اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد وعجّل فرجهم والعن أعدائهم

 

اسمه ونسبه"عليه السّلام"
هوالإمام مُحمّد الحجّة بن الحسن العسكري بن عليّ الهادي بن مُحمّد الجواد بن عليّ الرّضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصّادق بن مُحمّد الباقر بن عليّ السّجاد بن الحُسين سيّد الشّهداء بن عليّ بن أبي طالب "عليهم السّلام".

والدته"عليه السّلام"
هي نرجس أومليكة بنت يشوعا بن قيصر ملك الرّوم، وهي من ولد الحواريين تنسب إلى وصي المسيح شمعون.

تاريخ ولادته"عليه السّلام"
ولد"عليه السّلام" في ليلة النّصف من شعبان سنة 255 هـ في سر من رآى" سامرّاء".


كيفية ولادته"عليه السّلام"
1 - عن حكيمة بنت مُحمّد بن عليّ بن موسى بن جعفر بن مُحمّد بن عليّ بن الحُسين بن عليّ بن أبي طالب"عليهم السّلام"، قالت: بعث إليّ أبومُحمّد الحسن بن عليّ" عليهما السّلام", فقال: يا عمّة, اجعلي إفطارك [ هذه ] الليلة عندنا, فإنّها ليلة النّصف من شعبان, فإنّ الله تبارك وتعالى سيظهر في هذه الليلة الحجّة وهوحجّته في أرضه. قالت: فقُلت له: ومَن أُمّه ؟ قال لي: نرجس. قُلت له: جعلني الله فداك! ما بها أثر. فقال: هوما أقول لك. قالت: فجئت، فلمّا سلّمت وجلست, جاءت تنزع خفي وقالت لي: يا سيّدتي [ وسيّدة أهلي ] كيف أمسيت ؟ فقُلت: بل أنت سيّدتي وسيّدة أهلي. قالت: فأنكرت قولي وقالت: ما هذا يا عمّة ؟ قالت: فقلت لها: يا بنيّة, إنّ الله تعالى سيهب لك في ليلتك هذه غلاماً سيّداً في الدّنيا والآخرة. قالت: فخجلت واستحيت. فلمّا أن فرغت من صلاة العشاء الآخرة, أفطرت وأخذت مضجعي فرقدت، فلمّا أن كان في جوف الليل, قمت إلى الصّلاة ففرغت من صلاتي وهي نائمة ليس بها حادث, ثمّ جلست معقّبة ثمّ اضطجعت ثمّ انتبهت فزعة وهي راقدة، ثمّ قامت فصلّت ونامت.
قالت حكيمة: وخرجت أتفقّد الفجر فإذا أنا بالفجر الأوّل كذنب السّرحان وهي نائمة فدخلني الشّكوك، فصاح بي أبومُحمّد"عليه السّلام" من المجلس, فقال: لا تعجلي يا عمّة, فهاك الأمر قد قرب. قالت: فجلست وقرأت ألم السّجدة ويس، فبينما أنا كذلك إذ انتبهت فزعة فوثبت إليها, فقلت: اسم الله عليك. ثمّ قُلت لها: أتحسّين شيئاً ؟ قالت: نعم يا عمّة. فقُلت لها: اجمعي نفسك واجمعي قلبك فهو ما قُلت لك. قالت: فأخذتني فترة وأخذتها فترة فانتبهت بحسّ سيّدي, فكشفت الثّوب عنه فإذا أنا به"عليه السّلام" ساجداً يتلقّى الأرض بمساجده, فضممته إليّ فإذا أنا به نظيف متنظّف, فصاح بي أبومُحمّد"عليه السّلام": هلمّي إليّ ابني يا عمّة. فجئت به إليه, فوضع يديه تحت أليتيه وظهره ووضع قدميه على صدره, ثمّ أدلى لسانه في فيه وأمرّ يده على عينيه وسمعه ومفاصله، ثمّ قال: تكلّم يا بُني. فقال: أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ مُحمّداً رسول الله"صلّى الله عليه وآله". ثمّ صلّى على أمير المؤمنين وعلى الأئمّة "عليهم السّلام" إلى أن وقف على أبيه، ثمّ أحجم. ثمّ قال أبومُحمّد"عليه السّلام": يا عمّة, اذهبي به إلى أُمّه؛ ليسلّم عليها وائتني به. فذهبت به, فسلّم عليها ورددته فوضعته في المجلس, ثمّ قال: يا عمّة, إذا كان يوم السّابع فأتينا.
قالت حكيمة: فلمّا أصبحت جئت لأسلّم على أبي مُحمّد"عليه السّلام" وكشفت السّتر لا تفقّد سيّدي"عليه السّلام" فلم أره، فقُلت: جُعلت فداك ما فعل سيّدي ؟ فقال: يا عمّة استودعناه الذي استودعته أمّ موسى"عليه السّلام".
قالت حكيمة: فلمّا كان في اليوم السّابع, جئت فسلّمت وجلست, فقال: هلمّي إليّ ابني. فجئت بسيّدي"عليه السّلام" وهو في الخرقة, ففعل به كفعلته الأولى، ثمّ أدلى لسانه في فيه كأنّه يغذّيه لبناً أوعسلاً، ثمّ قال: تكلّم يا بُني. فقال: أشهد أن لا إله إلاّ الله. وثنّى بالصّلاة على مُحمّد وعلى أمير المؤمنين وعلى الأئمّة الطّاهرين" صلوات الله عليهم أجمعين" حتى وقف على أبيه"عليه السّلام"، ثمّ تلا هذه الآية: بِسْمِ اللَّهِ الرّحْمَنِ الرّحِيمِ * وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الذينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ.
2 - عن عبد الله الطّهوي قال: قصدت حكيمة بنت مُحمّد"عليه السّلام" بعد مضي أبو مُحمّد"عليه السّلام" أسألها عن الحجّة, وما قد اختلف فيه النّاس من الحيرة التي هُم فيها, فقالت لي: اجلس. فجلست، ثمّ قالت: يا مُحمّد, إنّ الله تبارك وتعالى لا يُخلي الأرض من حجّة ناطقة أوصامتة، ولم يجعلها في أخوين بعد الحسن والحُسين" عليهما السّلام" تفضيلاً للحسن والحُسين, وتنزيهاً لهما أن يكون في الأرض عديلهما, إلاّ أنّ الله تبارك وتعالى خصّ ولد الحُسين بالفضل على ولد الحسن" عليهما السّلام", كما خصّ ولد هارون على ولد موسى"عليه السّلام" وإن كان موسى حجّة على هارون، والفضل لولده إلى يوم القيامة، ولا بدّ للأُمّة من حيرة يرتاب فيها المُبطلون ويخلص فيها المحقّون، كيلا يكون للخلق على الله حجّة، وإنّ الحيرة لا بدّ واقعة بعد مضي أبي مُحمّد الحسن"عليه السّلام". فقُلت: يا مولاتي, هل كان للحسن"عليه السّلام" ولد ؟ فتبسّمت ثمّ قالت: إذا لم يكُن للحسن"عليه السّلام" عقب فمَن الحجّة من بعده, وقد أخبرتك أنّه لا إمامة لأخوين بعد الحسن والحُسين" عليهما السّلام" ؟! فقُلت: يا سيّدتي, حدّثيني بولادة مولاي وغيبته"عليه السّلام". قالت: نعم, كانت لي جارية يُقال لها " نرجس", فزارني ابن أخي, فأقبل يحدّق النّظر إليها، فقُلت له: يا سيّدي, لعلّك هويتها فأرسلها إليك ؟ فقال لها: لا يا عمّة, ولكنّي أتعجّب منها. فقلت: وما أعجبك [ منها ] ؟ فقال"عليه السّلام": سيخرج منها ولد كريم على الله عزّ وجلّ الذي يملأ الله به الأرض عدلاً وقسطاً كما مُلئت جوراً وظُلماً. فقُلت: فأرسلها إليك يا سيّدي ؟ فقال: استأذني في ذلك أبي"عليه السّلام". قالت: فلبست ثيابي وأتيت منزل أبي الحسن"عليه السّلام", فسلّمت وجلست, فبدأني"عليه السّلام" وقال: يا حكيمة, ابعثي نرجس إلى ابني أبي مُحمّد. قالت: فقُلت: يا سيّدي, على هذا قصدتك على أن أستأذنك في ذلك. فقال لي: يا مُباركة, إنّ الله تبارك وتعالى أحبّ أن يشركك الأجر ويجعل لك في الخير نصيباً.
قالت حكيمة: فلم ألبث أن رجعت إلى منزلي وزينتها ووهبتها لأبي مُحمّد"عليه السّلام", وجمعت بينه وبينها في منزلي فأقام عندي أيّاماً، ثمّ مضى إلى والده" عليهما السّلام" ووجهت بها معه.
قالت حكيمة: فمضى أبوالحسن"عليه السّلام" وجلس أبو مُحمّد"عليه السّلام" مكان والده, وكنت أزوره كما كُنت أزور والده, فجاءتني نرجس يوماً تخلع خفي، فقالت: يا مولاتي, ناوليني خفك. فقُلت: بل أنت سيّدتي ومولاتي, والله لا أدفع إليك خفي لتخلعيه ولا لتخدميني, بل أنا أخدمك على بصري. فسمع أبومُحمّد"عليه السّلام" ذلك, فقال: جزاك الله يا عمّة خيراً. فجلست عنده إلى وقت غروب الشّمس, فصحت بالجارية وقُلت: ناوليني ثيابي لانصرف. فقال"عليه السّلام": لا يا عمّتا, بيتي الليلة عندنا, فإنّه سيولد الليلة المولود الكريم على الله عزّ وجلّ, الذي يحيى الله عزّ وجلّ به الأرض بعد موتها. فقُلت: ممّن يا سيّدي؟ ولست أرى بنرجس شيئاً من أثر الحبل ؟ فقال: من نرجس لا من غيرها. قالت: فوثبت إليها فقلّبتها ظهراً لبطن فلم أر بها أثر حبل، فعدت إليه"عليه السّلام" فأخبرته بما فعلت, فتبسّم ثمّ قال لي: إذا كان وقت الفجر يظهر لك بها الحبل؛ لأنّ مَثلها مثل أُمّ موسى"عليه السّلام" لم يظهر بها الحبل, ولم يعلم بها أحد إلى وقت ولادتها؛ لأنّ فرعون كان يشقّ بطون الحبالى في طلب موسى"عليه السّلام"، وهذا نظير موسى"عليه السّلام".
قالت حكيمة: فعدت إليها فأخبرتها بما قال وسألتها عن حالها, فقالت: يا مولاتي, ما أرى بي شيئاً من هذا.
قالت حكيمة: فلم أزل أرقبها إلى وقت طلوع الفجر وهي نائمة بين يدي لا تقلب جنباً إلى جنب, حتى إذا كان آخر الليل وقت طلوع الفجر, وثبت فزعة فضممتها إلى صدري وسمّيت عليها, فصاح [ إليّ ] أبومُحمّد"عليه السّلام" وقال: اقرئي عليها: إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ. فأقبلت أقرأ عليها, وقُلت لها: ما حالك؟ قالت: ظهر [ بي ] الأمر الذي أخبرك به مولاي. فأقبلت أقرأ كما أمرني، فأجابني الجنين من بطنها يقرأ مثل ما أقرأ وسلّم عليّ.
قالت حكيمة: ففزعت لما سمعت، فصاح بي أبومُحمّد"عليه السّلام": لا تعجبي من أمر الله عزّ وجلّ, إنّ الله تبارك وتعالى ينطقنا بالحكمة صغاراً، ويجعلنا حجّة في أرضه كباراً. فلم يستتمّ الكلام حتى غيّبت عنّي نرجس فلم أرها كأنّه ضُرب بيني وبينها حجاب, فعدوت نحوأبي مُحمّد"عليه السّلام" وأنا صارخة، فقال لي: ارجعي يا عمّة, فإنّك ستجديها في مكانها. قالت: فرجعت فلم ألبث أن كشف الغطاء الذي كان بيني وبينها, وإذا أنا بها وعليها من أثر النّور ما غشى بصري, وإذا أنا بالصّبي"عليه السّلام" ساجداً لوجهه، جاثياً على ركبتيه، رافعاً سبابتيه، وهويقول:" أشهد أن لا إله إلاّ الله [ وحده لا شريك له ], وأنّ جدّي مُحمّداً رسول الله, وأنّ أبي أمير المؤمنين، ثمّ عدّ إماماً إماماً إلى أن بلغ إلى نفسه. ثمّ قال: اللّهمّ انجز لي ما وعدتني, وأتمم لي أمري, وثبّت وطأتي، واملأ الأرض بي عدلاً وقسطاً". فصاح بي أبومُحمّد"عليه السّلام", فقال: يا عمّة, تناوليه وهاتيه. فتناولته وأتيت به نحوه، فلمّا مثلت بين يدي أبيه وهوعلى يدي, سلّم على أبيه, فتناوله الحسن"عليه السّلام" منّي [ والطّير ترفرف على رأسه ], وناوله لسانه فشرب منه، ثمّ قال: امضي به إلى أُمّه لترضعه وردّيه إليّ. قالت: فتناولته أُمّه فأرضعته، فرددته إلى أبي مُحمّد"عليه السّلام" والطّير ترفرف على رأسه, فصاح بطير منها, فقال له: أحمله واحفظه ورده إلينا في كلّ أربعين يوماً. فتناوله الطّير وطار به في جوالسّماء وأتبعه سائر الطّير، فسمعت أبا مُحمّد"عليه السّلام" يقول:" أستودعك الله الذي أودعته أُمّ موسى." فبكت نرجس, فقال لها: اسكتي, فإنّ الرّضاع محرّم عليه إلاّ من ثديك, وسيعاد إليك كما ردّ موسى إلى أُمّه؛ وذلك قول الله عزّ وجلّ: فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلاَ تَحْزَنَ.
قالت حكيمة: فقُلت: وما هذا الطّير ؟ قال: هذا روح القُدس الموكل بالأئمّة"عليهم السّلام", يوفّقهم ويسددهم ويربيهم بالعلم.
قالت حكيمة: فلمّا كان بعد أربعين يوماً, رُدّ الغلام ووجّه إليّ ابن أخي"عليه السّلام" فدعاني، فدخلت عليه, فإذا أنا بالصّبي متحرّك يمشي بين يديه، فقُلت: يا سيّدي, هذا ابن سنتين ؟! فتبسّم"عليه السّلام"، ثمّ قال: إنّ أولاد الأنبياء والأوصياء إذا كانوا أئمّة ينشؤون بخلاف ما ينشؤ غيرهم، وإنّ الصّبي منّا إذا كان أتى عليه شهر كان كمن أتى عليه سنة، وإنّ الصّبي منّا ليتكلّم في بطن أُمّه ويقرأ القُرآن ويعبد ربّه عزّ وجلّ، [ و] عند الرّضاع تطيعه الملائكة وتنزل عليه صباحاً ومساء.
قالت حكيمة: فلم أزل أرى ذلك الصّبي في كلّ أربعين يوماً إلى أن رأيته رجلاً قبل مضي أبي مُحمّد"عليه السّلام" بأيّام قلائل فلم أعرفه، فقُلت لابن أخي"عليه السّلام": مَن هذا الذي تأمرني أن أجلس بين يديه ؟ فقال لي: هذا ابن نرجس, وهذا خليفتي من بعدي, وعن قليل تفقدوني فاسمعي له وأطيعي.
قالت حكيمة: فمضى أبومُحمّد"عليه السّلام" بعد ذلك بأيّام قلائل، وافترق النّاس كما ترى, ووالله, إنّي لأراه صباحاً ومساء, وإنّه لينبئني عمّا تسألون عنه فأخبركم، ووالله, إنّي لأريد أن أسأله عن الشّئ فيبدأني به, وإنّه ليردّ عليّ الأمر فيخرج إليّ منه جوابه من ساعته من غير مسالتي, وقد أخبرني البارحة بمجيئك إليّ, وأمرني أن أخبرك بالحقّ.
قال مُحمّد بن عبد الله: فوالله, لقد أخبرتني حكيمة بأشياء لم يطّلع عليها أحد إلاّ الله عزّ وجلّ، فعلمت أنّ ذلك صدق وعدل من الله عزّ وجلّ؛ لأنّ الله عزّ وجلّ قد أطلعه على ما لم يطّلع عليه أحداً من خلقه.

ألقابه وكُناه"عليه السّلام"
ألقابه: المهدي، القائم، المنتظر، والخلف الصّالح, صاحب الزّمان، الحجّة، الخاتم، صاحب الدّار.

أوصافه وشمائله عليه السّلام
1 ـ قال" صلّى الله عليه وآله": المهدي منّي، أجلى الجبهة، أقنى الأنف.
2 ـ وقال" صلّى الله عليه وآله": المهدي رجل من ولدي وجهه كالقمر الدّرّي, اللون لون عربي والجسم جسم اسرائيلي.
3 ـ وقال" صلّى الله عليه وآله": المهدي رجل أجلى الجبهه، أقنى الأنف، أزجّ الحواجب، أبلج، أعين، كثّ اللحية، برّاق الثّنايا، في وجهه خال، في كتفه علامة النّبيّ.
4 ـ وقال" صلّى الله عليه وآله": المهدي رجل من ولدي كأنّه من رجال بني اسرائيل, عليه عباءتان قطوانيتان, كأنّ وجهه الكوكب الدّرّي في اللون، في خدّه الأيمن خال أسود، ابن اربعين سنة.
5 ـ وقال الإمام أميرالمؤمنين"عليه السّلام": المهدي مشرب حمرة، مبدح البطن، عريض الفخذين, عظيم مشاش المنكبين، بظهره شامتان، شامة على لون جلده وشامة على شبه شامة النّبيّ"صلّى الله عليه وآله".
6 ـ قال رسول الله" صلّى الله عليه وآله": المهديُّ من وُلدي، ابن أربعين سنة, كأنَّ وجهه كوكبٌ دُرِّي, في خدِّه خال أسود، عليه عباءتان قطوانيتان كأنَّه من رجال بني إسرائيل يملك عشرين سنة، يستخرج الكنوز، ويفتح مدائن الشّرك".
7 ـ وقال الإمام أميرالمؤمنين"عليه السّلام" ـ في خطبة البيان:... هوصاحب الوجه الأقمر, والجبين الأزهر, وصاحب العلامة والشّامة، العالم غير معلَّم, المُخبر بالكائنات قبل أن يُعلم...
ألا وإنَّ المهدي يطلب القصاص ممّن لا يعرف حقَّنا، وهوالشّاهد بالحقّ وخليفة الله على خلقه، اسمه كاسم جدّه رسول الله" صلّى الله عليه وآله", ابن الحسن بن عليّ" العسكري" " عليهما السّلام"، من ولد فاطمة، من ذرّيّة الحُسين ولدي....

مَن رآه عليه السّلام قبل الغيبة الصّغرى
1 ـ عن عمر الأهوازي, قال: أراني أبومُحمّد ابنه "رضي الله عنهما" وقال: هذا إمامكم من بعدي.
2 ـ عن مُحمّد بن إسماعيل بن موسى الكاظم" رضي الله عنهم", قال: رأيت ولد أبي مُحمّد, ولد قدر جليل.
3 ـ عن إبراهيم بن إدريس, قال: رأيت المهدي بعد أن مضى أبومُحمّد" رضي الله عنهما" حين كان غلاماً أيفع, وقبّلت يديه ورأسه الشّريف.
4 ـ عن كامل بن إبراهيم, قال: دخلت على أبي مُحمّد الحسن وعلى باب بيته ستر, فجاءت الرّيح فكشفت طرف السّتر, فإذا غلام كأنّه القمر, فقال أبومُحمّد: يا كامل, قد أنبأك بحاجتك، هذا الحجّة من بعدي.
5 ـ عن الخادم الفارسي, قال: كنت بباب الدّار خرجت جارية من البيت ومعها شيء مغطّى، فقال لها أبومُحمّد: اكشفي عمّا معك. فكشفت, فإذا غلام أبيض حسن الوجه, فقال: هذا إمامكم من بعدي. قال: فما رأيته بعد ذلك.
6 ـ عن أبي غانم الخادم, قال: ولد لأبي مُحمّد الحسن مولود فسمّاه مُحمّداً, فعرضه على أصحابه يوم الثّالث وقال: هذا إمامكم من بعدي, وخليفتي عليكم, وهوالقائم الذي تمتدّ عليه الأعناق بالانتظار, فإذا امتلأت الأرض جوراً وظُلماً, خرج فملأها قسطاً وعدلاً.
7 ـ عن أبي غانم الخادم, قال: ولد لأبي مُحمّد الحسن"عليه السّلام" مولود فسمّاه مُحمّداً, فعرضه على أصحابه يوم الثّالث, وقال: هذا إمامكم من بعدي, وخليفتي عليكم, وهوالقائم الذي تمتدّ عليه الأعناق بالانتظار, فإذا امتلأت الأرض جوراً وظُلماً, خرج فيملأها قسطاً وعدلاً.
8 ـ عن مُحمّد بن الحسن الكرخي, قال: سمعت أبا هارون رجلاً من أصحابنا يقول: رأيت صاحب الزّمان ووجه يضئ كأنّه القمر ليلة البدر, ورأيت على سرّته شعراً يجري كالخط, وكشفت الثّوب عنه فوجدته مختوناً, فسألت أبا مُحمّد"عليه السّلام" عن ذلك, فقال: هكذا وِلد وهكذا ولدنا, ولكنّا سنمر الموسى عليه لإصابة السّنة.
9 ـ عن يعقوب بن منفوس, قال: دخلت على أبي مُحمّد الحسن العسكري وعلى باب البيت ستر مُسبَل, فقُلت له: يا سيّدي, من صاحب هذا الأمر بعدك ؟ فقال: ارفع السّتر. فرفعته, فخرج غلام فجلس على فخذ أبي مُحمّد" رضي الله عنهما" وقال لي أبومُحمّد: هذا إمامكم من بعدي. ثمّ قال: يا بني, ادخل البيت. فدخل البيت وأنا أنظر إليه، ثمّ قال: يا يعقوب, انظر في البيت. فدخلته فما رأيت أحداً.
10 ـ عن معاوية بن حكيم, ومُحمّد بن أيّوب بن نوح, ومُحمّد بن عثمان العمري" رضي الله عنهم" قالوا: عرض علينا أبومُحمّد الحسن بن عليّ" عليهما السّلام" ـ يعني ولده ـ ونحن في منزله, وكُنّا أربعين رجلاً، فقال: هذا إمامكم من بعدي وخليفتي عليكم, أطيعوه ولا تتفرّقوا من بعدي في أديانكم فتهلكوا، أما أنّكم لا ترونه بعد يومكم هذا.
قالوا: فخرجنا من عنده فما مضت إلاّ أيّام قلائل حتى مضى أبومُحمّد"عليه السّلام".
11 ـ عن يعقوب بن منقوش, قال: دخلت على أبي مُحمّد الحسن بن عليّ" عليهما السّلام" وهوجالس على دكان في الدّار, وعن يمينه بيت وعليه ستر مسبل, فقُلت: يا سيّدي, مَن صاحب هذا الأمر ؟ فقال: ارفع السّتر. فرفعته, فخرج إلينا غلام خماسي له عشر أوثمان أونحوذلك، واضح الجبين، أبيض درّي المقلتين، شثن الكفّين، معطوف الرّكبتين، في خدّه الأيمن خال، وفي رأسه ذؤابة، فجلس على فخذ أبي مُحمّد, ثمّ قال لي: هذا هو صاحبكم. ثمّ ثوب فقال له: يا بني, ادخل إلى الوقت المعلوم. فدخل البيت وأنا انظر إليه, ثمّ قال لي: يا يعقوب, انظر إلى مَن في البيت. فدخلت فما رأيت أحداً.
12 ـ عن ضوء بن عليّ العجلي, عن رجل من أهل فارس سمّاه, قال: أتيت سر من رأى فلزمت باب أبي مُحمّد"عليه السّلام", فدعاني من غير أن أستأذن, فلمّا دخلت وسلّمت, قال لي: يا أبا فلان, كيف حالك ؟ ثمّ قال لي: اقعد يا فلان. ثمّ سألني عن رجال ونساء من أهلي, ثمّ قال لي: ما الذي أقدمك عليّ ؟ قُلت: رغبة في خدمتك. قال لي: فقال: الزم الدّار. قال: فكنت في الدّار مع الخدم, ثمّ صرت أشتري لهم الحوائج من السّوق, وكنت أدخل عليه من غير إذن إذا كان في دار الرّجال، فدخلت عليه يوماً وهوفي دار الرّجال, فسمعت حركة في البيت, فناداني: مكانك لا تبرح. فلم أجسر أخرج ولا أدخل, فخرجت عليّ جارية ومعها شيء مُغطّى, ثمّ ناداني: ادخل. فدخلت, ونادى الجارية فرجعت, فقال لها: اكشفي عمّا معك. فكشفت عن غلام أبيض حسن الوجه, وكشفت عن بطنه, فإذا شعر نابت من بنته إلى سرّته أخضر ليس بأسود، فقال: هذا صاحبكم. ثمّ أمرها فما رأيته بعد ذلك حتى مضى أبو مُحمّد"عليه السّلام".
قال ضوء بن عليّ: فقُلت للفارسي: كم كُنت تقدّر له من السّنين ؟ فقال: سنتين. قال العبدي: فقُلت لضوء: كم تقدّر له الآن في وقتنا ؟ قال: أربع عشرة سنة. قال أبوعليّ وأبوعبد الله: ونحن نقدّر له الآن إحدى وعشرين سنة.

المهدي عليه السّلام في القرآن الكريم
1 ـ " ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ * الذينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ". سورة البقرة: 2 - 3.
عن يحى بن أبي القاسم، قال: سألت الإمام الصّادق "عليه السّلام" عن قوله تعالى: " ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ". فقال "عليه السّلام": المتّقون شيعة عليّ "عليه السّلام"، والغيب هوالحجّة الغائب، وشاهد ذلك قوله تعالى: وَيَقُولُونَ لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ".
وفي كمال الدّين وتمام النّعمة عن أبي عبدالله "عليه السّلام" قال: مَن أقرّ بقيام القائم "عليه السّلام" أنّه حقّ.
2 ـ " وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الذينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ". سورة القصص: 5.
عن رسول الله "صلّى الله عليه وآله" قال: "أنتم المستضعفون بعدي".
وعن الإمام أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب "عليه السّلام", قال: المستضعفون في الأرض المذكورون في الكتاب، الذين يجعلهم الله أئمّة: نحن أهل البيت، يبعث الله مهديَّهم فيعزّهم ويذلّ عدوّهم.
وعن الإمام أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب "عليه السّلام": لتعطفنّ الدّنيا علينا بعد شماسها عطف الضّروس على ولدها. وتلا قوله تعالى: وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الذينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ.
وروى البحراني في تفسيره البرهان عن العالم الحنفي الشّيباني في كشف البيان، عن أبي جعفر وأبي عبدالله أنّهما قالا: إنّ هذه الآية مخصوصة بصاحب الأمر الذي يظهر في آخر الزّمان ويبيد الجبابرة والفراعنة.
3 ـ " هُوالذي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدّينِ كُلِّهِ وَلَوكَرِهَ الْمُشْرِكُونَ". سورة التّوبة: 33.
عن عبابة أنّه سمع أمير المؤمنين "عليه السّلام" يقول:" هُوالذي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ على الدّين كله". أظهر ذلك بعد ؟
قالوا: نعم.
قال "عليه السّلام": كلا، فوالذي نفسي بيده, حتى لا تبقى قرية إلاّ وينادي فيها بشهادة أن لا إله إلاّ الله بكرة وعشيّاً.
وفي تفسير البرهان: فلا، والذي نفسي بيده, حتى لا تبقى قرية إلاّ ونودي فيها بشهادة أن لا اله إلاّ الله وأن مُحمّداً رسول الله بكرة وعشيّاً.
وفي تفسير البرهان ـ أيضاً ـ عن إبن عبّاس في قوله عزّ وجلّ: لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدّينِ كُلِّهِ وَلَوكَرِهَ الْمُشْرِكُونَ". قال: لا يكون ذلك حتى لا يبقى يهودي ولا نصراني ولا صاحب ملّة إلاّ صار إلى الإسلام، حتى تأمن الشّاة والذّئب، والبقرة والأسد، والإنسان والحيّة، حتى لا تقرض فارة جراباً، وحتى توضع الجزية ويُكسر الصّليب, ويُقتل الخنزير، وهوقوله تعالى:" لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدّينِ كُلِّهِ وَلَوكَرِهَ الْمُشْرِكُونَ". وذلك يكون عند قيام القائم "عج".
وعن أبي بصير, قال: سألت أبا عبدالله الصّادق "عليه السّلام" عن قوله تعالى:" هُوالذي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدّينِ كُلِّهِ وَلَوكَرِهَ الْمُشْرِكُونَ".
فقال "عليه السّلام": والله, ما نزل تأويلها بعد.
قُلت: جعلت فداك ومتى ينزل ؟ قال: حتى يقوم القائم إن شاء الله، فإذا خرج القائم لم يبق مشرك... إلى آخر الزّمان.
وروى الحافظ القندوزي في ينابيع المودّة عن الصّادق "عليه السّلام" قال: والله, ما يجيء تأويلها حتى يخرج القائم المهدي "عج"، فإذا خرج القائم لم يبق مشرك إلاّ كره خروجه، ولا يبقى كافر إلاّ قُتل".
4 ـ " يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوكَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ". سورة الأنعام: 158.
عن عليّ بن رئاب، عن أبي عبد الله "عليه السّلام", أنّه قال في قول الله عزّ وجلّ:" يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوكَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ". فقال "عليه السّلام": الآيات هُم الأئمّة، والآية المنتظرة هي القائم "عليه السّلام"، فيومئذ لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل قيامه بالسّيف، وإن آمنت بمن تقدّم من آبائه "صلوات الله عليهم أجمعين".
5 ـ " وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصّالِحُونَ". سورة الأنبياء: 105.
عن الإمام الباقر "عليه السّلام": إنّ ذلك وعد الله للمؤمنين بأنّهم يرثون جميع الأرض.
وأخرج القندوزي الحنفي في ينابيع المودّة: عن الباقر والصّادق "عليهم السّلام" قالا: هُم القائم وأصحابه.
6 ـ " وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا. سورة النّساء: 159.
روى الحافظ القندوزي الحنفي في ينابيع المودّة باسناده, قال: عن مُحمّد الباقر "عليه السّلام" في قوله تعالى: وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً".
قال: إنّ عيسى "عليه السّلام" ينزل قبل يوم القيامة إلى الدّنيا، فلا يبقى أهل ملّة يهودي ولا غيره إلاّ آمنوا به ـ أي: بالمهدي ـ قبل موتهم, ويصلّي عيسى خلف المهدي.
7 ـ " قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ * إِلَى يَومِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ". سورة الحجر: 36 - 38.
أخرج الحمويني في فرائد السّمطين عن الحسن بن خالد, قال: قال عليّ بن موسى الرّضا "عليه السّلام": إلى يوم الوقت المعلوم, وهويوم خروج قائمنا.
8 ـ " اذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين". سورة القلم: 15.
روى المشهداني في كنز الدّقائق, عن أبي عبدالله "عليه السّلام", قال: يعني تكذيبه بقائم آل مُحمّد "عليه السّلام".
9 ـ " اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا". سورة الحديد: 17.
روى الطّوسي في غيبته عن ابن عبّاس, قال: يعني يصلح الأرض بقائم آل مُحمّد من بعد موتها.
10 ـ " وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ". سورة السّجدة: 21.
روى العلامة السيّد هاشم البحراني في تفسيره البرهان, عن مُحمّد بن الحسن بن فرقد الشّيباني الحنفي, أنّه قال: روي عن الصّادق "رضي الله عنه": أنّ الأدنى القحط والجدب، والأكبر خروج القائم المهدي بالسّيف في آخر الزّمان.
11 ـ " فَوَرَبِّ السّمَاء وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ". سورة الذّاريات: 23.
روى الطّوسي في غيبته عن ابن عبّاس, قال: قيام القائم "عليه السّلام".
12 ـ " قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غوراً فمن يأتيكم بماء معين". سورة الملك: 30.
روى الصّدوق في كمال الدّين وتمام النّعمة, عن أبي جعفر "عليه السّلام", قال: هذه نزلت في القائم. وقال: والله, ما جاء تأويل هذه الآية ولابدّ أن يجيء تأويلها.
13 ـ " أذن للذين يقاتلون بأنّهم ظلموا وأنّ الله على نصرهم لقدير". سورة الحج: 39.
أخرج النّعماني في غيبته, عن أبي عبدالله "عليه السّلام", قال: هي في القائم "عليه السّلام" وأصحابه.
14 ـ " إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِم مِّن السّمَاء آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ". سورة الشّعراء: 4.
قال الحافظ القندوزي في ينابيع المودّة: عن عليّ بن موسى الرّضا "رضي الله عنه", قال: إنّ الرّابع من ولدي ابن سيّدة الاماء هوالذي له يُنادي مناد مَن السّماء يسمعه جميع أهل الأرض: إلاّ أنّ حجّة الله قد ظهر عند بيت الله فاتّبعوه, فإنّ الحقّ فيه ومعه. ثمّ قال "عليه السّلام": وهوقول الله عزّ وجلّ إن شاء الله.
15 ـ " بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَّنَا أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ". سورة الإسراء: 5.
أخرج المجلسي في بحاره عن أبي جعفر "عليه السّلام" قال: هوالقائم وأصحابه أولى بأس شديد.
16 ـ " سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ". سورة فصلت: 53.
أخرج الكليني في الكافي عن أبي عبدالله "عليه السّلام", قال: خروج القائم هوالحقّ من عند الله عزّ وجلّ، يراه الخلق لابدّ منه.
17 ـ " أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأَرْضِ". سورة النّمل: 62.
أخرج المجلسي في بحاره عن أبي عبدالله "عليه السّلام", قال: نزلت في القائم "عج"، وهو والله المضطر إذا صلّى في المقام ركعتين, ودعا الله فأجابه, ويكشف السّوء, ويجعله خليفة في الأرض.
18 ـ " حتى إذا رأوا ما يوعدون". سورة مريم: 75.
أخرج الكليني في الكافي عن أبي عبدالله "عليه السّلام", قال: هوخروج القائم "عليه السّلام".
19 ـ " يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متمّ نوره". سورة الصّف: 8.
أخرج المجلسي في بحاره عن أبي عبدالله "عليه السّلام", قال: بالقائم من آل مُحمّد "صلوات الله عليهم" إذا خرج ليظهره على الدّين كلّه؛ حتى لا يعبد غير الله.
20 ـ " أَفَغَيْرَ دِينِ اللّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً". سورة آل عمران: 83.
روى الحافظ القندوزي الحنفي في ينابيع المودّة بسنده عن الصّادق "عليه السّلام", قال: إذا قام القائم المهدي لا يبقى أرض إلاّ نودي فيها بشهاة: أن لا إله إلاّ الله, مُحمّد رسول الله.
21 ـ " بَقِيَّةُ اللّهِ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ". سورة هود: 86.
قال الشّبلنجي في نور الأبصار, عن أبي جعفر "عليه السّلام", قال: إذا خرج - يعني المهدي - أسند ظهره إلى الكعبة, واجتمع إليه ثلاثمئة وثلاثة عشر رجلاً من أتباعه، فأوّل ما ينطق به هذه الآية، ثمّ يقول: أنا بقيّة الله وخليفته وحجّته عليكم. فلا يسلّم عليه أحد إلاّ قال: السّلام عليك يا بقية الله في الأرض.
22 ـ " فَإِن يَكْفُرْ بِهَا هَـؤُلاء فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْماً لَّيْسُواْ بِهَا بِكَافِرِينَ". سورة الأنعام: 89.
روى الحافظ القندوزي الحنفي في ينابيع المودّة, بسنده عن جعفر الصّادق "عليه السّلام", قال: إنّ صاحب هذا الأمر ـ يعني القائم المهدي ـ محفوظ، لوذهب النّاس جميعاً أتى الله بأصحابه.

المهدي "عليه السّلام" في الأحاديث الشّريفة
1 ـ عن حذيفة قال: قال رسول الله "صلّى الله عليه وآله": المهدي رجل من وُلدي، وجهه كالكوكب الدّرِّي.
2 ـ قال "صلّى الله عليه وآله" ـ في خُطْبة يوم الغدير وبحضور مئة وعشرين ألف شخص ـ:... مَعاشِر النّاس: النّور مِن الله عزّ وجلّ فيَّ مَسلوك، ثمّ في عليٍ، ثمّ في النّسل منه إلى القائم المهدي، الذي يأخذ بحقّ الله وبكلِّ حقٍّ هو لنا... إلى آخر الخطبة الشّريفة.
3ـ عن الإمام مُحمّد بن عليّ الباقر عن آبائه عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب "صلوات الله عليهم أجمعين", قال رسول الله "صلّى الله عليه وآله": المهدي من وُلدي، يكون له غيبة وحيرة تضلّ فيها الأُمم، يأتي بذخيرة الأنبياء "عليهم السّلام", فيملؤها عدلاً وقسطاً كما مُلئت جوراً وظُلماً.
4 ـ روى القندوزي الحنفي عن أبي بصير عن الإمام الصّادق جعفر بن مُحمّد عن آبائه عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب "عليهم السّلام", قال: قال رسول الله "صلّى الله عليه وآله": المهدي من وُلدي، اسمه اسمي، وكُنيته كُنيتي، وهوأشبه النّاس بي خَلقاً وخُلقاً، يكون له غيبة وحيرة في الأُمم حتى تَضِلّ الخلق عن أديانهم، فعند ذلك يقبل كالشّهاب الثّاقب، فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلئت ظُلماً وجوراً.
5 ـ عن الإمام عليّ بن موسى الرّضا عن أبيه عن آبائه "عليهم السّلام", قال: قال رسول الله "صلّى الله عليه وآله": مَن أحبَّ أن يتمسَّك بديني ويركب سفينة النّجاة بعدي, فليقتدِ بعليّ بن أبي طالب، وليُعادِ عدوَّه، وليوالِ وليَّه، فإنّه وصيِّي وخليفتي على أُمّتي في حياتي وبعد وفاتي، وهوإمام كلّ مُسلم، وأمير كلّ مؤمن بعدي، قوله قولي، وأمرُه أمري، ونهيُه نهيي، وتابعُه تابعي، وناصرُه ناصري، وخاذِلُه خاذِلي.
ثمّ قال "صلّى الله عليه وآله": مَن فارق عليّاً بعدي لم يرنِ ولم أرَه يوم القيامة، ومَن خَلَف عَليّاً حرَّم الله عليه الجنّة وجعل مأواه النّار, ومَن خَذَل عليّاً خذلَه الله يوم يُعرض عليه، ومَن نصر عليّاً نصره الله يوم يلقاه، ولقَّنَه حجَّته عند المسألة.
ثمّ قال "صلّى الله عليه وآله": الحسن والحُسين إماما أُمّتي بعد أبيهما، وسيّدا شباب أهل الجنّة، أمُّهما سيّدة نساء العالمين، وأبوهما سيّد الوصيَّين، ومِن وُلد الحُسين تسعة أئمّة، تاسعهم القائم من ولُدي، طاعتهم طاعتي، ومعصيتهم معصيتي.
إلى الله أشكوالمنكرين لفضلهم، والمضيِّعين لحُرْمتهم بعدي، كفى بالله وليّاً وناصراً لعترتي وأئمّة أُمّتي، ومنتقماً من الجاحدين حقَّهم، وسيعلم الذين ظلموا أيَّ مُنقلب ينقلبون.
6 ـ عن جابر بن عبد الله الأنصاري, قال: قال رسول الله "صلّى الله عليه وآله": ينزل عيسى بن مريم "عليه السّلام" فيقول أميرهم المهدي: تعال صَلِّ بنا. فيقول: ألا وإن بعضكم على بعض أمراء تكرمةً من الله عزّ وجلّ لهذه الأمَّة.
7 ـ عن حذيفة قال: قال رسول الله "صلّى الله عليه وآله": المهدي رجل مِن وُلدي، وجهه كالكوكب الدّرِّي، اللون لون عربي، والجسم جسم إسرائيلي، يملأ الأرض عدلاً كما مُلئت جوراً، يرضى في خلافته أهل السّماء والطّير في الجو، يَملك عشرين سنة.
8 ـ روى المجلسي عن الشّيخ المفيد عن أبي أيّوب الأنصاري, قال: قال رسول الله "صلّى الله عليه وآله" لفاطمة ـ "في مرضه ـ: والذي نفسي بيده, لابدَّ لهذه الأُمّة مِن مهدي، وهووالله مِن وُلدِك.
9 ـ عن مكحول عن عليّ بن أبي طالب "عليه السّلام", قال: قُلت: يا رسول الله, أمِنَّا ـ آل مُحمّد ـ المهدي أم مِن غيرنا ؟ فقال رسول الله "صلّى الله عليه وآله": لا، بل مِنّا، بنا يختم الله الدّين كما فتح الله بنا، وبنا يُنقَذون عن الفتنة كما أنقذوا مِنْ الشّرك، وبنا يؤلِّف الله بين قلوبهم بعد عداوة الفتنة إخواناً كما ألَّف بين قلوبهم بعد عداوة الشّرك، وبنا يصبحون بعد عداوة الفتنة إخواناً كما أصبحوا بعد عداوة الشّرك إخواناً.
10 ـ عن ابن عبّاس, قال: قال رسول الله "صلّى الله عليه وآله": عليّ بن أبي طالب إمام أُمّتي، وخليفتي عليهم بعدي، ومِن وُلده القائم المنتظر الذي يملأ الله "عزّ وجلّ" به الأرض عدلاً وقسطاً كما مُلئت جوراً وظُلماً، والذي بعثني بالحقّ بشيراً, إنَّ الثّابتين على القول به ـ في زمان غيبته ـ لأعزَّ ـ أي أقلّ وأندر ـ من الكبريت الأحمر.
فقام إليه جابر بن عبد الله الأنصاري, فقال: يا رسول الله, وللقائم من وُلدك غيبة ؟ فقال: إي وربّي, وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الذينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ. يا جابر, إنّ هذا لأمر من أمر الله، وسِرٌّ من سرِّ الله، مَطوي ـ أي مستور ـ عن عباده، فإيّاك والشّك في أمر الله فهو كفر.
11 ـ عن هشام بن سالم عن الإمام الصّادق جعفر بن مُحمّد عن أبيه عن جدِّه "عليهم السّلام", قال: قال رسول الله "صلّى الله عليه وآله": القائم من وُلدي، إسمه إسمي، وكُنيته كُنيتي، وشمائله، وسُنَّته سُنَّتي، يقيم النّاس على مِلَّتي وشريعتي، ويدعوهم إلى كتاب الله عزّ وجلّ، مَن أطاعه أطاعني، ومَن عصاه عصاني، ومَن أنكره في غيبته فقد أنكرني، ومَن كذَّبه فقد كذَّبني، ومَن صدَّقه فقد صدّقني، إلى الله أشكوالمكذِّبين لي في أمره، والجاحدين لقولي في شأنه، والمضلّين لأُمّتيَّ عن طريقته، وسيعلم الذين ظلموا أيَّ مُنقلب ينقلبون.
12 ـ عن أبي سعيد الخدري ـ في حديث طويل ـ قال: قال رسول الله "صلّى الله عليه وآله" لفاطمة ـ: يا بُنَيَّة, إنّا أُعطينا ـ أهل البيت ـ سبعاً لم يُعطها أحد قبلنا:
1 ـ نبيُّنا خير الأنبياء، وهوأبوك.
2 ـ ووصيُّنا خير الأوصياء, وهوبعلك.
3 ـ وشهيدنا خير الشّهداء, وهوعمُّ أبيكِ حمزة.
4 ـ ومِنّا مَن له جناحان خضيبان يطير بهما في الجنّة, وهوابن عمِّك جعفر.
5 ـ 6 ـ ومِنّا سبطا هذه الأُمّة, وهُما إبناك الحسن والحُسين.
7 ـ ومنّا ـ والله الذي لا إله إلاّ هوـ مهدي هذه الأُمّة، الذي يصلّي خلفه عيسى بن مريم. ثمّ ضرب بيده على منكب الحُسين "عليه السّلام" فقال: مِن هذا ثلاثاً. أي قال "صلّى الله عليه وآله": من هذا ثلاث مرّات. وفي كتاب "البيان" للشافعي الكُنجي،: قال "صلّى الله عليه وآله": مِن هذا مهدي الأُمَّة.
13 ـ قال رسول الله "صلّى الله عليه وآله": إنَّ خُلفائي وأوصيائي وحُجج الله على الخلق بعدي لاثنا عشر، أوَّلهم أخي وآخرهم ولدي. قيل: يا رسول الله, ومَن أخوك ؟ قال: عليّ بن أبي طالب. قيل وَمَن وَلَدَك ؟ قال: المهدي الذي يملؤها ـ أي الأرض ـ قسطاً وعدلاً كما مُلئت ظُلماً، والذي بعثني بالحقّ بشيراً, لولم يبق من الدّنيا إلاّ يوم واحد لَطوَّل الله ذلك اليوم حتى يخرج فيه ولدي المهدي، فينزل روحُ الله عيسى بن مريم فيصلّي خلفه، وتُشرق الأرض بنور ربّها، ويبلغ سلطانه المشرق والمغرب.
14 ـ عن أبي جعفر الثّاني "الإمام مُحمّد الجواد" عن آبائه عن أمير المؤمنين "عليه السّلام" قال: للقائم منّا غيبة أمدها طويل، كأنّي بالشّيعة يجولون جولان النّعم في غيبته، يطلبون المرعى فلا يجدونه, ألا فمن ثبت منهم على دينه ولم يقس قلبه لطول أمد إمامه, فهومعي في درجتي يوم القيامة. ثمّ قال: إنّ القائم منّا, إذا قام لم يكُن لأحد في عنقه بيعة، فلذلك تخفي ولادته ويغيب شخصه.
15 ـ عن الإمام الرّضا عن آبائه عن أمير المؤمنين "عليهم السّلام", أنّه قال للحُسين "عليه السّلام": التّاسع من ولدك يا حُسين هوالقائم بالحقّ، المظهر للدين، الباسط للعدل. قال الحُسين "عليه السّلام": فقلت يا أمير المؤمنين, وأنّ ذلك لكائن ؟.. فقال: إي والذي بعث مُحمّداً بالنّبوّة واصطفاه على جميع البريّة، ولكن بعد غيبة وحيرة، لا يثبت فيها على دينه إلاّ المخلصون المباشرون لروح اليقين، الذين أخذ الله ميثاقهم بولايتنا، وكتب في قلوبهم الإيمان, وأيّدهم بروح منه.
16 ـ عن أمير المؤمنين "عليه السّلام" في كتاب نهج البلاغة: قال "عليه السّلام": فانظروا أهل بيت نبيّكم, فلئن لبدوا فالبدوا, وإن استنصروكم فانصروهم, فليفرّجنّ الله الفتنة برجل منّا أهل البيت، يأتي ابن خير الإماء، لا يعطيهم إلاّ السّيف هرجاً هرجاً موضوعاً على عاقته ثمانية أشهر، حتى تقول قُريش: لوكان هذا من ولد فاطمة لرحمنا, يغريه الله ببني أُميّه ـ أي يسلطه الله عليهم ـ حتى يجعلهم حطاماً ورفاتاً، ملعونين أينما ثقفوا أُخذوا وقتّلوا تقتيلاً، سُنّة الله في الذين خلوا من قبل, ولن تجد لسنّة الله تبديلاً.
17 ـ وعن مولانا أمير المؤمنين "عليه السّلام" أنّه قال: سيأتي الله بقوم يحبّهم الله ويحبّونه، ويملك من هو بينهم غريب، فهوالمهدي، أحمر الوجه، بشعره صهوبة, يملأ الأرض عدلاً بلا صعوبة، يعتزل في صغره عن أُمّه وأبيه، ويكون عزيزاً في مرباه، فيملك بلاد المُسلمين بأمان، ويصفو له الزّمان، ويسمع كلامه، ويطيع الشّيوخ والفتيان، ويملأ الأرض عدلاً كما مُلئت جوراً، فعند ذلك كملت إمامته وتقرّرت خلافته، والله يبعث مَن في القبور, فأصبحوا لا ترى إلاّ مساكنهم، وتعمّر الأرض وتصفو, تزهو بمهديها، وتجري به أنهارها، وتعدم الفتن والغارات، ويكثر الخير والبركات.
18 ـ عن عليّ "عليه السّلام" عن رسول الله "صلّى الله عليه وآله", قال: إذا توالت أربعة اسماء من الأئمّة من ولدي، مُحمّد وعليّ والحسن, فرابعها هوالقائم المأمول المنتظر.
19 ـ وعن سلمان الفارسي "رحمه الله", قال: دخلت على النّبي "صلّى الله عليه وآله", فإذا الحُسين على فخذه وهويقبّل عينيه ويلثم فاه ويقول: أنت سيّد ابن سيّد, أنت إمام ابن إمام أخوإمام أبوالأئمّة, أنت حجّة الله ابن حجّته وابوحجج تسعة, من صلبك تاسعهم قائمهم.
20 ـ عن عليّ "عليه السّلام" قال: قال رسول الله "صلّى الله عليه وآله": الأئمّة بعدي إثنا عشر, أوّلهم أنت يا عليّ, وآخرهم القائم الذي يفتح الله عزّ وجلّ على يديه مشارق الأرض ومغاربها.
21 ـ عن الصّادق جعفر بن مُحمّد عن أبيه عن جدّه, قال: قال رسول الله "صلّى الله عليه وآله": الأئمّة بعدي إثنا عشر, أوّلهم عليّ بن ابي طالب, وآخرهم القائم, هُم خُلفائي وأوصيائي وأوليائي, وحجج الله على أُمّتي بعدي, المقرّ بهم مؤمن والمنكر لهم كافر.
22 ـ عن عبد الرّحمن بن سمرة, قال: قال رسول الله "صلّى الله عليه وآله": يا بن سمرة, إنّ عليّاً روحه من روحي وطينته من طينتي ... وإنّ منه إمامي أًُمتي, وسيّدي شباب أهل الجنّة الحسن والحُسين وتسعة من ولد الحُسين تاسعهم قائم أُمّتي, يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلئت جوراً وظُلماً.
23 ـ عن أبي عبد الله "عليه السّلام" قال: قال رسول الله "صلّى الله عليه وآله": طوبى لِمن أدرك قائم أهل بيتي وهو مقتد به قبل قيامه, يأتمّ به وبأئمّة الهُدى من قبله, وتبرّأ إلى الله عزّ وجلّ من عدوّهم.
24 ـ عن جابر بن عبد الله الأنصاري, قال: قال رسول الله "صلّى الله عليه وآله": المهدي من ولدي, إسمه إسمي وكُنيته, أشبه النّاس بي خَلقاً وخُلقاً, تكون له غيبة وحيدة تضلّ فيها الأُمم, ثمّ يقبل كالشّهاب الثّاقب يملأها عدلاً وقسطاً كما مُلئت ظُلماً وجوراً.
25 ـ عن عليّ بن موسى الرّضا "عليه السّلام" عن أبيه عن آبائه, قال: قال رسول الله "صلّى الله عليه وآله":... ومن عليّ سبطا أُمّتي, وسيّدا شباب أهل الجنّة الحسن والحُسين, ومن ولد الحُسين تسعة أئمّة, طاعتهم طاعتي ومعصيتهم معصيتي تاسعهم قائمهم مهديهم.
26 ـ عن أمير المؤمنين "عليه السّلام" في خطبة في مدح النّبيّ والأئمّة "عليهم السّلام" قال: فنحن أنوار السّماوات والأرض وسفن النّجاة، وفينا مكنون العلم، وإلينا مصير الأمور، وبمهدينا تقطع الحجج، فهوخاتم الأئمّة، ومنقذ الأُمّة، ومنتهى النّور، وغامض السّر، فليهنأ من استمسك بعروتنا وحشر على محبّتنا.
27 ـ عن الإمام أمير المؤمنين "عليه السّلام": يظهر صاحب الرّاية المُحمّدية، والدّولة الأحمدية، القائم بالسّيف, والحال الصّادق في المقال، يمهّد الأرض، ويحيي السّنّة والفرض.
28 - عن عليّ بن أبي طالب"عليه السّلام", قال: إذا نادى مناد من السّماء: إنّ الحقّ في آل مُحمّد. فعند ذلك يظهر المهدي على أفواه النّاس يشربون ذكره، فلا يكون لهم ذكر غيره.
29 ـ عن أبي جعفر "الإمام مُحمّد الباقر" عن أبيه عن جدّه "عليهم السّلام", قال: قال أمير المؤمنين "عليه السّلام" - وهوعلى المنبرـ: يخرج رجل من ولدي في آخر الزّمان، أبيض اللون، مشرب بالحمرة, مبدح البطن, عريض الفخذين، عظيم مشاش المنكبين, بظهره شامتان: شامة على لون جلده، وشامة على شبه شامة النّبيّ "صلّى الله عليه وآله", له اسمان: اسم يخفي واسم يعلن: فأمّا الذي يخفي فأحمد، وأمّا الذي يعلن: مُحمّد, فإذا هزّ رايته أضاء لها ما بين المشرق والمغرب، ويضع يده على رؤوس العباد, فلا يبقى مؤمن إلاّ صار قلبه أشدّ من زبر الحديد، وأعطاه الله قوّة أربعين رجلاً، ولا يبقى ميّت من المؤمنين إلاّ دخلت عليه تلك الفرحة في قلبه وهوفي قبره، وهم يتزاورون في قبورهم، يتباشرون بقيام القائم "عليه السّلام".
30 - عن الإمام الحسن "عليه السّلام" قال:... أما علمتم أنّه ما منّا أحد إلاّ ويقع في عنقه بيعة لطاغية زمانه إلاّ القائم الذي يصلّي روح الله عيسى بن مريم خلفه، فإنّ الله عز ّوجلّ يخفي ولادته ويغيب شخصه؛ لئلا يكون لأحد في عنقه بيعة إذا خرج، ذاك التّاسع من ولد الحُسين ابن سيّدة الإماء، يطيل الله عمره في غيبته، ثمّ يظهره بقدرته في صورة شاب ابن دون أربعين سنة، ذلك ليعلم أنّ الله على كلّ شيء قدير.
31 ـ عن الإمام الحُسين "عليه السّلام" قال: لو لم يبق من الدّنيا إلاّ يوم واحد لطوّل الله "عزّ وجلّ" ذلك اليوم حتى يخرج رجل من ولدي, يملأها عدلاً وقسطاً كما مُلأت جوراً وظلماً، كذلك سمعت رسول الله "صلّى الله عليه وآله" يقول.
32 ـ عن الإمام الحُسين "عليه السّلام" قال: قائم هذه الأُمّة هوالتّاسع من ولدي، وهوصاحب الغيبة، وهوالذي يقسّم ميراثه وهو حيّ.
33 ـ عن الحُسين بن عليّ "عليهما السّلام" قال: لو قام المهدي لأنكره النّاس؛ لأنّه يرجع إليهم شابّاً وهم يحسبونه شيخاً كبيراً.
34 ـ عن الحُسين بن عليّ بن أبي طالب "عليهما السّلام", قال: منّا اثنا عشر مهديّاً، أوّلهم أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب، وآخرهم التّاسع من ولدي، وهوالإمام القائم بالحقّ، يحيي الله به الأرض بعد موتها, ويظهر به دين الحقّ على الدّين كلّه ولوكره المشركون، له غيبة يرتدّ فيها أقوام، ويثبت فيها على الدّين آخرون، فيؤذون ويُقال لهم: متى هذا الوعد إن كنتم صادقين.
أما إنّ الصّابر ـ في غيبته ـ على الأذى والتّكذيب بمنزلة المجاهد بالسّيف بين يدي رسول الله "صلّى الله عليه وآله".
35 ـ عن عيسى الخشّاب, قال: قُلت للحُسين بن عليّ "عليهما السّلام": أنت صاحب هذا الأمر؟
قال: لا... ولكن صاحب الأمر الطّريد الشّريد، الموتور بأبيه، المُكنّى بعمّه, يضع سيفه على عاتقه ثمانية أشهر.
36 ـ زين العابدين وسيّد السّاجدين الإمام عليّ بن الحُسين "عليهما السّلام" قال ـ في ضمن خطبته ـ:
أيّها النّاس: أُعطينا ستّاً، وفضّلنا بسبع: أُعطينا العلم والحلم والسّماحة والفصاحة والشّجاعة والمحبّة في قلوب المؤمنين, وفضّلنا: بأنّ منّا النّبيّ المختار, ومنّا الصّدّيق, ومنّا الطّيار, ومنّا أسد الله وأسد رسوله, ومنّا سبطا هذه الأُمّة، ومنّا مهدي هذه الأُمّة... إلى آخر الخطبة.
37 ـ عن الإمام عليّ بن الحُسين سيّد العابدين "عليه السّلام": القائم منّا, تخفى ولادته على النّاس حتى يقولوا: لم يولد بعد، ليخرج حين يخرج وليس لأحد في عنقه بيعة.

الإمام المهدي في الملل والنحل والأديان
الإمام المهدي في الأديان السماوية والملل والنحل
منذ تقادم العصور وازدياد الظلم بين البشرية، كانت الأمم تتطلع إلى رجل مصلح يظهر ليحررها من نير الذّل والعبودية والاضطهاد، وظلت ترنيمة المخلص الموعود ترددها البشرية وتلهج بها الشعوب.
وقد وصل بأيدينا من آثار السلف الماضي ما يدل على أن القرون الماضية كانت تتطلع بلهفة وشوق إلى ذلك المصلح الموعود، بل البشرية جمعاء ، فقضية ظهور المصلح وانقاذ الانسان من العبودية للمخلوق والتوجه الى العبودية المطلقة لله تعالى هي أصل مسلم عند جميع الأديان السماوية ، ولكن تجد هذه القضية أكثر جلاءً وأوضح استدلالاً في ديننا الاسلامي الحنيف الذي جعل من هذه القضية أصلا اعتقاديا تتوقف عليه جملة من الأمور وقد نصّ على أهمية هذا الموضوع كتاب الله العظيم ورسوله الكريم والأئمة الطاهرين وكذا السلف والخلف .
وبشائر وتنبؤات كثيرة حول المهدي الموعود، وظهوره نجدها في ما وقع بأيدينا من الكتب السماوية المقدسة وآثار السلف الأخرى وما وصلنا من مقولات الحكماء القدامى، وقد جمع بعض المتتبعين قسماً من هذه الباشر والمقولات. بل حتى الآثار المصرية القديمة توجد منها دلالات وإشارات حول المصلح والمنقذ.
وللتأكيد على هذا المطلب نعرض هنا مجموعة من البشائر التي ذكرتها الكتب المقدسة عند الأديان.

أوّلاً: المهدي في الديانة اليهودية
الملة اليهودية من قبل أن يبعث النبي عيسى (عليه السلام) و بعد بعثته أيضا كانت ولا تزال تنتظر موعودها المؤمل، فقد أشير باستمرار إلى الموعود في آثار الديانة اليهودية.. وأسفار التوراة وكتب اخرى تشير إلى ذلك.
وإذا أردنا الاعتماد على الأفكار التي جاءت في كتاب (نبؤة هيلد) معناها وحي الطفل . فسوف نضع اليد على أفكار كثيرة بصدد ظهور الرسول الاكرم (صلى الله عليه وآله) ومقاطع من تاريخه وسيرته وتوابع ومستلزمات بعثته وبعض مؤشرات آخر الزمان لشخصية الإمام المهدي (أرواحنا فداه) بل هناك إشارات أيضاً يمكن أن نلحظها حول واقعة عاشوراء (واقعة الطف الخالدة).
وحيث إن الشعب اليهودي لم يؤمن بالسيد المسيح (عليه السلام) ورسالته بل خُيّل لهم بانهم قتلوه وصلبوه فموعودهم لم يظهر حتى الآن، وإذا تأملنا في مجموع التراث اليهودي المقدس نجد فيه تصويراً لملامح موعودين ثلاثة: السيد المسيح (عليه السلام)، الرسول الأعظم محمد (صلى الله عليه وآله)، الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه).
ومع وضوح هذه الرؤية وتلك الملامح الواضحة للموعودين الثلاثة في الفكر اليهودي، ولم نر اليهود يتابعون أياً من المسيح (عليه السلام)، والرسول محمد (صلى الله عليه وآله)، ومن هنا فإنهم سيظلون قلقين إزاء قضية الموعود ومفهوم الانتظار، وعلى هذا الأساس فعليهم أن لا يمروا على كل البشائر والإشارات التي وردت في نصوصهم وكتبهم مرور الكرام
فالملة اليهودية لابد وأن تكون أشد انتظاراً من المتظرين الآخرين، وأن يعكفوا بشكل أكبر على تأمل مفهوم الإنتظار، والإستعداد ليوم الظهور، وأن يرفعوا اليد عن كل ألوان الظلم والخيانة التي مارسوها ومازالوا بحق البشرية، ويخشوا عواقب الظلم والعدوان، فهؤلاء لم يذعنوا لموعوديهم المسيح بن مريم (عليه السلام) والرسول محمد (صلى الله عليه وآله).
إلا أنهم سوف لا ينجون من سطوة الموعود الثالث وعدله.. ولذا يرد في الروايات أن جماعة من اليهود تلتف حول (الدجال) وتسنده، وبظهور المهدي ونزول السيد المسيح إلى الأرض يقتل هؤلاء قتلاً جماعياً لتعود ساحة التاريخ والإنسانية نقية من وجود هذه الجرثومة الملوثة، وهذا نموذج آخر لخبث وانحطاط هؤلاء القوم، فحتى في آخر الزمان لن يخضعوا للحق، بل سوف ينضمون إلى زمرة أنصار الدجال
وأريد أن أشير هنا إلى أن البشائر المذكورة في آثار اليهود المقدسة بأجمعها واقعية وصحيحة، وقد تحقق قسم منها، والقسم الآخر سيتحقق، إلا أن اليهود لم يقبلوا منطق الحق لا من النبي عيسى (عليه السلام) ولا من الرسول محمد (صلى الله عليه وآله)، (رغم أن البشارة بهذين النبيين العظيمين قد وردت في كتب اليهود أنفسهم)، إلاّ أنهم سيقبلون بحد سيف الإمام المهدي (أرواحنا فداه) كما يصرّح بذلك القرآن الكريم والسنة الشريفة.
وبغض النظر عن حقانية اليهود وعدمها، وتسليمهم لمنطق الحق وعدمه، فقد جاء بعد نبي الله موسى (عليه السلام) نبي الله عيسى بن مريم (عليه السلام) ونسخ دين موسى وأضحت الديانة اليهودية ديانة منسوخة وشريعة مهملة عملياً.
ومنذ فجر الإسلام وحتى اليوم والى قيام الساعة ينفرد الإسلام على وجه الأرض بوصفه الدين السماوي المبني على أساس الوحي والنبوة ولا يقبل سواه قال تعالى: ((ومن يبتغي غير الاسلام دينا لم يقبل منه)) ، وكتاب الله بين الناس يبقى على الدوام (القرآن) والموعود اليوم هو الإمام المهدي (أرواحنا فداه).
وبهذه تكون البشائر والإشارات التي وصلتنا عن طريق الأنبياء والأئمة وكبار السلف الصالح صادقة بحق الإمام المهدي (أرواحنا فداه وعجل الله تعالى فرجه الشريف) وهي تنظر إليه وتقصده وتلحظ ظهوره فهو المصداق الواقعي لها جميعاً.
وهذه مجموعة من كتب اليهودية والعهد القديم التي ورد فيها الحديث عن المنتظر الموعود:
1 ـ كتاب دانيال النبي.
2 ـ كتاب حجي (حكي) (حقي) النبي.
3 ـ كتاب حفينا النبي.
4 ـ كتاب أشعيا النبي.
وقد جاء في زبور داوود (عليه السلام) أيضاً أفكار بهذا الصدد كما تحدث القرآن، وثبت مبدأ غلبة الصالحين حيث قال: ((وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ)).

ثانياً: المهدي في الديانة المسيحية
لقد بشرنا سيدنا عيسى (عليه السلام) بظهور نبي آخر الزمان وبأوصيائه الإثنا عشر (صلوات الله عليهم أجمعين) وبقي ذلك راسخاً في التراث المسيحي، والأمر يعود في ذلك إلى أسباب عديدة منها :
1 ـ لأنّ الديانة المسيحية هي الأقرب إلى الاسلام من غيرها .
2 ـ ولأنّ المسيحية هي آخر الديانات قبل الإسلام فتكون الدلالات محفوظة فيها أكثر .
3 ـ وكذلك لأن قضية رفع الله تعالى المسيح وطول عمره يقر بها المسيحيون لذا إذا واجهتهم قضية شبيه لذلك فهم لا يرفضوها من الأصل بل يحاولون أن يدرسوها ويتمعنوا فيها .
4 ـ خط آثار المسيحية من التحريف أقل نسبياً مما عليه من آثار الملل السابقة، وترتبط هذه القضية بالزمن أيضاً، إذ أن آثار اليهود المقدسة ابتداءاً من مرحلة نزولها وصدورها قطعت زمناً أكبر مما قطعته الآثار المسيحية.
وقد كان هذا الأمر سبباً في عدم إتاحة الفرصة ليد التحريف والتعمية لتلعب الدور نفسه الذي لعبته في آثار اليهودية وتراثها، بالإضافة إلى الجهد الذي بذله علماء المسيحية في هذا الصدد وأخذهم ظاهرة التحريف بعين الاعتبار في قبولهم وردهم للأناجيل.
ولهذا، فإننا نجد هذه البشائر بالمخلص الموعود حاضرة في التراث المسيحي بشكل واضح، ونشير هنا إلى بعض الكتب التي وردت فيها تلك البشائر والإشارات حول ظهوره في آخر الزمان: إنجيل متى، إنجيل لوقا، إنجيل مرقس، مكاشفات يوحنا، إنجيل برنابا.
ففي الفصل السادس والتسعون من إنجيل برنابا المترجم من الانجليزية . يسأل الكاهن السيد المسيح (عليه السلام): هل أنت مسيح الله الذي ننتظره؟
أجاب يسوع: حقاً إن الله وعد هكذا ولكني لست هو لأنه خلق قبلي وسيأتي بعدي.
أجاب الكاهن: إننا نعتقد من كلامك وآياتك على كل حال أنك نبي وقدوس الله لذلك أرجوك باسم اليهودية كلها وإسرائيل أن تفيدنا حباً في الله بأية كيفية سيأتي (مسّيا)؟
أجاب يسوع: لعمر الله الذي تقف بحضرته نفسي إني لست (مّسياً) الذي تنتظره كل قبائل الأرض كما وعد الله أبانا إبراهيم قائلاً: بنسلك أبارك كل قبائل الأرض ولكن عندما يأخذني الله من العالم سيثير الشطيان مرة اخرى هذه الفتنة الملعونة بأن يحمل عدم التقوى على الاعتقاد بأني الله وابن الله، فيتنجس بسبب هذا كلامي وتعليمي حتى لا يبقى ثلاثون مؤمناً، حينئذٍ يرحم الله العالم ويرسل رسوله الذي خلق كل الأشياء لأجله، الذي سيأتي من الجنوب بقوة، وسيبيد الأصنام وعبدة الأصنام، وسينزع من الشيطان سلطته على البشر، وسيأتي برحمة الله لخلاص الذين يؤمنون به، وسيكون من يؤمن به مباركاً.
وجاء في الفصل السابع والتسعون: ومع أني لست مستحقاً أن أحلّ سير حذائه، وقد نلت نعمة ورحمة من الله لأراه....
ثم يستطرد قائلاً: إن اسم (مسيّاً) عجيب لأن الله نفسه سماه لما خلق نفسه ووضعها في بهاء سماوي.
وقد ورد في المزمور 72 من مزامير داوود (عليه السلام) ذكر النبي محمد (صلى الله عليه وآله)، والامام المهدي المنتظر (أرواحنا فداه) فإن صياغته شبيهة بالأدعية والتوسل إلى الله عز وجل حيث ننقل نص الترجمة العربية لهذا المزمور كما وردت في (كتاب المقدس) الصادر عن دار الكتاب المقدس في الشرق الأوسط، فقد جاء في هذا المزمور:
اللهم أعط شريعتك للملك وعدلك لابن الملك...
ليحكم بين شعبك بالعدل ولعبادك المساكين بالحق. ...
فلتحمل الجبال والآكام السلام للشعب في ظل العدل. ...
ليحكم المساكين الشعب بالحق ويخلص البائسين ويسحق الظالم! ...
يخشونك ما دامت الشمس وما أنار القمر على مرّ الأجيال والعصور! ...
سيكون كالمطر يهطل على العشب وكالغيث الوارف الذي يروي الأرض العطشى!. . .
يشرق في أيامه الأبرار ويعم السلام إلى يوم يختفي القمر من الوجود. ...
ويملك من البحر إلى البصر ومن النهر إلى أقاصي الأرض. ...
أمامه يجثوا أهل الصحراء ويلحس أعداؤه التراب. ...
ملوك ترسيس والجزائر يدفعون الجزية، وملوك سبأ وشبا يقدمون الهدايا...
يسجد له كل الملوك، وتخدمه كل الأمم. ...
لأنه ينجّي الفقير المستغيث به والمسكين الذي لا معين له. ...
يشفق على الضعفاء والبائسين ويخلص أنفس الفقراء. ...
ويحررهم من الظلم والجور وتكرم دماؤهم في عينيه. ...
فليعش طويلاً وليعط له ذهب سبأ، وليصل عليه دائماً وليبارك كل يوم. ...
فليكثر القمح والبر في البلاد حتى أعالي البلاد! ولتتمايل سنابل القمح كأشجار جبل لبنان! وليشرق الرجال في المدينة كحشائش الحقول! ...
ويبقى اسمه أبد الدهر، وينتشر ذكره واسمه أبداً ما بقيت الشمس مضيئة!
وليتبارك به الجميع، وجميع الأمم تنادي باسمه سعيدة. ...
يقول الأستاذ تامر مير مصطفى: اضطررنا للاستغاثة بالترجمة الفرنسية التي استفدنا منها هي من ترجمة: LECHANOINE.A.CRAMPON.
ويستطرد قائلاً: ينسب بعض مترجمي ومفسري العهد القديم من اليهود والنصارى هذا المزمور إلى نبي الله داوود (عليه السلام)، كما ينسبه البعض الآخر منهم إلى ابنه سليمان (عليه السلام)، وقد اختلف اليهود والنصارى في تعيين الشخصيتين المتوسل إلى الله تعالى بهما في بداية هذا المزمور بأن يرسلهما لإنقاذ المستضعفين من الناس وللعمل بشريعة الله وإقامة عدله في الارض، فقالت اليهود بأن المقصود بالملك في هذا المزمور هو نفسه نبي الله داوود (عليه السلام) وبابن الملك سليمان ابنه، ولكن النصارى قالوا بأن المقصود بالملك هنا عيسى (عليه السلام) وبأن جميع ما جاء في هذا المزمور جاء بشارة به (عليه السلام)، ولكنهم لم يعطوا أي تفسير بما يخص (ابن الملك).
أما نحن فنقول: بأن ادعاء الفريقين واضح البطلان ولتبيين ذلك نبدأ بما يدعيه اليهود من أن المقصود (بالملك) هو داوود نفسه وأن (ابن الملك) هو سليمان (عليه السلام) فادعاؤهم هذا باطل من عدة وجوه:
أولاً: إن النبي داوود (عليه السلام) لم يكن صاحب شريعة لكي يقول: اللهم أعط شريعتك للملك لأنه (عليه السلام) لم يأت بشريعة بل كان نفسه خاضعاً لشريعة موسى (عليه السلام).
ثانياً: لا يعقل أن يسمي داوود (عليه السلام) نفسه بالملك وهو في مقام تذلّل وتضرع وخشوع أمام ملك الملوك وخالق السموات والأرض، فإن ذلك لا يصدر عن أكثر الناس جهلاً بمقام الربوبية فضلاً عن أن يصدر عن نبي من أنبياء الله تعالى.
كما أن المعروف عن نبي الله داود (عليه السلام) هو خضوعه وخشوعه التامان لله عز وجل خصوصاً في أوقات الدعاء كما دلت الكتب المقدسة. ولذا نستعيد أن يكون نبي الله داود قد كنى عن نفسه بالملك وهو في حال التذلل والتضرع أمام الله عز وجل.
ثالثاً: إن ما جاء في الفقرة الخامسة من هذه البشارة: يخشونك ما دامت الشمس وما أنار القمر على مرّ الأجيال والعصور وأيضاً ما جاء في الفقرة الحادية عشرة: يسجد له كل الملوك وتخدمه كل الأمم لا ينطبق على النبي داود (عليه السلام). حيث لم يعرف أن الأمم والشعوب خارج فلسطين كانت وما تزال تخشاه على مر العصور والأجيال ولا إن الملوك والأمم من خارج فلسطين كانت تطيعه وتخدمه.
ونحن إذا ما أخذنا بما جاء في الفقرة الخامسة عشرة، والفقرة السابعة عشرة لوجدنا أن أياً من الصفات لا تنطبق على نبي الله داود (عليه السلام)، وإنما تشير إلى أن وعد الله لإبراهيم (عليه السلام) بأن يجعل جميع الأمم تتبارك به قد تحقق بظهور هاتين الشخصيتين العظيمتين من نسله والتي يناجي داود (عليه السلام) ربه لكي يرسلهما للناس لينشرا شريعته ويقيما عدله على الأرض بين الناس.
رابعاً: هو أنه بعد أن دعا نبي الله داود (عليه السلام) ربه لكي يرسل تلك الشخصية العظيمة المعبر عنها بالملك بالشريعة الإلهية ليحكم بها بين الناس، شرع بالتحدث بصيغة الغائب مصوراً لنا المستقبل بعد مجيء هذا المبشر به الذي يسحمل شريعة الله إلى الناس حيث ستخضع لها الشعوب والأمم وسيقوم ابنه أو (حفيده) بإقامة عدل الله في الأرض بحسب قوانين هذه الشريعة الإلهية الخاتمة.
إذن إن هاتين الشخصيتين العظيمتين ستأتيان بعد عصر داود (عليه السلام) وهذا ما يبطل ادعاء علماء اليهود من كون المقصود بالملك هو داوود (عليه السلام).
وإذا بطل بالتحقيق كون الشخصية الأولى (أي الملك) هي داوود (عليه السلام) بطل بالنتيجة الثانية (أي ابن الملك) هو سليمان (عليه السلام).
ويمكن أيضاً إبطال دعواهم من كون المقصود بابن الملك هو سليمان (عليه السلام) من وجهين:

الوجه الأول: بحسب اعتقاد أهل الكتاب وتصريح كتابهم المقدس فإن سليمان (عليه السلام) قد ارتد عن عبادة الله تعالى وعكف على عبادة الأوثان. (ونعوذ بالله من افتراءاتهم الباطلة على أنبياء الله ورسله).
حيث أقام معابد مرتفعة للأصنام مقابل هيكل الرب وكانت زوجاته يعبدن الأصنام في بيته فأي ظلم أعظم وأشنع من هذا الظلم؟!
كما أنب نبي الله أشعياء (عليه السلام) بني اسرائيل لانحرافهم عن دين التوحيد وجعلهم شركاء مع الله تعالى فقد لهم:.. فبمن تشبهون الله، وأي شبه تعادلون به؟! ألا تعلمون؟! الله هو الرب إلى الأبد.
وجاء في القرآن الكريم على لسان لقمان وهو يعظ ابنه: ((يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ)).
ينطبق أيضاً جميع ما أوردناه أعلاه حول عدم خصوصية هذه البشارة بداود (عليه السلام) على ابنه سليمان (عليه السلام).
الوجه الثاني: ربما احتج بعضهم بأن أوصاف هذا الملك العظيم الواردة في هذه البشارة يمكن لها أن تنطبق على ملك سليمان (عليه السلام) حيث جاء في القرآن الكريم أن دعا ربه قائلاً: ((وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ)).
ويقولون إن سليمان (عليه السلام) دعا الله تعالى أن لا يؤتي مثل ما أوتيه من الملك لأحد من العالمين غيره. ولكن الحق كما ذكره العلامة المرحوم محمد حسين الطباطبائي حيث قال:.. ويدفعه أن فيه سؤال ملك يختص به لا سؤال أن يمنعن غيره عن مثل ما أتاه ويحرمه، ففرق بين أن يسأل أوتيه ملكاً اختصاصياً وأن يسأل الاختصاص بملك اوتيه.
كما أن الواقع التاريخي يثبت لنا أن مملكة سليمان لم تزدد سعة عما كانت عليه أيام أبيه داوود (عليه السلام)، وسلطته لم تكن إلاّ على بني إسرائيل فقط، فهو لم يملك مصر ولا العراق ولا حتى سورية، بل كان على علاقات ودية في غالب الأحيان مع الممالك المجاورة لمملكته. ومجيء بلقيس ملكة سبأ إليه كان لكثرة ما سمعته عن حكمته ودين التوحيد الذي كان يدعو الناس إليه، فقد كان نبياً ملكاً، أتاه الله تعالى من الحكمة والعلم ما لم يؤته أحداً في زمانه.
ومما يدل على ذلك ما جاء في سفر الملوك الأول في قصة ورود الملكة بلقيس على سليمان (عليه السلام): وسمعت ملكة سبأ بخبر سليمان واسم الرب فقدمت لتختبره بأحاجي.. وقالت للملك: حقاً كان الكلام الذي بلغني في أرضي عن أقوالك وعن حكمتك ولم أصدق ما قيل لي حتى قدمت وعاينت بعيني فإذا إني لم أخبر بالنصف فقد زدت حكمة وصلاحاً على الخبر الذي سمعته... تبارك الرب إلهك الذي رضي منك وأجلسك على عرش إسرائيل. وقولها له: تبارك الرب إلهك الذي رضي منك وأجلسك على عرش إسرائيل دليل على أن سلطته كانت على بني إسرائيل فقط وليس على بقية الشعوب والأمم.
فدعاؤه (عليه السلام) كان بأن لا يهب الله تعالى ملكه الذي أعطاه إياه لأحد من بعده، وذلك لما أطلعه الله على فساد الذين سيرثونه من بعده.
وقد استجاب الله عز وجلّ دعاءه فسرعان ما انقسمت مملكته من بعده فاختص ابنه (رجبعام) بجزء صغير من مملكة أبيه سليمان (عليه السلام)، وأسّس فيه مملكة إسرائيل في منطقة نابلس التي كانت تسمى (السامرة) ونتيجة للحروب التي قامت بين ممكلة يهوذا في القدس ومملكة إسرائيل في السامرة فقد ضعفتا وأصبحتا هدفاً لاجتياح الإمبراطوريات والممالك المجاورة لهما كالفراعنة والآشوريين والبابليين حتى تلاشتا من الوجود، وبذلك استجاب الله تعالى دعاء سليمان إياه بأن لا يهب ملكه لأحد من بعده فلم يملك أحد من بني إسرائيل ملكاً كملك سليمان من بعده.
وبهذا ظهر لنا بطلان ادعاء اليهود من أن البشارة الواردة في المزمور 72 جاءت بحق داوود وابنه سليمان (عليهما السلام).
وأما ادعاء النصارى بأن هذه البشارة قد وردت بحق عيسى المسيح (عليه السلام) فإنه ادعاء باطل أيضاً من عدة وجوه:
الوجه الأول : عيسى بن مريم (عليه السلام) لم يكن صاحب ملك ولم يحكم ولا يوماً واحداً بل على العكس كان لليهود السلطة عليه فقد أخذوه وأهانوه وضربوه واستهزؤوا به وقتلوه على حسب زعمهم
كما إنه لم يكن له ابن فهو لم يتزوج في حياته حتى يقال بأن الدعاء: وأعط عدلك لابن الملك، جاء بحقه.
وأيضاً فإن السيد المسيح (عليه السلام) لم يأت بأحكام جديدة حتى يقال بأن ما جاء في هذا الدعاء: وأعط شريعتك للملك مختصّ به (عليه السلام)، وهذا بشهادة الأناجيل الاربعة الموجودة بين أيدي الناس اليوم فإنها تكاد تكون خالية من الأحكام، فالسيد المسيح (عليه السلام) اعترف بنفسه قائلاً: لا تظنوا أني جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء، ما جئت لأنقض بل لأكمل.
كما ان معظم الصفات الواردة في هذا المزمور الثاني والسبعين لا تنطبق على عيسى المسيح (عليه السلام).
وهكذا وبعد أن بينا بطلان ادعاءات كل من اليهود والنصارى حول هذه البشارة نقول بأن جميع الأوصاف الواردة فيها تشير وبدون تكلف إلى رسول الله محمد (صلى الله عليه وآله) الذي تم التعبير عنه في هذا المزمور بالملك والى حفيدة الإمام المهدي المنتظر (عليه السلام) المعبر عنه بابن الملك.
فالفقرة الأولى من هذه البشارة والتي جاءت على شكل دعاء: اللهم أعط شريعتك للملك وعدلك لابن الملك، تشير إلى أنه سوف تظهر بعد زمن داوود (عليه السلام) شخصيتان عظيمتان: إحداهما سوف تحمل شريعة الله إلى الناس كافة، أما الثاني وهو ابن الملك فليس بنبي ولا صاحب شريعة إنما سيكلف من قبل الباري عز وجل بإقامة العدل في الأرض على أساس الشريعة الإلهية التي بعث بها ذلك النبي المرسل، إذاً وابن الملك سيكون بمثابة إمام يهدي الناس إلى الله ويحكم بينهم بالعدل على أساس شريعة ذلك النبي المرسل، أما بقية الصفات الواردة في هذه البشارة فهي مشتركة بين النبي الملك صاحب الشريعة والإمام ابن الملك الذي سيقيم العدل على الأرض.
بقي أن نعرف بأن بين هاتين الشخصيتين العظيمتين يوجد نسب قرابة حيث عبر عنهما (بالملك) و (ابن الملك) وهذا ينطبق على رسول الله (صلى الله عليه وآله) العبر عنه (بالملك) وعلى حفيده وابنه الإمام المهدي المنتظر المعبر عنه (بابن الملك).
وفي الحقيقة فإن ما جاء في المزمور 72 يعد من أقوى البشارات في حق كل من رسول الله (صلى الله عليه وآله) وحفيده المهدي المنتظر عجل الله فرجه حيث جمعت خلاصة أمريهما صلوات الله عليهما، ولم يستطع التحريف الذي أحدث فيها من أن ينال منها وظلت متماسكة البناء واضحة المعاني والدلالات.
ولمزيد من الإيضاح نقوم بتسليط الضوء بشيء من التفصيل على الأوصاف الواردة في هذه البشارة لنرى كيف أنها تشير بوضوح إلى كل من رسول الله (صلى الله عليه وآله) وحفيده الإمام المهدي المنتظر عجل الله فرجه الشريف. فالفقرة الأولى منها تشير إلى أن المبشر به سيكون له سلطان على الناس حيث عبر عنه بالملك وسيكون صاحب شريعة وأحكام لجميع الناس حيث يلزم على جميع الشعوب والأمم الانضواء تحت راتيها.
ومن المعلوم أن هذه الصفة لا تنطبق إلاّ على رسول الله محمد (صلى الله عليه وآله) صاحب الشريعة المستقلة عن جميع الشرائع السابقة وصاحب السلطة الإلهية على جميع البشر حيث أرسله الله تعالى للناس كافة حيث قال: ((وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ)). وجعله رحمة للعالمين، حيث قال سبحانه وتعالى: ((وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ)).
بينما أرسل بقية الأنبياء برسالة خاصة كل إلى قومه؛ فقد جاء في سفر الملوك الأول أن الله تعالى منع أنبياء بني إسرائيل وقومهم من الدخول على الأقوام الأخرى خشية أن تميل قلوبهم إلى آلهة تلك الأقوام والشعوب: وأحب الملك سليمان نساء غريبات كثيرة مع بنت فرعون: موآبيات وعمونيات وأدوميات وصيدونيات وحثيات من الأمم الذين قال عنهم الرب لبني إسرائيل: لا تدخلون إليهم وهم لا يدخلون اليكم لأنهم يميلون قلوبكم وراء آلهتهم.
كما صرح عيسى بن مريم (عليه السلام) أنه لم يرسل إلاّ إلى خراف بني إسرائيل الضالة، ولذا تم التعبير عن رسول الله محمد (صلى الله عليه وآله) بالملك لأن شريعته ستحكم جميع الشعوب والأمم.
وهذا ما دعا نبي الله دانيال (عليه السلام) إلى الإشارة إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) بأنه صاحب السلطان والمملكة التي ستبقى إلى الأبد، فقد ورد في كتاب دانيال ما نصه: وفي أيام هؤلاء الملوك يقيم إله السموات مملكة أي شريعة لن تنقرض ابداً وملكها لا يترك لشعب آخر، وتسحق وتفنى كل هذه الممالك وهي تثبت إلى الأبد.
كما تنبأ دانيال (عليه السلام) مرة ثانية بمجيء محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله) وبأن شريعته لن تنمحي أبداً فقال: "كنت أرى في رؤى الليل وإذا مع سحاب السماء مثل ابن إنسان أتى وجاء إلى القديم الأيام فقربوه قدامه فأعطي سلطاناً ومجداً وملكوتاً لتتعبد له كل الشعوب والأمم والألسنة، سلطانه سلطان أبدي ما لن يزول وملكوته ما لا ينقرض.
كما نادى نبي الله يحيى (عليه السلام) ببني إسرائيل وهو يعمدهم بأن يتوبوا إلى الله ويعدوا أنفسهم ويعدوا الناس لاستقبال شريعة الله الخاتمة والخالدة التي عبر عنها بملكوت السموات فقال لهم: توبوا لأنه قد اقترب ملكوت السموات فإن هذا هو الذي تكلم عنه النبي أشعيا قائلاً: صوت صارخ في الصحراء أعدوا طريق الرب، اصنعوا سبله مستقيمة.
ومعلوم أن هذا الصوت الصارخ في الصحراء والذي دعا إلى عقيدة التوحيد الخالص والى التمسك بصراط الله المستقيم هو محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله).
وأيضاً ما جاء على لسان زكريا (عليه السلام) من بشارة تنطبق على تلك الشخصيتين العظيمتين المبشر بهما في المزمور الثاني والسبعين من مزامير داود (عليه السلام) والتي أثبتنا أعلاه أنهما محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله) وحفيده الإمام المهدي المنتظر عجل الله فرجه الشريف، فقد نسب إلى زكريا (عليه السلام) القول:
ابتهجي جداً يا ابنة صهيون، اهتفي يا بنت أورشليم، هوذا ملكك قادم اليك هو عادل ومنصور.
وهاتان الصفتان العادل والمنصور هما صفتان مشتركتان لرسول الله (صلى الله عليه وآله) ولحفيده الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه.
ولكن النصارى يدعون أن بشارة زكريا هذه جاءت خاصة بعيسى المسيح (عليه السلام)، إلاّ أن ادعاءهم هذا باطل لأن عيسى (عليه السلام) لم يكن صاحب سلطة يحكم بها ولا خاض حرباً ما حتى يوصف بالمنصور، ولهذا السبب تردد مترجمو العهد القديم من النصارى إلى اللغة الفرنسية في كلمة منصور فلم يختاروا ما يقابلها بالفرنسية.
(vainqueur) لما رأوا أن هذا الوصف لا يناسب وضع نبي الله عيسى (عليه السلام) ولذا عمدوا إلى تحريف المعنى وترجموها المحمي من قبل الله protge DE DIEU.
ومن ذلك فإن هذه الصفة الجديدة المحمي من قبل الله لا تنطبق على عيسى (عليه السلام) وذلك لما ذكر في أناجيلهم من أن اله لم يحمه من كيد ومكر أعدائه، بل تركه فريسه سهلة لحقدهم عليه وإيذائهم له حتى اضطر أن يصرخ ــ كما يزعمون ــ قائلاً إيلي إيلي لما شبقتني أي إلهي إلهي لم تركتني. وبهذا يظهر لنا أن بشارة زكريا (عليه السلام) هذه ليست خاصة بنبي الله عيسى بن مريم (عليه السلام) بل جاءت بخصوص محمد خاتم الأنبياء والمرسلين (صلى الله عليه وآله) الذي أنقذ البشرية بنور شريعة الإسلام الإلهية وأخرجهم من ظلمات العبودية لغير الله إلى نور العبودية لله الواحد الأحد، وأيضاً تنطبق هاتان الصفتان على حفيد رسول الله (صلى الله عليه وآله) والإمام المهدي المنتظر (عجل الله تعالى فرجه الشريف) الذي سينقذ البشرية من ظلمات الظلم والجور والاستغلال وينشر العدل في الأرض على أساس شريعة الإسلام الإلهية حيث ستكون معركته الحاسمة مع القوى المادية الصهيونية والاستكبار العالمي محرراً بذلك أرض فلسطين والمسجد الأقصى من براثينهما الخبيثة.
ومن الواضح تاريخياً أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) خاض حروباً كثيرة نصره الله فيها جميعاً على أعدائه حتى هابته الرؤساء والملوك وأذعن الكثير منهم لإرادته، وقد وردت في القرآن الكريم آيات كثيرة تشير إلى نصر الله تعالى لرسوله محمد (صلى الله عليه وآله) نذكر منها:
((وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْراً عَزِيزاً)).
وقال أيضاً: ((لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ)).
وقال: ((ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ)).
وحتى عدول النصارى عن كلمة (منصور) الواردة في بشارة زكريا (عليه السلام) وتحويلها إلى المحمي من قبل الرب لا يجعلها تنطبق على عيسى (عليه السلام) كما بينا ذلك أعلاه، بل أن هذه الصفة الجديدة (المحمي) هي أيضاً من صفات رسول الله محمد (صلى الله عليه وآله) الذي حماه الله من جميع المؤامرات التي حيكت ضده من قبل الكفار والمشركين والمنافقين واليهود.
فقد تكفل الله تعالى بحمايته من مكائد الناس ومكرهم به فقال عز وجل مخاطباً رسوله الكريم: ((وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ)).
وعودة إلى البشارات الواردة في المزمور 72 فإن جميع ما ورد فيه جاء مشتركاً بين رسول الله محمد (صلى الله عليه وآله) وحفيده المهدي المنتظر (عجل الله تعالى فرجه الشريف)، إلاّ بما يخص الرسالة والنبوة فإنها من خصوصيات رسول الله محمد (صلى الله عليه وآله).
فالصفات الواردة في كل من الفقرات 2 و 3 و 4 مشتركة بين رسول الله محمد (صلى الله عليه وآله) وحفيده المهدي المنتظر عجل الله تعالى فرجه حيث أن مهمتهما بعد دعوة الناس إلى طاعة الله وعبوديته رفع الظلم عن كاهل الشعوب وردع الظالمين وسحقهم ونصره المظلومين والفقراء والمساكين وحرباً على الظالمين والمستكبرين.
وهكذا سيكون حفيده المهدي المنتظر عجل الله فرجه، فإنه سينشر القسط والعدل في الأرض بعد أن تكون قد ملئت ظلماً وجوراً، كما ورد في الأحاديث النبوية المتواترة عند المسلمين.
أما ما ورد في الفقرة الخامسة: ويخشونك ما دامت الشمس وما أنار القمر على مر الأجيال والعصور فإنها حقيقة واضحة فالذين آمنوا برسالة الإسلام التي حملها رسول الله (صلى الله عليه وآله) يخشون أن يخالفوا أوامر شريعته فيخسرون يوم القيامة شفاعته وينالهم بذلك عذاب الله وسخطه.
أما الطواغيت والمستكبرون كفروا برسالته فإنهم يخافون دوماً وأبداً من أن يحكموا يوماً بشريعته لأنها تقف سداً مانعاً أمام طغيانهم واستكبارهم وأطماعهم وتمنعهم من استغلال الآخرين من المستضعفين والفقراء والمساكين، ولذلك قال عنه السيد المسيح (عليه السلام) مبشراً بقدومه (صلى الله عليه وآله):
ومتى جاء ذلك (البركليت = أحمد) فإنه سيبكّت العالم على خطيئة وعلى برٍ وعلى دينونه.
وهذا أيضاً ينطبق على الإمام المهدي المنتظر (عليه السلام) وما سيقوم به من حروب ضد الظالمين والمستكبرين، فإن أقطاب الكفر والاستكبار العالمي يخشون حتى من ذكر اسمه ويحاولون إيهام الناس بأن موضوع الإمام المهدي هو مجرد فكرة خرافية وذلك لأنهم يعلمون بأن أول ما سيقوم به هو محاربتهم وتخليص العباد من ظلمهم وجورهم.
وأما ما ورد في الفقرة السادسة:
سيكون كالمطر يهطل على العشب كالغيث الوارف الذي يروي الأرض العطشى.
فكما جاء في هذه الفقرة يمثل وصفاً صادقاً لوضع البشرية المخزي أثناء بعثة رسول الله (صلى الله عليه وآله) حيث كانت الإنسانية متعطشة إلى الرحمة والعدالة والعيش في ظل شريعة سمحة، فكان (صلى الله عليه وآله) بالنسبة لها كالغيث الهاطل والمطر الوارف الذي يسقي الأرض العطشى حاملاً معه الرحمة والعدالة والمساواة ضمن قوانين شريعة إلهية سمحاء ليخرجهم بها من ظلمات الجهل والظلم والانحراف إلى نور التوحيد والمعرفة والعدل.
وكذلك الأمر بالنسبة للإمام المهدي المنتظر عجل الله فرجه فإنه قبل ظهوره الشريف سيعم الظلم والكفر بالله ونوع من الفوضى في المعاملات بين بني البشر على سطح الأرض وعندها سوف يأذن الله عز وجل له بالظهور والقيام لتطهير الأرض من كافة أنواع الظلم والكفر وجميع المفاسد التي ظهرت بين الناس، ويقيم القسط والعدل وينشر راية التوحيد والاسلام الصحيح لينعم الناس بظل عدالته الوارفة وبهذا سيكون ظهوره عجل الله فرجه بالنسبة للإنسانية كالغيث المنهمر على أرض عطشى.
وكذلك بالنسبة لما ورد في الفقرات من 7 إلى 14 فإنها جميعها تنطبق على رسول الله (صلى الله عليه وآله) وكذلك على حفيدة المهدي المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف وإن ما جاء في هذه الفقرات الثماني ليعد أفضل وصف لما سيكون في أيام المهدي المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف من عدول واستقامة حيث سيشرق الأبرار والصالحون في أيامه وسيعم ملكه وعدله على جميع اليابسة بعد أن يقضي على حكم الظالمين والمستكبرين ويمحو من الأرض آثار طغيانهم وجبروتهم ويخضعهم لسلطانه ويرتفع شأن الفقراء والمستضعفين ويصلح حالهم وينعمون بحياة حرة كريمة بعد أن عانوا على مدى أجيال عديدة من ظلم الظالمين وحكم الطغاة والجائرين.
أما ما ورد في الفقرات 15 و 16 و 17 فإن جميع ما جاء فيها من بشارات إنما جاء بخصوص رسول الله (صلى الله عليه وآله) فعبارة: ليصل عليه دائماً وليباركك كل يوم خاصة برسول الله محمد (صلى الله عليه وآله) لم يشاركه فيها أحد من الناس ولا من الخلائق أجمعين.
فهو يصلي عليه من قبل أتباعه (البالغ عددهم أكثر من مليار مسلم) المنتشرين في كافة أقطار الأرض، حيث يذكر اسمه كل يوم أثناء الأذان في كافة أنحاء العالم ويصلى عليه كلما تم ذكر اسمه على شفة ولسان.
وأيضاً عبارة: ويبقى اسمه أبد الدهر، ما بقيت الشمس مضيئة، وليبارك به الجميع وجميع الأمم تنادي باسمه سعيدة.
فإنها من خصوصيات رسول الله محمد (صلى الله عليه وآله) لم يشاركه فيها أحد من الأنبياء والمرسلين ولا من الخلائق أجمعين، فاسمه (صلى الله عليه وآله) باق أبد الدهر، كما يزداد انتشار اسمه في أوساط الناس من جميع الشعوب والأمم حيث كل يوم يعتنق دين الإسلام الكثير من الناس أفراداً وجماعات، الذين ما إن ينطقوا بالشهادتين: (أشهد أن لا إله الله وأشهد أن محمد رسول الله) حتى تظهر آثار الشعادة والبشر على محياهم ويبدؤون ينادون باسمه الشريف متبركين به في كل أذان وكل إقامة.
وأيضاً توجه الناس من المسلمين على اختلاف درجاتهم وطبقاتهم، فقيرهم وغنيهم، حاكمهم ومحكومهم لزيارة مرقده الطاهر ومسجده المبارك في المدينة المنورة في أرض الحجاز، كل يصلي عليه ويلتمس منه الشفاعة عند الله يوم القيامة.
فصلاة الله وسلامه عليك يا سيدي يا رسول الله، يا رسول الرحمة والعدالة والاستقامة يا منقذ البشرية من ظلمات الجاهلية والضلال ومخرجهم بإذن ربك إلى نور الحق والهداية، وعلى آل بيتك الطاهرين والبررة من أصحابك المنتجبين خصوصا ابنك الامام المهدي المنتظر (عج) الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعدما ملئت ظلماً وجوراً.

ثالثاً: المهدي في معقتدات الزرادشتية
هناك مجموعة من الكتب الزرادشتية جاء فيها من الأخبار الكثيرة حول آخر الزمان، وعن ظهور الموعود الذي سيخلص البشرية من الكبت الحرمان ومن ضغوط الحكام الطواغيت الذين يسعون في الأرض فساداً ومن جملة هذه الكتب:
كتاب أوستا ــ كتاب زند ــ كتاب رسالة جاماست ــ كتاب قصة دينيك ــ كتاب رسالة زرادشت.
وقد طرحت الديانة الزرادشتية موعودين يطلق على كل منهم اسم ((سوشيانت)). وكان هؤلاء الموعودون ثلاثة، أكثرهم أهمية الموعود الثالث، وقد كانوا يلقبونه ((سوشيانت المنتصر)) وسوشيانت هذا هو الموعود حيث قالوا:
إن سوشيانت المزدية بمثابة كريشناي البراهمة، وبوذا الخامس لدى البوذية، والمسيح لدى اليهودية، وفارقليط عند العيسوية، وبمنزلة المهدي لدى المسلمين.
وجاء في كتاب شابوهرجان، من الكتب المانوية المقدسة عندهم:
....خرد شهر إيزد لابدّ أن يظهر في آخر الزمان وينشر العدل في العالم... سوشيانت، من الكتب الزرادشتية المقدسة جاء فيه:
... استوت إرت، سوشيانت أو ألمنقذ العظيم. سوشيانس، أو موعود آخر الزمان.. وسيلة وعلاج جميع الالام به، يقتلع جذور الألم والمرض والعجز والظلم والكفر، يهلك ويسقط الرجال الأنجاس..
رسالة جاماسب، صفحة121:
... سينشر (شوشيانت، المنقذ) الدين في العالم فكراً وقولاً وسلوكاً.

رابعاً: المهدي في المعتقدات الهندية
جاء الحديث حول المنقذ والموعود في أعراف الهنود وكتبهم، مثل كتاب (مهابهارتا) وكتاب (بورانه ها) حيث قالوا:
تذهب الأديان جميعاً إلى أنه في نهاية كل مرحلة من مراحل التاريخ يتجه البشر نحو الانحطاط المعنوي والأخلاقي وحيث يكونون في حال هبوط فطري وابتعاد عن المبدأ، ويمضون في حركتهم مضي الأحجار الهابطة نحو الأسفل فلا يمكنهم أنفسهم ان يضعوا نهاية لهذه الحركة التنازلية والهبوط المعنوي والأخلاقي، إذن لابد من يوم تظهر فيه شخصية معنوية على مستوى رفيع تستلهم مبدأ الوحي وتنتشل العالم من ظلمات الجهل والضياع والظلم والتجاوز، وقد أشير لهذه الحقائق في تعاليم كل دين إشارة رمزية منسجمة مع المعتقدات والقيم الأخرى انسجاماً كاملاً.
فمثلاً: في الديانة الهندية وفي كتب بورانا (burana) شرح تفصيلي حول مرحلة العصر الكالي (kali) يعني: آخر مرحلة قبل ظهور أو تاراي ويشنو العاشر.

خامساً: المهدي في المعتقدات البوذية
فقد ورد في بعض المصادر والدراسات أن مسألة الانتظار قضية مطروحة في الديانة البوذية (ففي الأعراف البوذية) كان هناك انتظار، والمنتظر هو بوذا الخامس.
إن كل أمة من الأمم وشعب من الشعوب له معتقداته الخاصة وثقافته التي ورثها وأمله الذي ينتظره ليخلصه من محنه وآلامه، فكما أن الديانات الأخرى لها منقذها ومخلصها الذي سيظهر في آخر الزمان، كذلك البوذيين فإن مخلصهم ومنقذهم هو بوذا الخامس.

سادساً: المهدي في المعتقدات الصينية
جاء في كتاب أوبانيشاد. المقدمة صفحة 54 ما نصّه:
... حينما يمتلىء العالم بالظلم يظهر الشخص الكامل الذي يسمى (يترتنكر: المبشر) ليقضي على الفساد ويؤسس للعدل والطهر... سيُنجي كريشنا العالم حينما يظهر البراهميتون.
وجاء في كتاب ريك ودا، ماندالاي ص 4 و24:
يظهر ويشنو بين الناس.. يحمل بيده سيفاً كما الشهاب المذنب ويضع في اليد الأخرى خاتماً براقاً، حينما يظهر تكسف الشمس، ويخسف القمر وتهتز الأرض.
فجميع الأديان والملل والنحل كان لها منقذ مستقل أو مشترك سموه باسماء مختلفة منها:
آرثر، أودين، كالويبرك، ماركو كر اليويج، بوخص، بوريان بو روبهم و.... يعتقدون أنهم حينما يظهرون يسنشرون العدالة في الأرض.

الغيبة الصّغرى للإمام الحجة "عجّل الله تعالى فرجه"
إنّ موضوع الغيبة في غاية الأهمّيّة، ولا يصحّ أن يترك بوجه لأسباب عديدة, نحن هُنا ليس بصدد ذكرها, ولكن نقول: إنّ الرّسول الأعظم "صلّى الله عليه وآله" والأئمّة المعصومين "عليهم السّلام" ركّزوا على هذا الأمر تركيزاً تقتضيه أهمّية ذلك الأمر, لذا هيّأوا أذهان الأُمّة لتقبّل هذا الأمر وما يكتنفه من ظروف, وأزالوا الغموض والأبهام عن هذه القضية الهامّة.
حيث نجد ذلك واضحاً في أحاديث رسول الله "صلّى الله عليه وآله" ممّا يرويه عُلماء الفريقين وفي أحاديث الأئمّة المعصومين "عليهم السّلام", والهدف من كلّ هذا الحشد من الأحاديث هوالتّعبئة النّفسيّة العامّة, لتقبّل فكرة الإمام الغائب "عجّل الله تعالى فرجه" وإنّها حقيقة واقعة لا محالة ...
ولا نريد أن نكرّر ما صدر عنهم "عليهم السّلام" بهذا الخصوص, ولكن نشير إلى قول الإمام الحسن العسكري "عليه السّلام" إلى رجل بقوله: عثمان بن سعيد العمري وكيلي وإنّ ابنه مُحمّداً وكيل ابني مهديّكم.
فبهذا القول أشار الإمام "صلوات الله عليه" إلى خصوصية خاصّة, وهي زرع الإطمئنان الحسّي في نفوس الخاصّة والعامّة من خلال تنصيب نائباً عنه وعن ابنه "عليهما السّلام"؛ حتى لا تفاجأ الأُمّة بعد ذلك..., حيث بدأ الإمام "عليه السّلام" غيبته بالسّفراء, وهذا أقرب إلى أذهان النّاس وأشدّ أُنساً, لاسيّما وأنّ هؤلاء السّفراء أوّلهم نصّ عليه الإمام الحاضر وهوالإمام العسكري "عليه السّلام", وفي نفس الوقت نصّ على من يأتي بعده, فبهذه الخصوصيات وغيرها تكون الأُمّة مهيّأة ذهنيّاً ونفسيّاً لتلقّي خبر غيبة الإمام "عجّل الله تعالى فرجه الشّريف" بلا أدنى تشكيك, وبالخصوص عندما كانت تأتي توقيعات من الإمام نفسه بيد السّفراء المعينين من قبل أبيه ومن قبله ...
إلاّ أنّ كلامنا هُنا يبقى في مبدأ هذه الغيبة, أي في زمان حصول الغيبة الصّغرى بالتّحديد, فالأقوال في ذلك ثلاثة:
القول الأوّل
الغيبة الصّغرى بدأت بمولده "عجّل الله تعالى فرجه"، حيث كان مولده مبنيّاً على الكتمان، فكان الإمام "سلام الله عليه" غائباً منذ ذلك الحين وإلى أن يظهر للعيان بشكل علني عام.
ولكن أورد البعض على هذا القول: بأنّ الإمام من مولده إلى شهادة أبيه الإمام العسكري "سلام الله عليه"، في هذه الفترة الإمامة لم تكن له، وهذا خارج عن موضوع الغيبة التي نتحدّث عنها، فإنّ الحديث عن غيبته في فترة إمامته.
نقول: هذا الأمر سهل؛ لأنّ الفرض من الغيبة مُطلق الغيبة، سواء غيبته في عصر إمامة أبيه "سلام الله عليه" أوغيبته في عصر إمامته، الغرض ملفّق من هذا وذاك, بحيث المجموع يكون هذه الفترة من مولده "عليه السّلام" إلى وفاة آخر نائب من النّواب الأربعة, وهوأبوالحسن عليّ بن مُحمّد السّمري "رحمه الله" سنة ثلاثمئة وتسعة وعشرين من الهجرة الشّريفة، فإذا بدأنا بسنة مئتين وخمس وخمسين ـ أي سنة مولد الإمام "عجّل الله تعالى فرجه" ـ إلى سنة ثلاثمئة وتسعة وعشرين، يعني قرابة أربع وسبعين سنة، هذا التّحديد طبق النّظرية التي ذهب إليها الشّيخ المفيد "رحمه الله".
والمناقشة في هذا القول لا من هذه الجهة التي ذكرها البعض، بل المناقشة من جهة أُخرى: حيث أنّ ظاهر جملة من الرّوايات أنّ الإمام "سلام الله عليه" لم يكن غائباً بالمعنى المتعارف منذ ولادته، نعم كان محفوظاً إلاّ عن الخاصّة، وكان هناك تكتّم على اللقاء به على الاجمال, حيث كانت هناك محدوديّة في قضية رؤيته، أمّا غيبته "عجّل الله تعالى فرجه" بتمام المعنى لم تشرع، والدّليل على جملة من الرّوايات، حيث أنّ الإمام العسكري "سلام الله عليه" كان يأتي إليه مجاميع من أصحابه فيطلعهم عليه، فالغيبة إذن لم تبدأ من حين مولده.
القول الثّاني:
الغيبة بدأت من حين شهادة والده الإمام العسكري "سلام الله عليهم"، وبالضّبط بعد صلاته على جنازة الإمام العسكري "عليهم السّلام" في القضية التي رواها بعض الرّواة.
وهذا القول يمكن الأخذ به لولا تعارضه مع قول آخر.
القول الثّالث:
وهوقول متوسط بين ما ذكرنا, وهومطابق للنصّ الذي ورد في غيبة الشّيخ الطّوسي "أعلى الله مقامه"، حاصله:
إنّ غيبته بدأت بعد مولده "عليه السّلام" بفترة، بدأت الغيبة وأعلن عن غيبته "عليه السّلام" نفس والده الإمام العسكري "عليه السّلام".
وفي هذا عناية بليغة في واقع الأمر؛ لأنّ الإمام "عليه السّلام" إمام حاضر، فحينما ينبىء عن غيبة ابنه الإمام المهدي "سلام الله عليه" يكون سكون النّفوس إلى ذلك أكثر، بعكس ما لوالإمام "سلام الله عليه" يغيب فجأة بدون سبق إنذار، فالإمام العسكري "عليه السّلام" حينما عرضه على من حضر عنده من شيعته, قال: ألا وإنّكم لا ترونه من بعد يومكم هذا حتى يتمّ له عمر....
إنّ الذي نفهمه إذن ـ والله العالم ـ: أنّ مبدأ الغيبة الصّغرى من هذا الاعلام بالضّبط.
ولقد كانت الغَيبة الصّغرى مقدمةً تمهيدية ومدخلاً للغيبة الكبرى، والغيبة الكبرى مقدمةً للظهور، وأيضاً كانت الغيبة الصّغرى حدّاً وسطاً بين الغيبة الكبرى ـ التي انقطعت الاتصالات فيها بين الشّيعة وبين الإمام المهدي "عليه السّلام" ـ وبين تواجد الإمام المهدي"عجّل الله تعالى فرجه" في المجتمعات البشرية.
وتَمْتَدُّ الغيبة الصّغرى مِن ولادته إلى انقطاع السّفارة بينه وبين شيعته بوفاة آخر السّفرَاء الأربعة عليّ بن مُحمّد السّمري عام 329 هـ , في هذه الفترة كان السّفَرَاء يرونه وربما رآه غيرهم ، ويصِلُون إلى خدمته، وتخرج على أيديهم توقيعات منه إلى شيعته في أمورٍ شَتَّى.

النّواب الأربعة
ونتيجة لإلحاح السّلطة الحاكمة على تعقّب الإمام المهدي "عليه السّلام", توارى الإمام عن الأنظار في غيبة سُمّيت الغيبة الصّغرى، وقد شغل منصب النّيابة عن الإمام في إدارة شؤون الأُمّة ولمدة سبعين سنة أربعة نواب عُرفوا بالسّفراء، هُم:
1ـ عثمان بن سعيد العَمْري، كنيته أبوعمرو, وكان يُقال له الأسدي؛ لأنّه ينتمي إلى قبيلة بني أسد, ولقبه العسكر؛ لأنّه كان يسكن مع الإمامين العسكريين "عليهما السّلام" في المنطقة العسكرية بسامراء التي فرض المتوكّل العبّاسي عليهما الإقامة الجبرية فيها, ولُقّب أيضاً بـ"الزّيّات"؛ لأنّه كان يتّجر في السّمن والزّيت تغطية على عمله مع الأئمّة "عليهم السّلام"، فإذا حمل الشّيعة إليه مالاً أوكتاباً جعله في جراب السّمن وأوصله إلى الإمام"عليه السّلام". وقبره في الجانب الغربي ببغداد، وله مقام معروف.
2ـ مُحمّد بن عثمان العمري، وكنيته أبوجعفر، ونسبه أسدي، ولقبه العسكري، الزّيّات, وروي أنّه حفر لنفسه قبراً، وسوّاه بالسّاج، ونقش فيه آيات من القرآن وأسماء الأئمّة على حواشيه, فلمّا سُئل عن ذلك قال: للناس أسباب. وكان في كلّ يوم ينزل في قبره، ويقرأ جزءاً من القرآن، ثمّ يصعد, ثمّ سُئل بعد ذلك، فقال: أُمرت أن أجمع أمري. فمات بعد شهرين من ذلك، في جمادى الأولى سنة خمس وثلاثمئة بعد الهجرة، وقال عند موته: أُمرت أن أُوصي إلى أبي القاسم الحُسين بن روح. وأوصى إليه, وقبره في بغداد وله مقام يُعرف بـ" الخلاني".
3ـ الحُسين بن روح بن أبي بحر, كنيته أبوالقاسم، ولقبه النّوبختي، نسبة إلى نوبخت من عوامل فارس, وكانت مدّة نيابته إحدى وعشرين سنة، وتوفّي سنة 326هـ، وقبره في بغداد يُعرف بإسمه في سوق الشّورجة.
4ـ عليّ بن مُحمّد السّمَري, أوالسّيمري، أوالصّيمري، والمشهور المعروف هوالأوّل، وكُنيته: أبوالحسن, تولّى السّفارة عن النّاحية المقدّسة من 326 ـ وهو عام وفاة الحُسين بن روح ـ إلى 329 عام وفاته في النّصف من شعبان.
وقبل ستة أيّام من موته خرج من النّاحية المقدّسة توقيع على يده بانقطاع الغيبة الصّغرى، وأن ? يوصي إلى أحد, وأنّه ميت بينه وبين ستة أيّام، فلمّا أن كان اليوم السّادس وكان يجود بنفسه, قيل له: مَن وصيّك من بعدك ؟ فقال: لله أمر هو بالغه. ومات "رضوان الله عليه"، وله مزار معروف في بغداد وهوموقع قبره.

الغيبة الكبرى للإمام الحجّة "عجّل الله تعالى فرجه"
إمتدّت الغيبة الصّغرى منذ وفاة الإمام العسكري "عليه السّلام" سنة 260هـ, حتى سنة 329هـ.
وبعد أن حقّقت الغيبة الصّغرى أهدافها فحصّنت الشّيعة من الإنحراف, وجعلتهم يتقبلون فكرة النّيابة التي تحوّلت من أفراد منصوص عليهم إلى خطّ عام هوخطّ المرجعية..., بدأت الغيبة الكبرى بوفاة السّفير السّمري "رحمه الله" سنة 328هـ أو329 هـ, وستبقى مستمرة حتى يأذن الله تعالى.
ونحن اليوم في غيبة الإمام المهدي "عليه السّلام" مع أنّه نعيش حضوره؛ لأنّه إذا غاب عنّا بشخصه، لم يغب عنّا برسالته، وذلك لقوله "عليه السّلام": وأمّا الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة أحاديثنا, فإنّهم حجّتي عليكم وأنا حجّة الله. يعني وكأنّه قال لنا: ارجعوا إلى تراث النّبيّ صلّى الله عليه وآله" والأئمّة "عليهم السّلام" من آبائي، فهوالنّور الذي يضيء لكم الطّريق عندما أغيب عنكم؛ لأنّ الأئمّة "عليهم السّلام" كانوا يضيئون لكم الطّريق من خلال قولهم، ومن خلال فعلهم، ولذلك فإنّهم حاضرون في ذلك كلّه.
وربما كان نهاية الغيبة الكبرى هوحينما تتمخّض الظّروف الاجتماعيّة عن الأجواء الملائمة لثورة الإمام المنتظر "عليه السّلام", التي حددتها جملة من الأحاديث الواردة عن المعصومين "عليهم السّلام" والتي نستطيع أن نصنّفها إلى طائفتين:
1ـ الطّائفة التي حددت خروج الإمام المنتظر "عليه السّلام" بعد ملء الأرض ظلماً وجوراً. أمثال: لا تقوم السّاعة حتى تملأ الأرض ظُلماً وجوراً وعدواناً، ثمّ يخرج من أهل بيتي من يملؤها قسطاً وعدلاً كما مُلئت ظُلماً وجوراً.
2ـ الطّائفة التي أشارت إلى أنّ الإمام المنتظر "عليه السّلام" سيأتي بأمر جديد، بعد اندثار معالم الإسلام، وابتعاده عن الواقع الاجتماعي والواقع الفكري وانحساره عن مجالهما, أمثال ما روي عن الإمام الصّادق "عليه السّلام":
أـ قال: إذا قام القائم "عليه السّلام" دعا النّاس إلى الإسلام جديداً، وهداهم إلى أمر قد دثر فضلّ عنه الجمهور،..
ب ـ قال: إذا قام القائم جاء بأمر جديد، كما دعا رسول الله "صلّى الله عليه وآله" في بدوالإسلام إلى أمر جديد.

علّة غيبته "عليه السّلام"
ومن الملاحظ له أنّ علّة الغيبة جاءت ترفدها عدّت روايات وأحاديث تبيّن وتظهر تلك العلّة من غيبته "عليه السّلام" نورد منها:
1 ـ عن أبي بصير، عن أبي عبد الله "عليه السّلام", قال: صاحب هذا الأمر تعمى ولادته على " هذا " الخلق"؛ لئلا يكون لأحد في عنقه بيعة إذا خرج.
2 ـ عن جميل بن صالح، عن أبي عبد الله "عليه السّلام", قال: يُبعث القائم وليس في عنقه بيعة لأحد.
3 ـ عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله "عليه السّلام", قال: يقوم القائم "عليه السّلام "وليس لأحد في عنقه بيعة.
4 - عن عليّ بن الحسن بن عليّ بن فضال، عن أبيه، عن أبي الحسن عليّ بن موسى الرّضا "عليهما السّلام", أنّه قال: كأنّي بالشّيعة عند فقدهم الثّالث من ولدي كالنّعم يطلبون المرعى فلا يجدونه. قُلت له: ولِم ذاك يا بن رسول الله ؟ قال: لأنّ إمامهم يغيب عنهم. فقُلت: ولِم ؟ قال: لئلا يكون لأحد في عنقه بيعة إذا قام بالسّيف.
5 ـ عن أبي بصير، عن أبي عبد الله "عليه السّلام", قال: صاحب هذا الأمر تغيب ولادته عن هذا الخلق؛ كيلا يكون لأحد في عنقه بيعة إذا خرج, ويصلح الله عزّ وجلّ أمره في ليلة "واحدة".
6 ـ عن حنان بن سدير، عن أبيه، عن أبي عبد الله "عليه السّلام", قال: إنّ للقائم منّا غيبة يطول أمدها. فقُلت له: يا بن رسول الله ولِم ذلك ؟ قال: لأنّ الله عزّ وجلّ أبى إلاّ أن تجري فيه سنن الأنبياء "عليهم السّلام" في غيباتهم، وإنّه لا بدّ له يا سدير من استيفاء مدد غيباتهم، قال الله تعالى: لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ. أي سنن من كان قبلكم.
7 ـ عن زرارة, قال: سمعت أبا جعفر "عليه السّلام" يقول: إنّ للقائم غيبة قبل أن يقوم. قال: قُلت: ولِم ؟ قال: يخاف. وأومأ بيده إلى بطنه.
8 ـ عن زرارة, قال: قال أبوعبد الله "عليه السّلام": يا زرارة, لا بدّ للقائم من غيبة. قُلت: ولِم ؟ قال: يخاف على نفسه. وأومأ بيده إلى بطنه.
9 ـ عن زرارة قال: سمعت أبا جعفر "عليه السّلام" يقول: إنّ للقائم غيبة قبل ظهوره. قُلت: ولِم ؟ قال: يخاف. وأومأ بيده إلى بطنه. قال زرارة: يعني القتل.
10 ـ عن زرارة، عن أبي عبد الله "عليه السّلام", قال: للقائم غيبة قبل قيامه. قُلت: ولِم ؟ قال: يخاف على نفسه الذّبح.
11 ـ عن عبد الله بن الفضل الهاشمي, قال: سمعت الصّادق جعفر بن مُحمّد "عليهما السّلام" يقول: إنّ لصاحب هذا الأمر غيبة لا بدّ منها, يرتاب فيها كلّ مبطل. فقُلت: ولِم جعلت فداك ؟ قال: لأمر لم يؤذن لنا في كشفه لكم ؟ قُلت: فما وجه الحكمة في غيبته ؟ قال: وجه الحكمة في غيبته, وجه الحكمة في غيبات من تقدمه من حجج الله تعالى ذكره، إنّ وجه الحكمة في ذلك لا ينكشف إلاّ بعد ظهوره كما لم ينكشف وجه الحكمة فيما أتاه الخضر "عليه السّلام" من خرق السّفينة، وقتل الغلام، وإقامة الجدار لموسى "عليه السّلام" إلى وقت افتراقهما. يا بن الفضل: إنّ هذا الأمر أمر من " أمر " الله تعالى, وسرّ من سرّ الله، وغيب من غيب الله، ومتى علمنا أنّه عزّ وجلّ حكيم صدّقنا بأنّ أفعاله كلّها حكمة, وإن كان وجهها غير منكشف.

رسائل الإمام المهدي "عليه السّلام"
نقدم في هذا الفصل طائفة من رسائل الإمام المهدي "عليه السّلام" إلى شيعته وأوليائه، كتب بعضها أجوبة لمسائل وردت عليه وبعضها ابتدأ بها بعض المخلصين من أنصاره وأعوانه, وهذه الرّسائل إن دلّت على شيء فإنّما تدلّ على اتصاله "عليه السّلام" بشيعته، ووقوفه على أمورهم، ورعايته لشؤونهم منها:
1ـ من كتاب له "عليه السّلام" إلى مُحمّد بن إبراهيم بن مهزيار:
قد فهمنا ما حكيته عن موالينا بناحيتكم فقل لهم: أما سمعتم الله عزّ وجلّ يقول: يَا أَيُّهَا الذينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرّسُولَ وَأُولِي الأمْرِ مِنْكُمْ. هل أمر إلا بما هو كائن إلى يوم القيامة، أولم تروا أنّ الله عزّ وجلّ جعل لكم معاقل تأوون إليها، وأعلاماً تهتدون بها من لدن آدم "عليه السّلام" إلى أن ظهر الماضي "صلوات الله عليه"، كلّما غاب عَلَمٌ بدا علم، وإذا أفل نجم طلع نجم، فلمّا قبضه الله إليه ظننتم أنّ الله عزّ وجلّ قد قطع السّبب بينه وبين خلقه، كلاّ ما كان ذلك ولا يكون إلى أن تقوم السّاعة، ويظهر أمر الله عزّ وجلّ وهم كارهون.
يا مُحمّد بن إبراهيم لا يدخل الشّك فيما قدّمت له؛ فإن الله عزّ وجلّ لا يخلوالأرض من حجّة... الخ.
2ـ من كتاب له "عليه السّلام" إلى أبي جعفر العمري "رضوان الله عليه" يعزيه بأبيه:
إنّا لله وإنّا إليه راجعون، تسليماً لأمره، ورضاً بقضائه، عاش أبوك سعيداً ومات حميداً، فرحمه الله وألحقه بأوليائه ومواليه "عليهم السّلام"، فلم يزل مجتهداً في أمرهم، ساعياً فيما يقرّبه إلى الله عزّ وجلّ، نظر الله وجهه، وأقاله عثرته.
وفي فصل منه: أجزل الله لك الثّواب، وأحسن لك العزاء، رُزئت ورزئنا، وأوحشك فراقه وأوحشنا، فسرّه الله في منقلبه، كان من كمال سعادته أن رزقه الله تعالى ولداً مثلك يخلفه من بعده، ويقوم مقامه بأمره.
3 ـ من كتاب له "عليه السّلام" إلى الشيخ المفيد:
من عبد الله المرابط في سبيله، إلى مُلهم الحقّ ودليله.
بسم الله الرّحمن الرّحيم. سلام الله عليك أيّها النّاصر للحقّ، الدّاعي إليه بكلمة الصّدق.
فإنّنا نحمد الله إليك الذي ? إله إلاّ هو إلهنا وإله آبائنا الأوّليين، ونسأله الصّلاة على سيّدنا ومولانا مُحمّد خاتم النّبيّين وعلى أهل بيته الطّاهرين.
وبعد:
فقد كُنّا نظرنا مناجاتك عصمك الله بالسّبب الذي وهبه الله لك من أوليائه، وحرسك به من كيد أعدائه, وشفعنا ذلك الآن من مستقرّ لنا, ينصبّ في شمراخ من بهماء صرنا إليه آنفاً من غماليل ألجأنا إليه السّباريت من الأيمان, ويوشك أن يكون هبوطنا إلى ضحضح من غير بعد من الدّهر، ولا تطاول من الزّمان، ويأتيك نبأ منّا بما يتحدّد لنا من حال فتعرف بذلك ما يعتمد " نعتمده" من الزّلفة إلينا بالأعمال، والله موفّقك لذلك برحمته.
فلتكن ـ حرسك الله بعينه التي ? تنام ـ أن تقابل بذلك فتنة تبسل نفوس قومٍ حرثت باطلاً لاسترهاب المبطلين يبتهج لدمارها المؤمنون، ويحزن لذلك المجرمون.
وآية حركتنا من هذه اللوثة حادثة بالحرم المعظّم، من رجس منافق مذمّم، ستحلّ للدم المحرّم، يعمد بكيده أهل الإيمان، ولا يبلغ بذلك غرضه من الظّلم والعدوان، لأنّنا من وراء حفظهم بالدّعاء الذي ? يحجب عن ملك الأرض والسّماء, فلتطمئنّ بذلك من أوليائنا القلوب، وليتّقوا بالكفاية منه وإن راعتهم بهم الخطوب، والعاقبة ـ بجميل صنع الله سُبحانه ـ تكون حميدة ما اجتنوا المنهي عنه من الذّنوب.
ونحن نعهد إليك ـ أيّها الوليّ المخلص المجاهد فينا ـ الظّالمين أيّدك الله بنصره الذي أيّد به السّلف من أوليائنا الصّالحين: إنّه من اتّقى ربّه من إخوانك في الدّين، وأخرج ممّا عليه إلى مستحقّيه، كان آمناً في الفتنة المبطلة، ومحنها المظلمة المضلّة، ومن بخل منهم بما أعاده الله من نعمته على من أمره بصلته، فإنّه يكون خاسراً بذلك لأولاه وآخرته.
ولوأنّ أشياعنا وفّقهم الله لطاعته على اجتماع من القلوب في الوفاء بالعهد عليهم, لما تأخّر عنهم اليمين بلقائنا، ولتعجّلت لهم السّعادة بمشاهدتنا على حقّ المعرفة وصدقها منهم بنا، فما يحبسنا عنهم إلاّ ما يتصل بنا ممّا نكرهه ولا نؤثره منهم والله المستعان، وهوحسبنا ونعم الوكيل، وصلواته على سيّدنا البشير النّذير مُحمّد وآله الطّاهرين وسلّم.
وكتب في غرّة شوّال من سنة اثنتي عشرة وأربعمئة.
نسخة التّوقيع
باليد العليا صلوات الله على صاحبها
هذا كتابنا إليك أيّها الوليّ الملهم للحقّ العليّ بإملائنا وخطّ ثقتنا، فأخفه عن كلّ أحد، واطوه, واجعل له نسخة تطّلع عليها من تسكن إلى أمانته من أوليائنا، شملهم الله ببركاتنا إن شاء الله.
الحمد لله والصّلاة على سيّدنا مُحمّد النّبيّ وآله الطّاهرين.
جواب مسائل الأسدي:
.... أمّا ما سألت عنه من الصّلاة عند طلوع الشّمس وعند غروبها ؟ فلئن كان كما يقول النّاس: إنّ الشّمس تطلع بين قرني شيطان وتغرب بين قرني شيطان, فما أرغم أنف الشّيطان شيء أفضل من الصّلاة، فصلها أرغم الشّيطان أنفه.
أمّا ما سألت عنه من أمر الوقف على ناحيتنا وما يجعل لنا, ثمّ يحتاج إليه صاحبه فيه احتاج أولم يحتج، افتقر إليه أواستغنى عنه.
وأمّا ما سألت عنه من أمر من يستحلّ ما في يده من أموالنّا ويتصرّف فيه تصرّفه في ماله من غير أمرنا ؟ فمن فعل ذلك فهوملعون، ونحن خصماؤه يوم القيامة، وقد قال النّبيّ "صلّى الله عليه وآله": المستحلّ من عترتي ما حرّم الله ملعون على لساني ولسان كلّ نبيّ مجاب. فمن ظلمنا حقّنا كان في جملة الظّالمين لنا، وكانت لعنة الله عليه لقوله عزّ وجلّ: ألا لعنة الله على الظّالمين.
وأمّا ما سألت عنه عن أمر المولود الذي نبتت غلفته بعد ما يختن مرّة أُخرى، فإنّه يجب أن يقطع غلفته؛ فإنّ الأرض تضجّ إلى الله تعالى من بول الأغلف أربعين صباحاً.
وأمّا ما سألت عنه عن أمر المُصلي والنّار والصّورة والسّراج بين يديه، هل يجوز صلاته, فإنّ النّاس قد اختلفوا في ذلك قبلك ؟
فإنّه جائز لمن لم يكن من أولاد عبدة الأصنام والنّيران أنّ يصلي والنّار "والصّورة" والسّراج بين يديه، ولا يجوز ذلك لمن كان من أولاد عبدة الأوثان والنّيران.
وأمّا ما سألت عنه عن أمر الضّياع التي لناحيتنا، هل يجوز القيام بعمارتها وأداء الخراج منها، وصرف ما يفضل من دخلها إلى النّاحية، احتساباً للأجر، وتقرّباً إليكم ؟
فلا يحلّ لأحد أن يتصرّف في مال غيره بغير إذنه، فكيف يحلّ ذلك في مالنا ؟ من فعل ذلك بغير أمرنا, فقد استحلّ منّا ما حرّم عليه, ومن أكل من أموالنا شيئاً, فإنّما يأكل في بطنه ناراً وسيصلى سعيراً.
وأمّا ما سألت عنه من أمر الرّجل الذي يجعل لناحيتنا ضيعة، ويسلمها من قيّم يقوم بها ويعمّرها، ويؤدّي من دخلها خراجها ومؤنتها، يجعل ما بقي من الدّخل لناحيتنا ؟
فإنّ ذلك جائز لمن جعله صاحب الضّيعة قيّماً عليها، إنّما ? يجوز ذلك لغيره.
وأمّا ما سألت عنه من الثّمار من أموالنا يمرّ به الماء فيتناول منه ويأكل, هل يحلّ ذلك ؟
فإنّه يحلّ له أكله ويحرم عليه حمله.
4 ـ من كتاب له "عليه السّلام" إلى إسحاق بن يعقوب جواباً عن كتاب كتبه إليه بواسطة مُحمّد بن عثمان العمري, يسأله عن بعض المسائل:
أمّا ما سألت عنه, ـ أرشدك الله وثبّتك من أمر المنكرين لي من أهل بيتنا وبني عمّنا ـ، فاعلم أنّه ليس بين الله عزّ وجلّ وبين أحد قرابة، ومن أنكرني فليس منّي, وسبيله سبيل ابن نوح "عليه السّلام"، وأمّا سبيل عمّي جعفر وولده فسبيل أخوة يوسف "عليه السّلام".
وأمّا الفقاع فشربه حرام ولا بأس بالسّلماب، وأمّا أموالكم فلا نقبلها إلاّ لتطهروا، فمن شاء فليصل، ومن شاء فليقطع، فما آتاني الله خير ممّا آتاكم.
وأمّا ظهور الفرج, فإنّه إلى الله تعالى ذكره، وكذب الوقّاتون.
وأمّا قول من زعم أنّ الحُسين "عليه السّلام" لم يُقتل، فكفرٌ وتكذيب وضلال.
وأمّا الحوادث الواقعة, فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا، فإنّهم حجّتي عليكم، وأنا حجّة الله عليهم.
وأمّا مُحمّد بن عثمان العمري "رضي الله عنه" وعن أبيه من قبل، فإنّه ثقتي، وكتابه كتابي.
وأمّا مُحمّد بن عليّ بن مهزيار، فسيصلح الله له قلبه، ويزيل عنه شكّه.
وأمّا ما وصلتنا به, فلا قبول عندنا إلاّ لما طاب وطهر، وثمن المغنّية حرام.
وأمّا مُحمّد بن شاذان بن نعيم، فهو رجل من شيعتنا أهل البيت.
وأمّا أبوالخطّاب مُحمّد بن أبي زينب الأجدع فملعون، وأصحابه ملعونون، فلا تجالس أهل مقالتهم, فإنّي منهم بريء، وآبائي "عليهم السّلام" منهم بُراء.
وأمّا المتلبّسون بأموالنا, فمن استحلّ منها شيئاً فأكله فإنّما يأكل النّيران.
وأمّا الخمس فقد أُبيح لشيعتنا، وجعلوا منه في حلّ إلى وقت ظهور أمرنا، لتطيب ولادتهم ولا تخبث.
وأمّا ندامة قوم قد شكّوا في دين الله عزّ وجلّ على ما وصلونا به، فقد أقلنا من استقال، ولا حاجة لنا في صلة الشّكّاكين.
وأمّا علّة ما وقع من الغيبة، فإنّ الله عزّ وجلّ يقول: يَا أَيُّهَا الذينَ آمَنُوا لاَ تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ. إنّه لم يكن أحد من آبائي "عليهم السّلام" إلاّ وقد أوقعت في عنقه بيعة لطاغية زمانه، وإنّي أخرج حين أخرج ولا بيعة لأحد من الطّواغيت في عنقي.
وأمّا وجه الانتفاع بي في غيبتي، فكالانتفاع بالشّمس إذا غيّبها عن الأبصار السّحاب، وإنّي لأمان لأهل الأرض كما أنّ النّجوم أمان لأهل السّماء، فأغلقوا باب السّؤال عمّا لا يعنيكم، ولا تكلّفوا علم ما قد كفيتم، وأكثروا الدّعاء بتعجيل الفرج، فإنّ ذلك فرجكم، والسّلام عليك يا إسحاق بن يعقوب وعلى من اتبع الهدى.
5 ـ من كتاب له "عليه السّلام" إلى جماعة من الشّيعة وقع بينهم تشاجر في الإمامة، فكتبوا له "عليه السّلام"، فورد جواب كتابهم بخطّه "صلوات الله عليه":
بسم الله الرّحمن الرّحيم، عافانا الله وإيّاكم من الفتن، ووهب لنا ولكم روح اليقين، وأجارنا وإيّاكم من سوء المُنقلب، إنّه أُنهي إليّ ارتياب جماعة منكم في الدّين، وما دخلهم من الشّك والحيرة في ولاة أمرهم، فغمّنا ذلك لكم لا لنا، وساءنا فيكم لا فينا؛ لأنّ الله معنا فلا فاقة بنا إلى غيره، والحقّ معنا فلن يوحشنا من قعد عنّا، ونحن صنائع ربّنا، والخلق بعد صنائعنا، يا هؤلاء, ما لكم في الرّيب تتردون، وفي الحيرة تنعكسون، أوما سمعتم الله عزّ وجلّ يقول: يَا أَيُّهَا الذينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرّسُولَ وَأُولِي الأمْرِ مِنْكُمْ. أوما علمتم ما جاءت به الآثار ممّا يكون ويحدث في أئمّتكم، على الماضين والباقين منهم "عليهم السّلام"، أوما رأيتم كيف جعل الله لكم معاقل تأوون إليها، وأعلاماً تهتدون بها من لدن آدم إلى أن ظهر الماضي "عليه السّلام"، كلّما غاب عَلَم بدا علم، وإذا أفل نجم طلع نجم، فلمّا قبضه الله إليه ظننتم أنّ الله أبطل دينه، وقطع السّبب بينه وبين خلقه، كلاّ ما كان ذلك ولا يكون حتّى تقوم السّاعة ويظهر أمر الله وهم كارهون.
وإنّ الماضي مضى سعيداً فقيداً على منهاج آبائه "عليهم السّلام"، حذوالنّعل بالنّعل، وفينا وصيته وعلمه، ومنه خلفه ومن يسد مسدّه، ولا ينازعنا موضعه إلاّ ظالم آثم، ولا يدّعيه دوننا إلاّ جاحد كافر، ولولا أنّ أمر الله لا يغلب، وسرّه لا يظهر ولا يعلن، لظهر لكم من حقّنا ما تبهر منه عقولكم، ويزيل شكوككم، لكنّه ما شاء الله كان، ولكلّ أجل كتاب، فاتقوا الله وسلّموا لنا، وردّوا الأمر إلينا، فعلينا الإصدار كما كان منّا الإيراد، ولا تحاولوا كشف ما غطي عنكم، ولا تميلوا عن اليمين وتعدلوا إلى اليسار، واجعلوا قصدكم إلينا بالمودّة على السّنّة الواضحة, فقد نصحت لكم والله شاهد عليّ وعليكم، ولولا ما عندنا من محبّة صلاحكم ورحمتكم، والإشفاق عليكم، لكنّا عن مخاطبتكم في شغل ممّا قد امتحنا من منازعة الظّالم العتل الضّال المتابع في غيّه، المضاد لربّه، المدّعي ما ليس له، الجاحد عن حقّ من افترض الله طاعته، الظّالم الغاصب، وفي ابنة رسول الله "صلّى الله عليه وآله" لي أسوة حسنة، وسيردي الجاهل رداء عمله، وسيعلم الكافر لمن عقبى الدّار.
عصمنا الله وإيّاكم من المهالك والأسواء والعاهات كلّها برحمته، فإنّه ولي ذلك والقادر على ما يشاء، وكان لنا ولكم وليّاً وحافظاً، والسّلام على جميع الأوصياء والأولياء والمؤمنين ورحمة الله وبركاته، وصلّى الله على مُحمّد النّبيّ وآله وسلم تسليماً.
6 ـ من كتاب له "عليه السّلام" إلى عثمان بن سعيد وابنه مُحمّد بن عثمان "رحمهما الله":
وفقكما الله لطاعته، وثبّتكما على دينه، وأسعدكم بمرضاته, انتهى إلينا ما ذكرتما أنّ الميسمي أخبركما عن المختار ومناظرته من لقي، واحتجاجه بأنّه لا خلف غير جعفر بن عليّ وتصديقه إيّاه، وفهمت جميع ما كتبتما به ممّا قال أصحابكم عنه, وأنا أعوذ بالله من العمى بعد الجلاء، ومن الضّلالة بعد الهُدى، ومن موبقات الأعمال، ومرديات الفتن، فإنّه عزّ وجلّ يقول: ألم أَحَسِبَ النّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ. كيف يتساقطون في الفتنة، ويترددون في الحيرة، ويأخذون يميناً وشمالاً، فارقوا دينهم، أم ارتابوا، أم عاندوا الحقّ، أم جهلوا ما جاءت به الرّوايات الصّادقة والأخبار الصّحيحة، أوعلموا ذلك فتناسوا ما يعلمون، أنّ الأرض لا تخلو من حجّة إمّا ظاهراً وإمّا مغموراً، أولم يروا انتظام أئمّتهم بعد نبيّهم "صلّى الله عليه وآله" واحداً بعد واحد، إلى أن أفضي بأمر الله عزّ وجلّ إلى الماضي ـ يعني الحسن بن عليّ "عليهما السّلام" ـ فقام مقام آبائه "عليهم السّلام"، يهدي إلى الحقّ والى طريق مُستقيم، كان نوراً ساطعاً، وشهاباً لامعاً، وقمراً ظاهراً، ثمّ اختار الله عزّ وجلّ له ما عنده, فمضى على منهاج آبائه "عليهم السّلام" حذو النّعل بالنّعل، على عهد عهده، ووصية أوصى بها إلى وصي ستره الله عزّ وجلّ بأمره إلى غايته، وأخفى مكانه بمشيئته للقضاء السّابق، والقدر النّافذ، وفينا موضعه ولنا فضله، ولو قد أذن الله عزّ وجلّ فيما قد منعه عنه، وأزال عنه ما قد جرى به حكمه، لأراهم الحقّ ظاهراً بأحسن حيلة وأبين دلالة وأوضح علامة، ولأبان عن نفسه وأقام الحجّة، ولكن أقدار الله عزّ وجلّ لا تغلب، وإرادته لا ترد، وتوقيعه لا يسبق، فليدعوا عنهم اتباع الهوى، وليقيموا على أصلهم الذي كانوا عليه، ولا يبحثوا عمّا ستر عنهم فيأثموا، ولا يكشفوا سر الله عزّ وجلّ فيندموا، وليعلموا أنّ الحقّ معنا وفينا، ولا يقول ذلك سوانا إلاّ كذّاب منهمك، ولا يدّعيه غيرنا إلاّ ضالّ غوي، فليقتصروا منّا على هذه الجملة دون التّفسير، ويقنعوا من ذلك بالتّعريض دون التّصريح إن شاء الله.
علامات ظهور الإمام المهدي "عليه السّلام"
وردت علامات لظهور الإمام المهدي "عليه السّلام" في الرّوايات الشّريفة: منها بعيد مثل اختلاف بني العبّاس وزوال ملكهم وغير ذلك, ومنها قريب كخروج السّفياني وطلوع الشّمس من مغربها وغير ذلك.
ومنها محتوم كما نصّ عليه في الرّوايات كالسّفياني واليماني والصّيحة من السّماء وغير ذلك, ومنها غير محتوم.
قال الشّيخ المفيد ـ بعد سرده لعلامات الظّهور كما سيأتي ـ: ومن جملة هذه الأحداث محتومة ومنها مشترطة.
أقول: ولعلّ المراد بالمحتوم ما لا بدّ من وقوعه ولا يمكن أن يلحقه البداء الذي هوإظهار بعد إخفاء لا ظهور بعد خفاء والذي هونسخ في التّكوين, كما أنّ النّسخ المعروف نسخ في التّشريع وبغير المحتوم أوالمشترط ما يمكن أن يلحقه البداء, والمحو والنّسخ في التّكوين يمحو الله ما يشاء فهومشترط بعدم لحوق ذلك.
فأمّا المحتوم: فقد اختلفت الرّوايات في تعداده زيادة ونقيصة, ففي بعضها خمس علامات محتومات قبل قيام القائم "عليه ‏السّلام": السّفياني, واليماني, والمنادي من السّماء باسم المهدي, وخسف في البيداء, وقتل النّفس الزّكية.
وفي بعضها قال من المحتوم وعدّ المذكورات, إلاّ أنّه قال بدل اليماني: وكفّ تطلع من السّماء. وعدّ معها القائم.
وفي بعضها قال من المحتوم وعدّ المذكورات أيضاً, إلاّ أنّه ذكر طلوع الشّمس من مغربها واختلاف بني العبّاس في الدّولة بدل اليماني والخسف, وعدّ معها قيام القائم من آل مُحمّد "صلّى ‏الله‏ عليه ‏وآله".
قال النّعماني في غيبته: هذه العلامات التي ذكرها الأئمّة "عليهم ‏السّلام" مع كثرتها واتصال الرّوايات بها وتواترها واتفاقها, موجبة أن لا يظهر القائم "عليه ‏السّلام" إلاّ بعد مجيئها, إذ كانوا قد أخبروا أنّه لا بدّ منها وهُم الصّادقون, حتى إنّه قيل لهم: نرجوأن يكون ما نؤمل من أمر القائم ولا يكون قبله السّفياني.
فقالوا: بلى والله إنّه لمن المحتوم الذي لا بدّ منه. ثمّ حققوا كون العلامات الخمس ـ أي اليماني والسّفياني والنّداء من السّماء وخسف بالبيداء وقتل النّفس الزّكية ـ التي هُم أعظم الدّلائل على ظهور الحقّ بعدها, كما أبطلوا أمر التّوقيت.
وقالوا: من روى لكم عنّا توقيتاً فلا تهابوا أن تكذّبوه كائناً ما كان فإنّا لا نوقّت. وهذا من أعدل الشّواهد على بطلان أمر كلّ من ادعى ذلك قبل مجي‏ء هذه العلامات, انتهى.
وقال المفيد في الإرشاد: قد جاءت الآثار بذكر علامات لزمان قيام القائم المهدي "عليه ‏السّلام" وحوادث تكون أمام قيامه وآيات ودلالات:
فمنها ـ خروج السّفياني وقتل الحسني واختلاف بني العبّاس في المُلك, وكسوف الشّمس في النّصف من شهر رمضان, وخسوف القمر في آخره على خلاف العادة, وخسف بالبيداء وخسف بالمشرق ــ هوالخسف ببغداد والبصرة كما سيأتي ــ , وخسف بالمغرب ـــ هوالخسف بالشّام كما سيأتي ـــ , وركود الشّمس من عند الزّوال إلى وسط أوقات العصر وطلوعها من المغرب, وقتل نفس زكية يظهر [بظهر] الكوفة في سبعين من الصّالحين, وذبح رجل هاشمي بين الرّكن والمقام, وهدم حائط مسجد الكوفة, وإقبال رايات سود من قبل خراسان, وخروج اليماني, وظهور المغربي بمصر وتملّكه الشّامات, ونزول التّرك الجزيرة, ونزول الرّوم الرّملة, وطلوع نجم بالمشرق يضي‏ء كما يضي‏ء القمر ثمّ ينعطف حتى يكاد يلتقي طرفاه, وحمرة تظهر في السّماء وتنتشر في آفاقها, ونار تظهر بالمشرق طولاً وتبقى في الجوثلاثة أيّام أوسبعة أيّام, وخلع العرب أعنّتها ـــ خلع العرب أعنّتها كناية عن خروجها عن الطّاعة لغيرها, تشبيهاً بالفرس الذي خلع عنانه فلا يكون له عنان يقاد به ويمسك ومنه, قولهم: خلع فلان عذاره. أي أصبح كالفرس المرسل الذي لا عذار في رأسه, يفعل ما يشاء ويذهب أين شاء, ومقابله قولهم: ملك فلان زمام الأمر أومقاليده وغير ذلك ـــ وتملّكها البلاد وخروجها عن سلطان العجم, وقتل أهل مصر أميرهم, وخراب الشّام, واختلاف ثلاث رايات فيه, ودخول رايات قيس والعرب إلى مصر ورايات كندة إلى خراسان, وورود خيل من قبل المغرب حتى تربط بفناء الحيرة, وإقبال رايات سود من قبل المشرق نحوها, وبشق في الفرات حتى يدخل الماء أزقّة الكوفة, وخروج ستين كذّاباً كلّهم يدّعي النّبوّة, وخروج اثني عشر من آل أبي طالب كلّهم يدّعي الإمامة لنفسه, وإحراق رجل عظيم القدر من شيعة بني العبّاس بين جلولاء وخانقين وعقد الجسر مما يلي الكرخ بمدينة بغداد, وارتفاع ريح سوداء بها في أوّل النّهار وزلزلة حتى ينخسف كثير منها, وخوف يشمل أهل العراق وبغداد, وموت ذريع ونقص من الأموال والأنفس والثّمرات, وجراد يظهر في أوانه وفي غير أوانه حتى يأتي على الزّرع والغلات, وقلّة ريع لما يزرعه النّاس, واختلاف صنفين من العجم, وسفك دماء كثيرة فيما بينهم, وخروج العبيد عن طاعة ساداتهم وقتلهم مواليهم, ومسخ القوم من أهل البدع حتى يصيروا قردة وخنازير, وغلبة العبيد على بلاد السّادات, ونداء من السّماء حتى يسمعه أهل الأرض كلّ أهل لغة بلغتهم, ووجه وصدر يظهران من السّماء للناس في عين الشّمس, وأموات ينشرون من القبور حتى يرجعوا إلى الدّنيا فيتعارفون فيها ويتزاورون, ثمّ يختم ذلك بأربع وعشرين مطرة تتصل, فتحيى بها الأرض بعد موتها وتعرف بركاتها, وتزول بعد ذلك كلّ عاهة عن معتقدي الحقّ من شيعة المهدي, فيعرفون عند ذلك ظهوره بمكّة, ويتوجّهون نحوه لنصرته كما جاءت بذلك الأخبار.
قال: ذكرناها على حسب ما ثبت في الأصول وتضمّنتها الآثار المنقولة, وبالله نستعين وإيّاه [نستعين وإيّاه] نسأل التّوفيق. ثمّ أورد المفيد " رضي الله عنه " عدّة أحاديث مسندة في علامات الظّهور ننقلها في تضاعيف ما يأتي, إن شاء الله.
وعن كتاب العدد القوية: قد ظهر من العلامات عدّة كثيرة, مثل خراب حائط مسجد الكوفة, وقتل أهل مصر أميرهم, وزوال ملك بني العبّاس على يد رجل خرج عليهم من حيث بدأ ملكهم, وموت عبد الله آخر ملوك بني العبّاس, وخراب الشّامات, ومد جسر ممّا يلي الكرخ ببغداد, كلّ ذلك في مدّة يسيرة, وانشقاق الفرات وسيصل الماء إن شاء الله إلى أزقّة الكوفة.
أقول: يمكن أن تكون هذه علامات بعيدة, ويمكن كون العلامة غير ما حصل بل شي‏ء يحصل فيما بعد, ولنشرع في تفصيل تلك العلامات المستفادة من الرّوايات فنقول:
العلامة الأولى: اختلاف بني العبّاس وذهاب ملكهم واختلاف بني أُميّة وذهاب ملكهم.
أمّا الأوّل فقد جاء في كثير من الرّوايات جعله من علامات الظّهور, بل في بعضها أنّ اختلافهم من المحتوم, وفي جملة منها التّعبير ببني فلان تقية, قال الباقر "عليه‏ السّلام": لا بدّ أن يملك بنوالعبّاس, فإذا ملكوا واختلفوا وتشتت أمرهم, خرج عليهم الخراساني والسّفياني هذا من المشرق وهذا من المغرب, يستبقان إلى الكوفة كفرسي رهان, هذا من هاهنا وهذا من هاهنا حتى يكون هلاكهم على أيديهما, أمّا أنّهما لا يبقون منهم أحداً.
ويأتي في بعض الرّوايات: فعند ذلك زال ملك القوم, وعند زواله خروج القائم ـ وأنّ ـ آخر ملك بني فلان قتل النّفس الزّكية, وأنّه ما لهم ملك بعده غير خمس عشرة ليلة ـ وأنّ ـ قدام القائم بلوى من الله. فقيل: ما هي ؟ فقرأ: ولنبلونّكم ... الآية. ثمّ قال: الخوف من ملوك بني فلان.
وقال الباقر "عليه ‏السّلام": إذا اختلف بنوالعبّاس فيما بينهم, فانتظروا الفرج, وليس فرجكم إلاّ في اختلاف بني فلان, فإذا اختلفوا, فتوقّّعوا الصّيحة في شهر رمضان وخروج القائم, ولن يخرج ولا ترون ما تحبّون حتى يختلف بنوفلان فيما بينهم.
وقال "عليه ‏السّلام": إنّ ذهاب ملك بني فلان, كقصع الفخار وكرجل كانت بيده فخارة وهويمشي إذ سقطت من يده وهوساه فانكسرت, فقال حين سقطت: هاه شبه الفزع. فذهاب ملكهم هكذا أغفل ما كانوا عن ذهابه.
العلامة الثّانية: خروج ستّين كذابّاً كلّهم يقول أنا نبيّ.
المفيد بسنده عن عبد الله بن عمر, عن النّبي "صلّى ‏الله‏ عليه ‏وآله": لا تقوم السّاعة حتى يخرج المهدي من ولدي, ولا يخرج المهدي حتى يخرج ستون كذابّاً كلّهم يقول أنا نبيّ.
العلامة الثّالثة: خروج إثني عشر من بني هاشم كلّهم يدعوإلى نفسه.
المفيد بسنده عن الصّادق "عليه ‏السّلام" : لا يخرج القائم حتى يخرج قبله إثنا عشر من بني هاشم, كلّهم يدعوإلى نفسه.
العلامة الرّابعة: قول إثني عشر رجلاً أنّهم رأوه.
النّعماني بسنده عن الصّادق "عليه ‏السّلام" : لا يقوم القائم حتى يقوم إثنا عشر رجلاً, كلّهم يجمع على قول أنّهم قد رأوه فيكذبونهم.
العلامة الخامسة: خروج كاسر عينه بصنعاء.
النّعماني بسنده عن عبيد بن زرارة ذكر عند الصّادق "عليه ‏السّلام" السّفياني, فقال: أنّى يخرج ذلك ولم يخرج كاسر عينه بصنعاء. ـ ويحتمل ـ أن يكون هواليماني والله أعلم.
العلامة السّادسة: خروج السّفياني والخراساني واليماني وحدوث خسف بالبيداء.
وقد استفاضت الرّوايات في أنّ السّفياني من المحتوم الذي لا بدّ منه, وأنّه لا يكون قائم إلاّ بسفياني, ونحوذلك, وقال عبد الملك بن أعين: كنت عند أبي جعفر "عليه ‏السّلام" فجرى ذكر القائم, فقلت له: أرجوأن يكون عاجلاً ولا يكون سفياني. فقال: لا والله, أنّه لمن المحتوم الذي لا بدّ منه. ومرّ في بعض الرّوايات أنّ اليماني أيضاً من المحتوم.
وعن الباقر "عليه ‏السّلام": السّفياني والقائم في سنة واحدة. وفي عدّة روايات: أنّ خروج السّفياني واليماني والخراساني يكون في سنة واحدة في شهر واحد في يوم واحد. وفي رواية: ونظام كنظام الخرز, يتبع بعضه بعضاً, فيكون البأس من كلّ وجه, ويل لمن ناواهم. وتدلّ بعض الرّوايات على أنّ خروج اليماني قبل خروج السّفياني.
أمّا اليماني فيكون خروجه من اليمن, والمروي أنّه ليس في الرّايات الثّلاث راية أهدى من راية اليماني؛ لأنّه يدعوإلى الحقّ, أولأنّه يدعوإلى صاحبكم, فإذا خرج حرم بيع السّلاح, وإذا خرج فانهض إليه, فإنّ رايته راية هدى, ولا يحلّ لمسلم أن يلتوي عليه, ولمّا خرج طالب الحقّ باليمن ـ وهومن رؤساء الخوارج ـ قيل للصادق "عليه ‏السّلام": نرجوأن يكون هذا اليماني. فقال: لا, اليماني يتوالى عليّاً وهذا يبرأ منه.
وأمّا الخراساني فيخرج من خراسان, وفي بعض الرّوايات من المشرق, وعن أمير المؤمنين "عليه ‏السّلام" في ذكر العلامات: إذا قام القائم بخراسان وغلب على أرض كرمان والملتان " بلد بالهند ", وحاز جزيرة بني كاوان " كاوان جزيرة في بحر البصرة ".
وأمّا السّفياني فيخرج من وادي اليابس مكان بفلسطين, وعن الصّادق "عليه ‏السّلام" أنّ خروجه في رجب, وعن أمير المؤمنين "عليه ‏السّلام": يخرج ابن آكلة الأكباد من الوادي اليابس, وهورجل ربعة وحش الوجه ضخم الهامة بوجهه أثر الجدري, إذا رأيته حسبته أعور, اسمه عثمان وأبوه عنبسة, وهو من ولد أبي سفيان, حتى يأتي أرض قرار ومعين فيستوي على منبرها. والظاهر أنّها دمشق كما تدلّ عليه رواية أُخرى: أنّه يخرج من وادي اليابس حتى يأتي دمشق فيستوي على منبرها.
وعن الصّادق "عليه ‏السّلام": إنّك لورأيته رأيت أخبث النّاس, أشقر أحمر أزرق, يقول: يا ربّ يا ربّ يا ربّ. أو: يا ربّ ثاري ثاري, ثمّ للنار, أو: يا ربّ ثاري والنّار. ولقد بلغ من خبثه أنّه يدفن أُمّ ولد له وهي حيّة؛ مخافة أن تدلّ عليه.
وعن الباقر "عليه‏ السّلام": السّفياني أحمر أصفر أزرق لم يعبد الله قط ولم ير مكّة ولا المدينة قط.
وعن زين العابدين "عليه ‏السّلام", أنّه من ولد عتبة بن أبي سفيان, وأنّه إذا ظهر اختفى المهدي ثمّ يظهر ويخرج بعد ذلك.
وعن عمّار بن ياسر: إذا رأيتم أهل الشّام قد اجتمع أمرها على ابن أبي سفيان, فألحقوا بمكّة ـ أي أنّ المهدي قد ظهر بها ـ, ويجتمع في الشّام ثلاث رايات كلّهم يطلب المُلك: راية السّفياني, وراية الأصهب, وراية الأبقع, ثمّ إنّ السّفياني يقتل الأصهب والأبقع.
وقال الصّادق "عليه ‏السّلام": السّفياني يملك بعد ظهوره على الكور الخمس حمل امرأة, ثمّ قال: أستغفر الله حمل جمل.
وفي رواية عن الصّادق "عليه ‏السّلام": يملك تسعة أشهر كحمل المرأة.
وفي رواية عنه عليه‏ السّلام: إذا ملك كور الشّام الخمس دمشق وحمّص وفلسطين والأردن وقنسرين, فتوقّعوا عند ذلك الفرج. قُلت: يملك تسعة أشهر؟ قال: لا, ولكن يملك ثمانية أشهر لا يزيد يوماً.
وعن الصّادق عليه‏ السّلام, أنّه من أوّل خروجه إلى آخره خمسة عشر شهراً, ستة أشهر يُقاتل فيها, فإذا ملك الكور الخمس, ملك تسعة أشهر ولم يزد عليها يوماً, وبهذا يجمع بين الخمسة عشر شهراً والتّسعة أشهر, واحتمل المجلسي حمل بعض أخبار مدّته على التّقية لذكره في رواياتهم.
وروى هشام بن سالم عن الصّادق "عليه ‏السّلام": إذا استولى السّفياني على الكور الخمس, فعدّوا له تسعة أشهر. وزعم هشام أنّ الكور الخمس دمشق وفلسطين والأردن وحمّص وحلب, ثمّ إنّ السّفياني بعد ما يقتل الأصهب والأبقع لا يكون له همّة إلاّ العراق, وفي رواية: إلاّ آل مُحمّد وشيعتهم, فيبعث جيشين, جيشاً إلى العراق وآخر إلى المدينة, فأمّا جيش العراق فروى أنّ عدّتهم سبعون ألفا.
وعن النّبي "صلّى ‏الله‏ عليه ‏وآله": حتى ينزلوا بأرض بابل من المدينة الملعونة ـ يعني بغداد ـ, فيقتلون أكثر من ثلاثة آلاف ويفضحون أكثر من ثلاثمئة امرأة ويقتلون ثلاثمئة كبش من بني العبّاس, ثمّ ينحدرون إلى الكوفة, فيخرّبون ما حولها ـ الحديث ـ ويصيبون من أهل الكوفة - وفي رواية ـ من شيعة آل مُحمّد بالكوفة قتلاً وصلباً وسبياً ويمرّ جيشه بقرقيسا ـ بلد على الفرات ـ فيقتتلون بها. هكذا في الرّواية, وليس فيها تصريح بأنّ المقاتل لجيش السّفياني من هو, فيحتمل أن يكون بعض من يدعو لآل مُحمّد "صلّى ‏الله‏ عليه ‏وآله", ويحتمل أن يكون أهل قرقيسا وما جاورها, فيقتل بها من الجبّارين مئة ألف.
وعن الصّادق عليه‏ السّلام: أنّ لله مائدة أومأدبة بقرقيسا, يطلع مطلع من السّماء فينادي: يا طير السّماء, ويا سباع الأرض, هلمّوا إلى الشّبع من لحوم الجبّارين. فبينما هُم كذلك, إذ أقبلت رايات من ناحية خراسان تطوي المنازل طيّاً حثيثاً حتى تنزل ساحل الدّجلة, ومعهم نفر من أصحاب القائم, ويخرج رجل من موالي أهل الكوفة ضعيف في ضعفاء, فيقتله أمير جيش السّفياني بظهر الكوفة ـ وفي رواية ـ بين الحيرة والكوفة.
وقال الصّادق عليه‏ السّلام: كأنّي بالسّفياني أوبصاحب السّفياني ـ الصّحيح بصاحب السّفياني, ولوقيل بالسّفياني لكان المراد صاحب جيشه مجازاً؛ لأنّ المروي أنّ السّفياني يظهر بالشّام ويُقتل بها ولا يدخل العراق ـ قد طرح رحله في رحبتكم بالكوفة, فنادى مناديه: من جاء برأس شيعة عليّ فله ألف درهم. فيثب الجار على جاره ويقول: هذا منهم. فيضرب عنقه ويأخذ ألف درهم, أما إنّ إمارتكم يومئذ لا تكون إلاّ لأولاد البغايا, وكأنّي أنظر إلى صاحب البرقع. قيل: ومن صاحب البرقع ؟ قال: رجل منكم يقول بقولكم يلبس البرقع فيحوشكم فيعرفكم ولا تعرفونه, فيغمز بكم رجلاً رجلاً, أما أنّه لا يكون إلاّ ابن بغي.
وعن النّبيّ "صلّى ‏الله‏ عليه ‏وآله": ثمّ يخرجون ـ أي جيش السّفياني ـ متوجّهين إلى الشّام, فتخرج راية هدى من الكوفة فتلحق ذلك الجيش, فيقتلونهم لا يفلت منهم مخبر, ويستنقذون ما في أيديهم من السّبي والغنائم ـ وأمّا الجيش الذي يبعثه السّفياني إلى المدينة ـ فيقتل بها رجلاً ويؤخذ آل مُحمّد صغيرهم وكبيرهم, فيحسبون وينهبون المدينة ثلاثة أيّام بلياليها, ويكون المهدي "عليه ‏السّلام" بالمدينة, فيخرج منها إلى مكّة على سنّة موسى بن عمران "عليه ‏السّلام" خائفاً يترقّب.
وفي رواية: أنّه يهرب من بالمدينة من أولاد عليّ "عليه ‏السّلام" إلى مكّة, فيلحقون بصاحب الأمر "عليه ‏السّلام", فيبلغ ذلك أمير جيش السّفياني, فيبعث جيشاً على إثره فلا يدركه, وينزل الجيش البيداء ـ وهي أرض بين مكّة والمدينة لها ذكر كثير في الأخبار ـ, فينادي مناد من السّماء: يا بيداء, بيدي بالقوم. فيخسف بهم, فلا يفلت منهم إلاّ مخبر ـ وفي رواية ـ إلاّ ثلاثة نفر, حتى إذا كانوا بالبيداء يحوّل الله وجوههم إلى أقفيتهم وهم من كلب.
وفي رواية عن النّبي "صلّى ‏الله‏ عليه ‏وآله": يبعث الله جبرئيل فيقول: يا جبرئيل, اذهب فأبدهم. فيضربها برجله ضربة يخسف الله بهم عندها, ولا يفلت منهم إلاّ رجلان من جهينة. فلذلك جاء القول: عند جهينة الخبر اليقين. فذلك قوله تعالى: ولوترى إذ فزعوا ... الآية. أورده الثّعلبي في تفسيره, وروى صاحب الكشاف أيضاً أنّها نزلت في خسف البيداء, وروى الطّبرسي عن زين العابدين "عليه ‏السّلام" قال: هوجيش البيداء يؤخذون من تحت أقدامهم.
وروى عليّ بن إبراهيم في تفسيره عن أبي جعفر "عليه‏ السّلام" ‏في قوله تعالى: وأخذوا من مكان قريب. قال: من تحت أقدامهم خسف بهم. وفي قوله تعالى: قُل هوالقادر على أن يبعث عليكم عذاباً من فوقكم. قال: هوالدّجال والصّيحة, أومن تحت أرجلكم وهوالخسف, والقائم "عليه ‏السّلام" يومئذ بمكّة, فيجمع الله عليه أصحابه وهُم ثلاثمئة وبضعة عشر رجلاً ـ وفي رواية: وثلاثة عشر رجلاً عدد أهل بدر ـ فيبايعونه بين الرّكن والمقام, ثمّ يخرج بهم من مكّة فينادي المنادي باسمه وأمره من السّماء حتى يسمعه أهل الأرض كلّهم, ثمّ يأتي الكوفة فيطيل بها المكث حتى يظهر عليها, ثمّ يسير إلى الشّام ـ وفي رواية ـ ثمّ يسير حتى يأتي العذراء " لعلّها القرية التي شرقي دمشق وإليها ينسب مرج عذراء ـ والسّفياني يومئذ بوادي الرّملة, حتى إذا التقوا ـ وهويوم الإبدال ـ يخرج أُناس كانوا مع السّفياني من شيعة آل مُحمّد "صلّى ‏الله‏ عليه ‏وآله", ويخرج ناس كانوا مع آل مُحمّد "صلّى ‏الله‏ عليه ‏وآله" إلى السّفياني, ويُقتل يومئذ السّفياني ومن معه, والخائب يومئذ من خاب من غنيمة كلب, ثمّ يقبل إلى الكوفة فيكون منزله بها.
العلامة السّابعة: خسف الجابية, وكثرة الاختلاف والحروب, وخروج الأصهب والأبقع, وخراب الشّام.
المفيد بسنده عن الباقر "عليه ‏السّلام", قال: الزم الأرض ولا تحرّك يداً ولا رجلاً حتى ترى علامات أذكرها لك, وما أراك تدرك ذلك: اختلاف بني العبّاس, ومناد ينادي من السّماء, وخسف قرية من قرى الشّام تسمّى الجابية ـ هي قرية كانت قريباً من دمشق وخربت, وإليها ينسب باب الجابية, ولا يعرف الآن محلّها, ويمكن أن يكون قد بني مكانها قرية تسمّى بغير هذا الاسم ـ ونزول التّرك الجزيرة, ونزول الرّوم الرّملة, واختلاف كثير عند ذلك في كلّ أرض حتى تخرب الشّام, ويكون سبب خرابها اجتماع ثلاث رايات فيها: راية الأصهب وراية الأبقع وراية السّفياني.
وفي رواية الشّيخ في غيبته: فتلك السنة فيها اختلاف كثير في كلّ أرض من ناحية المغرب ـ هي الشّام وما يليها, فإنّها مغرب بالنّسبة إلى العراق, وتدلّ عليه الرّوايات التي سمّت الشّام مغرباً والعراق مشرقاً ـ أوفي كلّ أرض من أرض العرب, فأوّل أرض تخرب الشّام, يختلفون عند ذلك على ثلاث رايات إلخ. وفي رواية: راية حسنيّة وراية أمويّة وراية قيسيّة.
غيبة الشّيخ بسنده عن عمار بن ياسر, وذكر جملة من العلامات ـ إلى أن قال: وتكثر الحروب في الأرض ـ إلى أن قال: ويظهر ثلاثة نفر بالشّام, كلّهم يطلب الملك: رجل أبقع ورجل أصهب ورجل من أهل بيت أبي سفيان يخرج في كلب ... الحديث.
وفي رواية العياشي: مع بني ذنب الحمار مضر, ومع السّفياني أخواله من كلب, فيظهر السّفياني ومن معه على بني ذنب الحمار حتى يقتلوا قتلاً لم يقتله شي‏ء قط, ويحضر رجل بدمشق فيقتل هو ومن معه قتلاً لم يقتله شي‏ء قط وهو من بني ذنب الحمار. وفي رواية النّعماني: فيلتقي السّفياني بالأبقع فيقتتلون, فيقتله السّفياني ومن تبعه ثمّ يقتل الأصهب.
العلامة الثّامنة: اختلاف رمحين بالشّام, ورجفة بها وخسف بحرستا, وإقبال قوم من المغرب إليه.
غيبة الشّيخ بالإسناد عن أمير المؤمنين "عليه ‏السّلام": إذا اختلف رمحان بالشّام فهوآية من آيات الله تعالى. قيل: ثمّ مه ؟ قال: ثمّ رجفة تكون بالشّام يهلك فيها مئة ألف, يجعلها الله رحمة للمؤمنين وعذاباً على الكافرين, فإذا كان ذلك, فانظروا إلى أصحاب البراذين الشّهب والرّايات الصّفر, تقبل من المغرب حتى تحلّ بالشّام, فإذا كان ذلك, فانتظروا خسفاً بقرية من قرى الشّام يُقال لها حرستا, فإذا كان ذلك, فانتظروا ابن آكلة الأكباد بوادي اليابس.
غيبة النّعماني, مثله, إلاّ أنّه قال: لم تنجل إلاّ عن آية من آيات الله. قيل: وما هي يا أمير المؤمنين؟ قال: رجفة تكون بالشّام يُقتل فيها أكثر من مئة ألف. وقال: البراذين الشّهب المحذوقة. وزاد بعد قوله: تحلّ بالشّام, وذلك عند الجزع الأكبر والموت الأحمر. وبعد قوله: حرستا, فإذا كان ذلك, خرج ابن آكلة الأكباد من الوادي اليابس حتى يستوي على منبر دمشق, فإذا كان ذلك, فانتظروا خروج المهدي.
النّعماني بسنده عن أمير المؤمنين "عليه ‏السّلام": انتظروا الفرج من ثلاث: اختلاف أهل الشّام بينهم, والرّايات السّود من خراسان, والفزعة في شهر رمضان, ... الحديث.
وبسنده عن الباقر "عليه ‏السّلام": لا يظهر القائم حتى يشمل الشّام فتنة يطلبون المخرج منها فلا يجدونه ... الحديث.
العلامة التّاسعة: سقوط طائفة من مسجد دمشق الأيمن.
رواه جابر الجعفي عن الباقر "عليه ‏السّلام" في جملة العلامات, قال: وتسقط طائفة من مسجد دمشق الأيمن, هكذا وجدناه. ولعلّ الصّواب من الجانب الأيمن, أومن جانب مسجد دمشق الأيمن.
غيبة الشّيخ بسنده عن عمار بن ياسر, قال في حديث: ويخسف بغربي مسجد دمشق حتى يخد حائطه ـ وفي رواية ـ ويخرب حائط مسجد دمشق.
العلامة العاشرة: النّداء عن سور دمشق.
غيبة الشّيخ بسنده عن عمار بن ياسر في حديث: وينادي مناد على سور دمشق: ويل لأهل الأرض من شرّ قد اقترب ! ـ وفي رواية ـ ويل لازم.
وفي رواية أُخرى عن الباقر "عليه ‏السّلام": ويجيئكم الصّوت من ناحية دمشق بالفتح.
وفي رواية العياشي: وترى منادياً يُنادي بدمشق.
النّعماني بسنده عن الباقر "عليه ‏السّلام": توقّعوا الصّوت يأتيكم بغتة من قبل دمشق فيه لكم فرج عظيم.
العلامة الحادية عشر: خروج المرواني وعوف السّلمي وشعيب بن صالح.
غيبة النّعماني بسنده عن الرّضا "عليه ‏السّلام": قبل هذا الأمر السّفياني واليماني والمرواني وشعيب بن صالح وكيف يقول هذا وهذا.
وبسنده عن الباقر "عليه ‏السّلام": أنّ لولد العبّاس وللمرواني لوقعة بقرقيسا يشيب فيها الغلام الحزور ـ القوي, ومن الغريب ضبط المجلسي له بالخاء المعجمة وتكلّفه في تفسيره ـ يرفع الله عنهم النّصر, ويوحي إلى طير السّماء وسباع الأرض: اشبعي من لحوم الجبّارين. ثمّ يخرج السّفياني.
أقول: ظاهر بعض الأخبار الواردة في السّفياني, أنّ وقعة قرقيسا مع جيشه والتّعدد جائز, والله أعلم.
غيبة الشّيخ بسنده عن عليّ بن الحُسين "عليهما السّلام": يكون قبل خروج المهدي خروج رجل يُقال له عوف السّلمي بأرض الجزيرة, ويكون مأواه تكريت, وقتله بمسجد دمشق, ثمّ يكون خروج شعيب بن صالح من سمرقند, ثمّ يخرج السّفياني الملعون من الوادي اليابس ... الحديث.
وبسنده عن عمار بن ياسر في حديث: ثمّ يخرج المهدي على لوائه شعيب بن صالح.
العلامة الثّانية عشر: خروج الحسني وقتله
وقد مرّ في الأمر الأوّل عن الصّادق "عليه ‏السّلام": إذا اختلف ولد العبّاس, وخلعت العرب أعنّتها, ورفع كلّ ذي صيصية صيصيته, وظهر السّفياني, وأقبل اليماني, وتحرّك الحسني, خرج صاحب هذا الأمر ... الحديث.
وفي رواية: أنّ المهدي "عليه ‏السّلام" حينما يريد الخروج, يطلع على ذلك بعض مواليه, فيأتي الحسني فيخبره الخبر, فيبتدره الحسني إلى الخروج, فيثبت عليه أهل مكّة فيقتلونه ويبعثون برأسه إلى الشّامي ـ أي السّفياني ـ, فيظهر عند ذلك صاحب هذا الأمر ... الحديث.
العلامة الثّالثة عشر: خروج رايات من مصر إلى الشّام وخروج المصري.
المفيد بسنده عن الرّضا "عليه ‏السّلام": كأنّي برايات من مصر مقبلات خضر مصبغات حتى تأتي الشّامات, فتهدي إلى ابن صاحب الوصيات.
وفي رواية عن أمير المؤمنين "عليه ‏السّلام" أنّه قال: في جملة العلامات, وقام أمير الأمراء بمصر.
غيبة الشّيخ بسنده عن مُحمّد بن مُسلم يخرج: قبل السّفياني مصري ويماني.
العلامة الرّابعة عشر: ركز رايات قيس بمصر ورايات كندة بخراسان.
المفيد بسنده: سأل رجل الحسن "عليه ‏السّلام" عن الفرج , فقال "عليه ‏السّلام": تريد الإكثار أم أجمل لك ؟ فقال: بل تجمل لي. قال: إذا ركزت رايات قيس بمصر ورايات كندة بخراسان.
النّعماني بسنده عن الصّادق "عليه ‏السّلام": قبل قيام القائم تحرّك حرب قيس.
العلامة الخامسة عشر: نزول التّرك الجزيرة والرّوم الرّملة.
وجاء ذلك في عدّة روايات مسندة عن جابر الجعفي, عن الباقر"عليه ‏السّلام", قال: الزم الأرض ولا تحرّك يداً ولا رجلاً حتى ترى علامات أذكرها لك إن أدركتها وما أراك تدرك ذلك, ولكن حدّث به من بعدي عنّي وذكر جملة منها ـ إلى أن قال ـ ونزول التّرك الجزيرة ونزول الرّوم الرّملة, ـ وفي رواية: وتنزل الرّوم فلسطين, ـ وفي رواية: وستقبل إخوان التّرك حتى ينزلوا الجزيرة, وستقبل إخوان مارقة الرّوم حتى ينزلوا الرّملة, ـ وفي رواية: ومارقة تمرق من ناحية التّرك حتى تنزل الجزيرة, وستقبل مارقة الرّوم حتى ينزلوا الرّملة. والظّاهر أنّ المراد بالجزيرة جزيرة العرب والرّملة بلد بفلسطين
وفي رواية: إذا خالف التّرك الرّوم. أو: ويتخالف التّرك والرّوم. والظّاهر أنّه بمعنى نزول التّرك الجزيرة والرّوم الرّملة.
وفي رواية: فإذا استأثرت عليكم الرّوم والتّرك وجهزت الجيوش ... الحديث.
وفي رواية عن أمير المؤمنين "عليه ‏السّلام": وظهرت رايات التّرك متفرّقات في الاقطار والجنبات, وكانوا بين هن وهنات.
العلامة السّادسة عشر: حصار الكوفة, ولعلّه من جهة السّفياني.
العلامة السّابعة عشر: تخريق الرّوايا في سكك الكوفة.
أي: روايا الماء. والظّاهر أنّه بغلبة أحد الفريقين المتحاربين على الآخر.
العلامة الثّامنة عشر: تعطيل المساجد أربعين ليلة, والظّاهر أنّه بالكوفة.
العلامة التّاسعة عشر: كشف الهيكل, والمراد منه غير واضح.
العلامة العشرون: خفوق رايات حول المسجد الأكبر بالكوفة.
العلامة الحادية والعشرون: قتل النّفس الزّكية بظهر الكوفة في سبعين.
والذي ذكره المفيد ـ كما مرّ ـ قتل نفس زكية في سبعين من الصّالحين.
العلامة الثّانية والعشرون: قتل الأشفع صبراً في بيعة الأصنام.
والمراد بالأشفع غير ظاهر, ولعلّه مصحف, وبيعة الأصنام أي الكنيسة أونحوها ذات الأصنام.
العلامة الثّالثة والعشرون: سبي سبعين ألف بكر من الكوفة.
ويروى أنّ الكوفة تعظم كثيراً تتصل بكربلاء فلا يستبعد ذلك.
العلامة الرّابعة والعشرون: خروج مئة ألف من الكوفة إلى السّفياني.
العلامة الخامسة والعشرون: خروج رايات من شرقي الأرض مع رجل من آل مُحمّد "صلّى ‏الله‏ عليه ‏وآله".
العلامة السّادسة والعشرون: خروج رجل من نجران يستجيب للإمام "عليه ‏السّلام".
العلامة السّابعة والعشرون: نداء من جهة المشرق: يا أهل الهدى, اجتمعوا. ومن جهة المغرب: يا أهل الباطل, اجتمعو.
العلامة الثّامنة والعشرون: تلّون الشّمس.
العلامة التّاسعة والعشرون: بعث أهل الكهف وخروجهم مع القائم "عليه ‏السّلام"
وهذه العلامات من السّادس عشر إلى التّاسع والعشرين مع غيرها منقولة عن كتاب سرور أهل الإيمان في جملة رواية عن أمير المؤمنين "عليه ‏السّلام", قال: ولذلك آيات وعلامات:
أوّلهن ـ حصار الكوفة بالرّصد والخندق, وتخريق الرّوايا في سكك الكوفة, وتعطيل المساجد أربعين ليلة, وكشف الهيكل, وخفق رايات حول المسجد الأكبر تهتزّ, القاتل والمقتول في النّار, وقتل سريع, وموت ذريع, وقتل النّفس الزّكية بظهر الكوفة في سبعين, والمذبوح بين الرّكن والمقام ـ اشارة إلى النّفس الزّكية أوإلى الحسني ـ وقتل الأشفع صبراً في بيعة الأصنام, وخروج السّفياني براية حمراء أميرها رجل من بني كلب, وإثنا عشر ألف عنان من خيل السّفياني تتوجه إلى مكّة والمدينة, أميرها رجل من بني أُميّة يقال له خزيمة, أطمس العين الشّمال على عينه ظفرة غليظة يمثل بالرّجال, لا ترد له راية حتى ينزل المدينة في دار يُقال لها دار أبي الحسن الأموي, ويبعث خيلاً في طلب رجل من آل مُحمّد إلى مكّة أميرها رجل من غطفان, ـ إلى أن قال ـ ويبعث مئة وثلاثين ألفاً إلى الكوفة, وينزلون الرّوحاء ـ في بعض الرّوايات: ويكون ميقاتهم في أرض من أراضي الفرات يُقال لها الرّوحاء قريباً من كوفتكم. وفي معجم البلدان: الرّوحاء: قرية من قرى بغداد, وقرية بين مكّة والمدينة ـ والفاروق ـ كذا في النّسخة, والظّاهر أنّه الفاروث, قرية على شاطئ دجلة بين واسط والمذار, أمّا الفاروق, فقرية من قرى إصطخر فارس, وإرادتها لا تناسب المقام ـ فيسير منها ستون ألفاً حتى ينزلوا الكوفة موضع قبر هود "عليه ‏السّلام" بالنّخيلة, فيهجمون عليهم يوم الزّينة, وأمير النّاس جبّار عنيد يُقال له الكاهن السّاحر, فيخرج من مدينة الزّوراء إليهم أمير في خمسة آلاف من الكهنة, ويقتل على جسرها ـ أي الكوفة ـ سبعين ألفاً, حتى تحتمي النّاس من الفرات ثلاثة أيّام من الدّماء ونتن الأجساد, ويسبى من الكوفة سبعون ألف بكر, لا يكف عنها كف ولا قناع حتى يوضعن في المحامل ويذهب بهن إلى الثّوية وهي الغري.
ثمّ يخرج من الكوفة مئة ألف ما بين مشرك ومنافق حتى يقدموا دمشق لا يصدّهم عنها صاد وهي إرم ذات العماد, وتقبل رايات من شرقي الأرض غير معلمة, ليست بقطن ولا كتان ولا حرير, مختوم في رأس القنا بخاتم السّيّد الأكبر, يسوقها رجل من آل مُحمّد, تظهر بالمشرق وتوجد ريحها بالمغرب كالمسك الأذفر, يسير الرّعب أمامها شهراً حتى ينزلوا الكوفة؛ طالبين بدماء آبائهم, فبينا هُم على ذلك, إذ أقبلت خيل اليماني والخراساني يستبقان كأنّهما فرسا رهان شعث عبر جرد, ويخرج رجل من أهل نجران يستجيب للإمام, فيكون أوّل النّصارى إجابة, فيهدم بيعته ويدق صليبه, فيخرج بالموالي وضعفاء النّاس, فيسيرون إلى النّخيلة بأعلام هدى, فيكون مجمع النّاس جميعاً في الأرض كلّها بالفاروق, فيقتل يومئذ ما بين المشرق والمغرب ثلاثة آلاف ألف, وينادي مناد في شهر رمضان من ناحية المشرق عند الفجر: يا أهل الهدى, اجتمعوا. وينادي مناد من قبل المغرب ـ بعد ما يغيب الشّفق ـ: يا أهل الباطل, اجتمعوا. ومن الغد عند الظّهر تتلوّن الشّمس تصفرّ فتصير سوداء مظلمة, ويوم الثّالث يفرّق الله بين الحقّ والباطل, وتخرج دابة الأرض, وتقبل الرّوم عند ساحل البحر عند كهف الفتية, فيبعث الله الفتية من كهفهم مع كلبهم معهم رجل يُقال له مليخا وآخر حملاها, وهُما الشّاهدان المُسلمان للقائم "عليه ‏السّلام".
العلامة الثّلاثون: ظهور نار بالكوفة.
النّعماني بسنده عن الصّادق "عليه ‏السّلام", في قوله تعالى: سأل سائل بعذاب واقع. قال: تأويلها: فيما يأتي عذاب يقع في الثّوية ـ يعني ناراً ـ حتى ينتهي إلى الكناسة كناسة بني أسد حتى تمرّ بثقيف, لا تدع وتراً لآل مُحمّد إلاّ أحرقته, وذلك قبل خروج القائم "عليه ‏السّلام". الثّوية: موضع قرب الكوفة. والكناسة: محلّة بالكوفة.
العلامة الحادية والثّلاثون: ظهور نار من المشرق.
النّعماني بسنده عن الباقر "عليه ‏السّلام": إذا رأيتم ناراً من المشرق شبه الهردي ـ الهردي: الثّوب المصبوغ بالهرد ـ بالضّم وهو: الكركم الأصفر وطين أحمر يصبغ به, واسم لصبغ أصفر يسمّى العروق, والمناسب هُنا, إرادة الطّين الأحمر؛ لأنّ المصبوغ به هوالذي تشبهه النّار, وما في البحار من جعله بالواولا بالدّال اشتباه وتصحيف ـ العظيم تطلع ثلاثة أيّام أوسبعة, فتوقّعوا فرج آل مُحمّد "صلّى ‏الله‏ عليه ‏وآله".
وبسنده عنه "عليه ‏السّلام": إذا رأيتم علامة في السّماء ناراً عظيمة من قبل المشرق تطلع ليالي, فعند ما [فعندها] فرج النّاس, وهي قدّام القائم بقليل.
العلامة الثّانية والثّلاثون: النّار والحمرة في السّماء.
المفيد بسنده عن الصّادق "عليه ‏السّلام": يزجر النّاس قبل قيام القائم عن معاصيهم بنار تظهر في السّماء وحمرة تجلّل السّماء ... الحديث.
العلامة الثّالثة والثّلاثون: انبثاق الفرات.
المفيد بسنده عن الصّادق "عليه ‏السّلام": سنة الفتح, ينبثق الفرات حتى يدخل في أزقّة الكوفة.
العلامة الرّابعة والثّلاثون: كثرة القتل بين الحيرة والكوفة.
المفيد بسنده عن جابر, قُلت لأبي جعفر "عليه ‏السّلام": متى يكون هذا الأمر ؟ فقال أنى يكون ذلك يا جابر, ولمّا يكثر القتل بين الحيرة والكوفة.
النّعماني بسنده عن الباقر "عليه ‏السّلام": لا يظهر القائم "عليه ‏السّلام" ـ إلى أن قال ـ ويكون قتل بين الكوفة والحيرة, قتلاهم على سواء ... الحديث.
وفي البحار: على سواء. أي في وسط الطّريق. أقول: الظّاهر أنّ المراد تساوي قتلاهم في العدد.
العلامة الخامسة والثّلاثون: قتل رجل من الموالي بين الحيرة والكوفة.
النّعماني بأسانيده عن الباقر "عليه ‏السّلام" في حديث: ثمّ يخرج رجل من موالي أهل الكوفة في ضعفاء, فيقتله أمير جيش السّفياني بين الحيرة والكوفة.
العلامة السّادسة والثّلاثون: هدم حائط مسجد الكوفة.
النّعماني بسنده عن الصّادق "عليه ‏السّلام": إذا هدم حائط مسجد الكوفة من مؤخّرة مما يلي دار ابن مسعود, فعند ذلك زال ملك بني فلان, أمّا أن هادمه لا يبنيه.
المفيد بسنده عن الصّادق "عليه ‏السّلام": إذا هدم حائط مسجد الكوفة مما يلي القائم "عليه ‏السّلام". والقوم وبنو فلان عبارة عن بني العبّاس, وقد مرّ في الأمر الأوّل أنّ زوال ملكهم من العلامات, ومرّ الجواب عن قوله وعند زواله خروج القائم "عليه ‏السّلام".
العلامة السّابعة والثّلاثون: خسف ببغداد والبصرة, وقتل بالبصرة وخراب. وفناء وخوف بالعراق.
المفيد بسنده عن الصّادق "عليه ‏السّلام", وذكر بعض علامات المهدي إلى أن قال: وخسف ببغداد, وخسف ببلد البصرة ودماء تسفك بها وخراب دورها وفناء يقع في أهلها, وشمول أهل العراق خوف لا يكون لهم معه قرار.
العلامة الثّامنة والثّلاثون: خراب البصرة.
وهو مروي عن أمير المؤمنين "عليه ‏السّلام": وقد مر في الأمر السّابق أن من العلامات خراب دورها.
العلامة التّاسعة والثّلاثون: خراب الرّي
النّعماني بسنده عن كعب الأحبار, قال: وخراب الزّوراء وهي الرّي وخسف المزورة وهي بغداد. المشهور أنّ بغداد تسمّى الزّوراء وقد جعله في الخبر اسماً للري وسمّى بغداد المزورة ... الحديث.
العلامة الأربعون: خروج الرّايات السّود من خراسان.
غيبة الشّيخ بسنده عن الباقر "عليه ‏السّلام": تنزل الرّايات السّود التي تخرج من خراسان إلى الكوفة, فإذا ظهر المهدي "عليه ‏السّلام", بعث إليه بالبيعة.
النّعماني بسنده عن أبي جعفر "عليه ‏السّلام", عن أمير المؤمنين "عليه ‏السّلام": انتظروا الفرج من ثلاث, وعدّ منها الرّايات السّود من خراسان.
وبسنده عن معروف بن خربوذ: ما دخلنا على أبي جعفر الباقر "عليه ‏السّلام" قط إلاّ قال: خراسان خراسان سجستان سجستان. كأنّه يبشّرنا بذلك.
العلامة الحادية والأربعون: خروج قوم بالمشرق.
النّعماني بسنده عن الباقر "عليه ‏السّلام": كأنّي بقوم قد خرجوا بالمشرق يطلبون الحقّ فلا يعطونه, ثمّ يطلبونه فلا يعطونه, فإذا رأوا ذلك وضعوا سيوفهم على عواتقهم, فيعطون ما سألوا فلا يقبلونه حتى يقوموا ولا يدفعونها إلاّ إلى صاحبكم, قتلاهم شُهداء, أما إنّي لوأدركت ذلك لاستبقيت نفسي لصاحب هذا الأمر.
العلامة الثّانية والأربعون: رفع اثنتي عشرة راية مشتبهة.
عن الصّادق "عليه ‏السّلام": لترفعن ـ يعني عند خروج المهدي "عليه‏ السّلام" ـ اثنتا عشرة راية مشتبهة, ولا يدري أيّ من أيّ. فبكى الرّاوي وقال: فكيف نصنع ؟ فنظر "عليه ‏السّلام" إلى شمس داخلة في الصّفة, فقال: والله, لأمرنا أبين من هذه الشّمس.
العلامة الثّالثة والأربعون: قيام قائم من أهل البيت بجيلان.
النّعماني بسنده عن أمير المؤمنين "عليه ‏السّلام" في حديث: وقام قائم منّا بجيلان وأجابته الأبر ـ قرية قرب أسترآباد ـ والدّيلم.
العلامة الرّابعة والأربعون: حدث بين المسجدين, وقتل خمسة عشر كبشاً من العرب.
المفيد بسنده عن الرّضا "عليه ‏السّلام": إنّ من علامات الفرج حدثاً يكون بين المسجدين, ويقتل فلان من ولد فلان خمسة عشر كبشاً من العرب.
والمراد بالمسجدين [ ويقتل فلان من ولد فلان خمسة عشر كبشاً من العرب ـ والمراد ـ بالمسجدين] مسجدا مكّة والمدينة, بدليل قول الصّادق "عليه ‏السّلام": إنّ قدام هذا الأمر علامات, حدث يكون بين الحرمين. قيل ما الحدث ؟ قال: عصبة تكون, ويقتل فلان من آل فلان خمسة عشر رجلاً.
والمراد بفلان وفلان. رجل من ولد العبّاس؛ لأنّ المتعارف في ذلك الوقت التّعبير عن بني العبّاس, ببني فلان كما في كثير من الرّوايات تقية.
العلامة الخامسة والأربعون: الاختلاف الشّديد في الدّين.
غيبة الشّيخ بسنده عن الحسن بن عليّ "عليه ‏السّلام": لا يكون هذا الأمر الذي تنتظرون حتى يبرأ بعضكم من بعض, ويلعن بعضكم بعضاً, ويتفل بعضكم في وجه بعض, وحتى يشهد بعضكم بالكفر على بعض. قُلت: ما في ذلك خير. قال: الخير كلّه في ذلك, عند ذلك يقوم قائمنا, فيرفع ذلك كلّه.
عليّ بن إبراهيم في تفسيره عن الباقر "عليه ‏السّلام" في قوله تعالى: أويلبسكم شيعاً. قال: هوالاختلاف في الدّين, وطعن بعضكم على بعض. بعد ما ذكر الدّجال والصّيحة والخسف.
العلامة السّادسة والأربعون: ظهور الفساد والمنكرات.
إكمال الدّين بسنده عن مُحمّد بن مُسلم عن الباقر "عليه ‏السّلام" في حديث, قُلت له: يا بن رسول الله, متى يخرج قائمكم ؟ قال: إذا تشبّه الرّجال بالنّساء والنّساء بالرّجال, واكتفى الرّجال بالرّجال والنّساء بالنّساء, وركب ذوات الفروج السّروج, وقبلت شهادات الزّور, وردّت شهادات العدل, واستخف النّاس بالدّماء, وارتكاب الزّنا, وأكل الرّبا, واتقي الأشرار مخافة السّنتهم, ـ إلى أن قال ـ وجاءت صيحة من السّماء بأنّ الحقّ فيه ـ الظّاهر رجوع الضّمير الى القائم "عليه ‏السّلام", ويحتمل رجوعه إلى عليّ "عليه ‏السّلام" كما في بعض الرّوايات ـ وفي شيعته, فعند ذلك خروج قائمنا ... الحديث.
وبسنده أنّ أمير المؤمنين "عليه ‏السّلام", قال: إنّ علامة خروج الدّجال إذا أمات النّاس الصّلاة, وأضاعوا الأمانة, واستحلّوا الكذب, وأكلوا الرّبا, وأخذوا الرّشا, وشيدوا البنيان, وباعوا الدّين بالدّنيا, واستعملوا السّفهاء, وشاوروا النّساء, وقطعوا الأرحام, واتبعوا الأهواء, واستخفوا بالدّماء, وكان الحلم ضعفاً والظّلم فخراً, وكان الأمراء فجرة والوزراء ظلمة والعرفاء خونة والقرّاء فسقة, وظهرت شهادات الزّور, واستعلن الفجور وقول البهتان والإثم والطّغيان, وحليت المصاحف, وزخرفت المساجد, وطولت المنار, وأكرم الأشرار, وازدحمت الصّفوف, واختلفت الأهواء, ونقضت العقود, واقترب الموعود, وشارك النّساء أزواجهن في التّجارة؛ حرصاً على الدّنيا, وعلت أصوات الفسّاق واستمع منهم, وكان زعيم القوم أرذلهم, واتّقي الفاجر مخافة شرّه, وصدق الكاذب, واؤتمن الخائن, واتخذت القيان والمعازف, ولعن آخر هذه الأمّة أوّلها, وركب ذوات الفروج السّروج, وتشبّه النّساء بالرّجال والرّجال بالنّساء, وشهد الشّاهد من غير أن يستشهد, وشهد الآخر قضاء الذّمام بغير حقّ, وتفقّه لغير الدّين, وآثروا عمل الدّنيا على الآخرة, ولبسوا جلود الضّأن على قلوب الذّئاب وقلوبهم أنتن من الجيف وأمرّ من الصّبر, فعند ذلك الوحا الوحا, العجل العجل, خير المساكن يومئذ بيت المقدس, ليأتين على النّاس زمان يتمنّى أحدهم أنّه من سكانه ... الحديث.
الكليني في روضة الكافي بسنده عن الصّادق "عليه ‏السّلام" في حديث, قال: ألا تعلم أنّ من انتظر أمرنا وصبر على ما يرى من الأذى والخوف هوغداً في زمرتنا, فإذا رأيت الحقّ قد مات وذهب أهله, والجور قد شمل البلاد, والقرآن قد خلق وأحدث فيه ما ليس فيه ووجه على الأهواء, والدّين قد انكفأ كما ينكفئ الإناء, وأهل الباطل قد استعلوا على أهل الحقّ, والشّر ظاهراً لا ينهى عنه ويعذر أصحابه, والفسق قد ظهر, واكتفى الرّجال بالرّجال والنّساء بالنّساء, والمؤمن صامتاً لا يقبل قوله, والفاسق يكذب ولا يردّ عليه كذبه وفريته, والصّغير يستحقر الكبير, والأرحام قد تقطّعت, ومن يمتدح بالفسق يضحك منه ولا يرد عليه قوله, والغلام يعطي ما تعطي المرأة, والنّساء يتزوجن النّساء, والثّناء قد كثر, والرّجل ينفق المال في غير طاعة الله فلا ينهي ولا يؤخذ على يديه, والنّاظر يتعوّه بالله ممّا يرى المؤمن فيه من الاجتهاد, والجار يؤذي جاره وليس له مانع, والكافر فرحاً لما يرى في المؤمن, مرحاً لما يرى في الأرض من الفساد والخمور تشرب علانية, ويجتمع عليها من لا يخاف الله عزّ وجلّ, والآمر بالمعروف ذليلاً, والفاسق فيما لا يحبّ الله قوياً محموداً.
وأصحاب الآيات ـ الآثار خ ل ـ يحقرون ويحتقر من يحبّهم, وسبيل الخير منقطعاً, وسبيل الشّر مسلوكاً, وبيت الله قد عطل ويؤمر بتركه, والرّجل يقول ما لا يفعله, والنّساء يتخذن المجالس كما يتخذها الرّجال, والتّأنيث في ولد العبّاس قد ظهر, وأظهروا الخضاب وامتشطوا كما تمتشط المرأة لزوجها, وكان صاحب المال أعزّ من المؤمن, والرّبا ظاهراً لا يعير به, والزّنا يمتدح به النّساء ورأيت أكثر النّاس, وخير بيت من يساعد النّساء على فسقهن, والمؤمن محزوناً محتقراً ذليلاً, والبدع والزّنا قد ظهر, والنّاس يعتدون بشاهد الزّور, والحرام يحلل والحلال يحرم, والدّين بالرّأي, وعطلّ الكتاب وأحكامه, والليل لا يستخفى به من الجرأة على الله, والمؤمن لا يستطيع أن ينكر إلا بقلبه, والعظيم من المال ينفق في سخط الله عزّ وجلّ, والولاة يقربون أهل الكفر ويباعدون أهل الخير ويرتشون في الحكم, والولاية قبالة لمن زاد, والمرأة تقهر زوجها وتعمل ما لا يشتهي وتنفق على زوجها, والقمار قد ظهر, والشّراب يباع ظاهراً ليس عليه مانع, والملاهي قد ظهرت, يمرّ بها لا يمنعها أحد أحداً ولا يجترئ أحد على منعها, والشّريف يستذله الذي يخاف سلطانه, والزّور من القول يتنافس فيه, والقرآن قد ثقل على النّاس استماعه وخفّ على النّاس استماع الباطل, والجار يكرم الجار خوفاً من لسانه, والحدود قد عطّت [عطلّت] وعمل فيها بالأهواء, والمساجد قد زخرفت, وأصدق النّاس عند النّاس المفتري الكذب, والشّر قد ظهر, والسّعي بالنّميمة والبغي قد فشا, والغيبة تستملح ويبشر بها النّاس بعضهم بعضا, وطلب الحج والجهاد لغير الله, والسّلطان يذل للكافر المؤمن, والخراب قد أديل من العمران, والرّجل معيشته من بخس المكيال والميزان, وسفك الدّماء يستخف بها, والرّجل يطلب الرّئاسة لعرض الدّنيا ويشهر نفسه بخبث اللسان؛ ليتقي وتسند إليه الأمور, والصّلاة قد استخفّ بها, والرّجل عنده المال الكثير لم يزكه منذ ملكه, والهرج قد كثر, والرّجل يمسي نشوان ويصبح سكران لا يهتمّ بما النّاس فيه, والبهائم يفرس بعضا [بعضها] بعضاً, والرّجل يخرج إلى مصلاه ويرجع وليس عليه شي‏ء من ثيابه, وقلوب النّاس قد قست وجمدت أعينهم وثقل الذّكر عليهم, والسّحت قد ظهر يتنافس فيه, والمصلّي إنّما يصلّي ليراه النّاس, والفقيه يتفقه لغير الدّين بطلب الدّنيا والرّئاسة, والنّاس مع من غلب, وطالب الحلال يذم ويعير وطالب الحرام يمدح ويعظم.
والحرمين يعمل فيهما بما لا يحبّ الله لا يمنعهم مانع ولا يحول بينهم وبين العمل القبيح أحد, والمعازف ظاهرة في الحرمين, والرّجل يتكلّم بشي‏ء من الحقّ ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر, فيقوم إليه من ينصحه في نفسه, فيقول: هذا عنك موضوع. والنّاس ينظر بعضهم إلى بعض ويقتدون بأهل الشّر, ومسلك الخير وطريقه خالياً لا يسلكه أحد, والميت يمرّ به فلا يفزع له أحد, وكلّ عام يحدث فيه من البدعة والشّر أكثر ممّا كان, والخلق والمجالس لا يتابعون إلاّ الأغنياء, والمحتاج يعطي على الضّحك به ويرحم لغير وجه الله, والآيات في السّماء لا يفزع لها أحد, والنّاس يتسافدون كما تتسافد البهائم, لا ينكر أحد منكراً؛ تخوفاً من النّاس, والرّجل ينفق الكثير في غير طاعة الله ويمنع اليسير في طاعة الله, والعقوق قد ظهر, واستخفّ بالوالدّين وكانا من اسوأ النّاس حالاً عند الولد ويفرح بأن يفتري عليهما, والنّساء قد غلبن على الملك وغلبن على كلّ أمر لا يؤتى إلاّ ما لهن فيه هوى.
وابن الرّجل يفتري على أبيه ويعلوعلى والدّيه ويفرح بموتهما, والرّجل إذا مر ّبه يوم ولم يكسب فيه الذّنب العظيم من فجور أوبخس مكيال أوميزان أوغشيان حرام أوشرب مسكر, يرى كئيباً حزيناً, يحسب أنّ ذلك اليوم عليه وضيعة من عمره, والسّلطان يحتكر الطّعام, وأموال ذوي القربى تقسّم في الزّور ويتقامر بها ويشرب بها الخمور, والخمر يتداوى بها وتوصف للمريض ويستشفى بها, والنّاس قد استووا في ترك الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر وترك التّدين به, ورياح المنافقين وأهل النّفاق دائمة, ورياح أهل الحقّ لا تحرّك, والأذان بالأجر, والصّلاة بالأجر, والمساجد محتشية ممّن لا يخاف الله مجتمعون فيها للغيبة وأكل لحوم أهل الحقّ, ويتواصفون فيها شراب المسكر, والسّكران يصلّي بالنّاس فهو لا يعقل ولا يشان بالسّكر, وإذا سكر أكرم واتقي وخيف وترك لا يعاقب ويعذر بسكره, ومن أكل أموال اليتامى يحدّث بصلاحه, والقضاة يقضون بخلاف ما أمر الله, والولاة يأتمنون الخونة للطمع, والميراث قد وضعته الولاة لأهل الفسوق والجرأة على الله, يأخذون منهم ويخلونهم وما يشتهون, والمنابر يؤمر عليها بالتّقوى ولا يعمل القائل بما يأمر, والصّلاة قد استخفّ بأوقاتها, والصّدقة بالشّفاعة لا يراد بها وجه الله وتعطي لطلب النّاس, والنّاس همّهم بطونهم وفروجهم, لا يبالون بما أكلوا وبما نكحوا والدّنيا مقبلة عليهم, وأعلام الحقّ قد درست, فكن على حذر, واطلب من الله عزّ وجلّ النّجاة ... الحديث .
العلامة السّابعة والأربعون: عضّ الزّمان, وجفاء الإخوان, وظلم السّلطان, وخروج زنديق من قزوين.
غيبة الشّيخ بسنده عن مُحمّد بن الحنفية, قيل له: قد طال هذا الأمر حتى متى ؟ فحرّك رأسه ثمّ قال: أنّى يكون ذلك ولم يعضّ الزّمان ولم.

المهدي"عليه السّلام" والأدب الشّعري
1 - لله يا حامي الشّريعة
لله يا حامي الشــــــريعة * * * أتقر وهي كــــــــــــــذا مروعه
بك تســـتغيـــــــث وقلبها * * * لك عن جوى يشـــــكو صدوعه
تدعو وجرد الخيل مصغيه * * * لدعوتهـــــــــــــــــا سميعـــــــه
وتكاد ألسنة الســــــ‎ـيوف * * * تجيب دعوتهــــــــــــــا سـريعه
فصدورها ضاقت بســــــر * * * الموت فــــــــــــــــأذن أن تذيعه
ضربا رداء الحـــرب يبدو * * * منه محــــــــــــــــــمر الوشيعه
لا تشفتي أو تــــــــ‎نز عن * * * غروبها مــــــــــــــــن كل شيعه
أين الذريعــــــــ‎ـة لا قـرار * * * على العدى أيــــــــــــــن الذريعه
لا ينجع الأمــــ‎ــ‎هال بالــعا * * * تي فقـــــــــــــــــم وأرق نجيعه
للصنع ما أبـــقى التحمــل * * * موضعا فــــــــــــــــدع الصنيعه
طعنا كما دفـــــقت أفاويـق * * * الحيا مـــــــــــــــــــــزن سريعه
يا بن الترائــــك والبواتك * * * من ضبا البيــــــــــض الصنيعه
وعميد كــــــــــــل مغامــر * * * يقظ الحفيظة فـــــــــــي الوقيعه
تنميه للعليـــــــــــاء هاشم * * * أهل ذروتهـــــــــــــــــا الرفيعه
وذووا السوابـ‎‎ق والسوابغ * * * والمثقفة اللمــــــــــــــــــــــ‎وعه
من كل عبـــــل الساعدين * * * تراه أو ضخــــــــــــــم الدسيعه
إن يلتمس غرضا فحـد الـ * * * ـسيف يجعلـــــــــــــــــــه شفيعه
ومقارع تحـــــــــــت القنا * * * يلقى الردى منـــــــــــــــه قريعه
لم يسر فـــــــــــي ملمومة * * * إلا وكان لهــــــــــــــــــــا طليعه
ومضاجــــــــــع ذا رونق * * * ألهاه عن ضــــــــــــم الضجيعه
نسي الهجــوع ومـن تيقـظ * * * عزمه ينســــــــــــــــى هجوعه
مات التصــــــــبر بانتظــا * * * رك أيها المحيــــــــــي الشريعه
فنهض فما أبـــ‎قى التحمل * * * غير أحشـــــــــــــــــاء جزوعه
قد مزقت ثــــــ‎وب الأسى * * * وشكت لوصــــــــــالها القطيعه
فالسيف أن بــــــــه شفاء * * * قلوب شيعتــــــــــــــك الوجيعه
فسواه منهم ليــــ‎س ينعش * * * هذه النفــــــــــــــــس الصريعه
طالت حبـــــ‎ــــال عواتـق * * * فمتى تعــــــــــــــــود به قطيعه
كم ذا القعــــــــــود ودينكم * * * هدمت قواعــــــــــــــده الرفيعه
تنعى فـــــــــروع أصولــه * * * وأصوله تنـــــــــــــــعى فروعه
فيه تحكـــم مـــن أباح الــ * * * ـيوم حرمتــــــــــــــــــه المنيعه
من لو بــــــــــــقيمة قدره * * * غاليت ماســـــــــ‎ــــاوى رجيعه
فاشحذ شبا غضـ‎ب لـه الأ * * * رواح منذعـــــــــــــــنة مطيعه
إن يدعها خفـــــــت لدعـ * * * ـوته وان ثقلـــــــــ‎ـــ‎ـت سريعه
وطلب به بـــــــــدم القتيل * * * بكربلا في خيـــــــــــــــر شيعه
ماذا يهيــــجك إن صبـرت * * * لوقعة الطــــــــــــــــف الفظيعه
أترى تــــــــــجيء فجيعة * * * بأمض من تلـــــــ‎ـــــك الفجيعه
حيث الحسين علـى الثرى * * * خيل العدى طــــــحنت ضلوعه
قتلته آل أمــــــــ‎ـــــــــــية * * * ظام إلى جنـــــــــــــب الشريعه
ورضيعه بــــــ‎ـــدم الوريد * * * مخضب فاطــــــــــلب رضيعه
يا غيــــــــــرة الله اهتفي * * * بحمية الديـــــــــــــــــن المنيعه
وضبا انتـــــ‎قامك جــردي * * * لطلا ذوي البغـــــــــــــي التليعه
ودعي جــــــنود الله تمـلأ * * * هذه الأرض الـــــــــــــــوسيعه
وستأصلي حتــى الرضيع * * * لآل حرب والــــــــــــــرضيعه
ما ذنب أهــــل البيت حــ * * * ـتى منهم أخـــــــــــلــوا ربوعه
تركوهم شتى مصــارعهم * * * وأجمعهـــــــــــــــــــا فضيعـــه
فمغيب كالبـــــــدر ترتقب * * * الورى شوقــــــــــــــا طلوعـــه
ومكابد للســـــــم قد سقيت * * * حشاشــــــــــــــــــــــته نقيعـــه
ومضرج بالـــــــسيف آثر * * * عزه وأبـــــــــــــى خضوعــــه
ألفى بمشـــــــرعة الردى * * * فخرا علــــــــى ظما شروعــــه
فقضى كما أشتهت الحمية * * * تشكر الهيجــــــــــاء صنيعــــه
ومصــــــــــــــفد لله سلم * * * أمر ما قاســـــــــــــى جميعــــه
فلقسره لــــــــم تلقى لولا * * * الله كفا مســــــــــــــــتطيعــــــه
وسبية بـــــــــاتت بأفعى * * * الهم مهجتهـــــــــــــا لسيعــــــه
سلبت وما سلـــــبت محا * * * مد عزها الغـــــــــر البديعــــــه
فلتغد أخبــــــــــية الخدود * * * تطيح أعمـــــــــــدها الرفيعـــــه
ولتبد حاســــــرة عن الو * * * جه الشريفــــــــة كالوضيعـــــه
فأرى كريــــ‎م من يواري * * * الخدر آمــــــــــــ‎ــــنة منيعـــــه
وكرائم التـــــــــنزيل بين * * * أمية برزت مــــــــــــروعـــــه
تدعو ومن تــــدعو وتلك * * * كفاة دعوتهـــــــــــا صريعـــــه
واها عرانـــــــــين العلى * * * عادت أنوفكــــــــــــم جديعـــــه
ماهز أضلعـــــــــكم حداء * * * القوم بالعــــــــــيس الظليعـــــه
حملت ودائــــــ‎عـــكم إلى * * * من ليس يعــــرف ماالوديعـــــه
يا ظل سعــــــــــــيك أمة * * * لم تشكر الهــــــــادي صنيعـــــه
أأضعت حافــــــــظ دينــه * * * وحفظت جاهــــــلة مضيعــــــه
آل الرسالة لــــــــــم تزل * * * كبدي لرزؤكـــــــــم صديعـــــه
ولكــم حلــــــــوبـة فكري * * * در الثنا تمـــــــري ضروعــــه
وبكـم أروض مــــن القوا * * * في كل فاركـــــــــة شــموعـــــه
تحكي مخائلـــــهــا بـروق * * * الغيث معطيــــــــــة منوعــــــه
فلدي وكفــــــــهـــا وعنه * * * سواي خلبهــــــــــــا موعـــــــه
فتقبلوهـــــــــــــــا أننـــي * * * لغد أقدمهــــــــــــــا ذريعــــــــه
أرجو بها فـــــــي الحشــر * * * راحة هذه النفـس الهلوعــــــــه
وعليكــم الصلــــوات مـــا * * * حنت مطوقــــــة سجوعـــــــــه
2 - الإمام عليّ و المهدي " عليهم السّلام": ذكر القندوزي الحنفي في ينابيع المودّة "ص 438" شعراً منسوباً الى مولانا أميرالمؤمنين "عليه السّلام", يذكر فيه الإمام المهدي "عليه السّلام":
حسين اذا كنت في بلدة * * * غريبا فعاشر بآدابها
كأني بنفسي واعقابها * * * وفي كربلاء ومحرابها
فتخضب منا اللحى بالدما * * * خضاب العروس بأثوابها
أراها ولم يك رأي العيان * * * واوتيت مفتاح أبوابها
سقى الله قائمنا صاحب * * * القيمة والناس في دأبها
هو المدرك الثار لي يا حسين * * * بل لك فاصبر لاتعابها
وذكر أيضاً في صفحة" 439" عنه "عليه السّلام" :
فلله در من امام صميدع * * * يذل جيوش المشركين بصارم
ويظهر هذا الدين في كل بقعة * * * ويرغم انف المشركين الغواشم
وما قلت هذا القول فخرا وانما * * * قد اخبرني المختار من آل هاشم
3 - دعبل الخزاعي والمهدي: في حديث ورود دعبل على أبي الحسن الرّضا "عليه السّلام" وانشاده القصيدة التّائية المعروفة, قال دعبل: ثمّ قرأت باقي القصيدة, فلمّا انتهيت إلى قولي :
خروج الامام لا محالة واقع * * * يقوم على اسم الله بالبركات
يميز فينا كل حق وباطل * * * ويجزي على النعماء والنقمات
بكى الرّضا بكاء شديداً, ثمّ قال: يا دعبل, نطق روح القدس بلسانك.
4 - عبدالله بن بشار والمهدي: ذكر العلامة الشّافعي في عقد الدّرر قصيدة ثمينة لعلامة الأدب في عصره عبدالله بن بشّار, يذكر فيها الإمام المهدي "عليه السّلام".
وفي قتل نفس عند ذاك زكية * * * امارات حق عند من يتذكر
وآخر عن البيت يقتل ضيعة * * * يقوم ويدعو للامام ويخبر
وتدخل نار جوف كوفة ضحوة * * * تسيل بها سيلا فتحرق ادور
ويبعث اهل الشام بعثا عليهم * * * نباحية البيداء خسف مقدر
وخيل تقاد بالكماة كأنما * * * هي الريح اذ تحت العجاجة تبصر
يقود نواصيها شعيب بن صالح * * * الى سيد من آل هاشم يظهر
على شقه شق اليمين علامة * * * لدى الخد عند الصدغ خال مصور
5 - اليماني والإمام المهدي: ذكر القندوزي الحنفي في ينابيع المودّة صفحة" 466" أبيات من قصيدة الشّيخ عبدالكريم اليماني في الإمام المهدي "عليه السّلام":
وفي يمن امن يكون لأهلها * * * الى ان ترى نور الهداية مقبلا
بميم مجيد من سلالة حيدر * * * ومن آل بيت طاهرين بمن علا
يلقب بالمهدي بالحق ظاهر * * * بسنة خير الخلق يحكم أولا
6 - ابن عربي والإمام المهدي"عليه السّلام": وردت بعض الأبيات عن الشّيخ محي الدّين بن عربي صاحب الفتوحات المكّية تنصّ على قيام الإمام المهدي "عليه السّلام":
اذا دار الزمان على حروف * * * ببسم الله فالمهدي قاما
ويخرج بالحطيم عقيب صوم * * * الى فاقرئه من عندي السلاما
وورد عنه أيضاً :
الا أن ختم الأولياء شهيد * * * وعين امام العالمين فقيد
هو السيد المهدي من آل أحمد * * * هو الصارم الهندي حين يبيد
هو الشمس يجلو كل غم وظلمة * * * هو الوابل الوسمي حين يجود
7 - ابن طلحة والإمام المهدي"عليه السّلام": أورد مُحمّد بن طلحة في كتابه مطالب السّؤول قال: الباب الثّاني عشر في أبي القاسم مُحمّد بن الحسن الخالص بن عليّ المتوكّل بن مُحمّد القانع بن عليّ الرّضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصّادق بن مُحمّد الباقر بن عليّ بن الحُسين الزّكي بن عليّ المُرتضي أميرالمؤمنين بن أبي طالب.
المهدي الحجّة الخلف الصّالح المنتظر "عليهم السّلام ورحمة الله وبركاته":
فهذا الخلف الحجّة قد ايده الله
هداه منهج الحق واتاه سجاياه
واعلى في ذرى العليا بالتأييد مرقاه
واتاه حلى فضل عظيم فتحلاه
وقد قال رسول الله قولا قد رويناه
وذو العلم بما قال اذا ادرك معناه
يرى الأخبار في المهدي قد جاءت بسيماه
وقد ابداه بالنسبة والوصف وسماه
ويكفي قوله مني لاشراق محياه
ومن بضعته الزهراء مرساه ومسراه
ولن يبلغ ما اوتيته امثال واشباه
فمن قالوا هو المهدي مامانوا بما فاهوا
8 - البسطامي والمهدي"عليه السّلام": للشيخ عبدالرّحمن البسطامي صاحب كتاب درّة المعارف بعض النّظم في الإمام المهدي "عليه السّلام":
ويظهر ميم المجد من آل أحمد * * * ويظهر عدل الله في الناس أولا
كما قد روينا عن أبي الحسن الرضا * * * وفي كنز علم الحرف اضحى محصلا
وذكر له أيضاً:
ويخرج حرف الميم من بعد شينه * * * بمكة نحو البيت بالنصر قد علا
فهذا هو المهدي بالحق ظاهر * * * سيأتي من الرحمن للحق مرسلا
ويملأ كل الأرض بالعدل رحمة * * * ويمحو ظلام الشرك والجور اولا
ولايته بالأمن من عند ربه * * * خليفة خير الرسل من عالم العلا
9 - القونوي والإمام المهدي"عليه السّلام": للشيخ صدرالدّين القونوي أبيات جليلة في قيام الإمام المهدي المنتظر "عليه السّلام":
يقوم بأمر الله في الأرض ظاهرا * * * على رغم شيطانين يمحق للكفر
على يده محق اللئام جميعهم * * * بسيف قوي المتن علك أن تدري
حقيقة ذاك السيف والقائم الذي * * * تعين للدين القويم على الأمر
يفيض على الأكوان ما قد أفاضه * * * عليه اله العرش في ازل الدهر
10 - بعض الشّافعية والمهدي"عليه السّلام": وردت هذه الأبيات لأحد الشّعراء من الشّافعية قال فيها:
وسائلي عن حب أهل البيت هل * * * اسر اعلانا بهم أم اجهد
والله مخلوط بلحمي ودمي * * * حبهم هم الهدى والرشد
حيدرة والحسنان بعده * * * ثم علي وابنه محمد
وجعفر الصادق وابن جعفر * * * موسى ويتلوه علي السند
اعني الرضا ثم ابنه محمد * * * ثم علي وابنه المسدد
والحسن التالي ويتلو تلوه * * * محمد بن الحسن الممجد
فانهم أئمتي وسادتي * * * وان لحاني معشر وفندوا
أئمة أكرم بهم أئمة * * * أسماؤهم مسرودة تستطرد
هم حجج الله على عباده * * * وهم اليه منهج ومقصد
هم النهار صوم لربهم * * * وفي الدياجي ركع وسجد
قوم لهم مكة والأبطح والخيف * * * وجمع والبقيع الفرقد
قوم منى والمشعران لهم * * * والمروتان لهم والمسجد
قوم لهم في كل أرض مشهد * * * لا بل لهم في كل قلب مشهد

أدعية الإمام المهدي "عليه السّلام"
1 ـ من دعاء له "عليه السّلام":
بسم الله الرّحمن الرّحيم، يا مالك الرّقاب، ويا هازم الأحزاب، يا مفتّح الأبواب، يا مسبّب الأسباب، سبّب لنا سبباً لا نستطيع له طلباً بحقّ لا إله إلا الله، مُحمّد رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله أجمعين.
2 ـ من دعاء له "عليه السّلام":
يا نور النّور، يا مدبّر الأمور، يا باعث من في القبور، صلّ على مُحمّد وآل مُحمّد, واجعل لي ولشيعتي من الضّيق فرجاً، ومن الهمّ مخرجاً، وأوسع لنا المنهج، وأطلق لنا من عندك ما يفرّج، وافعل بنا ما أنت أهله يا كريم، يا أرحم الرّاحمين.
3 ـ من دعاء له "عليه السّلام":
اللّهمّ بحقّ من ناجاك، وبحقّ من دعاك في البرّ والبحر، صلّ على مُحمّد وآله, وتفضلّ على فقراء المؤمنين والمؤمنات بالغنى والسّعة، وعلى مرضى المؤمنين والمؤمنات بالشّفاء والصّحة والرّاحة، وعلى أحياء المؤمنين والمؤمنات باللطف والكرامة، وعلى أموات المؤمنين والمؤمنات بالمغفرة والرّحمة، وعلى غُرباء المؤمنين والمؤمنات بالرّد إلى أوطانهم سالمين غانمين بحقّ مُحمّد وآله أجمعين.
4 ـ من دعاء له "عليه السّلام":
إلهي عظم البلاء، وبرح الخفاء، وانكشف الغطاء، وانقطع الرّجاء، وضاقت الأرض، ومُنعت السّماء، وأنت المُستعان، وإليك المُشتكى، وعليك المعوّل في الشّدة والرّخاء.
اللّهمّ صلّ على مُحمّد وآل مُحمّد أولي الأمر الذين فرضت علينا طاعتهم، وعرّفتنا بذلك منزلتهم، ففرّج عنّا بحقّهم فرجاً عاجلاً قريباً كلمح البصر أوهو أقرب، يا مُحمّد يا عليّ, يا عليّ يا مُحمّد أكفياني بالله فإنّكما كافيان، وانصراني بالله فإنّكما ناصران، يا مولانا يا صاحب الزّمان الغوث الغوث الغوث، أدركني أدركني أدركني، السّاعة السّاعة السّاعة، العجل العجل العجل، يا أرحم الرّاحمين بحقّ مُحمّد وآله الطّاهرين.
5 ـ من دعاء له "عليه السّلام" للحاجة:
بسم الله الرّحمن الرّحيم، أنت الله الذي لا إله إلاّ أنت مبدي الخلق ومعيدهم، وأنت الله الذي لا إله إلاّ أنت مدبّر الأمور وباعث من في القبور، وأنت الله الذي لا إله إلاّ أنت وارث الأرض ومن عليها، أسألك باسمك الذي إذا دُعيت به أجبت، وإذا سُئلت به أعطيت، وأسألك بحقّ مُحمّد وأهل بيته، وبحقّهم الذي أوجبته على نفسك, أن تصلّي على مُحمّد وآل مُحمّد، وأن تقضي لي حاجتي السّاعة السّاعة، يا سيّداه يا مولاه يا غياتاه، أسألك بكلّ اسم سمّيت به نفسك، أواستأثرت به في علم الغيب عندك، أن تصلّي على مُحمّد وآل مُحمّد، وأن تعجّل خلاصنا من هذه الشّدّة، يا مُقلّب القلوب والأبصار، يا سميع الدّعاء، إنّك على كلّ شيء قدير، برحمتك يا أرحم الرّاحمين.
6 ـ من دعاء له "عليه السّلام" في القنوت:
اللّهمّ صلّ على مُحمّد وآل مُحمّد، وأكرم أولياءك بإنجاز وعدك، وبلّغهم درك ما يأملون من نصرك، واكفف عنهم بأس من نصب الخلاف عليك، وتمرّد بمنعك على ركوب مخالفتك، واستعان برفدك على فلّ حدك، وقصد لكيدك بأيدك، ووسعته حلماً لتأخذه على جهرة، وتستأصله على غرّة، فإنّك اللّهمّ قُلت وقولك الحقّ: حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الأرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَونَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالأمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ. وقُلت: فَلَمَّا ءَاسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ. وإنّ الغاية عندنا قد تناهت، وإنّا لغضبك غاضبون، وعلى نصر الحقّ متعاصبون، وإلى ورود أمرك مشتاقون، ولإنجاز وعدك مرتقبون، ولحلول وعيدك بأعدائك متوقّعون.
اللّهمّ فأذن بذلك وافتح طرقاته، وسهّل خروجه، ووطئ مسالكه، وأشرع شرائعه، وأيّد جنوده وأعوانه، وبادر بأسك القوم الظّالمين، وأبسط سيف نقمتك على أعدائك المُعاندين، وخذ بالثّأر إنّك جواد كريم.
7 ـ من دعاء له "عليه السّلام":
اللّهمّ ارزقنا توفيق الطّاعة، وبُعد المعصية، وصدق النّية، وعرفان الحرمة، وأكرمنا بالهُدى والاستقامة، وسدّد السنتنا بالصّواب والحكمة، واملأ قلوبنا بالعلم والمعرفة، وطهّر بطوننا من الحرام والشّبهة، واكفف أيدينا عن الظّلم والسّرقة، واغضض أبصارنا عن الفجور والخيانة، واسدد أسماعنا عن اللغو والغيبة، وتفضّل على علمائنا بالزّهد والنّصيحة، وعلى المتعلمين بالجهد والرّغبة، وعلى المستمعين بالاتباع والموعظة، وعلى مرضى المُسلمين بالشّفاء والرّاحة، وعلى موتاهم بالرّأفة والرّحمة، وعلى مشايخنا بالوقار والسّكينة، وعلى الشّباب بالإنابة والتّوبة، وعلى النّساء بالحياء والعفّة، وعلى الأغنياء بالتّواضع والسّعة وعلى الفقراء بالصّبر والقناعة، وعلى الغزاة بالنّصر والغلبة، وعلى الأسراء بالخلاص والرّاحة، وعلى الأمراء بالعدل والشّفقة، وعلى الرّعيّة بالإنصاف وحسن السّيرة، وبارك للحجاج والزّوار في الزّاد والنّفقة، واقض ما أوجبت عليهم من الحجّ والعمرة، بفضلك ورحمتك يا أرحم الرّاحمين.
8 ـ من دعاء له "عليه السّلام" للحاجة:
اللّهمّ إن أطعتك فالمُحمّدة لك، وإن عصيتك فالحجّة لك، منك الرّوح ومنك الفرج، سُبحان من أنعم وشكر، سُبحان من قدر وغفر، اللّهمّ إن كنت قد عصيتك فإنّي قد أطعتك في أحبّ الأشياء وهوالإيمان بك، لم اتّخذ لك ولداً، ولم أدع لك شريكاً، منّاً منك به عليَّ لا منّاً منّي به عليك، وقد عصيتك يا الهي على غير وجه المكابرة، ولا الخروج عن عبوديتك، ولا الجحود لربوبيتك، ولكن أطعت هواي، وأزلّني الشّيطان، فلك الحجّة عليّ والبيان، فإن تعذبني فبذنوبي غير ظالم، وإن تغفر لي وترحمني فإنّك جواد كريم، يا كريم يا كريم ــ حتى ينقطع النّفس ــ يا آمناً من كلّ شئ وكلّ شئ منك خائف حذر، أسألك بأمنك من كلّ شئ وخوف كلّ شئ منك أن تصلّي على مُحمّد وآل مُحمّد, وأن تعطيني أماناً لنفسي وأهلي وولدي وسائر ما أنعمت به عليّ حتى لا أخاف أحداً، ولا أحذر من شئ أبداً، إنّك على كلّ شئ قدير، وحسبنا الله ونعم الوكيل، يا كافي إبراهيم نمرود، ويا كافي موسى فرعون، أسألك أن تصلّي على مُحمّد وآل مُحمّد وأن تكفيني شرّ فلان ابن فلان.
9 ـ دعاء التّوحيد:
اللّهمّ إنّي أسألك بمعاني جميع ما يدعوك به ولاة أمرك المأمونون على سرّك المستبشرون بأمرك الواصفون لقدرتك المعلنون لعظمتك, أسألك بما نطق فيهم من مشيئتك, فجعلتهم معادن لكلماتك وأركاناً لتوحيدك وآياتك ومقاماتك التي لا تعطيل لها في كلّ مكان, يعرفك بها من عرفك لا فرق بينك وبينها إلاّ أنّهم عبادك وخلقك, فتقها ورتقها بيدك, بدؤها منك وعودها إليك أعضاد وأشهد ومناة وأذواد وحفظة ورواد, فبهم ملأت سماءك وأرضك حتى ظهر أن لا إله إلاّ أنت, فبذلك أسألك وبمواقع العزّ من رحمتك وبمقاماتك وعلاماتك أن تصلّي على مُحمّد وآله, وأن تزيدني إيماناً وتثبيتاً يا باطناً في ظهوره وظاهراً في بطونه ومكنونه, يا مفرّقاً بين النّور والدّيجور, يا موصوفاً بغير كنه ومعروفاً بغير شبه, حادّ كلّ محدود, وشاهد كلّ مشهود, وموجد كلّ موجود, ومحصي كلّ معدود, وفاقد كلّ مفقود, ليس دونك من معبود, أهل الكبرياء والجود, يا من لا يكيف بكيف, ولا يؤين بأين, يا محتجباً عن كلّ عين, يا ديموم يا قيّوم وعالم كلّ معلوم, صلّ على مُحمّد وآله, وعلى عبادك المنتجبين وبشرك المحتجبين, وملائكتك المقرّبين والبهم الصّافين الحافين, وبارك لنا في شهرنا هذا المرجّب المكرّم وما بعده من الأشهر الحرم, وأسبغ علينا فيه النّعم, وأجزل لنا فيه القسم, وأبرز لنا فيه القسم الذي وضعه على النّهار فأضاء وعلى الليل فأظلم, واغفر لنا ما تعلم منّا وما لا نعلم, واعصمنا من الذّنوب خير العصم, واكفنا كوافي قدرك, وامنن علينا بحسن نظرك, ولا تكلنا إلى غيرك, ولا تمنعنا من خيرك, وبارك لنا فيما كتبت لنا من أعمارنا, واصلح لنا خبيئة أسرارنا, واعطنا منك الأمان, واستعملنا بحسن الأيمان, وبلّغنا شهر الصّيام وما بعده من الأيّام والأعوام, يا ذا الجلال والإكرام.

ما أُلّف بحقّ الإمام المهدي "عليه السّلام"
1 - كتاب الغيبة. مُحمّد بن إراهيم النّعماني
2 - رسائل في الغيبة. الشّيخ المفيد
3 - الغيبة. الشّيخ الطّوسي
4 - بحث حول المهدي "عج". السّيّد الشّهيد مُحمّد باقر الصّدر
5 - الغيبة الكبرى. السّيّد الشّهيد مُحمّد صادق الصّدر
6 - الغيبة الصّغرى. السّيّد الشّهيد مُحمّد صادق الصّدر
7 - الغيبة. الشّيخ مُحمّد رضا الجعفري
8 - الإمام المهدي "عج" بين التّواتر وحساب الاحتمال. الشّيخ مُحمّد باقر الأيرواني
9 - الغيبة الصّغرى والسّفراء الأربعة. الشّيخ فاضل المالكي
10 - الغيبة. الشّيخ مُحمّد رضا الجعفري
11 - الإمام المهدي "عليه السّلام". السّيّد عليّ الحُسيني الميلاني
12 - في انتظار الإمام. عبد الهادي الفضلي
13 - شمس خلف السّحاب. ماهر آل شبّر
140 - الفجر المقدّس. مجتبى السّادة
15 - الطّريق الى المهدى المنتظر "عجّل الله تعالى فرجه الشّريف". سعيد ايوب
16 - الإمام المهدي "عليه السّلام" أمل الشّعوب. حسن موسى الصّفار
17 - الإمام المهدي "عج" قدوة الصّديقين. السّيّد مُحمّد تقي المدرسي
18 - الرّوض الفسيح في بيان الفوارق بين المهدي والمسيح. الشّيخ مُحمّد بقار الالهي القُمّي
19 - كلمة الإمام المهدي "عليه السّلام". السّيّد الشّهيد حسن الشّيرازي
20 - تطبيق المعايير العلمية على ما اختلف وتعارض من أحاديث المهدي بكتب الفريقين. السّيّد ثامر هاشم حبيب العميدي

ما أُلّف بحقّ الإمام المهدي "عليه السّلام"
سلام الله وبركاته وتحياته وصلواته على مولاي صاحب الزّمان, صاحب الضّياء والنّور, والدّين المأثور, واللواء المشهور, والكاتب المنشور, وصاحب الدّهور والعصور, وخلف الحسن, الإمام المؤتمن, والقائم المعتمد, المنصور المؤيّد, والكهف والعضد, وعماد الإسلام, وركن الأنام, ومفتاح الكلام, وولي الأحكام, وشمس الظّلام, والبدر التّمام، ونضرة الأيّام، وصاحب الصّمصام، وفلاّق الهام، والبحر القمقام, والسيّد الهمّام, وحجّة الخصام, وباب المقام ليوم القيام والسّلام على مفرج الكربات, وخواض الغمرات, ومنفّس الحسرات, وبقية الله في أرضه, وصاحب فرضه, وحجّته على خلقه, وعيبة عمله, وموضع صدقه, والمُنتهى إليه مواريث الأنبياء, ولديه موجود آثار الأوصياء, وحجّة الله وابن رسوله, والقيم مقامه, وولي أمر الله, ورحمة الله وبركاته.
اللّهمّ كما انتجبته لعلمك, واصطفيته لحكمك, وخصصته بمعرفتك, وجللته بكرامتك, وغشيته برحمتك, وربّيته بنعمتك, وغذّيته بحكمتك, واخترته لنفسك, واجتبيته لبأسك, وارتضيته لقدسك, وجعلته هادياً لمن شئت من خلقك, وديان الدّين بعدلك, وفصل القضايا بين عبادك, ووعدته أن تجمع به الكلم, وتفرّج به عن الأُمم, وتنير بعدله الظّلم, وتطفئ به نيران الظّلم, وتقمع به حر الكفر وآثاره, وتطهر به بلادك, وتشفي به صدور عبادك, وتجمع به الممالك كلّها, قريبها وبعيدها, عزيزها وذليلها, وشرقها وغربها, وسهلها وجبلها, صباها ودبورها, شمالها وجنوبها, برّها وبحرها, حزونها ووعورها, يملأها قسطاً وعدلاً كما مُلأت ظلماً وجوراً, وتمكّن له فيها, وتنجز به وعد المؤمنين, حتى لا يشرك بك شيئاً, وحتى لا يبقى حقّ إلا ظهر, ولا عدل إلاّ زهر, وحتى لا يستخفي بشيء من الحقّ, مخافة أحد من الخلق.
اللّهمّ صلّ عليه صلاة تظهر بها حجّته, وتوضّح به بهجته, وترفع بها درجته, وتؤيد بها سُلطانه, وتعظّم بها برهانه, وتشرف بها مكانه, وتعلي بها بنيانه, وتعزّ بها نصره, وترفع بها قدره, وتسمّي بها ذكره, وتظهر بها كلمته, وتكثّر بها نصرته, وتعزّ بها دعوته, وتزيده بها إكراماً, وتجعله للمتّقين إماماً, وتبلغه في هذا المكان, مثل هذا الأوان, وفي كلّ مكان وأوان, منّا تحية وسلاماً, لا يبلى جديده, ولا يفني عديده.
السّلام عليك يا بقية الله في أرضه وبلاده, وحجّته على عباده, السّلام عليك يا خلف السّلف, السّلام عليك يا صاحب الشّرف, السّلام عليك يا حجّة المعبود, السّلام عليك يا كلمة المحمود, السّلام عليك يا شمس الشّموس, السّلام عليك يا مهدي الأرض, ومبين عين الفرض, السّلام عليك يا مولاي يا صاحب الزّمان والعالي الشّأن, السّلام عليك يا خاتم الأوصياء, ابن خاتم الأنبياء, السّلام عليك يا معز الأولياء ومذل الأعداء, السّلام عليك أيّها الإمام الوحيد, والقائم الرّشيد, السّلام عليك أيّها الإمام الفريد, السّلام عليك أيّها الإمام المنتظر, والحقّ المشتهر, السّلام عليك أيّها الإمام الولي المجتبى, والحقّ المنتهى, السّلام عليك أيّها الإمام المرتجى لإزالة الجور والعدوان, السّلام عليك أيّها الإمام المبيد, لأهل الفسوق والطّغيان, السّلام عليك أيّها الإمام الهادم بنيان الشّرك والنّفاق, والحاصد فروع الغي والشّقاق, السّلام عليك أيّها المدّخر لتجديد الفرائض والسّنن, السّلام عليك يا طامس آثار الزّيغ والأهواء, وقاطع حبائل الكذب والفتن والإمراء, السّلام عليك أيّها المؤمّل لإحياء الدّولة الشّريفة, السّلام عليك يا جامع الكلمة على التّقوى, السّلام عليك يا باب الله, السّلام عليك يا ثار الله, السّلام عليك يا محيي معالم الدّين وأهله, السّلام عليك يا قاسم شوكة المعتدين, السّلام عليك يا وجه الله الذي لا يهلك ولا يبلى إلى يوم الدّين, السّلام عليك يا ركن الإيمان, السّلام عليك أيّها السّبب المتصل بين الأرض والسّماء, السّلام عليك يا صاحب الفتح وناشر راية الهُدى, السّلام عليك يا مؤلّف شمل الصّلاح والرّضا, السّلام عليك يا طالب آثار الأنبياء, وأبناء الأنبياء, والثائر بدم المقتول بكربلاء, السّلام عليك أيّها المنصور على من اعتدى, السّلام عليك أيّها المضطر المجاب إذا دعا, السّلام عليك يا بقية الخلائف, البرّ التّقي الباقي لإزالة الجور والعدوان.
السّلام عليك يا بن النّبيّ المصطفى, السّلام عليك يا بن عليّ المُرتضى, السّلام عليك يا بن فاطمة الزّهراء, السّلام عليك يا بن خديجة الكُبرى, السّلام عليك يا بن السّادة المقرّبين, والقادة المتّقين, السّلام عليك يا بن النّجباء الأكرمين, السّلام عليك يا بن الأصفياء المهتدين, السّلام عليك يا بن الهداة المهتدين, السّلام عليك يا بن خيرة الخير, السّلام عليك يا بن سادة البشر, السّلام عليك يا بن الغطارفة الأكرمين والأطايب المطهرين, السّلام عليك يا بن البررة المنتجبين, والخضارمة الأنجبين, السّلام عليك يا بن الحجج المنيرة, والسّراج المضيئة, السّلام عليك يا بن الشّهب الثّاقبة, السّلام عليك يا بن قواعد العلم, السّلام عليك يا بن معادن الحلم, السّلام عليك يا بن الكواكب الزّاهرة, والنّجوم الباهرة, السّلام عليك يا بن الشّموس الطّالعة, السّلام عليك يا بن الأقمار السّاطعة, السّلام عليك يا بن السّبل الواضحة والأعلام اللائحة, السّلام عليك يا بن السّنن المشهورة, السّلام عليك يا بن المعالم المأثورة, السّلام عليك يا بن الشّواهد المشهودة والمعجزات الموجودة, السّلام عليك يا بن الصّراط المُستقيم, والنّبأ العظيم, السّلام عليك يا بن الآيات البيّنات, والدّلائل الظّاهرات, السّلام عليك يا بن البراهين الواضحات, السّلام عليك يا بن الحجج البالغات, والنّعم السّابغات, السّلام عليك يا بن طه المحكمات, وياسين الذّاريات, والطّور والعاديات, السّلام عليك يا بن من دنا فتدلى, فكان قاب قوسين أو أدنى, واقترب من العلي الأعلى، ليت شعري أين استقرّت بك النّوى, أم بأيّ وادي طوى, عزيز عليّ أن ترى الخلق ولا ترى, ولا يسمع لك حسيس ولا نجوى, عزيز عليّ أن تحيط بك الأعداء, بنفسي أنت من مغيّب ما غاب عنّا, بنفسي أنت من نازح ما نزح عنّا, ونحن نقول الحمد لله ربّ العالمين, وصلّى الله على مُحمّد وآله أجمعين.

   

أضف تعليق


كود امني
تحديث