماته (عليه السلام)
ورغم أنّ الإمام الجواد (عليه السلام) كان معجزة بذاته ، حيث تصدى لإمامة المسلمين وهو صبي لم يبلغ السابعة من عمره ، فإنّ الله جّل جلاله أجرى على يديه كرامات أخرى في مناسبات عديدة لكي يتم بها الحجة على العباد ويقطع بها ألسنة المعاندين وتطمئن بسببها قلوب الموالين وإليك بعض مصاديقها:
1 ـ قال أبو هاشم داود بن القاسم الجعفري : "دخلت على أبي جعفر الثاني (عليه السلام) ومعي ثلاث رقاع غير معنونة واشتبهت عليّ فاغتممت لذلك ، فتناول إحداهنّ وقال : هذه رقعة ريّان بن شبيب ثم تناول الثانية فقال: هذه رقعة محمد بن حمزة وتناول الثالثة ، وقال : هذه رقعة فلان فبهتّ ، فنظر اليّ وتبسّم(عليه السلام).
قال : وأعطاني أبو جعفر ثلاثمائة دينار في صرّة وأمرني ان أحملها الى بعض بني عمّه ، وقال : أما انه سيقول لك دلّني على حريف يشتري لي بها متاعاً, فدلّه عليه.
قال : فأتيته بالدنانير فقال لي : "يا أبا هاشم دلّني على حريف يشتري لي بها متاعاً" . ففعلت .
قال أبو هاشم: وكلّمني جمّال ان اُكلّمه ليدخله في بعض اموره ، فدخلت عليه لاُكلّمه فوجدته يأكل مع جماعة فلم يمكنني كلامه ، فقال : يا أبا هاشم : كل ووضع بين يديّ ثم قال ـ ابتداءً منه من غير مسألة ـ : يا غلام انظر الجمّال الذي أتانا به أبو هاشم فضمّه اليك " .
2 ـ قال أبو هاشم : ودخلت معه ذات يوم بستاناً فقلت له : جعلت فداك ، إني مولع بأكل الطين ، فادع الله لي ، فسكت ثم قال لي بعد أيام ابتداءً منه ـ : "يا أبا هاشم ، قد أذهب الله عنك أكل الطين " .
قال أبو هاشم : فما شيء أبغض اليّ منه .
3 ـ قال علي بن أسباط : خرج عليّ أبو جعفر حدثان موت أبيه فنظرت الى قدّه لأصف قامته لأصحابنا فقعد ، ثم قال : "يا عليّ ، ان الله تعالى احتج في الإمامة بمثل ما احتج به في النبوة فقال : ( وآتيناه الحكم صبيّاً)".
4 ـ قال المطرفي: "مضى أبو الحسن الرضا (عليه السلام) ولي عليه أربعة آلاف درهم ، لم يكن يعرفها غيري وغيره ، فأرسل اليّ أبو جعفر(عليه السلام): "إذا كان في غد فائتني . فأتيته من الغد ، فقال لي : مضى أبو الحسن ولك عليه أربعة آلاف درهم ؟. فقلت : نعم .
فرفع المصلّى الذي كان تحته ، فإذا تحته دنانير فدفعها اليّ ، وكان قيمتها في الوقت أربعة آلاف درهم".
5 ـ قال امية بن علي: " كنت بالمدينة ، وكنت اختلف الى أبي جعفر (عليه السلام) وأبو الحسن (عليه السلام) بخراسان ، وكان أهل بيته وعمومة أبيه يأتونه ويسلّمون عليه ، فدعا يوماً الجارية ، فقال : قولي لهم : يتهيأون للمأتم .
فلمّا تفرّقوا قالوا: ألا سألناه مأتم مَن ؟
فلمّا كان من الغد فعل مثل ذلك ، فقالوا : مأتم مَن ؟
قال : مأتم خير مَن على ظهرها .
فأتانا خبر أبي الحسن ]الرضا[ (عليه السلام) بعد ذلك بأيّام ، فاذا هو قد مات في ذلك اليوم".
6 ـ قال محمد بن الفرج: كتب اليّ أبو جعفر(عليه السلام) : " إحملوا اليّ الخمس ، فإني لستُ آخذه منكم سوى عامي هذا ". فقبض (عليه السلام) في تلك السنة .
7 - عن أبي مسافر، عن أبي جعفر الثاني, أنه قال في العشية التي توفي فيها: إني ميت الليلة ، ثم قال : نحن معشر إذا لم يرض الله لأحدنا الدنيا نقلنا إليه .
8 - عن ابن سنان، قال: دخلت على أبي الحسن موسى من قبل أن يقدم العراق بسنة وعلي ابنه جالس بين يديه، فنظر إلي وقال: يا محمد ستكون في هذه السنة حركة فلا تجزع لذلك قال: قلت: وما يكون جعلني الله فداك فقد أقلقتني ؟ قال: أصير إلى هذه الطاغية أما إنه لا يبدأني منه سوء، ومن الذي يكون بعده قال: قلت: وما يكون جعلني الله فداك ؟ قال: يضل الله الظالمين، ويفعل الله ما يشاء قال: قلت: وما ذلك جعلني الله فداك ؟ قال: من ظلم ابني هذا حقه وجحده إمامته من بعدي كان كمن ظلم علي بن أبي طالب إمامته وجحده حقه بعد رسول الله قال: قلت: والله لئن مد الله لي في العمر لأسلمن له حقه، ولأقرن بإمامته قال: صدقت يا محمد يمد الله في عمرك، وتسلم له حقة، وتقر له بإمامته وإمامة من يكون من بعده، قال: قلت: ومن ذاك ؟ قال: ابنه محمد، قال: قلت له: الرضا والتسليم.
مناظرة الإمام الجواد ( عليه السلام ) مع ابن اكثم
عندما أراد الخليفة المأمون تزويج ابنته أم الفضل من الإمام الجواد ( عليه السلام ) بلغ ذلك العباسيين ، فاعترضوا على الخليفة ، و قالوا : يا أمير المؤمنين ، أتُزَوِّج ابنتك صبياً لم يَتَفَقَّه في دين الله ؟!! ، و إذا كنت مشغوفاً به فأمْهِلْه لِيتأَدَّبْ ، و يقرأ القرآن ، و يعرف الحلال والحرام .
فقال لهم المأمون : وَيْحَكم ، إِنِّي أَعْرَفُ بهذا الفتى منكم ، و إنَّه لأفْقَه منكم ، و أعلم بالله و رسوله و سُنَّتِه ، فإن شِئْتُم فامتحنوه .
فرضوا بامتحانه ، و اجتمع رأيهم مع المأمون على قاضي القضاة يحيى بن أكثم أن يحضر لمسألته ، و اتفقوا على يوم معلوم .
و جاء ابن أكثم ، و قال للإمام ( عليه السلام ) ، بحضور مجلس المأمون : يا أبا جعفر ، أصلَحَك الله ، ما تقول في مُحرم قتل صيداً ؟
فقال أبو جعفر ( عليه السلام ) : ( قَتله في حِلٍّ أو حَرَم ؟ ، عَالِماً كان المُحرِم أم جاهلاً ؟ ، قَتَله عمداً أو خطأً ؟ ، حُرّاً كان المُحرِم أم عبداً ؟ ، كان صغيراً أو كبيراً ؟ ، مُبتدِئاً بالقتل أم مُعِيداً ؟ ، من ذَوَات الطير كان الصيدُ أم من غيرها ؟ ، من صِغَار الصيد كان أم من كباره ؟ ، مُصرّاً على ما فعل أو نادماً ؟ ، في اللَّيل كان قتله للصيد في أوكَارِها أم نهاراً و عَياناً ؟ ، مُحرِماً كان بالعُمرَة إذ قتله أو بالحج كان مُحرِماً ؟ ) .
فتحيَّر يحيى بن أكثم ، و انقطع انقطاعاً لم يُخفَ على أحد من أهل المجلس ، و بَان في وجهه العجز .
فتلجلج و انكشف أمره لأهل المجلس ، و تحيَّر الناس عجباً من جواب الإمام الجواد ( عليه السلام ) .
فقال المأمون لأهل بيته : أعرفتُم الآن ما كنتم تُنكِرونه ؟
و نظر إلى الإمام ( عليه السلام ) ، و قال : أنا مُزوِّجُك ابنتي أم الفضل ، فرضي ( عليه السلام ) بذلك ، و تمَّ التزويج .
و لمَّا تمَّ الزواج قال المأمون لأبي جعفر ( عليه السلام ) : إن رأيت - جُعلتُ فداك - أن تذكر الجواب ، فيما فَصَّلتَه من وجوه قتل المحرم الصيد ، لِنعلَمَه ونستفيدَه .
فقال أبو جعفر ( عليه السلام ) : ( إنَّ المُحرِمَ إذا قتلَ صيداً في الحِلِّ ، و كان الصيد من ذَوَات الطير ، و كان من كبارها فعليه شَاة .
فإنْ كانَ أصابه في الحرم ، فعليه الجزاء مضاعَفاً ، و إذا قتل فَرْخاً في الحلِّ ، فعليه حَمْل قد فُطِم من اللَّبن ، و إذا قتله في الحرم ، فعليه الحَمْل ، وقيمة الفرخ .
و إن كان من الوحش ، و كان حِمار وحش ، فعليه بقرة ، و إن كان نعامة فعليه بدنَة ، و إن كان ظبياً ، فعليه شاة .
فإن قتل شيئاً من ذلك في الحرم ، فعليه الجزاءُ مضاعفاً هَدْياً بَالِغ الكعبة ، و إذا أصاب المُحرِمُ ما يجب عليه الهدي فيه ، و كان إحرامه للحجِّ ، نَحَرَهُ بِمِنىً ، و إن كان إحرامه للعُمرة ، نَحَرَه بمَكَّة .
وج زاء الصيد على العالِم و الجاهل سواء ، و في العَمدِ له المأثم ، و هو موضوعٌ عنه في الخطأ ، و الكفَّارة على الحُرِّ في نفسه ، و على السيِّد في عبده ، و الصغير لا كفَّارة عليه ، و هي على الكبير واجبة .
و النادم يسقُط بِنَدمه عنه عقاب الآخرة ، والمُصرُّ يجب عليه العقاب في الآخرة ) .
فقال المأمون للإمام ( عليه السلام ) : أحسنتَ يا أبا جعفر .
مواعظه عليه السلام
1 - قال الجواد بن علي بن موسى الكاظم: كيف يضيع من الله كافله؟ وكيف ينجو من الله طالبه؟ ومن انقطع إلى غير الله وكله الله إليه ومن عمل على غير علم أفسد أكثر ممّا يصلح.
2 - قال (عليه السلام) ـ في جواب رجل قال له: أوصني بوصيّة جامعة مختصرة ـ فقال (عليه السلام) له: صُن نفسك عن عار العاجلة ونار الآجلة).
أحاديث الإمام الجواد في الحِكَم والآداب
1 - قال: مَن شَتَمَ أُجِيب ، وَمَن تَهَوَّرَ أُصِيب .
2- وقال: العُلماء غُرباءٌ لِكَثرةِ الجُهَّال بَينهُم .
3 - وقال: مَن طلب البَقاء فَليُعدَّ لِلمصائِبِ قَلباً صَبُوراً .
4 - وقال: مَن عَمل بِغير عِلمٍ كان ما أَفسدَ أكثرَ مِمَّا أَصلحَ .
5 - وقال: مَنِ استَفاد أخاً في اللهِ فقدِ استفادَ بيتاً في الجَنَّة .
6 - وقال: مَن أطاعَ هَواهُ أَعطَى عدوَّهُ مُنَاهُ .
7 - وقال: رَاكِبُ الشَّهَوَات لا تُقَالُ عَثرتُهُ .
8 - وقال: عِزُّ المُؤمنِ غِنَاهُ عَن النَّاسِ .
9 - وقال: لا يَكُن وَليُّ الله في العَلانِيَة عَدوّاً لَهُ في السرِّ .
10 - وقال: قَد عَاداكَ مَن سَتَر عنك الرُّشدَ إِتباعاً لِمَا يَهواهُ .
11 - وقال: الحوائجُ تُطلبُ بالرجاءِ ، وهي تَنزلُ بالقَضَاء .
12 - وقال: العَافِيةُ أَحسنُ عَطاءٍ .
13 - وقال: إِذا نزلَ القضاءُ ضَاقَ الفَضاءُ .
14 - وقال: التَحفُّظُ على قَدَرِ الخَوف ، والطمعُ عَلى قَدر النَّيلِ .
15 - وقال: كَفى بالمرءِ خِيانةً أن يكون أمِيناً للخَوَنة .
16 - وقال: الصبرُ عَلى المُصيبةِ مُصيبةٌ لِلشَّامِت .
17 - وقال: مَن أَملَ فَاجراً كَان أدنَى عقوبتِهِ الحِرمَان .
18 - وقال: من أَخطأَ وجوهَ المَطالبِ خَذلتْهُ وجوهُ الحِيَل .
19 - وقال: مَنِ استَحسنَ قبيحاً كان شريكاً فِيه .
20 - وقال: مَن كَتَم هَمُّهُ سَقَمَ جَسدُه .
21 - وقال: لَو سَكَتَ الجاهلُ مَا اختلفَ النَّاسُ .
22 - وقال: مَقتلُ الرجلِ بَين فَكَّيْهِ .
23 - وقال: النَّاسُ أشكالٌ ، وَكلٌّ يعملُ عَلى شَاكِلَتِه .
24 - وقال: كُفرُ النِّعمَةِ دَاعيةٌ للمَقْتِ .
25 - وقال: مَن جَازَاكَ بِالشكر فقد أَعطاكَ أكثرَ مِمَّا أَخَذَ مِنك .
26 - قال: لا تُعَاجِلوا الأمرَ قَبل بُلوغه فَتَندَمُوا ، وَلا يَطولَنَّ عليكم الأملُ فَتَقسُوا قُلوبكم ، وَارحَمُوا ضُعفاءكم ، واطلبوا الرَّحمة مِن الله بِالرَّحمةِ مِنكم.
27 - وقال: ثَلاثة يَبلُغْنَ بِالعبدِ رِضوانَ اللهِ تعالى : كِثرةُ الاستغفار ، وَلِينُ الجانب ، وَكِثرة الصَّدَقة ، وثلاث مَن كُنَّ فِيهِ لم يَندم : تَركُ العَجَلة ، وَالمَشُورة ، وَالتوكُّل على الله عِند العَزم .
28 - وقال: كَيفَ يَضِيعُ مِن الله كَافِلُهُ ؟! ، وَكيفَ يَنجو من الله طَالِبُهُ ؟! .
29 - وقال: يَومُ العدلِ على الظالِم أشبَهُ مِن يَوم الجَور عَلى المَظلوم .
30 - وقال: مَا هَدَم الدينَ مِثلُ البِدَع ، وَلا أزالَ الوِقارَ مثلُ الطَمَع ، وبِالراعي تُصلَحِ الرعيَّة ، وَبِالدُّعاء تُصرَفِ البَلِيَّة .
31 - وقال: اِعلَمُوا أنَّ التقوى عِزٌّ ، وأنَّ العِلم كنزٌ ، وأنَّ الصمتَ نورٌ .
32 - وقال: مَا استَوَى رَجُلان في حَسَب ودين إلا كان أفضلُهُما عند الله أَأْدَبُهُمَا ... إلى أن قال عليه السلام: بِقِراءته القُرآنَ كما أُنزِل ، وَدعائِهِ اللهَ مِن حيثُ لا يُلحِن ، فَإنَّ الدعاءَ المَلحُونِ لا يَصعدُ إِلى اللهِ .
33 - وقال: إِيَّاك ومصاحبةِ الشرير فإنَّه كالسيفِ المَسلُول ، يَحسُنُ منظرُهُ ، ويقبَحُ أَثرُه .
34 - وقال: لا تُعادِي أحداً حتى تعرفُ الذي بينَهُ وبينَ الله ، فإن كان مُحسناً لم يُسَلِّمهُ إليك ، وإن كان مُسيئاً فَعلمُك بِه يُكفِيكَهُ ، فلا تُعادِهِ .
35 - وقال: مَا شَكر الله أحدٌ على نعمةٍ أنعمَهَا عليه إلا استوجَبَ بذلك المَزيد قَبلَ أن يَظهرَ عَلى لسانِهِ .
36 - وقال: اِصبر عَـلَى ما تَكرهُ فيما يلزمُكَ الحقُّ ، واصطَبِر عمَّا لا تُحِب فِيمَا يدعُوك إلى الهَوى .
37 - وقال: مَوتُ الإنسانِ بالذنوبِ أكثر مِن مَوته بالأَجَل ، وَحياتُه بالبِرِّ أكثرُ من حياتِهِ بالعُمر .
38 - وقال: أربعُ خِصالٍ تُعيِّنِ المَرءَ على العمل : الصحَّة ، والغِنَى ، والعِلم ، والتوفِيق .
39 - وقال: العَامِل بالظلمِ ، والمُعينُ عليهِ ، والراضِي بهِ ، شُرَكَاءٌ .
40 - وقال: النَّاس إِخوانٌ ، فَمَن كانت أُخُوَّتُهُ في غَير ذاتِ الله ، فَإنَّها تَعود عَداوةً ، وَذَلك قولُهُ عَزَّ وجلَّ : الأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَ الْمُتَّقِينَ [ الزُّخرُف : 67 ] .
عبادته عليه السلام
كان الإمام الجواد (عليه السلام) أعبد أهل زمانه ، وأشدهم حبّاً لله عزّوجلّ وخوفاً منه ، وأخلصهم في طاعته وعبادته ، شأنه شأن الأئمة الطاهرين من آبائه (عليهم السلام) الذين عملوا كلّ ما يقرّبهم إلى الله زلفى .
ومن مظاهر عبادة الإمام الجواد (عليه السلام) نشير الى ما يلي :
1 - صلاته المخصوصة
- السيد بن طاووس رحمه الله, قال: صلاة الجواد ركعتان، كل ركعة بالفاتحة مرة والاخلاص سبعين مرة .
الراوندي رحمه الله: صلاة التقي أربع ركعات: في كل ركعة ( الحمد ) مرة و ( قل هو الله أحد ) أربع مرات .
ويصلي على النبي ، مائة مرة ، ثم يسأل الله حاجته .
الكفعمي رحمه الله: وصلاة الجواد: ركعتان بالحمد والتوحيد أربعين مرة ، ويسلم ، ويصلي على النبي مائة مرة .
2 - صلاته عند كل شهر جديد
- السيد بن طاووس رحمه الله: عن الوشاء يعني الحسن بن علي بن إلياس الخزاز قال : كان أبو جعفر محمد بن علي إذا دخل شهر جديد يصلي أول يوم منه ركعتين ، يقرأ في أول ركعة ( قل هو الله أحد ) ثلاثين مرة بعدد أيام الشهر .
وفي الركعة الثانية ( إنا أنزلناه في ليلة القدر ) مثل ذلك ، ويتصدق بما يتسهل ، فيشتري به سلامة ذلك الشهر كله .
قال السيد : ورأيت في غير هذه الرواية زيادة , فقال : ويستحب إذا فرغت من هذه الصلاة ، أن تقول :
بسم الله الرحمن الرحيم* وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين * وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يمسسك بخير فهو على كل شئ قدير* بسم الله الرحمن الرحيم* سيجعل الله بعد عسر يسرا * ما شاء الله لا قوة إلا بالله* حسبنا الله ونعم الوكيل*وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد * لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين * رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير * رب لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين .
3 ـ نوافله :
كان (عليه السلام) كثير النوافل ، ويقول المؤرخون إنه : كان يصلّي ركعتين يقرأ في كل ركعة سورة الفاتحة ، وسورة الاخلاص سبعين مرة .
وانه (عليه السلام) إذا دخل شهر جديد يصلّي اول يوم منه ركعتين يقرأ في أول ركعة "الحمد" مرة ، و "قل هو الله أحد " لكل يوم الى آخره ـ يعني ثلاثين مرة ـ .
وفي أول الركعة الاخرى "الحمد" و "انا أنزلناه" مثل ذلك ويتصدق بما يتسهل ، يشتري به سلامة ذلك الشهر كله.
وجاء في الرواية أنه صام أبو جعفر الثاني (عليه السلام) لمّا كان ببغداد يوم النصف من رجب ، ويوم سبع وعشرين منه ، وصام معه جميع حشمه ، وأمرنا أن نصلّي بالصلاة التي هي اثنتى عشرة ركعة : تقرأ في كل ركعة الحمد وسورة ، فاذا فرغت قرأت " الحمد " أربعاً ، و " قل هو الله أحد " أربعاً ، والمعوّذتين أربعاً ،
وقلت : " لا إله إلاّ الله والله أكبر ، وسبحان الله ، والحمد لله ، ولا حول ولا قوة إلاّ
بالله العلي العظيم " أربعاً ، " الله الله ربي لا اُشرك به شيئاً " أربعاً ، " لا اُشرك بربّي
أحداً " أربعاً.
4 - قراءته نافلة المغرب:
- السيد بن طاووس رحمه الله: عن أبي سعيد الادمي، رفعه إلى أبي الحسن ، وأبي جعفر: أنهما كانا يقرئان في الركعتين الثالثة ، والرابعة ، من نوافل المغرب في الثالثة ( الحمد ) وأول ( الحديد ) إلى ( عليم بذات الصدور ) وفي الرابعة ( الحمد ) وآخر ( الحشر ) .
5 ـ حجه :
كان الإمام (عليه السلام) كثير الحج ، وقد جاء في الرواية : "رأيت أبا جعفر الثاني (عليه السلام) في سنة خمس عشرة ومائتين ودّع البيت بعد ارتفاع الشمس ، وطاف بالبيت يستلم الركن اليماني في كل شوط ، فلمّا كان الشوط السابع استلمه واستلم الحجر ومسح بيده ثم مسح وجهه بيده ، ثم أتى المقام ، فصلّى خلفه ركعتين ثم خرج الى دبر الكعبة الى الملتزم ، فالتزم البيت، ... ثم وقف عليه طويلاً يدعو ، ثم خرج من باب الحناطين .
قال الراوي : فرأيته في سنة ( 219 هـ ) ودّع البيت ليلاً، يستلم الركن اليماني والحجر الاسود في كل شوط ، فلمّا كان في الشوط السابع التزم البيت في دبر الكعبة قريباً من الركن اليماني وفوق الحجر المستطيل ... ثم أتى الحجر فقبّله ومسحه وخرج الى المقام فصلّى خلفه ثم مضى ولم يعد الى البيت ، وكان وقوفه على الملتزم بقدر ما طاف بعض أصحابنا سبعة اشواط وبعضهم ثمانية".
أدعيته ومناجاته عليه السلام
هنا نورد بعضاً من أذكاره وأدعيته عليه السلام التي كان يناجي بها ربّه الأعلى كأحد مظاهر التسبيح والتمجيد في محراب عبادته لله جلّ جلاله :
1 - دعاؤه بعد رؤية هلال شهر رمضان
السيد بن طاووس رحمه الله: قال: صلى أبو جعفر محمد بن علي الرضا صلاة المغرب في ليلة رأى فيها هلال شهر رمضان، فلما فرغ من الصلاة ، ونوى الصيام، رفع يديه .
فقال: اللهم يا من يملك التدبير وهو على كل شئ قدير، يا من يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.
2 - من أدعيته (عليه السلام) في حال القنوت
" اللهم أنت الأول بلا اولية معدودة ، والآخر بلا آخرية محدودة ، أنشأتنا لا لعلّة اقتساراً ، واخترعتنا لا لحاجة اقتداراً ، وابتدعتنا بحكمتك اختياراً ، وبلوتنا بأمرك ونهيك اختباراً ، وايدتنا بالآلات ، ومنحتنا بالأدوات ، وكلّفتنا الطاقة ، وجشمتنا الطاعة ، فأمرت تخييراً ونهيت تحذيراً ، وخوّلت كثيراً ، وسألت يسيراً ، فعصي أمرك فحلُمت ، وجهل قدرك فتكرّمت . . ".
2 - من أدعيته اذا انصرف من الصلاة
" رضيت بالله ربّاً ، وبالاسلام ديناً ، وبالقرآن كتاباً ، وبمحمد نبياً ، وبعليٍّ ولياً ، والحسن ، والحسين ، وعلي بن الحسين ، ومحمد بن علي ، وجعفر بن محمد ، وموسى بن جعفر ، وعلي بن موسى ، ومحمد بن علي ، وعلي بن محمد ، والحسن بن علي ، والحجة بن الحسن بن علي ، أئمة .
اللهم وليّك الحجة فاحفظه من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله ومن فوقه ومن تحته ، وامدد له في عمره ، واجعله القائم بأمرك ، المنتصر لدينك وأره ما يحبّ وتقرّ به عينه في نفسه وفي ذرّيته وأهله وماله وفي شيعته وفي عدوه، وأرهم منه ما يحب وتقرّ به عينه ، واشف به صدورنا وصدور قوم مؤمنين ".
3 - من دعائه (عليه السلام) عند الصباح والمساء لقضاء الحوائج
قال الراوي : كتبت الى أبي جعفر الثاني (عليه السلام) أسأله ان يعلّمني دعاء ، فكتب اليّ :
"تقول اذا اصبحت وأمسيت: الله الله الله ، ربي الرحمن الرحيم ، لا اشرك به شيئاً".
وإن زدت على ذلك فهو خير ، ثم تدعو بما بدا لك في حاجتك ، فهو لكل شيء بإذن الله تعالى ، يفعل الله ما يشاء.
4 - دعاؤه عند العطاس
أبو جعفر الطبري رحمه الله: حكيمة بنت أبي الحسن موسى، قالت: فلما كان اليوم الثالث، عطس [أبو جعفر] ، فقال: الحمد لله، وصلى الله على محمد وعلى الأئمة الراشدين .
5 - دعاؤه حين مشاهدة الجنازة
محمد بن يعقوب الكليني رحمه الله: عن أبي الحسن النهدي، رفعه، قال: كان أبو جعفر إذا رأى جنازة، قال: الحمد لله الذي لم يجعلني من السواد المخترم .
تسبيحه عليه السلام
الراوندي رحمه الله: تسبيح محمد بن علي في اليوم الثاني عشر والثالث عشر: سبحان من لا يعتدي على أهل مملكته، سبحان من لا يؤاخذ أهل الأرض بألوان العذاب، سبحان الله وبحمده.
مناجاته عليه السلام
روى السيد ابن طاووس باسناده الى أبي جعفر بن بابويه عن ابراهيم بن محمد بن الحارث النوفلي ، قال :
"حدّثنى أبي ـ وكان خادماً لمحمد بن علي الجواد(عليه السلام) : لمّا زوج المأمون أبا جعفر محمد بن على بن موسى (عليهم السلام) ابنته ، كتب اليه : ان لكل زوجة صداقاً من مال زوجها ، وقد جعل الله أموالنا في الآخرة ، مؤجلة مذخورة هناك ، كما جعل اموالكم معجّلة في الدنيا وكنزها هاهنا . وقد أمهرت ابنتك : الوسائل الى المسائل ، وهي مناجاة دفعها اليّ أبي ، قال : دفعها اليّ أبي موسى ، قال :
دفعها اليّ أبي جعفر ، قال : دفعها اليّ محمد أبي، قال : دفعها اليّ علي بن الحسين أبي ، قال : دفعها اليّ الحسين أبي : قال : دفعها اليّ الحسن أخي، قال : دفعها اليّ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (صلوات الله عليهم)، قال : دفعها اليّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) ، قال : دفعها اليّ جبرئيل(عليه السلام) ، قال : يا محمد ... ربّ العزّة يقرئك السلام ويقول لك : هذه مفاتيح كنوز الدنيا والآخرة ، فاجعلها وسائلك الى مسائلك، تصل الى بغيتك وتنجح في طلبتك ، فلا تؤثرها في حوائج الدنيا فتبخس بها الحظّ في آخرتك . وهي عشر وسائل ]الى عشر مسائل[ تطرق بها أبواب الرغبات فتفتح ، وتطلب بها الحاجات فتنجح وهذه نسختها" .
1 ـ المناجاة للاستخارة :
" بسم الله الرحمن الرحيم. اللهمّ ان خيرتك فيما استخرتك فيه تُنيل الرغائب ، وتجزل المواهب ، وتغنم المطالب ، و تطيب المكاسب ، وتهدي إلى أجمل المذاهب ، وتسوق الى أحمد العواقب ، وتقي مخوف النوائب.
اللهمّ اني استخيرك فيما عزم رأيي عليه ، وقادني عقلي اليه ، فسهّل اللهمّ منه ما توعّر، ويسّر منه ما تعسّر ، واكفني فيه المهمّ، وادفع عنّي كلّ ملمّ ، واجعل يا ربّ عواقبه غُنماً ، ومخوفه سلماً ، وبُعده قرباً، وجدبه خصباً.
وأرسل اللهم إجابتي ، وأنجح طلبتي ، واقض حاجتي ، واقطع عنّي عوائقها ، وامنع عنّي بوائقها ، واعطني اللهمّ لواء الظفر والخيرة فيما استخرتك ، ووُفور المغنم فيما دعوتك، وعوائد الافضال فيما رجوتك. واقرُنه اللهمّ بالنجاح ، وخصّه بالصلاح ، وأرني أسباب الخيرة فيه واضحة ، واعلام غُنمها لائحة ، و اشدد خناق تعسّرها ، وانعش صريع تيسّرها .
وبيّن اللهمّ ملتبسها واطلق محتبسها ، ومكّن اُسّها حتّى تكون خيرة مقبلة بالغُنم مزيلة للغُرم، عاجلة للنفع ، باقية الصنع ، إنّك مليئ بالمزيد، مبتدئ بالجود".
2 ـ المناجاة بالاستقالة :
"بسم الله الرحمن الرحيم . اللهمّ إنّ الرجاء لسعة رحمتك أنطقني باستقالتك والأمل لأناتك ، ورفقك شجعني على طلب أمانك وعفوك ، ولي يا ربِّ ذنوب قد واجَهَتها أوجه الانتقام ، وخطايا قد لاحظتها أعين الاصطلام ، واستوجبت بها على عدلك أليم العذاب ، واستحققت باجتراحها مبير العقاب ، وخفت تعويقها لإجابتي ، وردّها إيّاي عن قضاء حاجتي ، وإبطالها لطلبتي ، وقطعها لأسباب رغبتي ، من أجل ما قد أنقض ظهري من ثقلها ، وبهظني من الاستقلال بحملها ، ثمّ تراجعت ربّ الى حلمك عن الخاطئين ، وعفوك عن المذنبين ، ورحمتك للعاصين ، فأقبلت بثقتي متوكّلاً عليك ، طارحاً نفسي بين يديك ، شاكياً بثّي اليك ، سائلاً ما لا استوجبه من تفريج الهمّ ، ولا استحقه من تنفيس الغمّ ، مستقيلاً لك إيّاي ، واثقاً مولاي بك.
اللهمّ فامنُن عليّ بالفرج ، وتطوّل بسهولة المخرج ، وادلُلني برأفتك على سمت المنهج ، وأزلقني بقدرتك عن الطريق الاعوج ، وخلّصني من سجن الكرب بإقالتك ، واطلق أسري برحمتك ، وطُل عليّ برضوانك ، وجُد عليّ بإحسانك ، وأقلني عثرتي ، وفرّج كربتي ، وارحم عبرتي ، ولا تحجب دعوتي ، واشدد بالاقالة أزري ، وقوّ بها ظهري ، وأصلح بها أمري، وأطل بها عمري ، وارحمني يوم حشري ووقت نشري ، انك جواد كريم ، غفور رحيم" .
3 ـ المناجاة بالسفر :
" بسم الله الرحمن الرحيم . اللهمّ إنّي اُريد سفراً فخر لي فيه ، وأوضح لي فيه سبيل الرأي ، وفهّمنيه ، وافتح عزمي بالإستقامة ، واشملني في سفري بالسلامة ، وأفدني جزيل الحظ والكرامة ، واكلأني بحسن الحفظ والحراسة ، وجنّبني اللهمّ وعثاء الأسفار ، وسهّل لي حُزونة الأوعار ، وأطو لي بساط المراحل ، وقرّب منّي بُعد نأي المناهل ، وباعدني في المسير بين خُطى الرواحل ، حتّى تقرّب نياط البعيد ، وتسهّل وعور الشديد.
ولقّني اللهمّ في سفري نجح طائر الواقية ، وهبني فيه غُنم العافية، وخفير الإستقلال ، ودليل مجاوزة الاهوال ، وباعث وفور الكفاية ، وسانح خفير الولاية ، واجعله اللهمّ سبَب عظيم السِلم حاصل الغُنم.
واجعل الليل عليّ ستراً من الآفات ، والنهار مانعاً من الهلكات ، واقطع عنّي قطع لصوصه بقدرتك ، واحرسني من وحوشه بقوّتك ، حتى تكون السلامة فيه مصاحبتي ، والعافية مُقاربتي ، واليُمن سائقي ، واليُسر مُعانقي ، والعسر مفارقي ، والفوز موافقي ، والأمن مُرافقي ، انك ذوالطول والمنّ ، والقوّة والحول ، وأنت على كلّ شيء قدير ، وبعبادك بصير خبير ".
4 ـ المناجاة في طلب الرزق :
"بسم الله الرحمن الرحيم . اللهمّ أرسل عليّ سجال رزقك مدراراً ، و أمطر عليّ سحائب إفضالك غِزاراً ، وأدم غيث نيلك اليّ سجالاً ، وأسبل مزيد نعمك على خلّتي إسبالاً ، وأفقرني بجودك اليك ، وأغنني عمّن يطلب ما لديك ، وداوِ داء فقري بدواء فضلك ، وانعش صرعة عَيلتي بطولك ، و تصدّق على إقلالي بكثرة عطائك ، وعلى اختلالي بكريم حبائك ، وسهّل ربّ سبيل الرزق اليّ ، وثبّت قواعده لديّ ، وبجّس لي عيون سعته برحمتك، وفجّر أنهار رغد العيش قبلي برأفتك ، وأجدب أرض فقري ، وأخصب جدب ضرّي ، واصرف عنّي في الرزق العوائق ، واقطع عنّي من الضيق العلائق ، وارمني من سهم الرزق اللهم بأخصب سهامه ، وأحيني من رغد العيش بأكثر دوامه ، واكسُني اللهمّ سرابيل السعة ، وجلابيب الدّعة فإنّي يا ربّ منتظر لإنعامك بحذف المضيق ، ولتطوّلك التعويق ، ولتفضلك بإزالة التقتير ، ولوصول حبلي بكرمك بالتيسير.
وأمطر اللهمّ عليّ سماء رزقك بسجال الدّيم ، وأغنني بعوائد النّعم ، وارم مقاتل الإقتار منّي ، واحمل كشف الضر عنّي على مطايا الإعجال ، واضرب عنّي الضيق بسيف الاستيصال ، وأتحفني ربّ منك بسعة الإفضال ، وامددني بنموّ الاموال ، واحرسني من ضيق الإقلال .
واقبض عنّي سوء الجدب ، وابسط لي بساط الخصب ، واسقني من ماء رزقك غدقاً ، وانهج لي عميم بذْلك طُرُقاً ، وفاجئني بالثروة والمال ، وأنعشني به من الإقلال ، وصبّحني بالاستظهار ، ومسّني بالتمكّن من اليسار ، إنّك ذوالطول العظيم ، والفضل العميم ، والمنّ الجسيم وأنت الجواد الكريم .
5 ـ المناجاة بالاستعاذة :
"بسم الله الرحمن الرحيم . اللهمّ اني اعوذ بك من ملمّات نوازل البلاء ، وأهوال عظائم الضرّاء ، فأعذني ربّ من صرعة البأساء ، واحجُبني من سطوات البلاء ، ونجّني من مفاجأة النقم وأجرني من زوال النعم ومن زلل القدم ، واجعلني اللهمّ في حياطة عزّك ، وحفاظ حرزك من مباغتة الدوائر ، ومعاجلة البوادر .
اللهمّ ربّ ، وأرض البلاء فاخسِفها ، وعرصة المحن فارجفها ، وشمس النوائب فاكسِفها ، وجبال السوء فانسفها ، وكُرَبَ الدهر فاكشفها ، وعوائق الاُمور فاصرفها ، وأوردني حياض السلامة ، واحملني على مطايا الكرامة ، واصحبني بإقالة العثرة ، واشملني بستر العورة .
وجُدْ عليّ يا رب بآلائك ، وكشف بلائك ، ودفع ضرّائك ، وادفع عنّي كلاكل عذابك ، واصرف عنّي أليم عقابك ، وأعذني من بوائق الدهور ، وأنقذني من سوء عواقب الاُمور ، واحرسني من جميع المحذور .
واصدع صفات البلاء عن أمري ، واشلُل يده عنّي مدى عُمري . إنّك الربّ المجيد ، المبدئ المعيد ، الفعّال لما تريد".
6 ـ المناجاة بطلب التوبة :
"بسم الله الرحمن الرحيم . اللهمّ اني قصدت اليك بإخلاص توبة نصوح ، وتثبيت عقد صحيح ، ودعاء قلب قريح واعلان قول صريح .
اللهمّ فتقبّل منّي مخلص التوبة ، واقبال سريع الأوبة ، ومصارع تخشّع الحوبة . وقابل ربّ توبتي بجزيل الثواب ، وكريم المآب ، وحطّ العقاب ، وصرف العذاب ، وغُنم الإياب ، وستر الحجاب .
وامحُ اللهمّ ما ثبت من ذنوبي ، واغسل بقبولها جميع عيوبي ، واجعلها جاليةً لقلبي ، شاخصة لبصيرة لُبّي ، غاسلة لدرني ، مطهّرة لنجاسة بدني ، مصحّحة فيها ضميري ، عاجلة الى الوفاء بها بصيرتي .
واقبَل ياربّ توبتي ، فإنها تصدر من إخلاص نيّتي ، ومحض من تصحيح بصيرتي ، واحتفال في طويّتي واجتهاد في نقاء سريرتي ، وتثبيت لإنابتي ، مسارعةً الى أمرك بطاعتي .
واجلُ اللهمّ بالتوبة عنّي ظلمة الإصرار ، وامحُ بها ما قدّمتُه من الاوزار ، واكسُني لباس التقوى، وجلابيب الهدى ، فقد خلعتُ رِبق المعاصي عن جلدي ، ونزعتُ سربال الذنوب عن جسدي ، مستمسكاً ربّ بقدرتك ، مستعيناً على نفسي بعزّتك ، مستودعاً توبتي من النكث بحضرتك ، معتصماً من الخذلان بعصمتك مقارناً به لا حول ولا قوّة إلاّ بك .
7 ـ المناجاة بطلب الحجّ :
"بسم الله الرحمن الرحيم . اللهمّ ارزقني الحجّ الّذي فرضته على من استطاع اليه سبيلاً. واجعل لي فيه هادياً واليه دليلاً ، وقرّب لي بُعد المسالك .
وأعنّي على تأدية المناسك ، وحرّم بإحرامي على النار جسدي ، وزد للسفر قوّتي وجَلدي ، وارزقني ربّ الوقوف بين يديك ، والإفاضة اليك واظفرني بالنجح بوافر الربح .
واصدرني رب من موقف الحج الأكبر الى مزدلفة المشعر ، واجعلها زُلفة الى رحمتك ، وطريقاً الى جنّتك ، وقفني موقف المشعر الحرام ، و مقام وقوف الإحرام ، وأهّلني لتأدية المناسك ، ونحر الهدي التوامك بدم يثجّ ، واُوداج تمُجّ ، واراقة الدماء المسفوحة ، والهدايا المذبوحة ، وفَري أوداجها على ما أمرت ، والتنفّل بها كما وسمت .
وأحضرني اللهمّ صلاة العيد ، راجياً للوعد ، خائفاً من الوعيد ، حالقاً شعر رأسي ومقصّراً ، ومجتهداً في طاعتك ، مشمّراً ، رامياً للجمار ، بسبع بعد سبع من الأحجار ، وأدخلني اللهمّ عرصة بيتك وعَقْوَتك وأولجني محلّ أمنك وكعبتك ، ومشاكيك وسؤالك ووفدك ومحاويجك ، وجد عليّ اللهمّ بوافر الأجر ، من الإنكفاء والنّفر ، واختم اللهمّ مناسك حجّي ، وانقضاء عجّي ، بقبول منك لي ، ورأفة منك بي يا أرحم الراحمين".
8 ـ المناجاة بكشف الظلم :
"بسم الله الرحمن الرحيم . اللهمّ إن ظلم عبادك قد تمكّن في بلادك ، حتّى أمات العدل ، وقطع السبل ، ومحق الحقّ ، وأبطل الصدق ، وأخفى البرّ ، وأظهر الشرّ ، وأخمد التقوى ، وأزال الهدى ، وأزاح الخير ، وأثبت الضير ، وأنمى الفساد ، وقوّى العناد ، وبسط الجور ، وعدى الطور .
اللهمّ يا ربّ لا يكشف ذلك إلاّ سلطانك ، ولا يجير منه إلاّ امتنانك اللهمّ ربّ فابتُر الظلم ، وبتّ حبال الغشم ، واخمد سوق المنكر ، وأعزّ من عنّه ينزجر ، واحصد شأفة اهل الجور ، وألبسهم الحور بعد الكور .
وعجّل اللهمّ إليهم البيات ، وأنزل عليهم المُثلات ، وأمت حياة المنكر ، ليؤمَن المخوف ، ويسكن الملهوف ، ويشبع الجائع ، ويحفظ الضائع ، ويأوى الطريد ، ويعود الشريد ، ويغنى الفقير ، ويجار المستجير ، ويوقّر الكبير ، ويُرحم الصغير ، ويعزّ المظلوم ، ويذلّ الظالم ، ويفرّج المغموم ، وتنفرج الغمّاء ، وتسكن الدهماء ، ويموت الاختلاف ، ويحيى الائتلاف ، ويعلو العلم ، ويشمل السلم ، ويجمع الشتات ، ويقوى الإيمان ، ويُتلى القرآن ، إنك أنت الديّان ، المنعم المنّان".
9 ـ المناجاة بالشكر لله تعالى :
"بسم الله الرحمن الرحيم . اللهمّ لك الحمد على مردّ نوازل البلاء ، و توالي سبوغ النعماء ، وملمّات الضرّاء ، وكشف نوائب الّلأواء.
ولك الحمد ربّ على هنيئ عطائك ، ومحمود بلائك ، وجليل آلائك ، ولك الحمد على إحسانك الكثير ، وجودك الغزير ، و تكليفك اليسير ، ودفعك العسير.
ولك الحمد يا ربّ على تثميرك قليل الشكر ، واعطائك وافر الأجر ، وحطّك مثقل الوزر ، وقبولك ضيق العذر ، ووضعك باهض الإصر، وتسهيلك موضع الوعر ، ومنعك مفظع الأمر .
ولك الحمد على البلاء المصروف ، ووافر المعروف ، ودفع المخوف ، وإذلال العسوف .
ولك الحمد على قلّة التكليف ، وكثرة التخفيف ، وتقوية الضعيف ، وإغاثة اللهيف ، ولك الحمد رب على سعة إمهالك ، ودوام افضالك ، وصرف أمحالك ، وحميد أفعالك ، وتوالي نوالك .
ولك الحمد على تأخير معاجلة العقاب ، وترك مغافصة العذاب ، وتسهيل طريق المآب ، وإنزال غيث السحاب إنّك المنّان الوهاب" .
10 ـ المناجاة لطلب الحوائج :
"بسم الله الرحمن الرحيم . اللهمّ جدير من أمرته بالدعاء أن يدعوك ، ومن وعدته بالإجابة ان يرجوك.
وَليَ اللهمّ حاجة قد عجَزَت عنها حيلتي ، وكلّت فيها طاقتي ، وضعفت عن مرامها قوّتي ، وسوّلت لي نفسي الأمّارة بالسوء ، وعدوّي الغرور الّذي أنا منه مبتلى ، أن أرغب فيها الى ضعيف مثلي ، ومَن هو في النكول شكلي ، حتّى تداركتني رحمتك ، وبادرتني بالتوفيق رأفتك ، ورددت عليّ عقلي بتطوّلك ، وألهمتني رشدي بتفضّلك ، وأحييت بالرجاء لك قلبي ، وأزلت خدعة عدوّي من لبّي ، وصحّحت بالتأميل فكري ، وشرحت بالرجاء لإسعافك صدري ، وصوّرت لي الفوز ببلوغ ما رجوته ، والوصول الى ما أمّلته فوقفت اللهمّ ربّ بين يديك سائلاً لك ، ضارعاً اليك ، واثقاً بك ، متوكّلاً عليك في قضاء حاجتي ، وتحقيق اُمنيّتي ، وتصديق رغبتي .
اللهمّ وأنجحها بأيمن النجاح واهدها سبيل الفلاح ، واشرح بالرجاء لإسعافك صدري ، ويسّر في أسباب الخير أمري ، وصوّر اليّ الفوز ببلوغ ما رجوته بالوصول الى ما أمّلته" .
ووفّقني اللهمّ في قضاء حاجتي ببلوغ اُمنيّتي ، وتصديق رغبتي ، وأعذني اللهمّ بكرمك من الخيبة والقنوط ، والأناة والتثبيط بهني اجابتك وسابغ موهبتك .
اللهمّ إنّك مليّ بالمنائح الجزيلة ، وفيّ بها ، وأنت على كلّ شيء قدير وبكل شيء محيط وبعبادك خبير بصير .
مكارم اخلاقه عليه السلام
1 ـ السخاء :
1 - روى المؤرّخون من أنّ أحمد بن حديد قد خرج مع جماعة من أصحابه إلى الحجّ ، فهجم عليهم جماعة من السرّاق ونهبوا ما عندهم من أموال ومتاع ، ولما انتهوا إلى يثرب انطلق أحمد إلى الإمام محمّد الجواد وأخبره بما جرى عليهم فأمر (عليه السلام) له بكسوة وأعطاه دنانير ليفرقها على جماعته ، وكانت بقدر ما نهب منهم.
وبهذا أنقذهم الإمام من المحنة وردّ لهم ما سلب منهم بسخاء وافر .
2 - اشتهر أنّ كرم الإمام ومعروفه قد شمل حتى الحيوانات، فقد روى محمّد بن الوليد الكرماني أنّه قال : أكلت بين يدي أبي جعفر الثاني(عليه السلام) حتى إذا فرغت ورفع الخوان ذهب الغلام ليرفع ما وقع من فتات الطعام فقال(عليه السلام) له: "ما كان في الصحراء فدعه ولو فخذ شاة ، وما كان في البيت فتتبعه والقطه".
لقد أمره(عليه السلام) بترك الطعام الذي في الصحراء ليتناوله الطير وسائر الحيوانات التي ليس عندها طعام .
2 ـ الإحسان إلى الناس
أمّا الإحسان إلى الناس والبرّ بهم فإنّه من سجايا الإمام الجواد ومن أبرز صفاته ، وقد سجل التاريخ قصصاً كثيرة من إحسانه منها :
ما روى أحمد بن زكريا الصيدلاني عن رجل من بني حنيفة من أهالي بست وسجستان قال : رافقت أبا جعفر في السنة التي حجّ فيها في أوّل خلافة المعتصم فقلت له : وأنا على المائدة : إنّ والينا جعلت فداك يتولاكم أهل البيت يحبّكم وعليَّ في ديوانه خراج ، فإن رأيت جعلني الله فداك أن تكتب إليه بالإحسان إليّ ، فقال (عليه السلام) : لا أعرفه ، فقلت : جعلت فداك انّه على ما قلت : من محبيّكم أهل البيت(عليهم السلام) ، وكتابك ينفعني واستجاب له الإمام فكتب إليه بعد البسملة :
" أمّا بعد : فإنّ موصل كتابي هذا ذكر عنك مذهباً جميلاً ، وإنّ ما لك من عملك إلاّ ما أحسنت فيه ، فأحسن إلى اخوانك و اعلم أنّ الله عزّوجلّ سائلك عن مثاقيل الذرة والخردل..".
ولما ورد إلى سجستان عرف الوالي وهو الحسين بن عبدالله النيسابوري انّ الإمام قد أرسل إليه رسالة فاستقبله من مسافة فرسخين ، وأخذ الكتاب فقبّله، واعتبر ذلك شرفاً له ، وسأله عن حاجته فأخبره بها ، فقال له: لا تؤدِّ لي خراجاً ما دام لي عمل ، ثمّ سأله عن عياله فأخبره بعددهم فأمر له ولهم بصلة ، وظلّ الرجل لا يؤدّي الخراج ما دام الوالي حيّاً ، كما انّه لم يقطع صلته عنه كلّ ذلك ببركة الإمام ولطفه .
3 ـ المواساة للناس
وواسى الإمام الجواد (عليه السلام) الناس في البأساء والضرّاء ، فقد ذكروا : أنه قد جرت على إبراهيم بن محمّد الهمداني مظلمة من قِبل الوالي ، فكتب إلى الإمام الجواد(عليه السلام) يخبره بما جرى عليه ، فتألّم الإمام وأجابه بهذه الرسالة :
" عجّل الله نصرتك على من ظلمك ، وكفاك مؤنته ، وابشر بنصر الله عاجلاً إن شاء الله ، وبالآخرة آجلاً ، وأكثر من حمد الله . .".
ومن مواساته للناس: تعازيه للمنكوبين والمفجوعين ، فقد بعث رسالة إلى رجل قد فجع بفقد ولده ، وقد جاء فيها بعد البسملة :
" ذكرت مصيبتك بعليّ ابنك ، وذكرت أنّه كان أحبّ ولدك إليك ، وكذلك الله عزّوجلّ إنّما يأخذ من الولد وغيره أزكى ما عند أهله ، ليعظم به أجر المصاب بالمصيبة ، فأعظم الله أجرك ، وأحسن عزاك ، وربط على قلبك ، إنّه قدير ، وعجّل الله عليك بالخلف ، وأرجو أن يكون الله قد فعل إن شاء الله ..." .
وأعربت هذه الرسالة الرقيقة عن مدى تعاطف الإمام مع الناس ، ومواساته لهم في البأساء والضرّاء .
ومن مواساته للناس: أنّ رجلاً من شيعته كتب إليه يشكو ما ألمَّ به من الحزن والأسى لفقد ولده ، فأجابه الإمام (عليه السلام) برسالة تعزية جاء فيها :
" أما علمت أنّ الله عزّوجلّ يختار من مال المؤمن ، ومن ولده أنفسَه ليؤجره على ذلك..".
لقد شارك الناس في البأساء والضرّاء ، وواساهم في مصائبهم ومحنهم، ومدَّ يد المعونة إلى فقرائهم وضعفائهم ، وبهذا البرّ والإحسان احتلّ القلوب وملك العواطف وأخلص له الناس واحبّوه كأعظم ما يكون الإخلاص والحبّ .
لقد كان الإمام الجواد (عليه السلام) يمثل أروع صور الفضيلة والكمال في الأرض، فلم ير الناس في عصره من يضارعه في علمه وتقواه وورعه، وشدّة تحرّجه في الدين ، فقد كان نسخة لا ثاني لها في فضائله ومآثره التي هي السرّ في إمامته .
لقد أعجبت الأوساط الإسلامية بالإمام الجواد(عليه السلام) لما عرفوا مواهبه، وملكاته العلمية التي لا تحدّ ، وهي ممّا زادت الشيعة إيماناً ويقيناً بصحّة ما تذهب إليه وتعتقد به من أنّ الإمام لا بدّ أن يكون أعلم أهل زمانه وأفضلهم واتقاهم .
النصوص على امامته عليه السلام
1 - عن جعفر ابن محمد النوفلي قال: أتيت الرضا وهو بقنطرة إبريق فسلمت عليه، ثم جلست وقلت: جعلت فداك إن أناسا يزعمون أن أباك حي فقال: كذبوا لعنهم الله لو كان حيا ما قسم ميراثه، ولا نكح نساؤه، ولكنه والله ذاق الموت كما ذاقه علي بن أبي طالب، قال: فقلت له: ما تأمرني ؟ قال: عليك بابني محمد من بعدي، وأما أنا فاني ذاهب في وجه لا أرجع . الخبر .
2 - عن محمد بن أبي عباد و كان يكتب للرضا ضمه إليه الفضل بن سهل، قال: ما كان يذكر محمدا ابنه إلا بكنيته يقول كتب إلي أبو جعفر، وكنت أكتب إلى أبي جعفر هو صبي بالمدينة، فيخاطبه بالتعظيم، وترد كتب أبي جعفر في نهاية البلاغة والحسن، فسمعته يقول: أبو جعفر وصيي وخليفتي في أهلي من بعدي .
3 عن ابن قياما قال: دخلت على أبي الحسن الرضا وقد ولد له أبو جعفر فقال: إن الله قد وهب لي من يرثني ويرث آل داود .
4 - عن ابن سنان، قال: دخلت على أبي الحسن موسى من قبل أن يقدم العراق بسنة وعلي ابنه جالس بين يديه، فنظر إلي وقال: يا محمد ستكون في هذه السنة حركة فلا تجزع لذلك قال: قلت: وما يكون جعلني الله فداك فقد أقلقتني ؟ قال: أصير إلى هذه الطاغية أما إنه لا يبدأني منه سوء، ومن الذي يكون بعده قال: قلت: وما يكون جعلني الله فداك ؟ قال: يضل الله الظالمين، ويفعل الله ما يشاء قال: قلت: وما ذلك جعلني الله فداك ؟ قال: من ظلم ابني هذا حقه وجحده إمامته من بعدي كان كمن ظلم علي بن أبي طالب إمامته وجحده حقه بعد رسول الله قال: قلت: والله لئن مد الله لي في العمر لأسلمن له حقه، ولأقرن بإمامته قال: صدقت يا محمد يمد الله في عمرك، وتسلم له حقة، وتقر له بإمامته وإمامة من يكون من بعده، قال: قلت: ومن ذاك ؟ قال: ابنه محمد، قال: قلت له: الرضا والتسليم .
5 - عن البزنطي قال: قال ابن النجاشي: من الامام بعد صاحبكم ؟ فدخلت على أبي الحسن الرضا فأخبرته فقال: الإمام بعدي ابني، ثم قال: هل يتجرى أحد أن يقول: ابني، وليس له ولد ؟ .
6 - عن ابن أسباط قال: خرج علي أبو جعفر فجعلت أنظر إليه وإلى رأسه ورجليه لأصف قامته بمصر، فلما جلس قال: يا علي إن الله احتج في الإمامة بمثل ما احتج في النبوة قال الله تعالى: وآتيناه الحكم صبيا، ولما بلغ أشده وبلغ أربعين سنة " فقد يجوز أن يعطى الحكم صبيا ويجوز أن يعطى وهو ابن أربعين سنة .
7 - قال ابن أسباط وعباد بن إسماعيل: إنا لعند الرضا بمنى إذ جيئ بأبي جعفر قلنا: هذا المولود المبارك ؟ قال: نعم، هذا المولود الذي لم يولد في الاسلام أعظم بركة منه .
8 - عن زكريا بن يحيى بن النعمان البصري قال: سمعت علي بن جعفر بن محمد يحدث الحسن بن الحسين بن علي بن الحسين فقال في حديثه: لقد نصر الله أبا الحسن الرضا لما بغى إليه إخوته وعمومته، وذكر حديثا حتى انتهى إلى قوله، فقمت وقبضت على يد أبي جعفر محمد بن علي الرضا وقلت: أشهد أنك إمامي عند الله، فبكى الرضا ثم قال: يا عم ألم تسمع أبي وهو يقول: قال رسول الله: بأبي ابن خيرة الإماء النوبية الطيبة يكون من ولده الطريد الشريد الموتور بأبيه وجده وصاحب الغيبة فيقال: مات أو هلك أو أي واد سلك ؟ فقلت: صدقت جعلت فداك .
9 - عن صفوان بن يحيى قال: قلت للرضا: قد كنا نسألك قبل أن يهب الله لك أبا جعفر فكنت تقول يهب الله لي غلاما فقد وهب الله لك، وأقر عيوننا فلا أرانا الله يومك فإن كان كون فإلى من ؟ فأشار بيده إلى أبي جعفر وهو قائم بين يديه فقلت له: جعلت فداك وهو ابن ثلاث سنين ؟ قال: وما يضره من ذلك ؟ قد قام عيسى بالحجة، وهو ابن أقل من ثلاث سنين .
10 - عن معمر بن خلاد قال: سمعت الرضا وذكر شيئا فقال: ما حاجتكم إلى ذلك ؟ هذا أبو جعفر قد أجلسته مجلسي، وصيرته مكاني، وقال: إنا أهل بيت يتوارث أصاغرنا أكابرنا القذة بالقذة .
11 - عن الحسين بن يسار قال: كتب ابن قياما الواسطي إلى أبي الحسن الرضا كتابة يقول فيه: كيف تكون إماما وليس لك ولد ؟ فأجابه أبو الحسن: وما علمك أنه لا يكون لي ولد ؟ والله لا يمضي الأيام والليالي حتى يرزقني ولدا ذكرا يفرق [ به ] بين الحق والباطل .
12 - عن البزنطي قال: قال لي ابن النجاشي: من الامام بعد صاحبك ؟ فأحب أن تسأله حتى أعلم، فدخلت على الرضا فأخبرته، قال: فقال لي: الامام ابني، ثم قال: هل يجترئ أحد أن يقول ابني وليس له ولد ؟ ولم يكن ولد أبو جعفر فلم تمض الأيام حتى ولد .
13 - عن ابن قياما الواسطي، وكان واقفيا قال دخلت على علي بن موسى فقلت له: أيكون إمامان ؟ قال: لا إلا أن يكون أحدهما صامتا فقلت له: هو ذا أنت ليس لك صامت ! فقال: بلى، والله ليجعلن الله لي من يثبت به الحق وأهله، ويمحق به الباطل وأهله، ولم يكن في الوقت له ولد، فولد له أبو جعفر بعد سنة .
14 - عن الحسن بن الجهم قال: كنت مع أبي الحسن جالسا فدعا ابنه وهو صغير فأجلسه في حجري، وقال لي: جرده وانزع قميصه، فنزعته فقال لي: انظر بين كتفيه قال: فنظرت فإذا في أحد كتفيه شبه الخاتم داخل اللحم ثم قال لي: أترى هذا ؟ مثله في هذا الموضع كان من أبي .
15 - عن أبي يحيى الصنعاني قال: كنت عند أبي الحسن فجيئ بابنه أبي جعفر وهو صغير فقال: هذا المولود الذي لم يولد مولود أعظم على شيعتنا بركة منه .
16 - عن الخيراني عن أبيه قال: كنت واقفا عند أبي الحسن الرضا بخراسان، فقال قائل: يا سيدي إن كان كون فإلى من ؟ قال: إلى أبي جعفر ابني، وكان القائل استصغر سن أبي جعفر فقال أبو الحسن: إن الله سبحانه بعث عيسى رسولا نبيا صاحب شريعة مبتدأة في أصغر من السن الذي فيه أبو جعفر .
17 - عن يحيى بن حبيب الزيات قال: أخبرني من كان عند أبي الحسن الرضا فلما نهض القوم قال لهم أبو الحسن الرضا: ألقوا أبا جعفر فسلموا عليه وأحدثوا به عهدا. فلما نهض القوم التفت إلي وقال: يرحم الله المفضل إنه لكان ليقنع بدون ذلك .
18 - عن عبد الله بن إبراهيم بن علي بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، عن يزيد بن سليط قال: لقيت أبا إبراهيم ونحن نريد العمرة في بعض الطريق، فقلت: جعلت فداك هل تثبت هذا الموضع الذي نحن فيه ؟ قال: نعم، فهل تثبته أنت ؟ قلت: نعم إني أنا وأبي لقيناك ههنا مع أبي عبد الله ومعه إخوتك فقال له أبي: بأبي أنت وأمي أنتم كلكم أئمة مطهرون، الموت لا يعرى منه أحد، فأحدث إلي شيئا أحدث به من يخلفني من بعدي، فلا يضلوا، فقال: نعم، يا أبا عمارة هؤلاء ولدي وهذا سيدهم - وأشار إليك - وقد علم الحكم والفهم، وله السخاء والمعرفة بما يحتاج إليه الناس، وما اختلفوا فيه من أمر دينهم ودنياهم، وفيه حسن الخلق وحسن الجوار وهو باب من أبواب الله عز وجل وفيه آخر خير من هذا كله .فقال له أبي: وما هي ؟ فقال: يخرج الله منه غوث هذه الامة وغياثها وعلمها ونورها خير مولود وخير ناشئ يحقن الله به الدماء ويصلح به ذات البين ويلم به الشعث به الصدع، ويكسو به العاري، ويشبع به الجائع، ويؤمن به الخائف، وينزل الله به القطر، ويرحم به العباد، خير كهل وخير ناشئ، قوله حكم وصمته علم، يبين للناس ما يختلفون فيه، ويسود عشيرته من قبل أوان حلمه فقال له أبي: بأبي أنت وأمي ما يكون له ولد بعده ؟ فقال: نعم، ثم قطع الكلام .قال يزيد: فقلت له: بأبي أنت وأمي فأخبرني أنت بمثل ما أخبرنا به أبوك فقال لي: نعم إن أبي كان في زمان ليس هذا الزمان مثله، فقلت له: من يرضى بهذا منك فعليه لعنة الله، قال: فضحك أبو إبراهيم ثم قال: أخبرك يا أبا عمارة أني خرجت من منزلي فأوصيت إلى ابني فلان، وأشركت معه بني في الظاهر، وأوصيته، في الباطن وأفردته وحده، ولو كان الامر إلي لجعلته في القاسم لحبي إياه، ورقتي عليه ولكن ذاك إلى الله يجعله حيث يشاء، ولقد جاء ني بخبره رسول الله ثم أرانيه وأراني من يكون بعده، وكذلك نحن لا نوصي إلى أحد منا حتى يخبره رسول الله وجدي علي بن أبي طالب, ورأيت مع رسول الله خاتما وسيفا وعصا وكتابا وعمامة فقلت: ما هذا يا رسول الله ؟ فقال لي: أما العمامة فسلطان الله، وأما السيف فعز الله، وأما الكتاب فنور الله، وأما العصا فقوة الله، وأما الخاتم فجامع هذه الأمور، ثم قال والامر قد خرج منك إلى غيرك، فقلت: يا رسول الله أرنيه أيهم هو ؟ فقال رسول الله: ما رأيت من الأئمة أحدا أجزع على فراق هذا الامر منك، ولو كانت بالمحبة لكان إسماعيل أحب إلى أبيك منك، ولكن ذاك إلى الله عز وجل. ثم قال أبو إبراهيم: ورأيت ولدي جميعا الاحياء منهم والأموات فقال لي أمير المؤمنين: هذا سيدهم، أشار إلى ابني علي فهو مني وأنا منه والله مع المحسنين .قال يزيد: ثم قال أبو إبراهيم: يا يزيد إنها وديعة عندك، فلا تخبر بها إلا عاقلا أو عبدا تعرفه صادقا وإن سئلت عن الشهادة فاشهد بها، وهو قول الله عز وجل لنا " إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها " وقال لنا: " ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله " .قال: وقال أبو إبراهيم: فأقبلت على رسول الله فقلت: قد اجتمعوا إلي بأبي أنت وأمي فأيهم هو ؟ فقال: هو الذي ينظر بنور الله، ويسمع بتفهيمه وينطق بحكمته، ويصيب فلا يخطئ، ويعلم فلا يجهل، هو هذا وأخذ بيد علي ابني ثم قال: ما أقل مقامك معه، فإذا رجعت من سفرتك فأوص وأصلح أمرك وافرغ مما أردت، فإنك منتقل عنه، ومجاور غيرهم، وإذا أردت فادع عليا فمره فليغسلك وليكفنك، وليتطهر لك ولا يصلح إلا ذلك وذلك سنة قد مضت ثم قال أبو إبراهيم: إني أؤخذ في هذه السنة، والامر إلى ابني علي سمي علي وعلي فأما علي الأول فعلي بن أبي طالب، واما علي الآخر فعلي بن الحسين، أعطي فهم الأول وحكمته وبصره ووده ودينه، ومحنة الاخر وصبره على ما يكره وليس له أن يتكلم إلا بعد موت هارون بأربع سنين، ثم قال: يا يزيد فإذا مررت بهذا الموضع، ولقيته وستلقاه فبشره أنه سيولد له غلام أمين مأمون مبارك، وسيعلمك أنك لقيتني فأخبره عند ذلك أن الجارية التي يكون منها هذا الغلام جارية من أهل بيت مارية القبطية جارية رسول الله وإن قدرت أن تبلغها مني السلام فافعل ذلك .
قال يزيد: فلقيت بعد مضي أبي إبراهيم عليا فبدأني فقال لي: يا يزيد ما تقول في في العمرة ؟ فقلت فداك أبي وأمي ذاك إليك، وما عندي نفقة، فقال: سبحان الله ما كنا نكلفك ولا نكفيك، فخرجنا حتى إذا انتهينا إلى ذلك الموضع ابتدأني فقال: يا يزيد إن هذا الموضع لكثيرا ما لقيت فيه خيرا لك من عمرتك فقلت: نعم ثم قصصت عليه الخبر .
فقال لي: أما الجارية فلم تجيئ بعد، فإذا دخلت أبلغتها منك السلام، فانطلقنا إلى مكة، واشتراها في تلك السنة، فلم تلبث إلا قليلا حتى حملت فولدت ذلك الغلام، قال يزيد: وكان إخوة علي يرجون أن يرثوه فعادوني من غير ذنب فقال لهم إسحاق بن جعفر: والله لقد رأيت وإنه ليقعد من أبي إبراهيم المجلس الذي لا أجلس فيه أنا .
19 - عن مسافر قال: أمرني أبو الحسن بخراسان فقال: الحق بأبي جعفر فإنه صاحبك .
20 - عن الحسين بن يسار قال: استأذنت أنا والحسين بن قياما على الرضا في صريا فأذن لنا، فقال: أفرغوا من حاجتكم فقال له الحسين: تخلو الأرض من أن يكون فيها إمام ؟ فقال: لا قال: فيكون فيها اثنان ؟ قال: لا إلا وأحدهما صامت لا يتكلم قال: فقد علمت أنك لست بامام، قال: ومن أين علمت ؟ قال: إنه ليس لك ولد وإنما هي في العقب قال: فقال له: فوالله لا تمضي الأيام والليالي حتى يولد لي ذكر من صلبي، يقوم مثل مقامي، يحق الحق ويمحق الباطل .
21 - عن إبراهيم بن أبي محمود قال: كنت واقفا عند رأس أبي الحسن علي بن موسى بطوس قال له بعض من كان عنده: إن حدث حدث فإلى من ؟ قال: إلى ابني محمد وكأن السائل استصغر سن أبي جعفر فقال له أبو الحسن علي بن موسى إن الله بعث عيسى بن مريم نبيا [ ثابتا ] بإقامة شريعته في دون السن الذي أقيم فيه أبو جعفر ثابتا على شريعته .
22 - عن ابن بزيع، عن أبي الحسن الرضا أنه سئل أو قيل له أتكون الإمامة في عم أو خال ؟ فقال: لا فقال: في أخ ؟ قال: لا، قال: ففي من ؟ قال: في ولدي وهو يومئذ لا ولد له .
23 - عن عقبة بن جعفر قال: قلت لأبي الحسن الرضا: قد بلغت ما بلغت وليس لك ولد، فقال: يا عقبة إن صاحب هذا الامر لا يموت حتى يرى خلفه من بعده .
24 - عن عبد الله بن جعفر قال: دخلت على الرضا أنا وصفوان بن يحيى وأبو جعفر قائم قد أتى له ثلاث سنين، فقلنا له: جعلنا الله فداك إن - وأعوذ بالله - حدث حدث فمن يكون بعدك ؟ قال: ابني هذا وأومأ إليه، قال: فقلنا له: وهو في هذا السن ؟ قال: نعم، وهو في هذا السن إن الله تبارك وتعالى احتج بعيسى وهو ابن سنتين .
25 - عن يحيى الصنعاني قال: دخلت على أبي الحسن الرضا وهو بمكة وهو يقشر موزا ويطعم أبا جعفر فقلت له: جعلت فداك هو المولود المبارك ؟ قال: نعم، يا يحيى هذا المولود الذي لم يولد في الاسلام مثله مولود أعظم بركة على شيعتنا منه .
26 - عن معمر بن خلاد قال: سمعت إسماعيل بن إبراهيم يقول للرضا: إن ابني في لسانه ثقل فأنا أبعث به إليك غدا تمسح على رأسه وتدعو له فإنه مولاك، فقال: هو مولى أبي جعفر، فابعث به غدا إليه .
27 - عن محمد بن الحسن بن عمار قال: كنت عند علي بن جعفر بن محمد جالسا بالمدينة، وكنت أقمت عنده سنتين أكتب عنه ما سمع من أخيه يعني أبا الحسن إذ دخل عليه أبو جعفر محمد بن علي الرضا المسجد مسجد رسول الله فوثب علي ابن جعفر بلا حذاء ولا رداء فقبل يده وعظمه، فقال له أبو جعفر: يا عم اجلس رحمك الله ؟ فقال: يا سيدي كيف أجلس وأنت قائم .فلما رجع علي بن جعفر إلى مجلسه، جعل أصحابه يوبخونه، ويقولون: أنت عم أبيه وأنت تفعل به هذا الفعل ؟ فقال: اسكتوا ! إذا كان الله عز وجل - وقبض على لحيته - لم يؤهل هذه الشيبة وأهل هذا الفتى ووضعه حيث وضعه أنكر فضله ؟ نعوذ بالله مما تقولون بل أناله عبد .
الإمام الجواد عند استشهاد أبيه عليهم السلام
عن أبي الصلت الهروي أنه قال:
"بينا أنا واقف بين يدي أبي الحسن عليّ بن موسى الرضا (عليه السلام) إذ قال لي : ياأبا الصلت ، ادخل هذه القبّة الّتي فيها قبر هارون وآتني بتراب من أربعة جوانبها .
قال : فمضيت فأتيت به ، فلمّا مثلت بين يديه ، قال لي : ناولني [ من ] هذا التراب ، ـ وهو من عند الباب ـ فناولته فأخذه وشمّه ثم رمى به ، ثمّ قال : سيحفر لي [ قبر ] ههنا ، فتظهر صخرة لو جمع عليها كلّ معول بخراسان لم يتهيّأ قلعها ، ثمّ قال في الذي عند الرّجل والّذي عند الرأس مثل ذلك ، ثمّ قال : ناولني هذا التراب فهو من تربتي .
ثمّ قال : سيحفر لي في هذا الموضع ، فتأمرهم أن يحفروا لي سبع مراق إلى أسفل ، وأن تشقّ لي ضريحه ، فإن أبوا إلاّ أن يلحدوا ، فتأمرهم أن يجعلوا اللّحد ذراعين وشبراً فإنّ الله تعالى سيوسّعه ما يشاء ، وإذا فعلوا ذلك فإنّك ترى عند رأسي نداوةً ، فتكلّم بالكلام الّذي أعلّمك ، فإنّه ينبع الماء حتّى يمتلئ اللّحد وترى فيه حيتاناً صغاراً ، فتفتّت لها الخبز الذي أعطيك فإنّها تلتقطه ، فإذا لم يبق منه شيء خرجت منه حوتة كبيرة فالتقطت الحيتان الصغار حتّى لا يبقى منها شيء ، ثمّ تغيب ، فإذا غابت فضع يدك على الماء ، ثمّ تكلّم بالكلام الّذي اُعلّمك ، فإنّه ينضب الماء ولا يبقى منه شيء ، ولا تفعل ذلك إلاّ بحضرة المأمون .
ثمّ قال (عليه السلام) : ياأبا الصلت غداً أدخل على هذا الفاجر ، فإن خرجت [ وأنا ] مكشوف الرأس ، فتكلّم أكلّمك ، وإن خرجت وأنا مغطّى الرأس فلا تكلّمني .
قال أبو الصلت : فلمّا أصبحنا من الغد لبس ثيابه ، وجلس في محرابه ينتظر ، فبينا هو كذلك ، إذ دخل عليه غلام المأمون ، فقال له : أجب أمير المؤمنين ، فلبس نعله ورداءه ، وقام يمشي وأنا أتبعه ، حتّى دخل على المأمون ، وبين يديه طبق عليه عنب ، وأطباق فاكهة ، وبيده عنقود عنب قد أكل بعضه ، وبقي بعضه .
فلمّا أبصر بالرضا (عليه السلام) وثب إليه فعانقه وقبّل ما بين عينيه وأجلسه معه ثمّ ناوله العنقود ، وقال : ياابن رسول الله ما رأيت عنباً أحسن من هذا !
قال له الرضا (عليه السلام) : ربّما كان عنباً حسناً يكون من الجنّة . فقال له : كل منه فقال له الرضا (عليه السلام) : تعفيني منه . فقال : لا بدّ من ذلك ، وما يمنعك منه لعلّك تتّهمنا بشيء . فتناول العنقود فأكل منه ، ثمّ ناوله فأكل منه الرضا (عليه السلام) ثلاث حبّات ، ثمّ رمى به وقام .
فقال المأمون : إلى أين ؟ قال : إلى حيث وجّهتني ، وخرج (عليه السلام) مغطّى الرأس فلم أكلّمه حتّى دخل الدار ، فأمر أن يغلق الباب ، فغلق ثمّ نام (عليه السلام) على فراشه ، ومكثت واقفاً في صحن الدار مهموماً محزوناً .
فبينا أنا كذلك ، إذ دخل عليّ شاب حسن الوجه ، قطط الشعر ، أشبه الناس بالرضا (عليه السلام) ، فبادرت إليه وقلت له : من أين دخلت والباب مغلق ؟ فقال : الّذي جاء بي من المدينة في هذاالوقت : هو الذي أدخلني الدار والباب مغلق. فقلت له :
ومن أنت ؟
فقال لي : أنا حجّة الله عليك ياأبا الصلت ، أنا محمّد بن عليّ .
ثمّ مضى نحو أبيه (عليه السلام) فدخل وأمرني بالدخول معه ، فلمّا نظر إليه الرضا (عليه السلام) وثب إليه ، فعانقه وضمّه إلى صدره وقبّل ما بين عينيه، ثمّ سحبه سحباً إلى فراشه ، وأكبّ عليه محمّد بن عليّ (عليه السلام) يقبّله ويسارّه بشيء لم أفهمه .
ومضى الرضا (عليه السلام) ، فقال أبو جعفر (عليه السلام) : ياأبا الصلت قم فأتني بالمغتسل والماء من الخزانة . فقلت: ما في الخزانة مغتسل ولا ماء . فقال لي : إنته إلى ما آمرك به، فدخلت الخزانة ، فإذا فيها مغتسل وماء ، فأخرجته وشمّرت ثيابي لأغسّله معه ، فقال لي : تنحّ ياأبا الصلت فإنّ لي من يعينني غيرك . فغسّله .
ثمّ قال لي : ادخل الخزانة ، فأخرج إليّ السفط الذي فيه كفنه وحنوطه ، [ فدخلت ]فإذا أنا بسفط لم أره في تلك الخزانة قطّ ، فحملته إليه فكفّنه وصلّى عليه .
ثمّ قال لي : ائتني بالتابوت .
فقلت : أمضي إلى النجّار حتّى يصلح التابوت .
قال : قم فإنّ في الخزانة تابوتاً .
فدخلت الخزانة فوجدت تابوتاً لم أره قطّ فأتيته به ، فأخذ الرضا (عليه السلام) بعد ما صلّى عليه فوضعه في التابوت ، وصفّ قدميه ، وصلّى ركعتين لم يفرغ منهما حتّى علا التابوت ، فانشقّ السقف ، فخرج منه التابوت ومضى .
فقلت : ياابن رسول الله ، الساعة يجيئنا المأمون ويطالبنا بالرضا(عليه السلام) فما نصنع ؟
فقال لي : أسكت فإنّه سيعود ياأبا الصلت ، ما من نبيّ يموت بالمشرق ويموت وصيّه بالمغرب إلاّ جمع الله تعالى بين أرواحهما وأجسادهما .
فما أتمّ الحديث ، حتّى انشقّ السقف ونزل التابوت ، فقام (عليه السلام) فاستخرج الرضا (عليه السلام) من التابوت ، ووضعه على فراشه كأنه لم يغسّل ولم يكفّن .
ثمّ قال لي : ياأبا الصلت قم فافتح الباب للمأمون ، ففتحت الباب ، فإذا المأمون والغلمان بالباب ، فدخل باكياً حزيناً قد شقّ جيبه ، ولطم رأسه، وهو يقول :
ياسيّداه فجعت بك ياسيّدي ، ثمّ دخل وجلس عند رأسه وقال : خذوا في تجهيزه .
فأمر بحفر القبر ، فحفرت الموضع فظهر كلّ شيء على ما وصفه الرضا (عليه السلام) فقال له بعض جلسائه : ألست تزعم أنّه إمام ؟ قال : بلى . قال : لا يكون الإمام إلاّ مقدّم الناس .
فأمر أن يحفر له في القبلة، فقلت : أمرني أن أحفر له سبع مراق ، وأن أشقّ له ضريحه فقال : انتهوا إلى ما يأمر به أبو الصلت سوى الضريح ، ولكن يحفر له ويلحد .
فلمّا رأى ما ظهر من النداوة والحيتان وغير ذلك ، قال المأمون :
لم يزل الرضا (عليه السلام) يرينا عجائبه في حياته حتّى أراناها بعد وفاته أيضاً . فقال له وزير كان معه : أتدري ما أخبرك به الرضا ؟ قال : لا .
قال : إنّه أخبرك أنّ ملككم يابني العبّاس مع كثرتكم وطول حذركم مثل هذه الحيتان ، حتّى إذا افنيت آجالكم وانقطعت آثاركم وذهبت دولتكم ، سلّط الله تعالى عليكم رجلاً منّا فأفناكم عن آخركم قال له : صدقت .
ثمّ قال لي : ياأبا الصلت علّمني الكلام الّذي تكلّمت به . قلت : والله لقد نسيت الكلام من ساعتي . وقد كنت صدقت ، فأمر بحبسي ، ودفن الرضا (عليه السلام) ، فحبست سنة ، فضاق عليّ الحبس ، وسهرت الليل ، ودعوت الله تعالى بدعاء ذكرت فيه محمّداً وآله (عليهم السلام) ، وسألت الله تعالى بحقّهم أن يفرّج عنّي .
فلم أستتم الدعاء حتّى دخل عليّ أبو جعفر محمّد بن عليّ (عليه السلام) .
فقال ] لي [ : ياأبا الصلت ضاق صدرك ؟ فقلت : إي والله . قال : قم فاخرج .
ثمّ ضرب يده إلى القيود الّتي كانت [ عليّ ] ففكّها ، وأخذ بيدي وأخرجني من الدار ، والحرسة والغلمة يرونني ، فلم يستطيعوا أن يكلّموني ، وخرجت من باب الدار .
ثمّ قال لي : إمض في ودائع الله ، فإنّك لن تصل إليه ، ولا يصل إليك أبداً .
قال أبو الصلت : فلم ألتق مع المأمون إلى هذا الوقت".
جواب الإمام الجواد عليه السلام للمشككين بإمامته
الإمام الجواد(عليه السلام) نفسه قام بنشاط واسع لتبديد الشكوك التي اُثيرت بشكل أو بآخر بعد وفاة الإمام الرضا (عليه السلام) حول امامته وهو ما نفهمه من خلال بعض الروايات الواردة بهذا الشأن، ومنها ما يلي:
1ـ أورد السيد المرتضى (رضي الله عنه) في عيون المعجزات أنّه : لما قبض الرضا (عليه السلام) كان سن أبي جعفر (عليه السلام) نحو سبع سنين ، فاختلفت الكلمة بين الناس ببغداد وفي الأمصار ، واجتمع الريّان بن الصلت ، وصفوان بن يحيى ، ومحمد بن حكيم ، وعبد الرحمن بن الحجّاج ، ويونس بن عبد الرحمن ، وجماعة من وجوه الشيعة وثقاتهم في دار عبد الرحمن بن الحجاج في بركة زلول ، يبكون ويتوجّعون من المصيبة ، فقال لهم يونس بن عبد الرحمن : دعوا البكاء ! مَن لهذا الأمر والى من نقصد بالمسائل إلى أن يكبر هذا ؟ يعني أبا جعفر (عليه السلام) .
فقام اليه الريّان بن الصلت ، ووضع يده في حلقه ، ولم يزل يلطمه ، ويقول له : أنت تظهر الايمان لنا وتبطن الشك والشرك .
إن كان أمره من الله جل وعلا فلو أنه كان ابن يوم واحد لكان بمنزلة الشيخ العالم وفوقه ، وان لم يكن من عند الله فلو عمّر ألف سنة فهو واحد من الناس ، هذا ممّا ينبغي أن يفكّر فيه .فأقبلت العصابة عليه تعذله وتوبّخه .
وكان وقت الموسم ، فاجتمع فقهاء بغداد والأمصار وعلماؤهم ثمانون رجلاً ، فخرجوا إلى الحج ، وقصدوا المدينة ليشاهدوا أبا جعفر (عليه السلام) ، فلمّا وافوا أتوا دار جعفر الصادق (عليه السلام) لأنها كانت فارغة ، ودخلوها وجلسوا على بساط كبير، وخرج إليهم عبد الله بن موسى ، فجلس في صدر المجلس وقام مناد وقال : هذا ابن رسول الله فمن أراد السؤال فليسأله .
فسئل عن أشياء أجاب عنها بغير الواجب فورد على الشيعة ما حيّرهم وغمّهم .
واضطرب الفقهاء ، وقاموا وهمّوا بالانصراف ، وقالوا في أنفسهم : لو كان أبو جعفر (عليه السلام) يكمل لجواب المسائل لما كان من عبدا لله ما كان ، من الجواب بغير الواجب .
ففُتح عليهم باب من صدر المجلس ودخل موفّق وقال : هذا أبو جعفر ، فقاموا إليه بأجمعهم واستقبلوه وسلّموا عليه فدخل صلوات الله عليه ، وعليه قميصان وعمامة بذؤابتين وفي رجليه نعلان وجلس وأمسك الناس كلهم ، فقام صاحب المسألة ، فسأله عن مسائله ، فأجاب عنها بالحق ، ففرحوا ودعوا له وأثنوا عليه وقالوا له : إن عمّك عبد الله أفتى بكيت وكيت ، فقال : " لا اله الاّ الله ياعمّ إنّه عظيم عند الله أن تقف غداً بين يديه فيقول لك : لِمَ تفتي عبادي بما لم تعلم، وفي الاُمة من هو أعلم منك ؟ ! " .
2 ـ وروي أنّه جيئ بأبي جعفر (عليه السلام) إلى مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد موت أبيه ، وهو طفل ، وجاء إلى المنبر ورقا منه درجة ثم نطق ، فقال : " أنا محمد ابن علي الرضا ، أنا الجواد ، أنا العالم بأنساب الناس في الأصلاب ، أنا أعلم بسرائركم وظواهركم وما أنتم صائرون إليه ، علم منحنا به قبل خلق الخلق أجمعين ، وبعد فناء السماوات والأرضين ، ولولا تظاهر أهل الباطل ، ودولة اهل الضلال ووثوب أهل الشك ، لقلت قولاً تعجّب منه الأوّلون والآخرون . . ".
3 ـ وقال اسماعيل بن بزيع: سألته ـ يعني أبا جعفر الثاني (عليه السلام) ـ عن شيء من أمر الإمام ، فقلت : يكون الإمام ابن أقلّ من سبع سنين ؟ فقال : "نعم وأقل من خمس سنين ".
4 ـ قال علي بن أسباط : " رأيت أبا جعفر (عليه السلام) وقد خرج عليّ فأخذت أنظر إليه وجعلت انظر الى رأسه ورجليه ، لأصف قامته لأصحابنا بمصر فبينا أنا كذلك حتى قعد ، فقال(عليه السلام) : ياعليّ ! ان الله احتج في الإمامة بمثل ما احتج في النبوة ، فقال : ( وآتيناه الحكم صبياً ) ( ولمّا بلغ اشده ) ( وبلغ اربعين سنة )، فقد يجوز ان يؤتى الحكمة وهو صبي ويجوز ان يؤتاها وهو ابن اربعين سنة".
مناقبه ومكارم أخلاقه عليه السلام
1ـ تكلّمه في المهد
ذكر المؤرخون أن الإمام الجواد (عليه السلام) تشهّد الشهادتين لمّا وُلد ، وانه حمد الله تعالى وصلّى على الرسول الاكرم (صلى الله عليه وآله) والأئمة الراشدين في يومه الثالث .
فعن حكيمة ابنة موسى بن جعفر الكاظم(عليهما السلام) قالت : "لمّا حملت اُم أبي جعفر الجواد (عليه السلام) به كتبتُ اليه ]يعني: الى الإمام الرضا(عليه السلام) [ : "جاريتك سبيكة قد علقت. فكتب اليّ : انّها علقت ساعة كذا ، من يوم كذا ، من شهر كذا ، فإذا هي ولدت فالزميها سبعة أيام .
قالت : فلمّا ولدته ، وسقط الى الأرض ، قال : اشهد ان لا إله إلاّ الله ، وان محمداً رسول الله .
فلمّا كان اليوم الثالث ، عطس ، فقال : الحمد لله ، وصلّى الله على محمد وعلى الأئمة الراشدين".
و أيضاً قالت : "لمّا حضرت ولادة الخيزران اُم أبي جعفر (عليه السلام) دعاني الرضا (عليه السلام) ، فقال : يا حكيمة احضري ولادتها ، وادخلي وإياها والقابلة بيتاً .
ووضع لنا مصباحاً ، وأغلق الباب علينا ، فلمّا أخذها الطلق طفئ المصباح ، وبين يديها طست ، فاغتممت بطفئ المصباح.
فبينا نحن كذلك ، إذ بدر أبو جعفر (عليه السلام) في الطست ، واذا عليه شيء رقيق كهيئة الثوب يسطع نوره حتى أضاء البيت ، فأبصرناه ، فأخذته فوضعته في حجري ، ونزعت عنه ذلك الغشاء ، فجاء الرضا (عليه السلام) وفتح الباب ، وقد فرغنا من أمره ، فأخذه ووضعه في المهد ، وقال لي : يا حكيمة الزمي مهده.
قالت : فلمّا كان في اليوم الثالث رفع بصره الى السماء ثم نظر يمينه ويساره ، ثم قال : أشهد ان لا إله إلاّ الله ، واشهد ان محمداً رسول الله، فقمت ذعرة فزعة، فأتيت أبا الحسن (عليه السلام) فقلت له : لقد سمعت من هذا الصبي عجباً . فقال : وما ذاك ؟ فأخبرته الخبر ، فقال : يا حكيمة ، ما ترون من عجائبه اكثر".
ب ـ إتيانه الحكمَ صبياً
أصبح الإمام الجواد (عليه السلام) خليفة الله تعالى في خلقه وإماماً لهم وهو لم يزل حديث السن، وذلك ما اقتضته مشيئة الله ـ جلّ جلاله ـ مثلما اقتضت ذلك مع عيسى وسليمان (عليهما السلام) . وقد أثارت حداثة سنة(عليه السلام) استغراب بعض الناس وتشكيكهم، الأمر الذي دعا الإمام الجواد (عليه السلام) الى توضيح الامر لهم ، وهو ما نجده في الروايات الآتية :
1 ـ قال الراوي : قلت له ( لأبي جعفر الثاني (عليه السلام) ): انهم يقولون في حداثة سنك ، فقال : "ان الله تعالى أوحى الى داود أن يستخلف سليمان وهو صبي يرعى الغنم، فأنكر ذلك عبّاد بني اسرائيل وعلماؤهم ، فأوحى الله الى داود(عليه السلام) أن خذ عصي المتكلمين وعصا سليمان واجعلها في بيت واختم عليها بخواتيم القوم فاذا كان من الغد ، فمن كانت عصاه قد أورقت وأثمرت فهو الخليفة ، فأخبرهم داود (عليه السلام) فقالوا : قد رضينا وسلَّمنا".
2 ـ قال الراوي : رأيت أبا جعفر (عليه السلام) وقد خرج عليّ فأخذت أنظر اليه وجعلت انظر الى رأسه ورجليه ، لأصف قامته لأصحابنا بمصر، فبينا أنا كذلك حتى قعد ، فقال : "يا عليّ ! ان الله احتج في الإمامة بمثل ما احتج به في النبوة ، فقال: ( وآتيناه الحكم صبياً ) ( ولمّا بلغ اشده ) ( وبلغ اربعين سنة ) فقد يجوز أن يؤتى الحكمة وهو صبي ويجوز أن يؤتاها وهو ابن الأربعين سنة".
3 ـ قال الراوي لأبي جعفر (عليه السلام) : يا سيدي ان الناس ينكرون عليك حداثة سنك ، فقال : "وما ينكرون من ذلك قول الله عزوجل ، لقد قال الله عزّوجلّ لنبيه (صلى الله عليه وآله): (قل هذه سبيلي ادعوا الى الله على بصيرة انا ومن اتبعني ) فو الله ما تبعه إلاّ علي(عليه السلام) وله تسع سنين وانا ابن تسع سنين".
أصحابه ورواة حديثه عليه السلام
1 - إبراهيم بن داود.
2 - إبراهيم بن محمد الهمداني.
3 - إبراهيم بن مهزيار أبو إسحاق الأهوازي.
4 - إبراهيم بن مهرويه من أهل جسر بابل.
5 - أحمد بن حمّاد المروزي.
6 - أحمد بن إسحاق الأشعري القمّي.
7 - أحمد بن عبد الله ابن عيسى القمي الأشعري.
8 - أحمد بن عبد الله الكوفي، الكرخي.
9 - أحمد بن محمد ابن أبي نصر البزنطي، كوفي.
10 - أحمد بن محمد ابن عبيدة القمّي الأشعري.
11 - أحمد بن محمد ابن خالد البرقي.
12 - أحمد بن محمد ابن بندار الأقرع مولى الربيع.
13 - أحمد بن محمد ابن عبيد الله الأشعري القمّي.
14 - أحمد بن محمد ابن عيسى الأشعري القمي.
15 - أحمد بن معافى.
16 - إدريس القمي يكنى أبا القاسم.
17 - إسحاق الأنباري.
18 - إسحاق بن إبراهيم ابن هاشم القمّي.
19 - إسحاق بن محمد ابن إبراهيم الحضيني.
20 - أميّة بن علي القبسي، الشامي.
21 - جعفر بن داود اليعقوبي.
22 - جعفر بن محمد ابن يونس الأحول، الصيرفي، مولى بجيلة.
23 - جعفر بن محمد الهاشمي.
24 - جعفر بن يحيى ابن سعد الأحول.
25 - جعفر الجوهري.
26 - الحسن بن راشد يكنى أبا علي، مولى لآل المهلّب، بغدادي.
27 - الحسن بن سعيد الأهوازي.
28 - الحسن بن العباس ابن الحَرِيش، الرازي، أبو علي.
29 - الحسن بن عباس ابن خراش.
30 - الحسن بن علي ابن أبي عثمان الملقّب سجادة، أبو محمد، كوفي.
31 - الحسن بن يسار.
32 - الحسين بن أسد.
33 - الحسين بن سعيد ابن حمّاد الأهوازي.
34 - الحسين بن سهل ابن نوح.
35 - الحسين بن داود اليعقوبي.
36 - الحسين بن علي القمّي.
37 - الحسين بن محمد القمي.
38 - الحسين بن مسلم.
39 - الحسين بن الإمام موسى ابن جعفر (عليه السلام).
40 - الحسين بن يسار.
41 - حفص الجوهري.
42 - حمزة بن يعلى الأشعري، أبو يعلى، القمّي.
43 - خلف البصري.
44 - خيران الخادم القراطيسي.
45 - داود بن القاسم ابن إسحاق، بن عبد الله بن جعـــفر بن أبــي طالب، أبو هاشم الجعفري.
46 - داود بن مافنّة الصرّمي، مولى بني قرّة، ثمّ بني صرمة، كوفي، يكنّى أبا سليمان.
47 - داود بن علي الخزاعي.
48 - داود بن مهزيار, هو أخو عليّ بن مهزيار.
49 - زكريا بن آدم ابن عبد الله بن سعد الأشعري، القمّي.
50 - سعد بن سعد ابن الأحوص الأشعري، القمّي.
51 - سهل بن زياد الرازي.
52 - شاذان بن الخليل النيشابوري.
53 - صالح بن أبي حمّاد يكنّى أبا الخير الرازي.
54 - صالح بن محمد ابن سهل.
55 - صالح بن محمد الهمداني.
56 - صفوان بن يحيى البجلي، بيّاع السابري.
57 - العباس بن عمر الهمداني.
58 - عبد الجبار بن مبارك النهاوندي.
59 - عبد الرحمن بن أبي نجران.
60 - عبد الله بن الصلت مولى بن تميم بن ثعلبة، يكنّى أبا طالب.
61 - عبد الله بن محمد الرازي.
62 - عبد الله بن محمد ابن حصين، الخضيني، الأهوازي.
63 - عبد الله بن محمد ابن سهل، بن داود.
64 - علي بن أسباط بن سالم بيّاع الزُطِّي.
65 - عليّ بن بِلال بغدادي.
66 - عليّ بن حديد بن حكيم، المدائني، الأزدي الساباطي.
67 - عليّ بن حسان الواسطي، أبو الحسن القصير، المعروف بالمنُمِسّ.
68 - عليّ بن الحسين ابن عليّ، بن عـــمر بن الحسين بن أبـــي طالب (عليه السلام) والـــد الناصر الحسنين بن عليّ.
69 - عليّ بن الحكم.
70 - عليّ بن خالد.
71 - علي بن عبد الله القمي.
72 - علي بن عبد الله المدائني.
73 - عليّ بن عبد الملك.
74 - عليّ بن محمد بن سليمان النوفلي.
75 - علي بن محمد بن هارون بن الحسن بن محبوب.
76 - علي بن محمد العلوي، الحسني.
77 - علي بن محمد القلانسي.
78 - علي بن مهزيار.
79 - علي بن ميسّر.
80 - عليّ بن نصر.
81 - عليّ بن يحيى يكنى أبا الحسين.
82 - القاسم بن الحسين البزنطي صاحب أيّوب بن نوح.
83 - محمد بن إبراهيم الحضيني، الأهوازي.
84 - محمد بن أبي زيد الرازي.
85 - محمد بن أبي الصهبان.
86 - محمد بن أبي قريش.
87 - محمد بن أبي نصر.
88 - محمد بن أحمد ابن حماد، المحمودي يكنّى أبا عليّ.
89 - محمد بن إسماعيل بن بزيع.
90 - محمد بن إسماعيل الرازي.
91 - محمد بن الحسن ابن أبي خالد الأشعري.
92 - محمد بن الحسن بن عمّار.
93 - محمد بن الحسن بن محبوب.
94 - محمد بن الحسن الواسطي.
95 - محمد بن الحسن بن شَمُّون البصري.
96 - محمد بن الحسين الأشعري.
97 - محمد بن الحسين ابن أبي الخطّاب، أبو جعفر الزيات الهمداني.
98 - محمد بن حمزة العلوي.
99 - محمد بن خالد أبو عبد الله البرقي.
100 - محمد بن سالم بن عبد الحميد.
101 - محمد بن سنان أبو جعفر الزهري الخزاعي.
102 - محمد بن عبد الجبار أبي الصهبان، القمّي.
103 - محمد بن عبد الله المدائني.
104 - محمد بن عبد الله ابن مهران، أبو جعفر الكرخي.
105 - محمد بن عبدة يُكنّى أبا بشير.
106 - محمد بن الفرج الرخجي
107 - محمد بن نصر الناب.
108 - محمد بن نصير.
109 - محمد بن نوح.
110 - محمد بن الوليد الخزاز، الكرماني.
111 - محمد بن يونس بن عبد الرحمن.
112 - المختار بن زياد العبدي، البصري.
113 - مروك بن عبيد ابن أبي حفصة.
114 - مصدق بن صدقة المدايني.
115 - معاوية بن حكيم بن عمّار الدهني.
116 - منذر بن قابوس.
117 - منصور بن العباس أبو الحسين الرازي.
118 - موسى بن داود اليعقوبي.
119 - موسى بن داود المنقري.
120 - موسى بن عبد الله بن عبد الملك بن هشام.
121 موسى بن عمر ابن بَزيْع، مولى المنصور.
122 - موسى بن القاسم بن معاوية، بن وهب البجلي.
123 - نوح بن شعيب البغدادي.
124 - هارون بن الحسن.
125 - يزداد.
126 - أبو جعفر البصري.
127 - أبو الحصين.
128 - أبو خداش المهري، البصري.
129 - أبو سارة.
130 - أبو سكينة كوفي.
النساء
131 - زينب بنت محمد بن يحيى.
132 - زهراء أمّ أحمد.
تزويج المأمون ابنته من الإمام الجواد عليه السلام
قال المؤرخون : "لمّا أراد المأمون ان يزوج ابنته ام الفضل أبا جعفر محمد بن علي (عليه السلام) بلغ ذلك العباسيين فغلظ عليهم ، واستنكروه وخافوا ان ينتهي الأمر معه الى ما انتهى مع الرّضا (عليه السلام) فخاضوا في ذلك واجتمع منهم أهل بيته الادنون منه . فقالوا : ننشدك الله ياأمير المؤمنين ان تقيم على هذا الأمر الذي عزمت عليه من تزويج ابن الرضا فإنّا نخاف ان يخرج به عنا أمر قد ملّكناه الله عزوجل ، وينزع منّا عزّاً قد ألبسناه الله ، وقد عرفت ما بيننا وبين هؤلاء القوم قديماً وحديثاً ، وما كان عليه الخلفاء الراشدون قبلك ، من تبعيدهم والتصغير بهم ، وقد كنّا في وهلة من عملك مع الرضا (عليه السلام) ما عملت فكفانا الله المهم من ذلك . فالله الله ان تردّنا الى غمّ قد انحسر عنّا ، واصرف رأيك عن ابن الرضا واعدل الى مَن تراه من اهل بيتك يصلح لذلك دون غيره.
فقال لهم المأمون : أما ما بينكم وبين آل أبي طالب فأنتم السبب فيه ، ولو انصفتم القوم لكانوا اولى بكم ، واما ما كان يفعله من قبلي بهم ، فقد كان قاطعاً للرّحم ، واعوذ بالله من ذلك ، والله ما ندمت على ما كان منّي من استخلاف الرضا (عليه السلام) ولقد سألته ان يقوم بالأمر وأنزعه من نفسي فأبى ، وكان أمر الله قدراً مقدوراً .
واما أبو جعفر محمد بن علي فقد اخترته لتبريزه على كافة أهل الفضل في العلم والفضل ، مع صغر سنه ، والاعجوبة فيه بذلك ، وانا أرجو ان يظهر للناس ما قد عرفته منه ، فيعلمون ان الرأي ما رأيت فيه .
فقالوا له : ان هذا الفتى وإن راقك منه هديه فانه صبي لا معرفة له ولا فقه ، فأمهله ليتأدب ثم اصنع ما تراه بعد ذلك .
فقال لهم : ويحكم اني اعرف بهذا الفتى منكم وان اهل هذا البيت علمهم من الله تعالى وموادّه والهامه ، ولم يزل آباؤه أغنياء في علم الدين والأدب عن الرعايا الناقصة عن حدّ الكمال ، فان شئتم فامتحنوا أبا جعفر بما يتبين لكم به ما وصفت من حاله .
قالوا : قد رضينا لك ياأمير المؤمنين ولأنفسنا بامتحانه ، فخلّ بيننا وبينه لننصب من يسأله بحضرتك عن شيء من فقه الشريعة ، فان أصاب في الجواب عنه لم يكن لنا اعتراض في أمره وظهر للخاصة والعامة سديد رأي أمير المؤمنين فيه ، وإن عجز عن ذلك فقد كفينا الخطب في معناه . فقال لهم المأمون : شأنكم وذلك متى أردتم .
فخرجوا من عنده واجتمع رأيهم على مسألة يحيى بن أكثم ، وهو يومئذ قاضي الزمان على ان يسأله مسألة لا يعرف الجواب فيها ، ووعدوه بأموال نفيسة على ذلك ، وعادوا الى المأمون وسألوه ان يختار لهم يوماً للاجتماع فأجابهم الى ذلك .
فاجتمعوا في اليوم الذي اتفقوا عليه وحضر معهم يحيى بن اكثم وأمر المأمون ان يفرش لابي جعفر دست ويجعل له فيه مسورتان ففعل ذلك وخرج أبو جعفر وهو يومئذ ابن تسع سنين وأشهر فجلس بين المسورتين وجلس يحيى بن اكثم بين يديه وقام الناس في مراتبهم والمأمون جالس في دست متصل بدست أبي جعفر (عليه السلام).
فقال يحيى بن اكثم للمأمون : يأذن لي أمير المؤمنين أن اسأل أبا جعفر عن مسألة ؟ فقال له المأمون : استأذنه في ذلك فأقبل عليه يحيى بن اكثم ، فقال : أتأذن لي جعلت فداك في مسألة ؟
فقال أبو جعفر (عليه السلام) : "سل إن شئت" .
قال يحيى : ما تقول جعلت فداك في محرم قتل صيداً ؟
فقال أبو جعفر (عليه السلام) : "قتله في حلّ أو في حرم ، عالماً كان المحرم أو جاهلاً ، قتله عمداً أو خطأ ، حرّاً كان المحرم أو عبداً ، صغيراً كان او كبيراً ، مبتدئاً بالقتل او معيداً ، من ذوات الطير كان الصيد ام من غيرها ، من صغار الصيد ام من كبارها ، مصرّاً على ما فعل او نادماً ، في الليل كان قتله للصيد ام في النهار ، محرماً كان بالعمرة اذ قتله او بالحج كان محرماً ؟"
فتحيّر يحيى بن اكثم وبان في وجهه العجز والانقطاع ولجلج حتى عرف جماعة اهل المجلس أمره . فقال المأمون : الحمد لله على هذه النعمة والتوفيق لي في الرأي ثم نظر الى أهل بيته فقال لهم : اعرفتم الآن ما كنتم تنكرونه ؟ ثم اقبل على أبي جعفر (عليه السلام) فقال له : اتخطب يا أبا جعفر ؟
فقال : نعم ياأمير المؤمنين . فقال له المأمون : اخطب لنفسك جعلت فداك قد رضيتك لنفسي وانا مزوّجك ام الفضل ابنتي وان رغم قوم ذلك .
فقال أبو جعفر (عليه السلام) : الحمد لله إقراراً بالنعمة ، ولا اله إلاّ الله إخلاصاً لوحدانيته وصلى الله على محمد سيد بريّته ، والأصفياء من عترته .
اما بعد فقد كان من فضل الله على الأنام ، ان أغناهم بالحلال عن الحرام ، فقال سبحانه : ( وانكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم ) .
ثم ان محمد بن علي بن موسى يخطب اُمّ الفضل بنت عبد الله المأمون ، وقد بذل لها من الصّداق مهر جدّته فاطمة بنت محمد(عليهما السلام) وهو خمسمائة درهم جياداً فهل زوّجته ياأمير المؤمنين بها على هذا الصداق المذكور ؟
فقال المأمون : نعم قد زوّجتك ياأبا جعفر ام الفضل ابنتي على الصداق المذكور ، فهل قبلت النكاح ؟
قال أبو جعفر (عليه السلام) : قد قبلت ذلك ورضيت به .
فأمر المأمون ان يقعد الناس على مراتبهم في الخاصة والعامة .
قال الريّان : ولم نلبث ان سمعنا أصواتاً تشبه اصوات الملاّحين في محاوراتهم ، فاذا الخدم يجرّون سفينة مصنوعة من فضة مشدودة بالحبال من الابريسم ، على عجلة مملوّة من الغالية ، ثم أمر المأمون ان تخضب لحاء الخاصة من تلك الغالية ، ثم مدّت الى دار العامّة فتطيبوا منها ووضعت الموائد فأكل الناس وخرجت الجوائز الى كلّ قوم على قدرهم .
فلما تفرق الناس وبقي من الخاصة من بقي ، قال المأمون لأبي جعفر (عليه السلام) : ان رأيت جعلت فداك ان تذكر الفقه الذي فصّلته من وجوه من قتل المحرم لنعلمه ونستفيده .
فقال أبو جعفر (عليه السلام) : نعم ان المحرم اذا قتل صيداً في الحلّ وكان الصيد من ذوات الطير ، وكان من كبارها ، فعليه شاة ، فان أصابه في الحرم فعليه الجزاء مضاعفاً ، واذا قتل فرخاً في الحلّ فعليه حمل قد فطم من اللبن واذا قتله في الحرم فعليه الحمل وقيمة الفرخ ، فاذا كان من الوحش وكان حمار وحش فعليه بقرة ، وإن كان نعامة فعليه بدنة وان كان ظبياً فعليه شاة وان كان قتل شيئاً من ذلك في الحرم فعليه الجزاء مضاعفاً هدياً بالغ الكعبة .
واذا أصاب المحرم ما يجب عليه الهدي فيه ، وكان إحرامه بالحجّ نحره بمنى ، وان كان إحرامه بالعمرة نحره بمكة ، وجزاء الصيد على العالم والجاهل سواء ، وفي العمد عليه المأثم وهو موضوع عنه في الخطأ، والكفّارة على الحرّ في نفسه ، وعلى السيّد في عبده ، والصغير لاكفّارة عليه ، وهي على الكبير واجبة والنادم يسقط ندمه عنه عقاب الآخرة ، والمصرّ يجب عليه العقاب في الآخرة .
فقال المأمون : أحسنت ياأبا جعفر احسن الله اليك فان رأيت ان تسأل يحيى عن مسألة كما سألك .
فقال أبو جعفر (عليه السلام) ليحيى : أسألك ؟ قال : ذلك اليك جعلت فداك ، فإن عرفت جواب ما تسألني والا استفدته منك .
فقال له أبو جعفر (عليه السلام) : اخبرني عن رجل نظر الى امرأة في اول النهار فكان نظره اليها حراماً عليه ، فلما ارتفع النهار حلّت له ، فلما زالت الشمس حرمت عليه ، فلما كان وقت العصر حلّت له ، فلما غربت الشمس حرمت عليه ، فلما دخل وقت العشاء الآخرة حلّت له ، فلما كان وقت انتصاف الليل حرمت عليه ، فلما طلع الفجر حلّت له ، ما حال هذه المرأة وبماذا حلّت له وحرمت عليه ؟
فقال له يحيى بن اكثم : لا والله لا اهتدي الى جواب هذا السؤال ولا اعرف الوجه فيه ، فان رأيت ان تفيدناه .
فقال أبو جعفر (عليه السلام) : هذه أمة لرجل من الناس ، نظر اليها أجنبي في اول النهار فكان نظره اليها حراماً عليه ، فلما ارتفع النهار ابتاعها من مولاها فحلّت له ، فلما كان عند الظهر أعتقها فحرمت عليه ، فلما كان وقت العصر تزوّجها فحلت له ، فلما كان وقت المغرب ظاهَر منها فحرمت عليه ، فلما كان وقت العشاء الآخرة كفّر عن الظهار فحلّت له ، فلما كان نصف الليل طلّقها واحدة ، فحرمت عليه ، فلمّا كان عند الفجر راجعها فحلّت له .
قال : فأقبل المأمون على من حضره من اهل بيته فقال لهم : هل فيكم من يجيب هذه المسألة بمثل هذا الجواب ، او يعرف القول فيما تقدم من السؤال ؟ قالوا : لا والله ان أمير المؤمنين اعلم وما رأى .
فقال : ويحكم! ان أهل هذا البيت خصّوا من الخلق بما ترون من الفضل ، وان صغر السنّ فيهم لا يمنعهم من الكمال. اما علمتم ان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) افتتح دعوته بدعاء أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) وهو ابن عشر سنين ، وقبل منه الإسلام وحكم له به ، ولم يدع أحداً في سنّه غيره ، وبايع الحسن والحسين(عليهما السلام) وهما ابنا دون الست سنين ، ولم يبايع صبياً غيرهما ، أو لا تعلمون ما اختص الله به هؤلاء القوم؟! وانهم ذرية بعضها من بعض يجري لآخرهم ما يجري لاولهم . فقالوا : صدقت ياأمير المؤمنين ثم نهض القوم .
فلما كان من الغد اُحضر الناس وحضر أبو جعفر (عليه السلام) وسار القوّاد والحجّاب والخاصة والعمّال لتهنئة المأمون وأبي جعفر (عليه السلام) فاخرجت ثلاثة أطباق من الفضة ، فيها بنادق مسك وزعفران ، معجون في أجواف تلك البنادق رقاع مكتوبة بأموال جزيلة ، وعطايا سنية ، واقطاعات ، فأمر المأمون بنثرها على القوم من خاصته فكان كل من وقع في يده بندقة أخرج الرقعة التي فيها والتمسه فأطلق يده له ، ووضعت البدر ، فنثر ما فيها على القوّاد وغيرهم ، وانصرف الناس وهم أغنياء بالجوائز والعطايا . وتقدم المأمون بالصدقة على كافة المساكين ، ولم يزل مكرماً لابي جعفر (عليه السلام) معظماً لقدره مدة حياته ، يؤثره على ولده وجماعة أهل بيته" .
السبب في تزويج المأمون ابنته للإمام الجواد عليه السلام
انّ هذا الزواج اضافة لما سيحققه من دعاية للمأمون تُظهر حبّه وولاءه لأهل البيت عليهم السلام، فإنّ ثمة سبباً آخر نرجّحه على غيره ونراه السبب الأساس وهو وضع الجاسوس والرقيب الخاص على الإمام (عليه السلام) يلازمه في بيته، يحصي عليه سكناته وحركاته ويرفعها الى الجهة التي زرعته وهكذا كانت اُمّ الفضل ابنة المأمون العبّاسي مع الإمام الجواد عليه السلام.
اسباب استشهاد الإمام الجواد عليه السلام
لم تكن المدة التي قضاها الإمام الجواد (عليه السلام) في خلافة المعتصم طويلة فهي لم تتجاوز السنتين ، كان ختامها شهادة الإمام (عليه السلام) على يد النظام المنحرف ، وفيما يلي استعراض للعلاقة بين الإمام الجواد (عليه السلام) والمعتصم .
1 - لقد خشي المعتصم من بقاء الإمام الجواد (عليه السلام) بعيداً عنه في المدينة ، لذلك قرر استدعاءه الى بغداد، حتى يكون على مقربة منه يحصي عليه انفاسه ويراقب حركاته ، ولذلك جلبه من المدينة، فورد بغداد لليلتين بقيتا من المحرم سنة عشرين ومائتين ، وتوفي بها(عليه السلام) في ذي القعدة من هذه السنة.
لقد كان هذا الاستقدام بمثابة الاقامة الجبرية تتبعه عملية اكبر وهي التصفية الجسدية .
2 ـ كان وجود الإمام الجواد (عليه السلام) يمثل خطراً على النظام الحاكم لما كان يملكه هذا الإمام من دور فاعل وقيادي للاُمة ، لذلك قررت السلطة أن تتخلّص منه مع عدم استبعادها وجود العلاقة بين الإمام القائد والتحركات النهضوية في الاُمة .
فقد روى المؤرخون عن زرقان صاحب ابن أبي دؤاد قاضي المعتصم قوله : " رجع ابن أبي دؤاد ذات يوم من عند المعتصم وهو مغتمّ فقلت له في ذلك ، فقال وددت اليوم اني قد مت منذ عشرين سنة ، قال قلت له : ولم ذاك ؟ قال : لما كان من هذا الاسود أبي جعفر محمد بن علي بن موسى اليوم بين يدي أمير المؤمنين ، قال : قلت له : وكيف كان ذلك ؟ قال : إن سارقاً اقرّ على نفسه بالسرقة ، وسأل الخليفة تطهيره بإقامة الحدّ عليه ، فجمع لذلك الفقهاء في مجلسه وقد أحضر محمد بن علي فسألناه عن القطع في اي موضع يجب أن يقطع ؟ قال : فقلت : من الكرسوع .
قال : وما الحجة في ذلك ؟ قال : قلت : لأن اليد هي الاصابع والكفّ الى الكرسوع, لقول الله في التيمم ( فامسحوا بوجوهكم وايديكم ) واتفق معي ذلك قوم .
وقال آخرون : بل يجب القطع من المرفق ، قال : وما الدليل على ذلك ؟ قالوا : لأن الله لمّا قال: ( وايديكم الى المرافق ) في الغسل دلّ ذلك على ان حدّ اليد هو المرفق .
قال : فالتفت الى محمد بن علي (عليه السلام) فقال : ما تقول في هذا ياأبا جعفر ؟ فقال : قد تكلم القوم فيه ياأمير المؤمنين ، قال : دعني ممّا تكلموا به ! اي شيء عندك ؟ قال: اعفني عن هذا ياأمير المؤمنين ، قال : اقسمت عليك بالله لمّا اخبرت بما عندك فيه .
فقال : أمّا اذا أقسمت عليّ بالله اني اقول انهم اخطأوا فيه السنّة ، فإن القطع يجب ان يكون من مفصل اُصول الاصابع ، فيترك الكفّ ، قال : وما الحجة في ذلك ؟ قال : قول رسول الله : السجود على سبعة أعضاء : الوجه واليدين والركبتين والرجلين ، فإذا قطعت يده من الكرسوع أو المرفق لم يبق له يد يسجد عليها وقال الله تبارك وتعالى : ( وان المساجد لله )يعني بهذه الأعضاء السبعة التي يسجد عليها ( فلا تدعوا مع الله أحداً ) وما كان لله لم يقطع .
قال : فأعجب المعتصم ذلك وأمر بقطع يد السارق من مفصل الأصابع دون الكفّ .
قال ابن أبي دؤاد : قامت قيامتي وتمنّيت أني لم أك حيّاً .
قال زرقان : قال ابن أبي دؤاد : صرت الى المعتصم بعد ثالثة ، فقلت : ان نصيحة أمير المؤمنين عليّ واجبة وانا أكلّمه بما أعلم أني ادخل به النار ، قال : وما هو ؟ قلت : اذا جمع أمير المؤمنين في مجلسه فقهاء رعيته وعلماءهم لأمر واقع من اُمور الدين ، فسألهم عن الحكم فيه فأخبروه بما عندهم من الحكم في ذلك ، وقد حضر مجلسه أهل بيته وقوّاده ووزراؤه وكتّابه ، وقد تسامع الناس بذلك من وراء بابه ، ثمّ يترك أقاويلهم كلهم لقول رجل شطر هذه الأمة بامامته ، ويدّعون أ نّه أولى منه بمقامه ثم يحكم بحكمه دون حكم الفقهاء ؟
قال : فتغير لونه وانتبه لما نبّهته له ، وقال : جزاك الله عن نصيحتك خيراً . قال : فأمر اليوم الرابع فلاناً من وزرائه بأن يدعوه [ اي الجواد(عليه السلام) ] الى منزله فدعاه فأبى ان يجيبه وقال(عليه السلام): قد علمت اني لا أحضر مجالسكم ، فقال : إني انما ادعوك الى الطعام واحبّ ان تطأ ثيابي ، وتدخل منزلي فأتبرّك بذلك ، فقد احبّ فلان بن فلان من وزراء الخليفة لقاءك، فصار اليه، فلمّا طعم منها أحس السمّ فدعا بدابّته فسأله رب المنزل ان يقيم . قال(عليه السلام) : خروجي من دارك خير لك ، فلم يزل يومه ذلك وليله في خلفة حتى قبض (عليه السلام) ".
لقد كان الإمام الجواد (عليه السلام) يتوقع استشهاده بعد هذا الاستدعاء فقد روي عن اسماعيل بن مهران قوله : "لمّا اُخرج أبو جعفر (عليه السلام) من المدينة إلى بغداد في الدفعة الاولى من خرجتيه قلت له عند خروجه : جُعلت فداك ، إني أخاف عليك من هذا الوجه ، فإلى من الأمر بعدك ؟ قال : فكرّ بوجهه اليّ ضاحكاً وقال : ليس حيث ظننت في هذه السنة .
فلمّا استدعي به الى المعتصم صرتُ اليه فقلتُ له : جُعلتُ فداك ، أنت خارجٌ ، فإلى من هذا الأمرُ من بعدك ؟ فبكى حتى اخضلّت لحيته ثم التفتَ اليّ فقال : عند هذه يُخاف عليّ ، الأمرُ من بعدي الى ابني علي".
لقد درس المعتصم اكثر السبل التي يستطيع بها ان يصفي الإمام، فاعلية وأقلها ضرراً ، فلم يجد افضل من اُم الفضل بنت أخيه المأمون للقيام بهذه المهمّة فهي التي تستطيع ان تقتله بصورة اكيدة دون ان تثير ضجة في الاُمة ، مستغلاً نقطتين في شخصيتها، هما :
أ ـ كونها تنتمي للخط الحاكم انتماءً حقيقياً ، فهي بنت المأمون وعمّها المعتصم ، وليست بالمستوى الايماني الذي يجعلها تنفك عن انتمائها النسبي هذا ، لذلك كانت تخضع لتأثيراته وتنفذ ما يريده ضد الإمام .
ب ـ غيرتها وحقدها على الإمام بسبب تسريه وتزوّجه من نساء اُخريات خصوصاً وانها لم تلد للامام وإنما رزق الإمام من غيرها ولده الهادي (عليه السلام) .
ولقد كان أمر غيرتها شائعاً بين الناس لذلك قال المؤرخون : "وقد روى الناس ان اُم الفضل كتبت الى أبيها من المدينة تشكو أبا جعفر وتقول : انه يتسرى علي ويغيرني . فكتب اليها المأمون: يابنيّة انا لم نزوجك أبا جعفر لنحرّم عليه حلالاً ، فلا تعاودي لذكر ما ذكرت بعدها".
ولم تخل هذه الفترة من الاعتداءات الظاهرية على الإمام (عليه السلام) من أذناب السلطة ، ومن ذلك ما فعله عمر بن فرج الرخجي الرجل المعادي لأهل البيت (عليهم السلام) والعامل عند السلطة العباسية . فمثلاً روى المؤرخون عن محمد بن سنان قوله : دخلت على أبي الحسن الهادي(عليه السلام) فقال : يامحمد حدث بآل فرج حدث ؟ فقلت : مات عمر . فقال: الحمد لله على ذلك، أحصيت أربعاً وعشرين مرة، ثم قال: أو لا تدري ما قال ـ لعنه الله ـ لمحمد بن علي أبي؟ قال: قلت: لا، قال: خاطبه في شيء، فقال: أظنّك سكران، فقال أبي: اللهمّ إن كنت تعلم أني أمسيت لك صائماً فأذقه طعم الحرب وذلّ الأسر. فوالله إن ذهبت الأيام حتى حُرب ماله، وما كان له، ثم اُخذ أسيراً فهو ذا مات".
استشهاد الإمام الجواد عليه السلام
تحدثنا عن دوافع المعتصم في اغتيال الإمام الجواد (عليه السلام) وعن اختياره اُم الفضل لتنفيذ الجريمة .
ومما يشير الى أسباب استغلال المعتصم لاُمّ الفضل وكيفية تحريضها على الاقدام على قتل الإمام (عليه السلام) ما روي من شدة غيرتها أيام أبيها وتوريطها لأبيها على ارتكاب جريمة قتل الإمام من قبل المأمون نفسه .
قال أبو نصر الهمداني: "حدثتني حكيمة بنت محمّد بن عليّ بن موسى بن جعفر عمّة أبي محمد الحسن بن علي (عليهما السلام) .
قالت : لمّا مات محمّد بن عليّ الرّضا (عليه السلام) أتيت زوجته اُم عيسى بنت المأمون فعزّيتها فوجدتها شديدة الحزن والجزع عليه تقتل نفسها بالبكاء والعويل ، فخفت عليها ان تتصدّع مرارتها فبينما نحن في حديثه وكرمه ووصف خُلقه وما اعطاه الله تعالى من الشّرف والاخلاص ومَنَحَهُ من العزّ والكرامة ، اذ قالت امّ عيسى : الا اخبرك عنه بشيء عجيب وأمر جليل فوق الوصف والمقدار ؟ قلت : وما ذاك ؟
قالت : كنت أغار عليه كثيراً وأراقبه ابداً وربما يسمعني الكلام فاشكو ذلك الى أبي فيقول يابنيّة احتمليه فانّه بضعة من رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فبينما انا جالسة ذات يوم اذ دخلت عليّ جارية فسلّمت ، فقلت : من انت ؟ فقالت : انا جارية من ولد عمّار بن ياسر وانا زوجة أبي جعفر محمّد بن عليّ الرضا (عليه السلام) زوجك .
فدخلني من الغيرة ما لا اقدر على احتمال ذلك هممت ان اخرج واسيح في البلاد وكاد الشيطان ان يحملني على الإساءة اليها، فكظمت غيظي واحسنت رفدها وكسوتها ، فلمّا خرجت من عندي المرأة نهضت ودخلت على أبي وأخبرته بالخبر وكان سكراناً لا يعقل . فقال : ياغلام عليّ بالسّيف ، فاتى به ، فركب وقال : والله لاقتلنّه فلمّا رايت ذلك قلت : انّا لله وانّا اليه راجعون ، ما صنعت بنفسي وبزوجي وجعلت ألطم حرّ وجهي ، فدخل عليه والدي وما زال يضربه بالسيف حتى قطعه .
ثم خرج من عنده وخرجت هاربة من خلفه فلم ارقد ليلتي فلمّا ارتفع النّهار اتيت أبي فقلت : اتدري ما صنعت البارحة ؟ قال : وما صنعتُ ؟ قلت : قتلتَ ابن الرّضا (عليه السلام) ، فبرق عينه وغشي عليه ثم افاق بعد حين وقال : ويلك ما تقولين ؟ قلت : نعم والله يا ابه دخلت عليه ولم تزل تضربه بالسّيف حتى قتلته ، فاضطرب من ذلك اضطراباً شديداً وقال : عليّ بياسر الخادم فجاء ياسر .
فنظر اليه المأمون وقال : ويلك ما هذا الّذي تقول هذه ابنتي قال : صدقَتْ ياامير المؤمنين فضرب بيده على صدره وخدّه ، وقال : انّا لله وانّا اليه راجعون هلكنا بالله وعطبنا وافتضحنا الى آخر الابد ويلك ياياسر فانظر ما الخبر والقصة عنه(عليه السلام) ؟ وعجّل عليّ بالخبر فان نفسي تكاد ان تخرج السّاعة فخرج ياسر وانا ألطم حرّ وجهي، فما كان ياسر من ان رجع ، فقال : البشرى ياامير المؤمنين . قال : لك البشرى فما عندك ؟
قال ياسر : دخلت عليه فاذا هو جالس وعليه قميص ودواج وهو يستاك فسلّمت عليه وقلت : ياابن رسول الله اُحب أن تهب لي قميصك هذا اصلّي فيه واتبرك به ، وانما اردت ان انظر اليه والى جسده هل به اثر السّيف فوالله كأنّه العاج الّذي مسّه صفرة ما به اثر . فبكى المأمون طويلاً وقال : ما بقى مع هذا شيء إنّ هذا لعبرة للأوّلين والآخرين .
وقال : ياياسر امّا ركوبي اليه واخذي السّيف ودخولي عليه فاني ذاكر له وخروجي عنه فلست اذكر شيئاً غيره ولا اذكر ايضاً انصرافي الى مجلسي فكيف كان امري وذهابي اليه ، لعن الله هذه الابنة لعناً وبيلاً، تقدّم اليها وقل لها يقول لك ابوك والله لئن جئتني بعد هذا اليوم شكوت او خرجت بغير اذنه لانتقمنّ له منك .
ثم سر الى ابن الرّضا وابلغه عني السّلام واحمل اليه عشرين الف دينار وقدّم اليه الشهري الّذي ركبته البارحة ، ثم أمر بعد ذلك الهاشميّين ان يدخلوا عليه بالسّلام ويسلّموا عليه . قال ياسر : فأمرت لهم بذلك ودخلت انا ايضاً معهم وسلّمت عليه وابلغت التّسليم ووضعت المال بين يديه وعرضت الشّهري عليه فنظر اليه ساعة ثم تبسّم .
فقال(عليه السلام) : ياياسر هكذا كان العهد بيننا وبينه حتّى يهجم علي ، اما علم ان لي ناصراً وحاجزاً يحجز بيني وبينه . فقلت : ياسيّدي ياابن رسول الله دع عنك هذا العتاب واصفح ، والله وحق جدّك رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما كان يعقل شيئاًمن امره وما علم اين هو من ارض الله وقد نذر لله نذراً صادقاً وحلف ان لا يسكر بعد ذلك ابداً ، فان ذلك من حبائل الشّيطان ، فاذا انت ياابن رسول الله اتيته فلا تذكر له شيئاً ولا تعاتبه على ما كان منه .
فقال (عليه السلام) : هكذا كان عزمي ورأيي والله ، ثم دعا بثيابه ولبس ونهض وقام معه الناس اجمعون حتى دخل على المأمون فلمّا رآه قام اليه وضمّه الى صدره ورحّب به ولم يأذن لأحد في الدخول عليه ولم يزل يحدّثه ويستأمره ، فلمّا انقضى ذلك قال أبو جعفر محمّد بن علي الرّضا (عليه السلام) : "يا أمير المؤمنين" ، قال : لبيّك وسعديك . قال : "لك عندي نصيحة فاقبلها" .
قال المأمون : بالحمد والشكر فما ذاك ياابن رسول الله؟
قال(عليه السلام): احبّ لك ان لا تخرج باللّيل فإني لا آمن عليك من هذا الخلق المنكوس وعندي عقد تحصّن به نفسك وتحرّز به من الشرور والبلايا والمكاره والآفات والعاهات ، كما انقذني الله منك البارحة ولو لقيت به جيوش الرّوم والتّرك واجتمع عليك وعلى غلبتك اهل الأرض جميعاً ماتهيّأ لهم منك شيء بإذن الله الجبّار . وان احببت بعثت به اليك لتحترز به من جميع ما ذكرت لك . قال : نعم ، فاكتب ذلك بخطّك وابعثه اليّ ، قال : نعم .
قال ياسر : فلمّا اصبح أبو جعفر (عليه السلام) بعث اليّ فدعاني فلمّا صرت اليه وجلست بين يديه دعا برقّ ظبي من ارض تهامة ثم كتب بخطّه هذا العقد .
ثم قال(عليه السلام) : ياياسر احمل هذا الى امير المومنين وقل له : حتى يصاغ له قصبة من فضّة منقوش عليها ما اذكره بعده فإذا اراد شدّه على عضده فليشدّه على عضده الأيمن وليتوضّأ وضوءاً حسناً سابغاً وليصل اربع ركعات يقرأ في كلّ ركعة: فاتحة الكتاب مرّة وسبع مرّات: آية الكرسي وسبع مرات: شهد الله وسبع مرّات والشمس وضحاها وسبع مرّات: واللّيل اذا يغشى وسبع مرّات: قل هو الله احد .
فاذا فرغ منها فليشدّه على عضده الايمن عند الشّدائد والنوائب يسلم بحول الله وقوته من كلّ شيء يخافه ويحذره وينبغي ان لا يكون طلوع القمر في برج العقرب ولو انه غزى اهل الرّوم وملكهم لغلبهم باذن الله وبركة هذا الحرز .
وروي انه لمّا سمع المأمون من أبي جعفر في أمر هذا الحرز هذه الصفات كلّها غزا اهل الرّوم فنصره الله تعالى عليهم ومنح منهم من المغنم ما شاء الله ولم يفارق هذا الحرز عند كلّ غزاة ومحاربة وكان ينصره الله عزوجلّ بفضله ويرزقه الفتح بمشيّته انَّه وليّ ذلك بحوله وقوته ".
ويقول المؤرخون إن اُم الفضل ارتكبت جريمتها بحقّ الإمام الجواد (عليه السلام) عندما سقته السمّ .
فقد روي : " أنّ المعتصم جعل يعمل الحيلة في قتل أبي جعفر (عليه السلام) وأشار على ابنة المأمون زوجته بأن تسمّه لأنّه وقف على انحرافها عن أبي جعفر (عليه السلام) وشدّة غيرتها عليه . . . فأجابته الى ذلك وجعلت سمّاً في عنب رازقي ووضعته بين يديه ، فلمّا أكل منه ندمت وجعلت تبكي فقال : ما بكاؤك ؟ والله ليضربنّك الله بفقر لا ينجبر ، وبلاء لا ينستر ، فماتت بعلّة في اغمض المواضع من جوارحها ، صارت ناصوراً فانفقت مالها وجميع ما ملكته على تلك العلّة ، حتى احتاجت الى الاسترفاد".
وأثّر السمّ في الإمام تأثيراً شديداً حتى لفظ انفاسه الاخيرة ولسانه يلهج بذكر الله تعالى ، وقد انطفأت باستشهاده شعلة مشرقة من الامامة والقيادة المعصومة في الاسلام .
لقد استشهد الإمام الجواد (عليه السلام) على يد طاغية زمانه المعتصم العباسي وقد انطوت بموته صفحة من صفحات الرسالة الاسلامية التي اضاءت الفكر ورفعت منار العلم والفضيلة في الأرض .
تجهيزه ودفنه عليه السلام
وجُهّز بدن الإمام (عليه السلام) فغسّل واُدرج في اكفانه ، وبادر الواثق والمعتصم فصليا عليه، وحمل الجثمان العظيم الى مقابر قريش ، وقد احتفت به الجماهير الحاشدة ، فكان يوماً لم تشهد بغداد مثله فقد ازدحمت عشرات الآلاف في مواكب حزينة وهي تردد فضل الإمام وتندبه ، وتذكر الخسارة العظمى التي مني بها المسلمون في فقدهم للامام الجواد (عليه السلام) وحفر للجثمان الطاهر قبر ملاصق لقبر جده العظيم الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام) فواروه فيه وقد واروا معه القيم الانسانية ، وكل ما يعتز به الانسان من المثل الكريمة.
عن أبي جعفر المشهدي باسناده عن محمد بن رضيّة عن مؤدّب لأبي الحسن]الهادي(عليه السلام)[ ، قال : "انه كان بين يدي يوماً يقرأ في اللوح اذ رمى اللوح من يده وقام فزعاً وهو يقول : انا لله وانا اليه راجعون مضى والله أبي (عليه السلام) فقلت : من اين علمت هذا ؟ فقال(عليه السلام) : من اجلال الله وعظمته شيء لا أعهده .
فقلت : وقد مضى ، قال : دع عنك هذا ائذن لي ان ادخل البيت واخرج اليك واستعرضني بآي القرآن ان شئت اقل لك بحفظ، فدخل البيت فقمت ودخلت في طلبه اشفاقاً مني عليه وسألت عنه فقيل دخل هذا البيت وردّ الباب دونه وقال لي : لا تؤذن عليّ أحداً حتى أخرج عليكم .
فخرج(عليه السلام) الي متغيّراً وهو يقول : انا لله وانا اليه راجعون مضى والله أبي، فقلت : جعلت فداك، قد مضى فقال : نعم وتولّيت غسله وتكفينه وما كان ذلك لِيلَي منه غيري ثم قال لي: دع عنك واستعرضني آي القرآن ان شئت أفسر لك تحفظه"
فقلت : الاعراف . فاستعاذ بالله من الشيطان الرجيم ثم قرأ (بسم الله الرحمن الرحيم * واذ نتقنا الجبل فوقهم كانّه ظلّة وظنوا انه واقع بهم ).
تاريخ استشهاده عليه السلام
استشهد الإمام الجواد (عليه السلام) سنة ( 220 هـ ) يوم الثلاثاء لخمس خلون من ذي القعدة ، وقيل: لخمس ليال بقين من ذي الحجة وقيل: لست ليال خلون من ذي الحجة، وقيل: في آخر ذي القعدة , وقيل غير ذلك:
الكافي: ... قبض سنة عشرين ومائتين في آخر ذي القعدة وهو ابن خمس وعشرين سنة وشهرين وثمانية عشر يوما... .
روضة الواعظين: ... قبض ببغداد قتيلا مسموما في آخر ذي القعدة، وقيل وفاته يوم السبت لست خلون من ذي الحجة سنة عشرين ومائتين
الإرشاد: قبض في بغداد في ذي القعدة سنة عشرين ومائتين، وله خمس وعشرون سنة ... .
بصائر الدرجات: محمد بن عيسى، عن قارن، عن رجل كان رضيع أبي جعفر قال: بينا أبو الحسن جالس مع مؤدب له يكنى أبا زكريا وأبو جعفر عندنا أنه ببغداد وأبو الحسن يقرأ من اللوح على مؤدبه، إذ بكى بكاء شديدا فسأله المؤدب: ما بكاؤك ؟ فلم يجبه، وقال: ائذن لي بالدخول، فأذن له فارتفع الصياح والبكاء من منزله, ثم خرج إلينا فسألناه عن البكاء ؟ فقال: إن أبي قد توفي الساعة، فقلنا: بما علمت ؟ قال: قد دخلني من إجلال الله ما لم أكن أعرفه قبل ذلك فعلمت أنه قد مضى، فتعرفنا ذلك الوقت من اليوم والشهر فإذا هو مضى في ذلك الوقت .
كشف الغمة: قال محمد بم طلحة: وأما عمره فإنه مات في ذي الحجة من سنة مائتين وعشرين للهجرة في خلافة المعتصم، فيكون عمره خمسا وعشرين سنة ... .
وقال الحافظ عبد العزيز: ... قبض ببغداد في آخر ذي الحجة سنة عشرين ومائتين وهو يومئذ ابن خمس وعشرين سنة ... .
قال محمد بن سعيد: سنة عشرين ومائتين فيها توفي محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد ببغداد وكان قدمها فتوفي بها يوم الثلاثاء لخمس خلون من ذي الحجة .
محل دفنه عليه السلام
دفن في العراق ببغداد في مقابر قريش عند قبر جده موسى الكاظم عليهم السلام.
عمره الشريف عليه السلام
عمر الإمام الجواد(عليه السلام) حين قضى نحبه مسموماً فكان خمساً وعشرين سنة على ما هو المعروف، وهو أصغر الائمة الطاهرين الاثني عشر(عليهم السلام) سنّاً.
مدة إمامة الجواد(عليه السلام) في عهد المأمون
استلم الإمام الجواد (عليه السلام) منصب الامامة ونهض بأعباء قيادة الاُمة سنة (203 هـ ) بعد شهادة أبيه الإمام الرضا (عليه السلام) ، وكان المأمون قد تسنّم منبر الخلافة وقتذاك . وتوفي المأمون سنة ( 218 هـ ) بالبدندون من اقصى الروم ونقل إلى طوس فدفن فيها.
وبذلك يكون الإمام الجواد (عليه السلام) قد قضى خمس عشرة سنة من إمامته التي استمرت سبع عشرة سنة في خلافة المأمون، وهذا يعني أنّ أغلب سنوات إمامته كانت في فترة حكم المأمون .
مدة امامته عليه السلام
الإرشاد:... كانت مدة خلافته لأبيه وإمامته من بعده سبعة عشر سنة... .
كلمات فيه عليه السلام
1 ـ والده الإمام الرضا (عليه السلام) : لقد وصف الإمام الرضا (عليه السلام) ابنه الجواد بما يلي :
أ ـ قال عنه قبل ولادته للحسين بن بشار : "والله لا تمضي الأيّام والليالي حتى يرزقني الله ولداً ذكراً يفرّق به بين الحقّ والباطل.
وزاد في نص آخر : "حتى يولد ذكر من صُلبي يقوم مثل مقامي يحيي الحق ويمحي الباطل".
ب ـ وقال عنه بعد ولادته : "هذا المولود الذي لم يولد مولود أعظم بركة على شيعتنا منه".
ج ـ وقال أيضاً : "هذا أبو جعفر قد أجلسته مجلسي وصيّرته مكاني".
د ـ وقال أيضاً لصفوان بن يحيى : "كان أبو جعفر محدَّثاً".
2 ـ علي بن جعفر ( عمّ أبيه) : "قال محمد بن الحسن بن عمّار : دخل أبو جعفر محمد بن علي الرضا (عليه السلام) مسجد الرسول (صلى الله عليه وآله) فوثب علي بن جعفر بلا حذاء ولا رداء، فقبّل يديه وعظّمه . فقال له أبو جعفر : يا عمّ اجلس رحمك الله ، فقال : يا سيّدي كيف أجلس وأنت قائم ؟ !
فلّما رجع علي بن جعفر الى مجلسه جعل أصحابه يوبّخونه ويقولون : أنت عمّ أبيه وأنت تفعل به هذا الفعل ؟ !
فقال : اسكتوا إذا كان الله عزّوجلّ ـ وقبض على لحيته ـ لم يؤهّل هذه الشيبة وأهّل هذا الفتى ووضعه حيث وضعه ، اُنكِرُ فضله؟! نعوذ بالله ممّا تقولون ! بل أنا له عبد".
3 - قال الشيخ محمود الشيخاني: (وكان محمد الجواد (رضي الله عنه) جليل القدر، عظيم المنزلة... قالوا: إنّ كراماته ومكاشفاته كثيرة لا يحمله الدفاتر ومن كمال علمه أنه غلب في طفوليّته قاضي المأمون وهو يحيى بن أكثم).
4 ـ قال الشيخ المفيد : وكان المأمون قد شغف بأبي جعفر (عليه السلام) لِما رأى من فضله مع صغر سنّه وبلوغه في العلم والحكمة والأدب وكمال العقل ما لم يساوه فيه أحد من مشايخ أهل الزمان ، فزوّجه ابنته أمّ الفضل وحملها معه الى المدينة ، وكان متوفّراً على إكرامه وتعظيمه وإجلال قدره .
وقال في وصف الإمام أبي جعفر (عليه السلام) حينما أراد تزويجه واعترض عليه العباسيون : "وأما أبو جعفر محمد بن علي قد اخترته لتبريزه على كافة أهل الفضل في العلم والفضل مع صغر سنّه والاُعجوبة فيه بذلك . . ثم قال لهم : وَيْحَكم إني أعرف بهذا الفتى منكم ، وإنّ هذا من أهل بيت علمهم من الله ، ومواده وإلهامه، لم يزل آباؤه أغنياء في علم الدين والأدب عن الرعايا الناقصة عن حدّ الكمال .
وقال له المأمون أيضاً بعد أوّل لقاء معه بعد وفاة أبيه الرضا(عليه السلام) وبعد أن اختبره ـ والإمام لم يتجاوز العقد الأول من عمره ـ : "أنت ابن الرضا حقاً ومن بيت المصطفى صدقاً وأخذه معه وأحسن اليه وقرّبه وبالغ في إكرامه وإجلاله وإعظامه".
5 - قال ابن حجر الهيتمي: (أجلّهم ـ يعني أولاد الرضا ـ محمد الجواد لكنّه لم تطل حياته).
4 ـ وعزّى أبو العيناء ابن الرضا (عليه السلام) عن أبيه (عليه السلام) فقال له : "أنت تجلّ عن وصفنا ونحن نقلّ عن عظتك، وفي علم الله ما كفاك، وفي ثواب الله ما عزّاك".
6 ـ وقال عنه العلاّمة سبط ابن الجوزي الحنفي المتوفّى سنة ( 654 هـ ): "ومحمد، الإمام أبو جعفر الثاني كان على منهاج أبيه في العلم والتقى والزهد والجود.. وكان يلقّب بالمرتضى والقانع..."
7 ـ وقال عنه الشيخ كمال الدين محمد بن طلحة الشافعي المتوفّى سنة (652 هـ ) : "وان كان صغير السن فهو كبير القدر رفيع الذكر ..
وقال أيضاً : مناقب أبي جعفر محمدالجواد ما اتسعت حلبات مجالها ولا امتدّت أوقاف آجالها بل قضت عليه الأقدار الإلهية بقلّة بقائه في الدنيا بحكمها وسجالها فقلّ في الدنيا مقامه وعجّل عليه فيها حمامه فلم تطل لياليه ولا امتدّت أيّامه غير أن الله خصّه بمنقبة أنوارها متألّقة في مطالع التعظيم وأخبارها مرتفعة في معارج التفضيل والتكريم ... ثم ذكر تلك المنقبة التي اعترف بعدها المأمون له بالفضل والسموّ".
8 - قال ابن خلكان: أبو جعفر محمد بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر... المعروف بالجواد أحد الأئمّة الاثني عشر).
9 ـ وأدلى علي بن عيسى الأربلي المتوفّى سنة ( 693 هـ ) في حقّه وشأنه(عليه السلام) بكلمات أعرب فيها عن عمق ايمانه به وولائه له صلوات الله عليه، فقال : "الجواد (عليه السلام) في كل أحواله جواد ، وفيه يصدق قول اللُغوي : جواد من الجودة من أجواد ، فاق الناس بطهارة العُنصر ، وزكاء الميلاد ، وافترع قُلَّة العلاء فما فاز به أحد ولا كاد . مجده عالي المراتب ، ومكانته الرفيعة تسمو على الكواكب ، ومنصبه يشرف على المناصب ، إذا آنس الوفد ناراً قالوا : ليتها نارُه، لا نار غالب . له إلى المعالي سُموّ ، والى الشّرف رواح وغُدُوّ ، وفي السيادة إغراق وغُلُوّ ، وعلى هام السماك ارتفاع وعُلوّ ، ومن كل رذيلة بُعْدٌ ، وإلى كل فضيلة دُنُوّ . تتأرّج المكارم من أعطافه ، ويقطر المجد من أطرافه ، وتُروى اخبار السماح عنه وعن أبنائه وأسلافه ، فطوبى لمن سعى في ولائه ، والويل لمن رغب في خلافه . إذا اقتُسمتْ غنائم المجد والمعالي والمفاخر كان له صفاياها ، وإذا امتُطيت غوارب السؤدد كان له أعلاها وأسماها . يباري الغيث جوداً وعطيةً ، ويجاري الليث نجدةً وحميّة ، ويبذّ السير سيرةً رضية ، مرضية سريّة . إذا عُدِّدَ آباؤه الكرام ، وأبناؤه (عليهم السلام) نظَم اللئالي الأفراد في عدِّه ، وجاء بجماع المكارم في رسمه وحدِّه ، وجَمَع أشتات المعالي فيه ، وفي آبائه من قبله ، وفي أبنائه من بعده ، فمن له أبٌ كأبيه أو جد كجدّه ؟ ! . فهو شريكهم في مجدهم ، وهم شركاؤه في مجده ، وكما ملأوا أيدي العفاة بِرِفْدِهم ، ملأ أيديهم بِرِفده . . . بهم اتَّضحت سُبُل الهُدى ، وبهم سُلِمَ من الردى ، وبِحُبِّهم تُرجى النجاة والفوز غداً، وهم أهل المعروف ، وأولوا النَّدى . كُلُّ المدائح دون استحقاقهم ، وكُلُّ مكارم الأخلاق مأخوذة من كريم أخلاقهم وكُلّ صفات الخير مخلوقة في عنصرهم الشريف وأعراقهم ، فالجنة في وصالهم ، والنار في فراقهم . وهذه الصفات تصدق على الجمع والواحد ، وتثبت للغائب منهم والشاهد، وتتنزَّل على الولد منهم والوالد . حُبُّهم فريضة لازمة ، ودولتهم باقية دائمة ، وأسواق سُؤدَدِهم قائمة ، وثغور محبيهم باسمة ، وكفاهم شَرَفاً أن جدّهم محمد ، وأبوهم علي ، وأُمُّهم فاطمة (عليهم السلام) ".
10 ـ وقال الذهبي : " كان محمّد يلقّب بالجواد وبالقانع والمرتضى ، وكان من سروات آل بيت النبي (صلى الله عليه وآله) . . وكان أحد الموصوفين بالسخاء فلذلك لقّب بالجواد ...".
11 ـ وقال عنه ابن الصبّاغ المالكي المتوفّى سنة ( 855 هـ ) : "وهو الإمام التاسع . . عرف بأبي جعفر الثاني ، وإن كان صغير السن فهو كبير القدر رفيع الذكر القائم بالإمامة بعد علي بن موسى الرضا . . للنص عليه والإشارة له بها من أبيه كما أخبر بذلك جماعة من الثقات العدول".
12 ـ وقال الشيخ عبدالله بن محمد بن عامر الشبراوي الشافعي المتوفّى سنة (1154 هـ ) : التاسع من الأئمة محمد الجواد . . . ثم ذكر نسب الإمام وولادته سنة ( 195 هـ ) ثم قال : وكراماته رضي الله عنه كثيرة ومناقبه شهيرة ، ثم ذكر بعض مناقبه وختم حديثه بقوله : وهذا من بعض كراماته الجليلة ومناقبه الجميلة.
13 ـ وقال عنه يوسف اسماعيل النبهاني : "محمد الجواد بن علي الرضا أحد أكابر الأئمة ومصابيح الاُمة من ساداتنا أهل البيت . ..".
14 ـ ووصفه محمود بن وهيب البغدادي بقوله : "هو الوارث لأبيه علماً وفضلاً وأجلّ إخوته قدراً وكمالاً..".
15 ـ وذكره الفضل بن روزبهان المتوفّى سنة ( 927 هـ ) في شرحه للصلوات التي أنشأها لبيان فضل النبي(صلى الله عليه وآله) وأهل بيته الطاهرين فقال ما نصّه : "اللهم وصلّ وسلّم على الإمام التاسع الأوّاب السجّاد، الفائق في الجود على الأجواد ، مانح العطايا والأوفاد لعامّة العباد ، ماحي الغواية والعناد ، قامع أرباب البغي والفساد ، صاحب معالم الهداية والإرشاد إلى سبل الرشاد ، المقتبس من نور علومه الأفراد من الأبدال والأوتاد أبي جعفر محمّد التقيّ الجواد بن علي الرّضا ساكن روضة الجنة بأنعم العيش ، المقبور عند جدّه بمقابر قريش، اللّهم صلّ على سيّدنا محمد وآل سيّدنا سيّما الإمام السجّاد محمد التقي الجواد".
16 ـ وقال عنه خير الدين الزركلي : "كان رفيع القدر كأسلافه ذكيّاً طلق الّلسان قويّ البديهة . .
الكتب التي الفة في حقه
1 - آداب حرز الجواد (عليه السلام). لبهاء الدين محمد بن حسن علي بن عبد الله التستري الاصفهاني.
2 - أبو جعفر محمد الجواد.. تاسع ائمة أهل البيت الطاهر صلوات الله عليهم أجمعين، مولده ووفاته ومدة عمره ومدفنه. في: أعيان الشيعة 2/32-36.
3 - احتجاجات الامام ابي جعفر الجواد(عليه السلام). للشيخ احمد معرفة.
4 - كتاب أخبار أبي جعفر محمد بن علي (عليه السلام). لأبي أحمد عبد العزيز بن يحيى بن أحمد بن عيسى الجلودي الأزدي البصري.
5 - كتاب أخبار أبي جعفر الثاني (عليه السلام). لأبي عبد الله الدبيلي محمد بن وهيان بن محمد بن حماد بن بشر البصري.
6 - كتاب أخبار أبي جعفر الثاني لخير الدين الزركلي.
7 - اعلام الهداية الامام محمد بن علي الجواد عليه السلام.
8 - الامــام الجـــواد (عليه السلام) قدوة وأسوة آية الله السيد محمد تقي المدرسي
9 - الإمام محمد الجواد عليه السلام. مركز الرسالة
10 - الإمام محمد الجواد عليهالسّلام سيرة و تاريخ. السيد عدنان الحسيني
11 - موسوعة الإِمام الجوادعليه السلام. اللجنة العلميّة في مؤسّسة وليّ العصر(عج) للدراسات الإسلاميّة
12 - حياة الإمام الجواد (ع).. دراسة وتحليل. باقر شريف القرشي
12 - الإمام محمد بن علي الجواد عليهما السلام. المجمع العالمي لأهل البيت (عليهم السلام)
مكان مدفنه عليه السلام
محمد بن يعقوب الكليني رحمه الله: ودفن [ أبو جعفر محمد بن علي الثاني ] ببغداد في مقابر قريش عند قبر جده موسى .
الحضيني رحمه الله : ومشهده [ أي أبي جعفر الثاني ] في مقابر قريش إلى جانب مشهد جده موسى عليه السلام في القبة .
المسعودي رحمه الله : ودفن [ أبو جعفر محمد الجواد ] ببغداد في تربة جده أبي إبراهيم موسى بن جعفر .
المسعودي رحمه الله : دفن [ أبو جعفر الثاني ] ببغداد في الجانب الغربي من مقابر قريش مع جده موسى بن جعفر .
الشيخ المفيد رحمه الله : وإنه قبض [ أي أبو جعفر الثاني ] ببغداد . . . ودفن في مقابر قريش في ظهر جده أبي الحسن موسى بن جعفر .
الشيخ الطوسي رحمه الله : محمد بن أحمد بن داود ، عن محمد بن همام ، قال : حدثنا أبو جعفر أحمد بن بندار ، عن منصور بن العباس ، عن جعفر الجوهري ، عن زكريا بن آدم القمي ، عن الرضا ، قال : إن الله نجا بغداد بمكان قبور الحسينيين فيها .
الأربلي رحمه الله : قال الشيخ محمد بن طلحة رحمه الله : وقبره [ أي أبي جعفر الثاني ] ببغداد في مقابر قريش . . . قال محمد بن سعيد : . . . قبره [ أي أبي جعفر الثاني ] عند جده موسى بن جعفر . . . وحمل ودفن في مقابر قريش ، يلقب بالجواد . . . حدثنا أحمد بن علي بن ثابت ، قال : محمد بن علي بن موسى أبو جعفر بن الرضا قدم من المدينة إلى بغداد وافدا على أبي إسحاق المعتصم . . . وتوفي ببغداد ودفن في مقابر قريش عند قبر جده موسى بن جعفر . . . ودفن في مقابر قريش في ظهر جده أبي الحسن موسى بن جعفر
الموسوي المكي رحمه الله: ودفن [ أبو جعفر الجواد] عند جده موسى الكاظم.
القندوزي الحنفي : ومن أئمة أهل البيت : أبو جعفر محمد الجواد ابن علي الرضا ولقبه : التقي رضي الله عنه .
قبره مع جده الكاظم تحت قبة واحدة
ابن شهرآشوب رحمه الله : ابن الهمداني الفقيه في تتمة تاريخ أبي شجاع الوزير : . . . أنة لما حرقوا القبور بمقابر قريش، جادلوا حفر ضريح أبي جعفر محمد بن علي وإخراج رمته وتحويلها إلى مقابر أحمد، فحال تراب الهدم وزناد الحريق بينهم وبين معرفة قبره .
ابن شهرآشوب رحمه الله : ودفن [ أبو جعفر محمد الجواد] في مقابر قريش إلى جنب موسى بن جعفر .
حسين بن عبد الوهاب رحمه الله: وقبره [ أي أبي جعفر الثاني] مشهور ببغداد في مقابر قريش في تربة جده أبي إبراهيم موسى بن جعفر .
الشهيد الأول رحمه الله: ودفن [ أبو جعفر الثاني] في ظهر جده الكاظم عليه السلام بمقابر قريش .
ابن الصباغ: ودفن [ أبو جعفر الثاني] في مقابر قريش في ظهر جده أبي الحسن موسى الكاظم .
الگنجي الشافعي: ودفن [ أبو جعفر الجواد] مع جده موسى .
سبط ابن الجوزي: ودفن [ أبو جعفر الثاني] إلى جانب جده موسى بن جعفر ، بمقابر قريش ، وقبره ظاهر يزار .
ابن أبي الثلج البغدادي: محمد بن علي قبره ببغداد في مقابر قريش .
الخطيب البغدادي: فتوفي [ أبو جعفر الجواد] في بغداد، ودفن في مقابر قريش عند جده موسى بن جعفر .
العلامة المجلسي رحمه الله: وضريح الكاظميين، فهما على نصف النهار من غير انحراف بين .
ابن شهرآشوب رحمه الله: والمعتز حرق المشهد بمقابر قريش، على ساكنها السلام .
فضل زياره الامام الجواد عليه السلام
فضل زيارة الامامين الطاهرين المعصومين أبي الحسن موسى بن جعفر و أبي جعفر محمد بن علي صلوات الله عليهم ببغداد وفضل مشهدهما
عن علي بن الخلال قال: ( ما همني أمر فقصدت قبر موسى بن جعفر (عليه السلام) ، و توسلت به إلا سهل الله لي ما أحب ).
ورأى في بغداد امرأة تهرول ، فقيل إلى أين ؟ ، قالت: إلى موسى بن جعفر، فإنه حبس ابني ، فقال لها حنبلي : إنه قد مات في الحبس ، فقالت: بحق المقتول في الحبس أن تريني القدرة ، فإذا بابنها في أطلق وأ خذ ابن المستهزي بجنايته) .
ابن سنان ، قلت للرضا ( عليه السلام ): ما لمن زار أباك ؟ ، قال : ( له الجنة فزره ) .
عن الرضا (عليه السلام) : إن الله نجى بغداد بمكان قبر أبي الحسن (عليه السلام) ، و قال (عليه السلام) :
وقبر ببغداد لنفس زكية
تضمنها الرحمن في الغرفات
وقبر بطوس يا لها من مصيبة
ألحت على الأحشاء بالزفرات
عن ابن سنان ، قال: قلت للرضا (عليه السلام) : ( ما لمن زار أباك؟ ، قال: الجنة فزره ).
عن الرضا (عليه السلام) ، قال: ( إن الله نجا بغداد لمكان قبور الحسينيين فيها ).
عن ابراهيم بن عقبة ، قال : ( كتبت إلى أبي الحسن الثالث (عليه السلام) أسأله عن زيارة أبي عبد الله الحسين(عليه السلام) ، و عن زيارة أبي الحسن و أبي جعفر (عليهما السلام) ، فكت إليّ :أبو عبد الله المقدم ، و هذا أجمع و أعظم أجراً ).
عن الوشّا ، قال : ( قلت للرضا (عليه السلام): ما لمن زار قبر أبي الحسن (عليه السلام) ؟، قال: له مثل ما لمن زار قبر أبي عبد الله (عليه السلام).
زيارة الامام محمّد الجواد عليه السلام
قال السّيد ابن طاوُس في المزار: اذا زُرت الامام موسى الكاظم (عليه السلام) فقِف على قبر الجواد (عليه السلام) وقبّله وقُل :
اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا اَبا جَعْفَر مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ الْبَرَّ التَّقِيَّ الاِْمامَ الْوَفِيَّ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ اَيُّهَا الرَّضِيُّ الزَّكِيُّ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا وَلِيَّ اللهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا نَجِيَّ اللهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا سَفيرَ اللهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا سِرَّ اللهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا ضِياءَ اللهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا سَناءَ اللهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا كَلِمَةَ اللهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا رَحْمَةَ اللهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ اَيُّهَا النُّوُرُ السّاطِعُ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ اَيُّهَا الْبَدْرُ الطّالِعُ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ اَيُّهَا الطَّيِّبُ مِنَ الطَّيِّبينَ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ اَيُّهَا الطّاهِرُ مِنَ الْمُطَهَّرينَ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ اَيُّهَا الاْيَةُ الْعُظْمى، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ اَيُّهَا الْحُجَّةُ الْكُبْرى، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ اَيُّهَا الْمُطَهَّرُ مِنَ الزَّلاَّتِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ اَيُّهَا الْمُنَزَّهُ عَنِ الْمُعْضِلاتِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ اَيُّهَا الْعَلِىُّ عَنْ نَقْصِ الاَْوْصافِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ اَيُّهَا الرَّضِيُّ عِنْدَ الاَْشْرافِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا عَمُودَ الدّينَ، اَشْهَدُ اَنَّكَ وَلِيَّ اللهِ وَحُجَّتُهُ في اَرْضِهِ وَأنَّكَ جَنْبُ اللهِ وَخيَرَةُ اللهِ وَمُسْتَوْدَعُ عِلْمِ اللهِ وَعِلْمِ الاَْنْبِياءِ، وَرُكْنُ الاْيمانِ وَتَرْجُمانُ الْقُرْآنِ، وَاَشْهَدُ اَنَّ مَنِ اتَّبَعَكَ عَلَى الْحَقِّ وَالْهُدى، وَاَنَّ مَنْ اَنْكَرَكَ وَنَصَبَ لَكَ الْعَداوَةَ عَلَى الضَّلالَةِ وَالرَّدى اَبْرَءُ اِلَى اللهِ وَاِلَيْكَ مِنْهُمْ في الدُّنْيا وَالاْخِرَةِ، وَاَلسَّلامُ عَلَيْكَ ما بَقيتُ وَبَقِيَ اللَّيْلُ وَالنَّهارُ.
وقل في الصّلاة عليه:
اَللّـهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّد وَاَهْلِ بَيْتِهِ، وَصَلِّ عَلى مُحَمَّد بْنِ عَلِيِّ الزَّكِيِّ التَّقِيِّ وَالْبَرِّ الْوَفِيِّ وَالْمُهَذَّبِ التَّقِيِّ هادِى الاُْمَّةِ، وَوارِثِ الاَْئِمَّةِ، وَخازِنِ الرَّحْمَةِ، وَيَنْبُوعِ الْحِكْمَةِ، وَقائِدِ الْبَرَكَةِ، وَعَديلِ الْقُرْآنِ في الطّاعَةِ، وَواحِدِ الاَْوْصِياءِ في الاِْخْلاصِ وَالْعِبادَةِ، وَحُجَّتِكَ الْعُلْيا وَمَثَلِكَ الاَْعْلى، وَكَلِمَتِكَ الْحُسْنى الدّاعي اِلَيْكَ، وَالدّالِّ عَلَيْكَ، الَّذي نَصَبْتَهُ عَلَماً لِعِبادِكَ، وَمُتَرْجِماً لِكِتابِكَ، وَصادِعاً بِاَمْرِكَ، وَناصِراً لِدينِكَ، وَحُجَّةً عَلى خَلْقِكَ، وَنُوراً تَخْرُقُ بِهِ الظُّلَمَ، وَقُدْوَةً تُدْرَكُ بِهَا الْهِدايَةُ، وَشَفيعاً تُنالُ بِهِ الْجَنَّةُ، اَللّـهُمَّ وَكَما اَخَذَ في خُشُوعِهِ لَكَ حَظَّهُ، وَاسْتَوْفى مِنْ خَشْيَتِكَ نَصيبَهُ، فَصَلِّ عَلَيْهِ اَضْعافَ ما صَلَّيْتَ عَلى وَلِيٍّ ارْتَضَيْتَ طاعَتَهُ، وَقَبِلْتَ خِدْمَتَهُ، وَبَلِّغْهُ مِنّا تَحِيَّةً وَسَلاماً، وَآتِنا في مُوالاتِهِ مِنْ لَدُنْكَ فَضْلاً وَاِحْساناً وَمَغْفِرَةً وَرِضْواناً، اِنَّكَ ذُو الْمَنِّ الْقَديمِ وَالصَّفْحِ الْجَميلِ.
ثمّ صلّ صلاة الزّيارة وقُل بعد السّلام : اَللّـهُمَّ اَنْتَ الرَّبُّ وَاَنَا الْمَرْبُوبُ .. الدعاء .
فضل زيارة الكاظمين (عليهما السلام) وكيفيّتها
اعلم انّه قد ورد لزيارة هـذين الامامين المعصومين فضل كثير وفي اخبار كثيرة انّ زيارة الامام مُوسى بن جعفر (عليهما السلام) هي كزيارة النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) .
وفي رواية : من زاره كان كما لو زار رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وامير المؤمنين .
وفي حديث آخر : انّ زيارته مثل زيارة الحسين (عليه السلام) .
وفي حديث آخر : من زاره كان له الجنّة .
وروى الصّدوق عن ابراهيم بن عقبة قال : كتبت الى الامام عليّ النّقي (عليه السلام)عن زيارة الحسين (عليه السلام)وزيارة الامام مُوسى بن جعفر والامام محمّد التّقي (عليهما السلام) أي اسأله عن أيّهما أفضل . فكتب اليّ: أبو عبد الله (عليه السلام) المقدّم وزيارتهما اجمع واعظم أجراً .
وامّا في كيفيّة زيارتهما (عليهما السلام) فاعلم انّ الزّيارات الواردة في ذلك الحرم الشّريف بعضها مشترك بين هذين الامامين (عليهما السلام) وبعضها يخصّ احدهما ، امّا ما يخصّ الامام مُوسى (عليه السلام) فهي على ما رواه السّيد ابن طاوُس في المزار كما يلي : اذا أردت زيارته (عليه السلام) فينبغي أن تغتسل ثمّ تأتي المشهد المقدّس وعليك السّكينة والوقار ، فاذا أتيته فقِف على بابه وقُل :
اَللهُ اَكْبَرُ اَللهُ اَكْبَرُ لا اِلـهَ اِلاَّ اللهُ وَاللهُ اَكْبَرُ اَلْحَمْدُ للهِ عَلى هِدايَتِهِ لِدِينِهِ وَالتَّوْفيقِ لِما دَعا اِلَيْهِ مِنْ سَبيلِهِ، اَللّـهُمَّ اِنَّكَ اَكْرَمُ مَقْصُود، وَاَكْرَمُ مَأتِيٍّ وَقَدْ اَتَيْتُكَ مُتَقَرِّباً اِلَيْكَ بِابْنِ بِنْتِ نَبِيِّكَ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَعَلى آبائِهِ الطّاهِرينَ وَاَبْنائِهِ الطَّيِّبينَ، اَللّـهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد وَلا تُخَيِّبْ سَعْيي وَلا تَقْطَعْ رَجائي وَاجْعَلْني عِنْدَكَ وَجيهاً في الدُّنْيا وَالاْخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبينَ .
ثمّ ادخل وقدّم رجلك اليُمنى وقُل :
بِسْمِ اللهِ وَبِاللهِ وَفي سَبيلِ اللهِ وَعَلى مِلَّةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، اَللّـهُمَّ اغْفِرْ لي وَلِوالِدَيَّ وَلِجَميعِ الْمُؤْمِنينَ وَالْمُؤْمِناتِ .
فاذا وصلت باب القُبّة فقِف عليه واستأذن ، تقول :
أاَدْخُلُ يا رَسُولَ اللهِ، أَاَدْخُلُ يا نَبِيَّ اللهِ، أَاَدْخُلُ يا مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِاللهِ، أَاَدْخُلُ يا اَميرَ الْمُؤْمِنينَ، أَاَدْخُلُ يا اَبا مُحَمَّد الْحَسَنَ، أَاَدْخُلُ يا اَبا عَبْدِ اللهِ الْحُسَيْنَ، أَاَدْخُلُ يا اَبا مُحَمَّد عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ، أَاَدْخُلُ يا اَبا جَعْفَر مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ، أَاَدْخُلُ يا اَبا عَبْدِ اللهِ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّد، أَاَدْخُلُ يا مَوْلايَ يا اَبَا الْحَسَنِ مُوسَى بْنَ جَعْفَر، أَاَدْخُلُ يا مَوْلايَ يا اَبا جَعْفَر أَاَدْخُلُ يا مَوْلايَ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ .
وادخل وقُل أربعاً : اَللهُ اَكْبَرُ، ثمّ قِف مستقبل القبر واجعل القِبلة بين كتفيك وقُل :
اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا ولِيَّ اللهِ وَابْنَ وَلِيِّهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا حُجَّةَ اللهِ وَابْنَ حُجَّتِهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا صَفِيَّ اللهِ وَابْنَ صَفِيِّهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا اَمينَ اللهِ وَابْنَ اَمينِهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا نُورَ اللهِ في ظُلُماتِ الاَْرْضِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا اِمامَ الْهُدى، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا عَلَمَ الدّينِ وَالتُّقى، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا خازِنَ عِلْمِ النَّبِيّينَ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا خازِنَ عِلْمِ الْمُرْسَلينَ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا نائِبَ الاَْوْصِياءِ السّابِقينَ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا مَعْدِنَ الْوَحْيِ الْمُبينِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا صاحِبَ الْعِلْمِ الْيَقينِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا عَيْبَةَ عِلْمِ الْمُرْسَلينَ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ اَيُّهَا الاِْمامُ الصّالِحُ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ اَيُّهَا الاِْمامُ الزّاهِدُ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ اَيُّهَا الاِْمامُ الْعابِدُ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ اَيُّهَا الاِْمامُ السَّيِّدُ الرَّشيدُ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ اَيُّهَا الْمَقْتُولُ الشَّهيدُ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا بْنَ رَسُولِ اللهِ وَابْنَ وَصِيِّهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا مَوْلايَ مُوسَى بْنَ جَعْفَر وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ، اَشْهَدُ اَنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ عَنِ اللهِ ما حَمَّلَكَ وَحَفِظْتَ مَا اسْتَوْدَعَكَ، وَحَلَّلْتَ حَلالَ اللهِ وَحَرَّمْتَ حَرامَ اللهِ، وَاَقَمْتَ اَحْكامَ اللهِ، وَتَلَوْتَ كِتابَ اللهِ وَصَبَرْتَ عَلَى الاَْذى في جَنْبِ اللهِ، وَجاهَدْتَ في اللهِ حَقَّ جِهادِهِ حَتّى أتاكَ الْيَقينُ، وَاَشْهَدُ اَنَّكَ مَضَيْتَ عَلى ما مَضى عَلَيْهِ آباؤُكَ الطّاهِرُونَ وَاَجْدادُكَ الطَّيِّبُونَ الاَْوْصِياءُ الْهادُونَ الاَْئِمَّةُ الْمَهْدِيُّونَ، لَمْ تُؤْثِرْ عَمىً عَلى هُدىً، وَلَمْ تَمِلْ مِنْ حَقٍّ اِلى باطِل، وَاَشْهَدُ اَنَّكَ نَصَحْتَ للهِ وَلِرَسُولِهِ وَلاَِميرِ الْمُؤمِنينَ، وَاَنَّكَ اَدَّيْتَ الاَْمانَةَ، وَاجْتَنَبْتَ الْخِيانَةَ، وَاَقَمْتَ الصَّلاةَ، وَآتَيْتَ الزَّكاةَ، وَاَمَرْتَ بِالْمَعْرُوفِ، وَنَهَيْتَ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَعَبَدْتَ اللهَ مُخْلِصاً مُجْتَهِداً مُحْتَسِباً حَتّى أتاكَ الْيَقينُ فَجَزاكَ اللهُ عَنِ الاِْسْلامِ وَاَهْلِهِ اَفْضَلَ الْجَزاءِ وَاَشْرَفَ الْجَزاءِ، اَتَيْتُكَ يَا بْنَ رَسُولِ اللهِ زائِراً، عارِفاً بِحَقِّكَ، مُقِرّاً بِفَضْلِكَ، مُحْتَمِلاً لِعِلْمِكَ، مُحْتَجِباً بِذِمَّتِكَ، عائِذاً بِقَبْرِكَ، لائِذاً بِضَريحِكَ، مُسْتَشْفِعاً بِكَ اِلَى اللهِ، مُوالِياً لاَِوْلِيائِكَ، مُعادِياً لاَِعْدائِكَ، مُسْتَبْصِراً بِشَأْنِكَ وَبِالْهُدَى الَّذي اَنْتَ عَلَيْهِ، عالِماً بِضَلالَةِ مَنْ خالَفَكَ وَبِالْعَمَى الَّذي هُمْ عَلَيْهِ، بِاَبي اَنْتَ وَاُمّي وَنَفْسي وَاَهْلي وَمالي وَوَلَدي يَا بْنَ رَسُولِ اللهِ، اَتَيْتُكَ مُتَقَرِّباً بِزِيارَتِكَ اِلَى اللهِ تَعالى، وَمُسْتَشْفِعاً بِكَ اِلَيْهِ فَاشْفَعْ لي عِنْدَ رِبِّكَ لِيَغْفِرَ لي ذُنُوبي، وَيَعْفُوَ عَنْ جُرْمي، وَيَتَجاوَزَ عَنْ سَيِّئاتي، وَيَمْحُوَ عَنّي خَطيئاتي وَيُدْخِلَنِي الْجَنَّةَ، وَيَتَفَضَّلَ عَلَيَّ بِما هُوَ اَهْلُهُ، وَيَغْفِرَ لي وَلاِبائي وَلاِِخْواني وَاَخَواتي وَلِجَميعِ الْمُؤْمِنينَ وَالْمُؤْمِناتِ في مَشارِقِ الاَْرْضِ وَمَغارِبِها بِفَضْلِهِ وَجُودِهِ وَمَنِّهِ.
ثمّ تنكب على القبر وتقبّله وتعفّر خدّيك عليه وتدعو بما تريد ثمّ تتحوّل الى الرّأس وتقُول :
اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا مَوْلايَ يا مُوسَى بْنَ جَعْفَر وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ، اَشْهَدُ اَنَّكَ الاِْمامُ الْهادِي وَالْوَلِيُّ الْمُرْشِدُ وَاَنَّكَ مَعْدِنُ التَّنْزيلِ وَصاحِبُ التَّأويلِ وَحامِلُ التَّوْراةِ وَالاِْنْجيلِ، وَالْعالِمُ الْعادِلُ وَالصّادِقُ الْعامِلُ، يا مَوْلايَ اَنَا اَبْرَأُ اِلَى اللهِ مِنْ اَعْدائِكَ وَاَتَقَرَّبُ اِلَى اللهِ بِمُوالاتِكَ، فَصَلَّى اللهُ عَلَيْكَ وَعَلى آبائِكَ وَاَجْدادِكَ وَاَبْنائِكَ وَشيعَتِكَ وَمُحِبّيكَ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ .
ثمّ تصلّي ركعتين للزّيارة تقرأ فيهما سورة يس والرّحمن أو ما تيسّر من القرآن ثمّ ادعُ بما تريد .
زيارة الإمام الكاظم و الرضا و الجواد و الهادي عليهم السلام
السلام عليكم يا أولياء الله السلام عليكم يا حجج الله السلام عليكم يا نور الله في ظلمات الأرض السلام عليكم صلوات الله عليكم وعلى آل بيتكم الطيبين الطاهرين بأبي انتم وأمي لقد عبدتم الله مخلصين وجاهدتم في الله حق جهاد حتى أتاكم اليقين فلعن الله أعدائكم من الجن والإنس أجمعين وأنا أبرء إلى الله واليكم منهم يا مولاي يا أبا إبراهيم موسى ابن جعفر يا مولاي يا أبا الحسن علي ابن موسى يا مولاي يا أبا جعفر محمد ابن أمين يا مولاي يا أبا الحسن علي ابن محمد أنا مولى لكم مؤمن بسركم وجهركم متضيف بكم في يومكم هذا وهو يوم الأربعاء ومستجير بكم فأغيثوني وأجيروني بال بيتكم الطيبين الطاهرين .