اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد وعجّل فرجهم والعن أعدائهم

 

نسبه الطّاهر عليه السّلام
ليس في دنيا الأنساب نسب أسمى، ولا أرفع من نسب أبي الفضل فهو من صميم الأسرة العلوية، التّي هي من أجلّ وأشرف الأسر التّي عرفتها الإنسانية في جميع أدوارها، تلك الأسرة العريقة في الشّرف والمجد، التّي أمدّت العالم العربي والإسلامي بعناصر الفضيلة، والتّضحية في سبيل الخير، وما ينفع النّاس، وأضاءت الحياة العامة بروح التّقوى، والإيمان، وهذا عرض موجز للأصول الكريمة التّي تفرّع قمر بني هاشم، وفخر عدنان منها.


والدّه عليّ بن أبي طالب عليهم السّلام
أمّا الوالدّ الكريم لسيّدنا العبّاس (عليه السّلام) فهو الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام)، وصيّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، وباب مدينة علمه، وختنه على حبيبته، وهو أول من آمن بالله، وصدّق رسوله وكان منه بمنزلة هارون من موسى، وهو بطل الإسلام، والمنافح الأول عن كلمة التّوحيد، وقد قاتل الأقربين والأبعدين من أجل نشر رسالة الإسلام وإشاعة أهدافه العظيمة بين النّاس، وقد تمثلت بهذا الإمام العظيم جميع فضائل الدّنيا، فلا يدانيه أحد في فضله وعلمه، وهو - بإجماع المُسلمين _ أثرى شخصية علمية في مواهبه وعبقرياته بعد الرّسول مُحمّد (صلّى الله عليه وآله)، وهو غنّي عن البيان والتّعريف، فقد استوعبت فضائله ومناقبه جميع لغات الأرض… ويكفي العبّاس شرفاً وفخراً أنّه فرع من دوحة الإمامة، وأخ لسبطي رسول الله (صلّى الله عليه وآله).

والدّة العبّاس أُمّ البنين عليهما السّلام
هي فاطمة بنت حزام وهو أبو المحل بن خالدّ ابن ربيعة بن الوحيد بن كعب بن عامر بن كلاب، وأمها ثمامة بنت سهل بن عامر بن مالك بن جعفر بن كلاب، وأمها عمرة بنت الطّفيل فارس فرزل بن مالك الاحزم رئيس هوازن بن جعفر بن كلاب، وأمها أُمّ الخشف بنت أبي معاوية فارس الهوازن بن عبادة بن عقيل بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة، وأمها فاطمة بنت جعفر بن كلاب، وأمها عاتكة بنت عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب، وأمها آمنة بنت وهب بن نمير بن نصر بن قصي بن كلاب، وأمها آمنة بنت أسد بن خزيمة، وأمها بنت جحدر بن ضبيعة الأعز بن قيس بن ثعلبة بن عكاسة بن صعب بن عليّ بن بكر بن وائل بن ربيعة بن زار، وأمها بنت مالك بن قيس بن ثعلب وأمها بنت ذي الرّأسين وهو خشيش بن أبي عصم بن سمح بن فزارة وأمها بنت عمرة بن صرمة بن عوف بن سعد بن ذبيان بن نفيض بن الرّيت بن غطفان.
حفظ لنا التّاريخ شيئاً عن حياة واحدة من كبريات النّساء، بلغت من رفعة المركز، تلك أهي (أُمّ البنين) العابدة الزّاهدة المحبة للخير الصّانعة للمعروف النّاهية عن المنكر، فهي مع حداثة سنها قد نالتّ بفضل جدها واجتهادها وذكائها المعيتها مكانة لائقة في المجتمع وحب أهل الفضل بها، ولا يعرف الفضل إلا ذووه.


أسرة أُمّ البنين عليها السّلام
أما أسرة أُمّ البنين عليها السّلام فهي من أجلّ الأسر العربية، وقد عرفت بالنّجدة والشّهامة، وقد اشتهر جماعة بالنّبل والبسالة منهم:

الطّفيل
وهو والد عمرة الجدّة الأولى لأمّ البنين كان من أشهر شجعان العرب، وله أشقّاء من خيرة فرسان العرب، منهم ربيعة، وعبيدة، ومعاوية، ويقال لأمّهم (أمّ البنين) وقد وفدوا على النّعمان بن المنذر فرأوا عنده الرّبيع بن زياد العبسي، وكان عدوّاً وخصماً لهم، فاندفع لبيد وقد تميّز من الغيظ فخاطب النّعمان:

يا واهب الخير الجزيل من سعة * نحن بنو أُمّ البنين الأربعة
ونحن خير عامر بن صعصعة * المطعمون الجفنة المدعدعة
الضّاربون الهام وسط الحيصعة * إليك جاوزنا بلاداً مسبعة
تخبر عن هذا خبيراً فاسمعه * مهلاً أبيت اللعن لا تأكل معه

فتأثّر النّعمان للربيع، وأقصاه عن مسامرته، وقال له:
شرّد برحلك عنّي حيث شئت * ولا تكثر عليّ ودع عنك الأباطيلا
قد قيل ذلك إن حقاً وان كذبا * فما اعتذارك في شيء إذا قيلا

ودلّ ذلك على عظيم مكانتهم، وسموّ منزلتهم الاجتماعية عند النّعمان فقد بادر إلى إقصاء سميره الرّبيع عن مسامرته.

عروة بن عتبة
وهو والد كبشة الجدّة الثانية لأم البنين، وكان من الشّخصيات البارزة في العالم العربي، وكان يفد على ملوك عصره، فيكرّمونه، ويجزلون له العطاء، ويحسنون له الوفادة.
هؤلاء بعض الأعلام من أجداد السّيّدة الكريمة أُمّ البنين، وقد عرفوا بالنّزعات الكريمة، والصّفات الرّفيعة، وبحكم قانون الوراثة فقد انتقلت صفاتهم الشّريفة إلى السّيّدة أُمّ البنين ثمّ منها إلى أبنائها الممجدين.

عامر بن الطّفيل
وهو أخو عمرة الجدة الأولى لأمّ البنين، وكان من ألمع فرسان العرب في شدّة بأسه، وقد ذاع اسمه في الأوساط العربية وغيرها، وبلغ من عظيم شهرته أن قيصر إذا قدم عليه وافد من العرب فإن كان بينه وبين عامر نسب عظم عنده، وبجّله وأكرمه، وإلا أعرض عنه.

عامر بن مالك
وهو الجدّ الثاني للسيّدة أُمّ البنين، وكان من فرسان العرب وشجعانهم ولقّب بملاعب الأسنّة لشجاعته الفائقة، وفيه يقول الشّاعر:
يلاعب أطراف الأسنة عامر * فراح له حظّ الكتائب أجمع

وبالإضافة إلى شجاعته فقد كان من أباة الضّيم، وحفظة الذّمام ومراعاة العهد، ونقل المؤرّخون عنه بوادر كثيرة تدلّل على ذلك.


خبر الاختيار ورواته
وقد روي أن أمير المؤمنين (عليه السّلام) قال لأخيه عقيل (عليه السّلام) وكان نسابة عالماً بأنساب العرب وأخبارهم: أنظر لي امرأة قد ولدتها الفحولة من العرب لأتزوجها فتلد لي غلاماً فارساً فقال له تزوج أُمّ البنين الكلابية فإنه ليس في العرب أشجع من آبائها فتزوجها...
وقيل أتى زهير إلى عبد الله بن جعفر بن عقيل قبل أن يقتل فقال له يا أخي ناولني هذه الرّاية فقال له عبد الله، أو فيَّ قصور عن حملها قال لا ولكن لي بها حاجة قال فدفعها إليه وأخذها زهير وأتى تجاه العبّاس بن أمير المؤمنين وقال يا ابن أمير المؤمنين أريد أن أحدثك بحديث وعيته فقال حدث فقد حلا وقت الحديث.. حدث ولا حرج عليك فإنما تروي لنا متواتر الإسناد
فقال له أعلم يا أبا الفضل أن أباك أمير المؤمنين (عليه السّلام) لما أراد أن يتزوج بأمك أُمّ البنين بعث لأخيه عقيل وكان عارفاً بأنساب العرب فقال (عليه السّلام) يا أخي أريد منك أن تخطب لي امرأة من ذوي البيوت والحسب والنّسب والشّجاعة لكي أصيب منها ولداً يكون شجاعاً وعضداً ينصر ولدي هذا وأشار إلى الحُسين (عليه السّلام) ليواسيه في طف كربلا وقد أدخرك أبوك لمثل هذا اليوم فلا تقصر عن حلائل أخيك وعن أخواتك قال فارتعد العبّاس وتمطى في ركابه حتى قطعه وقال يا زهير تشجعني في مثل هذا اليوم والله لأرينك شيئاً ما رأيته قط...إلخ.
ولما رجع العبّاس من مكالمته مع شمر حين عرض عليه الكتاب الذّي فيه أمان له ولأخوته استقبلته الحوراء زينب وقد سمعت كلامه مع الشّمر قالتّ له أخي أريد أن أحدثك بحديث قال حدثي يا زينب لقد حلا وقت الحديث.
قالتّ أعلم يا ابن والدّي لما ماتت أمنا فاطمة قال أبي لأخيه عقيل أريد منك أن تختار لي امرأة من ذوي البيوت والشّجاعة حتى أصيب منها ولداً ينصر ولدي الحُسين بطف كربلاء وقد أدخرك أبوك لمثل هذا اليوم فلا تقصر يا أبا الفضل.
فلمّا سمع العبّاس كلامها تمطى في ركابي سرجه حتى قطعهما وقال لها في مثل هذا اليوم تشجعيني وأنا ابن أمير المؤمنين فلمّا سمعت كلامه سرت سروراً عظيماً.
عرفنا أن خبر الاختيار رواه فيمن رواه العقيلة زينب وزهير بن القين.
وهنا لو سَئل سائل: لم عول أمير المؤمنين (عليه السّلام) أخيه عقيل في الاختيار ولم يختر هو لنفسه فهل كان عقيل أعرف منه بأصول العرب مع أنكم تعتقدون أن الإمام أعلم من غيره في كل العلوم وأعرف ممن سواه بكل شيء.
الجواب: نعم هو كذلك عندنا ولكن كانت العادة التّي اقتضتها همم الأكابر من الملوك والعظماء أنه إذا أراد التّزويج لنفسه أو لواحد من ولده أناب عنه من يقوم به من خاصته من يعتمد عليه من أهل المعرفة والحزم ليختار له ترفعا منهم عن ذلك لأن المرأة مهما بلغت من الجلالة وعظم القدر هي بالنّسبة إلى ذلك العظيم لا ترقى إليه ويرى أن مباشرته للخطبة بنفسه انحطاطاً لقدره وهذا نبينا مُحمّد (صلّى الله عليه وآله) لما أراد التّزويج بخديجة(عليها السّلام) مع رغبته التّامة فيها وعلو قدر خديجة وعظم شأنها في قريش لم يباشر (صلّى الله عليه وآله) خطبتها بنفسه وإنما باشر ذلك أعمامه أبو طالب والزّبير وحمزة والقضايا التّاريخية إذا سرت عليها أرتك ما نقوله جلياً.
وثانياً: إن رجوع العالم إلى من هو أدنى منه في العلم في سؤال أو مشاورة لا ينفي الأول من العلم وحصانة الرّأي، والشّواهد في ذلك كثيرة ذكر القرآن (عز شأنه) لحبيبه مُحمّد (صلّى الله عليه وآله): (وشاورهم في الأمر).
ومن تتبع التّاريخ يرى أن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) الذّي: (لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى) شاور أصحابه في مواقف عديدة وأخذ بمشورتهم، وأشاروا عليه وقبل رأيهم، أترى أنه دخل على رسول الله (صلّى الله عليه وآله) في هذه المشاورة نقص في العلم والرّأي، الجواب: كلا.
وقد ذكر الله (عز وجل) في كتابه المجيد حول هذا الموضوع أكثر من خمس آيات: وقد قيل: (وكم سائل عن أمره وهو عالم) وغير خفي ما أخبر به الذّكر الحكيم من طلب سليمان (عليه السّلام) أصحابه إحضار قصر بلقيس حتى أحضره وصيه آصف بن برخيا ترى أنه (عليه السّلام) لا يستطيع إحضاره هو.
كما ولا يخفى اقتراح موسى (عليه السّلام) على ربه المساعدة من أخيه هارون على تأدية الرّسالة إلى فرعون، وغيرها وغيرها من الشّواهد الدّالة على ذلك.
ونظرة ثانية كأنما أراد أمير المؤمنين (عليه السّلام) في اعتماده على أخيه عقيل ليختار له امرأة لا لاظهار شخصية أخيه في هذا العلم فحسب، بل وحتى تكون شهادته عالية الشّأن دامغة الحجة فإذا وصم الأعداء في أنسابهم بوصمة تغنت بها الرّكبان وتحدثت بها أهل المحافل وإذا مدح أحد في نسبه كانت كلمته مضرب المثل وحجة عند أهل الأنساب، فعلى هذا وذاك قال (عليه السّلام) لأخيه عقيل يا أخي أريد منك أن تختار لي.


الاقتران بمولى الموحدين عليهم السّلام
مضى عقيل بن أبي طالب في مهمته بأمر أخيه أمير المؤمنين (عليه السّلام) حتى ورد بيت حزام بن خالدّ بن ربيعة ضيفا على فراش كرامته وكان خارج المدينة، فرحب به ونحر له النّحائر وأكرم مثواه غاية الأكرام، وكانت عادة العرب لا يسألون الضّيف عن حاجته إلا بعد ثلاثة أيام الضّيافة.
فلمّا انقضت وجاء اليوم الرّابع جاء حزام إلى عقيل بن أبي طالب وجلس إلى جانبه وخاطبه بكل تأدب وتبجيل قائلاً هل من حاجة فتقضى أو ملمة فتمضى من مال أو رجال فنحن رهن أشارتكم فقال له عقيل جئتك بالشّرف الشّامخ والمجد الباذخ، فقال حزام وما هو يا بن عم رسول الله (صلّى الله عليه وآله) قال جئتك خاطباً قال من لمن.
قال عقيل أخطب ابنتك الحرة فاطمة أُمّ البنين إلى يعسوب الدّين والحق اليقين وقائد الغر المحجلين وسيد الوصيين أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف.
فلمّا سمع حزام هش وبش ثمّ قال بخ بخ بهذا النّسب الشّريف والحسب المنيف لنا الشّرف الرّفيع والمجد المنيع بمصاهرة ابن عم رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وبطل الإسلام وقاسم الجنة والنّار، ولكن يا عقيل أنت جد عليم ببيت سيدي ومولاي، أنه مهبط الوحي ومعدن الرّسالة ومختلف الملائكة وأن مثل أمير المؤمنين ينبغي أن تكون له امرأة ذات معرفة عن علم وآداب في ثقافة وعقل مع أخلاق حسنة حتى تكون صالحة لشأنه العالي ومقامه السّامي، وأن ابنتنا من أهل القرى والبادية وأهل البادية غير أهل المدينة ولعلها غير صالحة لأمير المؤمنين (عليه السّلام). فقال عقيل يا حزام أن أخي يعلم بكل ما قلته وأنه يرغب في التّزويج بها فقال حزام إذاً تمهل حتى أسأل عنها أمها هل تصلح لأمير المؤمنين أُمّ لا، فإن النّساء أعلم ببناتهن من الرّجال في الأخلاق والآداب.
ثم قام حزام من مجلسه وجاء ليسأل، فلمّا قرب من المنزل وإذا هو يرى فاطمة جالسّة بين يدي أمها وهي تمشط رأسها وفاطمة تقول: يا أماه أني رأيت في منامي رؤيا البارحة، فقالتّ لها أمها خيراً رأيت يا بنية قصيها علي:
فقال حزام في نفسه انتظر حتى أسمع ماذا رأت في منامها، فوقف في مكانه بحيث يسمع الصّوت ولا يراه أحد.
فقالتّ فاطمة لأمها: أني رأيت فيما يرى النّائم كأني جالسّة في روضة ذات أشجار مثمرة وأنهار جارية وكانت السّماء صاحية والقمر مشرقاً والنّجوم ساطعة وأنا أفكر في عظمة خلق الله من سماء مرفوعة بغير عمد وقمر منير وكواكب زاهرة، فبينما كنت في هذا التّفكير ونحوه وإذا أرى كأن القمر قد انقض من كبد السّماء ووقع في حجري وهو يتلألأ نوراً يغشي الأبصار، فعجبت من ذلك وإذا بثلاثة نجوم زواهر قد وقعوا أيضاً في حجري وقد أغشى نورهم بصري فتحيرت في أمري مما رأيت وإذا بهاتف قد هتف بي أسمع منه الصّوت ولا أرى الشّخص وهو يقول:

بشراك فاطمة بالسّادة الغرر* ثلاثة أنجم والزّاهر القمر
أبوهم سيد في الخلق قاطبة * بعد الرّسول كذا قد جاء في الخبر

فلمّا سمعت ذلك ذهلت وانتبهت فزعة مرعوبة، هذه رؤياي يا أماه فما تأويلها:
فقالتّ لها أمها يا بنية ان صدقت رؤياك فانك تتزوجين برجل جليل القدر رفيع الشّأن عظيم المنزلة عند الله مطاع في عشيرته، وترزقين منه أربعة أولاد يكون أولهم وجهه كأنه القمر وثلاثة كالنّجوم الزّواهر.
فلمّا سمع حزام ذلك أقبل عليهما وهو مبتسم ويقول يا بنية قد صدقت رؤياك فقالتّ له أمها وكيف علمت ذلك قال هذا عقيل ابن أبي طالب جاء يخطب ابنتك قالتّ لمن قال لفلال الكتائب ومظهر العجايب وسهم الله الصّائب وفارس المشارق والمغارب الإمام عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام). قالتّ وما الذّي قلت له قال أمهلته حتى أسألك عن ابنتك، هل تجدين فيها كفاءة بأن تكون زوجة لأمير المؤمنين واعلمي أن بيته بيت الوحي والنّبوة والعلم والآداب والحكمة فإن تجديها أهلاً لأن تكون خادمة في هذا البيت وإلا فلا.
فقالتّ يا حزام أني والله قد ربيتها وأحسنت تربيتها وأرجو الله العلي القدير أن يسعد جدها وأن تكون صالحة لخدمة سيدي ومولاي أمير المؤمنين فزوجها به:
زوج كريمتنا بالفارس البطل * نعم القرينة للمولى الإمام علي
فإنها حرة في الحسن بارعة * في الرّشد كاملة والعقل

فلمّا سمع حزام سر بذلك سروراً عظيماً وأقبل إلى عقيل وهو مستبشر فقال له عقيل ما ورائك قال كل الخير إن شاء الله قد رضينا بأن تكون ابنتنا خادمة لأمير المؤمنين (عليه السّلام) فقال عقيل لا تقل خادمة بل قل زوجة.
ثمّ قال عقيل يا حزام هل عندكم اقتراح في الصّداق قال حزام هي هبة منا إلى ابن عم رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فقال عقيل بل ممهورة.
أما المهر فهو ما سنّه رسول الله (صلّى الله عليه وآله) في بناته وزوجاته خمسمائة درهم، وأما الهدية فلكم ما يرضيكم ويزيد فقال حزام أعلم يا عقيل إنا لا نطمع في كثرة المال ولكن نطمع في شرف الرّجال ثمّ نهض حزام من وقته وساعته ودخل على زوجته ثمامة بنت سهيل وهو يقول: البشارة فإنه قد سعد جدك وعلا مجدك وارتفع ذكرك فقد قبل عقيل بن أبي طالب ابنتك زوجة لأخيه أمير المؤمنين صاحب الأنوار والهيبة والوقار.
فلمّا سمعت ذلك منه خرت ساجدة لله شكراً وقالتّ الحمد لله الذّي جمع شملنا بمُحمّد المصطفى (صلّى الله عليه وآله) وعلي المرتضى (عليه السّلام) ثمّ أقبلت على ابنتها فاطمة تهنئها وتقبلها ولسان الحال يقول:
يهنيك هذا الشّرف العالي * وأنت في عز واقبال
فيك فنون الحسن قد جمعت * فصرت في فضل به عالي
حظيت بالمفضال خير الملا * بعد النّبي الطّاهر العالي

ثم أن حزام خرج ودعى عشيرته وقومه من بني كلاب وبني عامر، فلمّا اجتمعوا قام عقيل بن أبي طالب خطيبا: فحمد الله وأثنى عليه وذكر النّبي فصلى عليه (صلّى الله عليه وآله) ثمّ قال:
أما بعد يا بني كلاب ويا بني عامر بن صعصعة، نحمد الله نحن العرب إذ جعلنا من خير خلقه وأرسل فينا رسولاً من أنفسنا مُحمّداً (صلّى الله عليه وآله) من شجرة النّبوة وجاءنا بدين الله القويم الذّي ارتضاه لنا إذ يقول القرآن: (إن الدّين عند الله الإسلام) وقال عز وجل: (ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه) وأمرنا بنبذ البغضاء والشّحناء والأحقاد، وحبب لنا صلة الأرحام والتّقارب والاتحاد، إذ يقول جل ذكره: (يا أيها النّاس إنا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا ان أكرمكم عند الله أتقاكم أن الله عليم خبير) وحرم علينا الزّنى والسّفاح، وأحل لنا الزّواج والنّكاح، إذ يقول (عز شأنه): (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة أن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون).
وقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): (تناكحوا تناسلوا فإني مباه بكم الأمم) وهذا عليّ بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم، قد أحب مصاهرتكم وخطب إليكم كريمتكم فاطمة أُمّ البنين بنت حزام بن خالدّ بن ربيعة، على كتاب الله وسنة رسوله، وقد ذكر القرآن (تبارك والله): (فاطر السّماوات والأرض جعل لكم من أنفسكم أزواجاً ومن الأنعام أزواجاً يذرؤكم فيه ليس كمثله شيء وهو السّميع البصير) والسّلام عليكم ورحمة الله وبركاته ثمّ جلس، وقام حزام بن خالدّ، خطيباً فحمد الله وأثنى عليه وذكر النّبي فصلى عليه ثمّ قال:
يا قومي قد سمعتم ما قاله ابن عم رسول الله (صلّى الله عليه وآله) عقيل بن أبي طالب من ذكر نبينا مُحمّد (صلّى الله عليه وآله) ودين الإسلام القويم وأني أشهدكم وأشهد الله أني أدين بدين هذا النّبي الكريم وأطيعه فيما نهاني عنه وما أمرني به وأني قد ارتضيت عليّ بن أبي طالب لابنتي بعلاً، وارتضيتها له سكناً وبما أنكم عشيرتي وقومي أطلعتكم على هذا الأمر فما تقولون؟
فقالوا يا حزام ما تريدنا أن نقول في ابن عم رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وناصر دين الله ومن لنا بأكرم منه حسباً أو بمثله نسباً، (فلنا الشّرف والمجد والسّؤدد ومن لنا بأكرم منه حسباً أو بمثله نسباً)، فلنا الشّرف والمجد والسّؤدد في قربه منا وانتسابنا إليه، فنعم ما صنعت وخير ما رأيت، فعند ذلك أخذ عقيل من أُمّ البنين الأذن لأجراء صورة العقد واجراه في حضور جماعة من بني كلاب وأشهد منهم جماعة على ذلك.
فلمّا أراد عقيل السّفر ودع بني كلاب وبني عامر وودع حزام وشكره على ما صنعه معه، من الحفاوة وعلى تلبيته لطلب أمير المؤمنين بالتّرحيب ثمّ ضرب لهم موعداً لارسال الصّداق حتى يرسلوا العروس، ثمّ قفل راجعاً إلى المدينة.
فلمّا وصل عقيل إلى المدينة وأخبر أخاه أمير المؤمنين (عليه السّلام) بذلك أرسل لهم الصّداق مع الهدايا والتّحف ما غمرهم به.
فلمّا وصلت الهدايا والتّحف والصّداق نهضت ثمامة والدّة أُمّ البنين، ودعت جاريتها وقالتّ لها أمضي إلى داية ابنتي وقولي لها تأتي مسرعة، فمضت وما أسرع أن رجعت ومعها الدّاية، فقالتّ لها قومي وخذي ابنتي وأصلحي شأنها فإنا نريد تزويجها، قالتّ ومن ذا يكون بعلها قالتّ أمير المؤمنين وسيد الوصيين وأبو الرّيحانتين والإمام الهمام عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام) ففرحت الدّاية فرحاً شديداً وقالتّ الحمد لله رب العالمين فقد سعد حظها وعلا قدرها.
ثم قامت وهنأت فاطمة بالسّعادة الأبدية وأصلحت شأنها كما ينبغي وألبسوها الثياب الفاخرة وزينوها بالحلي والحلل.
ثم أمر حزام بأعداد خمسة هوادج مزينة بأحسن الزّينة واركبوا فاطمة أُمّ البنين وأمها في هودج، وقد غشوه بالحرير والأبريسم والنّساء من بني عمومتها في بقية الهوادج من خلفها وركبت عشرة فوارس من بني كلاب يحفون بالهوادج وهم مسلحون بالسّيوف الهندية والرّماح الخطية وجاؤا جميعاً إلى المدينة، فلمّا وصلوا خرجت في استقبالهم النّساء والرّجال من بني هاشم وهم في فرح وسرور فأمر أمير المؤمنين (عليه السّلام) أن تعمل لهم وليمة عظيمة تليق بشأنه وبشأنهم وأكرمهم غاية الإكرام ومكثوا ثلاثة أيام في ضيافة أبي الحسن (عليه السّلام).
فلمّا أرادوا ادخالها على أمير المؤمنين خرجت معها أمها ونساء بني هاشم ونساء المهاجرين والأنصار وهن ينشدن الأشعار ويصلين على النّبي المختار وآله الأطهار (صلوات الله عليهم أجمعين) وأنشدت واحدة منهن تقول شعراً:
يهنيك فاطمة بالفارس البطل * نعم القرين أمير المؤمنين علي
من للانام إمام حجة * وولي للمؤمنين أمير والغدير جلي

وقد ارتفعت الأصوات بالصّلاة والسّلام على مُحمّد (صلّى الله عليه وآله) وآله الأطهار من جميع النّساء، وأدخلوها بهذه الهيئة الحسنة الجميلة وهن في بهجة وسرور ثمّ تفرقن عنها، فلمّا دخل بها أمير المؤمنين (عليه السّلام) وجدها فوق الوصف، ورأى ما أسره من الحسن والجمال والهيئة والكمال.


الزّواج الميمون
اختلف المؤرخون في الوقت الذّي تزوجها فيه أمير المؤمنين (عليه السّلام) ففريق قال أنّه تزوجها بعد وفاة الصّديقة الكبرى سيدة النّساء وفريق يرى أنه تزوجها بعد زواجه أمامة بنت زينب بنت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وهذا بعد وفاة الزّهراء لأن الله قد حرّم النّساء على عليّ ما دامت فاطمة موجودة، فولدت له أربعة بنين وأنجبت بهم، العبّاس وعبد الله وجعفر وعثمان وعاشت بعده مدة طويلة ولم تتزوج من غيره كما أن أمامة وأسماء بنت عميس وليلى النّهشلية لم يخرجن إلى أحد بعده وهذه الأربع حرائر توفي عنهن سيد الوصيين وقد خطب المغيرة بن نوفل أمامة ثمّ خطبها أبو الهياج بن أبي سفيان بن الحارث فامتنعت وروت حدّيثاً عن عليّ (عليه السّلام) أن أزواج النّبي والوصي لا يتزوجن بعده فلم يتزوجن الحرائر وأمهات الأولاد عملاً بالرّواية. وأم البنين المرأة الثانية التّي تزوجها أمير المؤمنين باختيار الغير والأولى أمامة بنت زينب بنت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) بوصية من الزّهراء .
كما جاء عن السّيدة فاطمة الزّهراء (عليها السّلام) ما هذا نصه: يا بن عم رسول الله أوصيك أولاً أن تتزوج بأمامة فإنها تكون لولدي مثلي فإن الرّجال لابد لهم من النّساء.


بحث في الزّواج
الإمام عليّ (عليه السّلام) كان كفوا لفاطمة (سلام الله عليها) وفاطمة (عليها السّلام) كانت كفواً لعلي (عليه السّلام)، كما ورد في الأحاديث:
قال الإمام الصّادق: (لولا أن الله خلق أمير المؤمنين (عليه السّلام) لم يكن لفاطمة كفؤ على وجه الأرض آدم فمن دونه).
وفي بعض الرّوايات تساويهما في الفضيلة بعد الرّسول (صلّى الله عليه وآله).
وهما (عليهما السّلام) في المعنويات قبل الإمامين الحسن والحُسين (عليه السّلام)، وبعدهما الإمام المهدي (عجل الله فرجه الشّريف)، وبعده الأئمة الثمانية (صلوات الله عليهم أجمعين).
هذه هي درجات الفضل حسب ما يستفاد من الرّوايات، والعلم عند الله.
وبعد أن تزوج أمير المؤمنين (عليه السّلام) بكفوه فاطمة (سلام الله عليها)، كانت أمامة حفيدة الرّسول (صلّى الله عليه وآله) زوجة له (عليه السّلام)، وإن كان بينها وبين الإمام عليّ (عليه السّلام) بون شاسع.. فإنه (عليه السّلام) أفضل الخلق بعد رسول الله (صلّى الله عليه وآله).
وبعدها جاءت فاطمة أُمّ البنين (سلام الله عليها)، ولها من الفضل والرّفعة المعنوية ما لا يسعنا علمه، وإن كانت دون المعصوم (عليه السّلام) وحتى دون من لهم العصمة الصّغرى كالسّيدة زينب والسّيدة المعصومة والسّيدة نرجس (عليهنَّ الصّلاة والسّلام).
ومسألة الكفؤ من أهم ما يلزم ملاحظته في الزّواج، والمقصود به ما بينته الرّوايات مثل:
(إذا جاءكم من ترضون خلقه ودينه فزوِّجوه).
والرّسول الأعظم (صلّى الله عليه وآله) حرّض كل رجل وامرأة بالزّواج من الكفؤ الشّرعي، باختيار كل واحد للآخر حسب الملاك المذكور: (ترضون خلقه ودينه).
وهذه القاعدة تجري في الطّرفين: الزّوج بالنّسبة إلى الزّوجة، والزّوجة بالنّسبة إلى الزّوج.
فكانت أُمّ البنين (سلام الله عليها) قد بلغت درجة من الفضل والكمال حيث رضي أمير المؤمنين (عليه السّلام) بخلقها ودينها، فأقدم على الزّواج منها.. أما العكس فهو أوضح من أن يذكر.
لا يقال: كيف يحرّض الرّسول (صلّى الله عليه وآله) على ما تقدم وعلى البكارة، ثمّ لم يلتزم هو بما ذكره؟
لأنه يقال: كان عمل الرّسول (صلّى الله عليه وآله) وفقاً لقاعدة (الأهم والمهم)، ومن المعلوم أن تلك القاعدة مقدمة على غيرها - على ما ذكروه في الأصول -.
وكانت أُمّ البنين (سلام الله عليها) في غاية الأدب والأخلاق، فقد قالتّ لعلي أمير المؤمنين (عليه السّلام)، لا تسمني فاطمة!، لأن الحسن والحُسين وزينب وأم كلثوم (عليهم السّلام) يتذكرون أمهم ويتأثرون بذلك، ولذا سمّاها (عليه السّلام) ب (أم البنين) - على ما هي العادة عند العرب من الكنية - لا باعتبار الانطباق الخارجي، بل باعتبار الانتخاب، والله رزقها أربعة أولاد (مثل بدور الدّجى) فصاروا مفخرة البشرية إلى يوم القيامة.


مكانتها عند أهل البيت
ولهذه السّيّدة الزّكية مكانة متميّزة عند أهل البيت(عليهم السّلام)، فقد أكبروا إخلاصها وولاءها للإمام الحُسين (عليه السّلام)، وأكبروا تضحيات أبنائها المكرمين في سبيل سيّد الشّهداء (عليه السّلام)، يقول الشّهيد الأول وهو من كبار فقهاء الإمامية:
(كانت أُمّ البنين من النّساء الفاضلات، العارفات بحقّ أهل البيت(عليهم السّلام)، مخلصة في ولائهم، ممحضة في مودّتهم، ولها عندهم الجاه الوجيه، والمحلّ الرّفيع، وقد زارتها زينب الكبرى بعد وصولها المدينة تعزّيها بأولادها الأربعة، كما كانت تعزّيها أيام العيد..).
وإنّ زيارة حفيدة الرّسول (صلّى الله عليه وآله) وشريكة الإمام الحُسين (عليه السّلام) في نهضته زينب الكبرى(عليهاالسّلام) لأمّ البنين، ومواساتها لها بمصابها الأليم بفقد السّادة الطّيبين من أبنائها، مما يدلّ على أهميّة أُمّ البنين وسموّ مكانتها عند أهل البيت(عليهم السّلام).


رعايتها للحسن والحُسين عليهم السّلام
وقامت السّيّدة أُمّ البنين برعاية سبطي رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وريحانتيه وسيّدي شباب أهل الجنّة الحسن والحُسين (عليهما السّلام)، وقد وجدا عندها من العطف والحنان ما عوّضهما من الخسارة الأليمة التّي مُنيابها بفقد أمّهما سيّدة نساء العالمين فقد توفّيت، وعمرها كعمر الزّهور فقد ترك فقدها اللوعة والحزن في نفسيهما.
لقد كانت السّيدة أُمّ البنين تكنّ في نفسها من المودّه والحبّ للحسن والحُسين(عليهما السّلام) ما لا تكنّه لأولادها الذّين كانوا ملء العين في كمالهم وآدابهم.
لقد قدّمت أُمّ البنين أبناء رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، على أبنائها في الخدمة والرّعاية، ولم يعرف التّاريخ أن ضرّة تخلص لأبناء ضرّتها وتقدّمهم على أبنائها سوى هذه السّيّدة الزّكيّة، فقد كانت ترى ذلك واجباً دينياً لأن الله أمر بمودّتهما في كتابه الكريم، وهما وديعة رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، وريحانتاه، وقد عرفت أُمّ البنين ذلك فوفت بحقّهما وقامت بخدمتهما خير قيام.


اسمه الشّريف
سمّى الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) وليده المبارك (بالعبّاس) وقد استشفّ من وراء الغيب أنه سيكون بطلاً من أبطال الإسلام، وسيكون عبوساً في وجه المنكر والباطل، ومنطلق البسمات في وجه الخير، وكان كما تنبّأ عليه السّلام فقد كان عبوساً في ميادين الحروب التّي أثارتها القوى المعادية لأهل البيت (عليهم السّلام)، فقد دمّر كتائبها وجندل أبطالها، وخيّم الموت على قطعات الجيش جميعاً في يوم كربلاء، حيث قال الشّاعر فيه:
عبست وجوه القوم خوف الموت * والعبّاس فيهم ضاحك متبسّم


الوليد المعظم
أفاد بعض المحقّقين أن أبا الفضل العبّاس (عليه السّلام) ولد سنة (26 ه) في اليوم الرّابع من شهر شعبان.
وكان أوّل مولود زكيّ للسيّدة أُمّ البنين هو سيّدنا المعظّم أبو الفضل العبّاس (عليه السّلام)، وقد ازدهرت يثرب، وأشرقت الدّنيا بولادته وسرت موجات من الفرح والسّرور بين أفراد الأسرة العلوية، فقد ولد قمرهم المشرق الذّي أضاء سماء الدّنيا بفضائله ومآثره، وأضاف إلى الهاشميين مجداً خالدّاً وذكراً ندياً عاطراً.
وحينما بشّر الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) بهذا المولود المبارك سارع إلى الدّار فتناوله، وأوسعه تقبيلاً، وأجرى عليه مراسيم الولادة الشّرعية فأذّن في أذنه اليمنى، وأقام في اليسرى، لقد كان أوّل صوت قد اخترق سمعه صوت أبيه رائد الإيمان والتّقوى في الأرض، وأنشودة ذلك الصّوت.
(الله أكبر…).
(لا إله إلا الله).
وارتسمت هذه الكلمات العظيمة التّي هي رسالة الأنبياء، وأنشودة المتّقين في أعماق أبي الفضل، وانطبعت في دخائل ذاته، حتى صارت من أبرز عناصره، فتبنى الدّعوة إليها في مستقبل حياته، وتقطّعت أوصاله في سبيلها.
وفي اليوم السّابع من ولادة أبي الفضل (عليه السّلام)، قام الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) بحلق شعره، والتّصدّق بزنته ذهباً أو فضّة على المساكين وعقّ عنه بكبش، كما فعل ذلك مع الحسن والحُسين (عليهما السّلام) عملاً بالسّنّة الإسلامية.


من ألقاب العبّاس بن عليّ بن أبي طالب
أمّا الألقاب التّي تضفى على الشّخص فهي تحكي صفاته النّفسية حسنة كانت أو سيّئة، وقد أضيفت على أبي الفضل (عليه السّلام) عدّة ألقاب رفيعة تنمّ عن نزعاته النّفسية الطّيبة، وما اتصف به من مكارم الأخلاق للعبّاس ألقاب كثيرة، منها:
1 - قمر بني هاشم. حيث كان العبّاس آية في الجمال والبهاء وكان قمراً لأسرته العلوية.
2 - بطل العلقمي. أمّا العلقمي فهو اسم للنهر الذّي استشهد على ضفافه أبو الفضل العبّاس (عليه السّلام)، وكان محاطاً بقوى مكثّفة من قبل ابن مرجانة لمنع ريحانة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وسيّد شباب أهل الجنّة، ومن كان معه من نساء وأطفال من شرب الماء، وقد استطاع أبو الفضل بعزمه الجبّار، وبطولته النّادرة أن يجندل الأبطال، ويهزم أقزام ذلك الجيش المنحطّ، ويحتلّ ذلك النّهر، وقد قام بذلك عدّة مرّات، وفي المرّة الأخيرة استشهد على ضفافه ومن ثمّ لقّب ببطل العلقمي.
3 - السّقاء. وهو من أجلّ ألقابه، وأحبّها إليه، أما السّبب في إمضاء هذا اللقب الكريم عليه فهو لقيامه بسقاية عطاشى أهل البيت(عليهم السّلام) حينما فرض الإرهابي المجرم ابن مرجانة الحصار على الماء، وأقام جيوشه على الفرات لتموت عطشاً ذرية النّبيّ (صلّى الله عليه وآله)، محرّر الإنسانية ومنقذها من ويلات الجاهلية… وقد قام بطل الإسلام أبو الفضل باقتحام الفرات عدّة مرّات، وسقى عطاشى أهل البيت، ومن كان معهم من الأنصار، وسنذكر تفصيل ذلك عند التّعرّض لشهادته
4 - حامل اللواء. وهو اشرف لقب حيث كان العبّاس حامل لواء آبى الأحرار الإمام الحُسين وقد خصه به دون اهل بيته واصحابه لما تتوفر فيه من القابليات العسكرية ويعتبر منح اللواء في ذلك العصر من ارفع المناصب الحساسه في الجيش وقد قبض العبّاس اللواء منذ أن خرج من يثرب حتى انتهي إلى كربلاء، قبضه بيد من حديد فلم يسقط منه حتى قطعت يمينه وشماله بجانب بهر العلقمي
5 - كبش الكتيبة. وهو من الألقاب الكريمة التّي تمنح إلى القائد الأعلى في الجيش، الذّي يقوم بحماية كتائب جيشه بحسن تدبير، وقوّة بأس، وقد أضفي هذا الوسام الرّفيع على سيّدنا أبي الفضل، وذلك لما أبداه يوم الطّفّ من الشّجاعة والبسالة في الذّبّ والدّفاع عن معسكر الإمام الحُسين (عليه السّلام)، فقد كان قوّة ضاربة في معسكر أخيه، وصاعقة مرعبة ومدمّرة لجيوش الباطل.
6 - العميد. وهو من الألقاب الجليلة في الجيش التّي تمنح لأبرز الأعضاء في القيادة العسكرية، وقد قلّد أبو الفضل (عليه السّلام) بهذا الوسام لأنّه كان عميد جيش أخيه أبي عبدالله، وقائد قوّاته المسلّحة في يوم الطّفّ.
7 - حامى الضّعينة. وقد توج بهذا القب لقيامه بدور كبير في رعاية مخدرات النّبوة وعقائل الوحي فهو الذّي يقون بترحيلهم وانزالهم من المحامل طيلة انتقالهم من يثرب الى المدينة.
8 - باب الحوائج. وهذا من أكثر ألقابه شيوعاً، وانتشاراً بين النّاس، فقد آمنوا وأيقنوا أنه ما قصده ذو حاجة بنية خالصّة إلا قضى الله حاجته، وما قصده مكروب إلا كشف الله ما ألمّ به من محن الأيام، وكوارث الزّمان، وكان ولدي مُحمّد الحُسين ممن التّجأ إليه حينما دهمته كارثة ففرّج الله عنه.
إنّ أبا الفضل نفحة من رحمات الله، وباب من أبوابه، ووسيلة من وسائله، وله عنده الجاه العظيم، وذلك لجهاده المقدّس في نصرة الإسلام، والذّبّ عن أهدافه ومبادئه، وقيامه بنصرة ريحانة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) حتى استشهد في سبيله، هذه بعض ألقاب أبي الفضل، وهي تحكي بعض معالم شخصيته العظيمة وما انطوت عليه من محاسن الصّفات ومكارم الأخلاق.
9 - كاشف الكربات. حيث كان العبّاس عليه السّلام كاشف الكرب عن وجه أخيه الحُسين عليه السّلام وأهل بيته يوم عاشوراء.


نشأته عليه السّلام
نشأ أبو الفضل العبّاس (عليه السّلام) نشأة صالحة كريمة، قلّما يظفر بها إنسان فقد نشأ في ظلال أبيه رائد العدالة الاجتماعية في الأرض، فغذّاه بعلومه وتقواه، وأشاع في نفسه النّزعات الشّريفة، والعادات الطّيّبة ليكون مثالاً عنه، وأنموذجاً لمثله، كما غرست أمّه السّيّدة فاطمة في نفسه، جميع صفات الفضيلة والكمال، وغذّته بحبّ الخالق العظيم فجعلته في أيّام طفولته يتطلّع إلى مرضاته وطاعته، وظلّ ذلك ملازماً له طوال حياته.
ولازم أبو الفضل أخويه السّبطين ريحانتي رسول الله (صلّى الله عليه وآله) الحسن والحُسين سيّدي شباب أهل الجنّة فكان يتلقّى منهما قواعد الفضيلة، وأسس الآداب الرّفيعة، وقد لازم بصورة خاصة أخاه أبا الشّهداء الإمام الحُسين (عليه السّلام) فكان لا يفارقه في حله وترحاله، وقد تأثّر بسلوكه، وانطبعت في قرارة نفسه مثله الكريمة وسجاياه الحميدة حتى صار صورة صادقة عنه يحكيه في مثله واتجاهاته، وقد أخلص له الإمام الحُسين كأعظم ما يكون الإخلاص وقدّمه على جميع أهل بيته لما رأى منه من الودّ الصّادق له حتى فداه بنفسه.
إنّ المكونات التّربوية الصّالحة التّي ظفر بها سيّدنا أبو الفضل العبّاس (عليه السّلام) قد رفعته إلى مستوى العظماء والمصلحين الذّين غيّروا مجرى تاريخ البشرية بما قدّموه لها من التّضحيات الهائلة في سبيل قضاياها المصيرية، وإنقاذها من ظلمات الذّلّ والعبودية.
لقد نشأ أبوالفضل على التّضحية والفداء من أجل إعلاء كلمة الحقّ، ورفع رسالة الإسلام الهادفة إلى تحرير إرادة الإنسان، وبناء مجتمع أفضل تسوده العدالة والمحبة، والإيثار، وقد تأثر العبّاس بهذه المبادئ العظيمة وناضل في سبيلها كأشدّ ما يكون النّضال، فقد غرسها في أعماق نفسه، ودخائل ذاته، أبوه الإمام أمير المؤمنين وأخواه الحسن والحُسين(عليهم السّلام)، هؤلاء العظام الذّين حملوا مشعل الحرية والكرامة، وفتحوا الآفاق المشرقة لجميع شعوب العالم وأمم الأرض من أجل كرامتهم وحرّيتهم، ومن أجل أن تسود العدالة والقيم الكريمة بين النّاس.


كُناه عليه السّلام
المشهور من كناه عليه السّلام كنيتان، هما:
1 - أبو الفضل
كنّي بذلك لأنّ له ولداً اسمه الفضل، ويقول في ذلك بعض من رثاه:
أبا الفضل يا من أسّس الفضل والإبا * أبى الفضل إلا أن تكون له أبا

وطابقت هذه الكنية حقيقة ذاته العظيمة فلو لم يكن له ولد يسمّى بهذا الاسم، فهو - حقّاً - أبو الفضل، ومصدره الفياض فقد أفاض في حياته ببرّه وعطائه على القاصدين لنبله وجوده، وبعد شهادته كان موئلاً وملجأً لكل ملهوف، فما استجار به أحد بنيّة صادقة إلا كشف الله ما ألمّ به من المحن والبلوى.

2 - أبو القاسم
كنّي بذلك لأنّ له ولداً اسمه (القاسم) وذكر بعض المؤرّخين أنّه استشهد معه يوم الطّفّ، وقدّمه قرباناً لدين الله، وفداءً لريحانة رسول الله (صلّى الله عليه وآله).


ملامح العبّاس عليه السّلام
كان عليه السّلام صورة بارعة من صور الجمال، وقد لقّب بقمر بني هاشم لروعة بهائه، وجمال طلعته، وكان متكامل الجسم قد بدت عليه آثار البطولة والشّجاعة، ووصفه الرّواة بأنه كان وسيماً جميلاً، يركب الفرس المطهم ورجلاه يخطان في الأرض.


من خصوصيات العبّاس عليه السّلام
1 - إنَّه لم يشرب الماء
رغم أنَّ عدم شربه لم يكن واجباً فلو كان يشرب ما كان عمله هذا محرماً قطعاً بل كان له توجيه شرعي، وذلك أنَّه يشرب ليتقوّى فيواجه العدوّ ويدافع عن الإمام الحُسين عليه السّلام، ودليله أن ابن سعد قال بأي أسلوبٍ لا بدَّ من منع العبّاس من إيصال الماء إلى الخيام لأنَّه لو أوصل الماء إليها فالحُسين سوف يتقوَّى فلا يبقي لكم أحداً. فقال: إن لم تتمكنوا منعه بالسّيف فأرشقوا عليه بنبالكم لعلَّها تصيب القربة فيراق ماءها.
2 - يقول الطّبري: قد حوصر أربعة من أصحاب الإمام الحُسين عليه السّلام، فأراد سلام الله عليه من أخيه العبّاس فك الحصار ونجاتهم وكانوا ثلاثين ألفاً، وبالفعل تمكَّن العبّاس من ذلك، وهذا يدل على المستوى الرّفيع الذّي وصل إليه أبو الفضل في الشّجاعة، مضافاً إلى أنَّه في المرة الأولى دمَّر عشرة آلاف من الأعداء وهو عدد كبير، ومن ثمّ استطاع أن يدخل في الشّريعة فأراد أن يملأ القربة ولكنَّهم هجموا عليه فلم يتمكَّن من ملئها، فرجع ولم يملأ الماء، فحمل مرة أخرى وملأ القربة. فلا يمكن لأحد أن يتقرب إليه أصلاً فرشقوه بالنّبال .
3 - يقول البيرجندي في كتابه الكبريت الأحمر الذّي كتبه للخطباء: إنَّ العبّاس قد اشترك في حروبٍ أخرى كاشتراكه في صفين مع عليٍّ عليه السّلام، كان ملثَّماً عندما طلب البراز، فقال معاوية: من الذّي يجيبه؟ ثمّ قال لأحد الشّجعان: أجبه؟ قال: ليس من شأني أن أقاتل هذا الشّاب، وكان لديه سبعة أولاد فأرسلهم جميعاً وقتلوا جميعاً، فغضب الأب وذهب ليقاتل العبّاس فقتله العبّاس. فكان الموقف عظيماً بحيث قال له عليّ عليه السّلام: يا بنيَّ إرجع أخاف عليك عيون الأعداء، فرجع ورفع اللثّام فإذا هو العبّاس .
4 - يقول الشّاعر الفارسي في شأن أبي الفضل العبّاس عليه السّلام:
ماهي كه أز سه خورشيد نور وضياء كرفته ...
آداب جنكجوئي أز مرتضى كرفته
5 - قد قبَّل يدَه أئِّمة ثلاثة وهم:
أ - الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام حين ولادته وبكى.
ب - الإمام الحُسين عليه السّلام وهو مقطَّع من جسده إلى جنب الشّريعة.
ت - الإمام زين العابدين عليه السّلام حينما أراد أن يدفنه في اليوم الثالث عشر من محرَّم.
6 - يقال أنَّ الشّيخ كاظم الأزدي وهو شاعر أهل البيت أنشد قصيدة في شأن أبي الفضل العبّاس قال فيها:
...يوم أبو الفضل استجار به الهدى ...ولم يكمل هذا المصرع حيث رآه لا يتناسب مع شأن الإمام الحُسين عليه السّلام فكيف يستجير الإمام به؟ رأى في المنام الإمام الحُسين عليه السّلام قال له: يا شيخ أكمل البيت: والشّمس في كِدَر العجاف لثامها .
7 - من الواضح أنَّه قد استشهد الذّين كانوا تحت قيادة أبي الفضل العبّاس وبقي القائد من غير جيش، وأيضاً الإمام الحُسين عليه السّلام ...وكان المقرر أن يذهبا معاً إلى الميدان، أما كيف يذهبان هل يكونان معاً دائماً؟ لا يمكن ذلك لأنَّه بالأخير سوف يفرَّق بينهما وهذا طبيعة الحرب ...فكيف يعلم كلٌّ منها حال الآخر؟ هكذا قرّر الأخوَان الإمام الحُسين عليه السّلام وأبي لفضل العبّاس عليه السّلام بأن يرفع الحُسين صوته ويقول "أنا ابن مُحمّد المصطفى" وأمّا قمر بني هاشم فينادي "أنا ابن عليٍّ المرتضى" فدخلا في الميدان وقاتلا وقتلا الأعداء، وزينب وعيالات الحُسين كانوا يسمعون تلك الأصوات؟ وبذلك يعلمون أنَّهما مازالا يعيشان وأنَّهما على قيد الحياة؟ فكانا يتجاوبان إلى أن نادي الحُسين: أنا ابن مُحمّد المصطفى لعلَّه يسمع الجواب ولكن فوجىء بجواب آخر وهو: يا أخا أدرك أخاك. فلو كان أبو الفضل يمتلك اليدين لما كان ينادي أخاه أدرك أخاك.
8 - نقل في مقتل المقرَّم: سمعت العالم الفاضل الشّيخ كاظم السّبتي رحمه الله يقول: أتاني بعض العلماء الثقات وقال: أنا رسول العبّاس عليه السّلام إليك، رأيته في المنام يعتب عليك ويقول: لم يذكر مصيبتي شيخ كاظم سبتي فقلت له: يا سيِّدي مازلت اسمعه يذكر مصائبك، فقال عليه السّلام: قل له يذكر هذه المصيبة وهي:"إنَّ الفارس إذا سقط من فرسه يتلقَّى الأرض بيديه فإذا كانت السّهام في صدره ويداه مقطوعتان بماذا يتلقَّى الأرض؟"
9 - إنَّ من خصوصيات العبّاس أنَّ مائدته عامة يأكل منها الكل من دون استثناء فهو حلال المشاكل حتى لغير الموالين وحتى أصحاب الدّيانات الأخرى.


بعض صفات العبّاس بن عليّ عليهما السّلام
كان سيّدنا العبّاس عليه السّلام دنيا من الفضائل والمآثر، فما من صفة كريمة أو نزعة رفيعة إلاّ وهي من عناصره وذاتياته، وحسبه فخراً أنّه نجل الاِمام أمير المؤمنين الذّي حوى جميع فضائل الدّنيا، وقد ورث أبو الفضل فضائل أبيه وخصائصه، حتى صار عند المُسلمين رمزاً لكل فضيلة، وعنواناً لجميع القيم الرّفيعة، ونلمح بإيجاز لبعض صفاته:
1 الشّجاعة:
أمّا الشّجاعة فهي من أسمى صفات الرّجولة لاَنها تنمّ عن قوة الشّخصية وصلابتها، وتماسكها أمام الاَحداث، قد ورث أبو الفضل هذه الصّفة الكريمة من أبيه الاِمام أمير المؤمنين عليه السّلام الذّي هو أشجع إنسان في دنيا الوجود، كما ورث هذه الصّفة من أخواله الذّين تميّزوا بهذه الظّاهرة، وعرفوا بها من بين سائر الاَحياء العربية.
لقد كان أبو الفضل دنيا في البطولات، فلم يخالج قلبه خوف ولارعب في الحروب التّي خاضها مع أبيه كما يقول بعض المؤرخين، وقد أبدى من الشّجاعة يوم الطّف ما صار مضرب المثل على امتداد التّأريخ، فقد كان ذلك اليوم من أعظم الملاحم التّي جرت في الاِسلام، وقد برز فيه أبوالفضل أمام تلك القوى التّي ملاَت البيداء فجبَّنَ الشّجعان وأرعب قلوب عامة الجيش، فزلزلت الاَرض تحت أقدامهم وخيّم عليهم الموت، وراحوا يمنّونه بإعطاء القيادة العامة إن تخلّى عن مساندة أخيه، فهزأ منهم العبّاس، وزاده ذلك تصلّباً في الدّفاع عن عقيدته ومبادئه.
ان شجاعة أبي الفضل عليه السّلام، وما أبداه من البسالة يوم الطّفّ لم تكن من أجل مغنم مادي من هذه الحياة، وانّما كانت دفاعاً عن أقدس المبادئ الماثلة في نهضة أخيه سيّد الشّهداء المدافع الاَوّل عن حقوق المظلومين والمضطهدين.
إن شجاعة أبي الفضل قد أدهشت أفذاذ الشّعراء، وصارت مضرب المثل على امتداد التّأريخ، ومما زاد في أهميتها انّها كانت لنصرة الحق والذّبّ عن المثل والمبادئ التّي جاء بها الاِسلام، وانها لم تكن بأي حال من أجل مغنم مادي من مغانم هذه الحياة.

2 الاِيمان بالله:
أمّا قوّة الاِيمان بالله، وصلابته فانها من أبرز العناصر في شخصية أبيالفضل عليه السّلام، ومن أوليات صفاته، فقد تربّى في حجور الاِيمان ومراكز التّقوى، ومعاهد الطّاعة والعبادة لله تعالى، فقد غذّاه أبوه زعيم الموحّدين، وسيّد المتّقين بجوهر الاِيمان، وواقع التّوحيد، لقد غذّاه بالاِيمان النّاشىء عن الوعي، والتّدبّر في حقائق الكون، وأسرار الطّبيعة، ذلك الاِيمان الذّي اعلنه الاِمام عليه السّلام بقوله: لو كشف لي الغطاء ما ازددت يقيناً وقد تفاعل هذا الاِيمان العميق في أعماق قلب أبي الفضل وفي دخائل ذاته حتى صار من عمالقة المتقين والموحّدين، وكان من عظيم إيمانه الذّي لا يحد أنّه قدم نفسه واخوته وبعض أبنائه قرابين خالصّة لوجه الله تعالى.
لقد جاهد العبّاس ببسالة دفاعاً عن دين الله، وحماية لمبادىَ الاِسلام التّي تعرّضت للخطر الماحق أيّام الحكم الاَموي، ولم يبغ بذلك إلاّ وجه الله والدّار الآخرة.

3 الاِباء:
وصفة أخرى من أسمى صفات أبي الفضل عليه السّلام، وهي الاِباء وعزّة النّفس فقد أبي أن يعيش ذليلاً في ظلّ الحكم الاَموي الذّي اتخذ مال الله دولاً، وعباد الله خولاً، فاندفع إلى ساحات الجهاد كما اندفع أخوه أبو الاَحرار الذّي رفع شعار العزّة والكرامة، وأعلن أن الموت تحت ظلال الاَسنّة سعادة، والحياة مع الظّالمين برماً.
لقد مثّل أبو الفضل عليه السّلام يوم الطّفّ الاِباء بجميع رحابه ومفاهيمه فقد منّاه الاَمويون بإمارة الجيش، وإسناد القيادة العامة له أن تخلّى عن أخيه سيّد شباب أهل الجنّة، فهزأ منهم وجعل إمارة جيشهم تحت حذائه، واندفع بشوق وإخلاص إلى ميادين الحرب يجندل الاَبطال ويحصد الرّؤوس دفاعاً عن حرّيته ودينه وكرامته.

4 الصّبر:
ومن خصائص أبي الفضل عليه السّلام ومميّزاته الصّبر على محن الزّمان، ونوائب الدّهر، فقد ألمّت به يوم الطّف من المصائب والمحن التّي تذوب من هولها الجبال، فلم يجزع، ولم يفه بأيّ كلمة تدلّ على سخطه، وعدم رضاه بما جرى عليه وعلى أهل بيته، وانّما سلّم أمره إلى الخالق العظيم، مقتدياً بأخيه سيّد الشّهداء عليه السّلام الذّي لو وزن صبره بالجبال الرّواسي لرجح عليها.
لقد رأى أبو الفضل الكواكب المشرقة، والممجدين الاَوفياء من أصحابه وهم مجزّرون كالاَضاحي في رمضاء كربلاء تصهرهم الشّمس، وسمع عويل الاَطفال، وهم ينادون العطش العطش، وسمع صراخ عقائل الوحي، وهنّ يندبن قتلاهنّ، ورأى وحدة أخيه سيّد الشّهداء، وقد أحاط به أنذال أهل الكوفة يبغون قتله تقرّباً لسيّدهم ابن مرجانة، رأى أبو الفضل كل هذه الشّدائد الجسام فلم يجزع وسلّم أمره إلى الله تعالى، مبتغياً الاَجر من عنده.

5 الوفاء:
ومن خصائص أبي الفضل عليه السّلام الوفاء الذّي هو من أنبل الصّفات وأميزها، فقد ضرب الرّقم القياسي في هذه الصّفة الكريمة وبلغ أسمى حدّ لها، وكان من سمات وفائه ما يلي:

أ الوفاء لدينه:
وكان أبو الفضل العبّاس عليه السّلام من أوفى النّاس لدينه، ومن أشدّهم دفاعاً عنه، فحينما تعرّض الاِسلام للخطر الماحق من قبل الطّغمة الاَموية الذّين تنكّروا كأشدّ ما يكون التّنكّر للاِسلام، وحاربوه في غلس الليل وفي وضح النّهار، فانطلق أبو الفضل إلى ساحات الوغى فجاهد في سبيله جهاد المنيبين والمخلصين لترتفع كلمة الله عالية في الاَرض، وقد قطعت يداه، وهوى إلى الاَرض صريعاً في سبيل مبادئه الدّينية.

ب الوفاء لاَمّته:
رأى سيّدنا العبّاس عليه السّلام الاَمّة الاِسلامية ترزح تحت كابوس مظلم من الذّلّ والعبودية قد تحكّمت في مصيرها عصابة مجرمة من الاَمويين فنهبت ثرواتها، وتلاعبت في مقدراتها، وكان أحد أعمدتهم السّياسية يعلن بلا حياء ولا خجل قائلاً: إنما السّواد بستان قريش فأي استهانة بالاَمة مثل هذه الاستهانة، ورأى أبو الفضل عليه السّلام أن من الوفاء لاَمّته أن يهبّ لتحريرها وإنقاذها من واقعها المرير، فانبرى مع أخيه أبي الاَحرار والكوكبة المشرقة من فتيان أهل البيت عليهم السّلام، ومعهم الاَحرار الممجدون من أصحابهم، فرفعوا شعار التّحرير، وأعلنوا الجهاد المقدّس من أجل إنقاذ المُسلمين من الذّلّ والعبودية، وإعادة الحياة الحرّة الكريمة لهم، حتى استشهدوا من أجل هذا الهدف السّامي النّبيل، فأي وفاء للاَمة يضارع مثل هذا الوفاء؟

ج الوفاء لوطنه:
وغمرت الوطن الاِسلامي محن شاقّة وعسيرة أيام الحكم الاَموي، فقد استقلاله وكرامته، وصار بستاناً للاَمويين وسائر القوى الرّأسمالية من القرشيين وغيرهم من العملاء، وقد شاع البؤس والحرمان، وذلّ فيه المصلحون والاَحرار، ولم يكن فيه أي ظلّ لحرية الفكر والرّأي، فهبّ العبّاس تحت قيادة أخيه سيّد الشّهداء عليه السّلام إلى مقاومة ذلك الحكم الاَسود وتحطيم أروقته وعروشه، وقد تمّ ذلك بعد حين بفضل تضحياتهم، فكان حقاً هذا هو الوفاء للوطن الاِسلامي.

د الوفاء لاَخيه:
ووفى أبو الفضل ما عاهد الله عليه من البيعة لاَخيه ريحانة رسول الله صلّى الله عليه وآله، والمنافح الاَول عن حقوق المظلومين والمضطهدين.
ولم يرَ النّاس على امتداد التّاريخ وفاءً مثل وفاء أبي الفضل لاَخيه الاِمام الحُسين عليه السّلام، ومن المقطوع به أنه ليس في سجلّ الوفاء الانساني أجمل ولا أنظر من ذلك الوفاء الذّي أصبح قطباً جاذباً لكل إنسان حرّ شريف.

6 قوّة الإرادة:
أمّا قوّة الاِرادة فانّها من أميز صفات العظماء الخالدّين الذّين كُتب لهم النّجاح في أعمالهم إذ يستحيل أن يحقق من كان خائر الاِرادة، وضعيف الهمّة أي هدف اجتماعي، أو يقوم بأي عمل سياسي.
لقد كان أبو الفضل عليه السّلام من الطّراز الاَول في قوة بأسه، وصلابة إرادته، فانظمّ إلى معسكر الحق، ولم يهن، ولم ينكل، وبرز على مسرح التّأريخ كأعظم قائد فذّ، ولو لم يتّصف بهذه الظّاهرة لما كتب له الفخر والخلود على امتداد الاَيّام.

7 الرّأفة والرّحمة:
وأترعت نفس أبي الفضل بالرّأفة والرّحمة على المحرومين، والمضطهدين وقد تجلّت هذه الظّاهرة بأروع صورها في كربلاء حينما احتلّت جيوش الاَمويين حوض الفرات لحرمان أهل البيت من الماء حتى يموتوا أو يستسلموا لهم، ولما رأى العبّاس عليه السّلام أطفال أخيه، وسائر الصّبية من أبناء اخوته، وقد ذبلت شفاهم، وتغيّرت ألوانهم من شدّة الظّمأ ذاب قلبه حناناً وعطفاً عليهم، فاقتحم الفرات، وحمل الماء إليهم، وسقاهم، وفي اليوم العاشر من المحرّم، سمع الاَطفال ينادون العطش العطش، فتفتت كبده رحمة ورأفة عليهم، فأخذ القربة، والتّحم مع أعداء الله حتى كشفهم عن نهر الفرات، فغرف منه غرفة ليروي ظمأه فأبت رحمته أن يشرب قبل أخيه وأطفاله، فرمى الماء من يده.
فتّشوا في تاريخ الاَمم والشّعوب فهل تجدون مثل هذه الرّأفة والرّحمة، التّي تحلَّى بها قمر بني هاشم وفخر عدنان.
هذه بعض عناصر أبي الفضل وصفاته، وقد ارتقى بها إلى قمّة المجد التّي ارتقى إليها أبوه !!
السّلام عليك يا ساقي العطاشي
السّلام عليك يا بطل العلقمي
السّلام عليك يا باب الحوائج
السّلام عليك يا حامي الظّعينة


بعض مواقف العبّاس عليه السّلام في أرض كربلاء
1 - عدم قبوله أمان ابن زياد:
لمَّا أخذ عبد الله بن حزام ابن خال العبّاس ( عليه السّلام ) أماناً من ابن زياد للعبّاس وأخوته من أُمِّه، قال العبّاس وأخوته: ( لا حاجة لنا في الأمان، أمانُ الله خير من أمان ابن سمية ) .
ولمَّا نادى شمر: أين بنو أختنا ؟ أين العبّاس وأخوته ؟ فلم يجبه أحد، فقال الحُسين ( عليه السّلام ): ( أجيبوه وإن كان فاسقاً، فإنَّه بعض أخوالكم ).
فأجابه العبّاس ( عليه السّلام ): ( ماذا تريد ) ؟ فقال: أنتم يا بني أُختي آمنون، فقال له العبّاس ( عليه السّلام ): ( لعنك الله، ولعن أمانك، أتؤمِّننا وابن رسول الله لا أمان له ) ؟! وتكلَّم أخوته بنحو كلامه، ثمّ رجعوا .
2 - إيصاله الماء إلى معسكر الحُسين ( عليه السّلام ):
لمّا اشتد العطش على الحُسين ( عليه السّلام ) وأصحابه أمر أخاه العبّاس ( عليه السّلام ) فسار في عشرين رجلاً يحملون القرب، وثلاثين فارساً، فجاءوا حتّى دنوا من الماء ليلاً، وأمامهم نافع بن هلال الجملي يحمل اللواء، فقال عمرو بن الحجّاج من الرّجل ؟ قال نافع، قال ما جاء بك ؟ قال: جئنا نشرب من هذا الماء الذّي حلأتمونا عنه، قال: فاشرب هنيئاً، قال: لا والله لا أشرب منه قطرة والحُسين عطشان هو وأصحابه، فقالوا: لا سبيل إلى سقي هؤلاء، إنّما وضعنا بهذا المكان لنمنعهم الماء .
فقال نافع لرجاله: املؤا قربكم فملئوها، وثار إليهم عمرو بن الحجّاج وأصحابه، فحمل عليهم العبّاس ونافع بن هلال فكشفوهم واقبلوا بالماء، ثمّ عاد عمرو بن الحجّاج وأصحابه، وأرادوا أن يقطعوا عليهم الطّريق فقاتلهم العبّاس وأصحابه حتّى ردّوهم، وجاءوا بالماء إلى الحُسين ( عليه السّلام ).

3 - موقفه ليلة العاشر:
أتى أمر من عبيد الله بن زياد إلى عمر بن سعد يستحثه على المنازلة، فركبوا خيولهم وأحاطوا بالحُسين ( عليه السّلام ) وأهل بيته وأصحابه، فأرسل الحُسين ( عليه السّلام ) أخاه العبّاس ومعه جملة من أصحابه، وقال: ( سلهم التّأجيل إلى غد إن استطعت )، فذهب ( عليه السّلام ) إلى قادة العسكر وتكلّم معهم على التّأجيل فأجّلوه .

4 - موقفه يوم العاشر:
لمّا اشتدَّ العطش بالحُسين ( عليه السّلام ) وأهل بيته وأصحابه ( رضوان الله عليهم ) يوم العاشر من المحرَّم، وسمع عويل النّساء والأطفال يشكون العطش، طلب العبّاس ( عليه السّلام ) من أخيه الحُسين ( عليه السّلام ) السّماح له بالبراز لجلب الماء .
فأذن له الحُسين ( عليه السّلام )، فحمل على القوم، فأحاطوا به من كلِّ جانب، فقتل وجرح عدداً كبيراً منهم، وكشفهم وهو يقول:
لا أرهبُ الموتَ إذا الموتُ رَقَا * حتّى أواري في المصَاليتِ لُقَى
نفسي لنفسِ المُصطَفَى الطّهر وَقَا * إنّي أنا العبّاس أغدو بالسّقَا
ولا أخافُ الشّرَّ يوم المُلتَقَى.

ووصل إلى ماء الفرات، فغرف منه غرفة ليطفئ لَظَى عطشه، فتذكَّر عطش الحُسين ( عليه السّلام )، ورمى بالماء وهو يرتجز ويقول:
يَا نفسُ مِن بعد الحُسين هوني * مِن بعدِهِ لا كُنتِ أن تَكُوني
هَذا الحُسين وَارِدَ المَنونِ * وتشرَبينَ بَاردَ المَعينِ
تاللهِ مَا هَذي فِعَال دِيني

فملأ القربة وعاد فحمل على القوم، وقتل وجرح عدداً منهم، فكمن له زيد بن ورقاء من وراء نخلة، وعاونه حكيم بن الطّفيل السّنبسي، فضربه على يمينه، فقطعها، فأخذ ( عليه السّلام ) السّيف بشماله، وحمل وهو يرتجز:
واللهِ إنْ قَطعتُمُ يَميني * إنِّي أُحَامي أبداً عن ديني
وعَن إمامٍ صَادِقِ اليقين * نَجلُ النّبيِّ الطّاهِرِ الأمينِ

فقاتل ( عليه السّلام ) حتّى ضعف، فكمن له الحَكَم بن الطّفيل الطّائي من وراء نخلة، فضربه على شماله فقطعها، فقال ( عليه السّلام ):
يا نفسُ لا تَخشي مِن الكُفَّارِ * وأبشِري بِرَحمة الجَبَّارِ
مَعَ النّبيِّ السّيِّد المختار * قَد قطعوا بِبَغيِهم يَساري
فأصْلِهِم يَا ربِّ حَرَّ النّارِ

فأخذ القربة بِفَمِه، وبينما هو جاهد أن يوصلها إلى المخيَّم، إذ صُوِّب نحوه سهمان، أحدهما أصابَ عينه الشّريفة، فَسالتّ ونبت السّهم فيها .
وأمَّا الآخر فقد أصاب القِربة فَأُرِيق ماؤها، وعندها انقطع أمله من إيصال الماء، فحاول أن يخرج السّهم الذّي في عينه، فضربه ملعون بعمود من حديد على رأسه فقتله .
وقد قال فيه الإمام الحُسين ( عليه السّلام )، حين قتله: ( الآن اِنكَسَرَ ظَهرِي، وقَلَّتْ حِيلَتي ) .


تعويذة أُمّ البنين لولدها العبّاس عليهما السّلام
واستوعب حب العبّاس قلب أمّه الزّكيّة، فكان عندها أعزّ من الحياة، وكانت تخاف عليه، وتخشى من أعين الحسّاد من أن تصيبه بأذى أو مكروه، وكانت تعوذه بالله، وتقول هذه الأبيات:
أعيذه بالواحد من عين كلّ حاسد * قائمهم والقاعد مسلمهم والجاحد
صادرهم والوارد مولدهم والوالدّ


كرامات العبّاس بن عليّ عليه السّلام
1 - العبّاس عليه السّلام قاضي الحاجات بإذن الله تعالى
جاء في كتاب (غيرة العبّاسية) {فارسي}, ما هذا معناه: نقلا ً عن فضيلة السّيد مصطفى مستجاب الدّعوة, قائلا ً:في حدود عام 1414 ه روى لي والدّي المرحوم السّيد " تقي مستجاب الدّعوة " عن المرحوم أبيه السّيد رضا الذّي كان يدير ( كيشوانيتين ) في الصّحن العبّاسي الشّريف, وفي ذات يوم أصبح ولم يمتلك شيئا ً من المال, فالتّجأ إلى الضّريح المطهر لأبي الفضل العبّاس (سلام الله عليه) مؤملا ً بيقين ٍ منقطع النّظير استجابة دعائه عند قاضي الحاجات, فعرض عليه مشكلته مخاطبا ً إياه بقوله: ( يا أبا الفضل لم أملك شيئا ً من المال ولا أريد أن أطلب من أولادي لخجلي منهم, فأريد منك أنت حلا ً لها ), هذا ووقف لأداء الصّلاة وإذا بزائرة إيرانية قد دخلت الحرم المقدس ومرت من أمامه وبيدها كيس مملوء بالنّقود وتنادي وتقول بصوتٍ عال ٍ باللغة الفارسية, وهو ما معناه بالعربية:( يا أبا الفضل و أنا سأقذف كيس النّقود في الهواء وأنت أوصله لمن هو بحاجة إليه ), والحاضرون في الحرم كانوا يفهمون اللغة الفارسية وفهموا ما قالتّه الزّائرة, وكانوا منتظرين لكي ترمي المرأة كيس النّقود, وبالفعل رمت الزّائرة الكيس باتجاه الضّريح المطهر, فسقط أمام المرحوم السّيد رضا فأخذه ووضعه في جيبه, ولم يرَ مَن كان حاضرا ً إلى مَن وصل الكيس, وعاود السّيد رضا أداء صلاته وتفرق الجمع الحاضر, وبعد الانتهاء من صلاته سالتّه المرأة الزّائرة: أأنت الذّي أخذت كيس النّقود ؟ قال لها: نعم, وفصل لها هذه الكرامة التّي أسداها له المولى أبا الفضل العبّاس (سلام الله عليه) فأخذته إلى محل إقامتها والتّقى هناك بأولادها وأعطوه مبلغا ً آخر ليعينه على حاله .

2 - كرامته عليه السّلام بشفاء بصير
في عام 1984 ميلادية كان الطّفل أبراهيم عمره ست سنوات وهو كان فاقدا للبصر وعجز الاطباء عن شفائه فقررت أمّه التّوجه الى باب الحوائج قمر بني هاشم ابي الفضل العبّاس عليه السّلام والتّوسل بمقامه العالي والسّامي في رد بصر ابنها فما ان اصبح صباح اليوم التّالي الا وتوجهت بيقين صادق وايمان راسخ وعقيدة ثابتة وهمة عالية نحو مرقده الشّريف الطّاهر الذّي تؤم اليه افئدة الملايين من مشارق الارض ومغاربها لزيارته ونيل المطالب منه عليه السّلام بقلوب ملؤها الامل والطّمانينة بقضاء حوائجها المستعصية وصلت الأم عند ضريحه المقدس وصلت عنده ركعتين لقضاء الحاجة ووقفت امام المدخل الرّئيسي مما يلي الرّاس الشّريف وقالتّ بقلب منكسر مفجوع: ( انني اعلم علم اليقين يا مولاي يا ابا الفضل العبّاس انك البطل المجاهد والمحامي النّاصر والاخ المدافع عن اخيه عليه السّلام واشهد انك اعطيت ما تملك من اجل العقيدة والمبدأ حتى ابتدات بتقديم يمينك وشمالك وعينيك فان كان ذلك كله صحيحا كما ورد في الاثر فاقسم عليك بعينك الشّريفة التّي ارخصتها لاجل ابي الشّهداء عليه السّلام يوم الطّفوف الا رددت عليّ عين ابني ورجعت الى البيت ولا زالتّ الهموم تتأبطها ولا زال ولدها على تلك الحالة التّي اعتادت عليها كل يوم وسرعان ما ذهبت تلك السّاعات العجاف وانقضت داهمنا المساء وضعت راسها للنوم استغرقت في النّوم هنيهة رأت ابا الفضل العبّاس عليه السّلام ذلك الوجه النّوراني وكانه فلقة قمر في الليل الاليل وكان حسن الشّمائل ولم ار وجها اجمل وانور منه قال لها: نعم ايتها العلوية انني ذلك الذّي قدمت حياتي رخيصة لامامي سيد الشّهداء ابي عبدالله الحُسين عليه السّلام وقدمت اليمين والشّمال وعيني على منحر العقيدة من اجل ترسيخ مبدا الاسلام المُحمّدي الاصيل فقد ان الاوان الان لئن ارد عين ابنك ولكن بشرط ان تغيري اسمه من ابراهيم الى صادق وسوف تحصلين على مرادك باذن الله تعالى
ايقظت الوادة زوجها من نومه من منتصف الليل واخبرته بالقصة وما جرى منذ الصّباح الباكر وحتى هذه اللحظة وما رات في عالم الرّؤيا وماذا اخبرها العبّاس بن عليّ عليه السّلام فنهض والدّه من النّوم على غير عادته وسرعان ما تناول القران الكريم وغير اسم ولده من ابراهيم الى صادق مسرورا بما راته زوجته في عالم الرّؤيا وبشرها بالخير لما رات وانقضت الفترة وعادوا الى النّوم مرة ثانية حتى الصّباح استيقظوا من النّوم ولم يحدث شيء قالتّ جدتي جلسنا لتناول طعام الافطار فوجئنا بقيام ولدنا من نومه وهو يركض في باحة البيت بسرعة غير مالوفة ويصيح العبّاس اعطاني علما العبّاس اعطاني علما وفتحت عيانه بكرامة من الله العلي القدير للعبّاس بن عليّ بن ابي طالب عليه السّلام واستجابة دعاء والدّته عند طبيب الهموم والغموم عليه السّلام في حضرته المقدسة ماخاب من تمسك بهم وامن من لجا اليهم هكذا جعل الله تعالى المقادير بايديهم عليهم السّلام .

2 - شفاء يهودي وإسلامه وأهله
ذكر لي الحاج حسين الحاج عليّ وقال: إنني كنت على مدى سنين جرت أقوم بدور (شمر بن ذي الجوشن) في مسرحيات نقوم بها في العاشر من محرم الحرام في الحُسينية الكربلائية بمدينة إصفهان في إيران لإظهار بعض الجوانب من المشاهد التّراجيدية التّي تلقي بظلالها على مأساة كربلاء وما جرى على أهل البيت (عليهم السّلام) من المحن والويلات في هذا اليوم الدّامي, وفي سنة 1999م وفي خِضمّ هذا الحدث الجلل ونحن منهمكون لإخراج هذه المسرحية جاءني رجل من اليهود وقال لي إن لي ولد مريض, وكنت أراه كل يوم يأتي به أمام الحُسينية حتى انتهاء المراسيم . وطلب مني أن أدعو له بالشّفاء العاجل, فقلت له سوف أعطيك عَلَما ً لمولانا أبي الفضل العبّاس (عليه السّلام) الذّي كان بحوزتي منذ خمس وثلاثين سنة وكذلك سأعطيك ماء زمزم وتربة الإمام الحُسين (عليه السّلام) وماء العلقمي ( الذّي يجري تحت ضريح العبّاس عليه السّلام - من كاتب الموضوع), وأوصيت الخطباء والمدّاحين بالدّعاء له, ونفذت له فيما بعد ما وعدته وقلت له عليك أن تخلي لابنك المريض غرفة نظيفة ليس فيها شيء نجس, وتغسلوه وتضجعوه على فراش نظيف وتضعوا عليه علم العبّاس ( عليه السّلام ), وقلت لهم أنه يمكنكم أن تقوموا بهذا العمل حتى اليوم الثالث عشر من محرم الحرام . فنفّذوا على الفور ما أوصيتهم به, وكان ذلك حتى اليوم الثالث عشر من محرم حيث "ثالث الإمام الحُسين" (عليه السّلام) كما هو معروف .
قال الرّاوي: وعند انتهاء المدة التّي حددتها لهم رأى المريض في عالم الرّؤيا وكأن العبّاس وأخيه الإمام الحُسين (عليهما السّلام) قد جاءا إليه وأخذه العبّاس (عليه السّلام ) بأسنانه ليقوّمه وقال له: قم لقد شُفيت,,, استيقظ الولد المريض من نومه وكأنه قد نشِط من عقال وهو يصيح بصوت ٍ عال: ( لقد شافاني العبّاس .. ) وما إن تحققت تلك الكرامة الكبرى حتى أعلن ذلك اليهودي وأهله إسلامهم وتشيّعهم, وأهدوا لنا قطعة أرض بحدود 1000 متر لبنائها وإقامة المأتم الحُسينية عليها,, وأسموه ب بيت العبّاس (عليه السّلام ) .يقول الرّاوي: كما أعطوني أشياء كثيرة كان منها بيت وسيارة فرفضتها, وأبَيتُ إلا أن يكون وقوفي معهم خالصّا ً لوجه الله تعالى وتكريما ً لأبي الفضل العبّاس ( سلام الله عليه وعلى أبيه أمير المؤمنين وأمه أُمّ البنين ) .ومن الجدير بالذّكر أن هذه الحُسينية قائمة إلى اليوم تؤتي أكلها في مدينة "جُلفا" في إصفهان .

3 - يهودي يتوسل بأبي الفضل عليه السّلام
نقل مداح أهل البيت عليه السّلام السّيد ( أمير مُحمّدي ) فقال: قبل عدّة أيّام صعد إلى حافلة النّقل المشترك في أصفهان رجل يهودي وهو يحمل كيساً من الأدوات الفضّيّة القديمة كالشّمعدان وغيره من الفضّة الثّمينة, فجلس ووضع الكيس قرب رجليه وغفي قليلاً لطول الطّريق. وعندما فتح عينيه لم يجد الكيس فذهل وترجل من الحافلة وخلال سيره في الطّريق توسل بأبي الفضل عليه السّلام ونذر له خروفا فقال: يا قمر بني هاشم لست أدري من تكون لكني أعرف أن الشّيعة يتوسلون بك فتقضي حوائجهم وأريد منك أن تعيد إلي ما فقدته وسأوزع عن روحك خروفا الآن. وتوجه نحو دكان القصاب فدفع له ثمن خروف كامل وقال له: اذبح الشّاه ووزعها على الفقراء والمحتاجين وقل لهم إنه نذر أبي الفضل. يقول اليهودي في اليوم التّالي جلست في دكاني أفكر فيما جرى فرأيت شخصا يحمل شمعدانين من الفضة وسالنّي هل تشتريهما؟
نظرت إليها فتأكدت إنهما لي فقلت له: إنهما من الفضة الجيدة وقيمتها مرتفعة إذا كان عندك غيرها أيضا فسأشتريها منك بقيمة جيدة. قال: نعم عندي غيرها لكن في البيت. قلت: حسنا لا داعي لجلبها لا أريد أن يراها أصحاب الدّكاكين الأخرى أعطني عنوان البيت لآتيك أنا وموظفي. أعطاني العنوان وذهب فتوجهت إلى مركز الشّرطة وأخذت معي رجل أمن بلباس مدني وتوجهت معه إلى العنوان فتح لنا الباب وأخذنا إلى القبو فوجدت كيسي هناك. أكدت لرجل الأمن أنه كيسي وهذه بضاعتي فأعتقله وأخذه إلى مركز الشّرطة وأخذت كيسي والبضاعة إلى دكاني .

4 - ينجو من العذاب الأليم بتوسله بالعبّاس عليه السّلام
حدثني الشّيخ (نوري نيا) مسؤول المكتبة الرّضوية في الصّحن المبارك للإمام الرّضا ( عليه السّلام ) أنه في سنة 1985 م كان مقاتلا ً في فوج لواء المهدي(عجل الله فرجه) أيام الحرب العدوانية التّي شنها النّظام الصّدامي البائد على الجمهورية الإسلامية، وبعد معارك دامية دارت رحاها بين الطّرفين، وقعتُ في أسر الجيش الصّدامي، واُخذتُ بعد ذلك إلى مديرية الأمن العامة ببغداد، وتعرضتُ إلى أشد أنواع التّعذيب، وانهالوا عليّ بالضّرب المبرّح بوسائل مستحدثة، وكانوا يقولون لي: أين الإمام المهدي الذّي تكنّ له الولاء وتقاتل باسمه ؟ لينقذك من هذه المهلكة، ومن حكم الإعدام الذّي حكمناك رميا ً بالرّصاص حتى الموت ؟ قلت لهم: اضربوني ما شئتم واقتلوني إن بدا لكم فأنا أتوسّل كذلك بالعبّاس(عليه السّلام) ولا أبالي فهو الذّي سينتقم لي منكم .فوالله حينما نطقتُ باسم العبّاس بن عليّ (عليهما السّلام ) ذهلوا وخافوا وكاد الانشقاق يحلّ فيما بينهم، ووالله رأيت بأم عينيّ هاتين قد ارتعدت فرائصهم وارتجفت جفونهم خوفا ً من اسمه المبارك (عليه السّلام ) وتوقف الضّرب عليّ حالا ً، ولم يكد أحدٌ منهم يتجرأ على ضربي أو إهانتي على الأقل، واحترموني بعدها أشد الاحترام، وأخرجوني من الزّنزانة معززا ً مكرما ً وبعثوني مع رابطٍ لهم إلى كربلاء المقدسة لزيارة العبّاس (عليه السّلام)، وأخيه سيد الشّهداء أبي عبدالله الحُسين ( عليه السّلام )، وكانت هذه هي المرة الأولى التّي زرت بها الرّوضتين المقدستين .

5 - هداية ونجاة ضابط روسيّ
جاء في كتاب "كرامات صالحين" لمُحمّد شريف رازي (فارسي)، نقلا ً عن العلاّمة الملاّ محمود الزّنجاني المعروف ب( الحاج ملا آقا جان ) أنه في مسيره لزيارة العتبات المقدسة بعد الحرب العالمية الأولى سيرا ً على الأقدام ( من إيران إلى العراق يمشون "هنيئا ً لهم الثواب الجزيل" ) وعند وصوله إلى مدينة خانقين ذهب إلى أحد مساجدها للصلاة فرأى شخصا ً أبيض اللون ضخم الجثة وهو يصلي مُسبل اليدين فتعجب كثيرا ً وسأله عن حاله بعد انقضاء صلاته فقال:صديقي العزيز إنني من أهالي ( لينينگراد ) الرّوسيّة Province of Leningrad، وقد كنتُ آمرا ً لألفي جندي روسي وكانت مأموريتنا هو احتلال مدينة كربلاء، وفي معسكرنا خارج المدينة وانتظارنا لأوامر الحملة رأيت في عالم الرّؤيا وكأنّ شخصا ً ذا هيبة ٍ أتاني وخاطبني باللغة الرّوسية، فقال: إن الدّولة الرّوسية انكسرت في هذه الحرب وسيصل هذا الخبر غدا ً إلى العراق وسيُقتل كل الجنود الرّوس الموجودون في العراق، فلذا يجب أن تسعى لنجاة نفسك وأن تعلن إسلامك .فسالتّه مَن أنت يا سيدي ؟ فقال: أنا العبّاس بن عليّ بن أبي طالب (سلام الله عليهم) ... وكان ذا هيبةٍ وجمال باهر وأوصاف كاملة وأدبٍ رفيع، فانبهرتُ منه وأعلنت إسلامي على يديه . (هنيئا لك أيها الرّوسي) ثمّ قال لي"عليه السّلام": انهض وابتعد عن الجيش .. سالتّه: إلى أين ؟ فقال: إن هنا فرسٌ بالقرب من مقر القيادة سيوصلك إلى بيت السّيد أبي الحسن في مدينة النّجف الأشرف، فأخبرته "عليه السّلام" عن وجود عشرة جنود من الحماية الخاصة برفقتي .. فقال لي أنهم سكارى الآن وهم في غفلة عمّا تُقدِم عليه, فانتبهت من النّوم وأحسست أن الخيمة قد مُلئت برائحة طيبة وقدسية خاصة، فارتديت ملابسي على عجل وخرجت من الخيمة فرأيتُ الجنود كما قال "عليه السّلام" ولم ينتبهوا لخروجي فوصلتُ إلى الفرس وركبته فأسرَعَ بي وبعد هنيهة ترجلتُ في وسط المدينة, فتعجبتُ لهذا الأمر وفي هذه الأثناء فتح أمامي باب منزل وخرج منه رجلان أحدهما مُسنٌ ذو وجه نوراني والآخر شيخ يتكلم الرّوسية فدعوني إلى الدّخول, وعند دخولي سالتّه عن الرّجل النّوراني فقال لي إنه السّيد أبو الحسن الذّي أرسلكَ العبّاس "عليه السّلام" إليه وأوصاه بك, فكررتُ الشّهادتين على يديه وأمر َ السّيد ُ الشّيخ َ بتعليمي مبادئ الإسلام، والعجب أن خبر انكسار الدّولة الرّوسية قد شاع في اليوم الثاني وقتل الجنود الرّوس الموجودين في العراق كما حدثني العبّاس "عليه السّلام" في الرّؤيا .وعند انتهائه من قصته سأله الزّنجاني عن سبب وجوده في (خانقَين)، فأخبره بأن آية الله الاصفهاني قد أرسله للاصطياف والابتعاد عن أجواء مدينة النّجف الحارة في الصّيف .

6 - هندي يستشفع بالعبّاس عليه السّلام
روي عن صاحب كتاب ( العبّاس بن عليّ جهاد وتضحية ) للمؤلف سعيد رشيد زميزم قال: روى لي العديد من خدمة المرقد العبّاسي المقدس أن زائرا هنديا جاء إلى مرقد العبّاس عليه السّلام ومعه أموال كثيرة وقام بتوزيعها على المحتاجين والفقراء بعدها أعطانا نحن الخدم مبالغ مالية أيضا وبعد أن فرق الأموال سالنّاه عن سبب توزيع هذه المبالغ الكثيرة فقال: إن لكبير أمارتنا ولدا شابا أصيب بالعمى فعرضه على أشهر الأطباء هناك وجرت محاولات عديدة ولم نسفر عن نتيجة بعدها سافر إلى لندن وعرض ولده على الأطباء هناك وجرت محاولات عديدة ولم تسفر كذلك عن نتيجة بعدها عاد الرّجل وابنه إلى الهند وبعد عودته بأسابيع حل شهر محرم الحرام .فكنا نقيم في القرية مجلسا للتعزية بمناسبة استشهاد الإمام الحُسين عليه السّلام وكان الرّجل يأتي مع ولده الضّرير إلى المجلس وصادف يوم مجيئهم إلى المجلس يوم السّابع من المحرم وكان الحديث مخصصا ذلك اليوم عن سيرة العبّاس عليه السّلام وجهاده في واقعة الطّف وقبل أن يصعد القارئ المنبر طلب والد الضّرير من القارئ أن يدعو الله تعالى من على المنبر بمنزلة العبّاس عليه السّلام عنده أن يشاف ولده ويعيد إليه بصره وبعد انتهاء القارئ من قراءة التّعزية طلب من الحاضرين رفع أيديهم للدعاء والطّلب من الباري عز وجل وبحرمة العبّاس عليه السّلام أن يعيد بصر هذا الشّاب الضّرير وقرأ هذا الدّعاء: (( إلهي بحق فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها أن تعيد نظر هذا الشّاب الضّرير)). وقرأوا هذا الدّعاء ثلاث مرات وبعدها ختم المجلس وعاد الرّجل وابنه الضّرير إلى بيتهم.
وفي اليوم التّالي وفي أثناء خروجي من الدّار شاهدت والد الشّاب وهو يخرج من داره مسرعا ترافقه عدت سيارات فتوجهت نحوه وعندما وصلت قريبا منه رأيته يجهش بالبكاء.
فقلت: ماذا جرى؟ فقال لي: في منتصف الليلة الماضية وبينما نحن نائمون إذا بولدي يصرخ فهرعنا له وإذا به يقول: ( صلوا على النّبي وآله ) فقد عاد إلي نظري فذهبنا بهذا الخبر السّعيد وقلت له: ماذا جرى لك ياولدي؟ فقال: في الليلة الماضية وبينما أنا نائم إذا برجلين وقورين جلس عند رأسي فقال الأول وهو طويل القامة للآخر: سيدي أرجو أن تطلب من الباري عز وجل أن يعيد لهذا الشّاب نظره لأن والدّه طلب مني أن أدعو الله بان يعيد نظر ابنه.
فقال الرّجل الوقور: إن شاء الله يعاد إليه نظره ورفع يديه الكريمتين وقال: (( اللّهمّ بحقّ مُحمّد وآل مُحمّد أطلب منك أن تعيد نظر هذا الشّاب)). بعدها مسح بيده على وجهي وإذا بي أنهض من النّوم وقد رجع إلي بصري فشكرت الله وحمدته وها أنا الآن أمامكم.
وفي عصر اليوم نفسه أقام والد الشّاب مائدة عشاء ضخمة جدا لأنه كان من أثرياء القرية بعدها طلب مني التّوجه إلى كربلاء وتوزيع هذه المبالغ التّي سبق وأن أعطيتها للفقراء وخدم المرقد الطّاهر.

7 - هلاك رجل كان يشتم الإمام الحُسين (عليه السّلام ) في المرقد الحُسيني
ذكر لي الحاج صاحب الفراتي عن صديق له قال:منذ الوهلة الأولى لمنح الإيرانيين سمة الدّخول إلى الأراضي العراقية (أيام صدام) لزيارة العتبات المقدسة كان لي نصيب أن أنخرط مع القافلة الأولى التّي ذهبت للزيارة وكنت أنا الوحيد فيهم أتكلم اللغة العربية إلى جنب اللغة الفارسية .وصلنا العراق وتشرفنا بزيارة العتبات المقدسة هناك ومكثنا أياما ً, وبقينا في مدينة كربلاء المقدسة أربعة أيام كما كان مرسوما ً لنا وكنا نقصد الزّيارة في كل يوم كما حدد لنا، فمنذ اليوم الأول الذّي وُفقنا فيه لزيارة أبي الشّهداء الإمام الحُسين "عليه السّلام " وحتى مغادرتنا كنت أرى بأم عيني هاتين حين دخولنا الحرم الطّاهر رجلا ً يدخل ويقف أمام ضريحه المقدس ويلفظ كلمات نابية مع الإمام الحُسين (عليه السّلام )، فامتعضتُ منه كثيرا ً، واستمر بذلك الاعتداء وذلك الجرم إلى مدة أربعة أيام على التّوالي ولم يكترث به أحد، هممتُ به أن أنهره وربما ضربهُ على فعلته المشينة هذه، نهاني أحد خدمة الحرم الشّريف المتواجدين هناك وأخبرني أن هذا الرّجل هو من أحد أزلام النّظام الصّدامي، فلا يستطيع أحد الوقوف بوجهه خوفا ً منه على نفسه، فالأَولى تركه كالكلاب التّي تنبح، وسيأتي اليوم الذّي ينتقم الإمام (عليه السّلام) منه .فلم أستطع الصّبر عليه، أجهشت بالبكاء كثيرا ً وتوسلت بالإمام الحُسين (عليه السّلام ) على مدى تلك الأيام للانتقام من هذا اللعين لِما أجّج في قلبي من نار الغضب عليه .وفي اليوم الرّابع تشرفنا بخدمة الإمام (عليه السّلام ) لزيارتنا الأخيرة له وتوديعنا إياه ........ وحين الدّخول لضريحه المقدس رأيت هذا اللعين أمامي كعادته وفعلته الجبانة في كل يوم، فلم نلبث إلا هنيهة حتى رأيت أن هذا الرّجل قد سقط على الأرض وارتفع عنها ثمّ ضُرب بالضّريح المقدس وسقط على الأرض مرة أخرى وخرّ ميتا ً لعنة الله عليه، فتعجبتُ كثيرا ً مما رأيت وفرحت فرحا ً كثيرا ً كما فرح النّاس الذّين كانوا مرابطين في الحرم الشّريف لانتقام الإمام الحُسين منه وعجّل بروحه إلى جهنم وبئس المصير، وشكرتُ الإمام (عليه السّلام) على ما شاهدته وسالتّه عن صبره على تجرؤ الرّجل وعدم الانتقام منه منذ الوهلة الأولى وخرجتُ مع القافلة - بعد أن ودعنا الإمام (عليه السّلام) - إلى الفندق لاستعدادنا للعودة إلى إيران في اليوم التّالي، نمتُ مبكرا ً فرأيتُ الإمام الحُسين (عليه السّلام ) في عالم الرّؤيا وأعدتُ عليه تساؤلي .... قال(عليه السّلام): إن هذه ليست ضربتي ... وإنّما كانت ضربة أخي العبّاس الذي لم يصبر عليه، وكان عندي ذلك اليوم فأزهق روحه وعجل بها إلى النّار.

8 - هلاك الجيش العثماني في هجومه على مدينة كربلاء المقدسة
جاء في كتاب حكايات من كربلاء"مخطوط للسيّد سلمان آل طعمة": إنّه بعد أن اتفق الحلفاء مع الشّريف حًسين بن عليّ ملك الحجاز على التّعاون معهم بإعلان الثورة على العثمانيين في البقاع الغربية وطردهم منها مقابل اعتراف الحلفاء باستقلال الدّول العربية الكبرى (المشرق العربي)، أعلن الملك الشّريف حسين قيام الثورة فلبّت الأمصار العربية النّداء على تحقيق طموح العرب في قيام الدّولة العربية الكبرى الحرة المستقلة . وكانت كربلاء المدينة المقدسة التّي يشمخ فيها ضريح الإمام الحُسين بن عليّ وأخيه أبي الفضل العبّاس(عليهم السّلام) والتّي يقطنها زعيم الحوزة العلمية والمرجع الدّيني الأعلى مفجّر "ثورة العشرين" الإمام الشّيخ مُحمّد تقي الشّيرازي الحائري وعدد كبير من رجال العلم والفكر، والتّي كان لها دورٌ بارز في تلبية نداء ملك العرب الشّريف حسين، كانت هي الأسرع في تلبية النّداء، فتمرد أهلها على السّلطات في المدينة، مما اضطر الحاكم التّركي الخروج منها باتجاه"المسيّب" ومنها إلى بغداد طالبا ً النّجدة، فجاءت العساكر من جنوب المدينة واحتلت القسم الأعظم من محلة العبّاسية، بينما ظل القسم الباقي يجاهد التّرك، وبعد أن سقط الكثير من القتلى من الطّرفين تمكن الأتراك من الاحتلال الكامل لمحلة العبّاسية، والنّفوذ من ثغرات السّور الذّي كان يحيط بالمدينة إلى محلة باب الخان (شرق المدينة), وأصبحوا على مقربة من صحن الرّوضة العبّاسية المطهرة، ولم يفر أحد من مقاتلي المدينة او من رجالها إلى خارجها، وإنما انسحبوا إلى الدّاخل، فشكلوا كثافة سكانية قتالية يُحسب لها حسابها، مما اضطر القائد التّركي إلى طلب النّجدة من بغداد ثانية ً، فأرسل له ألف مقاتل، وكان النّسوة والأطفال والعجزة قد تجمعوا في الرّوضتين الحُسينية والعبّاسية المطهرتين وأغقلت عليهم الأبواب وكان الفرات قد فاض والمياه قد انحدرت من الهندية (طويريج) باتجاه كربلاء مرورا ً بمنطقة ( البهادلية ) مما جعل أهل البهادلية يعملون حواجز وسدودا ً من اكياس الرّمل وألياف النّخيل وما إلى ذلك،لمنع تسرب المياه إلى المدينة، وفي الليلة التّي وصلت فيها النّجدة التّركية كان لابد من عون يزيد أو يساوي عديد النّجدة التّركية من أهالي المدينة لمقاومة الأتراك، ولكن من أين ؟ غير أن القائد الميداني آنذاك - الشّيخ فخري كمونة - ذهب مع عدد من رجاله في تلك الليلة إلى الرّوضة العبّاسية وطرق بابها المغلق بقوة ففُتحت له الباب من قبل السّيد مرتضى ضياء الدّين سادن الرّوضة العبّاسية، وأعلمه الشّيخ فخري بأنه يريد أن يكون لوحده في الحرم قرب الضّريح المقدس، وتم له ما أراد, وبعد أن ضرب الشّيخ الضّريح برأسه، نادى بأعلى صوته بلهجة شعبية: ( أبو فاضل .. اللي علينه أن نموت دون حرمة المدينة والباقي على الله وعليك), بعدها خرج الشّيخ فخري مسرعا ً, وكأنه أمسك بشيءٍ، وتبعه عدد من رجاله متجهين إلى منطقة الحرّ، ليلتف حول التّرك الذّين احتلوا محلة العبّاسية إلى البهادلية، بعد أن أرسل من يخبر شيخ البهادلية بقدوم الشّيخ فخري ورجاله، وما إن وصل الشّيخ فخري حتى أمر برفع الحواجز والسّدود التّرابية، فسال الماء هادرا ً ليغرق محلة العبّاسية والمناطق المحيطة بها في الوقت الذّي كان العسكر التّركي في سُبات، ومخازنه وما فيها من سلاح وعتاد ومؤنة قد غطتها المياه، فكان الصّباح، وكانت معنويات المجاهدين على أشدها فحملوا على التّرك حملة رجل واحد، مما اضطرهم إلى الهزيمة باتجاه بغداد وأخذوا يصرخون بأعلى أصواتهم: ( إمام عبّاس گلدي ) " معناها بالتّركي: جاء العبّاس" وعلى هذه الصّيحة يقول السّيد "مجيد مُحمّد عليّ مجيد آل طعمة" وهو من معاصري الحادث: أن التّرك وجدوا سيفا ً ممسوكا ً بيدٍ تلاحقهم وتحزّ رؤوسهم، ولم يروا الجسد وآخرون كانوا يقولون غير ذلك والله أعلم بحقائق الأمور .ولكن الإجماع يؤكد أن الأتراك في هزيمتهم كانوا يصيحون ( إمام عبّاس گلدي ). وعند إتمام طرد الأتراك من المدينة وجلائهم عنها بالكامل ذهب الشّيخ فخري مع حشد كبير من أهالي كربلاء إلى المرجع الدّيني المار ذكره ليخبره بالنّصر المؤزر، وأمر بفتح المحلات والعودة إلى مزاولة الأعمال فتمّ ذلك لهم، فلا شك أنها كانت من الكرامات العبّاسية المشهودة والمشهورة التّي لازال صداها يطرق أسماع النّاس إلى اليوم .

9 - وحق أبو الفضل العبّاس(عليه السّلام)نطق الطّفل في بطن امه
بِسم اللّه الرّحمَنِ الرّحيِم
اللَهّمَ صَلِ عَلَى مُحمّد وَ آلِ مُحمّد وَ عَجِل فَرَجَهُم وَ العَن أعدائَهُم إِلى قِيامِ يَومِ الدّين
اللهم صلِّ على مُحمّد وآل مُحمّد وعجل فرجهم..
تزوجت فتاة برجل غريب عنها من الفرات الأوسط وبعد الزّواج بمدّة قصيرة صار بينه وبينها مشلكة طردها لبيت أهلها .. بقيت بحدود خمسة اشهر زعلانه ولم يرسل إليها شخصاً لردها وفي أحد الأيام وبينما هي في الزّرع جاءها زوجها .. سلم عليها وردت عليه السّلام .. بكت وقالتّ له أنت الذّي ضربتني وطردتني إلى أهلي فلماذا لم ترسل أحداً يردني إلى منزلي .. إذا ماترديني ليش تزوجتني .." البنت عفيفة " قال لها أخاف من أبوك ما يسمح برجوعك إليه .. قالتّ له: انته ماوديت احد حتى أبويه يردك .. قال لها: اليوم العصر أرسل أحد الأشخاص المعروفين لكي يرجعك " تعرف شرعاً هي زوجته "..أخذ يلاطفها اخذ يتمازح معها المرأه صدقت طلب نفسها أن يواقعها في هذا المكان .. قالتّ له الزّوجة أنا زوجتك شرعاً لكن الآن لو حملت منك بطفل وانته تاركني خمسة اشهر أهلي راح يقتلونني .. قال لها الآن اليوم أرجعك قالتّ له أريد كفيل وظامن بيني وبينك. قال اطلبي قالتّ أريد أبا الفضل العبّاس عليه السّلام كفيل بيني وبينك أن ترجعني يقول واقعها فحملت من تلك السّاعة .. ولم يرسل إليها زوجها أحداً لكي يعيدها إلى بيتها تبين عنده مكيده شيطانية يريد يفضح هذا البنت وأهلها .. ونسى أو تناسى العهد الذّي قطعه لها وأن الكفيل أبو الفضل العبّاس عليه السّلام البنت تأكدت بأنها حامل من السّاعة التّي واقعها بها زوجها.. أتت لأمها وقالتّ لها: يا أمي ونقلت لها القصة. قالتّ لها أمّها إنك تكذبين، انتي عملتي عملاً باطلاً لو كان صحيحاً كنت قلتي لي من أول يوم .. وأخذت كل يوم من الأيام يمر بطنها تكبر وبدنها يضعف من الخوف .. وصل الخبر إلى أبيها وأخوتها وكان عندها سبعة أخوة عمل الأب القهوة في المضيف وجمع أخوانها ودقت القهوة جاء الأخوة وقلبت الفناجين والدّلّة والأب ملثم فقال لهم أولادي تأخذون اختكم وتحفرون لها حفره وتطموها في الحفرة حتى نغسل العار عنا .. سمعت أحد النّساء هذا الكلام.. فجاءت إلى البنت وأخبرتها بالمصير الذّي كان ينتظرها وما قاله أبوها لأخوتها وأنهم مصممون على قتلها ودفنها الليلة .. ففزعت كثيرا وذهبت إلى مضيف والدّها حيث كان أبيها وإخوتها مجتمعيتن وقالتّ:
أجه رجلي بشرعه الغالي
من بعد هجرانه إلي وهجراني
ماوافقت ادري بيه لن يذلاني
منه طلبت اعظم كفيل نطاني
عباس أبو فاضل وماينساني
اخذوه واخذوني لكفيلي العبّاس
حاضر الشّدات .. حي فلا مات.. يكشف الكربات ..
حره وعفيفة وكل ذنب مابيه

فعندما أخبرتهم بالقصة صدقوها ببركة العبّاس .. وأرسلوا إلى زوجهافعندما دخل المضيف سلّم عليهم فلم يردّوا السّلام عليه " يطلبونه " قالوا له: هاي بنتنا تقول الحمل الذّي في ببطنها هو منك .. قال: و الله لو شايف أختي شايف بنتكم ..أنكر بالمرة .. قالوا له غدا نذهب إلى أبي الفضل وتقسم أنت ويذهب معكم بعض الثقاة .. في الصّباح الباكر ذهبوا جميعا إلى حضرة أبي الفضل .. قريتهم قريبة من كربلاء, قرب الرّميثة .. ذهبت البنت وهي تبكي فاذا لم يتداركها أبو الفضل فراح تقتل ويلحق عائلتها العار .. وصلوا جميعاً إلى الحضرة.. خطى الزّوج ثلاث خطوات ومد يده على العبّاس وأقسم بهذا الدّين واليمين بأنّ هذا الطّفل الذّي في بطن زوجته ليس منّي .. واذا بصرخه من داخل بطن الأم . ياناس ياعالم هذا أبي هذا أبي هذا أبي ..
يقول ناقل القصة: فرفع الزّوج من الأرض وضُرب على الباب ووقع ميتاً في مكانه .. حيث عاقبه العبّاس عليه السّلام على فعلته الشّنيعة
ورجعت المرأة ووجهها أبيض وجنينها ببطنها ببركة ابي الفضل العبّاس عليه السّلام ..
اللهم صلِّ على مُحمّد وآل مُحمّد
اللهم صلِّ على مُحمّد وآل مُحمّد
اللهم صلِّ على مُحمّد وآل مُحمّد

10 - نجاة جماعة دخلوا العراق بطريق غير رسمي
روى لي الرّادود الحُسينيّ الحاج مُلا قاسم بن المرحوم مُلا حسن, قائلا ً: توجّه رجلان ومعهما امرأتان من إيران لزيارة العتبات المقدسة في العراق عبر طريق غير مشروع في نهاية سنة 2002 م و وبعد وصولهم مدينة كربلاء المقدسة تفرقوا على موعد الملتقى سويّة للعودة إلى إيران ثانية ً .فعرفت جلاوزة النّظام الصّدّاميّ البائد بدخول المرأتين إلى البلد, مما أدى إلى اعتقالهما, وتمت ملاحقة الرّجلين حتى كشفوا مكانهما واعتقلوهما, وبعد الاعتقال - وكما هو معروف - تعرّضوا إلى أشدّ أنواع الإهانات والضّرب والشّتم, وكان أحدهم قد توسّل أشد التّوسل بأبي الفضل العبّاس ( عليه السّلام ) لخلاصهم من هذه المحنة المُزرية, وفي نفس الليلة رأى الرّجل في عالم الرّؤيا وكأنّ أبا الفضل العبّاس ( عليه السّلام ) وهو جالسّ على ضريحه المقدّس, قائلا ً له: اطلب ما أردته منّا, والشّيء الذّي طلبته منّا وما تطلب سنعطيك إياه .. وفي اليوم التّالي استدعاه مدير الأمن بكل احترام وتقدير بعد كل ذلك الاضطهاد والضّرب والإهانة, وأخذ يتجاذب معه أطراف الحديث بكل لين قائلا ً له: ليس لك إلا أن تكتب رسالة إلى الجهات العليا المختصة لينظروا بأمركم, فقال له الرّجل: أنا لا أعرف كتابة رسالة باللغة العربية بشكل جيد, فقال له مدير الأمن: لا عليك أنا سأكتبها عنك وما عليك إلا أن توقّع عليها فقط, وسيأتيك الجواب بعد عشرة أيام, يقول الرّجل وافقت على ذلك فورا ً . مضت تلك العشرة العجاف وأنا على أحرّ من الجمر بانتظار الخبر, وبينا أنا كذلك فإذا بمدير الأمن قد استدعاني ثانية ً, حضرت عنده على الفور وإذا به قدّم لي سيجارة وكوبا ً من الشّاي وطمأنني وقال: جاء الجواب من الجهات العليا وكان القرار كالتّالي: إما أن تُمنح الجنسية العراقية وإما أن تُرسل على الفور إلى الحدود الإيرانية, وكان قراري أن أذهب إلى إيران, وفي اليوم التّالي أركبونا والمرأتين بسيارة (لاندكروزر) وانطلقت بنا إلى الحدود متخطين تلك الأيام الصّعاب, وبعد حديث جرى مع المرأتين اللتين كانتا معنا في السّيارة قلت لهما إني قد رأيت أبا الفضل العبّاس ( عليه السّلام ) وقد طمأنني بالسّلامة والفرج, وها نحن قد نجونا من هذه المحنة ببركة كرامة قمر بني هاشم ( عليه السّلام ) والحمد لله, قالتّ المرأتان ونحن كذلك رأينا ما رأيت ! تعجبتُ لهذا الأمر وأحسستُ بيقين ٍ مطلق بأن عناية ورعاية أبي الفضل العبّاس ( عليه السّلام ) كانت ترافقنا في كل فصول هذه المحنة بلا شك ٍ أو رَيب .

11 - الملك الإيراني نادر شاه وتعميره الأضرحة المقدسة
قال الخطيب الكبير والمدافع عن مذهب أهل البيت "عليهم السّلام" السّيد حسين الفالي عن جده لأمه، المرحوم الشّيخ حسن الحائري المعروف في مدينة كربلاء المقدسة ب "الشّيخ حسن الصّغير" الذّي كان من رواد المنبر الحُسيني آنذاك، وقد امتاز (رحمه الله) بخدمته الجليلة لسيد الشّهداء أبي عبد الله الحُسين(عليه السّلام), وكان ذا شخصية نادرة في الإيمان والتّقوى والورع .قال: قرأت ذات يوم في كتاب (أسرار السّلاطين) الذّي عثرتُ عليه في دار المخطوطات في خزانة أبي الفضل العبّاس (عليه السّلام ) ما هذا نصّه: إن "نادر شاه" كان له وزير شيعي يسمّى ب ( ميرزا مهدي )، فبعد أن فتح نادر شاه بلاد الهند طلب وزيره الشّيعي السّفر إلى العتبات المقدسة في العراق، وحينما سمع نادر شاه مقالة الوزير هذه أخذ يسخر منه ويستهزئ به وقال له: ( أنتم الشّيعة تعبدون الأموات، شخصٌ قد رحل عن هذه الدّنيا منذ مئات السّنين، أو تذهبون إلى قبره وتسلمون عليه ؟! ), قال الوزير الشّيعي: ( لا شك في الظّاهر أنه قد مات ولكنه تعهد بأن تكون أفعاله وعقائده حية ونديّة، وهذه النّاس لازالتّ تكتب معجزاته وكراماته )، والدّليل على ذلك أن من جملة كرامات أبيه المولى عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام ) سلطان النّجف، أنه لا يقترب من مقامه الطّاهر حيوان نجس، والأعجب من ذلك أنه إذا ما وصل الخمر بالقرب من مقامه الطّاهر إلا ويفسد وتزول فعالية السّكر فيه، وينقلب في الحال إلى "خل" . صور حرم الإمام عليّ "سلام الله عليه" وحينما سمع هذا القول قال: إذا كان كذلك كما تقول سآتي معك لمشاهدة هذه الكرامة والمعجزة، وبعد ذلك توجه نادرشاه إلى العراق، وعندما وصل بالقرب من حرم أمير المؤمنين (عليه السّلام ) أخرج قنّينة كان فيها خمر وكان قد أغلقها بإحكام، وإذا برائحة الخل تتصاعد من فوهتها، ففتحها وذاق طعمه فوجده بالفعل قد تحول إلى خل، ثمّ طلب كلبا ً ليدخله إلى مقربة من الحرم الطّاهر لأمير المؤمنين (عليه السّلام) فكلما حاول إدخاله فلم يستطع ذلك، وأصرّ الكلب على أن لا يتحرك من مكانه، فعمدوا بعد ذلك لربط عنق الكلب بسلسلة من حديد وسحبوه حتى انقطعت السّلسلة ولم يفلحوا بإدخاله المنطقة المحيطة بالحرم الشّريف .فعندما رأى (نادرشاه) هذه المعجزة وهذه الكرامة العظيمة خشع وخضع للمولى (عليه السّلام) وقال: إني لما رأيت من هذه الكرامة الباهرة أطلب منكم أن تربطوني في الحال بالسّلسلة الحديدية التّي ربط بها الكلب لأدخل إلى ضريح المولى أمير المؤمنين (عليه السّلام)، فلم يصدق النّاس فعل نادر شاه هذا وظنوا أنه جُن ! وبعد ذلك تبين أنه لم يعتريه شيء من ذلك, وبعد هنيهة جاء رجل غير معروف وكان مهيبا ً اقترب من نادر شاه ووضع سلسلة من ذهب في عنقه وجرّه إلى قبر أمير المؤمنين (عليه السّلام)، فحينما وصل نادر شاه إلى القبر المطهر دخل عليه بخشوع ووجل وأدب ووضع تاجه الذّي ورثه من الملوك ( وكانت قيمته غالية جدا ً آنذاك ) على الضّريح وقال: (( أنت الملك يا سيدي ويا مولاي وأنا واحد من عبيدك، وأطمع أن أكون كلبا ً في بيتك ))، ثمّ بقي في النّجف الأشرف وقرر أن يطلي القبة الطّاهرة للمولى أمير المؤمنين "عليه السّلام" بالذّهب بدلا ً من الكاشي، وبعد ذلك توجه إلى زيارة العتبات المقدسة في كربلاء، وأخذ يستمع عن كثب إلى فصول مشاهد واقعة الطّف الأليمة وما جرى على أهل البيت (عليهم السّلام) في يوم عاشوراء الدّامي فتأثر كثيرا ً، وبكى بكاءً عاليا ً, وفي هذا السّياق دار الحديث عن بطولات أبي الفضل العبّاس (عليه السّلام ) وما جرى عليه من المحن والمصائب والمشقة في هذا اليوم العصيب .فسأل الحاضرين حوله: من أي جهة هو قبر العبّاس (عليه السّلام) عن قبر الإمام الحُسين (عليه السّلام) فقالوا له إن قبر العبّاس (عليه السّلام) على الجهة الأخرى منه، فعرفوه الطّريق المؤدي إليه . فمشى إليه وحينما وقعت عيناه على حرم قمر بني هاشم (عليه السّلام) الذّي لا يقل هيبة وعظمة عن حرم أخيه سيد الشّهداء أبي عبد الله الحُسين (عليه السّلام)، سأل نادر شاه الحاضرين: ما العلة والحكمة التّي من أجلها لم يدفن العبّاس (عليه السّلام) جنب أخيه الإمام الحُسين (عليه السّلام) ؟ .. فأجابوه أن العلة في ذلك هو أن العبّاس (عليه السّلام) أوصى أخاه الحُسين (عليه السّلام) أن يدفنه في مكانه يوم الطّفوف بعد أن سقط على الأرض مضرجا ً بدمه فانحنى عليه الحُسين (عليه السّلام) ليحمله ففتح العبّاس (عليه السّلام) عينه فرأى أخاه الحُسين (عليه السّلام) يريد أن يحمله فقال: أين تريد بي يا أخي ؟، فقال إلى الخيمة، فقال يا أخي بحق جدك رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) أن لا تحملني، دعني في مكاني هذا، فقال لماذا ؟ فقال إني مستح ٍ من ابنتك سكينة وقد وعدتها بالماء ولم آتها به .,, هذا وكلما حاول العلماء والحاضرون إقناعه بأن العبّاس (عليه السّلام) هو الذّي كان يريد البقاء في مكانه فلم يقنع نادر شاه بذلك ! .وفي هذه الأثناء سُمع صياح شاب من جانب الضّريح المطهر لأبي الفضل العبّاس (عليه السّلام) وباللهجة المحلية يقول: يخو زينب سوّيلي چاره ) .قال نادر شاه: ما هذا الضّجيج وما جرى لهذا الشّاب وماذا يبتغي ؟
فقال الشّاب: إني من قبيلة مسعود، وأسكن خارج مدينة كربلاء بفرسخين أو ثلاثة (ملاحظة من عبدالعظيم: "الفرسخ" = ثلاثة أميال = 12 ألف ذراع أو 5544 مترًا)، والعادة المتبعة عندنا في قبائلنا أن يذهب العريس والعروس إلى حضرة أبي الفضل العبّاس (عليه السّلام) ويتعاهدوا عنده على ألا يخون أحدنا الآخر، وإن كان كذلك فسيجازيه العبّاس(عليه السّلام) على خيانته، وهذه الليلة هي ليلة زفافي وبينما كنا متوجهين إلى حرم أبي الفضل العبّاس (عليه السّلام) لتلاوة العهد عنده إذ بنا قد داهما عدة من المسلحين واعترضوا طريقنا وخطفوا زوجتي مني عنوةً، فجئت إلى حضرة أبي الفضل العبّاس (عليه السّلام) لطلب النّجدة والمعونة . فتأثر نادرشاه كثيرا ً على ما سمعه من العريس وقال له: سوف أحاول استرجاع زوجتك إليك في الليل، وأما الشّاب لم يتعرف من قبل على شخصية نادرشاه فلم يأبه بكلامه، قال الشّاب: أنا لا أريد المساعدة منك بل أتيتُ إلى ( أخو زينب ) الكبرى ليساعدني في حلها وأطلب المعونة منه على أن يعيد لي زوجتي بالسّرعة الممكنة وينال السّرّاق جزاءهم العادل منه (عليه السّلام), فغضب نادرشاه من جرأة الشّاب معه وعدم قبوله مساعدته له، فأردف عليه نادرشاه بالقول: ( حسنا ً إذا لم يُعد العبّاس "عليه السّلام" عليك زوجتك قبل سدول الليل فسأقوم أنا بنفسي بمحاسبتك ) .فوقع الشّاب في مشكلة أخرى وهي تهديد نادرشاه له, فانحنى الشّاب وأخذ يصيح بصوتٍ عالٍ متوجها ً صوب العبّاس (عليه السّلام) وهو يقول: ( يا ملجأ من لا ملجأ له, يابن أمير المؤمنين صل بحالي )، فما أن أتمّ كلامه وإذا به قد سمع أصوات الهلاهل والزّغاريد من داخل الحرم الطّاهر وصوت العروس قد صكّ مسامع الحاضرين من الزّائرين وهي تقول: ( رايتك عالية يابو فاضل، مشكور يخو زينب ) .فقرر نادرشاه أن يستدعي هذا الشّاب وعروسه ليستمع عن كثب إلى قصتها وما جرى عليها ; فأجابته قائلة: حينما أخذني السّرّاق وصرت على مبعدة من زوجي وصرت كالأسيرة بأيديهم، لم يكن لي إلا التّوسل بباب الحوائج أبي الفضل العبّاس (عليه السّلام)، فتوجهت إليه وأقسمت به وقلت:( بحق أختك زينب الكبرى أن تنجيني مما أنا فيه ), ففي هذه الأثناء وإذا بفارسٍ قد أتى من جهة كربلاء وامر السّرّاق بإطلاق سراحي, فرفضوا كلام الفارس وهجموا لينقضوا عليه, وإذا بسيفٍ كالبرق الخاطف يتخطى رقابهم وظلت جثثهم في الصّحراء, فهذا ما رأيت, وبعد ان رأى وسمع نادر شاه هذه الكرامة العظمى بأم عينيه اقتنع بأن يكون لأبي الفضل العبّاس(عليه السّلام) عند أخيه الحُسين (عليه السّلام) هذه المنزلة الرّفيعة والعظمة، فبعد ذلك أمر بتوسيع الحرم الطّاهر لقمر بني هاشم(عليه السّلام) وبنى المسجد مما يلي الرّأس الشّريف، وقان بتعمير الصّحن الشّريف والأروقة المحيطة به، وكان ذلك عام 1153 ه .
وجاء في (عقيدة الشّيعة): وقبة هذا المشهد غير مذهبة إذ يقال أن نادرشاه رأى شخصا ً في المنام وهو على ما يظن أبوالفضل العبّاس(عليه السّلام) فوبخه قائلا ً: ( إنني أصغر سنا ً من الحُسين وما أنا إلا تراب قدميه, فعليك أن تفرق في البناء بين السّيد والعبد ) .

12 - عقاب وإذلال الذّين قصفوا مرقده المقدس أيام الانتفاضة الشّعبانية عام 1991 م
حدثني الأخ المؤمن مصطفى السّدّاوي عن صديق له من المؤمنين الموالين قائلا ً:بعد أحداث الانتفاضة الشّعبانية التّي عمت أرجاء العراق سنة 1991, رفضتُ العودة والانخراط مرة أخرى في سلك الجيش الصّدامي, وما أن أخمدت تلك الاننتفاضة المباركة من قبل قوات النّظام الطّاغي ودخول الجيش إلى المدن وترويع الأهالي بشتى الوسائل التّعسفية, خفت على نفسي خوفا ً شديدا ً من بطش النّظام واعتقالي وربما إعدامي, فأجبرت على الالتّحاق بوحدتي العسكرية .توجهت إلى مدينة "الرّمادي" في اليوم التّالي بسيارتي الخاصة التّي كانت تحمل رقم "كربلاء", وذلك لغرض تنظيم أوراقي في دائرة عسكرية هناك, فما أن وصلت منتصف الطّريق بعيدا ً عن مدينة بغداد وإذا بسيارة كانت إلى جنبي تتبعني حتى وصولي إلى مدينة الرّمادي وكان رقمها "صلاح الدّين", وكان صاحبها ينظر إليّ بتمعن على طول الطّريق .نزلت من سيارتي ودخلت الدّائرة لقضاء أمري فرأيته أمامي يتابعني .خفت من الأمر كثيرا ً ودعوت الله أن ينقذني مما أنا فيه متوسلا ً بأبي الفضل العبّاس(عليه السّلام ) بقولي: " دخيلك يا أبا الفضل " .دخلت غرفة المدير, دخل بعدي مباشرة, ورأيت الضّباط والموظفين يحترمونه كثيرا ً حتى ظننت أنه قطب من أقطاب هذه الدّائرة, وما إن قدمت أوراقي للمتابعة بمباشرتي في الوحدة العسكرية حتى سمعت هذا الرّجل يقول للضابط المكلف بإنهاء معاملتي: أنجز معاملته على وجه السّرعة لأنني لي شغل معه !خفت من الأمر أكثر فأكثر, وتيقنت اعتقالي وربما إعدامي بلا شك من قبل أزلام الطّغمة الصّدامية الإجرامية .استلمت كتابي وخرجت مسرعا ً متواريا ً عن نظره لأنكفئ عن شره, تابعني من خلفي حتى لحق بي وقال لي: إلى أين تريد ؟ إن لي معك شغل مهم, فتعجبتُ لذلك !, فاتخذت كل الاحتياطات اللازمة لردعه عند شعوري بالخطر منه .قلت له: وما هو شغلك معي ؟ و أنا لا أعرفك من قبل قال لي: أنت من أهالي كربلاء أليس هذا صحيحا ً ؟ أجبته: نعم هو كذلك, قال: أنا قائد طيار متقاعد ولي ولدان وهما كذلك كانا طيارين, تركتهما الآن في البيت مريضين وهما في حالة يرثى لها, فأناشدك الله تعالى أن تتوسل لي بقمر بني هاشم العبّاس(عليه السّلام) لشفائهما وغفران ذنبهما, فتعال معي إلى منزلي لترى أنت بأم عينيك حالتّهما عن كثب,فاصطحبني إلى منزله لأرى الحقيقة كما طلب مني, دخلنا البيت الذّي يبعد بضع كيلومترات عن مدينة الرّمادي, فما أن دخلت منزل الرّجل إلا وذهلت للمنظر لما رأيت من جمال منزله وكأنه القصر الذّي ليس له نهاية ولم يحتج إلى شيء قط من وسائل الرّاحة, لم أرَ في حياتي أرقى منه, وبينا أنا في هذا العالم الخيالي سمعت على حين غرة صوب أحد الغرف أصوات نحيب حيوان وإنسان في آن واحد, فلا هي صوت إنسان ولا هي بصوت حيوان مما أثار انتباهي ودهشتي, تعجبت كثيرا ً للأمر,قال لي والدّهما إذا ً سمعتَ الذّي أخبرتك به, فتقدمنا معا ً إلى الغرفة التّي يرقد فيها المريضان على وجل وتحفظ, فوجدت شابين أشبه ما يكونا بفاقدي عقلهما وأصواتهما قد بدلت بأصوات الحيوانات المخيفة, وقد رُبطا بحزام حديدي لكي لا يفرّا ويؤذيان النّاس,قلت لوالدّهما: ما بالهما وما قصتهما ؟ قال الأب: جاءتهما الأوامر من القيادة العسكرية الصّدامية أن يقصفا مدينة كربلاء وبالتّحديد قبة العبّاس(عليه السّلام ) إنتقاما ً من المجاهدين الذّين انتفضوا ضد حكومة صدام, وقصفا مدينة كربلاء قصفا ً شديدا ً وبلا رحمة ولم يرعوا له حرمة ولا لأبيه المولى عليّ بن أبي طالب (عليهما السّلام), فبقيا على هذه الحال حتى جاءتهما الطّامة الكبرى فلم يمهلهما العبّاس بن عليّ (عليهما السّلام) حتى آل أمرهما إلى ما ترى, ولم تسعفهم الأطباء والدّواء أينما راجعنا إلى اليوم, إلا أن يسامحهم العبّاس بن عليّ بن أبي طالب (عليهم السّلام),, وطلب الوالدّ مني أن أدعو لولديه بالشّفاء عند ضريح العبّاس " عليه السّلام " .

13 - في شفاء رجل مسيحي وإسلامه
حدثني الأخ الثقة "مصطفى السّداوي" ممن يحضرون عندنا في مجلس القرآن الكريم بطهران قائلاً: أنه كان يسكن في منطقة "السّدة" في العراق والتّي تبعد عن مدينة كربلاء حوالي 20 كيلو متراً، ففي أيام القصف الأمريكي على العراق سنة 1991م هربت الكثير من العوائل من بغداد باتجاه المدن الجنوبية والمقدسة منها، فنزلت عائلة مسيحية جوارنا - فتعرفنا عليهم تدريجياً، ومن الملفت للنظر أنها كانت تكنّ الولاء لأبي الفضل العبّاس (عليه السّلام) بشكل منقطع النّظير ! سالنّا ذات يوم والدّتهم عن ذلك الولاء فقالتّ: كان لي أخ لزوجي يعيش في أمريكا وهو بعد شاب، فوجئ بمرض السّرطان، راجع على الفور الكثير من الأطباء هناك حتى سافر إلى الكثير من بلدان العالم ولم ير بداً من شفائه سوى ما أنبأته تقارير الأطباء بقرب نهاية عمره وليس له من شفاء على الإطلاق، والأبواب مغلقة في وجهه قالتّ والحديث ما زال لها: اغتممت كثيرا عندما سمعت بهذا النّبأ السّيئ، ولم أستطع فعل شيء بادرتني فكرة على الفور متذكرة بأن لنا باب الحوائج ذلك الذّي ما إن التّمسنا شيئاً منه يوماً وتوسلنا به في محنة أو قضية مستعصية إلا والجواب في الباب، فأين نحن اليوم منه إذن ؟ قمت على الفور واتصلت به عبر الهاتف بيقين صادق وإيمان مطلق بأن العبّاس (عليه السّلام) سيعيننا على حل هذه المحنة بلا شك، فقلت له: وجدت لك طبيبا ليس في السّماء والأرض مثله، قال لي متعجباً: من هذا الذّي بحثت عنه الأرض والسّماء ولم تجدي مثله ؟ قلت له: هو أبو الفضل العبّاس بن عليّ (عليه السّلام) ذلك الذّي نصر أخاه الحُسين (عليه السّلام) في تلك الملحمة العاشورائية البطولية الدّامية في أرض الطّفوف ضحىّ بالغالي والنّفيس من أجل العقيدة والمبدأ، فأولاه الله تعالى لقب "باب الحوائج"، فما قَصَده قاصد إلا ونال مطلبه في الحال، فما عليك إلا أن تأتي على الفور إلى هنا كي نذهب سوية عند حضرته المقدسة لنيل شفائك منه بإذن الله تعالى، والتّجربة أكبر برهان فلسوء الحظ رفض ذلك، وكأنه استهزأ بالحقيقة، ولم يثبت عنده اليقين بعظمة أبي الفضل العبّاس (عليه السّلام) وما أولاه الله تعالى له من المكانة والكرامة والعظمة والقدر والشّأن قالتّ المرأة له: إذن أنا سأذهب بنفسي نيابة عنك لزيارة ذلك البطل الأقدس وأطلب منه أن يهب لك الصّحة والخلاص من هذا المرض العضال، وأُثبتُ لك عظمة ذلك الرّجل والوقوف عن كثب عند كراماته الباهرة، بإذن الله تعالى قالتّ الرّاوية لهذه القصة: ذهبت في اليوم التّالي إلى كربلاء المقدسة ودخلتُ حضرته الشّريفة يملأُ قلبي الأمل لكشف هذه البلية، فتوسلت به أشّد التّوسّل والبكاء عنده حتى ظننتُ حين الإنتهاء من زيارتي له بأنّ المراد قد حصل بلا شكّ ولا ريب، وعدت إلى منطقتي، فلم تمضي إلا مدة يسيرة لا تتجاوز الأسبوع، اتصل بنا المريض من أمريكا وقال اتصل بي أكبر الأطباء المختصين هنا وطلب مني إعادة إجراء فحوصات جديدة مرة ثانية، وطلب مني كذلك جلب التّقارير السّابقة ليرى فيها رأيه، فحضرت عنده في اليوم التّالي وأعطيته ما طلب، فبعد هنيهة خرج الطّبيب مذهولاً منبهراً متعجباً وكأنَّ على رأسه الطّير! وأخبرني بخبر زوال المرض عنّي بالكامل طبقاُ لما بينتها الأشعة بأحدث وسائل الأجهزة الطّبية سالنّي الطّبيب ما الذّي حدث، وما الذّي جرى؟ وقفت متأملاً قليلاً فتذكرت ما جرى بيني وبين زوجة أخي عبر الهاتف ؛ فقلت له ذهبتْ إحدى قريباتي وهي ساكنة في العراق إلى رجل أولاه الله تعالى من العظمة مالا عينٌ رأت ولا أذنٌ سمعت حتى صار مرقده محل شفاء المرضى والتّنفيس عن المكروب وقضاء الحوائج، وهو العبّاس بن عليّ بن أبي طالب (عليهم السّلام)، فتوسّلتْ به عنده ليمنحني الشّفاء العاجل وخلاصي من هذا المرض الخبيث، فهذا الذّي حدث، فلا عجب أن يكرمنا رجل منحه الباري جلّت قدرته هذه الكرامة العظيمة وهذه المكانة في الدّنيا والآخرة قام على أثرها المريض المشافى وعلى الفور بالسّفر إلى العراق وزيارة مرقد أبي الفضل العبّاس عليه السّلام شاكراً منه تفضّله عليه بهذه الكرامة الجليلة، وأعلن بعد ذلك إسلامه وتشيّعه عنده (عليه السّلام) أمام الملأ وأصبح من الموالين له والمعتقدين به. .

14 - شفاء مريض مصاب بالشّلل جنب ضريحه المقدس
نقل السّيّد جعفر آل طعمة هذه الكرامة، حدّثه بها السيّد عبدالرّزّاق مُحمّد رضا آل طعمة, قائلاً له:في إحدى أيّام سنة 2001م، دخلت الحرم الطّاهر لأبي الفضل العبّاس عليه السّلام، فتشرّفت بزيارة المولى، وبعد أداء تلاوة الزّيارة حان وقت الزّوال، فشرعت بصلاة الظّهر .وفي أثناء أداء صلاة الفريضة جيء بمريض يحمله أشقّاؤه، حتّى أقعَدوه عند الضّريح المبارك، فاتّكأ المريض مُسنِداً ظهره إلى الحائط المحيط بالضّريح، مادّاً رجلَيه باتّجاهه !ما إن أتممتُ صلاة الظّهر حتّى التّفتُّ إلى المريض ونبّهته إلى حالتّه، ورجوته أن يحوّل رجلَيه إلى الاتّجاه الآخر ؛ مراعاةً لأدب الحضور عند ضريح المولى عليه السّلام . فلم يُجِبْني إلى ذلك، ربّما لشدّة ما كان يُعانيه من مرضه، فأخبرني مَن كان جنبه: إنّه مصاب بالشّلل، فلا يستطيع النّهوض إلاّ إذا اجتمعنا نحن إخوته على إنهاضه، وقد ذهبوا ليأتوا له بالماء .ثمّ أخذ الرّجل يدفع أخاه العليل برفق حتّى قرّبه من الشّباك ليربطه بالضّريح المقدس . بينما شرعتُ أنا بصلاة العصر، وبينا أنا كذلك وإذا بي أسمع ضجيج النّاس وزغاريد النّساء، وقد ازدحم الزّائرون عند الضّريح الطّاهر، حتّى إذا أتممتُ فريضة العصر التّفتُّ فإذا بذلك المريض المشلول ناهضاً على قدميه وقد عقد أصابعه على مشبَّك الضّريح بشدّة وهو يبكي من شدة السّرور والفرح، ومعبّراً عن شكره، ثمّ حانت منه شهقة أعقبها دعاء.

15 - قصة فتاة زَوَجَهَا العبّاس عليه السّلام
في إحدى قرى إيران البعيدة و في أحد القبائل كان لشيخ قبيلة بنت وحيدة أصيبت بمرض خطير فنذروها للعبّاس قمر بني هاشم عليه السّلام فتشافت ببركة العبّاس عليه السّلام و كانوا دائما يخبروها بما حصل و أنها منذورة للعبّاس و إن لولا العبّاس لما تشافت ..فظلت تلك الفتاة متشوقة للعبّاس و متلهفة لرؤيته فكانت تردد دوما سأكون زوجة العبّاس و لن اختار أحد غير العبّاس .. و مضت الأيام فأتاها والدّها يوما عندما بلغت من العمر 14 سنة و اخبرها بأنها ستتزوج من ابن عمها و يجب عليها أن تستعد لذلك ..فأجابته رأسا والدّي أنا لا أتزوج إلا العبّاس بن عليّ عليهما السّلام قال لها بنيه كفي عن هذا فأنت الآن لست صغيرة و جاهلة كي ترددي هذا القول فالعبّاس قد استشهد منذ اكثر من ألف سنة في كربلا فقاطعته قائلة والدّي لكنه أتاني و شافاني ..أشفق عليها والدّها عندما رآها في شدة المحبة للعبّاس .. فقال لها: بنية انظري إلى هذا الجبل الأسود الذّي أمامك إذا أخبرتك أن العبّاس داخل هذا الجبل فهل تستطيعي أن تصلي إليه فقالتّ: والدّي الجبل قريب من قبيلتنا قال لها: ليس هذا ما قصدت ..و لكن القصد أن تصلي إليه يجب أن ينشق هذا الجبل و هذا لا يكون ..أراد الوالدّ بذلك أن يقرب لها الصّورة أن ما تطلبه محال كما أن انشقاق الجبل محال ..ظلت تفكر هذه الفتاة فقررت بان تخرج في الليل حال نومهم و تذهب للعبّاس ..تقول في نفسها أن العبّاس في الجبل سأذهب إليه و اطلب منه ..فحملت ثيابها التّي أعدت لزفافها و دنت من الجبل و وضعت يدها على الجبل و قالتّ يا أبا الفضل العبّاس يريدون أن يزوجوني غيرك و أنا قد أتيتك لأني لا احب زوجا غيرك فافتح لي الجبل يا سيدي و مولاي ...وإذا بالجبل ينشق و ترى نورا يخرج من هذا الشّق فتوجهت إلى داخل الجبل و إذا بالعبّاس سلام الله عليه جالسّ على صخرة داخل الجبل و بيده شاب وسيم نوراني المنظر فقال لها العبّاس أنا اخترت لك هذا الشّاب زوجا و هو عطية العبّاس لك فعقد عليهما و كتب العقد بيديه الشّريفتين وأعطاها العقد و قال لها بأن تخرج إلى قبيلتها و تضع هذا العقد بيد والدّها ..و عند الصّباح رأت أن القبيلة كلها خرجت تبحث عنها ..واجهت الفتاة أبيها و وضعت العقد بيده قال لها ما هذا ..فقالتّ أن العبّاس امرني أن أعطيك اياه عندما أراك ..فأسالها و أين رأيت العبّاس قالتّ في المكان الذّي أنت أخبرتني به في الجبل ..فذهبوا جميعا إلى الجبل و رأوا آثار الشّق العظيم في الجبل فسألوا أحد الرّعاة هل كان هذا الشّق موجودا من قبل قال لا أنا لأول مرة أرى هذا الشّق في الجبل فأنا اعتد أن اجلس هنا لأستظل بظل الشّجرة و لم يسبق لي أن رأيت هذا الشّق من قبل.. هنا تنبه الوالدّ ففتح العقد و اذا مكتوب به عقد العبّاس بن عليّ بن أبى طالب عليهما السّلام على فلان وفلانة و كان قد ختم العقد بخاتمه الشّريف... فأخذ الكل يتبارك بالعقد حتى انه كان بينهم الأعمى فمسح بالعقد و بختم العبّاس على عينيه فبرأ و رد له بصره و كان معهم مرضى فتعافوا بشفاعة ختم العبّاس سلام الله عليه.. و هذا دليل واضح على أن المحب إذا احبهم يقينا بقلبه و لسانه ظهروا له و أعطوه كل ما يطلب و فوق ما يطلب أعطوه خير الدّنيا و الاخره..

16 - إنقاذ حياة طفل التّفّ حول مهده ثعبان سامّ
روى لي ممن أثق بروايته, وكان يحضر عندنا في محفل القرآن الكريم في طهران قائلا ً:إنه في حدود سنة 1950 م كانت عائلة من أرحامنا تسكن منطقة ( الرّحبة ) القريبة من الحدود السّعودية, وهي واحة خضراء يسكنها البدو من قبيلة ( شُمَّر ), وتسمّى هذه العائلة: ب ( بيت أبي سعد ), ول سعد أخت متزوجة تسكن مع زوجها في مدينة ( السّماوة ), ولمّا حان وقت ولادتها طلبت الذّهاب إلى بيت أبيها في "الرّحبة" لتلد هناك على التّقاليد العربية المعروفة آنذاك .وحينما وضعت المرأة ولدها خصّصوا له مهداً من الخيزران المغطّى بالخوص, فصارت ترضعه وتضعه في المهد وتذهب لإنجاز أعمالها في البيت, وذات يوم بعد أسبوع من ولادتها وبينما هم في غفلةٍ عنه وإذا بثعبان صحراوي قد التّفّ حول مهد الطّفل وأراد الانقضاض عليه, فعَلا الصّراخ في المنزل واجتمع النّاس المجاورون لهم وتهافتوا على الطّفل لإنقاذه من الثعبان بالسّلاح فلم يفلحوا في ذلك لعدم استطاعتهم رمي الثعبان خوفا ً على حياة الطّفل, ولا يستطيعون تركه خوفاً من الانقضاض عليه, فأخذ الثعبان بين الفينة والأخرى يشدّ بجسمه بقوّة ويلتفّ حول المهد كعُلبة كبريت مضغوطة بيد طفل .. فاحتار النّاس لهذا الأمر, وبينما هم على هذه الحال وإذا ب جدّة "سعد" العمياء قد أقبلت إليهم بقلب ٍ مفجوع بعد أن فهمت الخبر وقالتّ لهم: ( أخرجوا مَن حضر هنا مِن الرّجال ووجّهوني صوب العبّاس بن علي( "عليهما السّلام" ليدركنا ), فاتجهت نحوه وشقّت جيبها وكشفت عن رأسها وخاطبت العبّاس "عليه السّلام" وهي تصرخ بصوتٍ عالٍ وتقول: ( يا أبا الفضل, يا كافل زينب, يا باب الحوائج, إذا كان هذا الثعبان رحمانيّ فاصرفه عنا, وإن كان شيطانيّ فاقتله في الحال وأرحنا وأرح العباد منه ) فما كانت إلا لحظات وإذا بالثعبان قد انفلت كما ينفلت الخيط من الإبرة وقام على طوله متدليا ً وصرخ صرخة عظيمة كصوت الطّفل عندما يفزع إذا خاف من شيء وإذا به قد سقط كالخشبة الهامدة ومات . وسرعان ما تغير ذلك الوجل والهلع والخوف إلى هلاهل وزغاريد النّسوة, وسُرّ وابتهج الجميع بذكر الصّلوات على مُحمّد وآله الطّاهرين لخلاص الطّفل وإنقاذ حياته بكرامة العبّاس "عليه السّلام" . والحمد لله رب العالمين.

17 - شفاء ولد مراهق من الشّلل
روى لي رجلٌ عن إحدى المؤمنات قال: في حدود سنة 1993 م كان هناك رجلٌ يقول بتوزيع الماء من اليوم الأول من شهر محرم الحرام إلى العشر منه في كل عام على المواكب المتجمهرة في مدينة طهران, وكان لهذا الرّجل ولد صغير يبلغ من العمر 13 سنة وهو مصاب بالشّلل, وكان الرّجل يناشد أبا الفضل العبّاس ( عليه السّلام ) لشفاء ولده, وفي ذات يوم وبعد سنين مديدة طلب الولد من أبيه أن يأتي معه بنفسه عند توزيع الماء على المواكب الحُسينيّة التّي تغصّ بها مدينة طهران في مثل هذه الأيام, ويطلب الشّفاء, فاصطحبه والدّه معه نزولا ً عند رغبته, فبقي على هذا الحال مع والدّه حتى انتهاء العشرة الأولى من المحرم وانتهاء تلك المراسم . عاد الوالدّ بصحبة ولده المريض إلى المنزل ولم يتغير حاله .. خاطب الأب نفسه وهو يتمتم ويتحدث ويقول: ( إنني ليس عندي حظ ٌ مع العبّاس "عليه السّلام", وإنني خدمته طوال حياتي لعظيم مقامه عند الله تعالى, وحبّي له, وعقيدتي ومعرفتي به, ولم أحصل منه على شيء, فإنني كلما أرى ولدي هذا أمامي في كل يوم ٍ أموت ألف موتة, ولم أستطع فعل أو تغيير أيّ شيء, وليست لي حيلة في سبيل شفائه ) .وحين وصلا المنزل دخل المريض غرفته ليستريح فرآى في عالم الحقيقة رجلا ً ذا وجه ٍ نورانيّ يتحدث معه في نفس غرفته قائلا ً له:
إنني أوفي بعهدي لزوّاري والمحبّين لي وسأوفي بعهدي لك وأنا باب الحوائج لكل المؤمنين في مشارق الأرض ومغاربها و لكنني لم أستطع أن أوفيَ بعهدي للعقيلة زينب وسكينة "سلام الله عليهما" يوم حمى الوطيس في أرض الطّفوف لأنني كنت قطيع اليدين وفاقد العين, وها أنا قد لبّيتُ استغاثتك ونداءك وجئتُ لأوفي بعهدي معك, لكن ليس لي يدان حتى أرفعك, فخذ هذه الرّاية التّي حملتها يوم نصرت الحُسين"عليه السّلام" يوم الطّفوف } فسلّمه الرّاية, فقام ليتوكأ المريض عليها فنهض من ساعته من غير إرادته, وقد فوجئ الأب لما رأى وذهل لهذا المنظر, فأخبره ابنه حينذاك بالخبر وما جرى عليه .شفي الولد من مرضه ببركة كرامة العبّاس ( عليه السّلام ), وقام الأب بتوزيع الطّعام تعبيرا ً عن شدة فرحه بهذه الكرامة في أيام شهر محرم الدّامي و بالرّغم من أنه كان فقيرا ً ضعيف الحال .

18 - أُمّ فقدت ولدها واسترجعته باعجوبة
جاء في مجاة (مجتبى) التّي تصدرها مؤسسة الإمام علي"عليه السّلام", عدد47, ربيع الأول 1424 ه, عن صاحب كتاب "روضة المعارف" الحادثة التّالية قائلا ً:حينما كنت ُ في مدينة (دزفول) الإيرانية كانت تسكن جوارنا إمرأة شريفة, ولها ولد يسمّى "عنبر" فخرج ذات يوم من البيت ولم يعد إليه، فبحثت الأم المسكينة المفجوعة بزوجها عن ابنها في كل مكان، فلم تعثر له على خبر، فتنكد عيشها واسودّت الدّنيا في عينيها فلا تُرى إلا باكية، تقذف بالحسرة تلو الحسرة، وكان النّاس يتألمون لحالها، ولمّا لم يكن لها معينا ً في حياتها صار النّاس يتولّون أمرها ويساعدونها بما تجود به أيديهم، ومرّت على هذه الحال ((( عشر سنوات ))) لكنها لم تفقد الأمل بعودة ابنها إليها ; إذ أنّ روحها تحدثها أنهما سيلتقيان يوما ً ما .وبعد مضي عقد من الزّمن اتفقت هذه الأم المنكوبة مع امرأتين من أرحامها لزيارة العتبات المقدسة في العراق، فسافرن إلى هناك وتشرفن بزيارة الإمام الحُسين "عليه السّلام" ثمّ إنهنّ لمّا زرن ضريح أبي الفضل العبّاس "عليه السّلام" وهو باب الحوائج إلى الله، وقد جاءت إليه من مكان بعيد يحدوها الأمل بكرم أهل البيت (عليهم السّلام )، وأنهم لا يردون أحدا ً من شيعتهم خائبا ً ; وقعت على ضريحه باكية ناشجة مستغيثة حتى أغمي عليها من البكاء والنّحيب, فبادرت المرأتان بإخراجها من الحرم المطهر ليعرضانها على أحد الأطباء فوقفن في الشّارع وهن ينتظرن سيارة(تاكسي) إلى الطّبيب، وهنا جاءت سيارة فوقفت وركبن فيها، وسالنّ السّائق أن يأخذهنّ إلى الطّبيب، فهنّ غريبات عن كربلاء وقد جئن إليها من مدينة دزفول، فسألهن السّائق: من أيّ محلّة أنتن من دزفول ؟ فقلن: إنهن من محلة المسجد. فقال: وهذه المرأة ما بها ؟ فقلن: إنها أُمّ فاقدة لولدها الوحيد الذّي خرج من البيت ولم يعد إليها، وقد جاءت هذه الأم ونحن معها من مدينة دزفول إلى زيارة الإمام الحُسين (عليه السّلام) وأخيه أبي الفضل العبّاس (عليه السّلام)، وقد بكت هذه المرأة عند ضريح أبي الفضل بكاءً شديدا ً حتى غابت عن الوعي، ونحن نريد عرضها على طبيب، فسألهم عن اسمها فقالوا: فلانة، ثمّ سألهم عن اسم ابنها المفقود فقالوا: اسمه (عنبر)، فاغرورقت عيناه بالدّموع وأجهش بالبكاء، ثمّ أطفأ السّيارة بعد أن أوقفها قائلا ً: ( يا أماه أنا عنبر ولدك ِ المفقود، وهذه تحفة سيدي ومولاي أبي الفضل العبّاس لي ولك ِ بعد هذه المدة الطّويلة ) فكان ابنها وطبيبها، فأخذهم إلى بيته ....
وقد قيل:وقد يجمع الله الشّتيتين بعدما * يظنان كل الظّن أن لا تلاقيا.

19 - عمر ثلاث وتسعين سنة ببركة العبّاس عليه السّلام
روى لي الحاج السّيد "أحمد الحُسيني" شقيق السّيد "حسن الرّادود" عن جدته لأبيه قائلا ً: أنه حدثتني جدتي (رحمها الله تعالى) قائلة: رزقني الله تعالى سبعة أولاد من المؤسف أنه لم يبلغ أحد منهم الثلاثة سنين أو أربعة إلا ويمرض ويموت, وفي ذات يوم مرض والدّكم وهو في الثالثة من عمره فخفت عليه خوفا ً شديدا ً من الموت وأخذته وخرجت به من البيت بحثا ً عن طبيب أو حكيم لعلاجه فلم أرَ احدا ً يذكر وذلك لشدة حرارة الجو وكان في شهر "تموز" في حدود عام 1905 ميلادية, ووقعت في حيرة من أمري وأحزنني ذلك الأمر بشدة وتعبت جدا ً وأصابني الإرهاق في جسمي ولم أدر ِ ما أفعل فقررت على حين غرة أن أذهب به إلى حرم أبي الفضل العبّاس (عليه السّلام) وأتوسل به لإنقاذه فدخلت على المولى وخاطبته بهذا القول: يا أبا الفضل أريد منك ابني هذا, وخرجت منه (عليه السّلام) هذا ولم أرَ أحدا ً على الإطلاق في صحنه الشّريف وذلك لشدة الحر وأخذت طريقي للعودة إلى البيت وقبل خروجي من الصّحن المقدس جاءني رجل عليه هيبة وبهاء وقدسية يرتدي العمامة الخضراء وقال لي: خالة خذي مني هذا الرّغيف فقلت له: إنني لست بسائلة فأعادها وقال لي ثانية: خذيها مني فأخذتها منه وحين استلمتها وجدتها حارة وكانها خرجت للتو من التّنور تعجبت لذلك أدرت وجهي لأشكره أولا ومن أين أتى بها ثانيا ً فلم أجد ذلك السّيد الجليل فعلى كل حال أكلت قطعة من ذلك الرّغيف, فما إن أكلتها حتى وجدت نفسي على أحسن حال وصحة بعدما اصابني التّعب والارهاق في سبيل ولدي المريض فأسرعت إلى المنزل وأعطيتها إلى أبيكم, فأكل منها شيئا ً ولم يمض ِ عليها وقت إلا وقد برئ من مرضه بالكامل ورأيته كانه قد نشط من عقال وعاش 93 سنة كل ذلك كان ببركة ابي الفضل العبّاس (عليه السّلام).

20 - صورة أبي الفضل عليه السّلام تظهر داخل الصّحن الشّريف
هذه الكرامة شاهداها أكثر من أربعة ملايين شخص كانوا داخل كربلاء وقد قال الشّيخ أشرف الجعفري:
كنت في إحدى ليالي محرم وبالتّحديد ليلة التّاسع من المحرم سنة 1996م عند أحد الأصدقاء المخلصين في حبهم لأهل البيت عليهم السّلام بصورة عامة والإمام الحُسين عليه السّلام خصوصا وكان هذا الشّخص اسمه عامر.
وكان عامر في كل سنة مثل هذه الليلة يعمل الأكل المسمى بالهريسة عن روح الإمام الحُسين عليه السّلام ويتم توزيعها للناس صباح يوم التّاسع وكنا مجتمعين عنده مع جمع من الشّباب يساعده على الطّبخ لأن الكمية التّي يعملها كبيرة جدا والطّبخ يتم على نار الحطب وهذا العمل يحتاج لعدد من النّاس وخصوصا من الشّباب .
وبينما نحن منشغلين في العمل كان بعض الشّباب يتحدثون عن كرامة ظهرت في صحن أبي الفضل العبّاس عليه السّلام وسمعتهم يقولون: أن كرامة ظهرت في صحن أبي الفضل العبّاس عليه السّلام وهي: أنه ظهرت صورة للإمام عليه السّلام.
ولكن الأمر لم يشغلنا لان شعورنا بأن هذه مجرد إشاعات وانه لم يكن احد من المتحدثين قد رآها عيانا ويقال: ولكن بعد ساعة دخل رجل بدت عليه سيما المؤمنين وهو من قلب مدينة كربلاء ولديه دكان بقرب الصّحن الشّريف سلم علينا وجلس وكان هذا الرّجل من أقارب عامر .فعرفنا عليه عامر وبعد التّعارف بدأ بالحديث ثمّ قال: الآن أنا أتيت من الصّحن وزرت الإمام ثمّ جئت إلى هنا فأثار في الفضول لأساله فقلت له: نحنا سمعنا أنه قد ظهرت صورة للإمام العبّاس عليه السّلام.
فهل هذا صحيح؟ قال: نعم وأنا رأيتها .فقلت له: وأين ظهرت بالتّحديد؟ قال: ظهرت تحت الزّيارة المكتوبة على باب القبلة لضريح العبّاس عليه السّلام ولكن جاء المسؤولون وأنزلوا الزّيارة على هذه الصّورة ومنعوا النّاس من التّجمع داخل الحرم .فقلت له: هل أنت واثق من هذا الكلام الذّي تقوله؟ قال: نعم وأقسم عليه. فقلت له: إنا غدا لناظره قريب مع العلم أنني كنت ساكنا في مدينة تبعد عن كربلاء حوالي 22 كم هو ليس بالأمر الصّعب والبعيد لأننا كنا في اليوم العاشر من محرم نذهب مشيا إلى كربلاء وهذه عادة قد تعود عليه أهل العراق في العاشر من محرم وفي أربعين الإمام الحُسين عليه السّلام أي العشرين من صفر ولما انتهينا من الطّبخ عند الفجر وصلينا صلاة الصّبح وتم توزيع الطّعام للناس وذهب كل واحدا إلى بيته وأنا ذهبت إلى البيت وأنا أفكر في الأمر ثمّ نهضت مع صلاة الظّهر وبدأت بالاستعداد للذهاب إلى زيارة الإمام الحُسين عليه السّلام ثمّ تجمعنا أنا ومجموعة من الشّباب المؤمنين وانطلقنا إلى كربلاء حتى دخلتاها السّاعة الثامنة صباحا ثمّ دخلنا حرم الإمام الحُسين عليه السّلام وقرأنا زيارة عاشوراء ثمّ خرجنا إلى حرم الإمام العبّاس عليه السّلام ودخلنا الصّحن الشّريف وكنت أفكر في قضية الكرامة التّي ظهرت في الصّحن الشّريف وتجهت إلى باب الضّريح ووجدت الزّيارة المكتوبة نازله عن موضعها المعتاد الذّي كنت أجد فيها كل ليلة جمعة للزيارة وهذه أول قضية صحت من كلام الرّجل الذّي التّقيت به ثمّ دخلت الضّريح المقدس وكان المكان مزدحما من النّاس فوقفت بجانب أحد الشّباب وكان نظره متوجها نحو الحائر الذّي تحت القبة من الدّاخل فسالتّه عن مكان صورة الإمام فقال لي: أنظر إلى الحائر فيه فتحات التّهوية وكانت عبارة عن قطع من الألمنيوم فقال لي: ركز على الجهة اليسرى من فتحة التّهوية الوسطى.
فركزت على المكان المذكور وإذا بي أرى صورة بدأت تتوضح شيء فشيء وإذا بها صورة رأس فارس يرتدي خوذة الحرب وله لحية كثة وسهم في عينيه وظهر على جبينه خط عمودي فوق حاجبه الأيسر وكان الدّم الذّي نزل من رأس الإمام بعد أن ضرب على رأسه المقدس فلم أتمالك نفسي وانفجرت بالبكاء كأنني لا أرى شي من حوالي سوى هذه الصّورة التّي لا تزال في مخيلتي ولم أنسأها حتى الآن وأنا متأكد أنها صورة الإمام لأنه هؤلا من الصّفوة المختارة الشّيطان لا يتصور بصورهم ولا يمكن أن يكون زيغ بصري بين أربعة ملايين شخص والله العالم.

21 - كرامته عليه السّلام في شفاء مريض مصاب بالشّلل عند ضريحه الشّريف
روى السّيد عبدالرّسول الموسوي قائلا ... انه في عام 1977 ميلادية كنت مع قوم مؤمنين قاصدين زيارة ابي الفضل العبّاس عليه السّلام فما ان دخلنا الطّارمة المقدسة لاداء المراسيم حتى راينا امامنا رجلا بيده تقارير طبية وهو على عربة المرضى ونحن نسير خلفه باتجاه الضّريح الشّريف فما ان وصلنا على بعد بضع امتار من الضّريح المقدس الا وسمعناه يندب المولى عليه السّلام بصوت عال وبكاء ونحيب ذي شجون سمعه جلهم وهو يقول: ( يا مولاي يا ابا الفضل هذه التّقارير وانا زائرك فليس لي الا انتم اهل البيت في انقاذي من محنتي وشدة مرضي وشفائي من اصابتي بالشّلل وها انا قد اتيتك وانت بن عليّ داحي باب خيبر فلن ابرح مكاني هذا حتى احصل على مرادي ) واخذ يرمي بالتّقارير الطّبية في صوب الضّريح المقدس رمية الايس من شفائه من قبل الاطباء الذّين عجزوا عن شفائه فلم تمض الا لحظات بعد مقالتّه هذه حتى نزل من عربته ليزحف نحو الضّريح المقدس للتوسل به عن قرب فاذا به قام يمشي على رجليه وكانه نشط من عقال ولم يكن مصابا بذلك المرض على الاطلاق من قبل ضج النّاس حوله من كل حدب وصوب وانكبوا عليه واخذوا يتناوشون ملابسه للتبرك بها لما رأوا من عظمة تلك الكرامة التّي اسداها بطل كربلاء ناصر الحُسين عليهما السّلام والمدافع عنه ابي الفضل العبّاس عليه السّلام لهذا المريض والتّي شاهدوها بام اعينهم ولم يكد ينجو من النّاس الا بعد ان تدخلت الشّرطة لانقاذه .

22 - شفاء مصاب بشلل الدّماغ
روى لي أحد المؤمنين الموالين قال: كنت في مدينة مشهد المقدسة في اليوم السّابع من محرم الحرام عام 1980 ميلادية في هيئة بيت الحسن (عليه السّلام) فهمّ أحد الخدمة لتعليق بعض النّشرات الضّوئية في أعالي بناء الحُسينية استعدادا ً لإقامة مجلس عزاء ليوم شهادة العبّاس بن عليّ (عليهما السّلام) فشرع بالصّعود وقبل وصوله إلى أعلى السّلم زلت قدمه وسقط إلى قرار الأرض على رأسه فأصيب على الفور بالشّلل الدّماغي ونقل على اثرها إلى المستشفى لعلاجه فجاءت تقارير الأطباء على الإجماع تكشف عن عجزهم عن شفائه !فأخرج من المستشفى وقد انقطع الرّجاء منه وفي اليوم التّالي جاءت الكرامة الكبرى لحامل لواء الحُسين (عليه السّلام) لشفائه كالبرق الخاطف فقد رأى المريض وكأن ابا الفضل العبّاس (عليه السّلام) قد طاف عليه في عالم الرّؤيا فاستنجد به ليشافيه ويساعده على القيام والمشي وأراد ان يمسك بيده الشّريفة لينهضه أجابه عليه السّلام: ( يا هذا ليس لي يد حتى تمسك بها ) فعلقت يداه بأطراف جبته الشّريفة حتى نهض من نومه لوقته على غير إرادته وهو بتمام الصّحة والعافية ولم يشكُ من أي علة والحمد لله رب العالمين.

23 - شفاء مريضة مصابة في كليتيها
روى لي أحد أعضاء { هيئة السّيدة رقية عليها السّلام المقيمة بطهران }قائلا ً:إنه في كل ليلة من ليالي الثلاثاء تنظم هيئتنا برنامجا ً أسبوعيا ً لزيارة مسجد جمكران المعروف في مدينة قم المقدسة الذّي يخص مولانا صاحب الزّمان {سلام الله عليه وعجل فرجه}, وفي إحدى هذه الليالي وكالمعتاد ذهبنا للزيارة, وفي أثناء الطّريق حدثني أحد المؤمنين المواظبين على الحضور في هيئتنا وقال: إنه قد أصاب ابنته مرض في كليتيها حتى تأزمت حالتّها, مما جعلنا نسرع في نقلها إلى أحد الأطباء المختصين في أحد مستشفيات طهران, وعلى الفور أجروا لها الفحوصات, وإعداد التّقارير لهذا الغرض لمعرفة الأمر عن قرب, قرر الأطباء في اليوم التّالي أنه لابد أن تجرى لها العملية الجراحية وإلا فالموت بانتظارها, وبعد سماعنا بهذا الخبر المؤلم توسلنا أشد التّوسل بباب الحُسين {عليه السّلام} باب الحوائج أبي الفضل العبّاس {عليه السّلام} لشفاء ابنتنا .قررت لجنة الأطباء أن يجروا لها العملية وحددوا الموعد, هذا ونحن لم ينم لنا جفن, ولا يهدأ لنا بال لما لهذه المصيبة من وقع في نفوسنا, هذا ولم نألُ جهدا ً في التّوسل بقمر بني هاشم {عليه السّلام} لشفائها كل يوم, وانقضت تلك الأيام والليالي العصيبة حتى اقتربنا من موعد العملية ولم يبقَ إلا أسبوع واحد لإجرائها وذات ليلة استيقظنا من نومنا مرعوبين خائفين من صراخ ابنتنا المريضة ودهشتها, توجهنا إليها على الفور وسالنّاها عما بها وما جرى ؟ قالتّ: أبتي إنّي منذ لحظات رأيت في منامي وكأنني عند العبّاس {عليه السّلام} فتوسلت به ليشفيني, فتجلى لي المولى {عليه السّلام} ووضع يده المباركة على موضع الألم, وها أنا الآن معكم لا أحس بشيء مما كنت أعاني منه, وفي اليوم التّالي تماثلت بنتنا للشفاء الكامل ولم تشكُ ألما ً, راجعنا على الفور الطّبيب المختص لإجراء العملية,, فتعجب من الذّي حدث !!, وأجرى لها الفحوصات ثانيةً فلم يرَ بها الذّي كان, فنهض من مكانه من غير إرادته متعجبا ً من الأمر ومما حصل, وقال أخبروني ما القصة ؟ فأخبرناه بما جرى وما أولاها باب الحوائج أبو الفضل العبّاس {عليه السّلام} من الكرامة العظمى .والحمد لله رب العالمين.

24 - شفاء مريض ميؤس منه
ذكر صاحب كتاب "أبو الفضل العبّاس عليه السّلام" عن كتاب "ارمغان رمضان" للحاج السّيد "مُحمّد لطيف سجادي ال علي",القسم السّابع, أن العلامة الشّيخ (مرتضى الاشتياني) نقل عن أستاذه الميرزا "حسين خليلي طهراني" قال: أخبرنا شيخ جليل وزميل في الدّراسة أن أحد التّجار وكبير عائلة (آل كبة) في زمان كان ولده قد أصيب بمرض الحصبة الشّديدة وشارف على الموت فعصبوا عينيه وشدوا رجله وخرج أبوه إلى ساحة البيت ضاربا ً على رأسه باكيا ً متأثرا ً لاحتضار ابنه الوحيد وقرب أجله ..خرجت أمه العلوية إلى حرم أبي الفضل العبّاس (عليه السّلام) وطلبت من السّادن بأن تحيي ليلتها في الحرم الشّريف لطلب شفاء ابنها رفض في البداية ولكنه وافق على ذلك وأمر خدَمة الرّوضة العبّاسية السّماح لها بالبقاء, قال الشّيخ: وصلت إلى كربلاء ولم يكن لي علم بمرض الشّاب من آل كبة وفي تلك الليلة رأيت في عالم الرّؤيا أني تشرفت بزيارة سيد الشّهداء أبي عبد الله الحُسين (عليه السّلام) من جانب مرقد حبيب بن مظاهر الأسدي "عليه الرّحمة" فرأيت الأرض والسّماء تعج ّ بالملائكة وقد نصبوا كرسيا ً عند رأس الحُسين لجده رسول الله فجلس "صلّى الله عليه وآله وسلم" ... وفي هذه الأثناء دخل ملك وسلم على رسول الله, وقال: يا رسول الله إن باب الحوائج ابا الفضل يقرؤك السّلام ويقول: ان العلوية زوجة الحاج آل كبة تطلب منك أن تدعو الله تعالى لشفاء ابنها فطلب الرّسول "صلّى الله عليه وآله وسلم" من الله ذلك فنزل ملك من السّماء وأخبره أن موت الشّاب مقدر وبعد لحظات دخل عليه ملك اخر وطلب منه شفاء الشّاب مرة ثانية فدعا له مرة أخرى فنزل ملك آخر وأخبره بأن موت الشّاب مقدرا ً لا محالة ..قال الشّيخ: رأيت الملائكة قد أصابها الذّعر والتّشتت وهي تنتشر بصورة غير طبيعية فالتّفت وإذا بالعبّاس (عليه السّلام) قد جاء على هيأته يوم شهادته في أرض كربلاء وسلم على رسول الله "صلّى الله عليه وآله وسلم" وقال: إن العلوية توسلت بي وطلبت شفاء ابنها مني فأرجو منك يا رسول الله أن تطلب شفاءه من الله تعالى وإلا ترفعوا عني لقب باب الحوائج..... فاغرورقت عين النّبي "صلّى الله عليه وآله وسلم", والتّفت إلى أمير المؤمنين (عليه السّلام) وقال: يا عليّ ادعو معي لطلب شفاء الشّاب فرفعا ايديهما للدعاء وبينما هم كذلك وإذا بملك ٍ قد نزل من السّماء وبعد السّلام قال: إن الله يقرؤك السّلام ويقول اني شافيت المريض إكراما ً للعبّاس (عليه السّلام) باب الحوائج قال الشّيخ: استيقظت من النّوم فورا ً فرأيت أن الوقت يقرب من طلوع الفجر وقلت في نفسي ان هذه الرّؤيا لصادقة بالتّأكيد وفيها إشارات وأسرار وبحلول الصّباح ذهبت إلى منزل الحاج آل كبة, وعندما دخلت البيت فرأيته مضطربا ً وهو يدور في ساحة منزله ويضرب رأسه لاحتضار ولده وكان قد ترك ولده في الغرفة معصوب العين والرّجلين ... فقلت له: ما بك يا حاج وما الخبر ؟ فقال لي: أما تدري بحال ابني فأخذت يده وقلت له: التّزم الهدوء ولا تحزن فإن الله قد شافاه ولا خوف عليه فتعجب الحاج من قوله, وأخذني إلى غرفة ابنه المريض الذّي يتوقع موته في لحظات وعند دخولنا الغرفة وجدنا الشّاب جالسّا ً وهو منهمك بفتح العصابة عن عينيه ورجليه وهو بصحة جيدة فهرع الأب واحتضن ولده وسمعه يقول: انني جائع, وقد تماثل للشفاء بشكل لا يشك أحد بانه كان مريضا ً ببركة كرامة مولانا أبي الفضل العبّاس (عليه السّلام).

25 - شفاء طفلة مصابة بالفالج جنب ضريحه الشّريف
روى الشّيخ "محمود شاكر الحائري" قائلا: حدثني والدّي فقال: في أيام الصّيف القائض دخلت حرم أبي الفضل العبّاس (عليه السّلام) ورأيت رجلا ً بدويا ً يحمل طفلة بيديه متجها ً صوب ضريح ابي الفضل العبّاس (عليه السّلام) وعرفت أن الطّفلة مصابة بالفالج, كما رأيت خروفا يتعقب الرّجل البدوي وطفلته, وعندما وصل الرّجل إلى الضّريح, كلم الرّجل البدوي ابا الفضل العبّاس (عليه السّلام) بلغته الدّارجة ومضيت خلفه لأرى واسمع ماذا يقول: فخاطب أبا الفضل (عليه السّلام) قائلا: ( يابو فاضل هذي الطّفلة المريضة جبتهه حته اتشافيهه وهذي الذّبيحة منذورة إلك اذا شفيتهه فحمدا لله وشكرا له ... وإلا فهي لك ) ورمى الطّفلة أمام الضّريح ثمّ عاد الرّجل إلى خارج الحرم وعندما وصل الصّحن الشّريف فإذا بالطّفلة قامت من مكانها وركضت خلف والدّها فاعطى الرّجل ذلك الخروف إلى خادم الرّوضة, وأخذ النّاس يهللون فرحا ً, وأخذت النّساء تزغرد داخل الحرم ببركة كرامة مولانا أبي الفضل العبّاس (عليه السّلام).

26 - شفاء طفلة لبنانية مصابة بالعمى والخرس
حدّث السّيد يوسف السّيد عبد الكريم الغريفي الموسوي, أخي السّيد جعفر قائلا ً:كنتُ ذات يوم في حرم أبي الفضل العبّاس ( سلام الله عليه ) وكان ذلك عام 1977 م, فشاهدتُ زائرا ً من دولة لبنان ومعه زوجته وبرفقتهم طفلتهم البالغة من العمر 9 سنوات وكانت مصابة بالعمى والخرس, ورأيتهم يتوسلون بباب الحوائج أبي الفضل العبّاس ( سلام الله عليه ) لشفائها, وبعد إكمال مراسم الزّيارة توجهوا إلى حرم أبي عبد الله الحُسين ( سلام الله عليه ) وكان الأب يندب المولى بصوت عال ٍ لشفاء ابنته حتى وصلوا عند باب سيد الشّهداء وما إن دخلوا الصّحن الشّريف وإذا بالطّفلة قد فتحت عينها وانطلق لسانها وأخذت تركض في باحة الصّحن الشّريف, وأول كلمة نطقت بها: ( ياحسين ) فهتف النّاس المرافقون له والمتواجدون في الصّحن الشّريف بالصّلاة على مُحمّد وآل مُحمّد, عَلَت أصوات الزّغاريد والهلاهل, وتهافتوا على الطّفلة يتبركون بها لما نالتّه من بركة لمسات عنوان السّخاء والفضيلة الإمام الحُسين وأخيه أبي الفضل العبّاس ( سلام الله عليهما ) . ومن شدة الفرحة والبهجة التّي انتابت الأب رفع حقيبة كانت مملوءة بالنّقود إلى الأعلى وتناثر ما فيها في باحة الصّحن الشّريف, وكان هذا كل ما يملك .

27 - شفاء طفلة بصيرة
نقل السّيد ( حسن الأبطحي ) فقال: ذهبت يوما إلى حرم رؤوس الشّهداء في منطقة الباب الصّغير فلم يكن في الحرم أحد سوى شاب تقوقع في زاوية من الحرم أطرق برأسه إلى ركبتيه وكأنه نائم. وكنت بدوري وحيدا فزرت زيارة مختصرة وأخذت أصلي صلاة الزّيارة قرب ذلك الشّاب بعد الصّلاة رفع الشّاب رأسه وقال لي: لم أكن نائما وكنت مفتح العينين لكني كنت أرى جمع الشّهداء الذّين دفنت رؤوسهم هنا وكنت أراهم حاضرين ويقضون حوائج زائريهم ووعدوني بقضاء إحدى حاجاتي الهامة هذه الليلة. فهل هذه الرّؤيا أو الصّحوة حقيقية؟ قلت: إذا صبرت بعض الوقت فستتضح لك حقيقة هذه الرّؤيا أو الصّحوة. فقال: وكيف ذلك؟ قلت: إذا قضيت حاجتك المهمة هذه الليلة فستدرك أنها حقيقة وإلا فلعل الذّي شاهدته كان تخيلا ليس إلا. فقال: سأبين لك حاجتي وما وعدت به لتكون شاهدا معي عندي ابنة ولدت عمياء وهي ذكية جدا وقد سالتّني اليوم: ما معنى ما يقولونه هذا الشّيء جميل وذلك الشّيء قبيح؟ فقلت لها: لأنكي عمياء لا يمكنك أن تفهمي ذلك. فقالتّ: فكيف يمكن للإنسان أن يصبح بصيرا؟ فقلت: البعض يولد له عينان والبعض يولد ليس له عينان وقد ولدت لا تبصرين. فقالتّ: ليس هناك من سبيل لأكون بصيرة أيضا. قلت: نعم إذا توسلنا بأهل بيت العصمة والطّهارة فقد يعيدون لك بصرك. قالتّ: إذا افعل يا أبي وعلمني لأتوسل بهم أيضا لعلي أصبح بصيرة. فأبكتني بكلامها هذا ووضعتها في البيت لجهة القبلة وقلت لها: قولي ورددي: يا أبا الفضل امنحني بصري حتى أعود إليك. وقد أتيت بدوري إلى هنا وحاجتي شفاء ابنتي فرأيت هذه الرّؤيا أو المشاهدة. فقلت له: حسنا إذا أبصرت ابنتك الليلة إذن فما رأيته كان مشاهدة.
وأخذني الرّجل إلى بيته وأراني ابنته وقال لي: عد على هنا صباحا لتعرف ما حصل وكان بيته يقع على طريقنا في الشّارع الأمين. وفي الغد توجهت إلى بيته فوجدت النّاس يدخلون إلى البيت ويخرجون منه فسالتّ: ما الخبر؟ قالوا: لد شفيت فتاة عمياء في الليلة الماضية ببركة أبي الفضل العبّاس عليه السّلام. فدخلت الدّار فوجدت الفتاة بعينين جميلتين قد أبصرت بهما وقد جلس أبوها إلى جانبها رآني وقال: أرأيت لقد كان ما رأيته مشاهدة حقيقية وقد شفاها أبوا الفضل العبّاس عليه السّلام.

28 - شفاء طفل من أهل البُهرة مصاب بالشّلل
روى لي الأخ حسين الحاج عليّ أنه بحدود سنة 1958 م, كان هناك شخص في مدينةالبصرة يدعى عبد الحُسين جيته وهو من تجار البهرة(البهرة: هم طائفة من الشّيعة الإسماعيلية) المعروفين أصيب ولده ذات يوم بالشّلل الكامل فعرضه على الأطباء وكذلك في عدة دول أوروبية ولم يشفَ,, مما أصابه باليأس من هذا الأمر, ولهذا التّاجر "طبّاخ شيعي" إثنا عشري يعمل معه في بيته وحينما عرف بمرض الطّفل تحدث مع التّاجر وقال له: ( إنّ لنا طبيبا ً ليس له نظير في هذا الكون فإذا رغبت بذلك فسأدلّك عليه وإنه لا شك لو عرضت ابنك عليه سيشفى بالتّأكيد ) رحّب التّاجر بذلك ووافق على هذا الأمر على وجه السّرعة وفي اليوم التّالي سافر التّاجر ومعه الطّفل والطّباخ إلى كربلاء المقدسة وأودعه حمّام المخيّم وغسّله ونظفه وبعد ذلك أخذه إلى النّجف الأشرف حيث مولى المتقين الإمام عليّ عليه السّلام وطلب منه أن يجيزه بأخذه إلى ابنه العبّاس عليه السّلام وتوجهوا بعد ذلك إلى مدينة كربلاء حيث مرقد باب الحوائج قمر بني هاشم ( عليه السّلام) دخلوا عليه بنصف ساعة بعد أذان الصّبح وتوسلوا به وتوسل التّاجر به لشفاء ولده وربطوه بالضّريح المقدس على أمل شفائه والتّاجر أخذ قسطاً من الرّاحة وأخلد إلى النّوم بعد تعب طويل ... وفي هذه الأثناء قام الطّفل من رقدته وهو يصيح: ( شافاني العبّاس .. ) وأخذ يكرر هذه الكلمات, انتبه والدّه ومن كان معه من الزّوار في الحرم الشّريف إلى صوت الطّفل المشافى ببركة كرامة أبي الفضل العبّاس (عليه السّلام) فاستبشر الجميع وعجبوا لهذه الكرامة الباهرة ووقفوا أمام ضريح المولى شاكرين له فضله وعلو مقامه ومنزلته عند الله تعالى وعادوا به إلى البصرة وحين وصوله المنزل طرق الطّفل الباب فتحت له الباب على عجل وكان باستقباله أهله ولم يكونوا يصدقون مارأوه وقد عَلَت صيحات النّساء بالهلاهل والزّغاريد لشفاء ابنهم ببركة عظمة العبّاس (عليه السّلام) وبعد يومين من ذلك الحدث العظيم جاء التّاجر إلى كربلاء ليعلن إسلامه وأنّه شيعي أثني عشري عند حضرة آية الله العظمى السّيد مهدي الشّيرازي "قدس سره" يُذكر أن هذا الرّجل قد تم إعدامه مع مجموعة من المؤمنين على يد النّظام الصّدامي البائد بعد منتصف الثمانينات بتهم واهية .

29 - العبّاس قطع إصبعي
يقول نصر الله المدرس الحائري:في أحد الأيام كنت بينا خدام صحن أبي الفضل العبّاس عليه السّلام فرأيت رجلا يخرج من الحرم مسرعا وقد ضغط بيده على مكان الأصبع الأصغر من يده الأخرى والدّم يسيل منها .نظرت إليه وسالتّه عن ذلك فقال: لقد قطع العبّاس إصبعي. فدخلت الحرم لأستعلم الأمر فوجدت إصبعه المقطوع معلقا بشباك الضّريح وكأنه قطع من ميت ليس فيه دم ومطلقا. وفي اليوم التّالي علمت أن الرّجل قد وجه الإهانة إلى أبي الفضل العبّاس عليه السّلام فقد عوقب على صدور الإهانه منه داخل الحرم.

30 - شفاء طفل مشلول في صحنه الشّريف
روى لي السّيد مُحمّد صالح مهدي ضياء الدّين قائلا ً:إنه في أواخر شهر رمضان المبارك عام 1424 ه, وبينما كنت في الصّحن العبّاسي المطهر وكان ذلك قبيل أذان الفجر إذ رأيت شيخا ً من الزّائرين الإيرانيين عليه آثار الورع والصّلاح والاستقامة كان جالسّا على مصلاه وهو بانتظار الأذان ليشترك في صلاة الجماعة، وفي هذه الأثناء جاء رجل من قافلتهم بيده طفله المصاب بالشّلل وطلب من خَدَمة الرّوضة العبّاسية شيئا ً من ماء العلقمي الذّي يجري حول قبر العبّاس (عليه السّلام) لشفاء ولده . وبعد أن شرب الطّفل من هذا الماء المبارك عاد به إلى صفوف المصلين لأداء فريضة الصّبح, وبعد أن تمت الصّلاة, ارتقى الشّيخ المنبر وأخذ يتحدث عن مأساة الطّف وما جرى على أهل البيت (عليهم السّلام) من المحن والويلات في هذا اليوم العصيب, واختتم مجلسه بفاجعة الطّفل الرّضيع (عليه السّلام) فضج النّاس بالبكاء والنّحيب، وصار لهذا المجلس طابعا ً روحانيا ً فنهض الرّجل وطلب من الشّيخ أن يدعو لابنه بالشّفاء العاجل, فأخذ الشّيخ الطّفل المريض ورفعه إلى الأعلى وطلب من العبّاس (عليه السّلام) بحق الطّفل الرّضيع أن يشفيه من مرضه،
فلم تمر لحظات إلا ورأيت الطّفل يتحرك بيد الشّيخ بعد أن كان كالخشبة وتحركت يده ورجله وشيئا فشيئا ً تماثل للشفاء ببركات كرامة العبّاس (عليه السّلام) فضج الحاضرون بالصّلوات والتّهليل والتّكبير واجتمعوا عليه لأخذ شيء من ملابسه للتبرك بها, فلم يكد ينجو منهم إلا بعد أن انتشله السّيد كاظم مؤذن الرّوضة العبّاسية من أيديهم وأدخله من شباك غرفة النّذورات إلى خارج الصّحن الشّريف حفاظا ً على سلامته .

31 - شفاء رجل مصاب بمرض السّرطان عند ضريحه المقدس
روى لي الحاج آقا رضا أحد المؤمنين الإيرانيين الذّي سافر في ذي القعدة عام 1423 هجرية لزيارة العتبات المقدسة في العراق قائلا:وفقنا الله تعالى لزيارة جميع العتبات المقدسة في العراق وفي ذات يوم كنا عائدين من مدينة سامراء المقدسة حيث ضريح الامامين الهادي والعسكري (عليهما السّلام) وعند وصولنا كربلاء المقدسة كانت نفسي تهوى زيارة الامام الحُسين واخيه ابا الفضل العبّاس (عليهما السّلام) ولكن السّاعة كانت متاخرة من الليل وكنا على موعد العودة الى ايران وفي اليوم الثاني بعد الظّهر قررت زيارتهما منذ الصّباح الباكر اغتناما للفرصة والوقت فزرت الامام الحُسين (عليه السّلام) وبعد ذلك زرت اخاه ابا الفضل العبّاس (عليه السّلام) وما ان دخلت حضرته المقدسة حتى رايت رجلا من احدى القوافل الايرانية الاخرى التّي جاءت لزيارة العتبات المقدسة بجانب الضّريح وسمعته يقول: إما أن تدعو الله تعالى أن يأخذني وإما أن أتماثل للشفاء وبعد هنيهة سقط الرّجل الى الارض مغشيا عليه وسارع النّاس لنجدته واجتمع الشّرطة في الحرم الشّريف لينظروا الى حاله وما جرى عليه فوجدوه ميتا فسارع خدمة الرّوضة العبّاسية بالتّابوت لحمله الى المغتسل لتغسيله وتكفينه ومن ثمّ دفنه وبعد برهة من الزّمن حملوه الى مثواه الاخير وحينما رفعوا الجنازة قاصدين المغتسل نهض الزّائر من التّابوت وهو يقول انا لست بميت الى اين تريدون بي ؟ ففزع من كان حوله من النّاس وتفرقوا لهول ما راوه وبعد ان خرج من التّابوت كان لم يشكو من اي علة كانت تعترضه وشفي ببركة كرامة العبّاس عليه السّلام.

32 - شفاء رجل مصاب بمرض ٍ عضال
روى لي سماحة الشّيخ الفاضل جليل جعفر زاده الذّي يسكن مدينة ( آمُل ) الواقعة شمال إيران في منطقة معروفة لدى الإيرانيين وتسمّى ب( سقّا نوار ) حيث يوجد مقام للعبّاس بن عليّ (عليهما السّلام) والذّي تَؤمُّ إليه قلوب المؤمنين من كلّ أنحاء إيران, ويُهدون له الهدايا والنّذورات, ويقصدونه تكريما ً لحضرته المقدسة ولقضاء حوائجهم المستعصية .
روى لي الشّيخ عن والدّه قائلا ً: حدّثني والدّي أنّه قبل أن يتزوج, أي بحدود سنة 1967م عندما كان عمره آنذاك 25 سنة تقريبا ً أصابه مرض عُضال برجله ولم يستطع الوقوف عليها أبدا ً وراجع الكثير من الأطباء فلم يفلحوا في شفائه, بالرّغم من توفر وسائل وأجهزة طبيّة حديثة آنذاك, وقد مرّ على ذلك الأمر مدة طويلة, ولم يَرَ منجىً من ذلك إلا التّوسل بباب الحوائج أبي الفضل العبّاس ( عليه السّلام ) ومقامه الطّاهر الكائن مقابل دارهم, معتقدا ً أشدّ الإعتقاد وبيقين لا يشوبه شكٌ بزوال مرضه المُزمن, وبعد فترة يسيرة رأى والدّي في عالم الرّؤيا وكأنّ العبّاس بن عليّ ( عليهما السّلام ) يركب فرسا ً ويدور بفرسه بسرعة شديدة حول ذلك المقام الطّاهر وينادي والدّي المريض أن يركب معه, ووالدّي يرفض ذلك, حتى كرّر عليه القول مرّات عديدة, بعد ذلك وافق والدّي أن ينصاع لأمره وركب معه على الفرس, فأخذ ( عليه السّلام ) يركل الفرس ودارت به بشدة حول المقام الطّاهر, ومن هول تلك الرّؤيا, انتبه والدّي من نومه مرعوبا ً مذهولا ً قد ابتلّ من عرق جسمه, وهو يمشي على رجليه على غير إرادته من دون ألم, و قد زال عنه المرض بالكامل, فابتهج فرحا ً لسلامته وكذلك أهل المنطقة بعظمة هذه الكرامة التّي أسداها المولى أبو الفضل العبّاس ( عليه السّلام ) له, وأخذ أهل المحلّة ينهالون عليه زرافات زرافات مهنّئين ومباركين له تلك الكرامة الجليلة واللطيفة من العبّاس ( عليه السّلام ) له, والرّجل حيٌ يُرزق إلى اليوم وهو في السّتين من عمره ولم يصبه أي مرض بعدها أبدا ً .

33 - شفاء بنت مريضة جوار ضريحه المقدس
روى الشّيخ عبّاس نجل الشّيخ مُحمّد عليّ الكشوان فقال في سنة 1968 ميلادية وفي حدود السّاعة العاشرة مساء تم غلق ابواب حرم ابي الفضل العبّاس عليه السّلام ولم تمض دقائق حتى وقفت سيارة مرسيدس امام باب القبلة ونزل منها ثلاثة رجال وامراتان ومعهم طفلة مريضة تبلغ من العمر اثنى عشر عاما وكانت مسجاة فوق فراشها قام الرّجال وبينهم والدّها ويدعى زبلان بنقل الطّفلة وهي في فراشها إلى داخل الصّحن الشّريف وبعد أن فتحت لهم الأبواب طلب مني هؤلاء وكانوا قادمين من الأنبار الرّمادي أن أضع الطّفلة حتى صباح اليوم الثاني في الحرم الشّريف وأربطها بشباك الضّريح عسى ان يشفيها الله مما ألمّ بها من المرض وغادر الرّجال الثلاثة بعد ان سجلوا لدى المرأتين رقم الهاتف الخاص الذّي يحملونه لغرض الاتصال بهم في حالات الضّرورة وفي فجر اليوم الثاني فتحت ابواب الحرم نقلت البنت الى داخل الحرم بمعية خدم الرّوضة واذكر انها كانت ضعيفة البنية لا تاكل ولا تشرب شيئا وربطتها بقطعة قماش بالضّريح ثمّ دعوت لها بالشّفاء العاجل واستمرت هذه العملية بنقل البنت الى الصّحن وارجاعها الى الحرم في حال اغلاق وفتح الابواب لمدة اقصاها سبعة ايام متتالية وفي اليوم السّابع قمت بأداء المهمة حيث أوصلتها إلى الشّباك وربطتها وقرأت لها بعض الصّلوات والادعية والنّوافل وبينما كنت منشغلا بأداء مهمتي داخل الحرم واذا بي اسمع أُمّ الطّفلة تنادي بصوت مرتفع: يا ابنتي يا حبيبتي .... لم اكن في الحال اعرف سبب هذا الصّياح ولم اقف على جلية الامر ولكنني فوجئت ان شيئا طارئا قد حصل اسرعت في انهاء الصّلاة وتوجهت في الحال الى الموضع الذّي ربطت فيه البنت بالضّريح وجدت الفراش خاليا ولم يكن للبنت اثر وتصورت أن خلافا ً عشائريا ً وخصومات قبلية قد حدثت بين اهل البنت وبين قبيلة اخرى مما دعى الى اختطافها وهذا عرف جار بين القبائل العراقية قديما ولذلك فقد ارتبكت كثيرا لان مردود هذا الاختطاف لو حصل فرضا سينعكس علينا نحن خدَمة الرّوضة العبّاسية فالبنت باتت في ذمتنا ونحن المسؤولون عنها ورحت أفتش عنها هنا وهناك في ارجاء الصّحن الشّريف والأروقة واذا بي أجدها في الرّواق الشّمالي الشّرقي من الحرم وهي تمشي وتتعثر في مشيتها رغم اني لم اكن اعرف شكلها جيدا لكني سالتّها عما تكون فاجأبت أنا التّي كنت نائمة بجوار شباك العبّاس عليه السّلام لمدة سبعة ايام حيث جاءني سيدي العبّاس هذا اليوم وامرني بالقيام فنهضت وجئت معه الى هنا ويظهر انك لم تشاهده وفي الحال ذهبت الى اهلها مسرعا وانا فرح مسرور فناديتهم: "هلموا" جاءوا اليها واجتمع النّاس وازدحموا حولها واصواتهم ترتفع الى عنان السّماء بالصّلاة على مُحمّد واله بينما تعالتّ زغاريد النّسوة وهن فرحات مبتهجات بهذا الامر السّار ومن ثمّ تم الاتصال بالمحافظ وكان إذ ذاك "عبدالصّاحب القرغولي" فجاء في الحال وطلب مخاطبة البنت ففتحت له باب الحجرة التّي ادخلت فيها وبالفعل تحدث معها برقة وتواضع واستفسر عن حالها ووضعها فأجبته بالقضية بشكلها الكامل طلبت البنت مني شيئا من الطّعام فجلبت لها الفطور ثمّ وصل الخبر الى سادن الرّوضة العبّاسية "السّيد بدر الدّين آل ضياء الدّين" فجاء وتكلم معها وطلبت من السّيد السّادن والمحافظ إخراج البنت من الحجرة الى خارج الصّحن لأن النّاس اخذت تتهافت بكثرة واخشى ان يمزقوا ثيابها فيما لو خرجت من دون حماية شر ممزق لغرض التّبرك بالقماش الملفوف حول بدنها اجابني المحافظ ان هذا الامر متروك صلاحيتها لسادن الرّوضة والاوقاف ووعد بأن سيوعز الى مدير الاوقاف بالمجيء الى الرّوضة فورا للمساعدة واخراج البنت بسلام جاء مدير الاوقاف وكان يدعى "تركي حسن" الى الرّوضة وتمكن بمساعدة خدم الرّوضة ومن يعول عليهم من النّاس بصنع زنجيل وجدار محكم من الايدي لربط اليد بالاخرى حتى استطعنا اخراج البنت من داخل الحجرة وهي تمشي على قدميها داخل الطّوق المحكم وقد خرج من الصّحن الشّريف خلق كثير متجهين الى نحو السّيارة التّي تقلها من امام باب قبلة العبّاس عليه السّلام وتفرقوا جميعا ثمّ عادت البنت الى اهلها الى مقر اقامتها وهي سالمة من دون الحاجة الى طبيب او دواء ببركة أبي الفضل العبّاس عليه السّلام.

34 - شفاء رجل تعرض لمحاولة قتل بالسّم في سجون النّظام الصّدامي الرّهيبة
ذكر لي رجل من الثقاة عن أحد الإخوة المؤمنين الذّين نال شرف المشاركة في رحلة العشق الحُسيني في المشي على الأقدام إلى المشهد المقدس للإمام الرّضا (عليه السّلام) بمناسبة أربعينية استشهاد الإمام الحُسين (عليه السّلام) عام 1424 هجرية والتّي أصبحت سنة من قبل العراقيين المتواجدين في إيران قائلا ً: روى لي السّيد حسن السّيد حسين الخطيب وهو احد خطباء المنبر الحُسيني في قضاء "طويريج" ومنابره مشهودة في هذه المنطقة لا سيما منها حسينية اهالي الرّجيبة وحسينية بني حسن وناحية الجدول الغربي ..
ذكر انه في ذات يوم قبض عليه أزلام النّظام الصّدامي البائد مع جماعة من المؤمنين وزجوا بهم في زنزاناتهم الرّهيبة في مديرية أمن القضاء وحينما اوصلوهم لهذه المديرية الرّهيبة انفردوا به بمعزل عن رفقائه المعتقلين ووجهوا وجهته الى مدير أمن الدّائرة وبعد أن استقر الأمر به عنده قام المدير باستجوابه لانتزاع الاعترافات منه وبعد ذلك قدم له كاسا فيه ماء وأجبر السّيد بأن يشربه رفض السّيد ذلك بادئ الأمر لخوفه من احتوائه على مادة السّم وهذه هي واحدة من الاساليب الجهنمية التّي كان يتبعها النّظام الصّدامي الفاشي لتصفية كل من كان يعارضه .. فعلى مضض شرب السّيد كأس المنون متذكرا ً مظلومية الإمام موسى بن جعفر عليه السّلام وما عاناه وما تعرض له من طغاة عصره في سجونهم الرّهيبة واساليبهم القاسية التّي يندى لها جبين الانسانية وبعد ان تناول الماء اطلق سراحه وعاد الى منزله يتخطى ساعات الاجل ودنو الرّحيل وبقي طريح الفراش بعد هذه الحادثة على ما يقرب من 25 يوما حتى سئم الحياة وكان طبيبه الخاص على اتصال دائم به يتابعه ويطمئنه فلم ير السّيد بدا ً من النّجاة من محنته وموته المحقق إلا بالتّوسل بأبي الفضل العبّاس (عليه السّلام) ساقي عطاشى كربلاء باب الحوائج باب الحُسين (عليه السّلام) في قضاء الحوائج والنّجاة من محن الزّمان وأهواله يقول الرّاوي: كان السّيد يرقد على فراش مرضه في غرفته ويندب المولى عليه السّلام ويستنجد به فبينما هو كذلك وإذا به قد أخذته سنة ٌ من النّوم ليرى دخول ثلاث فتيات على أفضل ما تتمتع به المراة المسلمة من العفة والحشمة والحجاب الاسلامي الرّصين وأخذن يمررن أيديهن المباركة على جسمه من غير مس وبينما هو على هذه الحال وإذا بإمراة جليلة القدر قد دخلت عليه فلمّا وقع نظره عليها بادر الى ذهنه انها أُمّ العبّاس عليه السّلام أُمّ البنين عليها السّلام واذا بها قد اخرجت قطعة قماش خضراء من جيبها ومررتها على جسمه وخرجن جميعا ً من عنده ولم ينبسن ببنت شفة على الإطلاق وبعد ذلك رأى وكان كفي أبي الفضل العبّاس عليه السّلام المقطوعتين يوم فاجعة كربلاء قد وضعت على ضفاف نهر العلقمي ولعظمة ما رأى أفاق من نومه يطلب الماء الذّي لم يذقه منذ أن شرب السّم الزّعاف وبعد تناوله الماء بخمس دقائق أخذ يتقيأ بشدة وأصابه على الفور الإسهال الشّديد مما أدى الى تنظيف معدته وبطنه وجميع أحشائه من السّم الذّي سقاه مجرمو النّظام الصّدامي البغيض ثمّ عاد الى فراشه وطلب من اهله الطّعام واخذ يتماثل للشفاء تدريجيا وعلى اثر ذلك اتصل اهله بالطّبيب الخاص ليكشف عن حاله بعد هذه التّطورات فاخبرهم حين حضوره قائلا انني لم أفاجأ لشفائك ولم أتعجب لأني رأيت العبّاس عليه السّلام في عالم الرّؤيا واخبرني بشفائك قائلا ً أن مريضك قد شفي فرأيت الذّي أراه الآن وهو يتجسد في عالم الحقيقة كما اخبرني به المولى قمر بني هاشم عليه السّلام كرامة من الله تعالى له.

35 - شفاء رجل أصيب بمرض خطير برجليه
ذكر المؤرخ عبد الرّزاق المقرّم في كتابه: { العبّاس } قائلا ً:حدثني الشّيخ العالم الثقة الثبت الشّيخ حسن بن العلامة الشّيخ محسن بن العلامة الشّيخ شريف آل الشّيخ المقدّس صاحب الجواهر {قدّس سره} عن حاج منيشد بن سلمان آل حاج عبودة من أهل الفلاحية وكان ثقة في النّقل عارفا ً بصيرا ً شاهد الكرامة بنفسه, قال: كان رجلٌ من عشيرة البراجعة يسمى (مخيلف) مصابا ً بمرض في رجليه وطال ذلك حتى يبستا وصارتا بنحافة الإصبع وبقي على هذه الحال ثلاث سنين وشاهده الكثير من أهل المحمرة وكان يحضر الأسواق ومجالي عزاء الإمام الحُسين (عليه السّلام) ويستعين بالنّاس وهو يزحف على إليتيه ويديه وقد عجز عن المباشرة ويئس وكان للشيخ خزعل بن جابر الكعبي في المحمرة (حسينية ) يقيم فيها عزاء الحُسين (عليه السّلام) في العشرة الأولى من المحرم ويحضر هناك خلقٌ كثيرحتى النّساء يجلسن في الطّابق الأعلى من الحُسينية والعادة المطّردة في تلك البلاد ونواحيها أن (الخطيب النّائح) إذا وصل في قراءته إلى الشّهادة قام أهل المجلس يلطمون ويصيحون بلهجات مختلفة وهكذا النّساء, وفي اليوم السّابع من المحرم كان المتعارف أن تُذكر مصيبة أبي الفضل العبّاس (عليه السّلام) وهذا الرّجل أعني (مخيلف) يأتي الحُسينية ( ويجلس تحت المنبر لأن رجليه ممدودتان ) وحينما وصل الخطيب إلى ذكر المصيبة أخذت الحالة المعتادة مَن في المجلس رجالا ً ونساءً وبينا هم على هذه الحال إذ يرون ذلك المصاب بالزّمانة في رجليه (مخيلف) واقفا ً معهم يلطم ويصيح بلهجته: { آنه مخيلف گيّمني العبّاس "عليه السّلام"}, وبعد أن تبيّن النّاس هذه الفضيلة من أبي الفضل (عليه السّلام) تهافتوا عليه وخرّقوا ثيابه للتبرّك بها وازدحموا عليه يقبّلون رأسه ويديه, فأمر الشّيخ خزعل غلمانه أن يرفعوه إلى إحدى الغرف ويمنعوا النّاس عنه, وصار ذلك اليوم في المحمّرة أعظم من اليوم العاشر من المحرم, وصار البكاء والعويل والصّراخ من الرّجال, وأما النّساء فمنهن من تهلل وأخرى تصرخ وغيرها تلطم .
وأضاف قائلا ً: ذكر لي الملا عبد الكريم الخطيب من أهل المحمرة وكان حاضرا ً وقت الحادث أن الشّيخ خزعل في كل يوم يصنع طعاما ً لأهل المجلس في الظّهر وفي ذلك اليوم تأخر الغداء إلى السّاعة التّاسعة مساءً بسبب بكاء النّاس وعويلهم .
وقال العلامة الشّيخ حسن المذكور: ثمّ إنه سأل (مخيلف) عمّا رآه وشاهده, فقال: بينا النّاس يلطمون على العبّاس (عليه السّلام) أخذتني سِنةٌ(نومٌ) وأنا تحت المنبر فرأيت رجلا ً جميلا ً طويل القامة على فرسٍ أبيض عالٍ في المجلس وهو يقول: ( يا مخيلف لِمَ لا تلطم على العبّاس مع النّاس, فقلت له: يا آغاتي لا أقدر وأنا بهذا الحال, فقال لي: قم والطّم على العبّاس مع النّاس, قلت له يا مولاي أنا لا أقدر على القيام, فقال لي: قم و الطّم, قلت له: يا مولاي أعطني ايدك لأقوم, فقال: أنا ما عندي إيدين, فقلت له كيف أقوم, قال: الزّم ركاب الفرس وقم, فقبضت على ركاب الفرس وأخرجني من تحت المنبر ) وغاب عني وأنا في حالة الصّحة, وعاش سنتين أو أكثر ومات {رحمه الله} . وأضاف قائلا ً: حدثني المهذب الكامل ميرزا عبّاس الكرماني أنه تعسّرت عليه حاجة فقصد أبا الفضل العبّاس (عليه السّلام) واستجار بضريحه فما أسرع أن فتحت له أبواب الرّحمة وعاد بالمسرّة بعد اليأس مدة طويلة, فأنشأ:

أبا الفضل إنّي جئتك اليوم سائلا * لتيسير ما أرجو فأنت أخو الشّبل ِ
فلا غَرْوَ إن أسعَفْتَ مِثلي بائسا * لأنك للحاجات تُدعى أبو الفضل ِ

36 - شفاء بنت مسيحية من مرض السّرطان
كانت هناك إمرأة مسيحية اصيبت إبنتها بمرض السّرطان، والمعلوم أنه مرض غير قابل للشفاء،فراجعت اسرتها جمعا من الأطباء فلم يفد الدّواء الذّي اعطي لها وقال الطّبيب:لتنتظر الموت إذا لا علاج مطلقا لهذا المرض الذّي اهلكها، وفي يوم مر موكب عزاء الحُسين(ع) من امام دار هذه الأسرة، وكانت إحدى الرّايات قد كتب عليها: (يا ابا الفضل العبّاس) ثمّ قالتّ الجارة المسلمة للمرأة المسيحية والدّة المريضة: اذهبي واعقدي الرّايه في هذا العلم المرفوع أمام الموكب واطلبي حاجتك من الله ولكن طلبت منها أن تتوسل بحق هذا الأسم المحمول في الرّاية، فعلمت بمقولتها ثمّ اخلصت النّية في قلبها بأن ابنتها لو شفيت من هذا الدّاء الوبيل ستصبح مسلمه. وفي منتصف الليل إستيقظت المريضة من نومها مرعوبة خائفة تصرخ قائله: أين هذا الذّي مر يده على موضع ألمي؟ أنه شافاني بعناية الله سبحانه وتعالى (صلوات). وفي تلك الأثناء أحست الأم ونهضت فرحه مسرورة بهذا النّداء وأسلم الأب والأم والبنت المريضة بكرامة أبي الفضل العبّاس(ع) وتعهدت الأسرة بان تقيم مأتما لأبي الفضل العبّاس(ع) في كل عام من محرم الحرام إيمانا بمنزلة أهل البيت(ع) وتعظيما لشعائرهم.

37 - شفاء شاب مصاب برجله بمرض خطير
حدثني الأخ الرّادود الحُسيني أسعد الكربلائي قائلا ً:في سنة 1994 وفي ذات يوم تعرضت قدمي اليمنى إلى ضربة مفاجئة بإحدى الأحجار المرمية في الطّريق, فأحسست بألم وجرح ٍ بسيط ولم أأبه به سوى أنني غسلته بالماء وتوجهت إلى عملي, وبعد فترة ثلاثة أيام عاد الألم في موضع الضّربة مرة أخرى, وأخذ الورم يسري في قدمي حتى انتفخت بشكل لا أستطيع أن أرتدي السّروال, وأخذ الألم يزداد شيئا ً فشيئا ً بشكل ٍ لا يطاق مما منعني من السّير ووضعها على الأرض, فبادر أحد الأشخاص بي إلى مدينة الطّب ببغداد لعرضها على الأطباء المختصين هناك, فأجرى لي الأطباء على الفور الفحوصات, وكان من نتائجها أن قد أجمع ستة أطباء على أن الأمر خطير جدا ً, وهو أن القدم قد أصيبت بمرض جرثومي في العظم ولابد من استئصالها لئلّا يتفاقم الأمر مما يؤدي إلى إصابتها بالمرض المعروف (الگنگري), وأعطوني بعض الأدوية المهدئة لمدة أربعة أيام ومن ثمّ تُصتأصل القدم .فتركتهم ولم أكن أصدق هول هذه المصيبة, ورجعت على الفور إلى مدينتي الحبيبة كربلاء المقدسة, وعند وصولي راجعت أحد الأطباء وإذا بي أسمع نفس مقالتّهم ...... فاغتممت للأمر كثيرا ً, ويئستُ من الحياة, فتركته على الفور مذهولا ً لا أعرف ماذا أفعل ....
أخبرت عائلتي بذلك وطلبت منهم المعونة, فأشار عليّ أحدهم بأن لا ملجأ لك إلا إلى أبي الفضل العبّاس (عليه السّلام) ذلك الطّبيب الحقيقي إذ لا تجتمع عند أحد في العالم خصلة كشف الهموم والغموم وشفاء المرضى في آن ٍ واحد إلا هو, فعليك به (سلام الله عليه), وفي اليوم التّالي قررت الذّهاب إليه (عليه السّلام) يحدوني الأمل بنجاح مطلبي . فزرته (عليه السّلام) على أكمل وجه وتقدمتُ إلى الضّريح الشّريف وتحدثت مع أبي الفضل العبّاس (عليه السّلام) وقلت له: { يا أبا الفضل إذا كان في هذا رضى الله ورضاكم فأهلا به, وإلّا فإني أريد سلامة قدمي منك, بحقّ الأخوّة التّي بينك وبين أخيك سيد الشّهداء (عليه السّلام), وبحق أبيك عليّ بن أبي طالب (عليهما السّلام), بحق أمك أُمّ البنين عليها السّلام }هذا وخرجت من عند ضريحه (عليه السّلام), وعندما وطأت قدماي الصّحن الشّريف بدرت لي فكرة, هو أن أطلب من أحد خدام الرّوضة العبّاسية المشرفة أن يمسح قدمي ب مكنسة كانت بيده لعلّي أنال مطلبي من باب الحوائج, فلبّى الخادم ذلك ومسحها وأخذ يصلي على مُحمّد وآله ثلاثا ً و وعدت بعدها إلى المنزل على أمل الحصول على النّتيجة .وفي اليوم التّالي قمت من سريري لأتناول طعام الغداء مع عائلتي فجلست معهم كالمعتاد ولم أنتبه على نفسي ولا هم كذلك, وبعد ذلك انتبهت للأمر فخشيت أن أصاب بألم من قدمي, ولما وقع نظري عليها رأيت أنها قد تجعدت ولم يبقَ إلا انتفاخ بسيط في أصابعي, تعجبتُ من الأمر ولم أكد أصدق ذلك، فبدأتُ أكبّر الله تعالى على ما أولاني من الكرامة العظيمة بحق قمر بني هاشم (عليه السّلام) وعلا صوت النّساء بالزّغاريد الصّلاة على مُحمّد وآل مُحمّد على هذه النّعمة .وبعدها ذهبت إلى بغداد لأتحدّى طب الأطباء وأثبت لهم بأن العبّاس (عليه السّلام) هو الطّبيب الحقيقي لإزالة الهموم والغموم وشفاء الأمراض وبعد ذلك ذهبت إلى المعمل الذّي كنت أشتغل فيه ببغداد, والتّقيت بأصدقائي الذّين كانوا بانتظاري وسماع أخباري, فسألوا عن صحتي فبينت لهم ما جرى عليّ طيلة هذه الفترة, ومن ضمن العاملين في هذا المعمل فتاة كانت تعمل معنا, فحين سمعت بقصتي أخذت تبكي وتلتمسني أن أتوسل لها بحضرته (عليه السّلام) لقضاء حاجتها, فقلت لها: ماحاجتكِ ؟ ... قالتّ: لا عليك إلا أن تدعو لي وأنا أنوي ولكن بنفس الحرقة والألم بما طلبتَ لنفسك ... فعرفتُ أنها لم تتزوج بعد وهي في ال 38 من العمر, فقلتُ لها: سوف أدعو لكِ كما طلبتِ, ولكن ماذا لو ذهبتِ أنتِ بنفسكِ ؟ قالتّ: لا, أنت إذهب أولا ً وسأذهب أنا كذلك فيما بعد و لأنني خجلة ٌ منه (عليه السّلام) على حالي التّعيس هذا ..... وذلك (لأنها كانت غير محجبة), فقلت لها: لا يا أختي هذا على عكس ماتقولين لإن بإمكانك ِ أن تتوبي إلى الله تعالى وترتدين الحجاب وتطلبين من الله تعالى المغفرة, فسيغفر الله لك ِ بالتّأكيد .......... فأصرّت وألحّت على أن أتقدمها في الذّهاب إلى المولى أبي الفضل العبّاس (عليه السّلام), فوافقت على ذلك ودعوت لها بنية خالصّة عنده للحصول على مرادها, وبعد فترة وجيزة ذهبت إلى المعمل لأسأل عنها وأبلغها بأني قد دعوت لها ........... وجدتها قد تزوجت من "دكتور" سيد, وأنها ترتدي العباءة والحجاب الإسلامي الرّصين على أكمل وجه,,,,, هذا كله كان من بركة حامي عيال إبي عبد الله الحُسين (عليه السّلام) وناصرهم في أرض الطّفوف أبي الفضل العبّاس (عليه السّلام) .

38 - شفاء بنت أصيبت بمرض الثألول
روى لي الشّيخ أحمد مُحمّد رضا الحائري (حفظه الله) قائلا ً:حدثني الدّكتور صادق الرّميثي الملقب ب(دستگير), عندما كنت في مجلس تعزية في منزل السّيد مُحمّد رضا الجلالي (حفظه الله) في مدينة قم المقدسة عن إحدى كرامات أبي الفضل العبّاس (عليه السّلام) التّي جرت مع ابنته قائلا ً:إنه في سنة 1985 م كانت ابنتي تبلغ من العمر آنذاك 14 سنة, وفي ذات صباح استيقظت ابنتي من نومها وإذا بها قد ابتليت بمرض الثألول, وقد انتشر في وجهها وبقية أجزاء جسمها, فخشينا عليها من عدم تمكننا من احتوائه مما يؤدي إلى انتشاره وتشويه وجهها وجسمها, وفي اليوم التّالي أخذتها أمها إلى حرم أبي الفضل العبّاس (عليه السّلام) للتوسل به والحصول على مرادها, وحين دخولها الصّحن الشّريف للمولى قمر بني هاشم (عليه السّلام) لفت نظرها شيء قبل الدّخول إلى الحرم المطهر, وهو أنها رأت أحد خَدَمَة الرّوضة العبّاسية وبيده (مكنسة) يريد تنظيف الصّحن الطّاهر بها, فطلبت منه أن يمسح بها وجه وجسم هذه الطّفلة البريئة لشفائها . هذا وزارت المرقد الطّاهر وتوسلت به وبكت عنده وطلبت منه بحرمته (عليه السّلام) عند الله تعالى أن يشفي ابنتها, وخرجت منه وهي متفائلة بالخير منه (عليه السّلام), وعادت إلى منزلها, وفي اليوم التّالي استيقظت البنت من نومها وإذا بها لم يكن شيءٌ من أثريُذكر على وجهها ولا جسمها كرامةً لحرمة وعظمة أبي الفضل العبّاس (عليه السّلام) عند الله تعالى .

39 - كرامته عليه السّلام في شفاء امرأة مصابة بالسّرطان
حدثني من أثق بروايته وهو "صادق الكربلائي" وهو من الذّين يحضرون عندنا في جلسة القرآن الكريم بطهران، قائلاً: نقلا عن "جعفر الجمالي" وكيل وزير الصّحة الأسبق أخ الدّكتور "فاضل الجمالي" رئيس وزراء العراق الأسبق - قائلاً في عام 1958م أصيبت والدّة صديقي "رئيس دائرة العقار" في بغداد وهو (رجل سنّي) بمرض السّرطان في حنجرتها وقد عجز الأطباء من شفائها، حتى وصلت حالتّها إلى اليأس المطبق وقد استسلمت للموت المحقق الذّي لا بد منه. يقول الأخ صادق: كان يشكو لي ذلك الرّجل السّني همه وغمه وما أحاط عائلته من الضّراء لهذه الفاجعة. يقول الرّاوي: أطلقت له العنان وجعلته يتحدث حتى انتهى من كلامه. فقلت له: إني أعرف طبيباً ليس له مثيل بين الأطباء، أودعه الله تعالى كرامة الأنبياء والمرسلين، وعَلَماً تتجه إليه أفئدة الملايين من القلوب الحائرة نحوه لنيل مرادها وما تصبو إليه، فإني أظنّك لم تذهب إليه لرفع ذلك الدّاء الخبيث من جسد والدّتك، أليس ذلك ؟ قال لي نعم هو كذلك .قلت له: إذاً لو أردت ذلك فإنه في الواقع هو الطّبيب الحقيقي الذّي سيمنح والدّتك الشّفاء العاجل بإذن الله تعالى تعجب من الأمر ! وقال: سوف أعطيك ما أملك لو دللتني عليه. قلتُ له: هذا هو العبّاس بن عليّ بن أبي طالب (عليهم السّلام) صاحب الكرامات الكبرى والبراهين العظمى، فعجل بالذّهاب إليه اليوم إلى كربلاء المقدسة واطلب من سادن الحرم الشّريف أن يعطيك من ماء العلقمي المحيط بالقبر المقدس، فسيلبي السّادن طلبك لأنّك رجل معروف تتمتع بشخصية مرموقة في المجتمع، وسترى من كرامات العبّاس عليه السّلام العجب العجاب أطرق هنيهة ثمّ رفع رأسه وأردف بعدها قائلاً: نعم سأذهب إليه في الغد الباكر وأُنفذ ما قلته لي. يقول الرّاوي: سافر الرّجل في اليوم التّالي إلى كربلاء المقدسة ودخل الحضرة الشّريفة وزار سيدنا أبا الفضل العبّاس (عليه السّلام) والتّقى بسادن الرّوضة العبّاسية السّيد "بدري ضياء الدّين" وتحدث معه بالموضوع، واستقبله السّادن استقبالا رائعاً ونفذ له ما طلب منه، وأخذ من الماء المبارك وأعطى منه جرعتين لوالدّته وهو على يقين ضعيف بشفائها! مضى من الوقت يومين من بعد هذا الحادث، بدأت آلام والدّته تخفّ وتضمحلّ شيئاً فشيئاً بالتّدريج مما استدعى أن يذهب بها إلى الطّبيب لمعاينتها وإجراء الفحوصات من جديد. تشكلت لجنة طارئة من الأطباء في اليوم الثاني نتيجة للتقارير التّي أثبتت أن المرض قد زال كلياً من المرأة، ووقفوا متعجّبين من الأمر منبهرين من الذّي حدث! أحضروا الرّجل على الفور وسألوه: ماذا فعلت وأي طبيب راجعت؟. فقصّ لهم القصّة وهو متعجباً من استدعاء الأطباء له. قالوا له إنّ والدّتك هذه هي الآن في صحة تامة، وزال عنها ما كانت تشكو من ذلك المرض العضال! سكت الأطباء مذهولين من قوة وعظمة هذه الحادثة وهذه الكرامة التّي ليس لها نظير ! وأعلن الطّبيب المختص بمعالجتها على حين غرّة تشيّعه وموالاته لأهل البيت عليهم السّلام وللعباس بن عليّ صاحب الكرامات الحيّة النّاطقة، وتيقّن الرّجل كذلك أنّ الله تعالى جعل لأهل البيت مركز إشعاع وهداية لكلّ العالم مهما اختلفت طوائفهم وهم أبواب الله الواسعة التّي يدخلها المحتاجون والمحرومون لقضاء الحوائج من كل مكان وفي كل زمان، وأعلن هو الآخر كذلك تشيّعه.

40 - شفاء امرأة في اليونان
روى لي أحد خدمة الرّوضة الحُسينيّة المقدّسة قائلا ً:عمّتي تسكن بلاد اليونان، وزوجها أحد الأطبّاء الجرّاحين المعروفين هناك . فأُصيبت عمّتي هناك بداء السّرطان استقرّ في رأسها ثمّ أخذ يمتدّ تدريجياً، فبذل زوج عمّتي قصارى جهوده لإنقاذها، بعرضها على أمهر الأطبّاء في هذا المجال في اليونان، ثمّ سافر بها إلى الدّول الأوربيّة يطلب علاجها ونجاتها من تلك المحنة العصيبة التّي ألمّتْ به وبها معاً، فلم تُجْدِ مساعيه نفعاً، ولم يَعُد إلاّ بكفّين يائستين مبسوطتين بالخيبة بعد تلك المحاولات الشّاقّة !ذات يوم .. وعمّتي ترتقب أجلها، اتّصل بها ابنها من العراق ليتعرّف على حالها وما انتهى إليه أمرها، فخاطبته بنبرة مرتجفةٍ يتماوج فيها الخوف والرّجاء: ولدي .... توجّه ْ إلى حرم أبي الفضل العبّاس روحي فداه، وتَوسَّلْ إلى الله تعالى به عسى أن يُنْجيَني الله عزّوجلّ بحرمة صاحب المقام، فإنّه لا يخيب مَن توسّل به، إن شاء الله .في اليوم التّالي، أدّى ابنُها ما أمَرَتْه به عمّتي، فماذا كان بعد ذلك ؟! بعد أيّام، وفي عالم الرّؤيا، رأت عمّتي أبا الفضل العبّاس عليه السّلام، فدعاها إلى أن تصنع خبز العبّاس وتوزّعه باسمه الشّريف، وسوف تحصل على مرادها . استيقَظَت عمّتي من رؤياها الطّيّبة، فأوصت بتنفيذ ما أمرها عليه السّلام به، وما انقَضَت بعد ذلك إلاّ أيّامٌ عشرة، حتّى راجعت عمّتي الأطبّاء المشرفين على علاجها لتخضع إلى الفحوصات الدّوريّة المخصّصة لها، وإذا بالنّتائج والتّحاليل جاءت جميعها مبشّرة بالشّفاء .. الشّفاء الكامل طبعاً، بل جاءت لتخبر بالكرامة الكبرى للمولى أبي الفضل العبّاس بن عليّ عليهما السّلام، فقد ثبت أنّ المرض قد زال عن عمّتي بالكامل .عند ذلك تحيّر الأطبّاء لذلك الأمر، فدار على السّنتهم أسئلةٌ وتساؤلات، أجابت عليها عمّتي بكلّ ثقةٍ واطمئنان أنّ الله تعالى مَنَحَنا بمنّه وجُوده وليّا ً له، ما قصده طالب حاجة إلاّ وخرج بها مسرورا ً فرحاً بقضاء حاجته .

41 - كرامته عليها السّلام في رد بصر امراة
حدّث ناقل الكرامة قال:
حدثني المربي السّيد فاضل الحكيم وهو من اهل الخير والعلم عن احدى كرامات ابي الفضل العبّاس عليه السّلام التّي لا نهاية لها انه في السّبعينات كان لي اخت تسكن مدينة الحلة وكانت شابة في مقتبل العمر وكانت على احسن حال من الصّحة استيقظت صباح ذات يوم ولم تستطع ان تبصر وتشكو من الم في راسها وكانت هذه الحالة مؤقتة وتتكرر بتكرار الايام وعرضناها على عدة اطباء حتى رقدت في مستشفى دار السّلام للجملة العصبية في بغداد بادارة الدّكتور سعدي الوتري اياما لانتظار التّقارير الطّبية وما يؤوول الامر اليه جاءت النّتائج انه لا بد ان تخضع الى اجراء عملية رفع غطاء الرّاس لاستئصال غدة فوق الدّماغ وحدد يوم السّبت موعدا لاجراء العملية الجراحية لها مع تاكيد الاطباء بان نسبة نجاحها ضيئلة جدا ابقيناها في المستشفى ورجعنا الى كربلاء كانت ليلة الجمعة ودخلنا الحرم الشّريف لابي الفضل العبّاس عليه السّلام لقصد الزّيارة كالمعتاد ولكن هذه المرة بحرارة ولوعة ونمت ليلتي تلك واحسست قرب اذان الفجر ان طرقتني رؤيا بين اليقظة والمنام وكاني لدى ضريح سيدي ابي الفضل العبّاس عليه السّلام ولم اقرا الزّيارة المعهودة سلمت عليه وقلت: سيدي ! لدي كلمة ولكن لساني لا يجرؤ ان ينطق بها وهذه ابنتكم ( اقصد اختي المصابة ) كنت اسمع تماما وارى ما يدور حتى شعرت بحرارة دموعي الجارية على خدي وكان فجر يوم الجمعة الذّي يسبق يوم العملية المراد اجراؤها فنهضت وصليت ودعوت الله سبحانه ان يشفي اختي وبعد فترة وجيزة واذا باختي هذه تطرق الباب ففتحها لها وذهلت لذلك واردت عتابها فبادرتني بالقول: يا اخي اسمع مع ما جرى لي فقد رايت هذه الليلة الفائتة حلما وكان الامام ابي عبدالله الحُسين عليه السّلام جاءني وكنت في حالة هم وغم وياس لاعتقادي بقرب مفارقتي زوجي واطفالي فسالنّي عليه السّلام: مابك ؟ فشكوت اليه حالي فمسح يده الشّريفة على راسي وقال لي لا باس عليك يا ابنتي انك لست مريضة فانهضي وزوري ولدي هذين القريبين يعني الامامين موسى الكاظم ومُحمّد الجواد عليهما السّلام فنهضت من نومي وذهبت الى مدينة الكاظمية وزرت الامامين الكاظمين عليهما السّلام وها انا الان كما ترونني مشافاة من مرضي بدوري حدثتها عن رؤياي الليلة الماضية تبقى الكلمة التّي اردت ان اخاطب سيدي ابا الفضل العبّاس عليه السّلام بها ولم يجرؤ لساني على التّفوه بها فقد اردت ان اقول له سيدي ومولاي يا ابا الفضل صحيح ليس لديك يدان الا ان هاتين المقطوعتين يمكن ان تصلان الى اي مكان وهذه ابنتكم والحمدلله فقد زالتّ عنها تلك الحالة المرضية والان هي بصحة جيدة وجدة لعدة احفاد وحفيدات .

42 - شاب ظال يتحول الى منبر لابي الفضل العبّاس سلام الله عليه
يقول السّيد مُحمّد أنجوي مؤسس (حسينية سيد الشّهداء) عليه الصّلاة والسّلام في شيراز أنه كان هناك أحد العلماء ( لا يحضرني اسم العالم الآن ) في زمن "شاه إيران المقبور" وهو يتنقل من منطقه لمنطقه لقراءة مجالسّ العزاء في شهر محرم الحرام يقول هذا العالم: كنت واقفاً في الشّارع أنتظر السّيارة لكي تنقلني للمجلس القادم في الشّارع المجاور وكان يوم السّابع من محرم الحرام ( وهو يوم ذكر مصيبة العبّاس سلام الله عليه) وبينما انتظر توقفت أمامي سيارة ونزل منها أربعة شباب وأخذوني بقوة إلى سيارتهم وذهبوا بي مسرعين وأنا اقول لهم: إلى أين تأخذوني ؟ قالوا: نأخذكم لكي تقرأ لنا قراءة في شهادة العبّاس عليه السّلام قلت لهم: لا يصلح هذا, عندي موعد مع أشخاص للقراءة عندهم يقول السّيد أنهم أخذوني إلى منطقة كانت تلك المنطقه معروفة بالفساد في زمن الشّاه وأنزلوني من السّيارة وأخذوني في ممرات إلى أن وأدخلوني إلى سرداب مليء بأدوات القمار والخمر وطلبوا مني أن أقرأ مجلس عن العبّاس عليه السّلام قلت لهم: كيف أقرأ المجلس وهذا المكان نجس؟, عليكم أن تجدوا مجلسا ً طاهرا ً رأيتهم يحملون أدوات القمار والخمر ويرمون بها في الغرفة المجاورة, وقالوا: تفضل الآن اقرأ المجلس قلت لهم: طيب, أنتم نجسين عليكم بالوضوء لتتطهروا ذهبوا للوضوء, وأغلبهم لم يكن يعرف كيف يتوضأ فكانوا يسألوني عن كيفية الوضوء فعلّمتهم وعند الانتهاء من الوضوء قلت لهم: لابد من (منبر) لكي أعتليه وأقرأ لكم المجلس تقدم أحدهم ووضع يديه على الارض وجلس ك الكرسي, وقال: تفضل اجلس عليّ وأنا أكون منبر لأبي الفضل العبّاس جلست على ظهر الرّجل وبدأتُ بقراءة المجلس لمدة نصف ساعة وعند النّعي وجدتُ الجميع يبكي وخاصةً الذّي كنتُ جالسّاً على ظهره يقول العالم: انتهيت من المجلس فأخذوني إلى نفس الشّارع الذّي كنت أقف فيه وذهبت للمنزل يقول العالم: بعد مُضي عام, وفي أحد المجالسّ كنت أقرأ مجلس حسيني, فرأيت شاباً يقف أمام الجميع وقد أجهش بالبكاء ولم يكن غريباً عندي وعند الانتهاء من المجلس تقدم لي وقال: هل تعرفني ؟ قلت له: نعم ولكن لا أتذكر أين رأيتك !قال الشّاب: أنا منبر أبي الفضل العبّاس في العام الماضي والمكان الفلاني سالتّه كيف تحول حاله إلى هذا الحال وهو ملتحي وله حسينية وأصبح متديناً ؟ جاوبني الشّاب وقال:في نفس الليلة التّي قرأت فيه المجلس عندما ذهبت للنوم رأيت رؤيا وكأنه يوم القيامة وأنا في المحشر ورأيتهم يأخذوني لجهنم ويقرأون الآية الكريمة: ( خذوه فغُلّوه * ثمّ الجحيم صلّوه ) وأنا في حزن ٍ شديد لأني كنت أشرب الخمر وأرتكب جميع أنواع المحرمات وإذا بي أرى إمرأةً نورانيّة كانت قد غطّت وجهها ولكني سمعت صوتها وهي تقول: أتركوه هذا منبر ابني أبي الفضل العبّاس فتركوني وإذا بي أستيقظ من النّوم .. ومنذ ذلك اليوم انقلب حالي وأصبحت أهتم في أمور ديني يقول السّيد أنجوي: هكذا الموالي عندما يكون عاشقاً لابد أنّ أهل البيت عليهم السّلام يأخذون بيده فهم لن يتركوا محبيهم .

43 - رد عين طفل
روى لي أحد القادمين من مدينة كربلاء المقدسة بعد سقوط النّظام الصّدامي البائد في العراق لزيارة العتبات المقدسة في إيران بعد أن التّقيته في حُسينية الامام الحسن المجتبى (عليه السّلام) بطهران وسالتّه عن ما سمع أو رأى من كرامات أبي الفضل العبّاس (عليه السّلام) أجابني قائلا ًارتقى السّيد مرتضى القزويني المنبر في الصّحن الحُسيني الشّريف بتاريخ 2003/5/5 بعد سقوط النّظام الصّدامي المشين وروى لنا كرامة لأبي الفضل العبّاس (عليه السّلام) قائلا ً كنا في حدود سنة 1974 في الكويت وكان ولدي السّيد حسن آنذاك طفلا وكان يلعب مع مجموعةمن الاطفال وبينما هو كذلك واذا بأحد الاطفال قد رمى بحجارة وبقوة وصوبها نحو عينيه مما ادى لفقدها وقمنا على الفور بنقله الى المستشفى وخضع تحت رقابة لجنة من الاطباء لمعالجته وبعد ذلك اجمعوا ان لا جدوى من اجراء العملية وقد تتعرض عينه الاخرى للتلف ايضا او تجرى له العملية على مسؤوليتي فلم اطق صبرا واتصلت في الحال باهلي في كربلاء وسردت لهم القصة وطلبت منهم ان يقصدوا الحرم الطّاهر لابي الفضل العبّاس عليه السّلام لطلب شفائه وبعد ذلك وافقت على اجراء العملية له على ما تسفر عنه اجريت له العملية وبعد فترة حضر الاطباء لفتح الضّمادات من عينه راوا ان العملية قد نجحت بنسبة مائة في المائة وان الطّفل يرى أفضل مما كان عليه من قبل ..... وقف الاطباء كالخشبة وقد أصابهم الذّهول مما رأوا فسالنّي الدّكتور المختص الذّي اجرى العملية بنفسه: ماذا عملت يا سيد ؟ قلت له: طلب من اهلي في العراق ان يطلبوا المعونة والنّجدة من المولى ابي الفضل العبّاس (عليه السّلام) لشفائه فدخلت والدّته وهي حافية القدمين مفجوعة ملهوفة ومسكت بضريح أبي الفضل العبّاس عليه السّلام وقالتّ: يابو فاضل اريد منك عين ابني, حتى ضج الزّائرون بالدّعاء للطفل بالشّفاء فجارنا المولى لعظم شأنه عند الله وكفينا شر هذه المصيبة وهذه النّازلة العصيبة والحمدلله ببركة كرامته عليه السّلام والتّقيت السّيد بعد أشهر في كربلاء المقدسة وسالتّه عن ذلك فاكد لي الموضوع.

44 - رد بصر طفلة
روى لي ممن أثق بروايته الأخ منذر رضا الموسوي قائلا ً:في يوم الأربعاء 31\3\2004, وبالتّحديد السّاعة الثانية عشرة مساء ً كنت واقفا ً بباب القبلة للروضة العبّاسية المشرفة استعدادا ً لغلق أبواب الصّحن الشّريف وإخلاء الحرم من الزّائرين, وبينما أنا كذلك وإذا بامرأة من مدينة الأهواز الإيرانية تصرخ إلى جنبي باكية وهي تتوسل بأبي العبّاس (عليه السّلام) وتقول: ( يا أبا الفضل انا جئتك من مكان بعيد, وأنا خادمتك وأرتقي المنابر وأروي للناس مصائبكم ... فتفضل على ابنتي بالشّفاء بحق عينيك الشّريفتين ), يقول الرّاوي: سالتّها ما بك وما هي حاجتك ؟ قالتّ: هذه ابنتي كما تراها فاقدة لبصرها واريد البقاء في الحرم حتى نيل مرادي, فوافقت اللجنة على دخولها الحرم والبقاء فيه حتى الفجر .وبحلول فجر اليوم التّالي وانا في الحرم الأطهر وإذا بي أسمع أصوات الهلاهل والزّغاريد من داخل الضّريح الشّريف فتقدمت نحو الحدث وإذا بي أرى الطّفلة قد تفتحت عيناها وترى بشكل طبيعي كرامة من العبّاس لها, فسالتّها ما هذا الذّي بيدي, فقالتّ بالفارسية: ( بي سيم ) أي جهاز لاسلكي .

45 - العبّاس عليه السّلام وسواد وجه حرملة
روى سبط بن الجوزي عن هشام بن مُحمّد عن القاسم بن الأصبغ المجاشعي قال: لما أوتي بالرّؤوس إلى الكوفة وإذا بفارس أحسن النّاس وجهاً قد علق في لبان فرسه رأس غلام أمرد كأنه القمر في ليلة تمامه والفرس يمرح فإذا طأطأ رأسه لحق الرّأس بالأرض فقلت: رأس من هذا؟ قال: رأس العبّاس بن عليّ قلت: ومن أنت؟ قال: أنا حرملة بن كاهل الأسدي، فلبثت أياماً وإذا بحرملة ووجهه أشد سواداً من القار قلت: رأيتك يوم حملت الرّأس وما في العرب أنضر وجهاً منك ولا أرى اليوم أقبح ولا أسود وجهاً منك فبكى وقال والله منذ حملت الرّأس وإلى اليوم ما تمر عليَّ ليلة إلا واثنان يأخذان بضبعيّ ثمّ ينتهيان بي إلى نار تؤجج فيدفعانني فيها وأنا أنكص فتسفعني كما ترى ثمّ مات على أقبح حال.

46 - نطق الجنين في بطن أمّه لإظهار الحقّ والحقيقة
جاء في كتاب ( جامع الدّرر ) لحجة الإسلام السّيد حسين فاطمي قائلا ً:كنت ذات يوم عند حضرة مولانا أبي الفضل العبّاس ( عليه السّلام ), فرأيت مجموعة من الأعراب يتبعون إمرأة مضطربة وهي تدخل الحرم الشّريف, وسرعان ما الصّقت بدنها بالضّريح المقدس وصاحت بصوت لفت نظر كل الحاضرين في الحرم المقدس وسكتت أنفاسهم لصرختها ولم ينبسوا ببنت شفة على الإطلاق, وفي هذه الأثناء فوجئ الحاضرون بسماع صوت جنين ملأ فناء الحرم الطّاهر من بطن تلك المرأة يقول: ( إن أبي هو زوج أمّي ) فارتفع في الحال صوت الزّغاريد والهلاهل من الحاضرين, والتّفّوا حول المرأة, ولم يستطع أهلها من نجاتها من النّاس إلا بجهد ٍ جهيد, فأوصلوها إلى غرفة سادن الرّوضة العبّاسية المقدسة ( الكليدار ) الذّي كان آنذاك المرحوم السّيد حسن والد السّيد عبّاس وقد كانت لي صداقة معه, وبعد انصراف النّاس والمرأة مع عائلتها فذهبتُ إليه لأطّلع على قصتها, فأخبرني السّيد أنهم كانوا من أعراب البادية السّاكنين في ضواحي كربلاء, وقد كانت الفتاة معقودة "لابن عمّها", وقد مُنع ابن عمها من التّردد لرؤيتها نظرا ً للعادات والتّقاليد السّائدة بينهم, والتّي تقضي بعدم الالتّقاء بينهم حتى بعد العقد الشّرعي .والذّي حدث أنه لم يتمالك الشّاب نفسه فدخل بها سرّا ً, وهرب بعدها لئلا تناله سطوة أبيها, وعندما تبين حملها بعد فترة استجوبتها عائلتها عمّا حدث فأخبرتهم الحقيقة, ولكن إنكار زوجها لذلك أدّى إلى مبادرة عائلتها لقتلها, وعندما رأت الفتاة أنهم لن يقبلوا الحقيقة ولم يُسعفها التّوسل والبكاء معهم, فالتّجأت إلى القَسَم عند العبّاس ابن أمير المؤمنين سلام الله عليهما .دخلوا الحرم جُلُّهم وأقسمت البنت عنده فلم تمض ِ إلا لحظات حتى أدركهم المدد العبّاسي الهاشميّ المؤزّر لينطق بالحقيقة الحقّة بإنطاق الجنين ببراءة أمّه وطهارة ساحتها.

47 - أبو الفضل عليه السّلام ينقذ امرأة من القتل
روى سعيد رشيد زميزم قال: في إحدى زيارتنا لمرقد أبي الفضل العبّاس عليه السّلام شاهدت عددا من الرّجال وبينهم امرأة حامل وقد جاؤوا بها إلى مرقد أبي الفضل العبّاس عليه السّلام لكي تؤدي القسم وذلك ظنا منهم بأنها سلكت طريقا غير شرعي أدى أحد إخوانها إلى حملها هذا وكان أب إخوانها هو الذّي ظن بها هذا الظّن السّيئ وبعد ان جاء أحد خدام الرّوضة العبّاسية المطهرة اتجهت هذه المرأة نحو ضريح الإمام العبّاس عليه السّلام وأقسمت بأنها امرأة طاهرة عفيفة وإنها لم ترتكب أي عمل يمس شرفها وأن الاتهام الموجه إليها من أخيها هو اتهام كاذب وباطل. بعدها غادر هؤلاء الرّجال والمرأة معهم وما إن وصلوا أو غادروا باب القبلة قبلة العبّاس عليه السّلام حتى سقط الرّجل الذّي كان قد أتهم المرأة على الأرض وقد أصابته الرّعشة وهو يصيح بأنه اتهم شقيقته بعمل السّوء هذا وذلك للإيقاع بأحد أقاربه الذّي كان على خلاف معه وكان يروم من عمله هذا الانتقام من ذلك الرّجل والإساءة إلى أسرته وتصفية حساب قديم معه لكن الله سبحانه وتعالى فضح دجله وكذبه بكرامة العبّاس عليه السّلام وأنقذ هذه المرأة المسكينة من القتل ومن هذه التّهمة الباطلة. وعادت إلى زوجها الذّي مضى على زواجه منها ثلاث سنوات لم ينجب منها لكنه كان يراجع الأطباء وقد علم شقيق المرأة هذا السّبب للإيقاع بخصمه لكن الله أخذاه وأنقذ المرأة المسكينة التّي تبين أنها قد حملت من زوجها بعد أن كان قد تم علاجه وأصبح جدير بالإنجاب.

48 - العبّاس عليه السّلام وقضاء حاجات طالب علم
كان طالب علم يدرس العلوم الدّينية في كربلاء اسمه الشّيخ إبراهيم، وكان هذا الشّيخ بحاجة إلى الزّواج، وكان عليه دَينٌ أيضاً، وكان أيضاً يريد الحج ولا يتمكّن من ذلك.
فجاء إلى حرم الإمام الحُسين (عليه السّلام) طالباً حوائجه ثمّ ذهب إلى حرم العبّاس (عليه السّلام)، وكان كلّ يوم يأتي إلى الحرمين ويطلب حاجته وبإلحاح متواصل ومستمر . واستمر على ذلك ستة أشهر، وفي اليوم الآخر رأى امرأة من أهل البادية تحمل طفلاً مصاباً بمرض الكزاز" وبلغ تقوّس ظهره أن تدلى رأسه إلى الخلف، وهذا القسم لا يعالج في الطّب، وبعد أن يئس أهله من الشّفاء جاءوا به إلى حرم العبّاس (عليه السّلام)، وضعته المرأة ولعلّها كانت أمّه أمام ضريح العبّاس تطلب منه الشّفاء العاجل، وإذا بالطّفل يغفو من إغمائه ويقف على رجله كلّ هذا والشّيخ ينظر إليه، ويرى كيف تقبّل الله سَعيَ هذه المرأة وكيف توسط العبّاس (عليه السّلام) في شفائه .
وهنا هاج الشّيخ وسيطر عليه الحزن والألم وأخذ يخاطب العبّاس (عليه السّلام) بلهجة لا تناسب مقامه وبلغة عامية:
الحُسين إمام وأنت أخو الإمام، وبيدك كلّ شيء لكنّكما لا تنفعان إلاّ أقرباءكما العرب، ثمّ ودّع الحضرة الشّريفة وذهب إلى حرم الإمام الحُسين (عليه السّلام)، وقال له: أنت إمام والعبّاس أخو الإمام وبيدكما كلّ شيء ولكنّكما لا تنفعان إلاّ أقرباءكما العرب. ثمّ خرج وقرر أن يذهب إلى النّجف الأشرف ليخاطب الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) بالمنطق نفسه ثمّ ليعود إلى أهله وقريته في إيران .
عزم الرّجل على الذّهاب إلى النّجف الأشرف، ولما وصل إلى الصّحن الشّريف جلس ليستريح، فإذا به يرى شخصاً يأتيه ويقول له: يا شيخ إبراهيم إنّي خادم الشّيخ مرتضى الأنصاري جئتك لأبلغك رسالة الشّيخ، وأنّه ينتظرك في بيته .
تعجب الشّيخ إبراهيم من كلام هذا الرّسول لأنه لم ير الشّيخ الأنصاري من قبل، واشتدّ تعجّبه عن كيفية علم الشّيخ به وأنّه موجود في إيوان الصّحن المطهّر .
قام وذهب إلى دار الشّيخ، فاحترمه الشّيخ الأنصاري وأعطاه ثلاث صرر قائلاً له:
هذه الصّرّة لحجّك وهذه لزواجك وهذه لأداء دينك، فتعجب من معرفة الشّيخ بحوائجه وازداد عجبه من عتب الشّيخ عليه لأنه خاطب العبّاس بذلك الخطاب قائلاً له: هناك فرقٌ بينك وبين ذلك الذّي شافاه العبّاس في الحال فأنت رجلٌ عالم عارف وتلك امرأة قرويّة، فإنّ الله إذا لم يعطها حاجتها كفرت، وأمّا أنت فلست كذلك .
رجع الشّيخ إلى كربلاء المقدّسة وغيّر رأيه في أمر العودة إلى إيران. وفتح الصّرر الثلاث فإذا في كلّ صرّة بقدر كفاية الحاجة التّي كانت له .
وهكذا فالعبّاس (عليه السّلام) هو باب الحوائج بأمر من الله سبحانه وتعالى.


أقوال المعصومين فيه عليهما السّلام
1 - الإمام أمير المؤمنين وولده العبّاس عليهم السّلام
كان أمير المؤمنين يوسع العبّاس تقبيلاً وحين أودعه في حجره شمّر العبّاس عن ساعديه فاخذ أمير المؤمنين يقبلها وعيناه مغرورقتان بالدّموع ناشدته أُمّ البنين لماذا هذا البكاء فأجابها لقد تذكرت ما يجرى عليهما حيث أنهما سوف يقطعان من الزّند في نصرة الإسلام عند ذلك أجهشت أُمّ البنين بالبكاء.

2 - الإمام الحُسين وأخيه العبّاس عليهم السّلام
أ - قال الإمام الحُسين عليه السّلام عندما قال العبّاس بن عليّ عليه السّلام: يا أخي, أتاك القوم. قال: فنهض، ثمّ قال: يا عبّاس، اركب بنفسي أنت يا أخي حتّى تلقاهم ... .

ب - قال الإمام الحُسين عليه السّلام عندما سقط أبو الفضل العبّاس عليه السّلام من على جواده: الآن انكسر ظهري وقلت حيلتي وشمت بي عدوي.

3 - الإمام الصّادق والعبّاس بن عليّ عليهم السّلام
أمّا الإمام زين العابدين فهو من المؤسسين للتقوى والفضيلة في الإسلام، وكان هذا الإمام العظيم يترحّم - دوماً - على عمّه العبّاس، ويذكر بمزيد من الإجلال والإكبار تضحياته الهائلة لأخيه الحُسين وكان مما قاله في حقّه هذه الكلمات القيّمة:
رحم الله عمّي العبّاس، فلقد آثر وأبلى، وفدى أخاه بنفسه، حتى قطعت يداه، فأبدله الله بجناحين، يطير بهما مع الملائكة في الجنّة، كما جعل لجعفر بن أبي طالب، وان للعبّاس عند الله تبارك وتعالى منزلة يغبطه عليها جميع الشّهداء يوم القيامة...
وألمّت هذه الكلمات بأبرز ما قام به أبو الفضل من التّضحيات تجاه أخيه أبي الأحرار الإمام الحُسين (عليه السّلام)، فقد أبدى في سبيله من ضروب الإيثار وصنوف التّضحية ما يفوق حدّ الوصف، وما كان به مضرب المثل على امتداد التّاريخ، فقد قطعت يداه الكريمتان يوم الطّفّ في سبيله، وظلّ يقاوم عنه حتى هوى إلى الأرض صريعاً، وان لهذه التّضحيات الهائلة عند الله منزلة كريمة، فقد منحه من الثواب العظيم، والأجر الجزيل ما يغبطه عليه جميع شهداء الحقّ والفضيلة في دنيا الإسلام وغيره.

4 - الإمام الصّادق والعبّاس بن عليّ عليهم السّلام
1 - الإمام الصّادق (عليه السّلام) فهو العقل المبدع والمفكّر في الإسلام فقد كان هذا العملاق العظيم يشيد دوماً بعمّه العبّاس، ويثني ثناءً عاطراً ونديّاً على مواقفه البطولية يوم الطّفّ، وكان مما قاله في حقّه:
كان عمّي العبّاس بن عليّ (عليه السّلام) نافذ البصيرة، صلب الإيمان، جاهد مع أخيه الحُسين، وأبلى بلاءً حسناً، ومضى شهيداً...
وتحدّث الإمام الصّادق (عليه السّلام) عن أنبل الصّفات الماثلة عند عمّه العبّاس والتّي كانت موضع إعجابه وهي:
أ - نفاذ البصيرة
أمّا نفاذ البصيرة، فإنها منبعثة من سداد الرّأي، وأصالة الفكر، ولا يتّصف بها إلا من صفت ذاته، وخلصت سريرته، ولم يكن لدواعي الهوى والغرور أي سلطان عليه، وكانت هذه الصّفة الكريمة من أبرز صفات أبي الفضل فقد كان من نفاذ بصيرته، وعمق تفكيره مناصرته ومتابعته لإمام الهدى وسيّد الشّهداء الإمام الحُسين (عليه السّلام)، وقد ارتقى بذلك إلى قمّة الشّرف والمجد، وخلدت نفسه العظيمة على امتداد التّأريخ، فما دامت القيم الإنسانية يخضع لها الإنسان، ويمجّدها فأبو الفضل قد بلغ قمّتها وذروتها.

ب - الصّلابة في الإيمان
والظّاهرة الأخرى من صفات أبي الفضل (عليه السّلام) هي الصّلابة في الإيمان وكان من صلابة إيمانه انطلاقه في ساحات الجهاد بين يدي ريحانة رسول الله مبتغياً في ذلك الأجر عند الله، ولم يندفع إلى تضحيته بأي دافع من الدّوافع المادية، كما أعلن ذلك في رجزه يوم الطّفّ، وكان ذلك من أوثق الأدلة على إيمانه.

ج - الجهاد مع الحُسين
وثمّة مكرمة وفضيلة أخرى لبطل كربلاء العبّاس (عليه السّلام) أشاد بها الإمام الصّادق (عليه السّلام) وهي جهاده المشرق بين يدي سبط رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، وسيّد شباب أهل الجنّة، ويعتبر الجهاد في سبيله من أسمى مراتب الفضيلة التّي انتهى إليها أبو الفضل، وقد أبلى بلاءً حسناً يوم الطّفّ لم يشاهد مثله في دنيا البطولات.

2 - زيارة الإمام الصّادق لعمّه العبّاس: زار الإمام الصّادق (عليه السّلام) أرض الشّهادة والفداء كربلاء، وبعدما انتهى من زيارة الإمام الحُسين وأهل بيته والمجتبين من أصحابه، انطلق بشوق إلى زيارة قبر عمّه العبّاس، ووقف على المرقد المعظّم، وزاره بالزّيارة التّالية التّي تنمّ عن سموّ منزلة العبّاس، وعظيم مكانته، وقد استهلّ زيارته بقوله:
سلام الله، وسلام ملائكته المقرّبين، وأنبيائه المرسلين، وعباده الصّالحين، وجميع الشّهداء والصّديقين والزّاكيات الطّيّبات فيما تغتدي وتروح عليك يا ابن أمير المؤمنين...
لقد استقبل الإمام الصّادق عمّه العبّاس بهذه الكلمات الحافلة بجميع معاني الإجلال والتّعظيم، فقد رفع له تحيات من الله وسلام ملائكته، وأنبيائه المرسلين، وعباده الصّالحين، والشّهداء، والصّدّيقين، وهي أندى وأزكى تحيّة رفعت له، ويمضي سليل النّبوّة الإمام الصّادق (عليه السّلام) في زيارته قائلاً:
وأشهد لك بالتّسليم، والتّصديق، والوفاء، والنّصيحة لخلف النّبيّ المرسل، والسّبط المنتجب، والدّليل العالم، والوصي المبلّغ والمظلوم المهتضم...
وأضفى الإمام الصّادق (عليه السّلام) بهذا المقطع أوسمة رفيعة على عمّه العبّاس هي من أجلّ وأسمى الأوسمة التّي تضفى على الشّهداء العظام، وهي:

أ- التّسليم
وسلّم العبّاس (عليه السّلام) لأخيه سيّد الشّهداء الإمام الحُسين (عليه السّلام) جميع أموره، وتابعه في جميع قضاياه حتّى استشهد في سبيله، وذلك لعلمه بإمامته القائمة على الإيمان الوثيق بالله تعالى، وعلى أصالة الرّأي وسلامة القصد، والإخلاص في النّيّة.

ب - التّصديق
وصدّق العبّاس (عليه السّلام) أخاه ريحانة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) في جميع اتجاهاته، ولم يخامره شكّ في عدالة قضيّته، وأنّه على الحق، وأن مَن نصب له العداوة وناجزه الحرب كان على ضلال مبين.

ج - الوفاء
من الصّفات الكريمة التّي أضافها الإمام الصّادق (عليه السّلام) على عمّه أبي الفضل (عليه السّلام)، الوفاء فقد وفى ما عاهد عليه الله من نصرة إمام الحق أخيه أبي عبد الله الحُسين (عليه السّلام)، فقد وقف إلى جانبه في أحلك الظّروف وأشدّها محنة وقسوة، ولم يفارقه حتى قطعت يداه، واستشهد في سبيله.
لقد كان الوفاء الذّي هو من أميز الصّفات الرّفيعة عنصراً من عناصر أبي الفضل وذاتياً من ذاتياته، فقد خلق للوفاء والبرّ للقريب والبعيد.

د - النّصيحة
وشهد الإمام الصّادق بنصيحة عمّه العبّاس لأخيه سيّد الشّهداء (عليه السّلام)، فقد أخلص له في النّصيحة على مقارعة الباطل، ومناجزة أئمّة الكفر والضّلال، وشاركه في تضحياته الهائلة التّي لم يشاهد العالم مثلها نظيراً في جميع فترات التّاريخ… ولننظر إلى بند آخر من بنود هذه الزّيارة الكريمة، يقول (عليه السّلام):
فجزاك الله عن رسوله، وعن أمير المؤمنين، وعن الحسن والحُسين صلوات الله عليهم أفضل الجزاء بما صبرت، واحتسبت، وأعنت فنعم عقبى الدّار...
وحوى هذا المقطع على إكبار الإمام الصّادق (عليه السّلام) لعمّه العبّاس وذلك لما قدّمه من الخدمات العظيمة، والتّضحيات الهائلة لسيّد شباب أهل الجنّة، وريحانة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) الإمام الحُسين (عليه السّلام) فقد فداه بروحه، ووقاه بمهجته، وصبر على ما لاقاه في سبيله من المحن والشّدائد مبتغياً في ذلك الأجر عند الله، فجزاه الله عن نبيّه الرّسول الأعظم (صلّى الله عليه وآله) وعن باب مدينته الإمام أمير المؤمنين، وعن الحسن والحُسين أفضل الجزاء على عظيم تضحياته.
ويستمرّ مجدّد الإسلام الإمام الصّادق (عليه السّلام) في زيارته لعمّه العبّاس، فيذكر صفاته الكريمة، وما له من المنزلة العظيمة عند الله تعالى، فيقول بعد السّلام عليه:
أَشهد، وأُشْهِد الله أنّك مضيت على ما مضى به البدريون والمجاهدون في سبيل الله، المناصحون له في جهاد أعدائه، المبالغون في نصرة أوليائه، الذّابّون عن أحبّائه، فجزاك الله أفضل الجزاء وأكثر الجزاء وأوفر الجزاء وأوفى جزاء أحد ممن وفي ببيعته، واستجاب لدعوته، وأطاع ولاة أمره...
لقد شهد الإمام الصّادق - العقل المفكّر والمبدع في الإسلام وأشهد الله تعالى على ما يقول: من أنّ عمّه أبا الفضل العبّاس (عليه السّلام) قد مضى في جهاده مع أخيه أبي الأحرار الإمام الحُسين (عليه السّلام)، على الخطّ الذّي مضى عليه شهداء بدر الذّين هم من أكرم الشّهداء عند الله فهم الذّين كتبوا النّصر للإسلام، وبدمائهم الزّكية ارتفعت كلمة الله عالية في الأرض وقد استشهدوا وهم على بصيرة من أمرهم، ويقين من عدالة قضيّتهم، وكذلك سار أبو الفضل العبّاس على هذا الخطّ المشرق، فقد استشهد لإنقاذ الإسلام من محنته الحازبة، فقد حاول صعلوك بني أميّة حفيد أبي سفيان أن يمحو كلمة الله، ويلف لواء الإسلام، ويعيد النّاس لجاهليتهم الأولى، فثار أبو الفضل بقيادة أخيه أبي الأحرار في وجه الطّاغية السّفّاك، وتحققت بثورتهم كلمة الله العليا في نصر الإسلام وإنزال الهزيمة السّاحقة بأعدائه وخصومه.
ويستمرّ الإمام الصّادق (عليه السّلام) في زيارته لعمّه العبّاس فيسجّل ما يحمله من إكبار وتعظيم، فيقول:
أشهد أنّك قد بالغت في النّصيحة، وأعطيت غاية المجهود فبعثك الله في الشّهداء، وجعل روحك مع أرواح السّعداء، وأعطاك من جنانه أفسحها منزلاً، وأفضلها غرفاً، ورفع ذكرك في علّيين وحشرك مع النّبيّين، والصّديقين والشّهداء، والصّالحين، وحسن أولئك رفيقاً. أشهد أنّك لم تهن ولم تنكل، وأنّك مضيت على بصيرة من أمرك، مقتدياً بالصّالحين، ومتبعاً للنبيّين، فجمع الله بيننا، وبينك وبين رسوله وأوليائه في منازل المخبتين، فإنّه أرحم الرّاحمين...
ويلمس في هذه البنود الأخيرة من الزّيارة مدى أهميّة العبّاس، وسموّ مكانته عند إمام الهدى الإمام الصّادق (عليه السّلام)، وذلك لما قام به هذا البطل العظيم من خالصّ النّصيحة، وعظيم التّضحيّة لريحانة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) الإمام الحُسين (عليه السّلام)، كما دعا الإمام له ببلوغ المنزلة السّامية عند الله التّي لا ينالها إلا الأنبياء، وأوصيائهم، ومن امتحن الله قلبه للإيمان.

5 - الإمام الحجّة بن الحسن وعمّه العبّاس بن عليّ عليهم السّلام
أدلى الإمام المصلح العظيم بقيّة الله في الأرض قائم آل مُحمّد (صلّى الله عليه وآله) بكلمة رائعة في حقّ عمّه العبّاس (عليه السّلام) جاء فيها:
السّلام على أبي الفضل العبّاس ابن أمير المؤمنين، المواسي أخاه بنفسه، الآخذ لغده من أمسه، الفادي له، الواقي، السّاعي إليه بمائه، المقطوعة يداه، لعن الله قاتليه يزيد بن الرّقاد، وحكيم بن الطّفيل الطّائي...

وأشاد بقيّة الله في الأرض بالصّفات الكريمة الماثلة في عمّه قمر بني هاشم وفخر عدنان، وهي:
1 - مواساته لأخيه سيّد الشّهداء (عليه السّلام)، فقد واساه في أحلك الظّروف، وأشدّها محنة وقسوة، وظلّت مواساته له مضرب المثل على امتداد التّاريخ.

2 - تقديمه أفضل الزّاد لآخرته، وذلك بتقواه، وشدّة تحرّجه في الدّين، ونصرته لإمام الهدى.
3 - تقديم نفسه، وأخوته، وولده فداءً لسيّد شباب أهل الجنّة الإمام الحُسين (عليه السّلام).
4 - وقايته لأخيه المظلوم بمهجته.
5 - سعيه لأخيه وأهل بيته بالماء حينما فرضت سلطات البغي والجور الحصار على ماء الفرات من أن تصل قطرة منه لآل النّبيّ (صلّى الله عليه وآله).

6 - حديث زينب مع أبي الفضل العبّاس عليهما السّلام
وذكر البعض حديثاً جرى بين العبّاس وبين أخته زينب (عليهم السّلام) وذلك بعد رجوعه من محادثة الشّمر، وقد أنكر عليه رافضاً أمانه الذّي جاء به له ولإخوته .
قال: ورجع أبو الفضل العبّاس (عليه السّلام) يتهدرس كالأسد الغضبان, فاستقبلته الحوراء زينب (عليها السّلام) وقد سمعت كلامه مع الشّمر، قالتّ له: أخي، [ هل ] اُحدّثك بحديث ؟ قال: حدّثي يا زينب، لقد حلا وقت الحديث .
قالتّ: اعلم يابن والدّي، لمّا ماتت اُمّنا فاطمة (عليها السّلام) قال أبي لأخيه عقيل: (( اُريد منك أن تختار لي امرأةً من ذوي البيوت والشّجاعة ؛ حتّى أصيب منها ولداً ينصر ولدي الحُسين بطفِّ كربلاء )) . وقد ادّخرك أبوك لمثل هذا اليوم، فلا تقصّر يا أبا الفضل .
فلمّا سمع العبّاس (عليه السّلام) كلامها تمطّى في ركاب سرجه حتّى قطّعه، وقال لها: أفي مثل هذا اليوم تشجّعينني وأنا ابن أمير المؤمنين (عليه السّلام) ؟! فلمّا سمعت كلامه سرّت سروراً عظيماً .


قالوا في العبّاس عليه السّلام
1 - نقل أبو الفرج الأصفهاني في مقاتل الطّالبيين ما نصّه:
وكان العبّاس رجلا وسيما جميلا يركب الفرس المطهم ورجلاه تخطان في الارض وكان يقال له . قمر بني هاشم . وكان لواء الحُسين بن عليّ عليهما السّلام معه يوم قتل .

2 - قال الشّيخ عبّاس القمي في مفاتيح الجنان ما نصّه:
إن للعبّاس عليه السّلام مكانة جليلة، والتّعابير الرّفيعة الواردة في زيارته تعكس هذه الحقيقة. وتنصّ زيارته المنقولة عن الإمام الصّادق عليه السّلام على عبارات من قبيل: " السّلام عليك أيّها العبد الصّالح المطيع لله ولرسوله ولأمير المؤمنين والحسن والحُسين. . . أشهد أنك مضيت على ما مضى عليه البدريون والمجاهدون في سبيل الله، المناصحون في جهاد أعدائه،المبالغون في نصرة أوليائه، الذّابّون عن أحبّائه . .

3 - قال العلامة المجلسي في بحار الأنوار:
كان العبّاس عليه السّلام مظهراً ورمزاً للإيثار والوفاء والتّفاني. لما دخل الفرات كان في غاية العطش لكنه لم يشرب الماء بسبب عطش أخيه الحُسين، بل وخاطب نفسه بالقول:
يا نفس من بعد الحُسين هوني
وبعده لا كنت أن تكوني
هذا الحُسين وارد المنون
وتشربين باردُ المعين
تالله ما هذا فِعَالُ ديني
وأقسم أن لا يذوق الماء.

4 - قال السّيّد عبدالرّزاق المقرّم في أبي الفضل العبّاس:
وتركه في مكانه( أي ترك الإمام الحُسين أخاه العبّاس عليهما السّلام) لسر مكنون أظهرته الأيام، وهو أن يدفن في موضعه منحازا عن الشّهداء ليكون له مشهد يقصد بالحوائج والزّيارات، وبقعة يزدلف إليها النّاس وتتزلف إلى المولى سبحانه تحت قبته التّي ضاهت السّماء رفعة وسناء، فتنظر هنالك الكرامات الباهرة، وتعرف الأمة مكانته السّامية ومنزلته عند الله تعالى، فتؤدي ما وجب عليهم من الحب المتأكد والزّيارات المتواصلة، ويكون عليه السّلام حلقة الوصل فيما بينهم وبين الله تعالى، فشاء حجة الوقت أبو عبد الله عليه السّلام كما شاء المهيمن سبحانه أن تكون منزلة أبي الفضل الظّاهرية شبيهة بالمنزلة المعنوية الأخروية فكان كما شاءا وأحبا الرّثاء.

5 - وقال فيه أيضاً:
هذه الفضائل كلها وان كان القلم يقف عند انتهاء السّلسلة إلى أمير المؤمنين فلا يدري اليراع ما يخط من صفات الجلال والجمال وأنه كيف عرقها في ولده المحبوب ؟ قمر الهاشميين .

6 - كما قال أيضاً:
وقد ظهرت في أبي الفضل ( العبّاس ) الشّجاعتان الهاشمية التّي هي الأربى والأرقى فمن ناحية أبيه سيّد الوصيين، والعامرية فمن ناحية أمه أُمّ البنين .

7 - قال فيه السّيد محسن أمين العاملي ما نصّه:
ومن شجاعته أنه في كربلاء حين حوصر أربعةُ رجال بين الأعداء ندب إليهم الحُسين أخاه العبّاس فحمل على القوم وضرب فيهم بسيفه حتى فرّقهم عن أصحابه ووصل إليهم فسلموا عليه وأتى بهم ولكنهم كانوا جرحى.

8 - قال البهبهاني:
وفي بعض الكتب المعتبرة أن من كثرة الجراحات الواردة على العبّاس عليه السّلام لم يقدر الحُسين عليه السّلام أن يحمله إلى محل الشّهداء، فترك جسده في محل قتله ورجع باكيا حزينا إلى الخيام.

9 - نقل أبن مخنف في مقتله:
قال الحُسين لأخيه العبّاس عليهما السّلام: " يا عبّاس، اركب بنفسي أنت حتى تلقاهم فتقول لهم: ما لكم ؟ وما بدا لكم ؟ وتسألهم عما جاء بهم "، فأتاهم العبّاس في نحو عشرين فارسا فيهم زهير وحبيب فقال لهم: ما لكم وما بدا لكم وما تريدون ؟ فقالوا: جاء أمر عبيد الله أن نعرض عليكم أن تنزلوا على حكمه أو ننازلكم . قال: فلا تعجلوا حتى أرجع إلى أبي عبد الله فأعرض عليه ما ذكرتم، فوقفوا ثمّ قالوا: القه فأعلمه ذلك، ثمّ أعلمنا بما يقول .

10 - قال الخوارزمي في كتابه مقتل الحُسين عليه السّلام، ما نصّه:
ترك استشهاد العبّاس مرارة وألماً في قلب الحُسين، ولما سار مصرعه ووقف عند رأسه قال قولته الطّافحة بالألم والأسى: "الآن انكسر ظهري وقلّت حيلتي وشمت بي عدوّي"

11 - قال الطّبري في تاريخه:
لما نشبت الحرب بين الفريقين تقدم عمر بن خالدّ ومولاه سعد، ومجمع بن عبد الله، وجنادة بن الحرث فشدوا مقدمين بأسيافهم على النّاس، فلمّا وغلوا فيهم عطف عليهم النّاس فأخذوا يحوزونهم، وقطعوهم من أصحابهم، فندب الحُسين ( عليه السّلام ) لهم أخاه العبّاس فحمل على القوم وحده، فضرب فيهم بسيفه حتى فرقهم عن أصحابه وخلص إليهم فسلموا عليه فأتى بهم، ولكنهم كانوا جرحى فأبوا عليه أن يستنقذهم سالمين، فعاودوا القتال وهو يدفع عنهم حتى قتلوا في مكان واحد.

12 - قال ابن حبان في كتابه الثقات:
العبّاس يقال له السّقاء لان الحُسين طلب الماء في عطشه وهو يقاتل فخرج العبّاس وأخوه واحتال حمل إداوة ماء ودفعها إلى الحُسين فلمّا أراد الحُسين أن يشرب من تلك الإداوة جاء سهم فدخل حلقه فحال بينه وبين ما أراد من الشّرب فاحترشته السّيوف حتى قتل فسمى العبّاس بن عليّ السّقاء لهذا السّبب.

13 - قال ابن الأثير في الكامل:
لما نشبت الحرب بين الفريقين تقدم عمر بن خالدّ ومولاه سعد، ومجمع بن عبد الله، وجنادة بن الحرث فشدوا مقدمين بأسيافهم على النّاس، فلمّا وغلوا فيهم عطف عليهم النّاس فأخذوا يحوزونهم، وقطعوهم من أصحابهم، فندب الحُسين ( عليه السّلام ) لهم أخاه العبّاس فحمل على القوم وحده، فضرب فيهم بسيفه حتى فرقهم عن أصحابه وخلص إليهم فسلموا عليه فأتى بهم، ولكنهم كانوا جرحى فأبوا عليه أن يستنقذهم سالمين، فعاودوا القتال وهو يدفع عنهم حتى قتلوا في مكان واحد.

14 - قال العجلي في كتابه معرفة الثقات:
العبّاس بن عليّ بن أبي طالب ثقة.


ما قيل فيه من الشّعر عليه السّلام
1 - أبا الفضل قد أشبهت بالفضل حيدراً:
أبا الفضل قد أشبهت بالفضل حيدراً * أباك فأحرزت الفخار المخلدا
لأنك أنت الباب للسبط مثلما * أبوك عليٌ كان باباً لأحمدا
وكان وزيراً للنبي مؤيداً * كما كنت للسبط الوزير المؤيدا
وصلتَ على الأعداء صولته * التّي تغادر شمل الضّالمين مبددا
بسيفك أبيك الدّين كانت حياته * وكنت لسبط المصطفى في الوغا فدا
أبوك فدى الهادي النّبي بنفسه * ولولاكم في الطّف أودى به الرّدى
ولكنه من كيد أعدائه نجا * وبت على وجه الصّعيد موسدا
ظمئتَ وأرويت الثرى من دمائهم * غداة غدى طعم الرّدى لك موردا
ومنك بسيف البغي أنْ قطعوا يدا * فقد كنت في المعروف أطولهم يدا
أبوك يلاقي الجيش في خير عدة * وأنت تلاقي الجيش في الحرب مفردا
وإنْ هو نادى أنجدته ضراغم * وأنت إذا ناديت لم تلقَ منجدا
سوى صارماً غضب تحلى لجينه * رقاب الأعادي من دم التّرس عسجدا
تسير الى الهيجاء منك بجحفلٍ * من العزم ماضٍ ما ونى أو ترددا
وكنت معيناً للحسين وناصراً * وبعدك لم يبصر معيناً ومسعدا
فيا ابن علي والعلا لك شيمة * لقد طبت مولوداً كما طبت مولدا


2 - قال ابن نما: وقد قلت هذه الأبيات حين فرق بينهما سهم الشّتات:
حقيقا بالبكاء عليه حزنا * أبو الفضل الذّي واسى أخاه
وجاهد كل كفار ظلوم * وقابل من ضلالهم هداه
فداه بنفسه لله حتى * تفرق من شجاعته عداه
وجادله على ظمأ بماء * وكان رضى أخيه مبتغاه.

3 - قال الإصبهاني مخاطبا أبي عبد الله عليه السّلام عند شهادة العبّاس عليه السّلام وقول الحُسين عليه السّلام: الآن انكسر ظهري وقلت حيلتي:
وبان الإنكسار في جبينه * فاندكت الجبال من جنينه
وكيف لا وهو جمال بهجته * وفي محياه سرور مهجته
كافل أهله وساقي صبيته * وحامل اللواء بعالي همته
واحدة لكنه كل القوى * وليث غابة بطف نينوا
ناح على أخيه نوح الثكلى * بل النّبي في الرّفيق الأعلى
وانشقت السّماء وامطرت دما * فما أجل رزئه وأعظما
بكاه كالهطال حزنا والدّه * وكيف لا وبان منه ساعده
بكاه صنوه الزّكي المجتبى * وكيف لا ونور عينه خبا
ناحت بنات الوحي والتّنزيل * عليه مذ أمست بلا كفيل
ناحت عليه الحور في قصورها* لنوح آل البيت في خدورها
ناحت عليه زمر الأملاك * مذ ناحت العقائل الزّواكي.


4 - نقل الطّريحي:
لهفي على العبّاس لما أن دنى * نحو الفرات بقلبه الحران
فأراد شرب الماء وقال بنفسه * وا لهفتاه للسيد الظّمآن
عاف الشّراب ولم يبل أو امه * وجد الوجد أخيه والإخوان
لهفي على العبّاس إذ حاطوا به * من كل فج أقبلوا ومكان
حاطوا به واستفردوه وخرقوا * قربا ملأها قاصد النّسوان
ثاروا عليه بطعنهم وبضربهم * وبطعنهم أردوه في الميدان
فعلاه رجس فاجر بحسامه * قطع اليمين بمشرفي ويماني
وهواه آخر ضربة في رأسه * حتى رماه بحوبة الجولاني
فأتى الحُسين إليه وهو مسارع * فرأى أخاه مكابد الحدثان
فبكى وقال جزيت خيرا من أخ * واسى أخاه بشدة وهوان
أديت حقا للأخوة يا أخي * وحضيت وصل الحور والولدان
يا أول الشّهداء يا بن المرتضى* صلى عليك الله كل أوان
والله تلك مصيبة لم أنسها * إلا إذا أدرجت في الأكفان.


5 - قال الشّاعر ياسين حردان السّاعدي:
الحسن يسئل اخوه حسين
وزينب تسئل العبّاس
دم الهادي لو حيدر
ينزف ونطبر ياراس
* * *
ياراس انطبر هل اليوم
خويه حسين جاوبني
اشوف الدّين شال دموم
ويصرخ ياعلي ادركني
ومن نحر وچبد مسموم
ونزل على الطّبره متعني
أنخبط بالدّم چبد مسموم
وعلى اركان الهدى يحنّي
يصلي وخاشع الانفاس
ويدعي باقدس الاقداس
الحسن يسئل اخوه حسين
وزينب تسئل العبّاس
* * *
حسن ياخويه هذا الدّم
نفس دم آمي يوم الباب
ومثل دم چبدك ألينسم
من ترفض شريعة غاب
بدم نحري احس واشتم
طلع من دم علي من انصاب
چبدك نحري ظلع امي
شبگن هامت المحراب
كل قطره بنبي تنقاس
من دم حيدره النّبراس
الحسن يسئل اخوه حسين
* * *
وزينب تسئل العبّاس
زينب تنشد الخوان
عباس وحسن وحسين
يخوتي انهدمت الاكوان
واشوف اهتزت الكونين
وطلع من الشّمس دخان
وشگ بطن السّمه نصين
كل نص كبر الآذان
وصاح انهدم ركن الدّين
الصّليب يصيح والقداس
حيدر منطبر ياناس
الحسن يسئل اخوه حسين
* * *
وزينب تسئل العبّاس
زينب تنشد الضّرغام
والعبّاس رد بأه
چفوفه تصيح والصّمصام
عونچ انه ياآختاه
يخويه المنطبر بالهام
شبه جدي رسول الله
وصرخ عبّاس وي زينب
وحسين وحسن وياه
ياجدي صفينه ايتام
حيدر مات ياجداه
راح الضّيغم النّبراس
سگف الدّين تاج وساس
الحسن يسئل اخوه حسين
وزينب تسئل العبّاس
* * *
زينب صاحت ونادت
ياابو فاضل يلمنفل
بسجن روحي المحن زادت
وعلّي باب الفرح قَفل
وتعرف باختك شرادت
واعرفك بالشّيم تحفل
واذكرك خويه أبوّي شگال
بس عبّاس الچ يكفل
الكفاله تناشد النّوماس
البساله اترجم الاحساس
الحسن يسئل اخوه حسين
وزينب تسئل العبّاس
* * *
دين الله ثبت بنيان
من كد حيدره وتعبه
امير اعلا الانس والجان
الملائك جنده وشعبه
الولايه بحب علي عنوان
الامامه بصلبه متشعبه
حيدر صاح من طبروهه
فزت ورب الكعبه
القلم والسّيف والقرطاس
نزل دنگ عليه وباس
الحسن يسئل اخوه حسين
وزينب تسئل العبّاس
دم الهادي لوحيدر
ينزف ونطبر ياراس
* * *

6 - وللشاعر مُحمّد الخليل هذه الأبيات من الشّعر في رثاء العبّاس (عليه السّلام):

حتى هوى وهو مقطوعُ اليدين إلى * جنبِ الشّريعةِ مطروحاً مع العلمِ
نادى أخاه ألا ادركني فقد بلغت * منّي اُميّة ما رامتهُ من قدمِ
فأسرعَ السّبطُ محنيّاً لهُ وهوى * من فوقهِ بفؤادٍ منهُ مضطرمِ
وصاحَ والقلبُ خفّاقٌ ومهجتُه * ذابت بدمعٍ على الخدّينِ منسجمِ
عباسُ أنتَ عمادي أنتَ مستندي * وأنتَ جامعُ شملي أنتَ معتصمي
اليوم خلّفتَ عينَ الدّينِ ساهرةً * اليوم نامت عيونٌ فيكَ لم تنمِ
اليوم في قتلكَ الأعداءُ قد شمتت * اليوم خلّفتني فرداً بغيرِ حمي
إنّ الرّزايا وإن حلّت لَرزؤكَ قد * أحنى ضلوعي وأجرى عيني بدمِ !


7 - ابوذيات من الشّاعر مرتضى الشّيخ راضي الدّراجي في شجاعة أبي الفضل العبّاس عليه السّلام
بسم الله الرّحمن الرّحيم
اصوات الحرب قرعة طبلها
لأن عبّاس بالحومة طبلها
بس هو نوصف سيفه طبلها
يداوي الملتزم بفعال امية
.............................
المنايا تحوم بالحومة علمها
وهو بجفه يهز واكف علمها
الرّجال بذعر مصيوبه علمها
تشوف الموت حل بهل مسية
..............................
بطال الكوم عن عبّاس سلها
ارواح اليوم من ابدان سلها
كاتله الرّعب والخوف سلها
وحل بيه الاجل كبل المنية.

8 - وقد أجاد السّيّد مُحمّد رضا القزويني حيث يقول:
قرّت لها عيـنُ الكـريمة زينب * لتراك أهلاً أن تصون خباءَها
فمضت تقصّ عليك دوراً عاصفاً * فيك الشّهامةُ ما اعتزمت فداءَها
في ليلةٍ طاب الحديثُ الحلو من * اُختٍ وأنت على الجواد إزاءَها
تروي مصاهرةَ الكرامِ بقصّة * قد أنجبتك ولم ترد إخفاءَها
فهززتَ سيفَك أن تُطمّن قلبَـها * بيدٍ تلقّت في غدٍ جذّاءَها
فتصاعدتْ بيضاءَ تدعو ربّـها * ألاّ يَخيبَ السّائلون رجاءَها
فتحـدّث التّـاريخُ عنـها أنَّها * ملأت بأسخى المكرمات عطاءَها


9 - وأشاد الشّاعر الكبير الحاج مُحمّد رضا الأزري في رائعته بالمثل الكريمة التّي تحلّى بها قمر بني هاشم، والتّي احتلت عواطف الأحرار ومشاعرهم بقوله:

فانهض إلى الذّكر الجميل مشمّراً * فالذّكر أبقى ما اقتنته كرامها
أوما أتـاك حديث وقعة كربـلا * أنّى وقد بلغ السّماء قتامها
يوم أبو الفضل استجار به الهدى * والشّمس من كدر العجاج لثامها

ودعا الأزري بالبيت من رائعته إلى اقتناء الذّكر الجميل الذّي هو من أفضل المكاسب التّي يظفر بها الإنسان فإنه أبقى، وأخلد له، ودعا بالبيت الثاني إلى التّأمّل والاستفادة من واقعة كربلاء التّي تفجّرت من بركان هائل من الفضائل والمآثر لآل النّبيّ (صلّى الله عليه وآله)، وعرج بالبيت الثالث على أبي الفضل العبّاس (عليه السّلام) الذّي استجار به سبط النّبيّ (صلّى الله عليه وآله) وريحانته، ولنستمع إلى ما قام به العبّاس من النّصر والحماية لأخيه، يقول الأزري:

فحـمى عرينته ودمـدم دونـها * ويذب من دون الشّرى ضرغامها
والبيض فوق البيض تحسب وقعها* زجل الرّعود إذا اكفهرّ غمامها
من باسـل يلقى الكتـيبة باسـماً * والشّوس يرشح بالمنية هامها
واشـم لا يحتـل دار هضيـمة * أو يستقلّ على النّجوم رغامها
أولم تكـن تدري قريـش أنّـه * طلاع كل ثنية مقدامها

وهذه الأبيات منسجمة كل الانسجام مع بطولات أبي الفضل، فقد صوّرت بسالتّه، وما قام به من دور مشرف في حماية أخيه أبي الأحرار فقد انبرى كالأسد يذبّ عن أخيه في معركة الشّرف والكرامة، غير حافل بتلك الوحوش الكاسرة التّي ملأت البيداء دفاعاً عن ذئاب البشرية، وقد انطلق أبو الفضل باسماً في ميادين الحرب وهو يحطّم أنوف أولئك الأوغاد ويجرّعهم غصص الموت في سبيل كرامته وعزّة أخيه، وقد استبان للقبائل القرشية في هذه المعركة أن أبا الفضل طلاع كل ثنية، وأنه ابن من أرغمها على الإسلام وحطّم جاهليتها وأوثانها.

10 - ووصف الاَزري مصرع العبّاس عليه السّلام بقوله:

وهوى عليه ما هنالك قائلاً * اليوم بان عن اليمين حسامها
اليوم سار عن الكتائب كبشها * اليوم بان عن الهداة امامها
اليوم آل إلى التّفرق جمعنا * اليوم حلّ عن البنود نظامها
اليوم نامت أعين بك لم تنم * وتسهّدت أخرى فعز منامها
اشقيق روحي هل تراك علمت ان* غودرت وانثالتّ عليك لئامها
قد خلت اطبقت السّماء على الثرى* أو دكدكت فوق الرّبى أعلامها
لكن أهان الخطب عندي انني * بك لاحق أمراً قضى علامها

11 - قصيده لولادة قمر بني هاشم عليه السّلام للسيد عدنان الحمامي:

يم زينب أغبَش گلت اهنيها
بالعبّاس بلچي ابفرح الگيها
.................
وي طرت الفجر يم زينب وفرحان
واعاين بالضّريح النّور كل امچان
مالك گاعد ويمه گعد رضوان
والحور الشّموع وحنه بيديها
.................
عيني انبهرت الهل الموقف اتنظره
يم شباچ زينب هم خذت فره
لنها ابفد ركن چن گاعده الزّهره
ويمها أُمّ البنين اسمع تحاچيها
.................
تحاچي أُمّ البنين وانظر اعليهن
وحراير كل بني هاشم اجن ليهن
يحَين فاطمه وفاطمه اتحييهن
وام عبّاس غير الفرح مابيها
.................
فرحه أُمّ البنين اليوم چن عدها
علگت شمعه للعبّاس اشاهدها
الزّينب باركتها با أبن والدّها
بدمع الفرح زينب هم تحييها
.................
تحيي زينب أُمّ عبّاس تتبارك
بگمر هاشم تگلها يوم المبارك
ونادة يبو فاضل اجوا خطارك
يم اختك دگوم الفظل رد ليها
.................
يبو فاضل وكل واحد نذر عنده
وعلى الشّباچ كل اللي فرش خده
خايب يبو فاضل ابد لترده
اشما رايد طلب لوحاجه تگضيها
.................
كل هذا سمعته وآنه عندي امراد
گلتلها يزينب عن اهلنه ابعاد
بلچي ابكربله هذا الشّمل ينعاد
وكل جمرة غريب اليله تطفيها
...............

12 - عرض شاعر أهل البيت(عليهم السّلام) الشّيخ عبد المنعم الفرطوسي نضّر الله مثواه في ملحمته الخالدّة إلى شجاعة أبي الفضل وبسالتّه في ميدان الحرب قال:
علم للجهاد في كل زحف * علم في الثبات عند اللقاء
قد نما فيه كل بأس وعزّ * من عليّ بنجدة وإباء
هو ثبت الجنان في كل روع* وهو روع الجنان من كل راء

13 - وأضاف الفرطوسي مصوّراً ما أنزله أبوالفضل من الخسائر الفادحة في جيوش الأمويين قال:
فارتقى صهوة الجواد مطلاً * علماً فوق قلعة شمّاء
وتجلّى والحرب ليل قثام * قمراً في غياهب الظّلماء
فاستطارت من الكماة قلوب * أفرغت من ضلوعها كالهواء
وتهاوت جسومهم وهي صرعى* واستطارت رؤوسهم كالهباء
وهو يرمي الكتائب السّود رجماً* بالمنايا من اليد البيضاء

14 - قال الشّيخ عبد العظيم الرّبيعي في ديوانه من قصيدة يرثي بها العبّاس بن عليّ (عليهما السّلام):
بدا بأوج العلى بدراً * وأخوته من أمه وأبيه انجم الأفق

ففي هذا البيت تلويح إلى الرّؤيا التّي رأتها أُمّ البنين قبل تزويجها بأمير المؤمنين: والقصة مشهورة.

15 - شعر يصف مؤازرة حامل اللواء أبا الفضل العبّاس بن أمير المؤمنين لأخيه الحُسين - سلام الله عليهم:
المجد مجدك يا ابن ساقي الكوثر * والفخر فخرك يا كريم العنصر
بك تفخر الدّنيا وكم قد طاولت * أبناء فهر فيك كل مظفر
قمر بك القمر المنير تلألات * أنواره وبدى بوجه نير
والفضل يشهد أنه لولاك لم * يعرف وما في النّاس عنه بمخبر
والسّيف يلمع في يديك ووقعه * يوم الوغى كالرّعد فوق المغفر
والرّمح تنظم فيه كل مدجج * والشّوس بين مجدل ومعفر
لله يومك وهو يوم ما له * مثل وكم مرت به من أعصر
يوم بوادي الطّف كم غنت به * الاجيال من غاد عليه ومبكر
هيهات ما انساك يوم تزاحفت * جند الضّلال على ابن طه الاطهر
وعليه قد سدوا الفضاء واجلبوا * للحرب كل مدرع مستنسر
فوقفت كالطّود الاشم مشمرا * عن ساعديك وكنت غير مذعر
نازلت جمعهم فكم لحسامك ال * ماضي تصاغر كل ليث قسور
ونثرت بالسّيف الصّقيل رؤوسهم * ونظمت اسدهم بصدر الاسمر
فرقت شملهم فكم من هارب * من حد سيفك في عماد محير
أمطرتهم عند النّزال صواعقا * فتركتهم صرعى بيوم ممطر
اني لاكبرفيك أعظم همة * دفعتك دوما للمحل الاكبر
ومواقفالك في الطّفوف كريمة * ومناقبا عظمت وان لم تحصر
وازرت يوم الطّف سبط مُحمّد * بمهند صافي الحديد مجوهر
بك لاذت الفتيات من عمرو العلى * يهتفن باسمك يا عظيم المحضر
لك تشتكى العطش الشّديد وانت * ذو البأس العظيم مظنة المستنصر
فابت لك النّفس الكريمة أن ترى * عطش الفواطم يا بن ساقي الكوثر
فحملت تقتحم الفرات مزمجرا * بالسّيف تضرب هامة المزمجر
وملكت بالسّيف الشّريعة وانتحى * عنها لهول لقاك كل غضنفر
فأبيت شرب الماء وابن مُحمّد * لهبت حشاشته بحر مسعر
هيهات انت اجل قدرا فالوفا * لك خصلة موروثة عن حيدر
لكن حملت الماء تضرب دونه * بالسّيف لم تملل ولم تتضجر
قاربت رحلك والطّغام تزاحفت * لك بالسّهام وبالظّبى والسّمهر
لولا المقادر ما استطاع مناضل * منك الدّنو ولم يكن بالمجتري
حسم القضاء يديك لكن بالذّي * جادت يداك على الهدى لم يشعر
أبكيك مقطوع اليدين معفرا * نفسي الفداء لجسمك المتعفر
ولرأسك المفضوخ والعين التّي * انطفأت بسهم في النّضال مقدر
فمشى الحُسين اليك يهتف يا اخي * افقدتني جلدي وحسن تصبري
أأخي ها فانظر بنات مُحمّد * تبكي عليك بلهفة وتزفر
هتفت وقد عز النّصير لشخصك * الغالي وكان هتافها بتحسر
هذا لواؤك من يقوم بحمله * بل من سيحفظ بعد فقدك معشري
جلل مصابك يا ابن والدّي الذّي * قد هد ركني بل أضاع تبصري
أشمت بي أعداي يا أوفى أخ * عندي به أقوى ويقوى عسكري
من للحمى من للعقائل اصبحت * حيرى ومن سيحن للطفل البري
لاخير بعدك في الحياة وقد غدى * عيشى لفقدك لا هنيء ولا مري
أبقيتني فردا أبا الفضل الذّي * ما كان عني قط بالمتأخر
وسبقتني للخلد فاهنأ بالذّي * أولاك ربك من نعيم أوفر

16 - وللشيخ حسون الحلّي هذه القصيدة:
رأى دمهُ للقنا منهلاً * وأوصالهُ للظّبا مرتعا
قطيع اليمين عفير الجبين * تشقّ النّصالُ لهُ مضجعا
أبدرَ العشيرةِ من هاشمٍ * أفلتَ وهيهاتَ أن تطلعا
فقدتكَ يابنَ أبي واحداً * ثكلت بهِ مضراً أجمعا
قصمت القرى وهدمت القوى * وأحنيت فوق الجوى الأضلعا
لقد هجعت أعينُ الشّامتين * واُخرى لفقدكَ لن تهجعا
أساقي العطاشى لقد كضّها ال * ظمأ فاستقت بعدكَ الأدمعا
حميتَ الظّعينةَ من يثربٍ * وأنزلتها الجانبَ الأمنعا
أبا الفضلِ ما لي مغيثٌ سواك * إذا الدّهرُ في صرفهِ جعجعا
وكيف يردّ دعائي الإله * وقد جئتهُ فيكَ مستشفعا
لم أنسَ ناصرَ دينِ اللهِ منفرداً * وفيهِ أحدقَ أهلُ الشّركِ والإحنِ
لهفي له مذ رأى العبّاس منجدلاً * فوقَ الصّعيدِ سليباً عافرَ البدنِ
نادى بصوتٍ يذيبُ الصّخرَ يا عضدي* ويا معيني ويا كهفي ومؤتمني
عباسُ قد كنتَ لي عضداً أصولُ به * وكنتَ لي جنّةً من أمنع الجننِ
عباسُ هذي جيوشُ الكفرِ قد زحفت * نحوي بثاراتِ يومِ الفتحِ تطلبني
كسرتَ ظهري وقلّت حيلتي وبما * قاسيتُ سرت ذوو الأحقادِ والضّغنِ
بقيتُ بعدكَ بينَ القومِ منفرداً * اُقلّب الطّرفَ لا حامٍ فيسعدني


17 - قصيدة للشاعر جابر الكاظمي:

أنت الكفيل

أنت الحديت ابناگتي وللطف جبتني

يالفارگتني عدمن عفتني

انت الحديت ابناگتي وللطف جبتني

* * *

انت الجبتني امن المدينه لكربله اوياك

شديت بيدك محملي ويرفرف الواك

طول الدّرب يابا الفضل ترعاني بحماك

تندهني عونچ بت علي لو ردت أنخاك

وين الزّمان اللي مضه وذيچ الليالي

وانفگد تالي خدري ودلالي

ودعت وياك الخدر يالودعتني

* * *

عباس عندك عايله تنتظرك اتعود

لن الخبر ليها وصل واليها مفگود

لو أدري من تطلع بعد ما ترجع اردود

ما چان خويه سلمت بيمينك الجود

راح الخدر يابا الفضل ومنين اجيبه

وآنه غريبه بوادي المصيبه

چم فاجعه وچم نايبه اخلافك دهتني

* * *

يوم المصونه ابمحملي وتحرسني ولياي

ويوم اشگف اسياط الشّمر خلتني دنياي

لاذيچ هيبة عزتي ولا ذلتي هاي

لو أدري چفك ينگطع ما أطلب الماي

يا خويه وسفه فارگك عني زماني

عگبك ولاني وسهمه رماني

صرت اكفل أيتام وحرم ياللي اكفلتني

* * *

للمشرعه جيت وشفت يمك الچفين

بالعمد صابوا هامتك والسّهم بالعين

ناديتك بصوتي وصحت وين اتجه وين

ما تدري يا خويه انذبح من بعدك حسين

وآنه البگيت امحيره ولا والي عندي

عفتوني وحدي من يحمي حدي

ابيا حاله من بعدك صرت يا من عفتني

* * *

شفتك صريع اعله النّهر وبصوتي ناديت

يا ريت شاطي العلگمي ما يجري ياريت

بين امشي يو يمك أظل محتاره ظليت

حنيت الك حن الإبل ولدمعي هليت

وامنين اجتني النّايبه وهاي الفجيعه

يم الشّريعه چفوفك گطيعه

چم نبله من گوس الدّهر بالطّف رمتني

بالگلب نارين اسعرت من جور الأيام

نارين نار امن الضّمه ونار امن الخيام

يا نار عگبك تنطفي ويا جرح يلتام

محتاره أجمع هالحرم لو أحرس أيتام

يا ريت گبلك يا گمر گطعوا يميني

وسهمك ابعيني إسمع ونيني

گوم آل اميه بكربله عگبك ولتني


18 - وللشاعر الكاظمي قصيدة أخرى:

يا أبا الفضل

تصرخ اطفال وخدّر ليش الكفيل اتأخَّر

واتحيَّرت يابا الفضل كل ساعه ينشدني طفل

ليش الكفيل اتأخَّر

* * *

آنه اختك لصوب النّهر صرخة حزن أرفعها صرخه وأظن تسمعها

عباس عندك عايله جور الدّهر ضيعها وجمر العطش لوَّعها

عطشانه تشرب بالدّمع والدّمع ما ينفعها مهما كثر مدمعها

ريتك يخويه تحضر بعينك تشوف المنظر

أطفال ظلت حايمه تنشدني من حر الظّمه

ليش الكفيل اتأخَّر

* * *

اشرحلك اخبار العطش واشخلفت نيرانه بالعايله العطشانه

بالخيمه شفت اول طفل يابس يخويه السّانه واتغيرت ألوانه

وثاني طفل عنك نشد ليش الگمر ينسانه ونشرب دمع خلانه

وثالث طفل يتحسر واعله الدّرب يتنظّر

ينشدني يا عمه اشعجب طال الوعد شنهو السّبب

ليش الكفيل اتأخَّر

* * *

يابا الفضل رابع طفل حيرني بالطّف امره ريتك يخويه اتنظره

هالطّفل صار امن العطش عالگاع يفرش صدره كل ظنه تطفه الجمره

ويگوم مسرع من يحس بهذا التّراب وحَرَّه ويعتب بصوت العبره

ظامي ولسانه اتفطّر وحتى الحچي ما يظهر

ايحاچيني بلسان الدّمع ما يدري بينه بياوضع

ليش الكفيل اتأخَّر

* * *

وخامس طفل يابا الفضل ما عنده صوت ايرفعه ولا يحچي حتى انسمعه

محنيه أمه اعله المهد للطفل تنظر وضعه تريد لطفلها اترضعه

يابس ثديها ونادته هاك ارضع امن الدّمعه عمك بعد شيرجعه

چبد الطّفل ظل يسعر وبيا صبر يتصبر

حتى الرّضيع البالمهد عنك يبو فاضل نشد

ليش الكفيل اتأخَّر

* * *

والنّوب طفله امدوهنه ومحتاره وگفت يمي زيدت حزني وهمي

اتناشدني عنك يا گمر يا ساعه يرجع عمي والعطش ذوب جسمي

عطشانه خلاني ومشه يا لوعتني ويا هظمي شيداوي گلبي المدمي

گلبي انجرح واتوجَّر واعله الصّبر ما أگدر

خلاني عمي ابهالأمل ما أدري شنهو اللي حصل

ليش الكفيل اتأخَّر

* * *

عباس وآنه من الصّبر عگبك تغير حالي كل ساعه حسبه ابّالي

ساعه يصورلي الأمل بالماي تتعنالي وترتوي گلوب اطفالي

وساعه يصور لي القدر جسمك صريع اگبالي واصرخ فگدنه الوالي

تاه الفكر واتحير يا حاله بالطّف تظهر

ضجت اعيالك بالخيم تنشدني اطفال وحرم

ليش الكفيل اتأخَّر

* * *

يابا الفضل گلبي علم لمخيمك ما ترجع چنك طحت بالمصرع

وحين اعتنيتك للنهر شفتك يخويه امگطع وگلبي عليك اتصدع

طحت اعله جسمك وامزجت دمك وفيض المدمع يابا الفضل هاك اسمع

جيتك يضنوة حيدر شفتك صريع اموذر

من جيت للشاطي وشفت ناديت هسّاع اعرفت

ليش الكفيل اتأخَّر


18 - وللشاعر الكاظمي قصيدة أخرى:
يا ابا الفضل
نصبت العيلتك صيوانها * مثل ما خانك زمانك خانها
گوم ياعباس من مصرعك گوم * هالحرم يمك على الشّاطي تحوم
تشوف جثتك صدگ غسلتها * الدّموم ونسج الها التّرب ثوب اكفانها
وبعد رادت يا گمر هاشم تشوف * صدگ من زنودك مگطعه الچفوف
اتگلك اگعد شوف غارات الصّفوف * واجت تشكيلك ظلم عدوانها
وبعد صاحت صوت يامنبع الزّود * لون ما ينصاب راسك بالمعمود
ماتجي الخياله وتدوس الحدود * ولا تشب خيامك بنيرانها
وعسكر ابن زياد عالثايه هجم * وبيده جتالك شعل نار الخيم
لون ما تنصاب عينك بالسّهم * ما تفر عيالك بوديانها
فوگ جسمك هون ربات الخدر * انهض لنخوتهن ولا تعتذر
چم شمر جاير عليها وچم زجر * والشّماته ما خطت نيشانها
صاحن ابمصرعك انهض يعباس * انچان عذرك بالعمد صوّب الرّاس
ظلع اخوك حسين بالحافر انداس * ونهض لاخته من سمع اشجانها
واحنه يا عبّاس اجينه انحشمك * وردنه باصوات الحنان انكلمك
انگلك الخيل اوصلت لمخيمك * ومن يرد عن الخيم فرسانها
تضن عگبك هاشمي ما منچتل * لا ولا واحد سلم حتى الطّفل
بالسّهم نحره انگطع يا ابا الفضل * والارواح انسلبت من ابدانها
ما بگه نغّار يحرس عيلتك * وسورها اتهدّم ابطيحت رايتك
عالوطيه اتوسدت كل اخوتك * والنّبوه انفجعت ابشبانها
عيلتك صابره وداست عالجمر * وابد ما ينقبل منك كل عذر
گوم باصرنه لون صار اليسر * من يرد عيالك لاوطانها


19 - وللشاعر الكاظمي قصيدة أخرى:

عباس يا بحر الزّود عبّاس هاك اخذ الجود

گوم انظر حالة ايتامك تنتظرك ظلت بخيامك

عباس يا بحر الزّود عبّاس هاك اخذ الجود

* * *

يا عبّاس آنه اختك زينب أشكيلك واسمع شكواي

اتعنيتك يا شيمة اهلي جيت وجبت العيله وياي

أطفال وخدَّر عطشانه كلها اتصيح الماي الماي

ينخاك گلبي المجروح ينخاك لخيامك روح

رضعان اتشاهد جدامك تنتظرك ظلت بخيامك

عباس يا بحر الجود عبّاس هاك اخذ الجود

* * *

يا عبّاس انظر حالتّنه عطشان ايلوذ ابعطشان

نفرض هاي الخدَّر تصبر لاچن شيصبر الرّضعان

وانظر عبد الله بيا حاله يتلاهب گلبه ابنيران

اطفال لا وين تروح اطفال تنحب وتنوح

صرخات اتهيِّج آلامك تنتظرك ظلت بخيامك

عباس يا بحر الزّود عبّاس هاك اخذ الجود

* * *

عباس اسمع صوت اطفالك چم طفله اتنوح وتنخاك

ما تدري اسكينه بيا حاله تنتظرك بالخيمه هناك

وابصوت الاحزان تنادي يا عمي اتعنيت وياك

بحماك يا عمي جيت بحماك يا سور البيت

خابن احلامي واحلامك تنتظرك ظلت بخيامك

عباس يا بحر الزّود عبّاس هاك اخذ الجود

* * *

يا عبّاس واصعب موقف موقف مثله ما شفناه

اطفالك واحد للثاني ايگله الشّاطي ذاك وياه

ساعه وعمنه يروح ابجوده وايجيب الماي ابيمناه

للماي مشبوحه عيون للماي منك يردون

اطفالك زهرة ايامك تنتظرك ظلت بخيامك

عباس يا بحر الزّود عبّاس هاك اخذ الجود

* * *

عباس اعيالك عطشانه وهذا الحال اصعب كل حال

يا خويه وشتشوف عيوني رضعان وخدر واطفال

لو اگدر اعصر دلالي واسگيها ابماي الدّلال

انخاك ما تعرف ليش انخاك حاطتنه الجيش

گوم احمي اعيالي ابصمصامك تنتظرك ظلت بخيامك

عباس يا بحر الزّود عبّاس هاك اخذ الجود

* * *

شال الجود وشال الرّايه والسّيف ايلوح ابيمناه

صنديد وهاج اعله الحومه شيصبره وزينب تنخاه

سيطر عالشّاطي وفرسانه وفرَّت من بين ايده عداه

نادوه گوم العدوان نادوه رد الصّيوان

خل اختك تنطيك اوسامك تنتظرك ظلت بخيامك

عباس يا بحر الزّود عبّاس هاك اخذ الجود

* * *

ذل الحومه وأدّه الواجب ضحّه ابروحه لأجل الدّين

صابوا سهمين ابو جدانه سهم الجود وسهم العين

وبالعامود اتصوب هامه وانگطعت منه الچفين

نادوه سيفه والجود نادوه لخيامك عود

عيالك يالمتصوب هامك تنتظرك ظلت بخيامك

عباس يا بحر الزّود عبّاس هاك اخذ الجود


19 - وللشاعر الكاظمي قصيدة أخرى:

يا عبّاس أنت المسؤول

وعدك وينه وعدك وينه صاحت زينب، وعدك وينه

يا عبّاس انته المسؤول عن هذا الموقف شتگول

وعدك وينه وعدك وينه صاحت زينب، وعدك وينه

* * *

يا عبّاس أنت الكافلنه وانت الضّيغم والصّنديد

جيت اشرحلك حال عيالك عطشانه وللماي تريد

اطفالك ما تگدر تصرخ صارت توميلك بالايد

وهذا الشّاطي اگبال خيامك لا لتگول الشّاطي ابعيد

لتخلينه، لتخلينه بهذا المقوف لتخلينه

تتراجف منك هالجيش صابر عن هالموقف ليش

وعدك وينه، وعدك وينه صاحت زينب، وعدك وينه

* * *

كلسا طفله اتمر اگبالي توگف يمي وتحچي اوياي

ما أفهم منها اشما تحچي ولا أسمع بس چلمة ماي

منهو ايصبر هاي الطّفله حاچيني وباصرني براي

تگعد لو تطلع للشاطي ابكيفك ظلت يمك هاي

يا والينه، يا والينه بيدك جودك يا والينه

أنت العارف والحساس ظلت يمك يا عباس

وعدك وينه، وعدك وينه صاحت زينب، وعدك وينه

* * *

ما أشرحلك حال الخدّر اشرح بس حال الأطفال

طفلين من اطفالك وگفوا يحچون ابمدمع همال

واحد ينشد من الثاني شتگول أنت بهذا الحال

يطلع عمنه الماي ايجيبه لو نبگه ابجمر الدّلال

يعلم بينه، يعلم بينه شاف الحاله ويعلم بينه

خل نطلع يم عمنه نروح ونگله ابمدمع مسفوح

وعدك وينه، وعدك وينه صاحت زينب، وعدك وينه

* * *

خل اترك حالة اطفالك واشرحلك حال الرّضعان

كلسا اسمع واحد يصرخ وأمه تحاچيه بأحزان

هاك ارضع من دمعة عيني وحتى المدمع هم خلصان

ظلت يم عمك يوليدي بس هوّه اليروي العطشان

شبحت عينه، شبحت عينه حتى اليرضع شبحت عينه

ما عنده لسان ايحاچيك بلسان الدّمعه ايناديك

وعدك وينه، وعدك وينه صاحت زينب، وعدك وينه

* * *

يا عبّاس وإلمن تصبر من صبرك شنهو المريود

بيدك هذا الجود الخالي ابلا ماي اشينفع هالجود

هذا الشّاطي اگبالك يجري والمثلك ميريد اشهود

ريتك سالم ترجع النّه ولخيامك بالماي اتعود

واتروينه، واتروينه ترجع سالم واتروينه

راح انظل ابها الآمال واتذكر كل صوت الگال

وعدك وينه، وعدك وينه صاحت زينب، وعدك وينه

* * *

شال السّيف وهاج وأغضب والرّايه اترف اعله الرّأس

صارت ضجّه ابباب اخيامه وحده اتحذره من الأرجاس

وحده اتحب اچفوفه اتگله لا تتأخر يا عباس

وحده تصيح ارجع يا عمي لا توليك أشرار النّاس

لوظلينه، لو ظلينه بهاي الحاله لو ظلينه

بس دمعات العين تسيح كلسا يسمع طفله تصيح

وعدك وينه، وعدك وينه صاحت زينب، وعدك وينه

* * *

بزودك من توصل للشاطي يا عبّاس اذكرنه اهناك

بس ما تترس جودك ارجع لخيامك والماي آوياك

اطفال وخدر تنتظرك ما تگدر تحمل فرگاك

اسرع للأطفال ابجودك واسگيها الماي ابيمناك

رد اعلينه، رد اعلينه جيب الماي ورد اعلينه

يا عبّاس وشنهو الماي ما نطلب أكثر من هاي

وعدك وينه، وعدك وينه صاحت زينب، وعدك وينه


19 - وللشاعر الكاظمي قصيدة أخرى:

شجاعة العبّاس (عليه السّلام)

حي عبّاس رمحه الجثث زرگها بيض وسمر سم الرّمح زرگها

* * *

يلذع بالرّمح مرهب يذب اسموم وبسيفه يصب الگدر والمحتوم

هز الرّمح من أرمگ جبيله الگوم من هزته اعجود املوحه طگها

* * *

طگ اعجود رمحه وهاج بيه الباس عبّاس ونعم من گال حي عباس

ماس وچسب چاس من الوغه ونوماس غانم والمغانم عزمه طوگها

* * *

فاعي ولو نفر منه امحرب ميفوت واللي فات لتظن ما يلوحه الموت

ملچ الموت رافگ مرهف المنعوت وأرواح الزّلم برهيفه علگها

* * *

عكوبس وبرهيفه اتعلگت أرواح گدر روح كل مجبل وروح الرّاح

صياح ويخرس حومته لو صاح حگها لو تظل املجلجه حگها

* * *

من صاح أبو جهه لسانها اتلجلج صول على الجيمه وغدت تتموج

صاح الله أكبر والحرب يرتج صيحه ابصيحة الكرار واشگها

* * *

أعله بن ود كبًّر الكرار بالخندگ لا چن شوف حامي امخدرات الحگ

بسبعين ألف عمر بكربله امطوگ وايذچِّر أعداء ابيوم خندگها

* * *

حي عبّاس لاح بصهوة الأدهم غضب وأعله الملاحم أرعد ودمدم

خله الغاضريه تموج من الدّم خنياب وطفح والموج غرّگها

* * *

هذا اليوم جيثوم الحرب يومه طوّجها وفنه وشلع الملزومه

خلاها شتت واختلّت الحومه شراذيب انفرت والموت لا حگها

* * *

عالصّوّال صال وعاف كل شارد حيث الموت لنّه حصة المارد

زم بيده المزاده وللنهر رايد وحافر مهره للجيمان يسحگها

* * *

عگب ما ملك ماي المشرعه الصّنديد مله الرّاوية وسدّر للخيام يريد

لن تتنطره الگوم ابهنادي وميد وأبحد الشّريعة اتحوم سبّگها

* * *

كل همه يرد بالماي لخيامه واشباح المنايه اتلوح جدّامه

چالهزبر رعد وابچفه صمصامه وصيحاته رعيد الموت رافگها

بالذّابل غزاها وذبل عود الحيل فناها وذل عجيدتها ونشبها الويل

ليل أصبح ضحاها من عجاج الخيل وبليل الچتام انحجب درنگها

* * *

انحدر شبه العگاب اللي يشگ الرّيح طوح بالنّفوس أعله الحتف تطويح

غضب وايرجّف المسكون من ايصيح ورگاب الاعادي دموم دفّكها


19 - وللشاعر الكاظمي موال في مصاب العبّاس (عليه السّلام):

من حين طاح العلم محد حمل ذابله

وصمصامك أعله الأرض چفك وسف ذابله

مصابك لون بالصّخر چان الصّخر ذابله

نصين يا با الفضل گلبي انجسم وأنطر

من هظم جدواك مذهول العگل وأنطر

ظليت اتانيك عيني أعله الدّرب وأنطر

وبكتري أطفال من حر العطش ذابله


19 - قصيدة للشاعر الأستاذ الأديب المرحوم عبد الحُسين أبو شبع"رحمه الله":
شاراته عبّاس البطل شاراته كل عصر كل دور
تاريخه مذكور ويّه آل بني أمّيه سطرته نقديّه

مثل ما چان ابحياته العِده
موحشه او مِن سيفه جزعت أشدّ حمّايت المصايب

امن سيفه او رايه واليوم كبره شارات ومناقب
بحضرته حل المشاكل باسمه تسهل المصاعب

مثل ما چان ابحياته العِده ما تگدر تقارب
چذب ما واحد براسه يحلف او حتّى النّواصب
لو حصل واحد من بعض هاي النّاس

العايز تجارب خل يجرب لا باس
شعنده مشاكل يعتني للعبّاس

من حضرته يطلع او مرفوع الرّاس
چم معجزه و آيه الحضرته او نبراس

بيه اعترف كل عبقري او كل حسّاس
شفناهه واسمعناهه واقريناهه مِن ذيچ الأدوار

عبّاس حيّ ابحاضره او ماضيّه لليوم الأنوار
لوَن ما هل القصّه تنحلّ چان علگته العشاير

او ما نقص بسنه وسنتين اتصير غارات
مؤتمر نصبوا بذاك العهد والتّفكير حاير

استجوبوا أُمّ الجنين و حچت بلّي صاير
وزوجهه الشّرعي سببهه استجوبوه او لنّه ناكر

گالتّ گصد زوجي ابشرعه أغراني
من بعد هجرانه لي وهجراني

ما وافقت أدريه لن يبلاني
منه اطلبت أعظم طفل انطاني

عبّاس أبو فاضل او ينساني
إخذو واخذوني الكفيله العبّاس

ابن ابو الحملات يكشف الغدرات صاحب الشّارات

حرّه وعفيفه وكل ذنِب ما بيهه
مشكله وتريد حلهه اگبال حلّال المشاكل

إشكثر راح تروح ناس إمن العشاير
إتقدّمت أُمّ الجنين الحضرته والدّمع هامل

هلهلت أُمّ الجنين او بچّت النّاس الهلاهل
نادته انت الكفيل وهذا يومك يبو فاضل

والنّاس بالحضره بگت محتاره
شنهي الهلاهل والدّمع يتجاره

او جرت الحرّه الزّوجهه إمن اكتاره
الشّبّاچ شبل الوصي او حامي جاره

اتلجلج او نِكر ظلّ امصرّ بانكاره
او عبّاس للمنكر سلب افكاره

إبسطره او رفس والشّافته زوّاره
من لطش عالحايط ابسطرة عبّاس

او من نجي إلبعض المناقب والأخبار التّروي
إشسمعت بامّ الجنين اللي حچه الطّفل إبّطنهه

والجنين اشلون يحچي معجزه والعجب منه
لوَن ما عبّاس يطفي نارهه العلگت فتنتهه

چا بُگت نار المذابح توج الهذا زمنهه
ها المشكله وصلت لعد راعي الجود

وانحلّت ابحضرته وللقصّه شهود
واشلون يحچي وبالذّي مو مولود

خمدت الفتنه او جعل للحگ حدود

20 - قال الخطيب الشّيخ مُحمّد عليّ اليعقوبي قصيدة مهمّة في رثاء العبّاس (عليه السّلام)، نورد منها هذه الأبيات:
إذا ركعَ السّيفُ في كفّه * هوت هامُهم سجّداً ركعّا
وحولَ الشّريعةِ تحمي الفرات * جموعٌ أبى البغيُ أن تُجمعا
وآبَ ولم يُروَ من شربةٍ * وجرّعهُ الموتُ ما جرّعا
فخرّ على ضفّةِ العلقمي * صريعاً فأعظم بهِ مصرعا
فما كان أشجى لقلبِ الحُسين * وآلمَ منهُ ولا أفظعا

21 - شاعر الإسلام الأكبر الكُمْيت الأسدي فقد انطبع حبّ أبي الفضل في أعماق نفسه، وقد تعرّض لمدحه في إحدى هاشمياته الخالدّة قال:
وأبو الفضل إنّ ذكرهم الحلو * شفاء النّفوس من أسقام

22 - قال الكاتب عادل الكاظمي: قصيدة في رثاء أبي الفضل العبّاس عليه السّلام لأبي اسماعيل العلوي من شعراء القرن الثالث الهجري وقد شطرها العلامة الشّيخ مُحمّد عليّ الأوردبادي رحمه الله وأنا بدوري شطرت ابيات الاوردبادي رحمه الله وإليك الجميع:
قال العلوي رحمه الله وهو يرثي جده العبّاس بن عليّ بن أبي طالب عليهما السّلام:

أحقُّ النّاس أن يُبكى عليه * فتى أبكى الحُسين بكربلاء
أخوه وابن والدّه علي * أبو الفضل المضرج بالدّماء
ومن واساه لا يثنيه شيء* وجاد له على عطش بماء

وقد شطرها العلامة مُحمّد علي الاوردبادي رحمه الله فقال:
)أحق النّاس أن يبكى عليه) * بدمع شابه علق الدّماء
بجنب العلقمي سري فهر * ( فتى أبكى الحُسين بكربلاء(
)أخوه وابن والدّه علي) * هزبر الملتقى رب اللواء
صريعاً تحت مشتبك المواضي* (أبو الفضل المضرج بالدّماء(
)ومن واساه لا يثنيه شيء) * عن ابن المصطفى عند البلاء
وقد ملك الفراتَ فلم يذقه * (وجاد له على عطش بماء(

وقد شطّرتُ أبيات الاوردبادي رحمه الله فجاءت:
(أحقُّ النّاسِ أنْ يُبكى عليه) * ويُنعى في الصّباحِ وفي المساءِ
فتجري العينُ من قلبٍ مُذابٍ * (بدمعٍ شابَهُ عَلَقُ الدّماء)
(بجنبِ العلقميِّ سَريُّ فهرٍ ) * سليلُ المرتضى رمزُ الفداء
وقد أشجى الملائكَ في مصابٍ * (فتىً أبكى الحُسين بكربلاءِ)
(أخوهُ وابنُ والدّه عليٍّ) * مُبيدُ عِداتهِ عند اللقاءِ
وإنْ حَمي الوطيسُ فمن سواهُ * (هِزَبْرُ الملتقى ربُّ اللواء؟)
(صريعاً تحت مُشْتَبَكِ المواضي)* ليسقي بالدّما دَوْحَ الاباءِ
إذا انتسب الابا أولاه فخراً * (أبو الفضل المضرَّجِ بالدّماءِ)
(ومن واساهُ لا يُثنيهِ شيءٌ) * وإن مالتّ به كفُّ القضاءِ
يجود بروحه ويذبُّ قُدْماً * (عن ابن المصطفى عند البلاءِ)
(وقد مَلَكَ الفراتَ فلم يذقْهُ) * وسُحْبُ الموتِ مُجْزِلَةُ العَطاءِ
كفى العبّاس إذ واسى حسيناً * (وجادَ له على عطشٍ بماء)

23 - من الشّعراء الملهمين الذّين هاموا بشخصية أبي الفضل (عليه السّلام) هو حفيده الشّاعر الكبير الفضل بن مُحمّد بن الفضل بن الحسن بن عبيد الله بن العبّاس فقد قال:

إني لأذكر للعبّاس موقفه * بكربلاء وهام القوم يختطف
يحمي الحُسين ويحميه على ظمأٍ * ولا يولّي ولا يثني فيختلف
ولا أرى مشهداً يوماً كمشهده * مع الحُسين عليه الفضل والشّرف
أكرم به مشهداً بانت فضيلته * وما أضاع له أفعاله خلف

وصوّرت هذه الأبيات شجاعة أبي الفضل (عليه السّلام) وما قام به من دور مشرق يدعو إلى الاعتزاز والفخر في حماية أخيه أبي الأحرار، ووقايته له بمهجته، وسقايته له ولأفراد عائلته وأطفاله بالماء، فلم يكن هناك مشهد أفضل ولا أسمى من هذا الموقف الرّائع الذّي وقفه أبو الفضل مع أخيه أبي عبد الله (عليه السّلام) … وقد استولت مواقف أبي الفضل على حفيده الفضل فهام بها ورثاه بذوب روحه، وكان من رثائه له هذه الأبيات الرّقيقة:
أحق النّاس أن يبكى عليه * فتى أبكى الحُسين بكربلاء
أخوه وابن والدّه علي * أبو الفضل المضرّج بالدّماء
ومن واساه لا يثنيه شيء * وجادله على عطش بماء

نعم إن أحق النّاس أن يمجد ويبكى على ما حلّ به من رزء قاصم هو أبو الفضل رمز الإباء والفضيلة، فقد رزأ الإمام الحُسين (عليه السّلام) بمصرعه، وبكاه أمرّ البكاء لأنّه فقد بمصرعه أبرّ الإخوان، وأعطفهم عليه.
وقال في العبّاس عليه السّلام أيضاً:
أمسند ذاك اللوا صدره * وقد قطعت منه يمنى ويسرى
لثنيت جعفر في فعله * غداة استضم اللوا منه صدرا
وأبقيت ذكرك في العالمين * يتلونه في المحاريب ذكرا
وأوقفت فوقك شمس الهدى * يدير بعينيه يمنى ويسرى
لئن ظل منحنيا فالعدى * بقتلك قد كسروا منه ظهرا
وألقوا لواه فلف اللواء * ومن ذا ترى بعد يسطيع نشرا
نأى الشّخص منك وأبقى ثناك* إلى الحشر يدلج فيه ويسرى


24 - للخطيب المصقع الشّيخ حسن بن مُحمّد أبو الحبّ الكبير هذه القصيدة البليغة، وندرج منها هذه الأبيات:
إذا كانَ ساقي الحوضِ في الحشرِ حيدرٌ * فساقي عطاشى كربلاء أبو الفضلِ
على أنّ ساقي النّاس في الحشرِ قلبه * مريعٌ وهذا بالظّما قلبهُ يغلي
جزى اللهُ عنهم في المواساةِ عمّهم * (أبا الفضلِ) خيراً لو شهدت أبا الفضلِ
وقفتُ على ماءِ الفراتِ ولم أزل * أقولُ لهُ والقولُ يحسنهُ مثلي
علامكَ تجري لا جريتَ لواردٍ * وأدركتَ يوماً بعضَ عاركَ بالغسلِ
إذ أنشقت أكبادُ آلِ مُحمّد * لهيباً ولا ابتلّت بغلٍّ ولا نهلِ
لقد كانَ سيفاً صاغهُ بيمينه * (عليٌّ) فلم يحتج شباه إلى الصّقلِ
يميناً بيمناك القطيعة والتّي * تسمّى شمالاً وهي جامعةُ الشّملِ
إذا عُدّ أبناءُ النّبيِّ مُحمّد * رآهُ أخاهم مَنْ رآه بلا فصلِ
بصبركَ دونَ ابن النّبي بكربلا * على الهولِ أمرٌ لا يحيطُ بهِ عقلي
ولم أرَ ظامٍ حولهُ الماءُ قلبه * ولم يروي منهُ وهو ذا مهجةٍ تغلي
أخي كنتَ لي درعاً ونصلاً كلاهما * فقدتُ فلا درعي لديّ ولا نصلي
ليَ الله فردا ً كلّ حزبٍ مُحاربي * فلا صحبي دوني تذبّ ولا أهلي
مضى كلهم عني سِراعاً إلى الفنا * فهاهم بلا دفنٍ أراهم ولا غسل ِ
أخي أنجُمُ السّعدِ التّي أنت بدرُها * تهاوت أفولا ً في بروجٍ من الرّمل ِ
فلا نجم للساري ولا نار للقِرى * ولا كهفَ للاجي ولا خصب للمحل ِ
أخي قاتلي وجدي بكم غير أنني * أرى دون ما ألقاه من بابكم قبلي
لئن كان سهلا ً ما لقيتَ من الرّدى * عليك فما حملي فراقكَ بالسّهل ِ
أخي لم تنل ما رمت في مدها يدي * ولا بلغت بي ما أحاوله رجلي
فها أنا كالمرمي في البحر لم يزل * تقلبه الأمواج مقلا ً على مقل ِ
كفى الطّير وهنا ً بعد قصّ جناحِهِ * إذا اغتال يوما ً ريشة الدّهر بالنّبل ِ.

25 - وبهر مُحمّد الحُسين كاشف الغطاء (رحمه الله) بشجاعة أبي الفضل فقال فيه قصيدته العصماء:
وتعبس من خوف وجوه أميّة * إذا كرّ عبّاس الوغى يتبسّم
عليم بتأويل المنيّة سيفه * تزول على من بالكريهة معلم
وان عاد ليل الحرب بالنّقع أليلا * فيوم عداه منه بالشّر أيوم

26 - وللشاعر الشّيخ حسن قفطان هذه الأبيات:
هيهات أن تجفو السّهادَ جفوني * أو أنّ داعيةَ الأسى تجفوني
أنّى ويومُ الطّفِّ أضرمَ في الحشا* جذواتِ وجدٍ من لظى سجّينِ
يومٌ أبو الفضلِ استفزّت بأسَه * فتيانُ فاطمَ من بني ياسينِ
حتى إذا قطعوا عليهِ طريقه * بسدادِ جيشٍ بارزٍ وكمينِ
حسموا يديهِ وهامهُ ضربوهُ في * عمدِ الحديدِ فخرَّ خيرُ طعينِ
ومشى إليهِ السّبطُ ينعاهُ كسر * تَ الآنَ ظهري يا أخي ومعيني
عباسُ كبشُ كتيبتي وكنانتي * وسريُّ قومي بل أعزُّ حصوني
يا ساعدي في كلّ معتركٍ به * أسطوا وسيفَ حمايتي بيميني
لمَنْ اللوا أعطي ومَنْ هو جامعٌ * شملي وفي ضنكِ الزّحامِ يقيني
لكَ موقفٌ بالطّفّ أنسى أهلَه * حربَ العراقِ بملتقى صفّينِ
فمَنْ مبلغٌ أُمّ البنينَ رسالةً * عن والهٍ بشجائهِ مرهونِ
لا تسأل الرّكبانَ عن أبنائِها * في كربلاء وهم أعزّ بنينِ
تأتي لأرضِ الطّفِّ تنظرُ ولدها * ثاوينَ بين مبضّعٍ وطعينِ

27 - نظم الشّاعر الأديب السّيد سلمان هادي آل طعمة حول العبّاس (عليه السّلام) هذه الأبيات:
جرى القضا وأي خطبٍ قد جرى * فهدّ من ساقي عطاشى كربلا
لم أنسهُ يدعو أخاه السّبط هل * من شربةٍ أسقى بها على الظّما
خاضَ غمارَ الموتِ وهو باسمٌ * وعبّسَ القومُ وفرّوا مذ سطا
صالَ أبو الفضلِ على أعدائه * صولةَ ليثٍ في عراصِ نينوى
قضى بجنبِ العلقمي ظامياً * وذادَ عن ماءِ الفراتِ ما ارتوى
حزّ أبيّ الضّيمِ عن جوادهِ * مقطّع الأعضاءِ مسلوبَ الرّدا
مادت لرزئهِ السّماواتِ العلا * وزلزلَ الكونُ وضجّت الملا
يا وقعةَ الطّفِّ وما أعظمها * من وقعةٍ دهماءَ أورت الحشا

28 - وللشاعر السّيد مهدي الأعرجي هذه الأبيات في رثاء أبي الفضل العبّاس (عليه السّلام):

تاللهِ لا أنسى (أبا الفضل) الذّي * بحسامهِ الموتُ الزّؤامُ مجسّمُ
يسطو عليهم كالهزبرِ بسيفهِ * فتراهُ يهدرُ مغضباً ويدمدمُ
يرمي الشّرارَ حسامهُ فتخالها * شُهباً لشيطانِ الكريهةِ يرجمُ
حتى إذا ملكَ الفراتَ بسيفهِ * وفؤادهُ بلظى الظّما يتضرّمُ
فأرادَ منهُ الشّربَ لكن صدّهُ * عن شربهِ الأمرُ الأهمُّ الأعظمُ
وغدا يلومُ النّفسَ منهُ قائلاً * تَردينهُ وعلى الحُسين يُحرّمُ
يا نفسُ هوني بعدهُ فلو انّ مَنْ * في الكونِ يفنى وابنُ أحمدَ يسلمُ
أردوهُ مقطوعَ اليدينِ على الثرى* والرّأسُ منهُ بالعمودِ مهشّمُ
فأتى إليهِ السّبطُ يندبُ قائلاً * والظّهرُ حزناً كادَ منهُ يقصمُ
يا مالكاً صدرَ الشّريعةِ إنّني * لقليل عمري في بكاكَ متمّمُ

29 - وورد في أبي الفضل العبّاس شعر لمّا برز إلى الميدان:
جاها ايتحدر حي هالشّوف * كنّه سهم نافذ بلصفوف
ما يندفع برماح واسيوف * واِحسين عينه تنظره اتشوف
اينادي اُودمع العين مذروف * اُو قلبه على العبّاس ملهوف
تسلم يبو فاضل هلكفوف
الخيل جاها اُوكل من اهتال * اُولبطال دوّسها بلبطال
اُوجدّل فوارسها على اتلال * اُو قال البعض لا بعضهم قال
خلّوه يشرب ماي لزلال * وإلاّ فنى أوّل مع التّال
ولاحد كفو ايفعل هلفعال * إلاّ علي خوّاض لهوال
زبرها من اجنوب اُوتعلّت * اُورادت تطير اُولا اندلّت
اُوطبّق عليها يوم حلّت * عساها يمين ما اشتلّت
بين المواضي والأسنّه * فارس يهاب الموت منّه
واحد شديد ايسايلنه * اُو نشدوه ويش هو طالبنا
اِنكان للماء قاصدنه * خلّوه يشرب ويتهنا
وإلاّ ترى يفني جمعنا
اِنكان هذا إلاّ نزاله * الله الكافي من مجاله
هذا الموت نازل لا محاله* قل لبن سعد ايشد رحاله
واِنكان ايقول إلاّ ولالا * يبرز له اينظر اَفعاله
بانشوف مكره واحتياله * العبّاس ما يرجع محاله
لو تقطع ايمينه معْ شماله * يها لناس عذروه ابفعاله
محروق قلبه اعلى اَطفاله
صوّل أبو فاضل الضّرغام * اُورج العراق اُوزلزل الشّام
والرّايات نكّسها ولعلام * ويزيد من فوق التّخت قام

30 - وأنشده السّيد مُحمّد عليّ الغريفي بقوله:
ابكيه حيران مقطوع اليدين بلا * جرم سوى انه بالحق قد صدعا
والسّهم بالعين قد أوهى عزيمته * وللثرى من عمود البغي قد ركعا
وراح يهتف بابن المصطفى ولها * ادرك أخاك فكأس الموت قد جرعا
فجاءه السّبط كالطّير الذّي انكسرت * منه الجناحان لا يقوى اذا ارتفعا
يصيح قد طال منى يا اخي جزعي * وكنت قبلك لما اعرف الجزعا
أطلت مني اذا لاح الدّجى سهري * لكن عدوي وقد فارقتني هجعا
أخي من لبنات المصطفى وبمن * يلذن بعدك اذ داعي الحفاظ دعا
من لليتامى ومن للارملات اذا * أصبحن نهبا لمن في النّهب قد طمعا
كسرت ظهري وجذت مذ قضيت يدي* وكنت درعا به لا زلت مدرعا
ما كنت أحسب ترضى بالنّعيم ولي * دارت خطوب وناعي البين في نعا
فاذهب سعيدا لجنات الخلود فلا * اقول الا هنيئا دائما ولعا

31 - وللسيد الغريفي قصيدة أخرى:
من كالزّكي أبي الفضل الذّي ملكت * ماء الفرات يداه حينما اندفعا
ولم يذق برد طعم الماء حين رأى * عنه ابن بنت رسول الله قد منعا
قيل ابن مامة قلت اخسأ فذاك أما * لو أدرك الماء لم يتره بل كرعا
ابكيه حين رأى فردا أخاه ومن * فرط الظّما أصبحت احشاؤه قطعا
وكل طفل به قد راح من ظمأ * يصيح واللون منه عاد ممتنعا
مناظر الهبت احشاءه وغدى * لهولها منه ركن الصّبر منصرعا
فاستل مخذمه وانصاع يرفل في * ثوب الحديد ومنه القلب ما هلعا
يستقبل القوم فردا لا يهاب وفي * ماضيه للعيش ما أبقى لهم طمعا
أفناهم بشبا الهندي فانقشعوا * عنه وعاد له الميدان متسعا
سقاهم الموت قسرا حينما حسبوا * ان الفرات عليه بات ممتنعا
عليهم هو مهما شد خلتهم * مثل الحمام عليها الصّقر قد وقعا
مهما ادلهمت خطوب الحرب كان ابو* الفضل السّميدع بدرا في الوغى سطعا
بسيفه ملك الماء الفرات وكم * من الرّؤوس على شطآنه قطعا
وراح يغرف في كفيه بارده * وقلبه لاخيه السّبط قد خشعا
هيهات ما ذاق منه قطرة ورأى * أمامه عطش المظلوم فامتنعا
وراح يحمل للاطفال قربته * كالليث في حمل أعباء الوغى اضطلعا
أفنى الطّغاة وكم أبقى بمخذمه * منهم جليدا على البوغاء قد طبعا
افناهم بشبا عضب له ذكر * من عزمه لفناء الصّيد قد طبعا
لولا القضاء لافناهم ولابن ابي * سفيان لم تلق منهم واحدا رجعا

32 - وللسيد الغريفي قصيدة أخرى:
المجد مجدك يا ابن ساقي الكوثر * والفخر فخرك يا كريم العنصر
بك تفخر الدّنيا وكم قد طاولت * أبناء فهر فيك كل مظفر
قمر بك القمر المنير تلألات * أنواره وبدى بوجه نير
والفضل يشهد أنه لولاك لم * يعرف وما في النّاس عنه بمخبر
والسّيف يلمع في يديك ووقعه * يوم الوغى كالرّعد فوق المغفر
والرّمح تنظم فيه كل مدجج * والشّوس بين مجدل ومعفر
لله يومك وهو يوم ما له * مثل وكم مرت به من أعصر
يوم بوادي الطّف كم غنت به * الاجيال من غاد عليه ومبكر
هيهات ما انساك يوم تزاحفت * جند الضّلال على ابن طه الاطهر
وعليه قد سدوا الفضاء واجلبوا * للحرب كل مدرع مستنسر
فوقفت كالطّود الاشم مشمرا * عن ساعديك وكنت غير مذعر
نازلت جمعهم فكم لحسامك ال * ماضي تصاغر كل ليث قسور
ونثرت بالسّيف الصّقيل رؤوسهم * ونظمت اسدهم بصدر الاسمر
فرقت شملهم فكم من هارب * من حد سيفك في عماد محير
أمطرتهم عند النّزال صواعقا * فتركتهم صرعى بيوم ممطر
اني لاكبرفيك أعظم همة * دفعتك دوما للمحل الاكبر
ومواقفالك في الطّفوف كريمة * ومناقبا عظمت وان لم تحصر
وازرت يوم الطّف سبط مُحمّد * بمهند صافي الحديد مجوهر
بك لاذت الفتيات من عمرو العلى* يهتفن باسمك يا عظيم المحضر
لك تشتكى العطش الشّديد وانت * ذو البأس العظيم مظنة المستنصر
فابت لك النّفس الكريمة أن ترى* عطش الفواطم يا بن ساقي الكوثر
فحملت تقتحم الفرات مزمجرا * بالسّيف تضرب هامة المزمجر
وملكت بالسّيف الشّريعة وانتحى* عنها لهول لقاك كل غضنفر
فأبيت شرب الماء وابن مُحمّد * لهبت حشاشته بحر مسعر
هيهات انت اجل قدرا فالوفا * لك خصلة موروثة عن حيدر
لكن حملت الماء تضرب دونه * بالسّيف لم تملل ولم تتضجر
قاربت رحلك والطّغام تزاحفت * لك بالسّهام وبالظّبى والسّمهر
لولا المقادر ما استطاع مناضل * منك الدّنو ولم يكن بالمجتري
حسم القضاء يديك لكن بالذّي * جادت يداك على الهدى لم يشعر
أبكيك مقطوع اليدين معفرا * نفسي الفداء لجسمك المتعفر
ولرأسك المفضوخ والعين التّي * انطفأت بسهم في النّضال مقدر
فمشى الحُسين اليك يهتف يا اخي* افقدتني جلدي وحسن تصبري

33 - أسد الطّف:
عجزت كتاباتي ونطقي واصفا قمر العشيرة أبن خير ٍ حازم ِ
ما أعظم الشّجعان عند لقاءهم بعدوّهم كالصّقر فوق حمائم ِ
عشق لهم نحو الرّدى وسيوفهم والموت عند نفوسهم كتوائم ِ
أنت الشّجاعة يا أبا الفضل الذّي أردى بيوم الطّف شرّ عمائم ِ
أهل الشّجاعة بدرهم بعد النّبي ووصيّه العبّاس حصنُ فواطم ِ
أسد ٌ, تخصّل بالشّجاعة وارثا ً من والدّيه ِ قوّة ً بعوازم ِ

34 - هام الشّاعر العلوي السّيّد راضي القزويني بشخصية أبي الفضل (عليه السّلام) حيث قال:

أبا الفضل يا مَنْ أسسَ الفضلَ والإبا * أبى الفضلُ إلاّ أن تكون له أبا
تطلّبتَ أسبابَ العُلا فبلغتها * وما كلّ ساعٍ بالغٌ ما تطلّبا
ودون احتمال الضّيمِ عزٌّ ومنعةٌ * تخيّرت أطرافَ الأسنّةِ مركبا
وقفتَ بمستنِّ النّزالِ ولم تجد * سوى الموت في الهيجا من الضّيمِ مهربا
إلى أن وردت الموتَ والموتُ عادة * لكم عرفت تحتَ الأسنّةِ والظّبا
بنفسي الذّي واسى أخاه بنفسه * وقام بما سنّ الإخاءُ واوجبا
ولم أنسه والماء ملّ مزاده * يقلّبُ طرفَ الطّرفِ شرقاً ومغربا
ما ذاقَ طعمَ الماءِ وهو بقربه * ولكن رأى طعمَ المنيّةِ أعذبا

35 - للسيد جعفر الحلّي قصيدة عصماء في رثاء العبّاس (عليه السّلام) طالما يردّدها الخطباء في مجالسّهم، ولقد جاء في بعضها:
وقعَ العذابُ على جيوشِ أميّةٍ * من باسلٍ هو في الوقائعِ معلمُ
عبست وجوهُ القومِ خوفَ الموتِ * والعبّاس فيهم ضاحكٌ متبسّمُ
أوَ تشتكي العطشَ الفواطمُ عنده * وبصدرِ صعدتهِ الفراتُ المفعمُ
قلبَ اليمينَ على الشّمالِ وغاصَ في ال* أوساطِ يحصدُ للرؤوسِ ويحطمُ
ولو استقى نهرَ المجرّة لارتقى * وطويلُ ذابلهِ إليها سلّمُ
لو سدّ ذو القرنينِ دون وروده * نسفتهُ همّتهُ بما هو أعظمُ
في كفّهِ اليسرى السّقاء يقلّهُ * وبكفّهِ اليمنى الحسامُ المخذّمُ
بطلٌ إذا ركبَ المطهمَ خلتهُ * جبلٌ أشمُّ يخفُّ فيهِ مطهّمُ
ما شدّ غضباناً على ملمومةٍ * إلاّ وحلّ بها البلاءُ المبرمُ
قسماً بصارمهِ الصّقيلِ وإنني * في غيرِ صاعقةِ السّما لا أقسمُ
لولا القضا لمحا الوجودَ بسيفهِ * واللهُ يقضي ما يشاءُ ويحكمُ
صبغَ الخيولَ برمحهِ حتّى غدا * سيّانُ أشقرُ لونها والأدهمُ
وهوى بجنبِ العلقمي فليته * للشاربينَ به يدافُ العلقمُ
وغدا يهمّ بأن يصولَ فلم يطق * كالليث إذ أظفارهُ تتقلّمُ
فمشى لمصرعهِ الحُسين وطرفُه * بينَ الخيامِ وبينهُ متقسّمُ
ألفاهُ محجوبَ الجمالِ كأنّه * بدرٌ بمنحطمِ الوشيجِ ملثّمُ
فأكبَّ منحنياً عليهِ ودمعه * صبغَ البسيطَ كأنّما هو عندمُ
قد رامَ يلثمُهُ فلم يرَ موضعاً * لم يدمه عضّ السّلاحِ فيلثمُ
نادى وقد ملأ البواديَ صيحةً * صمُّ الصّخورِ لهولها تتألّمُ
أأخي مَنْ يحمي بناتَ مُحمّد * إذ صرنَ يسترحمنَ مَنْ لا يرحمُ
أأخي يُهنيكَ النّعيمُ ولم أخل * ترضى بأن أُرزى وأنتَ منعّمُ
ما خلتُ بعدكَ أن تُشلَّ سواعدي * وتكفَّ باصرتي وظهري يُقصمُ
هذا حسامُكَ مَنْ يذلّ بهِ العدى * ولواك هذا مَنْ به يتقدّمُ
يا مالكاً صدرَ الشّريعةِ إنّني * لقليل عمري في بكاكَ متمّمُ
بطلٌ تورّثَ من أبيهِ شجاعةً * فيها اُنوفُ بني الضّلالةِ تُرغمُ

36 - وقال رحمه اللّه يمدح جده الامام الحُسين وأخاه العبّاس عليهما السّلام:
حبستُ رجائي عن الباخلينَ * وانزلتُ في إبني (علىٍّّ) رجائي
هما لىٍّّ حرزٌ من النّائبا * تِ بل حرَمٌ من جميعِ البلاء
فبي عائلانِ بدارِ الفنأِ * ولي شافعانِ بدارِ البقأِ
أشبلي (علّي) وَمن إن دعو * تُ في كلّ خطبٍ أجابا دُعائي
أرى الدّهرَ من حيثُ لا أتقي* رماني، ويعلمُ أنتم وقائي

37 - للشاعر الكربلائي الحاج جواد بدقت هذه القصيدة في رثاء العبّاس (عليه السّلام):
أبا الفضلِ في يومٍ بهِ جمع القضا * وعاثت بكلِّ العالمينَ عظائمُهْ
أقامَ مقاماً يملأ الكونَ سبقه * وحسبكَ ممّا كان إن هو قائمُهْ
فنازلها حرباً تذوبُ لهولهِ * السّماواتِ لولا أنّه هو حاجمُهْ
فأرسله في الجيشِ حتّى تفلّلت * حدودُ مواضيهِ وخارت ضراغمُهْ
فأحرز مجرى الماء كفٌّ يفوقه * بمجرى النّدى في بعضِ ما هو ساجمُهْ
تنازلهُ الآساد علماً بأنّه * يصادمُ محتومَ القضا مَنْ يصادمُهْ
فأمضى بهم عزماً ترى دونهُ الرّدى* وإنّ الرّدى أن لا تهبّ عزائمُهْ
إلى أن أشادَ الشّركُ حاسم باعه * وقد حسمَ الدّينَ الحنيفيَّ حاسمُهْ
وأهوى فماد العرشُ حزناً له وهل * وأنّى لعرش إن هوين دعائمُهْ


شبهه وضلالة
من أهزل الاَقوال، وأبعدها عن الحق ما ذكره ابن الاَثير ان العبّاس عليه السّلام قال لاَخوته: تقدّموا حتى أرثكم، فانه لا ولد لكم ...
لقد قالوا بذلك، ليقلّلوا من أهمية هذا العملاق العظيم الذّي هو من ذخائر الاِسلام، ومن مفاخر المُسلمين، وهل من الممكن أن يفكّر فخر هاشم في النّاحية المادية في تلك السّاعة الرّهيبة التّي كان الموت المحتم منه كقاب قوسين أو أدنى، مضافاً إلى الكوارث التّي أحاطت به، فهو يرى أخاه قد أحاطت به جيوش الاَمويين، وهو يستغيث فلا يغاث، ويسمع صراخ عقائل النّبوة ومخدرات الرّسالة، فقد كان همّه الوحيد الرّحيل من الدّنيا، واللحوق بأهل بيته الذّين حصدتهم سيوف الاَمويين، وبالاضافة لهذا كله فان السّيدة أُمّ البنين أُمّ السّادة الاَماجد كانت حيّة فهي التّي تحوز ميراث أبنائها لاَنها من الطّبقة الاَولى لو كان لاَبنائها أموال فان أباهم الاِمام أمير المؤمنين قد انتقل من هذه الدّنيا ولم يخلف صفراءً ولا بيضاء، فمن أين جاءت أبناءه الاَموال... ومن المحتمل قوياً أن يكون الوارد في كلام سيّدنا أبي الفضل عليه السّلام حتّى أثأركم.." أي أطلب بثاركم فحرّف كلامه.


شهادة العبّاس بن عليّ عليهما السّلام
لما رأى أبو الفضل عليه السّلام وحدة أخيه، وقتل أصحابه، وأهل بيته الذّين باعوا نفوسهم لله انبرى إليه يطلب الرّخصة منه ليلاقي مصيره المشرق فلم يسمح له الاِمام، وقال له بصوت حزين النّبرات:
أنت صاحب لوائي...
لقد كان الاِمام يشعر بالقوّة والحماية ما دام أبو الفضل فهو كقوّة ضاربة إلى جانبه يذبّ عنه، ويردّ عنه كيد المعتدين، وألحّ عليه أبو الفضل قائلاً:
لقد ضاق صدري من هؤلاء المنافقين، وأريد أن آخذ ثأري منهم...
لقد ضاق صدره، وسئم من الحياة حينما رأى النّجوم المشرقة من أخوته، وأبناء عمومته صرعى مجزرين على رمضاء كربلاء فتحرّق شوقاً للاَخذ بثأرهم والالتّحاق بهم.
وطلب الاِمام منه أن يسعى لتحصيل الماء إلى الاَطفال الذّين صرعهم العطش فانبرى الشّهم النّبيل نحو أولئك الممسوخين الذّين خلت قلوبهم من الرّحمة والرّأفة فجعل يعظهم، ويحذّرهم من عذاب الله ونقمته، ووجّه خطابه بعد ذلك إلى ابن سعد:
يا بن سعد هذا الحُسين بن بنت رسول الله صلّى الله عليه وآله قد قتلتم أصحابه وأهل بيته، وهؤلاء عياله وأولاده عطاشى فاسقوهم من الماء، قد احرق الظّمأ قلوبهم، وهو مع ذلك يقول: دعوني أذهب إلى الرّوم أو الهند، وأخلّي لكم الحجاز والعراق...
وساد صمت رهيب على قوّات ابن سعد، ووجم الكثيرون، وودّوا أن الاَرض تسيخ بهم، فانبرى إليه الرّجس الخبيث شمر بن ذي الجوشن فردّ عليه قائلاً:
يا بن أبي تراب، لو كان وجه الاَرض كلّه ماءً، وهو تحت أيدينا لما سقيناكم منه قطرة إلاّ أن تدخلوا في بيعة يزيد . . .
لقد بلغت الخسّة، ولؤم العنصر، وخبث السّريرة بهذا الرّجس إلى مستوى ما له من قرار... وقفل أبو الفضل راجعاً إلى أخيه فأخبره بعتوّ القوم وطغيانهم، وسمع فخر عدنان صراخ الاَطفال، وهم يستغيثون، وينادون:
العطش العطش...
ورآهم أبو الفضل قد ذبلت شفاهم، وتغيّرت ألوانهم، وأشرفوا على الهلاك، من شدّة العطش، وفزع أبو الفضل، وسرى الاَلم العاصف في محيّاه، واندفع ببسالة لاِغاثتهم، فركب فرسه، وأخذ معه القربة، فاقتحم الفرات، فانهزم الجيش من بين يديه، واستطاع أن يفكّ الحصار الذّي فرض على الماء، فاحتلّه، وكان قلبه الشّريف كصالية الغضا من شدّة العطش، فاغترف من الماء غرفة ليشرب منه، إلاّ أنه تذكّر عطش أخيه، ومن معه من النّساء والاَطفال، فرمى الماء من يده، وامتنع أن يروي غليله، وقال:

يا نفس من بعد الحُسين هوني * وبعده لا كنت أن تكوني
هذا الحُسين وارد المنون * وتشربين بارد المعين
تالله ما هذا فعال ديني

ان الاِنسانية بكل إجلال واحترام لتحيّي هذه الرّوح العظيمة التّي تألّقت في دنيا الفضيلة والاِسلام وهي تلقي على الاَجيال أروع الدّروس عن الكرامة الاِنسانية.
ان هذا الاِيثار الذّي تجاوز حدود الزّمان والمكان كان من أبرز الذّاتيات في خلق سيّدنا أبي الفضل، فلم تمكّنه عواطفه المترعة بالولاء والحنان أن يشرب من الماء قبله، فأي إيثار أنبل أو أصدق من هذا الاِيثار، ... واتجه فخر هاشم مزهواً نحو المخيم بعدما ملاَ القربة، وهي عنده أثمن من حياته، والتّحم مع أعداء الله وأنذال البشرية التّحاماً رهيباً فقد أحاطوا به من كلّ جانب ليمنعوه من إيصال الماء إلى عطاشى آل النّبيّ صلّى الله عليه وآله، وأشاع فيهم القتل والدّمار وهو يرتجز:


لا أرهب الموت اذ الموت زقا * حتى أواري في المصاليت لقى
نفسي لسبط المصطفى الطّهر وقا * إني أنا العبّاس أغدو بالسّقا
ولا أخاف الشّرّ يوم الملتقى

لقد أعلن بهذا الرّجز عن شجاعته النّادرة، وانّه لا يخشى الموت، وانّما يستقبله بثغر باسم دفاعاً عن الحق، وفداءً لاَخيه سبط النّبيّ صلّى الله عليه وآله .. وانه لفخور أن يغدو بالسّقاء مملوءً من الماء ليروي به عطاشى أهل البيت.
وانهزمت الجيوش من بين يديه يطاردها الفزع والرّعب، فقد ذكرهم ببطولات أبيه فاتح خيبر، ومحطّم فلول الشّرك، إلاّ ان وضراً خبيثاً من جبناء أهل الكوفة كمن له من وراء نخلة، ولم يستقبله بوجهه، فضربه على يمينه ضربة غادرة فبراها، لقد قطع تلك اليد الكريمة التّي كانت تفيض برّاً وكرماً على المحرومين والفقراء، والتّي طالما دافع بها عن حقوق المظلومين والمضطهدين، ولم يعن بها بطل كربلاء وراح يرتجز:

والله ان قطعتم يميني * انّي أحامي أبداً عن ديني
وعن إمام صادق اليقين * نجل النّبيّ الطّاهر الاَمين

ودلل بهذا الرّجز على الاَهداف العظيمة، والمثل الكريمة التّي يناضل من أجلها فهو انّما يناضل دفاعاً عن الاِسلام، ودفاعاً عن إمام المُسلمين وسيّد شباب أهل الجنّة.
ولم يبعد العبّاس قليلاً حتى كمن له من وراء نخلة رجس من أرجاس البشرية وهو الحكيم بن الطّفيل الطّائي فضربه على يساره فبراها، وحمل القربة بأسنانه حسبما تقول بعض المصادر وجعل يركض ليوصل الماء إلى عطاشى أهل البيت عليهم السّلام وهو غير حافل بما كان يعانيه من نزف الدّماء وألم الجراح، وشدّة العطش، وكان ذلك حقّاً هو منتهى ما وصلت إليه الاِنسانية من الشّرف والوفاء والرّحمة... وبينما هو يركض وهو بتلك الحالة إذ أصاب القربة سهم غادر فأريق ماؤها، ووقف البطل حزيناً، فقد كان إراقة الماء عنده أشدّ عليه من قطع يديه، وشدّ عليه رجس فعلاه بعمود من حديد على رأسه الشّريف ففلق هامته، وهوى إلى الاَرض، وهو يؤدّي تحيّته، ووداعه الاَخير إلى أخيه قائلاً:
عليك منّي السّلام أبا عبدالله....
وحمل الاَثير محنته إلى أخيه فمزّقت قلبه، ومزّقت أحشاءه، وانطلق نحو نهر العلقمي حيث هوى إلى جنبه أبو الفضل، واقتحم جيوش الاَعداء، فوقف على جثمان أخيه فألقى بنفسه عليه، وجعل يضمخه بدموع عينيه، وهو يلفظ شظايا قلبه الذّي مزّقته الكوارث قائلاً:
الآن انكسر ظهري، وقلّت حيلتي، وشمت بي عدويّ....
وجعل إمام الهدى يطيل النّظر إلى جثمان أخيه، وقد انهارت قواه، وانهدّ ركنه وتبددت جميع آماله، وودّ أن الموت قد وافاه قبله، وقد وصف السّيّد جعفر الحلّي حالتّه بقوله:

فمشى لمصرعه الحُسين وطرفه * بين الخيام وبينه متقسم
ألفاه محجوب الجمال كأنّه * بدر بمنحطم الوشيج ملثم
فأكب منحنياً عليه ودمعه * صبغ البسيط كأنّما هو عندم
قد رام يلثمه فلم ير موضعاً * لم يدمه عضّ السّلاح فيلثم
نادى وقد ملاَ البوادي صيحة * صم الصّخور لهولها تتألّم
أأخي يهنيك النّعيم ولم أخل * ترضى بأن أرزى وأنت منعم
أأخي من يحمي بنات مُحمّد * اذ صرن يسترحمن من لا يرحم
ما خلت بعدك أن تشلّ سواعدي * وتكف باصرتي وظهري يقصم
لسواك يلطم بالاَكف وهذه * بيض الضّبا لك في جبيني تلطم
ما بين مصرعك الفضيع ومصرعي* إلاّ كما أدعوك قبل وتنعم
هذا حسامك من يذلّ به العدا * ولواك هذا من به يتقدم
هونت يا باابن أبي مصارع فتيتي * والجرح يسكنه الذّي هو آلم

وهو وصف دقيق للحالة الرّاهنة التّي حلّت بسيّد الشّهداء بعد فقده لاَخيه ووصف شاعر آخر وهو الحاج مُحمّد رضا الاَزري وضع الاِمام عليه السّلام بقوله:

وهوى عليه ما هنالك قائلاً * اليوم بان عن اليمين حسامها
اليوم سار عن الكتائب كبشها * اليوم بان عن الهداة امامها
اليوم آل إلى التّفرق جمعنا * اليوم حلّ عن البنود نظامها
اليوم نامت أعين بك لم تنم * وتسهّدت أخرى فعز منامها
اشقيق روحي هل تراك علمت ان* غودرت وانثالتّ عليك لئامها
قد خلت اطبقت السّماء على الثرى* أو دكدكت فوق الرّبى أعلامها
لكن أهان الخطب عندي انني * بك لاحق أمراً قضى علامها

ومهما قال الشّعراء والكتّاب فانهم لا يستطيعون أن يصفون ما ألمّ بالاِمام من فادح الحزن، وعظيم المصاب، ووصفه أرباب المقاتل بأنّه قام من أخيه وهو لايتمكّن أن ينقل قدميه، وقد بان عليه الانكسار، وهو الصّبور، واتجه صوب المخيّم، وهو يكفكف دموعه، فاستقبلته سكينة قائلة:
أين عمّي أبو الفضل،...
فغرق بالبكاء، واخبرها بنبرات متقطّعة من شدّة البكاء بشهادته، وذعرت سكينة، وعلا صراخها، ولما سمعت بطلة كربلاء حفيدة الرّسول صلّى الله عليه وآله بشهادة أخيها الذّي ما ترك لوناً من ألوان البرّ والمعروف إلاّ قدّمه لها أخذت تعاني آلام الاحتضار، ووضعت يدها على قلبها المذاب، وهي تصيح:
وا أخاه، واعبّاساه، وا ضعيتنا بعدك....
يالهول الفاجعة.
يالهول الكارثة.
لقد ضجّت البقعة من كثرة الصّراخ والبكاء، وأخذت عقائل النّبوة يلطمن الوجوه وقد أيقن بالضّياع بعده، وشاركهنّ الثاكل الحزين أبو الشّهداء في محنتهنّ ومصابهنّ، وقد علا صوته قائلاً:
واضيعتنا بعدك يا أبا الفضل....
لقد شعر أبو عبدالله عليه السّلام بالضّيعة والغربة بعد فقده لاَخيه الذّي ليس مثله أخ في برّه ووفائه ومواساته، فكانت فاجعته به من أقسى ما مُني به من المصائب والكوارث.
وداعاً يا قمر بني هاشم.
وداعاً يا فجر كل ليل.
وداعاً يا رمز المواساة والوفاء.
سلام عليك يوم ولدت، ويوم استشهدت، ويوم تُبعث حيّاً.


زيارة الإمام الصّادق لعمّه العبّاس
زار الإمام الصّادق (عليه السّلام) أرض الشّهادة والفداء كربلاء، وبعدما انتهى من زيارة الإمام الحُسين وأهل بيته والمجتبّين من أصحابه، انطلق بشوق إلى زيارة قبر عمّه العبّاس، ووقف على المرقد المعظّم، وزاره بالزّيارة التّالية التّي تنمّ عن سموّ منزلة العبّاس، وعظيم مكانته، وقد استهلّ زيارته بقوله:
سلام الله، وسلام ملائكته المقرّبين، وأنبيائه المرسلين، وعباده الصّالحين، وجميع الشّهداء والصّديقين والزّاكيات الطّيّبات فيما تغتدي وتروح عليك يا ابن أمير المؤمنين...
لقد استقبل الإمام الصّادق عمّه العبّاس بهذه الكلمات الحافلة بجميع معاني الإجلال والتّعظيم، فقد رفع له تحيات من الله وسلام ملائكته، وأنبيائه المرسلين، وعباده الصّالحين، والشّهداء، والصّدّيقين، وهي أندى وأزكى تحيّة رفعت له، ويمضي سليل النّبوّة الإمام الصّادق (عليه السّلام) في زيارته قائلاً:
وأشهد لك بالتّسليم، والتّصديق، والوفاء، والنّصيحة لخلف النّبيّ المرسل، والسّبط المنتجب، والدّليل العالم، والوصي المبلّغ والمظلوم المهتضم...
وأضفى الإمام الصّادق (عليه السّلام) بهذا المقطع أوسمة رفيعة على عمّه العبّاس هي من أجلّ وأسمى الأوسمة التّي تضفى على الشّهداء العظام.


زيارة أخرى لأبي الفضل العبّاس عليه السّلام
نقل الشّيخ عبّاس القمّي رحمه الله في مفاتيح الجنان زيارة العبّاس عليه السّلام وهي كالآتي:
بسم الله الرّحمن الرّحيم
السّلامُ عَلَيكَ أيَّها العَبدُ الصّالِحِ المُطيعُ لله ولرسُولِهِ ولأَميرِ المؤمِنين والحَسَن والحُسين صَلّى اللهُ عَلَيهم وسَلَّم، السّلامُ عليكَ ورَحَمَةُ اللهِ وَبركاتُهُ ومَغفرَتُهُ ورضوانُهُ وعلى رُوحِك وبَدَنِكَ، أشهدُ وأشهِدُ الله أَنَّك مَضيتَ على ما مَضى بهِ البدريّونَ والمجاهدونَ في سَبيل الله، المناصِحوُن لَهُ في جِهادِ أعِدائهِ المُبالِغونَ في نُصرَةِ أوليائهِ الذّابّونَ عن أحبّائهِ، فجزاكَ اللهُ أفضل الجزاء وأكثرَ الجزاء وأوفرَ الجزاء وأوفى جزاء أحد ممِّن وفى ببيعَتِهِ واستَجابَ لهُ دَعوَتَهُ وأطاعَ ولاةَ أمِرِه، أشَهِدُ أنّكَ قد بالغَتَ في النّصيحَةِ وأعطيتَ غايَةَ المجهُودِ فبَعثَك اللهُ في الشّهِدِاء وجَعَلَ رُوحَك مَع أرواحِ السّعداء وأعطاك من جنانهِ أفسحَها منزلاً وأفضَلها غُرَفاً ورفَعَ ذِكرَكِ في عليين وحَشَرَك مع النّبييّن والصّدّيقين والشّهداءِ والصّالِحينَ وحَسُنَ أولئكَ رفيقاً، أشهدُ أنّك لم تَهن ولم تنكُل وأنَّكَ مَضِيتَ على بصيرَةٍ من أمرِك مقتدياً بالصّالحين ومُتَّبعاً للنبييّن، فَجَمَعَ اللهُ بينَنا وبينَك وبين رسُوله وأوليائهِ في منازِل المخُبتين، فإنّه أرحم الرّاحمين.


زيارة أخرى للعبّاس عليه السّلام
سَلامُ اللهِ وَسَلامُ مَلائِكَتِهِ الْمُقَرَّبينَ وَاَنْبِيائِهِ الْمُرْسَلينَ وَعِبادِهِ الصّالِحينَ وَجَميعِ الشّهَداءِ وَالصّدّيقينَ، وَالزّاكِياتُ الطّيِّباتُ فيما تَغْتَدي وَتَرُوحُ عَلَيْكَ يَا بْنَ اَميرِ الْمُؤْمِنينَ، اَشْهَدُ لَكَ بِالتّسْليمِ وَالتّصْديقِ وَالْوَفاءِ وَالنّصيحَةِ لِخَلَفِ النّبِيِّ صلّى الله عليه وآله الْمُرْسَلِ، وَالسّبْطِ الْمُنْتَجَبِ، وَالدّليلِ الْعالِمِ، وَالْوَصِيِّ الْمُبَلِّغِ، وَالْمَظْلُومِ الْمُهْتَضَمِ، فَجَزاكَ اللهُ عَنْ رَسُولِهِ وَعَنْ اَميرِ الْمُؤْمِنينَ وَعَنِ الْحَسَنِ وَالحُسين صَلَواتُ اللهِ عَلَيْهِمْ اَفْضَلَ الْجَزاءِ بِما صَبَرْتَ وَاحْتَسَبْتَ وَاَعَنْتَ فَنِعْمَ عُقْبَى الدّارِ، لَعَنَ اللهُ مَنْ قَتَلَكَ وَلَعَنَ اللهُ مَنْ جَهِلَ حَقَّكَ وَاسْتَخَفَّ بِحُرْمَتِكَ، وَلَعَنَ اللهُ مَنْ حالَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ ماءِ الْفُراتِ، اَشْهَدُ اَنَّكَ قُتِلْتَ مَظْلُوماً، وَاَنَّ اللهَ مُنْجِزٌ لَكُمْ ما وَعَدَكُمْ، جِئْتُكَ يَا بْنَ اَميرِ اْلُمْؤْمِنينَ وَافِداً اِلَيْكُمْ، وَقَلْبي مُسَلِّمٌ لَكُمْ وَتابِعٌ، وَاَنَا لَكُمْ تابِعٌ وَنُصْرَتي لَكُمْ مُعَدَّةٌ حَتّى يَحْكُمَ اللهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمينَ، فَمَعَكُمْ مَعَكُمْ لا مَعَ عَدُوِّكُمْ اِنّي بِكُمْ وَبِإيابِكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنينَ، وَبِمَنْ خالَفَكُمْ وَقَتَلَكُمْ مِنَ الْكافَرينَ، قَتَلَ اللهُ اُمَّةً قَتَلَتْكُمْ بِالاْيْدي وَ الالسّنِ. السّلامُ عَلَيْكَ اَيُّهَا الْعَبْدُ الصّالِحُ الْمُطيعُ للهِ وَلِرَسُولِهِ وَلاَِميرِالْمُؤْمِنينَ وَالْحَسَنِ والحُسين صَلَّى اللهُ عَلَيْهِمْ وَسَلَّمَ، السّلامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ وَمَغْفِرَتُهُ وَرِضْوانُهُ وَعَلى رُوحِكَ وَبَدَنِكَ، اَشْهَدُ و اُشْهِدُ اللهَ اَنَّكَ مَضَيْتَ عَلى ما مَضى بِهِ الْبَدْرِيُّونَ وَالُْمجاهِدُونَ فِي سَبيلِ اللهِ الْمُناصِحُونَ لَهُ فِي جِهادِ اَعْدائِهِ الْمُبالِغُونَ فِي نُصْرَةِ اَوْلِيائِهِ الذّابُّونَ عَنْ اَحِبّائِهِ فَجَزاكَ اللهُ اَفْضَلَ الْجَزاءِ، وَاَكْثَرَ الْجَزاءِ، وَاَوْفَرَ الْجَزاءِ، وَاَوْفى جَزاءِ اَحَد مِمَّنْ وَفى بِبَيْعَتِهِ وَاسْتَجابَ لَهُ دَعْوَتَهُ وَاَطاعَ وُلاةَ اَمْرِهِ، اَشْهَدُ اَنَّكَ قَدْ بالَغْتَ فِي النّصيحَةِ، وَاَعْطَيْتَ غايَةَ اْلَْمجْهُودِ، فَبَعَثَكَ اللهُ فِي الشّهَداءِ، وَجَعَلَ رُوحَكَ مَعَ اَرْواحِ السّعَداءِ، وَاَعْطاكَ مِنْ جِنانِهِ اَفْسَحَها مَنْزِلاً وَاَفْضَلَها غُرَفاً، وَرَفَعَ ذِكْرَكَ فِي عِلِّيّينَ، وَحَشَرَكَ مَعَ النّبِيّينَ وَالصّدّيقينَ وَالشّهَداءِ وَالصّالِحينَ وَحَسُنَ اُولئِكَ رَفيقاً، اَشْهَدُ اَنَّكَ لَمْ تَهِنْ وَلَمْ تَنْكُلْ، وَاَنَّكَ مَضَيْتَ عَلى بَصيرَة مِنْ اَمْرِكَ مُقْتَدِياً بِالصّالِحينَ، وَمُتَّبِعاً لِلنَّبِيّينَ، فَجَمَعَ اللهُ بَيْنَنا وَبَيْنَكَ وَبَيْنَ رَسُولِهِ وَاَوْلِيائِهِ فِي مَنازِلِ الُْمخْبِتينَ، فَاِنَّهُ اَرْحَمُ الرّاحِمينَ. اَللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحمّد وَآلِ مُحمّد، وَلا تَدَعْ لي فِي هذَا الْمَكانِ الْمُكَرَّمِ وَالْمَشْهَدِ الْمُعَظَّمِ ذَنْباً اِلاّ غَفَرْتَهُ، وَلا هَمّاً اِلاّ فَرَّجَتَهُ، وَلا مَرَضاً اِلاّ شَفَيْتَهُ، وَلا عَيْباً اِلاّ سَتَرْتَهُ، وَلا رِزْقاً اِلاّ بَسَطْتَهُ، وَلا خَوْفاً الاّ آمَنْتَهُ، وَلا شَمْلاً اِلاّ جَمَعْتَهُ، وَلا غائِباً اِلاّ حَفَظْتَهُ وَاَدْنَيْتَهُ، وَلا حاجَةً مِنْ حَوائِجِ الدّنْيا وَالاْخِرَةِ لَكَ فيها رِضىً وَلِيَ فيها صَلاحٌ اِلاّ قَضَيْتَها يا اَرْحَمَ الرّاحِمينَ. السّلامُ عَلَيْكَ يا اَبَا الْفَضْلِ العبّاس ابْنَ اَميرِ الْمُؤْمِنينَ، السّلامُ عَلَيْكَ يَا بْنَ سَيِّدِ الْوَصِيّينَ، السّلامُ عَلَيْكَ يَا بْنَ اَوَّلِ الْقَوْمِ اِسْلاماً وَاَقْدَمِهِمْ ايماناً وَاَقْوَمِهِمْ بِدينِ اللهِ، وَاَحْوَطِهِمْ عَلَى الاِْسْلامِ، اَشْهَدُ لَقَدْ نَصَحْتَ للهِ وَلِرَسُولِهِ وَلاَِخيكَ فَنِعْمَ الاَْخُ الْمُواسي، فَلَعَنَ اللهُ اُمَّةً قَتَلَتْكَ، وَلَعَنَ اللهُ اُمَّةً ظَلَمَتْكَ، وَلَعَنَ اللهُ اُمَّةً اسْتَحَلَّتْ مِنْكَ الَْمحارِمَ، وَانْتَهَكَتْ حُرْمَةَ الاِْسْلامِ، فَنِعْمَ الصّابِرُ الُْمجاهِدُ الُْمحامِي النّاصِرُ وَالاَْخُ الدّافِعُ عَنْ اَخيهِ، الُْمجيبُ اِلى طاعَةِ رَبِّهِ، الرّاغِبُ فيما زَهِدَ فيهِ غَيْرُهُ مِنَ الثَّوابِ الْجَزيلِ وَالثَّناءِ الْجَميلِ، وَاَلْحَقَكَ اللهُ بِدَرَجَةِ آبائِكَ فِي جَنّاتِ النّعيمِ، اَللّهُمَّ اِنّي تَعَرَّضْتُ لِزِيارَةِ اَوْلِيائِكَ رَغْبَةً فِي ثَوابِكَ وَرَجاءً لِمَغْفِرَتِكَ وَجَزيلِ اِحْسانِكَ، فَاَسْاَلُكَ اَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحمّد وَآلِهِ الطّاهِرينَ، وَاَنْ تَجْعَلَ رِزْقي بِهِمْ دارّاً وَعَيْشي بِهِمْ قارّاً، وَزِيارَتي بِهِمْ مَقْبُولَةً وَحَياتي بِهِمْ طَيِّبَةً، وَاَدْرِجْني اِدْراجَ الْمُكْرَمينَ، وَاجْعَلْني مِمَّنْ يَنْقَلِبُ مِنْ زِيارَةِ مَشاهِدِ اَحِبّائِكَ مُفْلِحاً مُنْجِحاً، قَدِ اسْتَوْجَبَ غُفْرانَ الذّنُوبِ وَسَتْرَ الْعُيُوبِ وَكَشْفَ الْكُرُوبِ، اِنَّكَ اَهْلُ التّقْوى وَاَهْلُ الْمَغْفِرَةِ . اَسْتَوْدِعُكَ اللهَ وَاَسْتَرْعيكَ وَاَقْرَأُ عَلَيْكَ السّلامَ، آمَنّا بِاللهِ وَبِرَسُولِهِ وَبِكِتابِهِ وَبِما جاءَ بِهِ مِنْ عِنْدِ اللهِ، اَللّهُمَّ فَاكْتُبْنا مَعَ الشّاهِدينَ، اَللّهُمَّ لا تَجْعَلْهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنْ زِيارَتي قَبْرَ ابْنِ اَخي رَسُولِكَ صلّى الله عليه وآله، وَارْزُقْني زِيارَتَهُ اَبَداً ما اَبْقَيْتَني وَاحْشُرْني مَعَهُ وَمَعَ آبائِهِ فِي الجِنانِ، وَعَرِّفْ بَيْني وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ رَسُولِكَ وَاَوْلِيائِكَ، اَللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحمّد وَآلِ مُحمّد وَتَوَفَّني عَلَى الاْيمانِ بِكَ وَالتّصْديقِ بِرَسُولِكَ وَالْوِلايَةِ لِعَليِّ بْنِ اَبي طالِب وَالاَْئِمَّةِ مِنْ وُلْدِهِ عَلَيْهِمُ السّلامُ وَالْبَراءَةِ مِنْ عَدُوِّهِمْ، فَاِنّي قَدْ رَضيتُ يا رَبِّي بِذلِكَ، وَصَلَّى اللهُ عَلى مُحمّد وَآلِ مُحمّد.
وتدعو لنفسك ولوالدّيك وللمؤمنين والمُسلمين وتخير من الدّعاء.

   

أضف تعليق


كود امني
تحديث